وكل ما في الأمر: أن الإمام القس ربما كان قد نوى الاجتماع بسلامة تلك عن طريق السبل المشروعة من نكاح وغيره، فلعله أسرَّ بذلك إلى رجل مريض القلب والدين ! وكان هذا الرجل قد علم من القس شدة تقشفه وبالغ زهده وورعه، وعزوفه عن شهوات النفس ورغباتها، مع جميل تعففه عن النظر لما في أيدي الناس حتى لقبوه بـ ( القس ).
فرأى هذا الرجل المفتون- بمساعدة غيره له- نفْسَه تميل إلى نسج أساطير وأباطيل - لموافقة هذا لطريقته في الزيغ والانحراف - حول سيرة هذا الإمام الطاهر، فراح يذيع بين الناس والدهماء من أهل مكة وما حولها تلك الأكذوبات المسبوكة حول عشق القس بـ ( سلامة ) مع ورعه وزهده وعبادته ! فسمع تلك الأخبار جماعة ممن في قلوبهم مرض ؟! فجعلوا يتزيَّدون على ما سمعوه كتزيُّد الشياطين في الأخبار على من يسترقون السمع لأجلهم لكي يسقطونهم بها في شباك مصائدهم !
بل ذهب بعضهم إلى توليد الأشعار المختلقة على ألسنة العاشقين ونسبتها إلى الإمام القس ! ومن ذلك قوله - زعموا - لمَّا عاتبه بعضهم في شغفه بسلامة:
قالوا أحب القسُّ سلامة *** وهو التقي الورع الطاهر !
كأنما لم يدر طعم الهوى *** والحب إلا الفاسق الفاجر !
يا قوم لي كبد تهفو كأكبادكم *** وفؤاد مثلكم شاعر !
والناس يعجبهم الباطل من الأخبار في حق الأطهار ! فجعلوا يتناقلون هذا بينهم حتى تقبَّله منهم بعض الفضلاء - أمثال الزبير بن بكار وخلاد بن يزيد وشيوخهما في تلك الحكايات - فوقعوا في أُحْبُولة تخليد تلك الأكاذيب مع مشاركة العامة في التشنيع بها - قصدوا أولم يقصدوا - على هذا الإمام الفاضل القدوة النبيل. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وقد صار عرض هذا الإمام الطاهر العابد ملعبة في أيدي السفهاء وقليلي الحياء ممن ذهبت خشية الله من قلوبهم في كل زمان!
فهذا عبيد الله بن قيس بن شريح الأموي المشهور بـ ( قيس الرُّقِيَّات ) ذلك الشاعر الماجن المتغزِّل في الحرائر ! كان ممن شارك على نشر تلك القبائح في حق الإمام القس بأشعاره التي طار بها المغرضون كل مطار ! على حدٍ قول القائل:
لكل ساقطة في الحي لاقطة *** وكل كاسدة يومًا لها سوقُ !
فذكر غير واحد أن قيس الرقيات هذا اجتمع يومًا بـ( سلامة ) وأختها ( ريَّا ) فقال لهما: ( إني أريد أن أمدحكما بأبيات وأصدق فيها ولا أكذب! فإن أنتما غَنَّيْتُماني بذلك وإلا هجوتكما ولا أقربكما! فقالتا له: فما قلتَ ؟ فقال:
لقد فَتَنَتْ رَيَّا وسَلاَّمةُ القَسّا *** فلم تتركا للقَسِّ عقلاً ولا نَفْسَا !
أُختانِ إحداهما كالشمس طالعةً ... في يوم دَجْنٍ وأُخرى تُشْبِه القَمَرا !
تَكُنَّانِ أبْشاراً رِقاقًا وأوجُهًا... عِتَاقًا وأطرافًا مُخَضَّبةً مُلْسا!
وكذا لم يكتف بخدش عرض الإمام القس بفتنته بسلامة وحدها ! فضمَّ إليها أختها ( رَيَّا ) ! وكانت ريَّا نحو أختها في الشهرة بالأغاني والألحان !
