منتدي المركز الدولى


الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Ououou11

۩۞۩ منتدي المركز الدولى۩۞۩
ترحب بكم
الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word 1110
الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Emoji-10
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول
ونحيطكم علما ان هذا المنتدى مجانى من أجلك أنت
فلا تتردد وسارع بالتسجيل و الهدف من إنشاء هذا المنتدى هو تبادل الخبرات والمعرفة المختلفة فى مناحى الحياة
أعوذ بالله من علم لاينفع شارك برد
أو أبتسانه ولاتأخذ ولا تعطى
اللهم أجعل هذا العمل فى ميزان حسناتنا
يوم العرض عليك ، لا إله إلا الله محمد رسول الله.
شكرا لكم جميعا الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word 61s4t410
۩۞۩ ::ادارة
منتدي المركز الدولى ::۩۞۩
منتدي المركز الدولى


الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Ououou11

۩۞۩ منتدي المركز الدولى۩۞۩
ترحب بكم
الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word 1110
الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Emoji-10
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول
ونحيطكم علما ان هذا المنتدى مجانى من أجلك أنت
فلا تتردد وسارع بالتسجيل و الهدف من إنشاء هذا المنتدى هو تبادل الخبرات والمعرفة المختلفة فى مناحى الحياة
أعوذ بالله من علم لاينفع شارك برد
أو أبتسانه ولاتأخذ ولا تعطى
اللهم أجعل هذا العمل فى ميزان حسناتنا
يوم العرض عليك ، لا إله إلا الله محمد رسول الله.
شكرا لكم جميعا الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word 61s4t410
۩۞۩ ::ادارة
منتدي المركز الدولى ::۩۞۩
منتدي المركز الدولى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدي المركز الدولى،منتدي مختص بتقديم ونشر كل ما هو جديد وهادف لجميع مستخدمي الإنترنت فى كل مكان
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
Awesome Orange 
Sharp Pointer
منتدى المركز الدولى يرحب بكم أجمل الترحيب و يتمنى لك اسعد الاوقات فى هذا الصرح الثقافى

اللهم يا الله إجعلنا لك كما تريد وكن لنا يا الله فوق ما نريد واعنا يارب العالمين ان نفهم مرادك من كل لحظة مرت علينا أو ستمر علينا يا الله

 

 الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عاشور عبد المبدى
مراقبة
مراقبة
عاشور عبد المبدى


عدد المساهمات : 21
تاريخ التسجيل : 11/10/2020

الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Empty
مُساهمةموضوع: الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word   الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Icon_minitime1الثلاثاء 9 مارس - 10:00


الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word
الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word

الكتاب: الداء والدواء
المؤلف: أبو عبدالله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
الناشر: دار عالم الفوائد - مكة المكرمة
الطبعة: الأولى، 1429 هـ
عدد الأجزاء: 1

الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Rar الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد.rar‏ (344.9 كيلوبايت, )





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشور عبد المبدى
مراقبة
مراقبة
عاشور عبد المبدى


عدد المساهمات : 21
تاريخ التسجيل : 11/10/2020

الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Empty
مُساهمةموضوع: رد: الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word   الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Icon_minitime1الثلاثاء 9 مارس - 10:03



الكتاب: الداء والدواء
المؤلف: أبو عبدالله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
الناشر: دار عالم الفوائد - مكة المكرمة
الطبعة: الأولى، 1429 هـ
عدد الأجزاء: 1
مشروع آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (17)
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
أثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (17)
الداء والدواء

تأليف: الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر ايوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
إشراف: بكر بن عبد الله أبو زيد
تمويل: مؤسسة سليمان بن عبد العزيز الراجحي الخيرية

دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
(المقدمة/1)
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
(المقدمة/2)
________________________________________
مؤسسة سليمان بن عبد العزيز الراجحى الخيرية
SULAMIAN BIN ABUL AZIZ AL RAJHI CHARITABLE FOUNDATION
حقوق الطبع محفوظة
لمؤسسة سليمان بن عبد العزيز الراجحى الخيرية
الطبعة الأولى 1429 هـ
دَ ار عَالما الفوَائد للٍنّشْر والتَوزيْع
مكة المكرمة ص. ب 2928 هالف 5505305 فاكس 5542309
الصف والإخرج دار عالم الفؤائد للِنّشْر والتَوزيع
(المقدمة/3)
________________________________________
رَاجَعَ هَذا الجزء
سليمان بن عبد الله العميد
علي بن محمّد العمران
(المقدمة/4)
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة التحقيق
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله نبيّنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد فإنّ هذا الكتاب الذي اشتهر بعنوان "الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي"، وطبع مرّات باسم "الداء والدواء"، من أنفع الكتب في تهذيب النفوس، واستثارتها للكفّ عن المعاصي والتوبة النصوح.
وقد أُفرِد لمعالجة مرض من أخطر أمراض القلوب، "مخالف لسائر الأمراض في ذاته وأسبابه وعلاجه، وإذا تمكّن واستحكم عزّ على الأطبّاء دواؤه، وأعيا العليلَ داؤه". وهو مرض العشق الذي قال فيه
الشاعر:
الحبُّ داءٌ عُضالٌ لا دواءَ له ... يَحارُ فيه الأطبّاءُ النَّحاريرُ
قدكنتُ أحسَب أنّ العاشقين غَلَوا ... في وصفه فإذا بالقوم تقصيرُ
ومؤلّفه رحمه الله من أطبّاء القلوب البارعين الذين لا يرجعون في مداواتهم لأمراض القلوب إلى حكماء اليونان، وإنّما يصدرون عن كتاب الله الحكيم، الذي فيه هدى وموعظة وشفاء لما في الصدور، وسنّةِ
رسول الله الذي إنّما بُعِث لتعليم الناسِ الكتابَ والحكمةَ، وإصلاح عقيدتهم وسلوكهم، وتزكية نفوسهم، وهدايتهم لمراشد الأمور، فكانت الجماعة التي تخرّجت على يديه خير أمّة أخرجت للناس، لم يُعرف في التاريخ البشري لها نظير.
(المقدمة/5)
________________________________________
وكان أصل الكتاب استفتاء ورد على المؤلف، فسئل عن رجل ابتلي ببلية إن استمرّت به أفسدت دنياه واَخرته، وقد اجتهد في دفعها عن نفسه بكل طريق، فما تزداد إلاّ توقدًا وشدّةً. ونظر المجيب إلى الحالة المستعصية، وعموم البلوى، فرأى أنّ التفصيل أولى في هذا المقام من الإيجاز، ومقتضى النصح للسائل والشفقة عليه وعلى أمثاله أن يستوعب القول في أسباب المرض وعواقبه الوخيمة، وأن يرشد إلى طرق الوقاية وسبل الخلاص. فكتب فصولًا نفيسة في الدعاء وشروط قبوله والأسباب المانعة من ترتّب أثره، وفي الفرق بين حسن الظنّ بالله والاغترار برحمته، وفي أضرار المعاصي واَثارها في حياة الأفراد والأمم وعقوباتها في الدنيا والآخرة، وحقيقة التعبد لله والإشراك به، والسرّ في كون الشرك لا يغفر من سائر الذنوب، ومضادّة عشق الصور للتوحيد، ومفاسده الأخرى العاجلة والاَجلة، وهكذا أصبح الجواب عن ذلك السؤال كتابًا مفصلًا.
ولئن كان المجتمع الذي عاش فيه المؤلف رحمه الله بحاجة إلى هذا الكتاب، على ما فيه من تمسّك بالدين ومحافظة على الأخلاق والآداب = إن مجتمعاتنا إليه لأحوج، إذ صارت تمور بأسباب الفساد، بعد ما نجح الغواة في كثير من البلدان الإِسلامية في استدراج المرأة المسلمة تحت شعارات خادعة إلى نزع الحجاب والاختلاط بالرجال فصار المعروف منكرًا، والمنكر معروفًا. ثم تفنّن إخوان الشياطين في
إيجاد وسائل جديدة لإثارة الغريزة الجنسية وإشاعة الفاحشة في الذين اَمنوا، فقد علموا أنّ الانحلال الخلقي هو أقرب طريق إلى تدمير الأمّة، والله المستعان.
وقد صدر الكتاب قديمًا في الهند سنة 1357 هـ، ثم طبع في مصر،
(المقدمة/6)
________________________________________
وتوالت بعد ذلك طبعاته. وكان منها طبعة الشيخ محمَّد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله، الذي اعتمد فيها على نسخة خطّية من القرن الثالث عشر. ثم صدرت طبعات أخر، اعتمد في كل منها -زعموا- على نسخة واحدة متأخرة أو غير صالحة للاعتماد عليها. وقد بذل أصحابها جهدًا مشكورًا في تصحيحها وتخريج أحاديثها وحسن إخراجها، غير أنّها جميعًا لم يتبع فيها المنهج العلمي المعروف في تحقيق النصوص.
أما هذه الطبعة التي بين أيديكم، فهي صادرة عن أربع نسخ خطيّة من القرن الثامن، وقد كتبت إحداها بعد وفاة المؤلف رحمه الله بتسع عشرة سنة، مع الاستئناس بنسختين من القرن الثاني عشر. وقد عني فيها بتحرير متن الكتاب عناية بالغة، بالإضافة إلى التوثيق والتخريج والفهارس الوافية المتنوعة.
وقد أعددت دراسة للكتاب تشتمل على توثيق نسبة الكتاب، وتحقيق عنوانه، وتحليل مباحثه، وتفصيل موارده، ووصف النسخ المعتمدة في هذه الطبعة، والمنهج الذي أَتبع في إعدادها.
وبعد، فإني أحمد الله عَزَّ وَجَلَّ على أن وفّق لإخراج هذه النشرة العلمية من الكتاب، وهو المسؤول أن يتقبل هذا العمل، وينفع به، ويبارك فيه. ورضي الله عن مؤلفه الإِمام ابن قيم الجوزية، وأعلى درجاته في جنّات النعيم. وصلى الله وسلّم على عبده ورسوله نبينا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
محمد أجمل أيوب الإصلاحي الرياض
9 جمادى الأولى 1428 هـ
(المقدمة/7)
________________________________________
توثيق نسبة الكتاب
ذكر المترجمون لابن القيم رحمه الله هذا الكتاب ضمن مؤلفاته، وأولهم تلميذه الحافظ ابن رجب رحمه الله (1)، ثم شمس الدين الداوودي (2)، وحاجي خليفة (3)، وابن العماد (4)، والشوكاني (5)،
وغيرهم (6). ولمّا كان الكتاب في أصله جوابًا عن استفتاء ورد على المؤلف، نُصّ على اسمه في بداية الكتاب في جميع النسخ الخطّية.
وقد وقفت على نسخة منه عليها ختم "الخزانة الحجازيّة" لفؤاد سليم الحجازي (7)، كتب بعضهم في صفحة عنوانها: "كتاب الداء والدواء لابن الجوزي"، ولكنه خلط ظاهر بلا شكّ بين مؤلف الكتاب "ابن قيم الجوزية"، و"ابن الجوزي" (Cool. وهو ناشئ هنا من جهل أو غفلة، فإنّ اسم المؤلف مع نعوته وألقابه ثابت في فاتحة هذه النسخة أيضًا مثل غيرها.
والدلائل على صحة نسبة الكتاب إلى الإِمام ابن القيم رحمه الله
__________
(1) الذيل على طبقات الحنابلة (5/ 175).
(2) طبقات المفسرين (2/ 93).
(3) كشف الظنون (728، 1417).
(4) شذرات الذهب (3/ 170).
(5) البدر الطالع (2/ 144).
(6) انظر: ابن قيم الجوزية للشيخ بكر أبو زيد (244).
(7) هي محفوظة في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإِسلامية (الرياض) برقم 11540.
(Cool وقد أدّى هذا الخلط أحياناً إلى نسبة بعض مؤلفات ابن الجوزي إلى ابن القيم.
انظر: ابن قيم الجوزية (27).
(المقدمة/Cool
________________________________________
بادية في صفحاته: في مباحثه ومواقفه ومنهجه وأسلوبه وغير ذلك.
وأشير هنا إلى أظهرها:
1) أحال فيه المؤلف على بعض كتبه مصرّحًا باسمه أو مشيرًا إليه.
فأحال في موضعين على كتابه "أيمان القرآن"، وهو المطبوع بعنوان "التبيان في أقسام القرآن". قال في الموضع الأول (ص 83): "ولو تأمّل العبد حقّ التأمّل لكان كلّ ما يبصره وما لا يبصره دليلًا
على التوحيد والنبوة والمعاد وأن القرآن كلامه. وقد ذكرنا وجه الاستدلال بذلك في كتاب (أيمان القرآن) عند قوله {فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [الحاقة: 38 - 40]. وذكرنا طرفًا من ذلك عند قوله: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)} [الذاريات: 21] .... ".
وهذا المبحث موجود في كتاب التبيان (ص 109، 190).
وأورد في الموضع الآخر الآيات التي أقسم الله فيها بطوائف الملائكة المنفّذين لأمره في الخليقة، ثم قال: "وقد ذكرنا معنى ذلك وسرّ الإقسام به في كتاب (أيمان القرآن) " (ص 469). وهذا البحث أيضًا
موجود في الكتاب المطبوع (ص 83، 89، 258).
وذكر في موضع آخر أن الشيخ أبا الحسن الأشعري رحمه الله قد استدلّ في كتبه على المعطّلة بقوله تعالى: {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا} [غافر: 36]، ثم قال: "قد ذكرنا لفظه في غير هذا الكتاب" (ص 330). وقد نقل ابن القيم لفظ الأشعري في كتابه "اجتماع الجيوش الإِسلامية" (ص 295)، ثم في "الصواعق المرسلة" (1244).
2) نقل في عدّة مواضع كلام شيخه شيخ الإِسلام ابن تيمية كما
(المقدمة/9)
________________________________________
سيأتي.
3) كلام المؤلف على بعض المسائل في هذا الكتاب تراه بنصّه أو بلفظ قريب منه في مؤلفاته الأخرى. ومن ذلك قوله: "وهذا في القرآن يزيد على ألف موضع" (ص 31). يعني ترتيب الله سبحانه في كتابه
حصول الخيرات والشرور في الدنيا والآخرة على الأعمال، كترتيب الجزاء على الشرط، والمعلول على العلّة، والمسبّب على السبب. وإذا رجعت إلى كتابه مفتاح دار السعادة (1/ 363) وجدته يقول: "ولو كان هذا في القرآن والسنة في نحو مائة موضع أو مائتين لسُقناها، ولكنه يزيد على ألف موضع بطرق متنوعة".
ومن ذلك أنه ذكر مسألة في التوبة، وهي أن التائب هل يعود بعد التوبة إلى درجته التي كان فيها أو لا يعود، ثم حكى قول شيخ الإِسلام بأن من التائبين من يعود إلى أرفع من درجته، ومنهم من يعود إلى مثل درجته، ومنهم من لا يصل إلى درجته (ص 207). وقد تكلم المؤلف على هذه المسألة في مدارج السالكين (1/ 368)، وأفاض القول فيها في طريق الهجرتين (ص 556 - 545)، ونقل قول شيخ الإِسلام في الكتابين.
ومن ذلك أيضًا قوله: إنّ ما في قصة يوسف عليه السلام من الفوائد والعبر والحكم يزيد على ألف فائدة (ص 487)، وقال نحوه في شفاء العليل (ص 224). ثم وجوه الابتلاء التي فصّلها هنا ذكر جملةً منها في مدارج السالكين (2/ 156)، وطريق الهجرتين (496)، وروضة المحبين (449). وصرّح في المدارج أنها مما سمعه من شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله.
(المقدمة/10)
________________________________________
ومن ذلك كلام المصنّف على حديث "مَن عشِق فكتَمَ وعَفَّ وصَبَر فماتَ، فهو شهيدٌ" (ص 568)، ونجد الكلام بعينه في زاد المعاد (4/ 275)، وروضة المحبين (ص 287).
4) حكى المؤلف عن نفسه أنّه مكث مرّةً بمكّة، تعتريه الأمراض، ولا يجد طبيبًا، فكان يعالج نفسه بسورة الفاتحة (ص Cool. وقد حكى مثله في زاد المعاد (4/ 178)، ومدارج السالكين (1/ 57 - 58).
(المقدمة/11)
________________________________________
عنوان الكتاب
أول ما طبع هذا الكتاب في الهند سنة 1357 هـ بعنوان "الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي"، ثم طبع في القاهرة طبعتين مختلفتين بالعنوان نفسه، فاشتهر هذا العنوان. ولعل أول طبعة خالفته هي التي أخرجها الشيخ محمَّد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله سنة 1377 هـ في القاهرة بعنوان "الداء والدواء". ولكن في العام نفسه صدرت في القاهرة أيضًا طبعة أخرى عني بها الشيخ محمود عبد الوهاب فايد رحمه الله بالعنوان الأول. وقد ألِفَ الناس هذا العنوان، ولعلّهم أعجبوا به لما فيه من السجع السهل، فوسمت به معظم الطبعات التي صدرت من هذا الكتاب. فهل كلا العنوانين صواب، أو أحدهما أرجح من الآخر؟
لم يسمّ المؤلف كتابه في مقدّمته، بل ليس فيه مقدّمة أصلاً، إذ أخذ المؤلف في الإجابة عن السؤال الذي ورد عليه رأسًا حسب طريقة المفتين؛ ولا أشار إليه في كتبه الأخرى (1). ولكنّ أقدم من ذكره من مؤلفاته -وهو تلميذه الحافظ ابن رجب رحمه الله- سماه "الداء والدواء"، وكذا من اعتمد عليه كالداوودي وابن العماد وغيرهما.
والشوكاني أيضًا ذكره بهذا العنوان مع أنّه لم يصدر فيما يبدو عن ذيل طبقات الحنابلة.
وبين يديّ ثلاث نسخ من الكتاب، كلّها نسخت في حياة الحافظ ابن رجب (736 - 795)، وأقدمها نسخة الإسكوريال المكتوبة سنة
__________
(1) ابن قيم الجوزية (ص 244).
(المقدمة/12)
________________________________________
770 هـ، والثانية مؤرخّة في سنة 785 هـ، والثالثة كتبت قبل سنة 791 هـ، وهذه كلها متفقة على عنوان "الداء والدواء". وقد اطلعت على نسخ متأخرة أيضًا بهذا العنوان من القرنين الثاني عشر والثالث عشر (1).
أما العنوان الآخر "الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي"، فقد ذكره حاجي خليفة المتوفى سنة 1067 هـ، ثم نقل أول الكتاب، وأثنى عليه (2). وهذا دليل على أنه وقف على نسخة منه بهذا العنوان.
وقد ورد العنوان الأول أيضًا في كتابه (3)، ولكنه مأخوذ من ذيل طبقات الحنابلة أو غيره من كتب التراجم، فإن حاجي خليفة لو وقف على نسخة بهذا العنوان لنقل منها بداية الكتاب، وتبيّن له أنّه الكتاب السابق نفسه الذي ذكره بعنوان "الجواب الكافي ... " (4).
وعندي صورة من نسخة محفوظة في مكتبة جامعة ييل، وقدّر واضع فهرسها أنها من القرن الثامن، وعنوانها: "كتاب الجواب الكافي في سؤال الدواء الشافي" كذا، والظاهر أنه ليس بخط كاتب النسخة،
ولكن لا أدري أهذه صورة محرّفة من العنوان المشهور الذي ثبت من قبل في بعض النسخ، أم هي الصيغة البدائية التي تطوّرت بعد تحسينها إلى
__________
(1) في مكتبة خدابخش (الهند) نسخة من الكتاب يظهر أنها من القرن الثالث عشر، وسمت بالعنوانين كليهما، فلا يعتدّ بها.
(2) كشف الظنون (ص 608).
(3) كشف الظنون (ص 278، 1417).
(4) ومن هنا ذكر صاحب هدية العارفين (2/ 158) العنوانين في ترجمة ابن القيم، وبعض من اعتمد عليه، فعدّهما كتابين. انظر: ابن قيم الجوزية (ص 245).
(المقدمة/13)
________________________________________
الصيغة المعروفة (1).
مهما يكن الأمر، فقد تبين مما سبق أن العنوان الأول -وهو الداء والدواء- أحقّ بالترجيح. يقول الشيخ بكر أبو زيد: "وهما اسمان وضعا لمسمّى واحد، وهو جواب لسؤال ورد عليه، والمناسبة لكل واحد من الاسمين ظاهرة، لكنها بهذا الاسم "الداء والدواء" أظهر، فإنه استهلّ جواب السؤال بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أنزل الله من داء إلاّ أنزل الله له شفاء" وأحاديث نحوه. وقال أيضًا في أثناء الكتاب: "فلنرجع إلى ما كنّا فيه من ذكر دواء الداء" (2).
وزد على ما ذكره الشيخ النصوص الآتية من الكتاب:
- "وهل مع ذلك كله من دواء لهذا الداء العضال ... " (413).
- "ولعل هذا هو المقصود بالسؤال الذي وقع عليه الاستفتاء، والداء الذي طلب له الدواء" (414).
- "والكلام في دواء هذا الداء" (415).
- "ودواء هذا الداء القتّال" (490).
- "ودواء هذا الداء الدويّ" (566).
هذه النصوص، وما سبق من أن الحافظ ابن رجب وغيره ممن ترجم
__________
(1) الجدير بالذكر أن الشوكاني ذكر رسالة للمؤلف بعنوان "الجواب الشافي لمن سأل عن ثمرة الدعاء إذا كان ما قد قُدر واقع". انظر: البدر الطالع (2/ 144).
وهو شبيه بعنوان "الجواب الكافي لمن سأل ... ". وانظر ما علّقت على النص في ص (26).
(2) ابن قيم الجوزية (ص 245).
(المقدمة/14)
________________________________________
للمؤلف إنما ذكره بعنوان "الداء والدواء"، وأنه هو الوارد في مخطوطات الكتاب لا سيما القريبة من زمن المؤلف = كل ذلك يرجّح هذا العنوان على غيره.
هذا، وفي مكتبة الأوقاف ببغداد نسخة من الكتاب، تاريخ نسخها سنة 1100 هـ، وكان مكتوباً في صفحة عنوانها: "هذا كتاب دواء الداء"، فكتب بعضهم فوقه بخط مختلف: "هذا دواء القلوب"، ثم
ضرب شخص آخر على العبارة السابقة، وكتب بجانبها: "دواء القلوب"، وقيّد الكتاب في المكتبة بهذا العنوان في فنّ التصوف، وهكذا سمّاه الأستاذ عبد الله الجبوري في فهرس مكتبة الأوقاف (1).
والظاهر أن الورقة الأولى التي كان فيها عنوان الكتاب واسم المؤلف قد ضاعت من الأصل، فتتبع بعض من قرأ النسخة عبارات المصنّف التى سُقناها اَنفَا كقوله: "فلنرجع إلى ما كنّا فيه من ذكر (دواء
الداء) "، فكتب: "هذا كتاب دواء الداء"، وكان الرجل مصيبَا في استنباطه، غير بعيد عن العنوان الصحيح. ولمّا رأى بعضهم أنّ هذا العنوان يوهم أنّ الكتاب في طبّ الأبدان، نبّه على موضوعه بقوله: "إن هذا دواء القلوب"، وذلك أيضًا واقع في حاقّ الصواب. أما الذي أفسد الأمر فهو ثالثهم الذي توهّم أن "دواء القلوب" في العبارة السابقة هو عنوان الكتاب، فأثبته بجانبها بعد ما ضرب عليها ضربات! أما الأستاذ عبد الله الجبوري الذي فهرس النسخة، وأثبت بدايتها وخاتمتها، ثم نقل عن معجم المطبوعات لسركيس أن الكتاب مطبوع في
__________
(1) (2/ 369).
(المقدمة/15)
________________________________________
القاهرة ة فلا شك أنه اكتشف أن هذا الكتاب هو "الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي"،؛ لأنّ معجم سركيس لم يرد فيه عنوان "دواء القلوب" البتّة، لا في مصنفات ابن القيم ولا غيره، وإنما ذكر هو "الجواب الكافي ... " مع الإشارة إلى طبعته الصادرة في مصر عام 1954 م، فكان حريًّا بالأستاذ الجبوري أن يصرّح في الفهرس بأنّ هذه النسخة الموسومة بـ "دواء القلوب" هي لكتاب ابن القيم المطبوع بعنوان "الجواب الكافي ... " أو "الداء والدواء"، مشيرًا إلى ما حصل في صفحة عنوانها من تغيير. ولكن فاته ذلك، فالتبس الأمر بعض الالتباس (1).
__________
(1) انظر: ابن قيم الجوزية (ص 247).
(المقدمة/16)
________________________________________
موضوع الكتاب
الكتاب جواب عن استفتاء ورد على المؤلف رحمه الله، ونصّه: "ما تقول السادة العلماء أئمة الدين -رضي الله عنهم أجمعين- في رجل ابتلي ببلية، وعلم أنّها إن استمرّت به أفسدت عليه دنياه وآخرته، وقد اجتهد في دفعها عن نفسه بكل طريق، فما تزداد إلاّ توقّدًا وشدّةً؛ فما الحيلة في دفعها؟ وما الطريق إلى كشفها؟ ".
لم يفصح السائل عن نوع البلية كما ترى، والمؤلف رحمه الله أيضًا قد شرع في الإجابة دون أن يسمّيها، وكتب فصولاً في الدعاء وآثار المعاصي وعقوباتها القدرية والشرعية، وذكر كبائر الذنوب، ومنها الشرك وقتل النفس، ثم بيّن عظم مفسدة الزنى واللواط. فلما وصل إلى هذا الموضع قال:
"فإن قيل: وهل مع ذلك كله من دواء لهذا الداء العضال، ورقية لهذا السحر القتّال؟ وما الاحتيال لدفع هذا الخبال؟ ... وهل يملك العاشق قلبه، والعشق قد وصل إلى سويدائه؟ ... ولعل هذا هو
المقصود بالسؤال الذي وقع عليه الاستفتاء، والداء الذي طلب له الدواء" (413 - 414).
ثم ردّ على السؤال قائلاً: "قيل: نعم، الجواب من رأس (وما أنزل الله سبحانه من داء إلا أنزل له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله) ". ثم تكلّم على علاج هذا الداء من طريقين أحدهما: حسم مادته قبل حصولها، والثاني: قلعها بعد نزولها.
وختم الجواب ببيان ما في عشق الصور من المفاسد العاجلة
(المقدمة/17)
________________________________________
والاَجلة، وذكر أن الله سبحانه إنما حكى هذا المرض في كتابه عن طائفتين من الناس، وهما قوم لوط والنساء، ثم قال: "وهذا داء أعيا الأطبّاءَ دواؤه، وعزّ عليهم شفاؤه. وهو لعمر الله- الداء العضال، والسمّ القتّال ... " (491).
وتبيّن من هذا أنّ الاستفتاء الذي ورد على المؤلف كان عن داء العشق: كيف يمكن مداواته وإنقاذ صاحبه مما ابتلي به من تباريحه؟ ولفظ الاستفتاء يدلّ على أن السؤال عن مرض حاصل لا عن متوقع،
فكان للمؤلف أن يقتصر على بيان الطرق المفضية إلى الخلاص منه، كما فعل في الفصل المحكم الذي كتبه في زاد المعاد بعنوان "فصل في هديه - صلى الله عليه وسلم - في علاج العشق". استهلّه بقوله:
"هذا مرض من أمراض القلب، مخالف لسائر الأمراض في ذاته وأسبابه، وعلاجه، وإذا تمكن واستحكم عزّ على الأطبّاء دواؤه، وأعيا العليلَ داؤه. وإنما حكاه الله سبحانه في كتابه عن طائفتين من الناس: عن النساء وعشاق الصبيان المردان، فحكاه عن امرأة العزيز في شأن يوسف، وحكاه عن قوم لوط" (1).
ثم ذكر ثماني حالات، ووصف لكلّ حالة علاجها. وكأنّ هذا الفصل من كتاب الزاد -من حيث دقته وتحريره- هو الجواب المطلوب عن الاستفتاء الوارد عليه.
أما الكتاب الحافل الذي بين أيدينا، فقد سلك فيه المؤلف رحمه الله مسلكًا آخر ارتضاه ودافع عنه، وحكى عن شيخه أنه كان ينتهجه أيضًا،
__________
(1) زاد المعاد (4/ 265 - 278).
(المقدمة/18)
________________________________________
فقال في كتابه مدارج السالكين: "ومن الجود بالعلم أنّ السائل إذا سألك عن مسألة استقصيت له جوابها جوابًا شافيًا، لا يكون جوابك له بقدر ما تدفع به الضرورة ... ولقد شاهدت من شيخ الإِسلام ابن تيمية -قدس الله روحه- في ذلك أمرًا عجيبًا: كان إذا سئل عن مسألة حكمية، ذكر في
جوابها مذاهب الأئمة الأربعة إذا قدر، ومأخذ الخلاف وترجيح القول الراجح، وذكر متعلقات المسألة التي ربما تكون أنفع للسائل من مسألته، فيكون فرحه بتلك المتعلقات واللوازم أعظم من فرحه
بمسألته ... " (1).
وفي موضع آخر جعل ذلك دليلاً على كمال نصح المفتي للسائل وكمال علمه وإرشاده (2). ولا شك أن الجواب عن بعض المسائل الفرعية قد يكون محلّ انتقاد إذا خرج عن المألوف في الاستطالة
والتشعب وكثرة الاستطراد، مما يضطر المجيب كلّما بعد عن الغرض أن يعود إلى ما بدأ، فيتضجر السائل، ويملّ القارئ، ولكن إذا كان السؤال عن مرض خطير من أمراض القلوب كمرض العشق المخالف لسائر الأمراض في ذاته وأسبابه وعلاجه كما قال المؤلف، وهو مرض لا يخلو منه زمان ولا مكان، ولكنه قد يبلغ في بعض المجتمعات- لكثرة دواعيه- من الفشوّ في الخاصة بعد العامّة مبلغًا ينذر بسقوط المجتمع في الهاوية = إذا كان السؤال عن مثل هذا المرض الذي يكاد يكون وباءً فتّاكًا
فلا ريب أنّ من كمال نصح المفتي وأمانته وعلمه وفقهه أن يكون جوابه مفصّلاً مستوعبًا لجوانب الموضوع. فلا يصحّ له أن يقتضب الكلام أو
__________
(1) مدارج السالكين (2/ 293 - 294).
(2) إعلام الموقعين (4/ 158).
(المقدمة/19)




