المذهب الرومنطيقي وخصائصه و دور الطبيعة في الشعر الرومنطيقي

المذهب الرومنطيقي وخصائصه و دور الطبيعة في الشعر الرومنطيقي
المذهب الرومنطيقي وخصائصه و دور الطبيعة في الشعر الرومنطيقي
المذهب الرومنطيقي وخصائصه و دور الطبيعة في الشعر الرومنطيقي
دور الطبيعة في الشعر الرومنطيقي
تعني الرومنطقية الرومانسية وهي عبارة عن مذهب أدبي يهتم بالنفس الإنسانية وما تتميز به هذه النفس من مشاعر وعواطف بغض النظر عما إذا كان صاحبها مؤمناً أو ملحداً، ويعتبر هذا المذهب متحررا من الواقعية وقيود العقل، ويعمل على فصل الأدب عن الأخلاق، ويتصف المذهب الرومنطقي بالسهولة في التفكير والتعبير كما أنها يقوم على الاستجابة لأهواء النفس وإطلاقها على سجيتها، ويضم هذا المذهب بشكل عام جميع تيارات الفكر التي سادت في أوروبا في الفترة ما بين أواخر القرن الثامن عشر الميلادي وأوائل القرن التاسع عشر، وسنتحدث في هذا المقال حول دور الطبيعة في الشعر الرومنطيقي.
دور الطبيعة في الشعر الرومنطيقي

تعتبر الرومنطيقية العربية ذات فضل على الأدب العربي وعلى الشعر خاصة.
قد أسس الرومنطيقيون مجموعة من المبادئ والنتائج في تاريخ الشعر العربي، كما أنهم تمكنوا من تأسيس رؤية شعرية جديدة أدت إلى قيام ثورة وتجاوز القيود التي قيدت المبدعين طوال قرون طويلة.
إن هذه الثورة تمكنت من التخلص من الأغراض الشعرية التي حنطت الشعر العربي وعملت على تقييد إبداعات الشعراء وقدرتهم على التعبير عن مشاعرهم.
أدت هذه الثورة إلى ظهور خطاب شعري مختلف عما كان مألوفا في السابق.
عبر الشعر الرومنطقي عن أفكار ومواضيع جديدة وحديثة ومختلفة.
استخدم الشعراء الرومنطقيين لغة إيحائية جميلة تخاطب الحواس بشكل أساسي.
عملت الرومنطقية العربية على تطوير الأدب، كما أنها استطاعت أن تحرر الشاعر من هواجسه.
إن الرومنطقية منحت الشاعر القدرة على التفكير بجسمه فضلا عن عقله.
تم تأسيسي العديد من الكتابات الشعرية الجديدة التي تخضع لأوزان الخليل أو لتركيبة الموشح.
تعرضت الرومنطيقية للنقد القاسي في مختلف الدول سواء أكان ذلك عند العرب أو الغرب.
اعتبر العرب الرومنطقية تجربة أدبية مهمة ولها دور في محاولة جريئة للخروج من السائد.
استطاع العرب من خلال ذلك الاستفادة من الأدب العالمي واكتساب رؤية جديدة للعالم يمكن أن يكون لها أثر كبير في مستقبل الأدب العربي.
لم يبقى الفضول الرومنطيقي مقتصرا على الخيال في الآداب والفن كبحث أكاديمي.
ساهم الفضول الرومنطقي في التأثير على الناس حيث استحوذ عليهم شعور جديد من الحب والعشق للمشاهد الطبيعية.
إن هذا الشعور الجدي دفع العديد من النس إلى القيام برحلات مختلفة منها تلك التي كانت إلى جزر “الهبريد “المقفرة.
يدفعك الشعور الجديد إلى القيام بتسلق قمم الجبال المهولة المجهولة والتمتع بالجمال المثير الموجود في الطبيعة.
إن هذا ساهم في تحول الرومنطيقية إلى رومنطيقية واقعية بدلا من الخيالية التي كانت قائمة عليه.

