هل الإسلام يعيق التقدم؟!
هل الإسلام يعيق التقدم؟!
هل الإسلام يعيق التقدم؟!
هل الإسلام سبب التخلف الذى تعانيه أمتنا؟ هل يقف الإسلام حجر عثرة فى سبيل تقدم المجتمعات العربية والإسلامية؟ هل الإسلام لا يؤمن بالتقدم والحضارة والازدهار؟ هل تقدمت الأقطار التى تبنت العلمانية؟ هل نحن فى حاجة أصلا للعلمانية أم أنها دخيلة علينا؟ هذه أسئلة مهمة لابد من الوقوف عندها والإجابة عليها. فالدين -خاصة الإسلام- لا يقف أمام التقدم، فالدين قوة هادية ومن يؤمن بالله يهد قلبه وينر طريقه ويجعل الأمور أمامه واضحة، فالإنسان المتدين عرف طريقه وحدد غايته، فاستقام به الأمر ومضى قدمًا إلى الأمام، فالإيمان قوة محفزة للخير والإنتاج والتعبد بالعمل والإخلاص فيه، وهذا ما تحتاج إليه أمتنا فى هذه المرحلة، فالإيمان قوة ضابطة تضبط سلوك الفرد وتردعه عن الشر والمنكرات .فهذا هو الدين، فلا يقف عقبة فى طريق التقدم، بل يدفع إليه، على العكس مما كان فى أوروبا، حيث كانت الكنيسة تتحكم فى رقاب الناس وضمائرهم، وكانت تقف مع الملوك ضد الشعوب، والإقطاعيين ضد الفلاحين، والرأسماليين ضد العمال، والجمود ضد التحرر، والظلام ضد النور، لذلك ثار الناس عليها وقالوا مقولتهم الشهيرة: «اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس»،
وكان هناك محاكم التفتيش فى أوروبا، وهى التى حاكمت العلماء وأحرقت جثثهم، لأنهم اكتشفوا أشياء غير ما كان عليه العلم فى الكنيسة حينذاك «العلم المدرسى»، مثل جاليليو وغيره من الذين اكتشفوا أن الأرض كروية، الأمر الذى اعتبروه سابقة كبيرة لهم فى الوقت الذى كان يدرسه طلابنا المسلمين بزمن قبلهم، مثل ابن حزم الذى دلل على كروية الأرض فى كتابه الشهير: «الفصل فى الملل والأهواء والنحل»، وكان الغربيون يعتبرون من يصل إلى هذه النتائج مهرطقًا وفاسقًا وملحدًا بالدين، ويعاقب أشد العقاب على ذلك، ليس ديننا هكذا، فالدين الذى يقف عائقًا هو الدين الذى يتبنّى الخرافات كالجبرية فى العقيدة، والشرْكيات فى التوحيد، والمظهرية فى الحياة، والجمود فى الفكر، هذا ما يجمّد الحياة ويشل حركتها، حيث كانت هذه صفات المتدينين فى أوروربا، أما نحن فنحارب هذا النوع من التدين . والسؤال الآن، ما هو التقدم الذى يريدونه؟…
هل هو التقدم المادى؟ الإسلام يعنى بالتقدم المادى والروحى، الحسى والمعنوى، فالتقدم المادى أساسه العلم والإسلام يعتبر كل علم نافع فريضة، فحث الأمة على العلم والتقدم حتى لا تصبح عالة على غيرها. الفكر ليس مناقضًا للشريعة، فالعلم هنا ليس مقابل الدين وليس ضده، بل متآخ معه فالعلم دين والدين علم، كالرازى الذى كان عالمًا وإمامًا فى الفقه والتفسير، كما كانت شهرته فى الطب، وابن النفيس، والعلامة ابن رشد الفيلسوف الإسلامى بجانب شهرته فى الطب..
فليس هناك صراع بين الدين والعلم كما كان موجودًا فى تاريخ أوروبا..
فإن كان التقدم يعنى التقدم العلمى، فالإسلام يرحب به ويدعو إليه، بل ويفرضه على الأمة الإسلامية.والإسلام يفسح المجال للاقتصاد الراقى، وتعاليم القرآن والسنة جاءت تدعو لزيادة الإنتاج وترشيد الاستهلاك ولسلامة التداول وعدالة التوزيع، نِعم المال الصالح للعبد الصالح. إذا كان التقدم يعنى التقدم الاقتصادى، فالإسلام يرحب به ويدعو إليه ويحارب الفقر بكل وسيلة، وأولى العمل والإنتاج عناية كبيرة، فلا تعيش الأمة مستهلكة كما هو الحال فى بلادنا، فلا يمكن أن يكون الدين عائقًا لوصولنا إلى التقدم والازدهار، وبالعكس فإن الذين يريدون تفريغ أمتنا من الجانب الدينى، يريدون لنا أن ندخل المعركة مع أعدائها ونحن ضعاف العود والهوية.
لدينا فى حضارتنا ما يمكن أن يعيدنا لمجدنا مرة أخرى، ولسنا فى حاجة إلى العلمانية فهى قد حلّت مشكلة عند الغربيين، لكنها هى نفسها مشكلة عندنا، حيث تجعل المسلم فى مشكلة مع مجتمعه ودينه وهويته.ومن ثمّ آن لنا أن نعود إلى حضارتنا الأصيلة ننهل منها ونستفيد من خبراتها، مع الأخذ فى الاعتبار أن الحكمة ضالة المؤمن إن وجدها فهو أحق الناس بها، بدلا من أن نلهث على موائد الآخرين.