وكأنه كان قد لقيَ بعض الجفاء والصدود من معشوقته ( كَثِيَرة الخزرجية ) ! التي كان يُشَبِّبُ بها في شعره دون حياء ! فلم يحتمل مكابدة الشوق في استعمال التغزل حتى جعل يلوك به لسانه في حق الإمام القس مع سلامة وأختها معًا !
كأنه ما كفاه فضيحته نفسه بتشبيبه في ثلاث نسوة كلهن يُسمَّى :بـ ( رُقَيَّة ) حتى لقَّبوه بـ ( الرُّقيَّات ) لأجل تغزُّله فيهن ! حتى عمد إلى اتهام الأبرياء بدائه نفسه !
وهكذا يفضح الله الوالغين في أعراض الناس دون تَهَيُّبٍ لذلك اليوم الرهيب: يوم يقوم الناس لرب العالمين.
ثم تدور عجلة الأزمان، وتمضي دوائر الأيام، فيظهر طراز آخر من الكَتَبة الذين ضل مسعاهم إلا في الاهتداء إلى ثلْبِ الأطهار والتقوُّل على ألسنتهم من الكذب وكلمات الهيام والغرام ما يقفون لأجله يوم الحساب ترتجف قلوبهم حتى تكاد تطير من هول ما يأخذ الله به الآثمين والكَذَبَة !
ففي ليلة ركَدتْ ريحها، وأرِقَتْ نجومها : تسلَّلتْ خطرات الشيطان إلى آذان الكاتب الكبير ( علي أحمد باكثير ) ! لتُلْقي في مسامعه معالم رواية جديدة من قائمة سلسلة رواياته في ( الحب العذري الطاهر ) ؟!
ولم تتركه تلك الخطرات يتعثر من الحيرة في اختيار أبطال قصته الجديدة ! بل جاءتْه بالبطل والبطلة هذه المرة متمثِّلين في ( سلامة والقَسِّ ) !
فلم يُكَذِّب خطرات الشيطان ! ولا استعاذ منه بالرحمن ! بل عمد إلى تصديق الوساوس، ونهض إلى تجسيد الهواجس ! ووضع روايته الآثمة لأول مرة: ( سلامة القس ) التي جعل يتزيَّدُ فيها من البهتان على لسان العاشِقَيْن - على عادة كُتَّاب القصة والرواية - ما يعلم هو أنه من هواجس الشيطان وسماديره !
فأساء إلى نفسه قبل يُسيء إلى الإمام عبد الرحمن القَسِّ ومَنْ افترى على شفاههم ما لم يقولوه !
وقد ذكَّرتْنِي مجيء تلك الخطرات والوساوس إلى هذا الكاتب : بمجيء تلك الفتاة الشابة الحسناء إلى الكاتب الكبير ( محمد حسين هيكل ) الذي كان قد اعتاد أن يقضي إجازة الصيف في أواخر خمسينيات القرن المنصرم في ( فندق مينا هاوس ) بالقاهرة، ذلك الفندق الذي كان يستمتع من نوافذه بمنظر الهرم والصحراء ! ذلك المنظر البديع في كل حين ، وهو الروعة والسحر في الليالي القمرية !
قال: ( وإنني يومًا لجالس قبل الغروب ... إذ رأيتُ فتاة شابة تُقْبِل عليَّ متأبِّطة حافظ أوراقها، ثم تقف عندي وتُسلِّم عليَّ باسمي ! ...رأيتها ما لبثتْ حتى وقفتْ أمامي ... وبعد هُنيهة فَتَحَتْ حافظة أوراقها، وأخرجتْ منها ملفًّا أنيقًا وقالتْ: هذه يا سيدي قصة كتَبَتْها صاحبتُها، ورغبَتْ إليَّ في أنْ أضعها بين يديك، وقد تركتْ لك الحرية المطلقة في شأنها ! لك أن تقرأها أو تُهْملها، فإذا تفضَّلتَ وأضعتَ وقتك في قراءتها، فلك أن تُلْقي بها في النار، أو تحتفظ بها بين المهملات من أوراقك ! ولك إنْ شئتَ أن تنشرها على الناس، فإذا كان لها من الحظ أنْ راقتْك فنشرتَها، فستكون هي إحدى قارئاتها، ولن تعرف أنت ولن يعرف غيرك عن صاحبتها شيئا ! ... هذه يا سيدي رسالتي . وهذه هي القصة في ملفِّها. أدعها بين يديك، وأستأذنك في الانصراف ! ...وانفلتتْ في رشاقة، وسرعان ما اخْتَفَتْ عن ناظري .... )!