خصائص المذهب الرومنطيقي
يُطلق عليه المذهب الرومانسي فهو مفهومٌ عامٌّ يحتوي في جعبته مصطلحاتٍ ومفاهيم متعددةً، فمحوره الأساسي الذي يُوليه جلّ اهتمامه هو النفس الإنسانيّة وما تحمله من مشاعر وأحاسيس دون الاهتمام لصاحبها سواء أكان مؤمناً أم ملحداً، وكان مبدؤها يقوم على فصل الأدب عن الأخلاق؛ ولهذا السبب فهو يمتاز بالسهولة في التعبير والتفكير، فهو يؤمن بإطلاق النفس على سجيّتها ويستجيب لأهوائها مهما كانت، ويختلف عن غيره من المذاهب الأدبيّة الأخرى بأنّه لا يتبع لقيود العقل والواقع وقد ضمّت تياراتٍ لا دينيةٍ وغير محتشمةٍ، كما احتوى على جميع تيّارات أوروبا التي كانت في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي وأوائل القرن التاسع عشر، وسنقدم خصائص المذهب الرومنطيقي خلال هذا المقال.
أصل المذهب الرومنطيقي

الرومنطيقي أو الرومنسيّ ففي معناه قال الشاعر الفرنسيّ بول فاليري :” لا بدّ أن يكون المرء غير متّزن العقل إذا حاول تعريف الرومانسيّة”، فالرومانسيّة مشتقةٌ من كلمة رومانس وهي تعني رواية أو قصة تحتوي في جعبتها أحداث ومغامرات عاطفية غير خاضعةٍ للرغبة العقليّة ولا تعتمد الأسلوب الكلاسيكيّ، كما أنّها تعظّم الخيال اللامحدود وهدفها الهروب من الواقع المرير.
خصائص المذهب الرومنطيقي

الحركة الرومنطيقيّة في الأدب وخصائصها هي كما يلي :-

من أبرز أعلامه الذين اشتهروا في الأدب العربيّ جبران خليل جبران، خليل مطران، وعلي محمود طه وغيرهم.
تضاءلت نفوذ الحركة الرومنكيقيّة في وقتنا الحاضر ولكنّها لم تختفِ بشكلٍ نهائي، حيث تعاظم نفوذها في القرن العشرين ولكنّها أعطت النطاق الأدبيّ ظاهرةً عظيمةً وجميلةً لا تزال آثارها ماثلةً في أيامنا هذه على الرغم من قلّة استخدامها.
كان مبدؤها الاساسيّ يقوم على أنّ الإنسان هو أصل القيم ومنبعها وهذا ما ميّزها عن المذهب الكلاسيكيّ الذي عُنيَ بالإنسان النموذج، بينما الرومنطيقيّة مالت إلى العناية بالإنسان كفردٍ واهتمّت بشخصيّته وفرديّته، وحرصت على إبراز الاختلاف الذي يميّزه عن غيره من الأفراد.
حرص المذهب الرومنطيقيّ على إطلاق العنان لمخيّلة الفرد وشجّعته على أن ينطلق إلى التفكير اللامحدود والمُطلق كما أعطته حريّة التعبير عن مشاعره وإخراج ما في قلبه بالطرق التي يُريد دون أن تحدّ منه وتقيّده أو أن تكبح جماحه كما كان في المذهب الكلاسيكيّ.
لم يقتصر انتشار المذهب الرومنطيقي على العالم العربيّ فحسب؛ فقد انتشر أيضاً في العالم الغربيّ حيث برز منهم شعراء وأدباء مارسوا في كتاباتهم قوانين الرومنطيقيّة ولم تندفن هذه الحركة بموت هؤلاء الشعراء ولكنّها تقلّصت بعدهم وحتى الآن تظهر ملامح الرومنطيقيّة في مُخرجاتهم بشكلٍ واضحٍ أحياناً، ولكنّ المعنى الحقيقي الذي تحمله الرومنطيقيّة في الأدب الغرب انقضى مع انقضاء النصف الثاني من القرن العشرين.