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشور عبد المبدى
مراقبة
مراقبة
عاشور عبد المبدى


عدد المساهمات : 21
تاريخ التسجيل : 11/10/2020

الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Empty
مُساهمةموضوع: رد: الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word   الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Icon_minitime1الثلاثاء 9 مارس - 10:06



يوجزه، بل يجب عليه أن يفضله تفصيلاً، ويبشّر وينذر، ويذكر المنجيات والموبقات، ويبين أسباب المرض وأماراته وعواقبه، ولا يقتصر على الإرشاد إلى سبل الخلاص منه، بل يدلّ على طرق الوقاية
من الوقوع فيه أيضًا. ثم يعتني قبل ذلك بتهيئة قلب المبتلى للاستماع إلى كلامه والعمل بما يصف له من أنواع العلاج.
وهكذا كان جوابُ ابن القيم رحمه الله، جواب عالم ربّاني ناصح حكيم، جوابًا مبسوطًا مفصّلا، غايةً في بابه.
(المقدمة/20)
________________________________________
ترتيب مباحث الكتاب
شرع المؤلف رحمه الله في الجواب عن الاستفتاء رأسًا بقوله: "الحمد لله. ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء ... ". ومضى يكتب مرتجلاً على سجيّته، متنقلاً من مبحث إلى آخر، حتى أصبحت الفتوى كتابًا كبيرًا. ومع ذلك جاءت مطالب الكتاب مرتّبة متدرّجة متناسقة خلاف ما يظن في مثل هذا التأليف. ويمكننا أن نقسم مباحثه إلى خمسة أقسام:
1) فصول في الدعاء وحسن الظنّ بالله تعالى مع الحذر من الاغترار به (4 - 98).
افتتح الكلام بالحديث الذي أوردناه اَنفًا، وذكر أن الله تعالى أخبر عن القرآن أنه شفاء، ثم نبّه على أنّ الأذكار والآيات والأدعية التي يستشفى بها هي في نفسها نافعة وشافية ولكن تستدعي قبول المحلّ وقوة همة الفاعل وتأثيره. ثم ذكر أسبابًا أخرى لتخلّف الشفاء، وشروط قبول الدعاء، والاَفات التي تحول دون تأثيره.
ثم عقد فصلاً مهمًّا للإجابة عن "سؤال مشهور"، وهو أن المطلوب بالدعاء إن كان مقدّرًا فلا بدّ من وقوعه، دعا به العبد أم لم يدع؛ وإلاّ لم يقع سواء سأله العبد أم لم يسأله فما فائدة الدعاء؟ وبيّن أن المقدور قدر وقوعه بأسباب، ومنها الدعاء، ثم ذكر أن الله سبحانه جعل الأعمال في كتابه سببًا لحصول الخيرات والشرور في الدنيا والآخرة، فالمؤمن يدفع قَدَر العقوبة الأخروية بقَدَر التوبة والإيمان والأعمال الصالحة. ثم حذر من مغالطة نفس الإنساَن إياه بالاتكال على عفو الله ومغفرته تارة،
(المقدمة/21)
________________________________________
وبالتسويف بالتوبة تارة، وبالاحتجاج بالقدر تارة.
ثم فصّل صور الاغترار، وحكى أقوال المغترّين، وبين الفرق بين حسن الظنّ بالله والاغترار به، مشيرًا إلى خوف الصحابة على أنفسهم من النفاق، وهم من هم في تقوى الله وعبادته. وفي خلال ذلك أورد
أحاديث واَثارًا وأقوالاً لردع الجهّال العصاة المغترّين بالله. وهو فصل طويل نفيس.
ثم قال: "فلنرجع إلى ما كنّا فيه من ذكر دواء الداء الذي إن استمرّ أفسد دنيا العبد وآخرته".
2) العقوبات القدرية للمعاصي (98 - 258).
قرّر أوّلاً أنّ كل شرّ وداء في الدنيا والآخرة سببه الذنوب والمعاصي. وأشار إلى أن المعصية هي التي أخرجت الأبوين من الجنة، كما أخرجت إبليس من ملكوت السماء، وذكر الأمم التي استحقت
عذاب الله بسبب معاصيها في عصور مختلفة، وأورد أحاديث واَثارًا في آثار المعاصي وعواقبه.
ثم أفاض القول في أضرار المعاصي للعبد في دينه ودنياه وآخرته، واستغرق هذا المبحث أكثر من مائة صفحة. وذكر في آخر فصوله أن المعاصي مدد من الإنسان يعين به عدوّه على نفسه، وجيش يقوّيه به على حربه، وبيّن حِيَل الشيطان ووصيّته لجنوده بغزو قلب الإنسان والدخول عليه من كل مدخل، والقعود له بكل طريق.
3) العقوبات الشرعية للمعاصي (258 - 413).
بعد ذكر آثار المعاصي في حياة الأفراد والأمم، تطرّق الكلام إلى
(المقدمة/22)
________________________________________
بيان الحدود والتعزيرات، لتكون هذه رادعةً لمن لم يتعظ بتلك. وقسم العقوبات الشرعية إلى ثلاثة أنواع: القتل، والقطع، والجلد؛ والعقوبات القدرية إلى نوعين: نوع على القلب، ونوع على البدن،
وأورد طرفًا منها مرةً أخرى، ليستحضرها العبد، ويكفّ عن الذنوب.
ثم قسم الذنوب إلى أربعة أقسام: الملكية والشيطانية والسبعية والبهيمية، ثم عقد فصلاً في أن الذنوب كبائر وصغائر، وكشف الغطاء عن القول بأن الذنوب كلها كبائر بالنظر إلى الجرأة على الله.
ثم تكلم على مسألة، وهي أنّ تحريم الشرك هل هو مستفاد من الشرع فحسب، أو هو قبيح في الفطر والعقول، وممتنع أن تأتي به شريعة؟ وما السرّ في كون الشرك لا يغفر من بين سائر الذنوب؟ وقد
فصّل القول في هذه المسألة ببيان أنواع الشرك وحقيقته وخصائص الإلهية، وكون الشرك أكبر الكبائر عند الله.
وتكلم بعد ذلك على مفسدة القتل باختصار، ثم تناول مفسدة الزنى واللواط بالتفصيل، فإن الفتوى كلها دائرة على هذه المفسدة. فذكر أربعة مداخل للمعاصي: اللحظات، والخطرات، واللفظات،
والخطوات. ثم شرح مفسدة الزنى وما اختصّ حدّه به من بين الحدود، ثم بيّن عظم مفسدة اللواط وشدة فحشها، وردّ على من جعل عقوبته دون عقوبة الزنى، وانجرّ الكلام إلى وطء الميتة والبهيمة والسحاق، ثم حكم التلوّط مع المملوك.
4) علاج داء العشق (413 - 508).
هذا القسم هو أصل الجواب ومقصود السائل. وقد بين المؤلف فيه
(المقدمة/23)
________________________________________
أنّ الكلام في دواء هذا الداء من طريقين: أحدهما حسم مادّتة قبل حصولها، والثاني قلعها بعد نزولها.
أما الطريق الأول المانع من حصول الداء، فهو أمران: أحدهما غضّ البصر، وذكر المؤلف جملة من فوائده. والأمر الثاني أن يشتغل القلب بما يصدّه عن الوقوع في شَرَك العشق. وهو إما خوف مقلق أو
حبّ مزعج. ثم تكلّم على الحبّ، وقال: لا يمكن أن يجتمع في القلب حب المحبوب الأعلى وعشق الصور، بل هما ضدّان لا يتلاقيان.
والمحبة الصادقة تقتضي توحيد المحبوب، وأوضح أن أصل الشرك بالله هو الإشراك به في المحبة، وذكر مراتب المحبة، وأن العاقل يؤثر أعلى المحبة على أدناها، وأن أصل السعادة محبة الله وحده ومحبة ما يحبّه
الله.
أما الطريق الثاني وهو قلع مادة العشق بعد نزولها، فبدأ الكلام عليه بأن هذا المرض إنما حكاه الله سبحانه عن طائفتين من الناس، وهما اللوطية والنساء، وفصّل توافر الدواعي القوية إلى الفاحشة في قصة يوسف، وكيف آثر يوسف عليه السلام مرضاة الله وخوفه، وحمله حبُّه لله على أن اختار السجن على ما دعته إليه امرأة العزيز.
ثم ذكر أن عشق الصور أقسام، وأنه تارةً يكون كفرًا، كمن اتخذ معشوقه ندًّا يحبّه كما يحبّ الله، بل يُقدّم بعضهم رضا معشوقه على رضا ربّه، قال: "فهذا العشق الكفري الشركي لا يغفر لصاحبه. وهكذا حال أكثر عشّاق الصور إذا تأمّلته".
ثم بيّن علاج هذا الدّاء القتّال، وهو أن يعرف الإنسان أنّ ما ابتلي به هو مضادّ للتوحيد، ثم يأتي من العبادات الظاهرة والباطنة بما يشغل قلبه
(المقدمة/24)
________________________________________
عن دوام الفكرة فيه، ويكثر اللجأ والتضرّع إلى الله سبحانه في صرف ذلك عنه.
ثم بين مفاسد العشق الدينية والدنيوية، وأشار إلى ثلاثة مقامات للعاشق وما يجب عليه فيها. ثم كشف عما في العشق من صور الظلم والعدوان، وانتهى إلى أنه قد تضمن أنواع الظلم كلها.
5) إيراد الخصم بذكر فوائد العشق، والردّ عليه (508 - 573).
هذا القسم تكملة للقسم السابق. أورد فيه على لسان المعترض فوائد العشق ومنافعه، وطائفة من قصص العشاق، وإعانة الصالحين إيَّاهم على بلوغ مآربهم. ثم ردّ عليه بأنّ العشق من حيث هو لا يحمد ولا يذمّ، وإنما يتبين حكمه بذكر متعلّقه. فمنه النافع والضارّ والجائز والحرام. ثم ذكر أنّ أنفع المحبة على الإطلاق وأوجبها وأعلاها حبّ الله سبحانه، وأنّ أعظم لذّات الدنيا هي الموصلة إلى أعظم لذة في الآخرة.
ثم عقد فصلاً على أنّ محبّة النسوان لا لوم فيها على المحبّ، بل هي من كماله. فنكاح المعشوقة هو دواء العشق الذي جعله الله دواءه شرعًا وقدرًا. ثم ذكر أنّ العشق ثلاثة أقسام: أحدها قربة وطاعة، وهو عشق الرجل امرأته وجاريته. والثاني مقت من الله، وهو عشق المردان، وسمّاه "الداء الدويّ"، وذكر علاجه. والثالث عشق مباح لا يُملَك، كمن وُصفت له امرأة جميلة أو رآها فجأة من غير قصد، فأورثه ذلك عشقًا لها، ولم يُحدِث له ذلك العشق معصيةً. وذكر أن الأنفع له مدافعته والاشتغال بما هو أنفع له، ويجب عليه أن يكتم ويعف، ويصبر على بلواه. فيثيبه الله على ذلك، ويعوّضه على صبره لله، وعفّته، وتركه طاعة هواه، وايثار مرضاة الله وما عنده.
(المقدمة/25)
________________________________________
وفي آخر هذا القسم -وهو آخر فصول الكتاب- تكلّم على حديث "من عشق فعفّ ... " الذي احتجّ به الخصم.
(المقدمة/26)
________________________________________
موارد الكتاب
من الكتب التي صدر عنها المؤلف ما صرّح باسمه، ومنها ما سمّى صاحبه، ومنها ما نقل منه دون إشارة، فهي ثلاثة أقسام، والقسم الرابع ما سمعه ورواه عن شيخه شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله.
أولاً: أما القسم الأول، فمن أهمه وأكثره ورودًا: الصحيحان، ومسند أحمد، ثم السنن، والمستدرك، وصحيح ابن حبّان. ويمكن معرفة أماكن ورودها بالرجوع إلى فهرس الكتب المذكورة في المتن. أما
الكتب الأخرى التى سمّاها المؤلف، فنذكرها فيما يلي مرتّبةً على حروف المعجم. وقد أثبتنا بعد اسم الكتاب أرقام الصفحات التي ذكر فيها:
- اعتلال القلوب للخرائطي (571).
- تاريخ بغداد للخطيب (518).
- تذكرة الموضوعات لابن طاهر (568).
- تفسير سفيان الثوري (553).
- حلية الأولياء لأبي نعيم (125).
- ذخيرة الحفاظ لابن طاهر (568).
- ربيع الأبرار للزمخشري (563).
- الزهد للإمام أحمد (14، 30، 200). وزيادات ابنه عبد الله (11، 130، 142، 483، 557).
- الزهرة لأبي بكر محمَّد بن داود الظاهري (516).
(المقدمة/27)
________________________________________
- السنة لعبد الله ابن الإِمام أحمد (543).
- الضعفاء لابن الجوزي (571).
- العاقبة لعبد الحق الإشبيلي (505). وقد نقل نصوصًا منها دون تسمية الكتاب في ص (386 - 392).
- الكامل لابن عدي (568).
- كتب الأشعري (330).
- كتاب المجابين في الدعاء لابن أبي الدنيا (23).
- مسائل الإِمام أحمد رواية ابن هانئ (169).
- مسائل الإِمام أحمد رواية الشالنجي (411).
- معجم الطبراني (118). كذا قال دون تحديد، ولعل المقصود: المعجم الكبير، والحديث الذي نقله لم يرد في شيء من المعاجم الثلاثة المطبوعة.
- مناقب عمر لابن أبي الدنيا (112).
- الموضوعات لابن الجوزي (568).
ثانيًا: أسماء المؤلفين الذين لم يذكر المؤلف كتبهم التي صدر عنها، مع الإشارة إليها إن أمكن الوقوف عليها.
- الإِمام أحمد (558).
النقل من كتابه "العلل ومعرفة الرجال". وفي مواضع كثيرة نقل من كتاب "الزهد" (76، 101، 171، 124، 129، 131). وفي مواضع
(المقدمة/28)
________________________________________
أخرى من "المسند" (113، 123، 124، 310). وفي بعض المواضع يغلب الظن أنه نقل عن كتاب الزهد، ولكنّ النصّ المنقول لا يوجد في المطبوعة.
- ابن الجوزي (571).
يجوز أن يكون النقل هنا من كتابه "العلل المتناهية" أو من "ذم الهوى"، فالنص وارد في الكتابين.
- ابن حزم (531).
النصّ المنقول في كتابه "طوق الحمامة"، ولكن يبدو أنه نقله بواسطة، كما سيأتي في القسم الثالث.
- الخرائطي (512).
النقل من "اعتلال القلوب". ونقل منه في ص (514) أيضًا دون ذكره. وبعض الحكايات التي أسندها إلى الخرائطي (531، 563) ليست في المطبوع من كتاب الاعتلال.
- الخطيب (569): من "تاريخ بغداد".
- صاحب كتاب "منازل الأحباب" شهاب الدين محمود بن سليمان (519).
نقل أربعة أبيات له، ولكنها لم ترد في كتابه "منازل الأحباب".
- ابن أبي الدنيا (105، 106، 109 - 112، 115 - 122،119) نقل المؤلف من كتاب "العقوبات"، وهي نصوص كثيرة، وجلّها متتابعة، وإن كان قد أسند بعضها إلى مسند أحمد وجامع الترمذي وسنن
(المقدمة/29)
________________________________________
ابن ماجه، لورودها في الكتب المذكورة ومنزلتها في كتب الحديث.
- أبو عبد الله الحاكم (569).
والنقل من "تاريخ نيسابور"، كما صرّح بذلك في زاد المعاد (4/ 277).
- أبوطالب المكي (292): من "قوت القلوب".
- الطحاوي (411): من "شرح مشكل الآثار".
- أبو عبيد (169): من "غريب الحديث".
- أبو الوفاء ابن عقيل (75).
- علي بن الجعد (102): من مسنده.
- أبو عمر ابن عبد البرّ (109).
- محمَّد بن خلف بن المرزبان (569). لعل النقل من كتاب "ذم الهوى" لابن الجوزي.
ثالثًا: قد ينقل المؤلف بعض النصوص دون التصريح بمصدره.
ومن ذلك:
- نقل كلامًا أسنده إلى "بعض العلماء" (455). والمقصود ابن حزم، وقد لخّص المؤلف كلامه الوارد في كتابه "الأخلاق والسير".
- يظهر أن مصدر بعض النقول كتاب "الواضح المبين فيمن استشهد من المحبّين" لمغلطاي (510 - 513). وقد نقل المؤلف طائفة من قصص الحبّ (520 - 532)، وهي واردة في "منازل الأحباب" لشهاب
(المقدمة/30)
________________________________________
الدين الحلبي، الذي ذكره المؤلف في موضع -كما سبق- وعرّفه بـ "صاحب منازل الأحباب"، فجائز أن يكون قد نقلها من كتاب المنازل، ولكن بعض القرائن تشير إلى أنّ مصدرها أيضًا "الواضح
المبين" لمغلطاي.
وهكذا نقل المؤلف في موضع (531) عن ابن حزم قولّا ورد في كتابه "طوق الحمامة"، ولكن لفظه في كتاب ابن القيم يدلّ على أنه منقول من كتاب "الواضح المبين".
- قد وضع بعضهم "فتوى في العشق"، ونسبها إلى شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله، فأثبت الإِمام ابن القيم في كتابه روضة المحبين (233) أنها مكذوبة على شيخ الإِسلام. من هذه الفتوى نقل ابن القيم أقوالًا في فوائد العشق (558 - 511) في الفصل الذي عقده للردّ على المعترض المحتج بمنافع العشق. وهذا لا ضير فيه؛ لأن مثل هذه الأقوال تتناقلها كتب الأدب. ولكنه نقل قبل هذا الفصل (506) كلامًا مفيدًا لصاحب الفتوى نفسه فيما يجب على المبتلى بعشق الصور، فليته أسنده إلى "بعضهم"!
رابعًا: نقل المؤلف عن شيخه في عدّة مواضع مصرحًا باسمه (73، 97، 208، 335، 383، 472). وفي موضعين نقل قولًا له بلفظ "ويقول الآخر"، ضمن أقوال العارفين في النعيم الذي يتمتعون به لأنسهم بربّهم، وطمأنينتهم بذكره، وارتياحهم بحبّه، فقال: "ويقول الآخر: إنّ في الدنيا جنّة، من لم يدخلها لم يدخل جنّة الآخرة" (187).
(المقدمة/31)
________________________________________
وقد نسب المؤلف هذا القول في مدارج السالكين (1/ 536)، والوابل الصيّب (109) إلى شيخ الإِسلام، وصرّح بأنه سمعه يقول ذلك، والظاهر من السياق أنه من كلام شيخ الإِسلام نفسه، لا من
حكايته لكلام بعض المتقدمين.
وفي موضع آخر (482 - 487) أورد المؤلف رحمه الله ثلاثة عشر وجهًا من وجوه قوة الداعي إلى الفاحشة في قصة امرأة العزيز، وذكر جملة منها في طريق الهجرتين (496)، وروضة المحبين (449)،
ومدارج السالكين (2/ 156)؛ وصرّح في الأخير بأنها مما سمعه من شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله.
وليس في ذلك ما يستنكر، فشيخ الإِسلام شيخ المؤلف ومرشده، والمؤلف ناشر علوم شيخه وشارحها.
(المقدمة/32)
________________________________________
أهمية الكتاب والثناء عليه
