في أحكام البيوت
نذكر الآن طائفة من أحكام البيوت:
ومن أحكام البيوت: لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا [النور:27].
حكم آخر: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ [النور:29].. فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [النور:61].. وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا [البقرة:189] ولما تحرج بعض الصحابة من الأكل في بيوت أقربائهم إذا لم يكن القريب في البيت أنزل الله عز وجل في رفع الحرج: وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ [النور:61] لو كان غير موجود وأنت تعلم أنه راض أن تأكل في بيته -طبعاً بدون ما يكون في وجودك حرام مثل الخلوة- فلا بأس أن تأكل من ذلك البيت كما هو نص الآية.
استئذان الأطفال والخدم قبل الدخول
من أحكام البيوت: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ [النور:58] أولادك الصغار والخدم لا يدخلون عليك في مضجعك في غرفة النوم إلا بعد استئذانك؛ حتى لا يكون الرجل أو الزوج والزوجة في وضع لا يصلح أن يراه الأطفال، فما هي هذه العورات الثلاث؟ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ [النور:58] لأن الواحد إذا نام قد يكون متكشفاً وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ [النور:58] لأنه وقت قيلولة أيضاً وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ [النور:58] لأنه وقت النوم، فلا يدخلوا حتى يستأنوا، ولا يهجموا على المخدع وعلى البيت هجوماً على غرفة نوم الرجل مثلاً.
وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ [النور:59] أي: من الأطفال الذين من قبلهم الأجانب فيصبح الأولاد إذا بلغوا لا يدخل على أبيه وأمه حتى لو في غير هذه الأوقات الثلاث، وبعض الناس يتساهلون فتحدث تصرفات شاذة من الأطفال في البيوت، وأظنكم تعلمون وتفهمون ما أقصد.
بعض حقوق المرأة على زوجها
من الأحكام: حق المرأة على الزوج أن يطعمها إذا طعم، ويكسوها إذا كسا، ولا يهجر إلا في البيت، فلا يهجرها خارج البيت، فيتركها في البيت لوحدها، وعندما تهجر تهجر في الفراش.
ثانياً: لا يجوز إخراج المطلقة الرجعية من البيت، لابد أن تجلس معك، لا تذهب بها عند أهلها إذا طلقتها، العدة في المرأة المطلقة الرجعية في البيت حتى يتمكن الزوج من المراجعة لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ [الطلاق:1].
فوائد وأحكام أخرى في البيت
حكم آخر: لا يُؤم الرجل في سلطانه، ولا يُجلس في بيته إلا بإذنه، فلا تؤم صاحب البيت في بيته، ولا تجلس في البيت حتى تستأذنه، ولا تقم من البيت حتى تستأذنه.
إذا مات الميت في البيت فالملائكة كما في الحديث: (فإن الملائكة تؤمن على ما يقول أهل الميت).
القط في البيت إذا ولغ في الآنية قال صلى الله عليه وسلم: (السنور من أهل البيت، وإنه من الطوافين عليكم والطوافات) ولذلك لو شرب من إناء فالماء يبقى طاهراً وليس بنجس.. هذه خصوصية للقط.
بالنسبة للأضاحي: على كل أهل بيت أن يذبحوا شاة في كل رجب -كما ثبت في الصحيح- واستحباباً، وفي كل أضحى شاة، وأهل البيت هم من يعيشون في بيت واحد.
من الأحكام: من بات على ظهر بيت ليس عليه حجاب فقد برئت منه الذمة؛ لأنه قد يسقط ولا يوجد حاجز، قد يتدحرج أثناء النوم ويسقط.
والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الوحدة: أن يبيت الرجل لوحده، فعليه أن يحرص أن يكون معه أحد آخر قدر الإمكان.
كذلك: لا يجوز النظر من خلال أبواب البيوت، وإذا فقئت عين إنسان ينظر فليس لها دية.
نصائح متعلقة بسنن البيوت
ومن السنن في البيوت: اقرءوا سورة البقرة في بيوتكم؛ فإن الشيطان لا يدخل بيتاً يقرأ فيه بسورة البقرة، قال صلى الله عليه وسلم أيضاً: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر؛ إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة) (إن الله تعالى كتب كتاباً قبل أن تخلق السماوات والأرض بألفي عام وهو عند العرش، وإنه أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، ولا يقرآن في دار ثلاث ليال إلا لا يقربها الشيطان) كل يوم تقرأ هاتين الآيتين من سورة البقرة فلا يقربك الشيطان.
وأما قراءة سورة البقرة فإنه لا حد لها محدود كما أفادني به الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله وقال: كل ما استطاع أن يقرا سورة البقرة في البيت يقرأها حتى لا يدخلها الشيطان.
أذكار دخول البيت: باسم الله، والخروج من البيت: باسم الله أيضاً، وعند الأكل: باسم الله؛ وهي تحرم الشيطان من المبيت والأكل في البيت.