الرومنطقية مذهب ادبي يهتم بالنفس البشرية و ما تزخر به من عواطف و مشاعر و على خلاف المذهب الكلاسيكي فالرومنطيقية تقوم على العاطفة و الخيال خاصة الى درحة انها تثور على الواقع و تنشد عالما جديدا من نسج خيال روادها كما يقول روسو في وصف الخيال "انه نوع من انطلاقا القلب الى مصدر متعة لا علم لي بها لكني احس بحاجتي اليها " كما تقوم الرومنطيقية على الابداع القائم على اظهار اسرار الحياة و تعتبر الطبيعة شيئا مقدسا و وجب توظيفها في الفن و الادب
يتفق الرومنطيقيين على تنزيه الشاعر و اعتباره نبيا صاحب رسالة للبشرية فيقول جبران في وصف الشاعر موضفا المعجم الطبيعي "حلقة تصل بين هذا العالم و الاتي منهل عذب تستقي منه النفوس العطشى"
و من مظاهر التجديد في الرومنطيقية ان يصبح الشعر ذات يكلمها الشاعر كما تعتبر القافية تحررا من القصيدة القديمة
يعتبر القلب ذاتا عاقلة في الرومنطيقية حيث تآله القلب و تغلب العاطفة على العقل فيقول احد الشعراء في هجاء العقل "منبع الاخطاء السم الذي يفسد علاقتنا بالطبيعة و يقتل الحقيقة التي مصدرها القلب " كما يتميز الرومنطقي بنوع من النرجسية فهو يرى مالا يراه غيره و يرى نفسه وسيلة للمعرفة فيقول جبران "انا ارى مالم تره عين انسان و اسمع ما لم تعه اذن بشري"
فالرومنطقي انسان يحب العزلة و التفرد الى الطبيعة

الرومنطيقية ومعالمها في الشعر العربي الحديث
الرومنطيقية ومعالمها في الشعر العربي الحديث
ليست الرومنطقية في الادب من الالفاظ التي يسهل تعريفها.. وقد ذهب النقاد مذاهب شتى، حتى ان اهم التعريفات التي وقف عليها في الخمسين سنة الماضية فاذا بها حشد كبير. كما انكر البعض صلاح كلمة الرومنطيقية للدلالة على معنى واضح، لانه وجدها تستعمل في معان كثيرة جعلته يفضل كلمة الرومنطيقيات مجموعة. ويعزو احد النقاد الصعوبة في تعريف الرومنطيقية الى انها ليست فلسفة منظمة وانما هي ايمان يوحي يعبر عنه خلال فن الادب.
لكن من الممكن الربط بين الرومنطيقية وبين الثورة بسبب قوي لانها في اهم مظاهرها ثورة على الكلاسيكية، فاذا كانت الكلاسيكية تعنى بالمحاكاة فان الرومنطيقية لا تؤمن الا بالابداع، واذا كانت الكلاسيكية تحكم العقل والمنطق فان الرومنطيقية لا تحكم الا العاطفة والحدس. واذا كانت الكلاسيكية تقيم وزناً كبيراً للشكل الذي ظهر فيه الاثر الادبي، فان الرومنطيقية تفضل العناية بالمضمون على العناية بالشكل في الاكثر الاعم. واذا كانت الكلاسيكية تعتقد انها قد وصلت الى الحد الاعلى من الاتقان الفني والكمال، فان الرومنطيقية تؤمن انها نزوع الى هذا الحد الاعلى وحسب.
لكن أبرز ما يميز الرومنطيقية كمذهب ادبي في رأي المؤلف هو اعتيادها الانسان منبع القيم جميعاً، وجعلها الفرد جديراً بعناية الادب. فبينما كانت الكلاسيكية تعنى بالانسان النموذج، فان الرومنطيقية اخذت تعنى بالانسان الفرد، واهتمت بإبراز فرديته وشخصيته والاختلاف الذي يميزه من غيره، واصبح الرومنطيقي قادراً على طبع ادبه بطابعه الخاص بما يعبر عنه من عواطف يدفق بها قلبه وصور يموج بها خياله.
