"لأن تكون عالما أحب إلي من أن تكون شاعرا!".
بقلم : أد / محمد إبراهيم العشماوي.
أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الأزهر.
نصيحة عظيمة أسداها إلي شيخنا العلامة اللغوي الكبير، والعارف المنور الجليل، الأستاذ الدكتور محمد حسن جبل - وهو أجل من الألقاب الوظيفية - حين رآني مغرما بالشعر، ومهتما به أكثر من اهتمامي بالعلم، فكان لنصيحته تلك أثرها في تعديل المسار، فصرفت همتي إلى العلم جمعا وتحصيلا، وفهما وتحليلا، ومع ذلك لم يبارحني الشعر، فقد كان شيطانه يغويني بين الفينة والفينة، فكنت أدفعه عن نفسي بالتحصن بسلاح العلم، حتى إنني جعلته من وسائل حفظ العلم، فنظمت مسائل العلم بالشعر!
وقفز إلى ذهني وقت هذه النصيحة قول الإمام الشافعي رضي الله عنه:
ولولا الشعر بالعلماء يزري
لكنت اليوم أشعر من لبيد!
وأظن أن شيخنا رحمه الله قصد إلى هذا المعنى الذي أشار إليه الإمام الشافعي، وأنه لا ينبغي أن يغلب الشعر على العلماء حتى يصرفهم عن العلم، فيزري بهم؛ فإن نفع العلم أعظم من نفع الشعر؛ لأن الشعر يهيم في كل واد، والعلم غايته نفع العباد، واشتهار العالم بالعلم خير في ميزان المواهب من اشتهاره بالشعر؛ لأن أكثر الشعراء كانوا أهل خلاعة ومجون، خلافا للعلماء؛ فإن العلم غالبا ما يهذب من طباعهم!
فأما أن يقول الشعر مرة بعد مرة؛ فذلك من مزيد فضل الله عليه، ما دام العلم هو الأصل، والشعر عارض!
وقد نظرت فإذا الشعر ضرب من الكتابة الأدبية، قليل الجدوى، لا سيما إن كان الشعر للشعر، يحلق في أودية الخيال، بعيدا عن واقع الناس، فماذا عسى يستفيد الناس من هذا اللون الأدبي سوى الإمتاع الوجداني، وبعض صور التعبير البياني؟!
لو دبج الأديب كل يوم ألف مقالة، وكتب الشاعر كل يوم ألف قصيدة، يصف كل منهما خلجات نفسه، ونبضات قلبه، وهمهمات روحه، ويزجي ذلك كله في حلة جميلة من حلل الألفاظ؛ ما كان ذلك مكافئا في الميزان مسألة واحدة من مسائل العلم، ينتفع بها الناس!
فأما الكتابة الأدبية الواقعية التي تسري فيها روح العلم والفكر، وتشع منها أنوار المعرفة، وتنزل إلى واقع الناس فتعالجه؛ فهي اللون الوحيد من هذا الفن الذي يستهويني، وأجد نفسي مشدودا إليه، مكبوبا عليه!
منقول
#منتدى_المركز_الدولى
‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗
![]( https://i.servimg.com/u/f55/15/31/63/96/ooo_oo11.gif)
![](https://i.servimg.com/u/f55/15/31/63/96/ouou_u11.gif)
![لان تكون عالما احب الى من ان تكون شاعرا بقلم ا.د محمد إبراهيم العشماوي 18839210](https://i.servimg.com/u/f34/19/66/45/74/th/18839210.jpg)