فلم يكن أمينًا في نشر تلك القصة كما سطرتْها صاحبتها ! فخرج على الدنيا بروايته الشهيرة: ( هكذا خُلِقْتُ ) ! وقد تزيَّد فيها من فصول الأحداث ما يناسب شذوذ صاحبة القصة في أوقات أضاعتْها في معصية الله !
وليس هذا من ( هيكل ) بأول قارورة كُسِرتْ ! وكم له من مواقف عدائية في مجابهة تعاليم الإسلام الحقَّة بكل ما آتاه الله من آلة وبيان، بحيث غبطه عليها جماهير من المستشرقين والملاحدة وغيرهم ممن كان يرصد للإسلام السوء في تلك الأزمان المدْبِرة؟!
وهو الذي كان يتخذ من جريدة ( السياسة ) منبرًا يعتليه كلما أراد أن ينفخ في المسلمين نار الفتنة بمحاربة محامد الأخلاق والشرف والفضيلة !
ولـمَّا كادت أفكار ( قاسم أمين ) الشاردة في تحرير المرأة أن تموت بموته إلى الأبد بعد أن تقيَّأها أفاضل الناس في وقته، وقضوا عليها وعلى صاحبها في مهدها ومهده ! إذا بالأستاذ ( الهيكل ) يدِجُّ بكل ما لديه من أقلام مأجورة لِبَعْثِ تلك الأفكار المسمومة من قبور النسيان مرة أخرى !
وقد كانت لمجلة ( المنار ) وصاحبها العلامة ( رشيد رضا )حملات شرسة في صدِّ عدوان ( هيكل ورفاقه ) في ذلك الزمان.
وقد كان الشخ ( رشيد ) يُلَقِّب هيكل بـ ( الكاتب المغرور ) !
ومن بوائق ( هيكل ) التي لا تغسلها له مجامع الأنهار: اسْتِشَاطته غضبًا وانتفاخ مساحره ! لـمَّا جهر المصْلِحون في منتصف الثلاثينيات - وما قبلها - بحملات تنادي الحكومة بمنع ( البغاء ) بعد أن تفاقمتْ مصائبه، وعمِّتْ كوارثه، من جرَّاء مواخير ( الدعارة ) التي كانت فاتحة أبوابها لكل من يرتادها بموجب القرارات التنظيمية التي أصدرتْها وزارة الداخلية بمصر عام (1905م ) بتقنين البغاء وتنظيمه في مناطق معروفة بـ ( مصر )، مع إلزام النساء اللاتي امتهنَّ الدعارة والخدمات الجنسية لكل من يرغب من الطالبين = بإجراء فحوص طِبِّيَّة إسبوعيًا لضمان خلوهن من أمراض يخشاها المجتمع والناس !
وهنا: قام الأستاذ الأديب المسلم! ( هيكل ) بمناهضة تلك الحملات الإصلاحية بمقالات مترادفة في جريدة ( السياسة )! جاعلا تلك الدعوات الرشيدة لمحاربة الرذيلة بمثابة الدعوة إلى ( إلغاء الرقابة الصحية ) !؟!
ليس هذا فحسب ! بل جعل ينفي قدرة أي قانون على إلغاء البغاء من عالم الوجود! وإلا لاستطاعت الشريعة الإسلامية تحقيق ذلك الأمر منذ القِدم !
ثم طارتْ نفسه شعاعًا ، وذهبتْ أنفاسه لَمَـاعًا، وهو يُريشُ سهام العدوان إزاء خصومه ممن يريدون حياة الأمة ويريد هو أن يذهب بأنفاسها !
وكم كان يردُّ بأسلوب التهكم والنَّزَقِ على مقالات الشيخ المصلح المجاهد ( محمود أبو العيون ) لإلغاء البغاء من تلك الديار !
كأنَّ نزيف أعراض بنات المسلمين، ودماء شرف القاصرات من نساء المؤمنين = لم يكن بالتي تستطيع أن تُحّرِّك لهذا الرجل ساكنًا فيدعوه لبذل ما يقدر عليه لإنقاذ الشرف والعِرض والدين !