الرومنطيقية في انكلترا والمانيا وفرنسا
لا نستطيع ان نجزم في اي من الشعوب الاوروبية كان السابق في انتهاج الرومنطيقية كمذهب ادبي في العصر الحديث، فقد سهلت الطباعة ووسائل النقل والمواصلات الحديثة انتقال الافكار من بلد الى خر، بحيث تأثرت شعوب اوروبا بما كان يكتب في مختلف اقطارها، لكننا نستطيع ان نقول انها بدأت تظهر كبادرة جديدة في الادب الاوروبي بعيد النصف الاول من القرن الثامن عشر، ففي انكلترا يقول المؤلف: «كان الشاعر وليم بليك 1757 - 1827 اول صوت رومنطيقي واضح، وكاد يضيع مثل صوت صارخ في البرية». وكثيرا ما احنقه عدم اهتمام معاصريه به، لكنه ظل راضياً بالمهمة التي حمل مسؤوليتها وهي فتح عيني الانسان الخالدتين الى الداخل ليرى عوالم الفكر. وقد قاسى الامرين من الفر والاهمال والبؤس، لكنه ظل امينا للغرض الذي وضعه نصب عينيه، سعيد بتحقيقه.
ثم يأتي الشاعر وليم ووردزورت 1770 1850، وهو شاعر الطبيعة والطفولة والحدس العاطفي والذكريات الروحية. «وقد التقى الشاعر صموئيل تيلر كولردج 1772 1834 واشتركا في ديوان «القصائد الغنائية» الذي يعد وثيقة النهضة الرومنطيقية الكبرى في انكلترا. ويقول المؤلف: «انه كان لوردزورث تجارب شبه صوفية مع الطبيعة، اوحت اليه بألمع القصائد، وبدا له ان الطبيعة والانسان يعتمد الواحد منهما على الآخر، او انهما مظهران للحياة الروحية نفسها التي ميزت بينهما وجمعتهما في عملية التأمل». وقد ازدهرت الرومنطيقية الانكليزية على ايدي الشعراء بايرون وشلي وكيتس.
اما في المانيا فقد ظهرت بوادر الرومنطيقية بشكل متطرف في حركة «العاصفة والشدة»، التي اجتاحت المسرح الالماني وثارت على المفاهيم الكلاسيكية فيه، ونقضت وحداته الثلاث، متأثرة بشكسبير ونظريات لسنغ وهردر. واعظم ما قدمه غوته للرومنطيقية عدد من القصائد الغنائية تفيض بأثر الحب والطبيعة فيه، ومن الذين تأثروا بحركة العاصفة والشدة حسب رأي المؤلف في بدء حياتهم الادبية الشاعر فريدريك شيلر 1759 1805، ويظهر ذلك جلياً في مسرحية اللصوص، التي يتجلى فيها عداء البطل للمجتمع الظالم، ومسرحية الدسيسة والحب التي بناها على قصة حبه البائس لاحدى سيدات الطبقة الارستقراطية.
ولقد تأثرت الرومنطيقية الالمانية بصدقية ياكوب بومه 1575 1624 التي قواها حديثاً امانويل سويدنبرغ 1688 1772، كما تأثرت بعبادة الطبيعة التي نادى بها جان جاك روسو، والنظريات التي دعا لهالسنغ وهردر.
ولعل فريدريك فون هاردنبرغ 1772 1801 الذي يعرف باسم نوفاليس كان من احسن شعراء الرومنطيقية الالمانية، وقد بالغ باستعمال الالفاظ الصوفية في شعره، وفي تعشقه لفكرة الموت، ومن ابرز شعراء الرومنطيقية حسب اعتقاد المؤلف، المتأخرين هنريخ هايته 1797 1856، وعلى الرغم مما في ديوانه «كتاب الاناشيد: من روح مسرحية وتهكمية الا انه يظل مخلصاً للمفاهيم الرومنطيقية.
