سَـامَة بن زَيــْد*
(())
ولمّا بلغَ أسامةُ بن زيدٍ أشُدَّهُ بدا عليه من كريم الشمائـلِ وجَلِيلِ الخَصَائِـلِ ، ما يجعلُهُ جديراً بحبِّ النبي ﷺ
فقد كان ذكياً حادّ الذّكـاء ، شُجـاعاً خارق الشجاعة ، حيكماً يضعُ الأمورَ في مواضِعها ، عفيفاً يأنفُ الدّنايـا ، آلفـاً مألوفـاً يُحِبُّه النّاس ، تقيـاً ورعـاً يُحِبُّه الله.
ففي يومِ أُحـُدٍ جاء أسـامةُ بن زيدٍ مع نفرٍ من صبيـانِ الصحابة يُريدون الجهـاد في سبيل الله ، فأخذ الرسول ﷺ منهم من أخذ ، وردَّ منهم من ردَّ لِصغرِ أعمارهم ، فكان في جملة المردودين أسامةُ بن زيد *فتولى وعينـاه الصغيرتان تفيضـانِ من الدَّمعِ حزنـاً ألا يجـاهد تحت رايـة رسول الله ﷺ.*
وفي غزوة الخندق جاء أسامة بن زيد أيضاً ومعه فتيـانٌ من الصحابة ، وجعل يَشَُدُّ قـامته لأعلى لِيُجيزَه رسول الله ﷺ ، فرّق له النبي ﷺ وأجـازه فحمل السيف مجاهداً في سبيل الله وهو ابن خمس عشرة سنة.
وفي غزوة مؤتة كان أسامة يُقاتل مع أبيه *زيد بن حـارثة* وتحت لواءه وكان وقتهـا لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره ، وهناك وعلى أرض الشرف رأى بعينيـه مصرع أبيه وقد شاط في رماحِ القوم فقُتِل شهيداً ،
وعلى الرغم من ذلك لم يضعف ولم يتكاسل لحظةً واحدةً عن أداء واجبه ، فقاتل تحت لواء جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه حتى استشهد ثم قاتل تحت لواء عبدالله بن رواحة حتى استشهد ، ثم قاتل تحت لواء سيف الله خالد بن الوليد رضي الله عنه
فاستطاع خالد بن الوليد أن يضع خَُطة رائعة للإنسحاب من أرض المعركة ، فاستنقذ الجيش المسلم من براثن الروم الذين كان عددهم في تلك المعركة يفوق المائتي ألف مقاتل.
وعاد أسـامة إلى المدينة وقد إحتسب أبـاه عند الله تعالى وترك جسده الطـاهر على أرض المعركة.
قال ابن مسعودٍ ـ رضي الله عنه ـ لمّا قُتِلَ زيدُ بن حارثة أبطأ أسامة عن النبي ﷺ فلم يـَأتِهِ ، ثم جاءه بعد ذلك فقام بين يدي النبي ﷺ فدمعتْ عينـاه ، فبكى رسول الله ﷺ فلمّا نزفتْ عبرته قال النبي ﷺ :
*"لِمَ أبطـأت عنّا ثم جئـت تُحزننـا..??*
قال : فلمّا كان الغد جـاءه فلمّا رآه النبي ﷺ مُقبلاً قال :
*"إنّي للاقٍ منك اليوم ما لقيتُ منك أمس"* ، فلمّا دنا دمعتّ عينـه فبكى رسول الله ﷺ.
هكذا عاش أسامةُ الحِـبُّ رضي الله عنه بداية شبابه وزهرةَ أيـامه ، فمن معركةٍ إلى معركة ، ومن غزوةٍ إلى أختهـا
فكان *الشباب في جيـلِ خير القُرُون* يُعَلمُون هذه المعاني الإيمـانية العميقة ، البـذلُ والتضحية والوفـاء من أجل الديـن
فينشأ الواحد منهم وقد إمتلأ قلبُه حُبّاً لدين الله وتعظيماً لرسول الله ﷺ ،
ودُونكم ما حدث يوم بدر لمّا قَتَل *معـاذ بن عمرو ومُعَـوِّذ بن عفـراء* أبوجهل بن هشام رأسُ الكفر وفرعونُ هذه الأمّة ، وذلك لمّا سَمِعـا بأنه يَسُبُّ رسول الله ﷺ.
ودونكم *الزّبير بن العـوام* وهو غلامٌ صغير في مكة ، لمّا سَرَتْ شائعةٌ في مكة أنّ رسول الله ﷺ قتله كفـارُ قريش
أخذ سيفاً وخرج به يَجُرُه في طرقاتِ مكة ، ويداه الصغيرتان لا تستطيعان أن ترفعا السيف
يفعل ذلك حُبـَّاً وغضبـاً لرسول الله ﷺ.
هكذا كان يُربّى شبابُ الأمّة ويُصقلون ، فكم نحتاج نحن لغرسِ هذه القيم الجميلة في قلوبنا و قلوب شباب الأمّة اليوم.
نحتاجُ أن نُذَكرهم بشباب هذه الأمّة الأمـاجد وأن نربيهم على حُبّ الإسلام وعلى حُبِّ وتعظيم النبي ﷺ .
وفي يومِ حُنين لمّا فَرَّ الناسُ وباغتهم العدّو كان أسامة بن زيد واحداً من الذين ثبتـوا حول النبي ﷺ.
عن جابر بن عبدالله قال : لمّا استقبلنا وادي حُنين انحدرنا في وادٍ من أوديةِ تُهامة أجوف حَطُوط ، إنّما ننحدرُ فيه إنحداراً
قال : وفي عَمـاية الصبح ، وكان القوم قد سبقونا إلى الوادي ، فكمنوا في شعابه وأحنائه ومضايقه ، وقد أجمعوا وتهيئوا وأعدوا ،
فوالله ما راعنا ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدُّوا علينا شدة رجلٍ واحد ، وانشمر النّاسُ راجعين ، لا يلوي أحـدٌ على أحد.
وانحاز رسول الله ﷺ ذات اليمين ، ثم قال : *"أين الناس? هلموا إليَّ ، أنا رسول الله ، أنا محمد بن عبدالله"*
قال : فلا شيء ، حملتْ الإبلُ بعضها علي بعض فانطلق الناس إلا أنه بقي مع رسول الله ﷺ نَفرُ من المهاجرين والأنصار وأهل بيته.
*وفيمن ثبت معه من المهاجرين :* أبوبكرٍ وعمر
*ومن أهل بيتـه :* عليّ بن أبي طالب ، والعباس بن عبدالمطلب ، وأبوسفيان بن الحارث وابنـه ، والفضلُ بن العباس ، وربيعة بن الحارث
*وأسامة بن زيـد وأيمن بن عُبيد ـ ابن أمّ أيمن ـ وأخ أسامة لأُمّه ومات يومئذ.*
الحمدلله.رب العالمين.....واخردعواناإن الحمدلله رب العالمين
[/b][/color][/center][/size]