بل كأنه ما كان يدري ما يجري بقلْب القاهرة - في ذلك الزمان - في شوارع ( عماد الدين ) و ( كلوت بك ) و ( محمد علي ) وغيرها من إراقة دماء الفضيلة في ( مواخير البغاء ) التي كانت تعجُّ بها هاتيك الشوارع الغائرة في السقوط والوحَل والانحطاط بجميع معاني تلكم الكلمات !
والله ما أدري كيف لم تتأثر تلك القلوب المتحجِّرة بما كان يسطره الشيخ المصلح ( محمود أبو العيون ) في الصحيفة الأولى من الأهرام تحت عنوان ( مذابح الأعراض، الفصول المحزنة، والروايات المبكية ). يكشف فيها الستار عن مخازٍ ومآسٍ ترتجف منها أجساد المسلمين، وترتعد لأجلها فرائص الموحِّدين !
وفي مقالنا القادم ( دماء الأعراض ) بَسْطٌ وافٍ لتاريخ ( البغاء ) في البلاد العربية منذ نشأته حتى الآن ! مع تسطير الكثير من الآلام والأشجان، والأوجاع والأحزان! من قصص البنات القاصرات البريئات ! وآهات الضعيفات الكسيرات ! حيث لا مجيب ولا دافع ! ولا ناصر لهن ولا نافع ! وحسبنا الله ونعم الوكيل.
والذي كان يدعو ( هيكل ) لأنْ تطأ قدماه مياه تلك المستنقعات المعْتَكِرة بظلام لياليها = هو دفاعه المأجور عن حكومة ( عدلي يكن ) في تلك الأوقات.
فكانت رءوس أصحاب المصالح السياسية: هي التي تتخذ من أمثال ( هيكل ) ورفاقه = أقلامًا مسنونة للفتك بمن يناهضها في المشرب والمسلك ! بعد إيعاد هذا وذاك بشيء من حُطام الدنيا ! ولعذاب الآخرة أشد وأبقى !
وقد وضَعْنا ( هيكل ) وورفاقه وتوجُّهاتهم على طاولة ( التشريح النقدي ) في مكان آخر. وإنما جاء ذكرهم هنا عَرَضًا بعد تخْلية الأجواء لأجل : ( نفثات المصدور )! وإن كان أوجه الشَّبَه بينهم وبين ( باكثير ) في الترويج لأنفسهم على حساب تلطيخ الجباه الطاهرة = من الوضوح بمكان لا يخفى على من لا يزال يرى بإنسان عينيه !
وإذا كان عزاؤنا في ( هيكل ) ( وعلي باكثير ) وغيرهما ممن كان يتأطَّم ويتكذَّب على الأبرياء في القصص والكتابات = هو ما نعرفه من نزعات هؤلاء وهويِّتهم في عصر فُقْدان الهوية !
فماذا يكون عزاؤنا في الكاتب الإسلامي الفذ ( مصطفى صادق الرافعي ) الذي أبَى - هو الآخر - إلا أن يجعل من قلمه ريشةً ظل يعبث بها في وجوه محاسن سُمْعة الإمام ( عبد الرحمن القس ) في كتابه الماتع ( وحي القلم ) ؟!
وشأن الرافعي في هذا الخطب: شأنُ سائر الكُتَّاب الذين ربما حملهم الشبق الأدبي على أن يصنعوا من الحبَّة قُبَّة ! ومن الذرَّة هضبة ! دون مراعاة الإساءة إلى الذوات الطاهرة فيما يكتبون ! وانتخاب أصل الموضوع الذي عليه يَبْنون ! بل ربما كان أكثرهم في ذلك حاطبَ ليل ! أو جارفَ سَيْل !
ولم يدرِ ( الرافعي ) أنه بمقاله ( سُمُوُّ الحب ) ! في ( وحي القلم ) قد وضع ( الإمام القَسَّ ) فوق ( السَّفُّود ) الذي وضع عليه ( عباس العقاد ) من قبلُ !
فكأنه أساء من حيث يريد الإحسان، وجَنَف من حيث يبغي العدل والميزان !