اما في فرنسا فيعتبر شاتوبريان ومدام دي ستايل الممهدين المباشرين للرومنطيقية الفرنسية، «بيد ان الرومنطيقية انتظرت حتى سنة 1820 لتعلن انها قد بعثت حقاً في فرنسا، وذلك على يد الشاعر الرومنطيقي الاول الفونس دي لامرتين 1790 1869 لدى نشره ديوان تأملات شعرية. «غير انه اذا كانت عواطف لامرتين اليائسة تصل به احياناً الى درجة الميوعة، فان شاعراً آخر ملأ قلبه اليأس استطاع ان يحتفظ بالصلابة والوقار. اما هذا الشعر فهو الفرد دي فيني 1797 0 1863. هو قلب اثخنته الجراح، لكنه تقلها بصبر وثبات». لكن زعيم الرومنطيقية الفرنسية وكبير شعراء فرنسا في القرن التاسع عشر هو فيكتور هوو 1802 1882، ولكن عصر الرومنطيقية الذهبي في الادب الغربي قد ولى بانقضاء النصف الاول من القرن التاسع عشر.
النفس الرومنطيقية
النفس الرومنطيقية نفس حساسة قبل كل شيء. فهي تتاثر بأدنى المؤثرات قوة، وتنفعل لاقل الانفعالات شدة. وكأنها فيلم حساس رقيق لا يستطاع تعريضه لاضعف الانوار دون ان ينطبع فيه اثر منها، وباعتقاد المؤلف لا تختلف النفس الرومنطيقية عن غيرها من النفوس الحساسة المعنية بالخلق الفني الا بطاقة فيها تدفعها الى التعبير عن الانفعالات بأشكال فنية جديدة، فيها كثير من الخيال والعاطفة الذاتية.
والرومنطيقية لها في حياة الاديب او الفنان وظيفة مشبهة لوظيفة الحلم، وهي التنفيس عن النزعات والرغائب المكبوتة في العقل الباطن، فالتعبير الرومنطيقي يوقف الى حين تلك المراقبة الصارمة التي تفرضها على اعمالنا النفس الواعية.
لكن الفن يقول المؤلف: «لا يقف عند حد خلق الاوهام، وان كان يستعملها احيانا كما فعل شرفانتس 1547 1616 في رواية دون كيخوته اذ جعل البطل يحارب طواحين الهواء». لا يقف الفن عند خلق مثل هذه الاوهام لانه يتخطاها الى خلق عوالم جديدة من الحقيقة المنبثقة من اعمق اعماق الانسان وهي حقيقة اللاشعور.
ولعل اهم ما يميز الرومنطيقية من عناصر نفسية استعمالها البعد الجمالي بطريقة جذابة، فالنفس الرومنطيقية «في صراعها مع الواقع تتألم لكون هذا الواقع بعيداً عن عالم المثال الذي وضعته نصب اعينها، وهو العالم الذي يطابق غالباً رغائب النفس الفطرية». لذلك تلجأ الى التقرب من عالم المثال بالابتعاد عن عالم الواقع، وهي ترى ان عالم الواقع بكل ما فيه من فساد عالم فان خداع، وان عالم المثال هو وحده عالم الحقيقة والخلود، فتعكف على التعلق به في ما تنتج من فن وأدب او فكر، وتصفه كما يتجلى لها في لحظات الحدس والكشف الباطني، وتصف سعادتها فيه كما تتجلى في لحظات الانخطاف والالهام، ولقد اصبحت الطبيعة لدى معظم الرومنطيقيين حسب رأي المؤلف «يوتوبيا» يستطيع الانسان فيها ان يعانق المطلق وينال السعادة، ولم تعد الطبيعة تلك المظاهر الكونية المادية التي تحيط بالانسان، بل اصبحت لدى الصوفيين منهم وحدة متكاملة مع الانسان تتجلى فيها الالوهية.