باسم الله توكلت على الله.. الحديث المعروف عند الخروج، وكان صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته بدأ بالسواك.
نصائح في اختيار البيت المناسب وكيفية الإنفاق
وأما بالنسبة لاختيار البيت.. فلا بد أن يكون في بيتك مميزات:
أن يكون بجانب مسجد، وهذا شيء ضروري، ولا يكون في عمارة فيها فساق أو مجمعات سكنية لشركات فيها كفار، لا يكون فيه كشف، ولو حصل فلا بد من ستر الجدران، وتعلية السور، وستر النوافذ.
تصميم البيت من الداخل بحيث يكون هناك مدخل للرجال ومدخل للنساء، ويكون مهيئاً لعدم الاختلاط، صالات البيوت منفصلة، فلا يمر بعضهم على بعض، تكون الحمامات -المراحيض وبيت الخلاء- في وضع غير مستقبل القبلة.
كذلك إذا استطعت أن تهيئ مسكناً واسعاً كما قال عليه الصلاة والسلام: (أربع من السعادة وذكر منها: المسكن الواسع) وقال: (أربع من الشقاء وذكر منها المسكن الضيق)، والله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده.
اختيار الجيران مهم، والجار قبل الدار، قال صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة، فإن جار الباب يتحول) لو ذهبت إلى مكان ما ووضعت خيمة، وكان بجانبك ناس أهل طبل ومزمار سيغادرون بعد يوم أو يومين، أو ستغادر أو تنتقل أنت فذلك يهون، لكن المصيبة لو أن سكنك بجوار فساق فماذا يحولهم؟ وهذا ما جعل بعض المخلصين يفكرون جدياً في السكن في عمارات يستأجرها هو ومجموعة من الطيبين حتى يحفظ بعضهم بعضاً.
الاهتمام بالإنفاق على البيت في الأشياء الضرورية، توفير وسائل الراحة في البيت، بعضهم يهمل بيته ترتع فيه الحشرات، وتسير فيه البلاعات، ويمتلئ البيت بالأثاث المحطم والفاسد، والقمامة تفوح رائحتها، فلابد من الاعتناء بالبيت وجعله مكاناً للراحة، ولابد من التفريق بين الأشياء الحاجية والأشياء التبذيرية، هناك حاجات مثل المواد العازلة للحرارة؛ هذه حاجية حتى لو أنفقت فيها، لكن تزويق البيوت من الأشياء المنهي عنها، نهي أن يدخل البيت المزوق، وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى لم يأمرنا فيما رزقنا أن نكسو الحجارة واللبن والطين) (ونهى صلى الله عليه وسلم أن تستر الجدر) حديث حسن مرسل، وهذا من عمل الكفار قالوا: أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ [الإسراء:93].. وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [الزخرف:33-35] (ستفتح عليكم الدنيا حتى تنجدوا بيوتكم كما تنجد الكعبة، فأنتم اليوم خير من يومئذ)حديث صحيح، وفي صحيح البخاري أن أبا أيوب دعاه ابن عمر على وليمة عرس، فرأى في البيت ستراً على الجدران -كما هو الآن في بعض البيوت من سجاجيد على الجدران- فعاتب أبو أيوب ابن عمر ، فقال ابن عمر : غلبنا عليه النساء؛ يعتذر إليه أن هذا من عمل النساء، فقال أبو أيوب : [من كنت أخشى عليه فلم أكن أخشى عليك] إذا خشيت على أحد من النساء لكن أنت ما أخشى عليك، فكيف تقول هذا الكلام؟
وأخرج أحمد في كتاب الزهد أن ابن عمر أتى رجلاً في بيته وقد ستر بالكرور -هذه الأغطية والسجاجيد والأشياء على الحيطان- فقال ابن عمر : يا فلان.. متى تحولت الكعبة إلى بيتك؟ ثم قال لنفر معهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: ليهتك كل رجل ما يليه.
ستر الجدران قال عنه بعض العلماء: حرام، وقال بعضهم: مكروه؛ لماذا؟ لأنه من التبذير، وهذه الأشياء والتحف المملوءة بها البيوت.
وختاماً: فإن العناية بأحوال البيت مهمة، كان صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهل بيته نفث عليه المعوذات، وكان يأمر للمريض بالحساء والتلبينة، ويهتم بصحة الأولاد، والاهتمام بالتغذية في البيت، (بيت لا تمر فيه جياع أهله)، الحرص على الأشياء الصحية: (خمروا الآنية، أوكئوا الأسقية، أجيفوا الأبواب، وأطفئوا المصابيح) وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون) هذه أيضاً من الاهتمام بالأشياء التي في البيت، كل ما فيه ضرر وأذى لابد من إزالته قبل النوم.
هذه جوانب ولمحات -أيها الإخوة- من الوسائل والنصائح التي نعالج بها بيوتنا، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وممن صلحت بيوتهم وذراريهم ونساؤهم وأهلوهم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
https://audio.islamweb.net/AUDIO/index.php?page=FullContent&audioid=100707