فنعدُّ هفوته بشأن ( عبد الرحمن القس ) كهفوته بتحميله ( الشيخ محمد عبده ) من الألقاب الطائرة والأوصاف الضخمة في كتابه ( السحاب الأحمر ) ما لا يكاد يُحْتَمَل ولا يجيء عند من عرف ( الشيخ محمد عبده ) حق المعرفة!
وقلَّ أن ترى أديبا بلغ الذروة في فخامة الأسلوب العربي= يراعي التخيُّر والتحقيق في كتاباته بما لا يصيب دينه وعقيدته فيما ربما يضر به نفسه ! وربما أصابه في مقتل !
ولم نجد فيمن عاصرناه أجمع لهذا الوصف من شيخ العروبة بحق: ( أبي فهر محمود محمد شاكر ) ذلك الإمام الناقد الإسلامي الكبير الشان.
وعلى كل حال: فكلام الرافعي حول ( عبد الرحمن القس ) يكاد يكون أكثره مطابقًا لما في كتب الأوائل حوله مع زيادات من قبيل الهفوات! قاده إليها الشغف بمتابعة المعالجة لذلك الأسلوب الساحر الذي صاغها به هذا الأستاذ الكبير.
وهو في كل الأحوال ملوم غير مشكور ! ولا يحمد له ذلك الصنيع إلا جاهل بما وراء الأكمة أو معاند مغرور !
وصنيعه هذا: بخلاف صنيع الكاتب ( علي أحمد باكثير ) في روايته الطويلة ( سلامة القس ) التي جعل فيها عقله كالمحبرة يستقي منها بأقلام خطراته ما شاء الله له أن يستقي في تدوين ذلك الخيال الزائف في حق بطل قصته ( الإمام القس ) وصاحبته على السواء !
حيث أفْلتَ ألْجِمَة الضبط من قلمه العاثر، فصار يتخبَّط في التقوُّل على ألسنة أبطال قصته ما لا تجد ربع عشره في أصل القصة لو أنك قلَّبْتَ عنها صحائف الأخبار ، آناء الليل وأطراف النهار !
وقد كان يكفيه أن يُغْرِق في كلمات الغرام على لسان ( محمود الخوارزمي ) وهو يخاطب معشقوته ( جلنار ) كما في روايته السائرة ( واسلاماه ) !
أو يجعل تلك الألفاظ الحارة على شَفَتَيْ ( محي الدين ) وهو يخاطب حبيبته ( زينب ) كما في روايته ( مأساة زينب ) !
أو ربما كان يدسُّها في جملة مغازلات ( عادل ) لـ ( الست راضية ) كما في روايته ( جلفدان هانم ) !
وإن شاء جعلها من نصيب ( ابن مياح ) وهو تائه في ملكوت معشوقته ( سلمى ) كما في روايته ( قصر الهودج ) !
وماذا لو كان جعل تلك الكلمات تدور على أفواه العاشقين والعاشقات في تلك الليلة المشهودة المشهورة بـ ( ليلة الإمام ) ؟! وما أدراك ما كان يجري في (ليلة الإمام ) ؟! كما في روايته: ( الثائر الأحمر ) ؟!
ألم يكن له في التزيُّد على ألسنة هؤلاء المجاهيل من كلمات الغزل والصبابة = مندوحة عن تركيب بعضها على لسان مثل الإمام القس وسلامَتِه ؟!
وهل لو كان ( باكثير ) تنكب عن هذه السبيل المبتذل في ( سلامة القس ) = كانت روايته ستحقق ذلك النجاح المدوِّي الذي وافق هوى الكثيرين من ناشدي ( الحب العُذْري ) في كل زمان ومكان ؟!
ولعل ذلك الأمر هو الذي جعل روايته تفوز بجائزة السيدة ( قوت القلوب الدمرداشية ) في عام ( 1944م ) مناصفة مع الكاتب نجيب محفوظ !؟
وقد كانت عوامل الانحراف والشذوذ الأخلاقي في تلك الأزمان هي الباعث الحثيث على رواج أمثال تلك القصص والروايات في عصر فقدان الهويّة الإسلامية فيما مضى من السنوات الخالية !
تابع البقية: ...