الرومنطيقية وقضية الشكل والمضمون
ليس من الصعب ان نفهم لماذا ثارت على القيود التي كان الكلاسيكيون يلتزمونها ولماذا برمت الرومنطيقية بالشكل الذي كان الكلاسيكيون يفترضونه على كل عمل ادبي، بغية التحرر منهم، وقد قرنت الرومنطيقية المضمون بالشكل بحيث لم تستطع ان تتحرر في ما تعالج من موضوع دون ان تتحرر في ما تستعمل في شكل. «بل انها اعتقدت انه لا يمكن الفصل بين الشكل والمضمون لان الشكل شيء عضوي ينمو نمواً طبيعياً عند صدوره عن التجربة الحدسية نفسها للاديب، فليس هو المظهر الخارجي من العمل الادبي، وليس هو القالب الذي يصب فيه هذا العمل صباً وانما هو جزء منه لا يتجزأ، وهو متلاحم فيه مع العاطفة، متعانق مع الفكرة، متحد مع الخيال».
لكننا نستطيع القول ان الرومانطيقية كانت بصفة عامة تفضل المضمون على الشكل بينما الكلاسيكية تفضل الشكل على المضمون. وقد مالت الى استعمال اللغة البسيطة والالفاظ المألوفة محاولة الكشف عن جمالها الذي ابتذله الاستعمال اليومي، وحين كانت احيانا تستعمل الغريب من اللفظ فانها كانت تجاري رغبتها العامة في اكتشاف اساليب تعبيرية جديدة تكون اكثر تأثيرا وإدهاشا واعظم قدرة على استيعاب التجربة الحدسية. ويؤكد المؤلف ان الرومانطيقية جاءت بثروة من الصور والاستعارات والتشبيهات جامحة الخيال، وهجرت صور الكلاسيكية واستعاراتها وتشبيهاتها لتفتح امام الشاعر او الاديب الخلاق مجالات التعبير الحر عن تجاربه الخاصة باسلوبه الخاص الملائم لعبقريته الشخصية، لكن بعض هذه الصور مال الى الغرابة وكثيرا ما اقترن الرائع بالفظيع والمدهش.
معالم الرومنطيقية العربية واعلامها
المدرسة الرومنطيقية في ادبنا الحديث هي وليدة عوامل كثيرة تضافرت على خلقها ظروف عديدة واخصها ظروف فترة ما بين الحربين العالميتين، ويجدر بنا قبل دراسة مزايا الرومنطيقية العربية ان نحيط الظروف الاجتماعية والثقافية التي لابست ظهور هذه الرومنطيقية كي نفهمها حق الفهم، وندرك ما ترتب عليها من نتائج في الحقل الادبي.
يقول المؤلف: «ان الشعر العربي الحديث لم يكن كله رومنطيقيا على الرغم من خضوع معظم الشعراء للمؤثرات العامة المتشابهة، وذلك لانه يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار شخصية الفرد والمؤثرات الخاصة في حياته من وراثة وثقافة ونشأة في بيئة معينة». وهذا التفاعل بين المؤثرات العامة والمؤثرات الخاصة هو الذي يخلق الرومنطيقية اذ يمر بالنفس الحساسة التي سئمت القيود الاجتماعية والقيود الادبية وتاقت الى الثورة والتحرر او الهروب الى عالم افضل من صنع الخيال.
ويرى البعض انه لا نستطيع ان نجد مدرسة رومنطيقية واضحة المعالم الا في العصر الحديث، ومؤسسها جبران خليل جبران الذي كان رومنطيقيا حتى اطراف اصابعه.
ويقول المؤلف: «هذا الكلام يصيب كبد الحقيقة باسناده الى جبران أمر تأسيس الرومنطيقية العربية وبث مبادئها في الادب العربي الحديث. فجبران اول رومنطيقي عربي، ولم تكن الرومنطيقية بالنسبة له مذهباً ادبياً وحسب وانما كانت ايضاً فلسفة في الحياة». اما رائد الشعر الرومنطيقي العربي فهو خليل مطران. وقد كان متوفقاً في ادراكه اسرار اللغة العربية ولا غرو فخليل اليازجي وابراهيم اليازجي من اساتذته. وقد اطلع على الأدب العربي القديم واطلع على الادب الغربي ولاسيما الفرنسي، واستطاع ان يدخل التجديد الى الشعر العربي دون المساس بمتانة اللغة، واستطاع ان يجمع في شعره نصاعة التعبير وقوة الاسلوب الى ابتكار المعاني ورقة العواطف وتحليق الخيال.
