ماذا تعرف عن مذبحة بن طلحة
لو فاكر انك قريت قصص أو مقالات مرعبة و دموية قبل كده، فصدقني اللي هتقراه ده أكتر رعبًا و دموية من أي شيء قرأته قبل كده، و دمويته و رعبه في أنه حقيقي ١٠٠%....
#منتدى_المركز_الدولى البداية من سنة ١٩٩٢
في السنة دي ألغى الجيش الجزائري الأنتخابات اللي كانت مؤشراتها كلها بتقول أن الجبهة الأسلامية للأنقاذ هي اللي هتفوز فيها فوز ساحق...و كانت مدينة بن طلحة اللي بينها و بين جنوب بلدية براقي التابعة لمدينة الجزائر "العاصمة" كيلو مترات بسيطة بتعتبر من أكبر و أكتر المدن اللي صوتت لصالح الجبهة الإسلامية للأنقاذ في الانتخابات اللي اتلغت، و كمان كان بيناصر كتير من سكان المدينة جماعات العصابات الأسلامية اللي بدأت في صراع دموي و اقتتال مع الجيش بسبب ألغاء الانتخابات لدرجة أن بعض من أهالي المدينة أنضموا للجماعات و وقفوا في صفها ضد الجيش اللي كان من وجهة نظرهم غير منصف و غير عادل في قرار ألغاء الانتخابات، كانوا عصابات أكتر منهم جماعات لكن بانضمامهم للحركة الأسلامية المسلحة (mia) اللي بدأت تظهر على الساحة من بعد الغاء الانتخابات أصبحوا جماعات منظمة مسلحة بتواجه الجيش الجزائري لحد عام ١٩٩٤، و في السنة دي أنضمت كل الجماعات المسلحة لجماعة أسلامية مسلحة أكبر و اتسموا كلهم بأسم جماعة ال(gia)...
أستمرت المدينة هي و مدن تانية قريبة منها تحت سيطرة الجماعة الأسلامية لدرجة أنهم كانوا فعليًا بيسيطروا على كل مرافق و مداخل المدينة لحد ما بعد مرور سنين و تحديدًا في سنة ١٩٩٦ بدأت الأهالي و السكان الغير مؤيدين لنظام الجماعة أنهم يثوروا و يغضبوا على سيطرة الجماعة عليهم و على نظام حياتهم اليومي لدرجة أن الأهالي بدأت تشكل مليشيات مدنية لحمايتهم من الجماعة اللي كانت بدأت تفرض ضرايب و أحكام على سكان مدينة بن طلحة، في الوقت ده الجماعة الأسلامية حست بأن المدن اللي تحت سيطرتها بدأت تخرج عنها و بدأت تفقد السيطرة عليها و ده كان صحيح لأن الجيش في الوقت ده كان بدأ يسيب زمام للأمور في المدينة و في المدن المجاورة ليها للجماعة علشان يجربوا و يدوقوا مرارة الجماعات اللي أيدوها و وقفوا جنبها من حوالي ٦ سنين و ده كان غلط...
#منتدى_المركز_الدولى و عشان ترجع الجماعة تفرض سيطرتها تاني بدأت في انتهاج أسلوبها المعروف و هو القتل و الانتقام اللي بدأ في يوم ٢٩ أغسطس عام ١٩٩٧ لما قتلوا حوالي ٢٠٠ شخص في قرية رايس اللي بتبعد حوالي ٢٠ كيلو متر عن الجزائر العاصمة، و مش بس كده ده كمان اشتدت هجمات الجماعة على القرى و المدن القريبة من العاصمة علشان يرجعوا يحكموا قبضتهم من تاني على المدن اللي بدأت تخالف أوامرهم و أكبر دليل على كده هي مجزرة تمت في ضاحية (سيدي يوسف) و هي منطقة من مناطق العاصمة، المجزرة تمت في ٨ سبتمبر و راح ضحيتها حوالي ٩٠ مواطن جزائري تحت مسمى (تنفيذ شرع الله!)...