لا يخفى على من أجال النظر في الفقرات السابقة أهمية هذا الكتاب القيم من حيث موضوعه الخطير وما انطوى عليه من مباحث جليلة نافعة. فقد تصدّى فيه المؤلف رحمه الله لعلاج داء دويّ يشقى به
المريض، ويحار فيه الطبيب النحرير، ووصف له كلّ السبل المانعة والدافعة مما وفقه الله إليه من خلال تدبّره لكتابه العزيز ومدارسته لسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
وقد تكلم المؤلف في غضونه على مسائل مهمّة عرضنا لها في بيان ترتيب الكتاب. وهو نفسه ينبّه أحيانًا على أهمية بعض المباحث وشدّة الحاجة إليها، وذلك من كمال نصحه وأمانته وإشفاقه على قارئ كتابه، ليقف عند تلك المباحث ويتأمّلها، ولا يمرّ بها عجلًا.
ومن ذلك أنّه لما تكلم على مسألة دفع القدر بالقدر قال: "فهذه المسألة من أشرف المسائل لمن عرف قدرها ورعاها حقّ رعايتها" (ص 35).
وقال أيضًا: "ومن فقه هذه المسألة وتأمّلها حق التأمل، انتفع بها غاية النفع، ولم يتكل على القدر جهلًا منه وعجزًا وتفريطًا وإضاعة، فيكون توكله عجزًا وعجزه توكلًا" (ص 34).
وهكذا عند ما بيّن أن حسن الظن بالله تعالى لا يجتمع مع الإساءة، ولن يكون محسنُ الظنّ بربّه مقيمًا على معاصيه معطّلًا لحقوقه، التفت إلى القارئ وقال له: "فتأمّل هذا الموضع، وتأمّل شدّة الحاجة إليه"
(ص 46). وبعد توضيح الفرق بين حسن الظن بالله والاغترار بعفوه
(المقدمة/33)
________________________________________
ورحمته اتجه إليه مرة أخرى وقال: "ولا تستطل هذا الفصل، فإن الحاجة إليه شديدة لكل أحد" (ص 50).
وقال في موضع: "فتأمّل هذا، فإنّه يزيل عنك إشكالات كثيرة" (ص 290).
وقال في موضع آخر: "هذا موضع يجب الاعتناء به". (ص 451).
وفي الكتاب فصول نفيسة في حقيقة الشرك وأنواعه وخصائص الإلهية، وبيان السرّ في كون الشرك أكبر الكبائر وأنّ قبحه مغروس في الفطر والعقول قبل أن تنزل الشرائع بتحريمه. وقد نقل هذه الفصول باختصار وتصرّف تقي الدين المقريزي في كتابه "تجريد التوحيد المفيد" (1).
وقد ذكر الشيخ أبو السمح عبد الظاهر بن محمَّد في مقدمته لهذا الكتاب أنه أول كتاب هداه الله به وأنقذه من الضلال. ولعله يقصد هذه الفصول التي لخّصها المقريزي في كتابه اللطيف. والشيخ أبو السمح من علماء الأزهر وقد استقدمه الملك عبد العزيز رحمه الله، وأسند إليه الإمامة والخطابة في الحرم المكي الشريف مع إدارة دار الحديث في مكة المكرمة (1345 - 1375 هـ) (2).
وقال الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله: "وفي هذا الكتاب من لطائف العلم وحقائقه وبيان محاسبة النفس ومراقبتها مالًا يستغني عنه طالب
__________
(1) (ص 55 - 72). وقد نبّهني على هذا النقل أخي الشيخ علي العمران محقق الكتاب المذكور جزاه الله خيرَا.
(2) الأعلام للزركلي (4/ 11)، وقد توفي الشيخ أبو السمح سنة 1370 هـ.
(المقدمة/34)
________________________________________
علم" (1).
وقد سبقت الإشارة إلى أهمية هذا الكتاب لشبابنا في زمننا هذا خاصةً، إذ نُزع الحجاب في معظم المجتمعات الإِسلامية، وانتشر السفور، وعمّ الاختلاط بين الجنسين، وكثرت المغريات، وغزت
الفضائيات والشبكة العنكبوتية بألوان جديدة من مظاهر الفسق والفجور، فاشتدّت الحاجة إلى "حراسة الفضيلة" (2) وتثبيت الشباب، وتحصين الثغور.
__________
(1) ابن قيم الجوزية (246).
(2) "حراسة الفضيلة" كتاب نفيس مشهور للشيخ بكر أبو زيد حفظه الله ورعاه.
(المقدمة/35)
________________________________________
طبع الكتاب وتحقيقه
الطبعة الأولى للكتاب صدرت في الهند في مدينة "آره" سنة 1307 هـ (89 - 1890 م) وكانت طبعة حجرية في 202 صفحة، بعنوان "الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي" (1).
ثم طبع الكتاب في القاهرة سنة 1322 هـ (1904 م) بمطبعة المتقدم في 176 صفحة.
لم أقف على هاتين الطبعتين، ولا على طبعة السلفية التي ذكر أنها صدرت سنة 1346 هـ (2). ولكن طبعةً أخرى ظهرت في العام نفسه على نفقة الشيخ أبي السمح عبد الظاهر بن محمَّد، والشيخ محمَّد صالح نصيف رحمهما الله. وقد طبعت في مطبعة أمين عبد الرحمن بشارع محمَّد علي في القاهرة، وهي بين يديّ. عدد صفحاتها 334، وفي أولها كلمة الناشر في صفحتين، ثم ترجمة المؤلف في ثلاث صفحات. وفي آخرها فهرس الموضوعات وجدول التصحيحات في 20 صفحة. وقد رقمت هذه الصفحات الخمس والعشرون بحروف الأبجد. والجدير بالذكر أن هذه الطبعة الصادرة في سنة 1346 هـ (1928 م) هي "الطبعة الثالثة" حسب ما كتب على الغلاف. فمتى صدرت الطبعتان الأولى
والثانية؟ لم أر من أشار إليهما.
ثم صدرت طبعتان عام 1377 هـ (1958 م): إحداهما في 224 صفحة بتصحيح الشيخ محمود عبد الوهاب فايد (المدرس بالأزهر
__________
(1) معجم المطبوعات العربية في شبه القارة الهندية الباكستانية (355).
(2) ابن قيم الجوزية (244).
(المقدمة/36)
________________________________________
الشريف) رحمه الله، والتزم طبعها مكتبة ومطبعة محمَّد علي صبيح وأولاده بالقاهرة. والأخرى بعناية الشيخ محمَّد عمرو الدين عبد الحميد رحمه الله، أصدرتها مطبعة المدني بالقاهرة في 359 صفحة بالإضافة إلى مقدمة المصحح في 8 صفحات.
وهذه أول نشرة للكتاب صدرت بعنوان "الداء والدواء"، ولها ميزة أخرى، وهي أنّ ناشرها قد صرح بأنه اعتمد في إخراجها على نسخة خطيّة. ومع أنّه لم يذكر مكانها، وصفها بأنها "بالغة الحدّ في الدقّة والضبط"، ثم نشر في أول الكتاب صفحات مصوّرة منها تُبيّن أنها بخط الشيخ عبد الله بن فائز بن منصور أبا الخيل الذي كتبها سنة 1247 هـ (1).
وقد طبع الكتاب بعد ذلك طبعات يصعب حصرها، وقد وقفت على كثير منها، ولكن التي تستحق الذكر منها لاعتمادها على نسخ خطيّة ثلاث:
طبعة دار ابن كثير في دمشق - بيروت سنة 1408 هـ (1988 م) بعناية الشيخ يوسف علي بديوي الذي ذكر أنه اعتمد فيها على نسخة الظاهرية.
وعن هذه النسخة أخرج الكتاب الشيخ عامر بن علي ياسين سنة 1417 هـ (1997 م)، ووصفها بأنها "جيدة على العموم، لكن فيها تصحيفات وتحريفات ليست بالقليلة، وفيها أيضًا كثير من المواضع
الباهتة التي تتعذّر قراءتها إلا بالتخمين والافتراض" (ص 26). وأشار مرة أخرى إلى كثرة السقط والتحريف فيها (ص 29). وقد صدرت هذه
__________
(1) توفي الشيخ عبد الله بن فائز سنة 1251 هـ. انظر ترجمته في: علماء نجد خلال ثمانية قرون (4/ 370).
(المقدمة/37)
________________________________________
الطبعة عن دار ابن خزيمة بالرياض.
والنشرة الثالثة هي التي عني بها الشيخ علي بن حسن الحلبي. وقد صدرت طبعتها الأولى سنة 1416 هـ (1996 م) عن دار ابن الجوزي بالدمام. وبين يديّ طبعتها الثامنة التي ظهرت سنة 1425 هـ. وقد ذكر في حاشية مقدمته أنه حقّق الكتاب عن نسخة مخطوطة، ونشر في آخره صورة أول هذه "النسخة المعتمدة" وآخرها. وهي نسخة مكتوبة سنة 1195 هـ، ولكن الغريب أن أول نشرته وآخرها غير مطابق لما جاء في النسخة المذكورة (1).
وقد حُقّق الكتاب سنة 1425 هـ عن أربع نسخ خطّية في رسالتين جامعيتين، أعدّتهما لنيل شهادة الماجستير باحثتان أشرف عليهما الشيخ عبد الله بن صالح البرّاك. وذلك في قسم الثقافة الإِسلامية بكلية التربية بجامعة الملك سعود (الرياض).
واعتُمد في هذا التحقيق على أربع نسخ: نسخة الإسكوريال (770 هـ)، ونسخة مركز الملك فيصل (785 هـ)، والنسخة المعتمدة في طبعة دار ابن الجوزي (1195 هـ)، ونسخة الظاهرية المعتمدة في طبعتي دار ابن كثير ودار ابن خزيمة (غير مؤرخة).
__________
(1) انظر تقويم النشرتين الأخيرتين في رسالة الباحثة فتحية القحطاني، ولا سيّما النشرة الأخيرة التي نقدتها نقدًا مفصّلًا (ص 30 - 39)، وأثبتت أن صاحبها لم يعتمد على المخطوطة التي ذكرها أصلًا!
(المقدمة/38)
________________________________________
النسخ المعتمدة في هذه الطبعة
تحتفظ خزائن الكتب في الشرق والغرب بأكثر من خمس وعشرين نسخة خطية من هذا الكتاب. وقد تيسّر الحصول -بفضل الله سبحانه- على أربع نسخ قديمة كلها من القرن الثامن، ونسخت إحداهما بعد وفاة المؤلف بتسع عشرة سنة. وهذه هي الأصول المعتمدة في هذه الطبعة، وقد أضيفت إليها نسختان من النسخ المتأخرة للاستئناس بهما.
وقبل أن آخذ في وصفها أحب أن أشكر لكل من كانت له يد في الحصول عليها، ولا سيّما فضيلة الشيخ عبد الله بن صالح البراك الذي تكرم بتزويدنا صورة من نسخة الإسكوريال، والأستاذ وليد بن أحمد الحسين رئيس تحرير مجلة الحكمة الذي أسعفنا بصورة من نسخة بايزيد العمومي. أما أخي الشيخ عبد العزيز بن فيصل الراجحي مدير قسم المخطوطات في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإِسلامية، فلم يأل جهدا -كعهده- في تيسير الاستفادة من مقتنيات القسم.
فجزاهم الله جميعًا خير الجزاء.
وإليكم الآن وصفها:

(1) نسخة الإسكوريال (س):
رقمها في مكتبة الإسكوريال: 743. وهي بخط النسخ في 126 ورقة، عدد الأسطر في كل صفحة بين 22 و 23 سطرًا. كتبت هذه النسخة سنة 770 كما في خاتمتها التي نصّها: "تم بحمد الله تعالى وعونه وحسن توفيقه في خامس عشرين صفر -خُتم بالخير والظفر- لسنة سبعين وسبعمائة. والصلوات التامّات
(المقدمة/39)
________________________________________
الكاملات على سيد الأبرار وخير الأخيار محمَّد المصطفى وعلى آله وصحبه وسلّم تسليمًا دائمًا كثيرًا".
وهذه أقدم النسخ المعروفة لكتاب الداء والدواء.
تبدأ النسخة بعد البسملة و "رب يسر وأعن برحمتك" بالعبارة الآتية: "سئل شيخ الإِسلام أبو عبد الله محمَّد بن أبي بكر الشامي تغمده الله برحمته، وأسكنه جنّته، فقال السائل ... ".
وهي بداية غريبة، فإنّ المؤلف رحمه الله كنيته أبو عبد الله، وهو محمد بن أبي بكر، وهو شامي أيضا، ولكنّ ما اشتهر به هو أنه "أبو عبد الله محمَّد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية". أما الصورة الواردة في
فاتحة هذه النسخة، فكأن المقصود بها إخفاء اسم المؤلف شيئًا ما عن بعض المقلدة أو بعض المناوئين، لكيلا يصدّ بعضهم تعصبه على المؤلف عن قراءة الكتاب أو يحمله على التعدّي عليه.
أما صفحة العنوان فتحمل اسم الكتاب وختمين وعددًا من قيود التملّك والقراءة وغيرها. عنوان الكتاب: "كتاب الداء والدواء"، ولكنه لم يكتب في موضعه، بل في النصف الأسفل من الصفحة، ولعله ليس بخط ناسخ الأصل.
أما القيود، فأقدمها قيد مطالعة مؤرخة في سنة 778، ونصّه: "نظر فيه داعيًا لمالكه بحسن الخاتمة محمَّد بن محمَّد بن عبد الرحيم القادري المغربي ... ".
ومن قيود التملّك:
1 - "قد إنتظمت المجموعة الشريفة هذه في سلك ملك الفقير إلى
(المقدمة/40)
________________________________________
الله الغني محمود بن الحسين بن محمود بن علي المكتني بأبي حمد الله القاضي الحنيفي الحنفي، وقت صلاة العصر، بصحّافية شيراز، حجة خمس وستين وثمانمائة، والمحرر مريض، وأمره على السلطان عريض
بثلاثمائة مخفية، ومهمّاته مكفيّة، والحمد لله رب العالمين".
2 - "تم دخل في نوبة الفقير إلى الله تعالى محمَّد بن مصطفى بن محمَّد بن عباد الله الرومي الحنفي -عفا عنهم ربهم العافي- في سنة 947"
3 - "الحمد لله، من نعم الله على عبده أحمد بن شعبان الشافعي".
وفي أعلى الصفحة وأسفلها عبارتان بخط فارسي دقيق، وهما من تقييد أحد قرّاء النسخة الذي علّق في مواضع منها، كما سيأتي. وفي الصفحة نفسها جاءت العبارة الآتية: "نودي على النيل المبارك في يوم الثلاثاء الواقع في سابع والعشرون (كذا) من شهر صفر المظفر سنة ثمان وأربعين وتسعمائة".
لم يذكر الناسخ اسمه، ولا أشار إلى الأصل الذي نقل منه، ولم أجد فيها من علامات البلاغ ما يدلّ على أنه قابل النسخة على أصلها، ولكن فيها تصحيحات قليلة بخطّه (100/ ب، 110/ أ، 116/ ب)، ثم هي قوبلت على نسخة أخرى، وقيدت الفروق في الحاشية مع كتابة حرف الخاء فوقها. ومن أمثلته:
- (2/ أ): "فلم يضيفوهم". وضعت علامة فوق الواو، وكتب في الحاشية: "خ فأبوا أن يضيفوهم".
- (2/ أ): "وقد أخبر سبحانه عن القرآن أنه شفاء". وضعت العلامة
(المقدمة/41)
________________________________________
فوق (عن) وكتب: "خ أن القرآن شفاء".
- (2/ ب): "أثّرت وأزالت الداء". العلامة فوق (أثرت) وفي الحاشية: "خ أثر في إزالة الداء".
- (5/ أ): "أن تكفني شرّ هذا اللص". وفي الحاشية: "خ تكفيني".
- (12/ أ): "إلى السماء التي قبلها". وفي الحاشية: "خ تليها".
- (28/ ب): "لعن مَن أكمَهَ أعمى عن الطريق". وفي الحاشية: "خ كمَّهَ".
وانظر أيضًا: (10/ أ، 12/ ب، 14/ أ، 17/ أ، 18/ أ، 21/ أ، 23/ ب، 25/ أ، 33/ أ، 43/ أ، 44/ أ، 44/ ب، 46/ ب، 47/ أ).
وبالخط نفسه توجد تصحيحات، إذ استوقف الكاتب بعض المواضع التي فيها تصحيف أو سقط، فكتب في الحاشية ما رآه صوابا بعد علامة "ظ"، وقد أصاب أحيانًا. ومن أمثلته:
- (ق 2/ ب): "تعتريني أدا". كذا جاء في النسخة، فكتب في الحاشية: "ظ أدواء"، يعني: الظاهر أن الصواب: "تعتريني أدواء". وقد صدق، والذي في الأصل تحريف.
- (ق 14/ أ): "ثم علينا فقال: أي إخواني". وضع علامة فوق (علينا)، وعلّق في الحاشية: "ظ أقبل أو نحوه". يعني: سقط كلمة "أقبل" أو نحوها قبل "علينا".
- (ق 31/ أ): "وجد في خزائن بني أمية حنطة الحبة كقدر نواة الثمرة". هنا كتب في الحاشية: "ظ حبَّة الحنطة". والحق أن ما في
(المقدمة/42)
________________________________________
المتن صواب، وكلمة "الحبة" ليست مضافا إليها كما ظنّ الكاتب، وإنما هي مرفوعة على الابتداء.
- (ق 59/ ب): "لجالدونا عليه بالسيوف". علّق عليه: "ظ لجادلونا". وهذا خطأ، والصواب كما في المتن.
وقد قرأ النسخة بعض العلماء المتأخرين، فعلّق عليها في مواضع كثيرة بخط فارسي دقيق، نبّه فيها أحيانا على بعض مباحث الكتاب كقوله: "تعريف القلب السليم" (60/ أ)، و "بشارة عظيمة" (54/ ب)، و"تنبيه عظيم" (30/ ب). ونقل بعض الأحيان نصوصًا من الكتب، كنقله من كتاب "خالصة الحقائق" (41/ ب) و "واقعات الشيخ أبي الحسن الرفّاء" (92/ أ). ولما نقل المؤلف قول "بعضهم: أنتم تخافون الذنوب وأنا أخاف الكفر" علّق عليه: "وهذا منسوب إلى الثوري رحمه الله" (34/ ب).
ولهذا الكاتب تأويلات غريبة للنصوص، فعلّق على ما ورد من أن الحجر الأسود يمين الله في الأرض: "والحجر على يمين الخارج من البيت، فكأنه يمين بيته" (65/ ب).
وذكر المؤلف أن بعض السلف إذا سمع الكلمة الصالحة من الرجل قال: "ما ألقاها على لسانك إلا ملك، وإذا سمع ضدّها قال: ما ألقاها على لسانك إلا الشيطان"، فعلّق على ذلك: "والمراد بالملك: العقل المتصف بصفته، وبالشيطان: الهوى، فتكون استعارة" (53/ أ).
وهذا ونحوه -على خطئه- محتمل، إذ علّقه في حاشية النسخة، ولكنّه أساء في موضع إساءة بالغة، إذ محا كلمات من المتن، وكتب
(المقدمة/43)
________________________________________
مكانها كلمات أخرى، ولما ضاق المكان أضاف كلمتين فوق السطر بعلامة "صح". قال المؤلف رحمه الله: "وقد نقل الله سبحانه آدم وحوّاء من الجنة بذنب واحد ارتكباه، وخالفا فيه نهيه. ولعن إبليس، وطرده، وأخرجه من ملكوت السماء بذنب ارتكبه".
فغيّره هذا القارئ إلى: " ... من الجنة إلى الأرض بذنب واحد بالغفلة عن مخالفة نهيه. ولعن إبليس ... وأخرجه من مشاركة أهل السماء في السعادة بذنب ارتكبه". وذلك بأنه محا الكلمات "ارتكباه،
وخالفا فيه"، وكتب مكانها: "بالغفلة عن مخالفة". وهكذا في الجملة الثانية محا كلمة "ملكوت"، وكتب: "مشاركة أهل". ثم زاد في الأولى بعد "من الجنة" فوقها: "إلى الأرض"، وفي الثانية بعد "أهل السماء" فوقها أيضًا: "في السعادة".
وهذا التصرّف منه جناية وعدوان.