«وكان هو الآخر رومنطيقيا، غير انه لم يكن متحرراً من قيود المجتمع في ادبه تحرر جبران.. ونلاحظ الرومنطيقية في الشعر القصصي الذي ابدع فيه مطران ايما ابداع، وخصوصا الشعر الذي يروي قصص العشاق ويشبه شعر البالات في الادب الغربي، وهو كثير في ديوانه».
ويشير المؤلف الى انه قد تلقف دعوة مطران التجديدية في مصر عبد الرحمن شكري وابراهيم عبد القادر المازني وعباس محمود العقاد في السنوات العشر الثانية من القرن الماضي. اما الذي واصل حمل رسالة الرومنطيقية مع مطران فهو احمد زكي ابو شادي.
وكان ابو شادي غزير الانتاج ثرّ العطاء متنوع النشاط. وشعره كثير الجوانب وليس كله رومنطيقياً، وتتجلى رومنطيقيته في وصفه للطبيعة جوائها المتقلبة التي يندمج بها الشاعر، كما تتجلى في تمجيد الحب.
واول ما يلفت نظرنا في مطلع القرن العشرين حلقة الشعراء المخضرمين الذين اطلعوا على الرومنطيقية الفرنسية وتأثروا بها، لكنهم لم يتخلصوا من الصياغة العربية القديمة كل التخلص. ومن هؤلاء الشيخ اسكندر العازار وسليم العازار وسليمان البستاني وامين تقي الدين والياس فياض ونقولا فياض وبشارة الخوري، وقد مهد هؤلاء للرومنطيقية في لبنان ولاسيما الدكتور فياض وبشارة الخوري.
ويعتقد المؤلف بأن الرابطة التعليمية كانت اول مدرسة رومنطيقية عرفها الادب العربي الحديث، وصحيح ان معظم اعضائها كانت تجمعهم مجلة الفنون لنسيب عريضة ثم جريدة السائح لعبد المسيح حداد قبل تاسيس الرابطة، لكن الرابطة وحدت اهدافهم ووفقت مذاهبهم وجعلتهم قريبين من الاشعاع الجبراني الذي ترك اثراً في كل واحد منهم ما لبث ان انتشر في الاقطار العربية.
وفي غضون ارتفاع نجم الرابطة القلمية كان يرتفع في البرازيل صوت رومنطيقي رقيق هو صوت الشاعر فوزي المعلوف، وهو شاعر عاش بين الناس في جسده وحسب اما روحه فظلت عالقة بما وراء السديم تتحفز لمعانقة عالم الرؤى والاحلام، وحسب قول المؤلف: «مما لا شك فيه ان الادب المهجري كان ذا تاثير بالغ في بعض شعراء الشرق، ومنهم الشاعر الياس ابي شبكة». ومن شعراء الرومنطيقية في لبنان يوسف غصوب، الذي مال فيما بعد الى الرمزية، ومن شعراء لبنان الذين تاثروا بالرومنطيقية والرمزية امين نخلة، وصلاح لبكي الذي تميز باحساسه المرهف، وسليم حيدر الذي اجاد في جولات شعرية شتى، ومن شعراء الرومنطيقية العرب علي محمود طه في مصر، وابراهيم ناجي، وفي تونس ابو القاسم الشابي.

[الرومنطيقية
[الدكتور عيسى يوسف بلطه
[المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت 2014

» الشعر المسرحي ... تعريفه وخصائصه وأمثلة عليه
» خلطة تطول الشعر في شهر,خلطه اعشاب لتطويل الشعر,اسرع طريقة لتطويل الشعر,
» فوائد الزنجبيل للشعر في تطويل الشعر و تكثيف الشعر و كذلك فوائد الزنجبيل في ازاله الشعر نهائيا خصوصا في المناطق الحساسة
» طرق تفتيح لون الشعر , خلطات لتفتيح لون الشعر , تفتيح الشعر بطرق طبيعية
» الشعر النبطى ما هو الشعر النبطي وماهو اقسامه