بعد المجزرة دي زادت الحدة في لهجة الجماعة الأسلامية اللي بدأت تنشر أن المجزرة دي مش هتكون أخر مجزرة و الجاي هيبقى أبشع بكتير لو الأهالي ماخضعوش لسلطة الجماعة من تاني، و بالفعل اللي جه بعد كده هو أسوء بكتيير من اللي فات.....
يوم ٢٢ سبتمبر سنة ١٩٩٧
الساعة ١١:٣٠ قبل نص الليل...
أنقطعت الكهربا عن حي الجيلالي اللي بيقع جنوب غرب قرية بن طلحة، و مع انقطاع الكهربا ماكنش في غير ظلام و هدوء قطعهم أصوات انفجارات...
و وسط الظلام و أصوات الانفجارات بدأت بعض الأفراد من الجماعات الأسلامية المسلحة تخرج من وسط بساتين البرتقال و تروح ناحية الجزء الجنوبي الشرقي للحي، كانوا حوالي١٠٠ شخص، كانوا ملثمين و مسلحين.. بدأوا يروحوا ناحية بيوت معينة و يقتحموها و مع اقتحامهم للبيوت بدأت المجزرة..
أصوات الصرخات بدأت تعلى و ريحة الدم بدأت تنتشر في كل مكان، الجماعة الاسلامية بدأت في الانتقام من أهل بن طلحة أو على وجه الخصوص من الأهالي اللي رفضوا تواجدهم في المدينة، ١٠٠ شخص مسلح كانوا بيقتلوا الرجال و الشيوخ و النساء و الأطفال من غير رحمة أو شفقة، أصوات بكاء الأطفال امتزج مع أصوات صرخات الرجال و كان وسطهم أصوات بكاء و صرخات النساء اللي كانوا بُيغتصبوا قصاد قرايبهم و زاويهم و بعد كده بيندبحوا زيهم زي المتبقي من عائلاتهم أو جيرانهم...
الأهالي حاولوا يشتبكوا أو حتى يهربوا لكن الجماعة المسلحة كانت منظمة و كانت مرتبة للمجزرة كويس جدًا بحيث أن اللي كان بيفكر انه يخرج من بيته و يهرب من المسلحين اللي جواه كان بيلاقي برة عدد أكبر مستنيه و ماحدش كان بيقدر يهرب منهم أو من الموت اللي ريحته و ريحة الدم بقوا هم البديل لريحة نسايم هوا الصيف في ليلة المجزرة...
مجزرة بن طلحة اللي استمرت لمدة ٦ ساعات و راح ضحيتها حوالي ٤٠٠ شخص ده بحسب كلام الأهالي، لكن الحكومة وقتها قالت غير كده و نفت الرقم ده و قالت أن عدد الضحايا لا يتجاوز ال ١٠٠ قتيل!
لكن الحقيقة كانت غير كده لأن ضحايا بن طلحة كانوا أكبر من العدد ده بكتير و كلام الأهالي هو الأكتر وضوحًا و صدقًا لأنهم أكيد مابيكدبوش و هم اللي شافوا و عاشوا المآساه بنفسهم، الأهالي اللي عاشوا ليلة من أسوء و أبشع لياليهم و اللي منهم انكتب له انه يعيش بسبب انه هرب وسط الازدحام فضل مريض نفسي بسبب اللي شافه و اللي مر بيه في الليلة المآساوية دي، و اللي نجوا من المجزرة بيحكوا و يقولوا أن المسلحين اللي هاجموهم كانوا بيقتلوا باحترافية و بعشوائية كل اللي بيلاقوه في طريقهم، كانوا بيدبحوا الأطفال و بيقتلوهم بوحشية لدرجة انهم كانوا بيقطعوا أوصالهم و بيمسكوا بعض منهم يضربوه في الجدران لحد ما راسه تتكسر!
#منتدى_المركز_الدولى و كمان كانوا بيقتلوا الحوامل و بيفتحوا بطونهم و بيخرجوا منهم الأجنة و بيشهروا بيهم، و الستات و البنات كانوا بيقوموا باغتصابهم بكل وحشية قصاد أهاليهم بعد ما كانوا بيكتفوهم من أيديهم و رجليهم....
و من روايات الشهود عن المجزرة...
بيقول ياسين اللي أجرى معاه تلفزيون البي بي سي حوار بعد المجزرة...