(2) مصوّرة مركز الملك فيصل (ف).
رقمها في المركز: 1504 - ف. ولا نعرف أين أصلها. وهي في 393 صفحة، وفي كل صفحة 17 سطرًا. وقد كتبت سنة 785، كما في خاتمتها: "تم الكتاب والحمد لله رب العالمين ... في عشية الجمعة لخمس عشرة خلت من شهر شوال المبارك عام خمس (كذا) وثمانين وسبعمائة، أحسن الله خاتمته وتقضّيه، ونفع كاتبه وقارئه بما فيه، بمنّه وكرمه".
هذا الناسخ أيضًا لم يذكر اسمه، ولا أشار إلى الأصل الذي نقل منه نسخته.
(المقدمة/44)
________________________________________
وقد ورد عنوان الكتاب والمؤلف بخط الناسخ في صفحة العنوان على هذا الوجه: "كتاب الداء والدواء، تأليف الشيخ الإِمام العالم شيخ الإِسلام مفتي الفرق شمسُ الدين أبو عبد الله محمَّد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد إمام المدرسة الجوزية رحمه الله ورضي عنه آمين آمين".
وبجانب هذه العبارة قيد تملّك نصّه: "من كتب محمَّد عطائي، اشترى محمَّد الحجازي من مخلفات
عطائي بحرف (كذا) ".
وقد اشترى محمَّد الحجازي هذا نسخةً من شرح الشافية للجاربردي أيضًا من مخلفات عطائي، وهي محفوظة في مكتبة كوبريلي برقم 302، وكتب عليها: "من كتب الفقير محمَّد بن محمَّد الحجازي إمام المسجد الحرام وخطيبه بالشراء من مخلفات محمَّد عطائي في آخر رجب سنة ثمانين وألف" (1).
يفيد هذا القيد أنّ المشتري من رجال القرن الحادي عشر وأنه كان إمامًا وخطيبًا في المسجد الحرام (2). أما محمَّد عطائي، فلعله "محمَّد بن يحيى المتخلّص -على الطريقة التركية- بعطائي، المعروف
بنوعي زاده" المتوفى سنة 1044 هـ. وهو مؤرخ تركي، وله معرفة بالأدب العربي وفقه الحنفية (3).
__________
(1) فهرس مخطوطات كوبريلي (2/ 557).
(2) وهو مما يستدرك على كتاب أئمة المسجد الحرام للأستاذ يوسف الصبحي.
(3) الأعلام (7/ 141).
(المقدمة/45)






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشور عبد المبدى
مراقبة
مراقبة
عاشور عبد المبدى


عدد المساهمات : 21
تاريخ التسجيل : 11/10/2020

الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Empty
مُساهمةموضوع: رد: الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word   الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Icon_minitime1الثلاثاء 9 مارس - 10:07



________________________________________
بداية هذه النسخة بعد البسملة والحوقلة:
"ما تقول السادة العلماء أئمة الدين رضي الله عنهم أجمعين في رجل ابتلي ببليّة ... فأجاب الشيخ الإِمام العالم شيخ الإِسلام مفتي الفرق شمس الدين أبو عبد الله ... ".
كتبت النسخة بخط نسخي واضح، وكلها بخط الناسخ إلا ورقة واحدة (ص 257 - 258) فإنها بخطّ مغاير متأخّر. ويظهر من الاستدراكات وكلمة "بلغ" في بعض المواضع (ص 179، 211) أنها
قوبلت على أصلها. ونجد في النسخة اهتمامًا بالغًا بوضع علامة للدلالة على بداية فقرة جديدة، وقد يكون ذلك من عمل بعض من قرأ النسخة.
وقد علّق أحد القرّاء أيضًا على النسخة، فصحّح، واستدرك، ولكنه هو أيضًا تصرّف بعض الأحيان في المتن لإصلاح ما خيّل إليه أنه خطأ.
ومن أمثلة ذلك أنه ورد في النسخة (ص 149): "بل اجعلوا نظره تفرّجًا واستحسانًا والشهوة ... " فمحا لام التعريف من كلمة "الشهوة"، ووضع عليها تنوين الفتحة: "شهوةً"، ليصحّ عطفها على ما قبلها.
ولو رجع إلى نسخة أخرى من الكتاب لتبيّن له أنّ في نسخته سقطًا، والصواب: " ... استحسانًا (وتلهّيًا. فإنْ استَرَقَ نظرةَ عبرةٍ فأفسِدوها عليه بنظر الغفلة والاستحسان) والشهوة". وقد سقط ما بين القوسين لانتقال نظر الناسخ.
ومن ذلك أيضًا أنّه ورد في النسخة (ص 156): "ومنهم من يكون سلطان الغضب عليه أغلب"، فغيّر كلمة "سلطان" إلى "شيطان"، مع ورود مثله في السطر السابق: "وسلطان غضبه ضعيف ... ".
(المقدمة/46)
________________________________________
(3) نسخة بايزيد العمومي (ز):
هذه النسخة محفوظة في مكتبة بايزيد العمومي برقم 1598، وهي بخط النسخ في 89 ورقة، وفي كل صفحة 25 سطرًا. وهي أيضًا خِلو من اسم الناسخ وتاريخ النسخ، غير أنّ في آخرها قيدَ تملّك مؤرخًا في سنة 791. فهي إذن من نسخ القرن الثامن، وقد كتبت قبل التاريخ المذكور.
في صفحة العنوان كتب اسم الكتاب: "كتاب الداء والدواء"، واسم المؤلف، وفيها علّه قيود تملّك ومطالعة. وفي أعلاها عبارة ضرب عليها حتى لا تقرأ، ونحوها في حاشيتها اليمنى.
وفي أسفل الصفحة ختم يحمل العبارة الآتية: "وقف هذا الكتاب عمر اَغا المشهور بإنسان زاده". وهذا الختم نفسه تراه في آخر النسخة، وفي أثنائها (ق 48/ أ) أيضًا.
أما قيود التملّك والمطالعة فهي:
1 - "من تمليكة الفقير الحقير عثمان مير در خزينة سنة 1166".
وبجانبه ختم صغير يقرأ فيه اسمه "عثمان". هذا في أعلى الصفحة، ثم كتب قيد آخر تحت عنوان الكتاب في الحاشية اليسرى نصّها: "مما أنعم الله تعالى صاحب هذا الكتاب اللطيف عبد الله عثمان مير
الضعيف در خزينه غفر الله خفي ذنوبه، وستر عيوبه مع المسلمين، وأيقضه (كذا) من نوم الغفلة ... ".
2 - تحت اسم المؤلف:
(المقدمة/47)
________________________________________
يوجزه، بل يجب عليه أن يفضله تفصيلاً، ويبشّر وينذر، ويذكر المنجيات والموبقات، ويبين أسباب المرض وأماراته وعواقبه، ولا يقتصر على الإرشاد إلى سبل الخلاص منه، بل يدلّ على طرق الوقاية
من الوقوع فيه أيضًا. ثم يعتني قبل ذلك بتهيئة قلب المبتلى للاستماع إلى كلامه والعمل بما يصف له من أنواع العلاج.
وهكذا كان جوابُ ابن القيم رحمه الله، جواب عالم ربّاني ناصح حكيم، جوابًا مبسوطًا مفصّلا، غايةً في بابه.
(المقدمة/20)
________________________________________
ترتيب مباحث الكتاب
شرع المؤلف رحمه الله في الجواب عن الاستفتاء رأسًا بقوله: "الحمد لله. ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء ... ". ومضى يكتب مرتجلاً على سجيّته، متنقلاً من مبحث إلى آخر، حتى أصبحت الفتوى كتابًا كبيرًا. ومع ذلك جاءت مطالب الكتاب مرتّبة متدرّجة متناسقة خلاف ما يظن في مثل هذا التأليف. ويمكننا أن نقسم مباحثه إلى خمسة أقسام:
1) فصول في الدعاء وحسن الظنّ بالله تعالى مع الحذر من الاغترار به (4 - 98).
افتتح الكلام بالحديث الذي أوردناه اَنفًا، وذكر أن الله تعالى أخبر عن القرآن أنه شفاء، ثم نبّه على أنّ الأذكار والآيات والأدعية التي يستشفى بها هي في نفسها نافعة وشافية ولكن تستدعي قبول المحلّ وقوة همة الفاعل وتأثيره. ثم ذكر أسبابًا أخرى لتخلّف الشفاء، وشروط قبول الدعاء، والاَفات التي تحول دون تأثيره.
ثم عقد فصلاً مهمًّا للإجابة عن "سؤال مشهور"، وهو أن المطلوب بالدعاء إن كان مقدّرًا فلا بدّ من وقوعه، دعا به العبد أم لم يدع؛ وإلاّ لم يقع سواء سأله العبد أم لم يسأله فما فائدة الدعاء؟ وبيّن أن المقدور قدر وقوعه بأسباب، ومنها الدعاء، ثم ذكر أن الله سبحانه جعل الأعمال في كتابه سببًا لحصول الخيرات والشرور في الدنيا والآخرة، فالمؤمن يدفع قَدَر العقوبة الأخروية بقَدَر التوبة والإيمان والأعمال الصالحة. ثم حذر من مغالطة نفس الإنساَن إياه بالاتكال على عفو الله ومغفرته تارة،
(المقدمة/21)
________________________________________
وبالتسويف بالتوبة تارة، وبالاحتجاج بالقدر تارة.
ثم فصّل صور الاغترار، وحكى أقوال المغترّين، وبين الفرق بين حسن الظنّ بالله والاغترار به، مشيرًا إلى خوف الصحابة على أنفسهم من النفاق، وهم من هم في تقوى الله وعبادته. وفي خلال ذلك أورد
أحاديث واَثارًا وأقوالاً لردع الجهّال العصاة المغترّين بالله. وهو فصل طويل نفيس.
ثم قال: "فلنرجع إلى ما كنّا فيه من ذكر دواء الداء الذي إن استمرّ أفسد دنيا العبد وآخرته".
2) العقوبات القدرية للمعاصي (98 - 258).
قرّر أوّلاً أنّ كل شرّ وداء في الدنيا والآخرة سببه الذنوب والمعاصي. وأشار إلى أن المعصية هي التي أخرجت الأبوين من الجنة، كما أخرجت إبليس من ملكوت السماء، وذكر الأمم التي استحقت
عذاب الله بسبب معاصيها في عصور مختلفة، وأورد أحاديث واَثارًا في آثار المعاصي وعواقبه.
ثم أفاض القول في أضرار المعاصي للعبد في دينه ودنياه وآخرته، واستغرق هذا المبحث أكثر من مائة صفحة. وذكر في آخر فصوله أن المعاصي مدد من الإنسان يعين به عدوّه على نفسه، وجيش يقوّيه به على حربه، وبيّن حِيَل الشيطان ووصيّته لجنوده بغزو قلب الإنسان والدخول عليه من كل مدخل، والقعود له بكل طريق.
3) العقوبات الشرعية للمعاصي (258 - 413).
بعد ذكر آثار المعاصي في حياة الأفراد والأمم، تطرّق الكلام إلى
(المقدمة/22)
________________________________________
بيان الحدود والتعزيرات، لتكون هذه رادعةً لمن لم يتعظ بتلك. وقسم العقوبات الشرعية إلى ثلاثة أنواع: القتل، والقطع، والجلد؛ والعقوبات القدرية إلى نوعين: نوع على القلب، ونوع على البدن،
وأورد طرفًا منها مرةً أخرى، ليستحضرها العبد، ويكفّ عن الذنوب.
ثم قسم الذنوب إلى أربعة أقسام: الملكية والشيطانية والسبعية والبهيمية، ثم عقد فصلاً في أن الذنوب كبائر وصغائر، وكشف الغطاء عن القول بأن الذنوب كلها كبائر بالنظر إلى الجرأة على الله.
ثم تكلم على مسألة، وهي أنّ تحريم الشرك هل هو مستفاد من الشرع فحسب، أو هو قبيح في الفطر والعقول، وممتنع أن تأتي به شريعة؟ وما السرّ في كون الشرك لا يغفر من بين سائر الذنوب؟ وقد
فصّل القول في هذه المسألة ببيان أنواع الشرك وحقيقته وخصائص الإلهية، وكون الشرك أكبر الكبائر عند الله.
وتكلم بعد ذلك على مفسدة القتل باختصار، ثم تناول مفسدة الزنى واللواط بالتفصيل، فإن الفتوى كلها دائرة على هذه المفسدة. فذكر أربعة مداخل للمعاصي: اللحظات، والخطرات، واللفظات،
والخطوات. ثم شرح مفسدة الزنى وما اختصّ حدّه به من بين الحدود، ثم بيّن عظم مفسدة اللواط وشدة فحشها، وردّ على من جعل عقوبته دون عقوبة الزنى، وانجرّ الكلام إلى وطء الميتة والبهيمة والسحاق، ثم حكم التلوّط مع المملوك.
4) علاج داء العشق (413 - 508).
هذا القسم هو أصل الجواب ومقصود السائل. وقد بين المؤلف فيه
(المقدمة/23)
________________________________________
أنّ الكلام في دواء هذا الداء من طريقين: أحدهما حسم مادّتة قبل حصولها، والثاني قلعها بعد نزولها.
أما الطريق الأول المانع من حصول الداء، فهو أمران: أحدهما غضّ البصر، وذكر المؤلف جملة من فوائده. والأمر الثاني أن يشتغل القلب بما يصدّه عن الوقوع في شَرَك العشق. وهو إما خوف مقلق أو
حبّ مزعج. ثم تكلّم على الحبّ، وقال: لا يمكن أن يجتمع في القلب حب المحبوب الأعلى وعشق الصور، بل هما ضدّان لا يتلاقيان.
والمحبة الصادقة تقتضي توحيد المحبوب، وأوضح أن أصل الشرك بالله هو الإشراك به في المحبة، وذكر مراتب المحبة، وأن العاقل يؤثر أعلى المحبة على أدناها، وأن أصل السعادة محبة الله وحده ومحبة ما يحبّه
الله.
أما الطريق الثاني وهو قلع مادة العشق بعد نزولها، فبدأ الكلام عليه بأن هذا المرض إنما حكاه الله سبحانه عن طائفتين من الناس، وهما اللوطية والنساء، وفصّل توافر الدواعي القوية إلى الفاحشة في قصة يوسف، وكيف آثر يوسف عليه السلام مرضاة الله وخوفه، وحمله حبُّه لله على أن اختار السجن على ما دعته إليه امرأة العزيز.
ثم ذكر أن عشق الصور أقسام، وأنه تارةً يكون كفرًا، كمن اتخذ معشوقه ندًّا يحبّه كما يحبّ الله، بل يُقدّم بعضهم رضا معشوقه على رضا ربّه، قال: "فهذا العشق الكفري الشركي لا يغفر لصاحبه. وهكذا حال أكثر عشّاق الصور إذا تأمّلته".
ثم بيّن علاج هذا الدّاء القتّال، وهو أن يعرف الإنسان أنّ ما ابتلي به هو مضادّ للتوحيد، ثم يأتي من العبادات الظاهرة والباطنة بما يشغل قلبه
(المقدمة/24)
________________________________________
عن دوام الفكرة فيه، ويكثر اللجأ والتضرّع إلى الله سبحانه في صرف ذلك عنه.
ثم بين مفاسد العشق الدينية والدنيوية، وأشار إلى ثلاثة مقامات للعاشق وما يجب عليه فيها. ثم كشف عما في العشق من صور الظلم والعدوان، وانتهى إلى أنه قد تضمن أنواع الظلم كلها.
5) إيراد الخصم بذكر فوائد العشق، والردّ عليه (508 - 573).
هذا القسم تكملة للقسم السابق. أورد فيه على لسان المعترض فوائد العشق ومنافعه، وطائفة من قصص العشاق، وإعانة الصالحين إيَّاهم على بلوغ مآربهم. ثم ردّ عليه بأنّ العشق من حيث هو لا يحمد ولا يذمّ، وإنما يتبين حكمه بذكر متعلّقه. فمنه النافع والضارّ والجائز والحرام. ثم ذكر أنّ أنفع المحبة على الإطلاق وأوجبها وأعلاها حبّ الله سبحانه، وأنّ أعظم لذّات الدنيا هي الموصلة إلى أعظم لذة في الآخرة.
ثم عقد فصلاً على أنّ محبّة النسوان لا لوم فيها على المحبّ، بل هي من كماله. فنكاح المعشوقة هو دواء العشق الذي جعله الله دواءه شرعًا وقدرًا. ثم ذكر أنّ العشق ثلاثة أقسام: أحدها قربة وطاعة، وهو عشق الرجل امرأته وجاريته. والثاني مقت من الله، وهو عشق المردان، وسمّاه "الداء الدويّ"، وذكر علاجه. والثالث عشق مباح لا يُملَك، كمن وُصفت له امرأة جميلة أو رآها فجأة من غير قصد، فأورثه ذلك عشقًا لها، ولم يُحدِث له ذلك العشق معصيةً. وذكر أن الأنفع له مدافعته والاشتغال بما هو أنفع له، ويجب عليه أن يكتم ويعف، ويصبر على بلواه. فيثيبه الله على ذلك، ويعوّضه على صبره لله، وعفّته، وتركه طاعة هواه، وايثار مرضاة الله وما عنده.
(المقدمة/25)
________________________________________
وفي آخر هذا القسم -وهو آخر فصول الكتاب- تكلّم على حديث "من عشق فعفّ ... " الذي احتجّ به الخصم.
(المقدمة/26)
________________________________________
موارد الكتاب
من الكتب التي صدر عنها المؤلف ما صرّح باسمه، ومنها ما سمّى صاحبه، ومنها ما نقل منه دون إشارة، فهي ثلاثة أقسام، والقسم الرابع ما سمعه ورواه عن شيخه شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله.
أولاً: أما القسم الأول، فمن أهمه وأكثره ورودًا: الصحيحان، ومسند أحمد، ثم السنن، والمستدرك، وصحيح ابن حبّان. ويمكن معرفة أماكن ورودها بالرجوع إلى فهرس الكتب المذكورة في المتن. أما
الكتب الأخرى التى سمّاها المؤلف، فنذكرها فيما يلي مرتّبةً على حروف المعجم. وقد أثبتنا بعد اسم الكتاب أرقام الصفحات التي ذكر فيها:
- اعتلال القلوب للخرائطي (571).
- تاريخ بغداد للخطيب (518).
- تذكرة الموضوعات لابن طاهر (568).
- تفسير سفيان الثوري (553).
- حلية الأولياء لأبي نعيم (125).
- ذخيرة الحفاظ لابن طاهر (568).
- ربيع الأبرار للزمخشري (563).
- الزهد للإمام أحمد (14، 30، 200). وزيادات ابنه عبد الله (11، 130، 142، 483، 557).
- الزهرة لأبي بكر محمَّد بن داود الظاهري (516).
(المقدمة/27)
________________________________________
- السنة لعبد الله ابن الإِمام أحمد (543).
- الضعفاء لابن الجوزي (571).
- العاقبة لعبد الحق الإشبيلي (505). وقد نقل نصوصًا منها دون تسمية الكتاب في ص (386 - 392).
- الكامل لابن عدي (568).
- كتب الأشعري (330).
- كتاب المجابين في الدعاء لابن أبي الدنيا (23).
- مسائل الإِمام أحمد رواية ابن هانئ (169).
- مسائل الإِمام أحمد رواية الشالنجي (411).
- معجم الطبراني (118). كذا قال دون تحديد، ولعل المقصود: المعجم الكبير، والحديث الذي نقله لم يرد في شيء من المعاجم الثلاثة المطبوعة.
- مناقب عمر لابن أبي الدنيا (112).
- الموضوعات لابن الجوزي (568).
ثانيًا: أسماء المؤلفين الذين لم يذكر المؤلف كتبهم التي صدر عنها، مع الإشارة إليها إن أمكن الوقوف عليها.
- الإِمام أحمد (558).
النقل من كتابه "العلل ومعرفة الرجال". وفي مواضع كثيرة نقل من كتاب "الزهد" (76، 101، 171، 124، 129، 131). وفي مواضع
(المقدمة/28)
________________________________________
أخرى من "المسند" (113، 123، 124، 310). وفي بعض المواضع يغلب الظن أنه نقل عن كتاب الزهد، ولكنّ النصّ المنقول لا يوجد في المطبوعة.
- ابن الجوزي (571).
يجوز أن يكون النقل هنا من كتابه "العلل المتناهية" أو من "ذم الهوى"، فالنص وارد في الكتابين.
- ابن حزم (531).
النصّ المنقول في كتابه "طوق الحمامة"، ولكن يبدو أنه نقله بواسطة، كما سيأتي في القسم الثالث.
- الخرائطي (512).
النقل من "اعتلال القلوب". ونقل منه في ص (514) أيضًا دون ذكره. وبعض الحكايات التي أسندها إلى الخرائطي (531، 563) ليست في المطبوع من كتاب الاعتلال.
- الخطيب (569): من "تاريخ بغداد".
- صاحب كتاب "منازل الأحباب" شهاب الدين محمود بن سليمان (519).
نقل أربعة أبيات له، ولكنها لم ترد في كتابه "منازل الأحباب".
- ابن أبي الدنيا (105، 106، 109 - 112، 115 - 122،119) نقل المؤلف من كتاب "العقوبات"، وهي نصوص كثيرة، وجلّها متتابعة، وإن كان قد أسند بعضها إلى مسند أحمد وجامع الترمذي وسنن
(المقدمة/29)
________________________________________
ابن ماجه، لورودها في الكتب المذكورة ومنزلتها في كتب الحديث.
- أبو عبد الله الحاكم (569).
والنقل من "تاريخ نيسابور"، كما صرّح بذلك في زاد المعاد (4/ 277).
- أبوطالب المكي (292): من "قوت القلوب".
- الطحاوي (411): من "شرح مشكل الآثار".
- أبو عبيد (169): من "غريب الحديث".
- أبو الوفاء ابن عقيل (75).
- علي بن الجعد (102): من مسنده.
- أبو عمر ابن عبد البرّ (109).
- محمَّد بن خلف بن المرزبان (569). لعل النقل من كتاب "ذم الهوى" لابن الجوزي.
ثالثًا: قد ينقل المؤلف بعض النصوص دون التصريح بمصدره.
ومن ذلك:
- نقل كلامًا أسنده إلى "بعض العلماء" (455). والمقصود ابن حزم، وقد لخّص المؤلف كلامه الوارد في كتابه "الأخلاق والسير".
- يظهر أن مصدر بعض النقول كتاب "الواضح المبين فيمن استشهد من المحبّين" لمغلطاي (510 - 513). وقد نقل المؤلف طائفة من قصص الحبّ (520 - 532)، وهي واردة في "منازل الأحباب" لشهاب
(المقدمة/30)
________________________________________
الدين الحلبي، الذي ذكره المؤلف في موضع -كما سبق- وعرّفه بـ "صاحب منازل الأحباب"، فجائز أن يكون قد نقلها من كتاب المنازل، ولكن بعض القرائن تشير إلى أنّ مصدرها أيضًا "الواضح
المبين" لمغلطاي.
وهكذا نقل المؤلف في موضع (531) عن ابن حزم قولّا ورد في كتابه "طوق الحمامة"، ولكن لفظه في كتاب ابن القيم يدلّ على أنه منقول من كتاب "الواضح المبين".
- قد وضع بعضهم "فتوى في العشق"، ونسبها إلى شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله، فأثبت الإِمام ابن القيم في كتابه روضة المحبين (233) أنها مكذوبة على شيخ الإِسلام. من هذه الفتوى نقل ابن القيم أقوالًا في فوائد العشق (558 - 511) في الفصل الذي عقده للردّ على المعترض المحتج بمنافع العشق. وهذا لا ضير فيه؛ لأن مثل هذه الأقوال تتناقلها كتب الأدب. ولكنه نقل قبل هذا الفصل (506) كلامًا مفيدًا لصاحب الفتوى نفسه فيما يجب على المبتلى بعشق الصور، فليته أسنده إلى "بعضهم"!
رابعًا: نقل المؤلف عن شيخه في عدّة مواضع مصرحًا باسمه (73، 97، 208، 335، 383، 472). وفي موضعين نقل قولًا له بلفظ "ويقول الآخر"، ضمن أقوال العارفين في النعيم الذي يتمتعون به لأنسهم بربّهم، وطمأنينتهم بذكره، وارتياحهم بحبّه، فقال: "ويقول الآخر: إنّ في الدنيا جنّة، من لم يدخلها لم يدخل جنّة الآخرة" (187).
(المقدمة/31)
________________________________________
وقد نسب المؤلف هذا القول في مدارج السالكين (1/ 536)، والوابل الصيّب (109) إلى شيخ الإِسلام، وصرّح بأنه سمعه يقول ذلك، والظاهر من السياق أنه من كلام شيخ الإِسلام نفسه، لا من
حكايته لكلام بعض المتقدمين.
وفي موضع آخر (482 - 487) أورد المؤلف رحمه الله ثلاثة عشر وجهًا من وجوه قوة الداعي إلى الفاحشة في قصة امرأة العزيز، وذكر جملة منها في طريق الهجرتين (496)، وروضة المحبين (449)،
ومدارج السالكين (2/ 156)؛ وصرّح في الأخير بأنها مما سمعه من شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله.
وليس في ذلك ما يستنكر، فشيخ الإِسلام شيخ المؤلف ومرشده، والمؤلف ناشر علوم شيخه وشارحها.
(المقدمة/32)
________________________________________
أهمية الكتاب والثناء عليه
لا يخفى على من أجال النظر في الفقرات السابقة أهمية هذا الكتاب القيم من حيث موضوعه الخطير وما انطوى عليه من مباحث جليلة نافعة. فقد تصدّى فيه المؤلف رحمه الله لعلاج داء دويّ يشقى به
المريض، ويحار فيه الطبيب النحرير، ووصف له كلّ السبل المانعة والدافعة مما وفقه الله إليه من خلال تدبّره لكتابه العزيز ومدارسته لسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
وقد تكلم المؤلف في غضونه على مسائل مهمّة عرضنا لها في بيان ترتيب الكتاب. وهو نفسه ينبّه أحيانًا على أهمية بعض المباحث وشدّة الحاجة إليها، وذلك من كمال نصحه وأمانته وإشفاقه على قارئ كتابه، ليقف عند تلك المباحث ويتأمّلها، ولا يمرّ بها عجلًا.
ومن ذلك أنّه لما تكلم على مسألة دفع القدر بالقدر قال: "فهذه المسألة من أشرف المسائل لمن عرف قدرها ورعاها حقّ رعايتها" (ص 35).
وقال أيضًا: "ومن فقه هذه المسألة وتأمّلها حق التأمل، انتفع بها غاية النفع، ولم يتكل على القدر جهلًا منه وعجزًا وتفريطًا وإضاعة، فيكون توكله عجزًا وعجزه توكلًا" (ص 34).
وهكذا عند ما بيّن أن حسن الظن بالله تعالى لا يجتمع مع الإساءة، ولن يكون محسنُ الظنّ بربّه مقيمًا على معاصيه معطّلًا لحقوقه، التفت إلى القارئ وقال له: "فتأمّل هذا الموضع، وتأمّل شدّة الحاجة إليه"
(ص 46). وبعد توضيح الفرق بين حسن الظن بالله والاغترار بعفوه
(المقدمة/33)
________________________________________
ورحمته اتجه إليه مرة أخرى وقال: "ولا تستطل هذا الفصل، فإن الحاجة إليه شديدة لكل أحد" (ص 50).
وقال في موضع: "فتأمّل هذا، فإنّه يزيل عنك إشكالات كثيرة" (ص 290).
وقال في موضع آخر: "هذا موضع يجب الاعتناء به". (ص 451).
وفي الكتاب فصول نفيسة في حقيقة الشرك وأنواعه وخصائص الإلهية، وبيان السرّ في كون الشرك أكبر الكبائر وأنّ قبحه مغروس في الفطر والعقول قبل أن تنزل الشرائع بتحريمه. وقد نقل هذه الفصول باختصار وتصرّف تقي الدين المقريزي في كتابه "تجريد التوحيد المفيد" (1).
وقد ذكر الشيخ أبو السمح عبد الظاهر بن محمَّد في مقدمته لهذا الكتاب أنه أول كتاب هداه الله به وأنقذه من الضلال. ولعله يقصد هذه الفصول التي لخّصها المقريزي في كتابه اللطيف. والشيخ أبو السمح من علماء الأزهر وقد استقدمه الملك عبد العزيز رحمه الله، وأسند إليه الإمامة والخطابة في الحرم المكي الشريف مع إدارة دار الحديث في مكة المكرمة (1345 - 1375 هـ) (2).
وقال الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله: "وفي هذا الكتاب من لطائف العلم وحقائقه وبيان محاسبة النفس ومراقبتها مالًا يستغني عنه طالب
__________
(1) (ص 55 - 72). وقد نبّهني على هذا النقل أخي الشيخ علي العمران محقق الكتاب المذكور جزاه الله خيرَا.
(2) الأعلام للزركلي (4/ 11)، وقد توفي الشيخ أبو السمح سنة 1370 هـ.
(المقدمة/34)
________________________________________
علم" (1).
وقد سبقت الإشارة إلى أهمية هذا الكتاب لشبابنا في زمننا هذا خاصةً، إذ نُزع الحجاب في معظم المجتمعات الإِسلامية، وانتشر السفور، وعمّ الاختلاط بين الجنسين، وكثرت المغريات، وغزت
الفضائيات والشبكة العنكبوتية بألوان جديدة من مظاهر الفسق والفجور، فاشتدّت الحاجة إلى "حراسة الفضيلة" (2) وتثبيت الشباب، وتحصين الثغور.
__________
(1) ابن قيم الجوزية (246).
(2) "حراسة الفضيلة" كتاب نفيس مشهور للشيخ بكر أبو زيد حفظه الله ورعاه.
(المقدمة/35)
________________________________________
طبع الكتاب وتحقيقه
الطبعة الأولى للكتاب صدرت في الهند في مدينة "آره" سنة 1307 هـ (89 - 1890 م) وكانت طبعة حجرية في 202 صفحة، بعنوان "الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي" (1).
ثم طبع الكتاب في القاهرة سنة 1322 هـ (1904 م) بمطبعة المتقدم في 176 صفحة.
لم أقف على هاتين الطبعتين، ولا على طبعة السلفية التي ذكر أنها صدرت سنة 1346 هـ (2). ولكن طبعةً أخرى ظهرت في العام نفسه على نفقة الشيخ أبي السمح عبد الظاهر بن محمَّد، والشيخ محمَّد صالح نصيف رحمهما الله. وقد طبعت في مطبعة أمين عبد الرحمن بشارع محمَّد علي في القاهرة، وهي بين يديّ. عدد صفحاتها 334، وفي أولها كلمة الناشر في صفحتين، ثم ترجمة المؤلف في ثلاث صفحات. وفي آخرها فهرس الموضوعات وجدول التصحيحات في 20 صفحة. وقد رقمت هذه الصفحات الخمس والعشرون بحروف الأبجد. والجدير بالذكر أن هذه الطبعة الصادرة في سنة 1346 هـ (1928 م) هي "الطبعة الثالثة" حسب ما كتب على الغلاف. فمتى صدرت الطبعتان الأولى
والثانية؟ لم أر من أشار إليهما.
ثم صدرت طبعتان عام 1377 هـ (1958 م): إحداهما في 224 صفحة بتصحيح الشيخ محمود عبد الوهاب فايد (المدرس بالأزهر
__________
(1) معجم المطبوعات العربية في شبه القارة الهندية الباكستانية (355).
(2) ابن قيم الجوزية (244).
(المقدمة/36)
________________________________________
الشريف) رحمه الله، والتزم طبعها مكتبة ومطبعة محمَّد علي صبيح وأولاده بالقاهرة. والأخرى بعناية الشيخ محمَّد عمرو الدين عبد الحميد رحمه الله، أصدرتها مطبعة المدني بالقاهرة في 359 صفحة بالإضافة إلى مقدمة المصحح في 8 صفحات.
وهذه أول نشرة للكتاب صدرت بعنوان "الداء والدواء"، ولها ميزة أخرى، وهي أنّ ناشرها قد صرح بأنه اعتمد في إخراجها على نسخة خطيّة. ومع أنّه لم يذكر مكانها، وصفها بأنها "بالغة الحدّ في الدقّة والضبط"، ثم نشر في أول الكتاب صفحات مصوّرة منها تُبيّن أنها بخط الشيخ عبد الله بن فائز بن منصور أبا الخيل الذي كتبها سنة 1247 هـ (1).
وقد طبع الكتاب بعد ذلك طبعات يصعب حصرها، وقد وقفت على كثير منها، ولكن التي تستحق الذكر منها لاعتمادها على نسخ خطيّة ثلاث:
طبعة دار ابن كثير في دمشق - بيروت سنة 1408 هـ (1988 م) بعناية الشيخ يوسف علي بديوي الذي ذكر أنه اعتمد فيها على نسخة الظاهرية.
وعن هذه النسخة أخرج الكتاب الشيخ عامر بن علي ياسين سنة 1417 هـ (1997 م)، ووصفها بأنها "جيدة على العموم، لكن فيها تصحيفات وتحريفات ليست بالقليلة، وفيها أيضًا كثير من المواضع
الباهتة التي تتعذّر قراءتها إلا بالتخمين والافتراض" (ص 26). وأشار مرة أخرى إلى كثرة السقط والتحريف فيها (ص 29). وقد صدرت هذه
__________
(1) توفي الشيخ عبد الله بن فائز سنة 1251 هـ. انظر ترجمته في: علماء نجد خلال ثمانية قرون (4/ 370).
(المقدمة/37)
________________________________________
الطبعة عن دار ابن خزيمة بالرياض.
والنشرة الثالثة هي التي عني بها الشيخ علي بن حسن الحلبي. وقد صدرت طبعتها الأولى سنة 1416 هـ (1996 م) عن دار ابن الجوزي بالدمام. وبين يديّ طبعتها الثامنة التي ظهرت سنة 1425 هـ. وقد ذكر في حاشية مقدمته أنه حقّق الكتاب عن نسخة مخطوطة، ونشر في آخره صورة أول هذه "النسخة المعتمدة" وآخرها. وهي نسخة مكتوبة سنة 1195 هـ، ولكن الغريب أن أول نشرته وآخرها غير مطابق لما جاء في النسخة المذكورة (1).
وقد حُقّق الكتاب سنة 1425 هـ عن أربع نسخ خطّية في رسالتين جامعيتين، أعدّتهما لنيل شهادة الماجستير باحثتان أشرف عليهما الشيخ عبد الله بن صالح البرّاك. وذلك في قسم الثقافة الإِسلامية بكلية التربية بجامعة الملك سعود (الرياض).
واعتُمد في هذا التحقيق على أربع نسخ: نسخة الإسكوريال (770 هـ)، ونسخة مركز الملك فيصل (785 هـ)، والنسخة المعتمدة في طبعة دار ابن الجوزي (1195 هـ)، ونسخة الظاهرية المعتمدة في طبعتي دار ابن كثير ودار ابن خزيمة (غير مؤرخة).
__________
(1) انظر تقويم النشرتين الأخيرتين في رسالة الباحثة فتحية القحطاني، ولا سيّما النشرة الأخيرة التي نقدتها نقدًا مفصّلًا (ص 30 - 39)، وأثبتت أن صاحبها لم يعتمد على المخطوطة التي ذكرها أصلًا!
(المقدمة/38)
________________________________________
النسخ المعتمدة في هذه الطبعة
تحتفظ خزائن الكتب في الشرق والغرب بأكثر من خمس وعشرين نسخة خطية من هذا الكتاب. وقد تيسّر الحصول -بفضل الله سبحانه- على أربع نسخ قديمة كلها من القرن الثامن، ونسخت إحداهما بعد وفاة المؤلف بتسع عشرة سنة. وهذه هي الأصول المعتمدة في هذه الطبعة، وقد أضيفت إليها نسختان من النسخ المتأخرة للاستئناس بهما.
وقبل أن آخذ في وصفها أحب أن أشكر لكل من كانت له يد في الحصول عليها، ولا سيّما فضيلة الشيخ عبد الله بن صالح البراك الذي تكرم بتزويدنا صورة من نسخة الإسكوريال، والأستاذ وليد بن أحمد الحسين رئيس تحرير مجلة الحكمة الذي أسعفنا بصورة من نسخة بايزيد العمومي. أما أخي الشيخ عبد العزيز بن فيصل الراجحي مدير قسم المخطوطات في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإِسلامية، فلم يأل جهدا -كعهده- في تيسير الاستفادة من مقتنيات القسم.
فجزاهم الله جميعًا خير الجزاء.
وإليكم الآن وصفها:

(1) نسخة الإسكوريال (س):
رقمها في مكتبة الإسكوريال: 743. وهي بخط النسخ في 126 ورقة، عدد الأسطر في كل صفحة بين 22 و 23 سطرًا. كتبت هذه النسخة سنة 770 كما في خاتمتها التي نصّها: "تم بحمد الله تعالى وعونه وحسن توفيقه في خامس عشرين صفر -خُتم بالخير والظفر- لسنة سبعين وسبعمائة. والصلوات التامّات
(المقدمة/39)
________________________________________