"قبل نص الليل ظهرت سيارات تابعة للجيش بالقرب من مكان المدبحة، بس وقت المدبحة ماحدش منهم اتدخل لدرجة أن المسلحين اللي اقتحموا الحي فضلوا يتنقلوا من بيت لبيت لحد الساعة ٥ الفجر من غير ما حد يتعرضلهم حتى بعد ما أنهوا مهمتهم و خرجوا من الحي!"
و من روايات الشهود كمان أن الجيش وقتها منع أي مدنيين من قرية بن طلحة أنهم يدخلوا قرية الجيلالي وقت المدبحة اللي استمرت لساعات وسط صرخات و بكاء و عويل أهل القرية!
الروايات كلها بتؤكد أن السلطات كانت على علم بوقوع المجزرة و أكبر دليل على كده هي الطيارة الهليكوبتر اللي كانت بتطير فوق القرية من نص الليل لحد الفجر، و أقوال الشهود بتأكد كمان أن المجزرة كانت من ابشع المجازر اللي تمت في تاريخ الأنسانية و ده بسبب طرق القتل البشعة اللي اتقتل بيها الضحايا اللي كانوا كلهم من المدنيين العُزل اللي مالهمش أي ذنب غير أنهم رفضوا تدخل الجماعات الأسلامية في حياتهم و رفضوا فرض قوانين و ضرايب صارمة عليهم...
أما عن مسؤولية المجزرة ف أعلنت الجماعة الإسلامية المسلحة مسؤوليتها عن مدبحة بن طالحة ومدبحة الرايس في بيان صحفي خرج من لندن في 26 سبتمبر ( و ده وفقًا لـوكالة فرانس برس)
و من أقوال الشهود كمان على المجزرة؛ ف بتقول ناصرة أخت رشيد ولد الحمران (العضو بالجماعة المسلحة) اللي كانت مشاركة و شاهدة على المدبحة من محبسها في حوار لجريدة لو ماتان...
"وقت المدبحة كانوا بيقطعوا الرؤوس و انا كانت مهمتي جمع المجوهرات و المتعلقات من الجثث بعد قتلها، و عشان المسلحين يعرفوا بيوت المتعاونين مع الجماعة ف أنا كنت بشاور على بيوتهم و اقولهم يبعدوا عنها و يقتلوا كل اللي في البيوت التانية و اللي جواها أهالي رفضوا وجود الجماعة في البلد و ده كان بتخطيط من الزواربي أمير الجماعة اللي قال لي في اجتماع تم في قرية أولاد علال قبل وقوع المجزرة بأيام أن انا و والدتي و ٢ ستات تانيين هنكون مسؤولين عن أبعاد المسلحين عن بيوت المواليين للجماعة و كمان عن أخد مجوهرات و متعلقات ستات القرية بعد قتلهم"
ده كان كلام ناصرة اللي في المقابل ليها كان كلام سيدة من السيدات اللي عاشت و عاصرت الأحداث و اللي بالمناسبة رفضت ذكر أسمها...
"في 1997 لما حصلت المجزرة، كنا بنسكن على مشارف المدينة.
أخويا كان واحد من أفراد الدفاع الذاتي [اللي اتشكلوا في الجزائر ابتداءًا من 1993 لمقاومة الإرهابيين] في بلدة بن طلحة، وأمي كمان شالت السلاح ضد الإرهابيين.
لما عرفنا خبر وقوع المجزرة جرينا بسرعة في الفجر للمكان اللي كان جاي منه صرخات الأهالي، وكانت بنتي الصغيرة (اللي كانت في الوقت ده في الصف التالت الابتدائي) معايا. بنتي اللي شافت واحدة من صحاباتها راسها مقطوعة و بسبب المشهد ده هي لسه مصدومة لحد النهاردة.
وقتها شوفنا مشاهد لا توصف ولا تطاق: شوفنا رؤوس مقطوعة وأجسام محروقة أو متقطعة... قلوبنا ماتت من اللي شوفناه.
ازاي هنسى الشخص اللي كان بيرمي ولاده من الشباك أملًا في إنقاذهم من الإرهابيين، بس المسكين ماكنش يعرف أنهم كانوا بيدبحوا الطفل أول ما بيقع على الأرض ده إذا فضل عايش.