الكاملات على سيد الأبرار وخير الأخيار محمَّد المصطفى وعلى آله وصحبه وسلّم تسليمًا دائمًا كثيرًا".
وهذه أقدم النسخ المعروفة لكتاب الداء والدواء.
تبدأ النسخة بعد البسملة و "رب يسر وأعن برحمتك" بالعبارة الآتية: "سئل شيخ الإِسلام أبو عبد الله محمَّد بن أبي بكر الشامي تغمده الله برحمته، وأسكنه جنّته، فقال السائل ... ".
وهي بداية غريبة، فإنّ المؤلف رحمه الله كنيته أبو عبد الله، وهو محمد بن أبي بكر، وهو شامي أيضا، ولكنّ ما اشتهر به هو أنه "أبو عبد الله محمَّد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية". أما الصورة الواردة في
فاتحة هذه النسخة، فكأن المقصود بها إخفاء اسم المؤلف شيئًا ما عن بعض المقلدة أو بعض المناوئين، لكيلا يصدّ بعضهم تعصبه على المؤلف عن قراءة الكتاب أو يحمله على التعدّي عليه.
أما صفحة العنوان فتحمل اسم الكتاب وختمين وعددًا من قيود التملّك والقراءة وغيرها. عنوان الكتاب: "كتاب الداء والدواء"، ولكنه لم يكتب في موضعه، بل في النصف الأسفل من الصفحة، ولعله ليس بخط ناسخ الأصل.
أما القيود، فأقدمها قيد مطالعة مؤرخة في سنة 778، ونصّه: "نظر فيه داعيًا لمالكه بحسن الخاتمة محمَّد بن محمَّد بن عبد الرحيم القادري المغربي ... ".
ومن قيود التملّك:
1 - "قد إنتظمت المجموعة الشريفة هذه في سلك ملك الفقير إلى
(المقدمة/40)
________________________________________
الله الغني محمود بن الحسين بن محمود بن علي المكتني بأبي حمد الله القاضي الحنيفي الحنفي، وقت صلاة العصر، بصحّافية شيراز، حجة خمس وستين وثمانمائة، والمحرر مريض، وأمره على السلطان عريض
بثلاثمائة مخفية، ومهمّاته مكفيّة، والحمد لله رب العالمين".
2 - "تم دخل في نوبة الفقير إلى الله تعالى محمَّد بن مصطفى بن محمَّد بن عباد الله الرومي الحنفي -عفا عنهم ربهم العافي- في سنة 947"
3 - "الحمد لله، من نعم الله على عبده أحمد بن شعبان الشافعي".
وفي أعلى الصفحة وأسفلها عبارتان بخط فارسي دقيق، وهما من تقييد أحد قرّاء النسخة الذي علّق في مواضع منها، كما سيأتي. وفي الصفحة نفسها جاءت العبارة الآتية: "نودي على النيل المبارك في يوم الثلاثاء الواقع في سابع والعشرون (كذا) من شهر صفر المظفر سنة ثمان وأربعين وتسعمائة".
لم يذكر الناسخ اسمه، ولا أشار إلى الأصل الذي نقل منه، ولم أجد فيها من علامات البلاغ ما يدلّ على أنه قابل النسخة على أصلها، ولكن فيها تصحيحات قليلة بخطّه (100/ ب، 110/ أ، 116/ ب)، ثم هي قوبلت على نسخة أخرى، وقيدت الفروق في الحاشية مع كتابة حرف الخاء فوقها. ومن أمثلته:
- (2/ أ): "فلم يضيفوهم". وضعت علامة فوق الواو، وكتب في الحاشية: "خ فأبوا أن يضيفوهم".
- (2/ أ): "وقد أخبر سبحانه عن القرآن أنه شفاء". وضعت العلامة
(المقدمة/41)
________________________________________
فوق (عن) وكتب: "خ أن القرآن شفاء".
- (2/ ب): "أثّرت وأزالت الداء". العلامة فوق (أثرت) وفي الحاشية: "خ أثر في إزالة الداء".
- (5/ أ): "أن تكفني شرّ هذا اللص". وفي الحاشية: "خ تكفيني".
- (12/ أ): "إلى السماء التي قبلها". وفي الحاشية: "خ تليها".
- (28/ ب): "لعن مَن أكمَهَ أعمى عن الطريق". وفي الحاشية: "خ كمَّهَ".
وانظر أيضًا: (10/ أ، 12/ ب، 14/ أ، 17/ أ، 18/ أ، 21/ أ، 23/ ب، 25/ أ، 33/ أ، 43/ أ، 44/ أ، 44/ ب، 46/ ب، 47/ أ).
وبالخط نفسه توجد تصحيحات، إذ استوقف الكاتب بعض المواضع التي فيها تصحيف أو سقط، فكتب في الحاشية ما رآه صوابا بعد علامة "ظ"، وقد أصاب أحيانًا. ومن أمثلته:
- (ق 2/ ب): "تعتريني أدا". كذا جاء في النسخة، فكتب في الحاشية: "ظ أدواء"، يعني: الظاهر أن الصواب: "تعتريني أدواء". وقد صدق، والذي في الأصل تحريف.
- (ق 14/ أ): "ثم علينا فقال: أي إخواني". وضع علامة فوق (علينا)، وعلّق في الحاشية: "ظ أقبل أو نحوه". يعني: سقط كلمة "أقبل" أو نحوها قبل "علينا".
- (ق 31/ أ): "وجد في خزائن بني أمية حنطة الحبة كقدر نواة الثمرة". هنا كتب في الحاشية: "ظ حبَّة الحنطة". والحق أن ما في
(المقدمة/42)
________________________________________
المتن صواب، وكلمة "الحبة" ليست مضافا إليها كما ظنّ الكاتب، وإنما هي مرفوعة على الابتداء.
- (ق 59/ ب): "لجالدونا عليه بالسيوف". علّق عليه: "ظ لجادلونا". وهذا خطأ، والصواب كما في المتن.
وقد قرأ النسخة بعض العلماء المتأخرين، فعلّق عليها في مواضع كثيرة بخط فارسي دقيق، نبّه فيها أحيانا على بعض مباحث الكتاب كقوله: "تعريف القلب السليم" (60/ أ)، و "بشارة عظيمة" (54/ ب)، و"تنبيه عظيم" (30/ ب). ونقل بعض الأحيان نصوصًا من الكتب، كنقله من كتاب "خالصة الحقائق" (41/ ب) و "واقعات الشيخ أبي الحسن الرفّاء" (92/ أ). ولما نقل المؤلف قول "بعضهم: أنتم تخافون الذنوب وأنا أخاف الكفر" علّق عليه: "وهذا منسوب إلى الثوري رحمه الله" (34/ ب).
ولهذا الكاتب تأويلات غريبة للنصوص، فعلّق على ما ورد من أن الحجر الأسود يمين الله في الأرض: "والحجر على يمين الخارج من البيت، فكأنه يمين بيته" (65/ ب).
وذكر المؤلف أن بعض السلف إذا سمع الكلمة الصالحة من الرجل قال: "ما ألقاها على لسانك إلا ملك، وإذا سمع ضدّها قال: ما ألقاها على لسانك إلا الشيطان"، فعلّق على ذلك: "والمراد بالملك: العقل المتصف بصفته، وبالشيطان: الهوى، فتكون استعارة" (53/ أ).
وهذا ونحوه -على خطئه- محتمل، إذ علّقه في حاشية النسخة، ولكنّه أساء في موضع إساءة بالغة، إذ محا كلمات من المتن، وكتب
(المقدمة/43)
________________________________________
مكانها كلمات أخرى، ولما ضاق المكان أضاف كلمتين فوق السطر بعلامة "صح". قال المؤلف رحمه الله: "وقد نقل الله سبحانه آدم وحوّاء من الجنة بذنب واحد ارتكباه، وخالفا فيه نهيه. ولعن إبليس، وطرده، وأخرجه من ملكوت السماء بذنب ارتكبه".
فغيّره هذا القارئ إلى: " ... من الجنة إلى الأرض بذنب واحد بالغفلة عن مخالفة نهيه. ولعن إبليس ... وأخرجه من مشاركة أهل السماء في السعادة بذنب ارتكبه". وذلك بأنه محا الكلمات "ارتكباه،
وخالفا فيه"، وكتب مكانها: "بالغفلة عن مخالفة". وهكذا في الجملة الثانية محا كلمة "ملكوت"، وكتب: "مشاركة أهل". ثم زاد في الأولى بعد "من الجنة" فوقها: "إلى الأرض"، وفي الثانية بعد "أهل السماء" فوقها أيضًا: "في السعادة".
وهذا التصرّف منه جناية وعدوان.

(2) مصوّرة مركز الملك فيصل (ف).
رقمها في المركز: 1504 - ف. ولا نعرف أين أصلها. وهي في 393 صفحة، وفي كل صفحة 17 سطرًا. وقد كتبت سنة 785، كما في خاتمتها: "تم الكتاب والحمد لله رب العالمين ... في عشية الجمعة لخمس عشرة خلت من شهر شوال المبارك عام خمس (كذا) وثمانين وسبعمائة، أحسن الله خاتمته وتقضّيه، ونفع كاتبه وقارئه بما فيه، بمنّه وكرمه".
هذا الناسخ أيضًا لم يذكر اسمه، ولا أشار إلى الأصل الذي نقل منه نسخته.
(المقدمة/44)
________________________________________
وقد ورد عنوان الكتاب والمؤلف بخط الناسخ في صفحة العنوان على هذا الوجه: "كتاب الداء والدواء، تأليف الشيخ الإِمام العالم شيخ الإِسلام مفتي الفرق شمسُ الدين أبو عبد الله محمَّد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد إمام المدرسة الجوزية رحمه الله ورضي عنه آمين آمين".
وبجانب هذه العبارة قيد تملّك نصّه: "من كتب محمَّد عطائي، اشترى محمَّد الحجازي من مخلفات
عطائي بحرف (كذا) ".
وقد اشترى محمَّد الحجازي هذا نسخةً من شرح الشافية للجاربردي أيضًا من مخلفات عطائي، وهي محفوظة في مكتبة كوبريلي برقم 302، وكتب عليها: "من كتب الفقير محمَّد بن محمَّد الحجازي إمام المسجد الحرام وخطيبه بالشراء من مخلفات محمَّد عطائي في آخر رجب سنة ثمانين وألف" (1).
يفيد هذا القيد أنّ المشتري من رجال القرن الحادي عشر وأنه كان إمامًا وخطيبًا في المسجد الحرام (2). أما محمَّد عطائي، فلعله "محمَّد بن يحيى المتخلّص -على الطريقة التركية- بعطائي، المعروف
بنوعي زاده" المتوفى سنة 1044 هـ. وهو مؤرخ تركي، وله معرفة بالأدب العربي وفقه الحنفية (3).
__________
(1) فهرس مخطوطات كوبريلي (2/ 557).
(2) وهو مما يستدرك على كتاب أئمة المسجد الحرام للأستاذ يوسف الصبحي.
(3) الأعلام (7/ 141).
(المقدمة/45)
________________________________________
بداية هذه النسخة بعد البسملة والحوقلة:
"ما تقول السادة العلماء أئمة الدين رضي الله عنهم أجمعين في رجل ابتلي ببليّة ... فأجاب الشيخ الإِمام العالم شيخ الإِسلام مفتي الفرق شمس الدين أبو عبد الله ... ".
كتبت النسخة بخط نسخي واضح، وكلها بخط الناسخ إلا ورقة واحدة (ص 257 - 258) فإنها بخطّ مغاير متأخّر. ويظهر من الاستدراكات وكلمة "بلغ" في بعض المواضع (ص 179، 211) أنها
قوبلت على أصلها. ونجد في النسخة اهتمامًا بالغًا بوضع علامة للدلالة على بداية فقرة جديدة، وقد يكون ذلك من عمل بعض من قرأ النسخة.
وقد علّق أحد القرّاء أيضًا على النسخة، فصحّح، واستدرك، ولكنه هو أيضًا تصرّف بعض الأحيان في المتن لإصلاح ما خيّل إليه أنه خطأ.
ومن أمثلة ذلك أنه ورد في النسخة (ص 149): "بل اجعلوا نظره تفرّجًا واستحسانًا والشهوة ... " فمحا لام التعريف من كلمة "الشهوة"، ووضع عليها تنوين الفتحة: "شهوةً"، ليصحّ عطفها على ما قبلها.
ولو رجع إلى نسخة أخرى من الكتاب لتبيّن له أنّ في نسخته سقطًا، والصواب: " ... استحسانًا (وتلهّيًا. فإنْ استَرَقَ نظرةَ عبرةٍ فأفسِدوها عليه بنظر الغفلة والاستحسان) والشهوة". وقد سقط ما بين القوسين لانتقال نظر الناسخ.
ومن ذلك أيضًا أنّه ورد في النسخة (ص 156): "ومنهم من يكون سلطان الغضب عليه أغلب"، فغيّر كلمة "سلطان" إلى "شيطان"، مع ورود مثله في السطر السابق: "وسلطان غضبه ضعيف ... ".
(المقدمة/46)
________________________________________
(3) نسخة بايزيد العمومي (ز):
هذه النسخة محفوظة في مكتبة بايزيد العمومي برقم 1598، وهي بخط النسخ في 89 ورقة، وفي كل صفحة 25 سطرًا. وهي أيضًا خِلو من اسم الناسخ وتاريخ النسخ، غير أنّ في آخرها قيدَ تملّك مؤرخًا في سنة 791. فهي إذن من نسخ القرن الثامن، وقد كتبت قبل التاريخ المذكور.
في صفحة العنوان كتب اسم الكتاب: "كتاب الداء والدواء"، واسم المؤلف، وفيها علّه قيود تملّك ومطالعة. وفي أعلاها عبارة ضرب عليها حتى لا تقرأ، ونحوها في حاشيتها اليمنى.
وفي أسفل الصفحة ختم يحمل العبارة الآتية: "وقف هذا الكتاب عمر اَغا المشهور بإنسان زاده". وهذا الختم نفسه تراه في آخر النسخة، وفي أثنائها (ق 48/ أ) أيضًا.
أما قيود التملّك والمطالعة فهي:
1 - "من تمليكة الفقير الحقير عثمان مير در خزينة سنة 1166".
وبجانبه ختم صغير يقرأ فيه اسمه "عثمان". هذا في أعلى الصفحة، ثم كتب قيد آخر تحت عنوان الكتاب في الحاشية اليسرى نصّها: "مما أنعم الله تعالى صاحب هذا الكتاب اللطيف عبد الله عثمان مير
الضعيف در خزينه غفر الله خفي ذنوبه، وستر عيوبه مع المسلمين، وأيقضه (كذا) من نوم الغفلة ... ".
2 - تحت اسم المؤلف:
(المقدمة/47)
________________________________________









الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشور عبد المبدى
مراقبة
مراقبة
عاشور عبد المبدى


عدد المساهمات : 21
تاريخ التسجيل : 11/10/2020

الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Empty
مُساهمةموضوع: رد: الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word   الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Icon_minitime1الثلاثاء 9 مارس - 10:08



"من كتب العبد الفقير إلى الله الآمل العفو من ربه، محمَّد بن ... بتاريخ ثالث عشر ذي القعدة الحرام سنة ... ".
3 - وتحته: "من كتب العبد الفقير إلى رحمة ربه القدير محمَّد بن المرحوم حجّار الحجاري الحنبلي غفر الله له آمين".
4 - وعن يمينه: "انتقل إلى ملك كاتبه بالابتياع الشرعي سنة خمسين وتسعمائة. أبو الخير بن إبراهيم الحجازي الحنبلي لطف الله به آمين".
كذا قيّد هنا عام الشراء سنة 950، ولكن في آخر النسخة صرّح بشرائه عام 954، وقال:
"انتقل إلى ملك كاتبه بالابتياع الشرعي من الشيخ ... الماتاني (1) في مستهلّ شهر ربيع الثاني من شهور سنة أربع وخمسين وتسعمائة. أبو الخير الحجازي".
5 - وتحته قيد مطالعة نصّه:
"طالع فيه داعيًا لمالكه بالرشد والتوفيق في مسالكه أفقر عباد الله محمَّد بن عناية الله المغربي الحنفي أحد خَدَمة العلم الشريف بالقدس المنيف عفي عنه".
وقبل صفحة العنوان أضيفت ورقة أخرى تحمل عنوان الكتاب واسم المؤلف وعبارات منها قيدان للتملك أحدهما: "من كتب مستجي
__________
(1) لعله الشيخ نجم الدين محمَّد الماتاني المتوفى نحو 965، وقد وصفه في شذرات الذهب (4/ 327) بالإمام العالم الفقيه المحدث الصالحي.
(المقدمة/48)
________________________________________
زاده عبد الله ... ". وهو عبد الله بن عثمان بن موسى المدعو بمستجي زاده المتوفى سنة 1148 (1). والقيد الثاني صاحبه: "علي بن محمَّد بن بير أحمد الليثي".
وفي آخر النسخة ختم وقفية عمر آغا، وتحته قيد مطالعة لا يظهر منه إلا "طالع فيه"، والباقي ممحوّ. وتحته قيد تملّك نصّه: "مالكه من فضل الله محمَّد بن يوسف المصري ثم الشافعي رحم الله من يرحمه".
وتحته عن يمينه عبارة ضرب عليها حتى لا يمكن قراءته. وعن يساره قيد آخر أشرنا إليه من قبل لدلالته على أن النسخة قد كتبت في القرن الثامن، ونصّه: "انتقل إلى ملك أحمد بن علي بن يوسف عفا الله عنه، وذلك في شهر ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وسبعمائة".
وعن يمينه قيد شراء أبي الخير الحجازي للنسخة في 954، وقد نقلناه آنفًا.
بداية هذه النسخة بعد البسملة و "حسبي الله ونعم الوكيل اللهم وفق":
"سئل الشيخ الإِمام العالم العلامة المتقين الحافظ الناقد شمس الدين أبي عبد الله محمَّد بن الشيخ تقي الدين أبي محمَّد أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية زاده الله من فضله: ما تقول السادة الفقهاء ... ".
كذا ورد "أبي عبد الله" في هذه العبارة بالجرّ، ثم كذا وردت فيها
__________
(1) انظر: فهرس مخطوطات كوبريلي (3/ 138)، وكذا في إيضاح المكنون (1/ 142). وفي هدية العارفين (1/ 483) أنه توفي سنة 1150.
(المقدمة/49)
________________________________________
الكنيتان لوالد ابن القيم: "أبي محمَّد أبي بكر". وذلك أن "أبا بكر" هو اسمه، و"أبا محمَّد" كنيته. ومحمد هو ابن القيم نفسه.
الجدير بالذكر أن هذه العبارة بنصّها واردة في بداية نسخة الظاهرية.
والنسختان متفقتان أيضًا في الأسقاط، وأكبرها في (ق 47/ أ) مقداره نحو سبعة أسطر من النسخة، وقد سقطت لانتقال النظر. وهذه العبارة نفسها ساقطة من نسخة الظاهرية. وذلك دليل على أن إحداهما نسخت من الأخرى أو أنهما منسوختان من أصل واحد.
قوبلت النسخة على الأصل، إذ ورد في آخرها: "بلغ مقابلة حسب الطاقة". ويؤيد ذلك تصحيحات في حواشيها، والدوائر المنقوطة في المتن، وكلمة "بلغ" في (ق 41/ أ).
وقد تنقلت النسخة في أيدٍ كثرة، كما رأينا في قيود التملك، فمن الطبيعي أن تحمل أوراقها تعليقًا لهذا أو ذاك. وقد زاد بعضهم أحيانًا كلمات بين السطور لإصلاح النص -في زعمه- أو تفسيره. ومن أمثلة ذلك:
- (2/ أ): "فهذا دواء نافع مزيل للدعاء". كذا ورد في النسخة، فضبط بعضهم "مزيل" بتشديد الياء، وكتب فوقها: "أي مقو"! ولم يعرف أن "للدعاء" تحريف صوابه: "للداء".
- (3/ أ): "وتوسل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده". زاد بعد "أسمائه" كلمة "الحسنى".
- (4/ ب): "وكذلك قدر دخول الجنة بالأعمال". النص ناقص، وتكملته: "ودخول النار بالأعمال"، وهي ساقطة من هذه النسخة، فزاد
(المقدمة/50)
________________________________________
بعد "بالأعمال": "الصالحة".
- (4/ ب): "وإنما تنصرون من السماء". زاد بعدها: "بالدعاء".
- (5/ ب): "وبالاحتجاج بالأشباه والنظر والاقتداء بالأكابر تارةً".
كلمة "والنظر" في هذه العبارة تحريف، والصواب: "والنظراء". فلما أشكلت على بعضهم زاد بعدها: "إليهم".
وقد وقع محو وتغيير بعض الأحيان. ومن أمثلة ذلك:
- (3/ أ): "رفع رأسه إلى السماء". هنا محا بعضهم حرفي الراء وا لهمز؛، وغيّر "سه" إلي "يديه".
- ومن ذلك أن البيت الآتي قد وقع في جميع النسخ على هذا الوجه (1):
ولقد علمنا أنه قد أخرج الأبوين من ... ملكوتها الأعلى بذنب واحد والبيت من البحر الكامل، وظاهر أن في صدره زيادةًا ختلّ بها الوزن، فلو حذفت "أنه قد" استقام. وكان مقتضى الأمانة أن ينبّه على ذلك في الحاشية ولكنّ أحد القرّاء قد محا الكلمتين من النسخة، وترك مكانهما بياضًا (ق 28/ ب).

(4) نسخة جامعة ييل (ل):
هذه النسخة محفوظة في مكتبة جامعة ييل بالولايات المتحدة برقم 94. وهي في 221 ورقة، وعدد الأسطر في كل صفحة 15 سطرًا.
__________
(1) ولا يبعد أن يكون البيت قد ورد هكذا في نسخة المصنف رحمه الله. انظر ما علقته على البيت (578) من الكافية الشافية (1/ 193) للمصنف.
(المقدمة/51)
________________________________________
خطها نسخيّ واضح، وليس فيها اسم الناسخ ولا تاريخ النسخ، ورجّح مفهرس المكتبة أنها من القرن الثامن.
سمّي الكتاب في صفحة العنوان: "كتاب الجواب الكافي في سؤال الدواء الشافي". والظاهر أن الورقة الأولى من الأصل قد فقدت، فأضيفت إليه ورقة، وكتب فيها هذا العنوان استنباطًا من نصّ الكتاب.
وقد سبق الكلام عليه في مبحث "عنوان الكتاب".
وكتب في أسفل الصفحة: "من كتب حمزة بن توكل الحاجب رحمه الله تعالى". وبجانبه قيد تملّك لم يظهر كاملًا في الصورة.
بداية هذه النسخة بعد البسملة و "رب يسّر وأعن": "سئل شيخ الإِسلام شمس الدين ابن قيم الجوزية: ما تقول السادة العلماء ... ".
فلا ترى فيها الإكثار من النعوت كالنسخ الأخرى.
وفي النسخة تصحيحات قليلة بخط الناسخ تدل على المقابلة، وتصحيحات وتعليقات أخرى لبعض القرّاء. وقد نقل نصّا طويلًا من "الحصين الحصين" في (8/ ب-9/ 1)، كما وضع عناوين لبعض
المباحث.

(5) نسخة أوقاف بغداد (خا):
رقمها في مكتبة الأوقاف ببغداد: 4732. وهي في 158 ورقة، وفي كل صفحة 21 سطرًا. وهي مكتوبة بالخط الفارسي. لم يكتب الناسخ اسمه، ولكنّه نصّ في الخاتمة على أنه "وافق الفراغ منه في
أواسط يوم الأربعاء في شهر رمضان المبارك سنة مائة وألف" (1100).
وقد قيدت هذه النسخة في فهرس مكتبة الأوقاف بعنوان "دواء
(المقدمة/52)
________________________________________


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشور عبد المبدى
مراقبة
مراقبة
عاشور عبد المبدى


عدد المساهمات : 21
تاريخ التسجيل : 11/10/2020

الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Empty
مُساهمةموضوع: رد: الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word   الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Icon_minitime1الثلاثاء 9 مارس - 10:09



القلوب" أخذَا مما ورد على صفحة العنوان. وقد مضى الكلام مفصّلاَ على ذلك في مبحث عنوان الكتاب.
وفي صفحة العنوان عدّة تملّكات. ظهر منها اثنان، يعرف من أحدهما أن الكتاب كان في ملك الحاج إسماعيل حقي سنة 1256 في إزمير.
والقيد الثاني يفيد أنه كان من كتب عبد الرحيم بن محمَّد المعروف بمفتي زاده المدرس بمدرسة أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه (1).
في النسخة تصحيحات واستدراكات تدل على مقابلتها بالأصل، وفيها تعليقات وتقييدات أخرى باللغة التركية.
بداية النسخة بعد البسملة و "رب يسّر يا كريم": "سئل شيخ الإِسلام شمس الدين ابن قيم الجوزية: ما تقول السادة العلماء". وهي موافقة لبداية نسخة جامعة ييل (ل). وهما تتفقان في مواضع أخرى أيضًا، فلعلهما ترجعان إلى أصل واحد.

(6) مصورة مركز الملك فيصل (خب):
لا يعرف مصدر هذه النسخة المصورة، وهي محفوظة في مكتبة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإِسلامية برقم 325. ف.
وكانت ضمن مجموع يبلغ عدد أوراقه 334 ورقة. النسخة في 143 ورقة بخط النسخ، وفي كل صفحة 28 سطرًا.
__________
(1) بعض كتب "مفتي زاده" هذا محفوظ في مكتبة كوبريلي. انظر فهرس مخطوطاتها (3/ 21).
(المقدمة/53)
________________________________________
لم يكتب الناسخ اسمه، ولا أشار إلى الأصل المنقول منه، غير أنه أثبت تاريخ الفراغ من كتابة النسخة في آخرها. وهو السابع من شهر ذي القعدة سنة 1195 هـ. ولعل الورقة الأولى منها ضاعت، فذهب معها عنوان الكتاب.
وقد قوبلت النسخة على الأصل. يدلّ على ذلك بعض التصحيحات وقيد "بلغ مقابلة" في بعض الورقات. هذه النسخة هي التي زعم محقق طبعة دار ابن الجوزي أنه اعتمد عليها.
(المقدمة/54)
________________________________________
منهج التحقيق
اعتمدت في تحقيق نصّ الكتاب على النسخ الأربع الأولى ذوات الرموز (س، ف، ز، ل)، إذ هي أقدم النسخ التي وقفت عليها، وهي منحدرة من أصول مختلفة. ثم رجعت إلى النسختين المتأخرتين (خا،
خب) للتأييد والاستئناس. والجدير بالذكر أن النسخ (ز، ل، خا) استخدمت لأول مرة في هذه النشرة.
نسخة الإسكوريال (س) أقرب هذه النسخ إلى زمن المؤلف، إذ كتبت بعد وفاة المؤلف بتسع عشرة سنة، ولكنها لا تفضل كثيرًا على غيرها في الصحة والإتقان. ومن هنا لم أتخذها أصلًا في إثبات النصّ،
بل أثبثّ عند اختلاف النسخ ما ظهر لي رجحانه مع التنبيه على ما في سائرها. وكان الاهتمام منصبًّا على القراءة الدقيقة لهذه النسخ مع التنبيه لما قد يكون فيها من سقط وتصحيف وتصرّفات القرّاء.
وقد أثبتّ الفروق المهمّة في الحواشي، وأغفلت اختلافها في عبارات تنزيه الله سبحانه وتمجيده، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - والترضي عن صحابته. وكذلك الفروق غير المهمة التي تكثر في مثل هذه النسخ، ولا يفيد إثباتها إلا إثقال الحواشي.
وقد عنيت بضبط ما يشكل من النصّ، وتفسير الألفاظ والتعبيرات الغريبة، وتوثيق النقول، والربط بين هذا الكتاب والكتب الأخرى للمؤلف.
لم أضع عناوين جانبية، ورأيت أن تحبير بعض الكلمات أو الجمل الواردة في النص يغني عن مثل هذه العناوين.
(المقدمة/55)
________________________________________
وقد تولّى تخريج الأحاديث والآثار الواردة في الكتاب أخي الشيخ زائد بن أحمد النشيري فجزاه الله خيرًا، وإذا اجتمع في حاشية واحدة تعليقي وتعليق الشيخ زائد ميّزت بينهما بالرمز إليه بحرف الزاي، وإلى نفسي بحرف الصاد، وقد اكتفيت أحيانًا بإثبات الرمز في آخر التعليق الأول.
وأخيرًا أعددت فهارس متنوعة تكشف عما يتضمن الكتاب من اللطائف والفوائد، بالإضافة إلى الفهرس المفصّل لمطالب الكتاب.
وبعد، فهذه أول نشرة علمية للكتاب أرجو أن يكون نصّها مقاربًا لما صدر عن المؤلف رحمه الله.
(المقدمة/56)
________________________________________
نماذج مصوّرة
من النسخ الخطّية المعتمدة
(المقدمة/57)
________________________________________
صفحة العنوان من النسخة (س)
(المقدمة/58)
________________________________________
الورقة الأولى من النسخة (س)
(المقدمة/59)
________________________________________
خاتمة النسخة (س)
(المقدمة/60)
________________________________________
صفحة العنوان من النسخة (ف)
(المقدمة/61)
________________________________________
الورقة الأولى/ ب من النسخة (ف)
(المقدمة/62)
________________________________________
خاتمة النسخة (ف)
(المقدمة/63)
________________________________________
صفحة العنوان من النسخة (ز)
(المقدمة/64)
________________________________________
الورقة الأولى/ ب من النسخة (ز)
(المقدمة/65)
________________________________________
خاتمة النسخة (ز)
(المقدمة/66)
________________________________________
صفحة العنوان من النسخة (ل)
(المقدمة/67)
________________________________________
الورقة الأولى/ ب من النسخة (ل)
(المقدمة/68)
________________________________________
خاتمة النسخة (ل)
(المقدمة/69)
________________________________________
الورقة الأولى/ ب من النسخة (خا)
(المقدمة/70)
________________________________________
خاتمة النسخة (خا)
(المقدمة/71)
________________________________________
الورقة الأولى/ ب من النسخة (خب)
(المقدمة/72)
________________________________________
خاتمة النسخة (خب)
(المقدمة/73)
________________________________________
أثاَرُ الإمَام ابنِ قَيم الجوزيَّة وَمالِحَقَهَا مِن أَعمالٍ
(17)
الداء والدواء
تَأليف
الإمَامِ أبي عَبْدِ الله محمَّد بْنِ أبي بكر أَيُّوب ابن قَيِّمِ الجَوْزيّةِ
(691 - 751)
حَقَّقَهُ
مُحَمَّد أَجمَل الإصْلاَحي

خًرجَ أَحَادِيثهُ
زَائِد بن أحمد النّشيري
إشُرَاف
بكر بن عبد الله أبوُ زيد
تَمْويل
مُؤَسَّسَةِ سُليمَان بن عبد العزيز الرَّاجِحِيِّ الخَيريَّة
دار عالم الفوائد
للنشر والتوزيع
(1/1)
________________________________________
أثاَرُ الإمَام ابنِ قَيم الجوزيَّة وَمالِحَقَهَا مِن أَعمالٍ
(17)
الداء والدواء
تَأليف
الإمَامِ أبي عَبْدِ الله محمَّد بْنِ أبي بكر أَيُّوب ابن قَيِّمِ الجَوْزيّةِ
(691 - 751)
حَقَّقَهُ
مُحَمَّد أجمل الإصْلاَحي

خًرجَ أَحَادِيثهُ
زَائِد بن أحمد النّشيري
إشُرَاف
بكر بن عبد الله أبوُ زيد
تَمْويل
مُؤَسَّسَةِ سُليمَان بن عبد العزيز الرَّاجِحِيِّ الخَيريَّة
دار عالم الفوائد
للنشر والتوزيع
(1/2)
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (1)
ما تقول السادة العلماء أئمة الدين (2) - رضي الله عنهم أجمعين (3) - في رجل ابتلي ببلية، وعلم أنها إن استمرّت به أفسدت عليه (4) دنياه وآخرته، وقد اجتهد في دفعها عن نفسه بكل طريق، فما تزداد (5) إلا توقّدَا وشدة؛ فما الحيلة في دفعها؟ وما الطريق إلى كشفها؟ فرحم الله من أعان مبتلى (6)، "والله في عون العبد ما كان العبد (7) في عون أخيه" (Cool، أفتونا مأجورين (9).
فأجاب الشيخ الإِمام العالم شيخ الإِسلام مفتي الفِرَق شمس الدين
__________
(1) س: "ربِّ يسر وأعن برحمتك". ز: "حسبي الله ونعم الوكيل، اللهم وفق".
ل: "ربِّ يسر وأعن".
(2) هكذا بدأت النسختان ف، خب. وفي غيرهما ذكر اسم المؤلف وألقابه في أول الكلام، فبدأت ز مثلًا على النحو الآتي: "سئل الشيخ الإِمام العالم ... : ما تقول السادة العلماء ... مأجورين. فكتب الشيخ رضي الله عنه: الجواب: الحمد لله، ثبت ... ".
(3) "أجمعين" ساقط من ز.
(4) "عليه" من س، ل، خا.
(5) كذا في ل، خا. ولم ينقط حرف المضارع في س. وفي غيرها: "يزداد".
(6) س: "المبتلى".
(7) "العبد " ساقط من ف.
(Cool من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء (2699).
(9) كذا في ف، ز. وزاد في س، خب: "رحمكم الله". وفي ل: "رحمكم الله ورضي عنكم". وزاد في خب: "وختم لكم بخير".
(1/3)
________________________________________
أبو عبد الله محمَّد بن أبي بكر بن أيوب إمام المدرسة الجوزية بدمشق المحروسة رضي الله عنه (1):
الحمد لله (2). ثبت في صحيح البخاري (3) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء".

وفي صحيح مسلم (4) من حديث جابر (5) بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله".
وفي مسند الإِمام أحمد (6) من حديث أسامة بن شريك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله لم يُنْزِلْ داءً إلا أنزل له شفاءً، علِمَه مَن علِمَه، وجَهِله مَن
__________
(1) كذا في ف. وانظر للألقاب الواردة في النسخ الأخرى: وصفها في مقدمة التحقيق.
(2) زاد في ف: "ربِّ العالمين".
(3) في كتاب الطب (5678). وفي س: "صحيح مسلم والبخاري".
(4) في كتاب السلام (2204).
(5) س: "مسلم عن جابر".
(6) 4/ 278 (18456). من طريق مصعب بن سلاّم ثنا الأجلح عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك ... فذكره. وقد خولف مصعب. خالفه محمَّد بن فضيل، فرواه عن الأجلح عن زياد عن أسامة باللفظ الثاني الذي ذكره المؤلف. أخرجه الطبراني في الكبير 1/ 183 (478). ورواه محمَّد بن فضيل عن الشيباني والأجلح عن زياد به بمثله. أخرجه هناد في الزهد (1260). ورواية الجماعة -كما سيأتي- بدون زيادة (علمه من علمه، وجهله من جهله) ورواتها حفاظ متقنون كالثوري وشعبة والأعمش وغيرهم. وأيضًا مصعب بن سلام فيه ضعف.
وقد جاءت هذه الزيادة من حديث عبد الله بن مسعود عند أحمد في المسند و (3578) وغيره. وفيه اختلاف في رفعه ووقفه، وفي سماع أبي عبد الرحمن السلمي من ابن مسعود. راجع علل الدارقطني 5/ 334 - 335.
(1/4)
________________________________________
جَهِله".
وفي لفظ (1): "إن الله لم يضع داءً إلا وضع له شفاءً أو دواءً إلا داءً واحدًا" قالوا: يا رسول الله ما هو؟ قال: "الهرَم". قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح (2).
وهذا يعمّ أدواءَ القلب والروح والبدن، وأدويتَها.
وقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - (3) الجهل داء، وجعل دواءه سؤال العلماء: فروى أبو داود في سننه (4) من حديث جابر بن عبد الله قال: خرجنا
__________
(1) أخرجه الترمذي (2038) وأبو داود (2015) وابن ماجه (3436) وأحمد (18454) والطبراني (1/ 179 - 184) وغيرهم، من طرق عن الثوري وشعبة وابن عيينة والأعمش وزائدة وزهير وغيرهم، كلهم عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك. فذكره بعضهم مطولًا، وبعضهم مختصرًا. والحديث صححه سفيان بن عيينة والترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والدارقطني والضياء المقدسي والبوصيري وغيرهم. انظر الأحاديث المختارة (4/ 171)، والإلزامات والتتبع للدارقطني (ص 113 - 114).
(2) كذا في ف، ومتن الترمذي المطبوع مع تحفة الأحوذي (6/ 160). وكذا في نسخة باريس من الجامع رواية الكروخي (ق/ 134)، ومثله في تحفة الأشراف للمزي (1/ 62). وفي النسخ الأخرى: "حديث صحيح".
(3) العبارة "يعم ... - صلى الله عليه وسلم - " ساقطة من س.
(4) في كتاب الطهارة (336). وأخرجه الدارقطني (1/ 190) والبغوي في شرح السنة (313) من طريق الزبير بن خُريق عن عطاء بن أبي رباح عن جابر، فذكره. قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 156): "صححه ابن السكن، وقال ابن أبي داود: تفرد به الزبير بن خريق، وكذا قال الدارقطني، قال: وليس بالقوي" ثم ذكر الاختلاف على رواة الحديث. وانظر تحقيق المسند (3056) وبيان الوهم والإيهام لابن القطان = (2/ 236 - 237).
(1/5)









الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشور عبد المبدى
مراقبة
مراقبة
عاشور عبد المبدى


عدد المساهمات : 21
تاريخ التسجيل : 11/10/2020

الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Empty
مُساهمةموضوع: رد: الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word   الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Icon_minitime1الثلاثاء 9 مارس - 10:18




في سفر، فأصاب رجلاًَ منا حجر، فشجّه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه (1)، فقال (2): هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ قالوا: ما نجد لك رخصة، وأنت تقدر على الماء. فاغتسل، فمات. فلما قدمنا على رسول الله [2/ أ]- صلى الله عليه وسلم - أخبر بذلك فقال: "قتلوه، قتلهم الله! ألاّ سألوا إذ لم يعلموا! فإنما شفاء العي السؤال إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصِر -أو يعصِب- على جرحه خرقةَ، ثم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده".
فأخبر أنّ الجهل داء، وأنّ شفاءه السؤال.
وقد أخبر سبحانه عن القرآن أنه شفاء (3).، فقال تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا ُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} [فصلت: 44].

وقال: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82]، و"من" ها هنا لبيان الجنس لا للتبعيض (4)، فإن القرآن كله شفاء، كما قال في الآية الأخرى (5). فهو شفاء للقلوب من داء الجهل والشك والريب، فلم ينزل الله سبحانه من السماء شفاء قط أعم ولا أنفع ولا أعظم ولا أنجع (6) في إزالة الداء من القرآن.
__________
(1) ف: "الصحابة".
(2) "فقال" ساقط من س.
(3) ل: "أن القرآن شفاء". وقد أشير إلى هذه النسخة في حاشية س.
(4) ل: "ها هنا الجنس لا التبعيض".
(5) يعني الآية السابقة. وفي النسخ المطبوعة: "المتقدمة" مكان "الأخرى".
(6) س: "أبلغ".
(1/6)
________________________________________
وقد ثبت في الصحيحين (1) من حديث أبي سعيد قال: انطلق نفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - (2) في سَفْرة سافروها حتى نزلوا على حيّ من أحياء العرب، فاستضافوهم، فأبوا أن يُضَيّفوهم (3). فلُدِغَ سيّدُ ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء، لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهطَ الذين نزلوا، لعلّه أن يكون عند بعضهم شيء (4). فأتوهم، فقالوا: أيها الرهط إن سيّدنا لُدِغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم (5)، والله إنّي لأرقي، ولكن والله استضفناكم فلم تُضَيّفونا، فما أنا براقٍ حتى تجعلوا لنا جُعْلًا.
فصالحوهم على قطيع من الغنم. فانطلق يتفُل عليه، ويقرأ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} [الفاتحة: 2]. فكأنما نُشِطَ من عِقال، فانطلق يمشي، وما به قَلَبة (6). فأوفَوهم جُعْلَهم الذي صالحوهم عليه. فقال بعضهم: اقتسِموا، فقال الذي رقَى: لا نفعل حتى نأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - (7)، فنذكر له الذي كان، فننظر بما يأمرنا. فقدِموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكروا له ذلك، فقال: "وما يدريك أنها رقية؟ " ثم قال: "قد أصَبتُم، اقتسِمُوا واضرِبوا لي معكم سهمًا".
__________
(1) أخرجه البخاري في الإجارة، باب ما يعطي في الرقية ... (2276) وغيره، ومسلم في السلام، باب جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار (2201).
(2) ف: "رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
(3) س: "فلم يضيفوهم"، وأشير في الحاشية إلى ما أثبتناه من غيرها.
(4) ل: "عندهم بعض شيء".
(5) سقط "نعم" من ز.
(6) القلبة: الألم والعلّة. انظر النهاية (4/ 98).
(7) ل: "رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
(1/7)
________________________________________
فقد أثّر هذا الدواءُ في هذا (1) الداء، وأزاله حتى كأنْ لم يكن. وهو أسهل دواء وأيسره. ولو أحسن العبد التداوي بالفاتحة لرأى لها تأثيرًا عجيبًا في الشفاء.
ومكثتُ بمكة مدّةً تعتريني (2) أدواء، ولا أجد طبيبًا ولا دواء، فكنتُ أعالج نفسي بالفاتحة، فأرى لها تأثيرًا [2/ ب] عجيبًا (3). فكنت أصف ذلك لمن يشتكي (4) ألمًا، وكان (5) كثير منهم يبرأ سريعًا (6).
ولكن ها هنا أمر ينبغي التفطّن له، وهو أن الأذكار والآيات والأدعية التي يستشفى بها ويرقى بها، هي في نفسها نافعة شافية، ولكن تستدعي قبول المحلّ، وقوة همة الفاعل وتأثيره. فمتى تخلّف الشفاء كان لضعف تأثير الفاعل، أو لعدم قبول المنفعل، أو لمانع قوي فيه يمنع أن ينجع فيه الدواء، كما يكون ذلك في الأدوية والأدواء الحسية، فإنّ عدم تأثيرها قد يكون لعدم قبول الطبيعة لذلك الدواء، وقد يكون لمانع (7) قوي يمنع من اقتضائه أثره. فإن الطبيعة إذا أخذت الدواء بقبول تام كان انتفاع البدن به بحسب ذلك القبول، وكذلك القلب إذا أخذ الرقى والتعاويذ بقبول
__________
(1) "هذا" ساقط من ف.
(2) ف، ز: "يعتريني".
(3) "أعالج ... تاثيرًا" تكرر في س. وسقط "لا دواء فكنت ... عجيبًا" من ز، واستدرك بخط مغاير في الحاشية.
(4) ز: "اشتكى".
(5) ف: "فكان".
(6) وانظر كلام المؤلف في تأثير سورة الفاتحة في زاد المعاد (4/ 176 - 178)، وهناك أيضًا حكى عن نفسه أنه كان يتعالج في مكة بسورة الفاتحة. وانظر: مدارج السالكين (1/ 57 - 58).
(7) ل: "المانع".
(1/Cool
________________________________________
تام (1)، وكان للراقي نفس فعالة وهمة مؤثرة، أثّر في إزالة الداء (2).
وكذلك الدعاء، فإنه من أقوى الأسباب في دفع المكروه وحصول المطلوب، ولكن قد يتخلف عنه أثره (3)، إما لضعفه في نفسه بأن يكون دعاء لا يحبه الله لما فيه من العدوان، وإما لضعف القلب وعدم إقباله على الله وجمعيته عليه وقت الدعاء، فيكون بمنزلة القوس الرخو جدًّا فإن السهم يخرج منه خروجًا ضعيفًا، وإما لحصول المانع من الإجابة من أكل الحرام، والظلم، ورَين الذنوب على القلوب، واستيلاء الغفلة والسهو (4) واللهو وغلبتها عليها (5).
كما في صحيح الحاكم (6) من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أنّ الله لا يقبل دعاءً مِن قلبٍ
__________
(1) ف: "بالقبول التام".
(2) س: "أثرت وأزالت الداء"، وأشير في الحاشية إلى ما أثبتنا من غيرها.
(3) ف: "ولكن يتخلف أثره عنه".
(4) س: "الشهوة"، ولم يرد فيها ما بعد هذه الكلمة.
(5) كذا في ف، ز. وفي ل: "الغفلة والسهو والذنوب".
(6) كذا سمّى المؤلف مستدرك الحاكم بالصحيح، وسيأتي مرارًا، وكذا يسفيه شيخه، نظرًا إلى شرط المصنف لا توثيقًا لتصحيحه. ويدلّ على ذلك قوله في الفروسية (185 - 186): "ولا يعبأ الحفاظ أطباء علل الحديث بتصحيح الحاكم شيئًا, ولا يرفعون به رأسًا البتة، بل لا يدل تصحيحه على حسن الحديث، بل يصحح أشياء موضوعة بلا شك عند أهل العلم بالحديث ... ". وقال شيخ الإِسلام: " ... وروى ذلك الحاكم في صحيحه, لكن هذا ضعيف، وللحاكم مثل هذا، يروي أحاديث موضوعة في صحيحه" (رسالة في قنوت الأشياء - جامع الرسائل 1/ 12).
(1/9)
________________________________________
غافلٍ لاه" (1).
فهذا دواء نافع مزيل للداء، ولكن غفلة القلب عن الله تبطل قوله.
وكذلك أكل الحرام يبطل قوته ويضعفها، كما في صحيح مسلم (2) من حديث أبي هريرة: قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيها الناس، إنّ الله طيّب، لا يقبل إلا طيّبًا. وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ [3/ أ] كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51)} [المؤمنون: 51]، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} البقرة: 172] ". ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعثَ أغبرَ يمدّ يده إلى السماء: يا ربّ يا ربّ، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِيَ بالحرام، فأنّى يستجاب لذلك!
__________
(1) أخرجه الحاكم في المستدرك 1/ 670 - 671 (1817) والترمذي (3479) وابن حبان في المجروحين (1/ 368) وابن عدي في الكامل (4/ 62) وغيرهم، من طريق صالح المرّي عن هشام بن حسان عن محمَّد بن سيرين عن أبي هريرة، فذكره. قال الحاكم: "هذا حديث مستقيم الإسناد، تفرد به صالح المري، وهو أحد زهاد البصرة، ولم يخرجاه". وتعقبه الذهبي بقوله: "صالح متروك".
والحديث ضعفه الترمذي، وعده ابن عدي وابن حبان من منكرات صالح المري.
وورد من حديث عبد الله بن عمرو عند أحمد في المسند 2/ 177 (6655) لكنه من طريق حسن بن موسى عن ابن لهيعة قال ابن المديني: "الحسن بن موسى إنما سمع من ابن لهيعة بأخرة ... ". وحسنه المنذري والهيثمي انظر: الترغيب والترهيب (2/ 491 - 492) ومجمع الزوائد (10/ 148) ومسند الفاروق لابن كثير (2/ 649).
(2) في كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها (1015).
(1/10)






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشور عبد المبدى
مراقبة
مراقبة
عاشور عبد المبدى


عدد المساهمات : 21
تاريخ التسجيل : 11/10/2020

الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Empty
مُساهمةموضوع: رد: الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word   الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Icon_minitime1الثلاثاء 9 مارس - 10:19




وذكر عبد الله ابن الإِمام (1) أحمد في كتاب الزهد لأبيه (2): أصاب بني إسرائيل بلاءً، فخرجوا مخرجًا، فأوحى الله عَزَّ وَجَلَّ إلى نبيّهم أن أخبرهم: تخرجون إلى الصعيد بأبدان نجسة، وترفعون إليّ أكُفًّا قد سفكتم بها الدماء وملأتم بها بيوتكم من الحرام، الآن حين اشتد غضبي عليكم، ولن تزدادوا مني إلا بعدًا.
وقال أبو ذر: يكفي من الدعاء مع البِرّ ما يكفي الطعام من الملح (3).