و ازاي هنسى الناجي الوحيد من عيلته اللي اختبأ تحت شجرة الموز بس كان شايف كل حاجة و للأسف بالرغم من أنه عاش ألا أنه اتصاب بالجنون.
بنتي اللي بحكي عنها دي اتجوزت و خلفت تلات أولاد و لسه لحد النهاردة بتصحى مفزوعة بسبب المشاهد اللي شافتها، و حتى والدتي لسه لحد النهاردة أوقات كتير بتقعد تتكلم مع نفسها بعد اللي شافته.
انا عيشت دايمًا في بن طلحة. وبصفتي ضحية للإرهاب ف أنا بتقاضى منحة من الدولة بتقدر بسبعة آلاف دينار (حوالي 50 يورو) في الشهر. ازاي هعيش بسبعة آلاف دينار؟
أنا في الحقيقة مش عارفة أعيش بسبب اللي شوفته و بسبب غلاء المعيشة.
و لما اتسألت عن العفو عن الأرهابيين قالت أنه مستحيل يحصل و حتى لو اتصالحت الدولة معاهم ف الأهالي عمرهم ما هينسوا اللي حصل من أحداث وقت انتشار الجماعات الأسلامية المسلحة في التسعينات.
ده كان كلام واحدة من اللي عاصروا المجزرة و عاشوا وقتها، لكن المجزرة دي كانت و لازالت من ابشع الجرايم اللي تمت في تاريخ البشرية نظرًا لعدد اللي ماتوا فيها و نظرًا كمان لطرق القتل و الاغتصاب و التعذيب البشعة.
و تبقى مدبحة بن طلحة بكل ذكرياتها و أحداثها اللي كانت قبلها و بعدها هي مجال للشك و للتساؤلات عن سبب تواطؤ القوات الأمنية فيها و خصوصًا لأن قوات الأمن كانت قريبة جدًا من مكان المدبحة و ماتدخلتش بالرغم من أنها كانت عارفة و شايفة اللي بيحصل، ممكن نقول أن قوات الأمن كانت سايبة الأهالي يتعرضوا للعقاب من الأرهابيين اللي ناصروهم و ممكن زي ما بتقول بعض الأقوال أن قوات الأمن كانت مشاركة في المدبحة ببعض رجال الأمن المتخفيين!
في الحقيقة كلها تساؤلات بنطرحها و احنا نفسنا مانعرفلهاش أجابات و مانعرفش فين الجايز من الأكيد...بس الأكيد أن اللي حصل كان جريمة أنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى و الأكيد كمان أن صورة "مادونا بن طلحة" هي من أكتر الصور ألمًا و حزنًا، الصورة اللي التقطت لسيدة مسنة في مستشفى عشية وقوع المدبحة و الجدير بالذكر أن الصورة دي حصل مصورها على جايزة (وورلد برس) للصورة الفوتوغرافية عام ١٩٩٨...
و تبقى الجملة الأكثر ألمًا هي أبشع ما قيل من شخص نجى من المجزرة، الشخص ده أسمه نبيل و قال بكل ألم و حزن...
(لقد نجح الإرهابيون في مسعاهم تلك الليلة، لقد قتلونا جميعًا، حتى الناجين منا....فقد أصبحت أجسادنا بلا أرواح)
تمت
ملحوظة هامة جدًا جدًا: انا مانحازتش لطرف على طرف و أظن الكل غلطان في الحكاية و الضحية كالعادة هم الأبرياء من الأهالي، و أظن كمان أن الجماعات دي لا هي اسلامية ولا تمت للأسلام بصلة زيهم بالظبط زي أفراد الأمن و كل اللي شاركوا في المذابح في الوقت ده و بتأسف لأني ماحطتش صور المجزرة نظرًا لدمويتها الشديدة و اكتفيت بصورة السيدة اللي بتوضح و بتشرح كم الألم و الحسرة و البشاعة اللي شافها و عاشها أهل بن طلحة في الليلة دي، و في النهاية كل التحية لشعب الجزائر الشقيق العظيم...
#منتدى_المركز_الدولى
الإثنين 23 مارس - 3:31