فصل
والدعاء من أنفع الأدوية، وهو عدو البلاء، يدافعه ويعالجه، ويمنع نزوله، ويرفعه، أو يخففه إذا نزل.
وهو سلاح المؤمن، كما روى الحاكم في صحيحه (4) من حديث علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الدعاء سلاح المؤمن،
__________
(1) "الإِمام" من س.
(2) لم أفف عليه في المطبوع، وأخرجه أبو داود في الزهد (13)، وفي سنده ضعف.
(3) أخرجه أحمد في الزهد (788)، وابن المبارك في الزهد (319) وغيرهما، من طريق بكر بن عبد الله المزني عن أبي ذر، فذكره. قال أبو حاتم الرازي: "بكر بن عبد الله المزني عن أبي ذر مرسل". المراسيل (25) لابن أبي حاتم (ط دار الكتب العلمية).
(4) 1/ 669 (1812). وأخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 172) والقضاعي في مسند الشهاب (143) وغيرهما. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح، فإن محمَّد بن الحسن هذا هو التل أو هو صدوق في الكوفيين". قلت: محمَّد بن الحسن هو ابن أبي يزيد الهمداني، متروك الحديث. وكذبه ابن معين وأبو داود. وقال بعضهم: ضعيف. انظر: تهذيب الكمال (25/ 76 - 79) راجع السلسلة الضعيفة للألباني (179).
(1/11)
________________________________________
وعما د الدين، ونور السموات والأرض".
وله مع البلاء ثلاث مقامات:
أحدها: أن يكون أقوى من البلاء، فيدفعه.
الثاني: أن يكون أضعف من البلاء، فيقوى عليه البلاء، فيصاب به العبد. ولكن (1) قد يخففه، وإن كان ضعيفًا.
الثالث: أن يتقاوما، ويمنع كلّ واحد منهما صاحبه.
وقد روى الحاكم في صحيحه (2) من حديث عائشة قالت: قال لي رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "لا يغني حَذَر من قَدَر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل. وإن البلاء لينزل، فيلقاه الدعاء، فيعتلجان إلى يوم القيامة".
وفيه أيضًا (3) من حديث ابن عمر عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عبادَ الله بالدعاء".
__________
(1) ز: "ولكنه".
(2) 1/ 669 (1813). وأخرجه الطبراني في الدعاء (33)، والبزار في مسنده (زوائده: 2165) وغيرهما. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه". وتعقبه الذهبي بقوله: "زكريا مجمع على ضعفه".
(3) 1/ 670 (1815). وأخرجه الترمذي (3548) من طريق عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي مليكة عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر، فذكره. قال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر القرشي، وهو ضعيف في الحديث، ضعفه بعض أهل العلم من قبل حفظه".
وقال الذهبي في التلخيص: "عبد الرحمن واهٍ".
(1/12)
________________________________________
وفيه أيضًا (1) من حديث ثوبان: "لا يردّ القدرَ إلا الدعاءُ، ولا يزيد لعمر إلا البِرّ، دانّ الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه".

فصل
ومن أنفع الأدوية: [3/ ب] الإلحاح في الدعاء وقد (2) روى ابن ماجه في سننه (3) من حديث أبي هريرة قال: قال
__________
(1) 1/ 670 (1814). وأخرجه ابن ماجه (4022) وأحمد 37/ 68 (22386) وابن حبان (872) والبغوي في شرح السنة 13/ 6 (3418) وغيرهم، من طريق الثوري عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن أبي الجعد عن ثوبان، فذكره. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه". قلت: ولم يتعقبه الذهبي. وقد وقع في الحديث اختلاف، وطريق الثوري أشبه بالصواب، لكن في سنده عبد الله بن أبي الجعد، لم يوثقه غير ابن حبان.
وورد من حديث سلمان بلفظ "لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر". أخرجه الترمذي (2139) وقال: (هذا حديث حسن غريب من حديث سلمان، لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن الضريس". قلت: والحديث تفرد به أبو مودود، واسمه فضة -ضعيف الحديث- عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن سلمان. انظر: تهذيب الكمال (23/ 267).
(2) لم يرد "وقد" في س.
(3) رقم (3827). وأخرجه الترمذي (3373) وأحمد 2/ 442 (9701) والحاكم 1/ 668 (1807) وغيرهم، من طريق أبي المليح عن أبي صالح الخوزي عن أبي هريرة، فذكره. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، فإن أبا صالح الخوزي وأبا المليح الفارسي لم يذكرا بالجرح، وإنما هما في عداد المجهولين لقلة الحديث". قلت: الحديث تفرد به أبو صالح الخوزي، وهو لم يرو عنه غير أبي المليح، وقال فيه ابن معين: ضعيف الحديث. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال ابن حجر: لين الحديث. وجعل ابن عدي هذا الحديث من مفاريده. انظر تهذيب الكمال (33/ 418) والكامل في الضعفاء (7/ 294 - 295).
(1/13)
________________________________________
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من لم يسأل اللهَ يغضَبْ عليه".
وفي صحيح الحاكم (1) من حديث أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تعجزوا في الدعاء، فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد".
وذكر الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يحب الملِحّين في الدعاء" (2).
وفي كتاب الزهد للإمام أحمد (3) عن قتادة قال: قال مُوَرِّق: ما وجدت للمؤمن مثلًا إلا رجلًا في البحر على خشبة، فهو يدعو: يارب
__________
(1) 1/ 671 (1818). وأخرجه ابن حبان (871) والعقيلي في الضعفاء (3/ 188) وابن عدي في الكامل (5/ 13) وغيرهم، من طريق عمر بن محمَّد بن صهبان الأسلمي عن ثابت عن أنس فذكره. صححه الحاكم قال الحافظ في اللسان (6/ 141): "صححه الحاكم فتساهل في ذلك". قلت: الحديث تفرد به عمر بن محمَّد عن ثابت. وعمر هذا قال البخاري: منكر الحديث. وقال
النسائي: متروك. وقال أحمد: لم يكن بشيء. وقال العقيلي: "لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به". وقد وقع في سند ابن حبان والحاكم وهم. راجع السلسلة الضعيفة للألباني (843) والتعليق على ابن حبان.
(2) أخرجه العقيلي في الضعفاء (4/ 452) والطبراني في الدعاء (25) وابن عدي في الكامل (7/ 164)، من طريق بقية عن يوسف بن السفر عن الأوزاعي به، فذكره. ويوسف هذا متروك، قاله أبو زرعة والنسائي. وقال البخاري: كان يكذب. وقال ابن عدي: "وهذه الأحاديث التي رواها يوسف عن الأوزاعي بواطيل كلها".
والصحيح في المتن أنه من قول الأوزاعي. هكذا رواه عيسى بن يونس عن الأوزاعي قال: كان يقال: "أفضل الدعاء الإلحاح على الله والتضرع إليه".
أخرجه العقيلي (4/ 452) وقال: حديث عيسى بن يونس أولى.
(3) رقم (1765)، ورجاله ثقات.
(1/14)
________________________________________
يارب، لعل الله عَزَّ وَجَلَّ أن ينجيه.

فصل
ومن الآفات التي تمنع ترتُّبَ أثرِ الدعاء عليه: أن يستعجل العبد، ويستبطئ الإجابة، فيستحسرَ، ويدَعَ الدعاء. وهو بمنزلة مَن (1) بذر بَذرًا، أو غرس غِراسًا، فجعل يتعاهده ويسقيه، فلمّا استبطأ كمالَه وادراكَه، تركه وأهمله! وفي صحيح البخاري (2) من حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال (3): "يستجاب لأحدكم ما لم يعجَلْ، يقول: دعوتُ، فلم يُستجَبْ لي".
وفي صحيح مسلم (4) عنه: "لا يزال يُستجاب للعبد ما لم يَدْعُ بإثم أو قطيعةِ رحيم، ما لم يستعجلْ". قيل: يا رسولَ الله، وما الاستعجال (5)؟ قال: "يقول: قد دعوتُ وقَد دعوتُ، فلم أرَ يستجيب (6) لي. فيَستحسِرُ عند ذلك ويدَعُ الدعاء".
__________
(1) "أن يستعجل ... من" ساقط من س.
(2) ز: "وفي البخاري". والحديث في كتاب الدعوات، باب يستجاب للعبد ما لم يعجل (6340).
(3) ف: "أبي هريرة قال: قال رسول الله".
(4) في كتاب الذكر والدعاء، باب بيان أنه يستجاب للداعي ما لم يعجل (2735).
(5) س: "وما لا يستعجل".
(6) س، ل: "يستجب".
(1/15)






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشور عبد المبدى
مراقبة
مراقبة
عاشور عبد المبدى


عدد المساهمات : 21
تاريخ التسجيل : 11/10/2020

الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Empty
مُساهمةموضوع: رد: الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word   الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Icon_minitime1الثلاثاء 9 مارس - 10:20







وفي مسند أحمد (1) من حديث أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل" قالوا: يا رسول الله، كيف يستعجل؟ قال: "يقول: قد (2) دعوتُ ربّي، فلم يَستجِبْ لي".

فصل
وإذا جمع الدعاءُ حضورَ القلب وجمعيتَه بكلّيته على المطلوب، وصادف وقتًا من أوقات الإجابة الستة وهي: الثلث الأخير (3) من الليل، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات المكتوبات، وعند صعود الإِمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة، وآخر ساعة بعد العصر من ذلك اليوم (4)؛ وصادف خشوعًا في القلب، وانكسارًا بين يدي الربّ، وذلاًّ له، وتضرّعًا ورِقّةً؛ واستقبل [4/ أ] الداعي القبلة، وكان على طهارة، ورفع يديه إلى الله تعالى، وبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم ثنّى بالصلاة على محمَّد عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قدّم بين يدي
__________
(1) 3/ 193 (13008، 13198). وأخرجه أبو يعلى في مسنده (2865) والطبراني في الدعاء (81) وابن عدي في الكامل (6/ 214) وغيرهم، من طريق أبي هلال الراسبي عن قتادة عن أنس به فذكره. قلت: أبو هلال اسمه محمَّد بن سليم. في حفظه مقال، ويخالف أو يتفرد عن قتادة ولهذا قال ابن عدي بعد ما ساق لأبي هلال أحاديث: "وهذه الأحاديث لأبي هلال عن قتادة عن أنس كل
ذلك أو عامتها غير محفوظة".
وقد روي من وجهين عن أنس، ولا يثبت. انظر مسند البزار (6666) والحلية (6/ 309).
(2) لم يرد "قد" في "ف" وكذا في المسند (20/ 311). وفيه (20/ 422) كما أثبتنا من النسخ الأخرى.
(3) س: "الآخر".
(4) "اليوم" سافط من س.
(1/16)
________________________________________
حاجته التوبة والاستغفار، ثم دخل على الله، وألحّ عليه (1) في المسألة، وتملّقه، ودعاه رغبة ورهبة (2)، وتوسّل إليه بأسمائه (3) وصفاته وتوحيده، وقدّم بين يدي دعائه صدقة = فإنّ هذا الدعاء لا يكاد يُرَدّ أبدًا، ولا سيما إن صادف الأدعية التي أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها مظنة الإجابة، أو أنها متضمنة للاسم الأعظم: فمنها ما في السنن وصحيح ابن حبان من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه أنّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - سمع رجلًا يقول: اللهم إني أسألك بأنّي أشهد
أنّك أنت الله، لا إله إلا أنت، الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد. فقال: "لقد سأل الله بالاسم الذي إذا سُئل به أعطى، وإذا دُعي به أجاب" (4).
__________
(1) ف: "به عليه".
(2) زاد في س: "وتملقه مكرر".
(3) في ز: "الحسنى" فوق السطر.
(4) أخرجه أبو داود (1493، 1494) والترمذي (3475) وابن ماجه (3857) وابن حبان (892) وأحمد 5/ 350 (22965، 22952) من طريق مالك بن مغول عن ابن بريدة عن أبيه، فذكره. وفيه قصة.
ورواه عبد الوارث عن حسين بن ذكوان المعلم عن عبد الله بن بريدة عن حنظلة بن علي أن محجن بن الأدرع حدثه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل المسجد فإذا هو برجل قد قضى صلاته وهو يتشهد، وهو يقول: اللهم إني أسألك بالله الواحد الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، أن تغفر لي ذنوبي، إنك أنت الغفور الرحيم. قال: فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد غفر له، قد غفر له، قد غفر له، ثلاث مرات. أخرجه أحمد 4/ 338 (18974) وابن خزيمة (724) والحاكم 1/ 400 (985) وغيرهم. قال أبو حاتم الرازي بعد ذكر الطريقين: "وحديث عبد الوارث أشبه".
قلت: حديث عبد الوارث صححه ابن خزيمة والحاكم. انظر علل ابن أبي حاتم 2/ 197 - 198 (2082).
(1/17)
________________________________________
وفي لفظ: "لقد سألتَ الله باسمه الأعظم" (1).
وفي السنن وصحيح ابن حبان أيضًا من حديث أنس بن مالك أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسًا، ورجلٌ يصلي، ثم دعا فقال (2): اللهم إنّي أسألك بأنّ لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حيّ يا قيوم. فقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: "لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى" (3).
وأخرج الحديثين الإِمام أحمد في مسنده (4).
وفي جامع الترمذي (5) من حديث أسماء بنت يزيد أن النبي- صلى الله عليه وسلم - __________
(1) سنن أبي داود (1494). وفي ز: "لقد سأل".
(2) "فقال" لم يرد في ف.
(3) أخرجه أبو داود (1495) والنسائي (1300) وابن ماجه (3858) والترمذي (3544) وابن حبان (893) وأحمد 3/ 158،120، 265 (12205، 12611، 13798) وغيرهم، من طرق كثيرة عن أنس فذكره، وفيه قصة. وأقوى الطرق عن أنس: طريق إبراهيم بن عبيد بن رفاعة، وطريق أنس بن سيرين، وطريق حفص بن عمر.
والحديث صححه ابن حبان والحاكم والضياء المقدسي. انظر: الأحاديث المختارة (1514، 1552، 1885).
(4) انظر التعليق السابق.
(5) برقم (3476). وأخرجه أبو داود (1496) وابن ماجه (3855) وأحمد (6/ 461) والطبراني في الدعاء (113) والبغوي في شرح السنة (5/ 38 - 39) وغيرهم، من طريق عبيد الله بن أبي زياد ثنا شهر بن حوشب عن أسماء، فذكرته.
والحديث صححه الترمذي، وتكلم فيه البغوي فقال: "هذا حديث غريب".
قلت: عبيد الله وشهر في حفظهما ضعف.
(1/18)
________________________________________
قال: "اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)} [البقرة: 163] وفاتحة آل عمران: {الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)} [آل عمران: 1 - 2]. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وفي مسند أحمد (1) وصحيح الحاكم من حديث أبي هريرة، وأنس بن مالك، وربيعة بن عامر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ألِظُّو بـ (يا ذا الجلال والإكرام) " (2). يعني: [4/ ب] تعلّقوا بها، والزموها، وداوموا عليها.
وفي جامع الترمذي (3) من حديث أبي هريرة أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أهمّه (4) الأمرُ رفع رأسه (5) إلى السماء، [فقال: "سبحان الله
__________
(1) ف: "الإِمام أحمد".
(2) أخرجه الإِمام أحمد في المسند 4/ 177 (17596) والحاكم 1/ 676 (1836) والطبراني في الدعاء (92) وغيرهم، من حديث ربيعة بن عامر. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
وأخرجه الحاكم 1/ 676 - 677 (1837) من حديث أبي هريرة. وفيه رشدين بن سعد، ضعيف الحديث. وأخرجه الترمذي (3525) والطبراني في الدعاء (94) وغرِهما من حديث أنس، وقد أعله أبو حاتم الرازي والترمذي بالإرسال. انظر: علل ابن أبي حاتم (2/ 170 - 192). وله طريق آخر عن أنس، ولا يصح.
فالخلاصة أن الحديث صحيح الإسناد عن ربيعة بن عامر، ولا يثبت عن غيره.
(3) برقم (3436) وقال: "هذا حديث غريب". قلت: فيه إبراهيم بن الفضل المخزومي. قال البخاري: منكر الحديث. وقال الدارقطني: متروك.
(4) س: "همّه".
(5) غيّر بعض قراء النسخة (ز) "رأسه" إلى "يديه".
(1/19)
________________________________________
العظيم"] (1)، وإذا اجتهد في الدعاء قال: "يا حيّ يا قيوم".
وفيه أيضًا (2) من حديث أنس بن مالك قال: كان النبي- صلى الله عليه وسلم - إذا كَرَبه (3) أمرٌ قال: "يا حيّ ياقيوم برحمتك أستغيث".
وفي صحيح الحاكم (4) من حديث أبي أمامة عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنّه (5) قال: "اسم الله الأعظم في ثلاث سور من القرآن: البقرة وآل عمران وطه". قال القاسم: فالتمستُها، فإذا هي آية {الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)}.
وفي جامع الترمذي وصحيح الحاكم من حديث سعد بن أبي وقاص عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "دعوة ذي النون إذ دعا، وهو في بطن الحوت: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87)} [الأنبياء: 87] إنّه لم يدعُ (6) بها مسلمٌ في شيء قطّ إلا استجاب الله له" (7). قال الترمذي:
__________
(1) ما بين الحاصرتين زيادة من الحديث المذكور.
(2) برقم (3524) وقال: "وهذا حديث غريب". قلت: تفرد به يزيد الرقاشي عن أنس، ويزيد أقلّ أحواله أنه ضعيف.
ورواه إبراهيم بن طهمان عن الحجاج بن الحجاج عن قتادة عن أنس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو: "يا حي يا قيوم". أخرجه الطبراني في الدعاء. وظاهر سنده لا بأس به.
(3) كان في ف: "حزبه"، فغيّر إلى "كربه".
(4) 1/ 684 (1861). وأخرجه ابن ماجه (3856) والطبراني في الكبير (8/ 282) وتمام في فوائده (1568 - الروض البسام) وغيرهم، من طريق القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة، فذكره. وفي رواية القاسم هذا عن أبي أمامة كلام.
انظر تهذيب الكمال (23/ 386 - 387).
(5) "أنه" لم يرد في س.
(6) س: "يصدع".
(7) أخرجه الترمذي (3505) والحاكم 1/ 684، 685 (1862، 1863) وأحمد =
(1/20)
________________________________________
حديث صحيح (1).
وفي صحيح الحاكم (2) أيضًا من حديث سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أخبركم بشيء، إذا نزل برجل منكم [كرب أو بلاءً من بلايا الدنيا] (3) فدعا به يفرج الله عنه؟ دعاء ذي النون".
وفي صحيحه أيضًا (4) عنه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول (5): "هل أدلّكم
__________
= 1/ 170 (1462) والطبراني في الدعاء (124) وغيرهم.
ذكر الترمذي بعض الاختلاف في إسناده. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ولم يتعقبه الذهبي. وقال الهيثمي في "المجمع" 7/ 68: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
(1) لم يرد حكم الترمذي هذا في نسخ الجامع المطبوعة ولا في نسخة الكروخي وتحفة الأشراف.
(2) 1/ 685 (1864)، وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (660) من طريق محمد بن مهاجر القرشي عن إبراهيم بن محمد بن سعد عن أبيه عن جده، فذكره.
قلت: حديث يونس بن أبي إسحاق عن إبراهيم أصح من حديث محمَّد بن مهاجر عن إبراهيم؛ لأن محمَّد بن مهاجر قال فيه ابن عدي والذهبى: ليس بمعروف. وقال ابن حجر: ليّن.
انظر: تهذيب الكمال (26/ 519) والتاريخ الكبير للبخاري (1/ 230) والكامل لابن عدي (6/ 264).
(3) ما بين الحاصرتين زيادة من المستدرك وعمل اليوم والليلة. وفي خب: "أمر مهمّ"، وكذا في ط.
(4) 1/ 685 (1865). قلت: فيه عمرو بن بكر السكسكي. قال الذهبي: أحاديثه شبه موضوعة. وقال ابن حجر: متروك. انظر تهذيب الكمال (21/ 551) والتقريب (4993).
(5) "يقول" لم يرد في ز.
(1/21)
________________________________________
على اسم الله الأعظم؟ دعاءُ يونس". فقال رجل: يا رسول الله، هل (1) كانت ليونس خاصةً؟ فقال: "ألا تسمع قوله: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)} [الأنبياء: 88] فأيّما مسلم دعا بها في مرضه أربعين مرةً، فمات في مرضه ذلك، أعطي أجرَ شهيد. وإنْ برأ برأ مغفورًا له".
وفي الصحيحين (2) من حديث ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول عند الكرب: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله ربُّ العرش العظيم (3)، لا إله إلا الله ربُّ السموات وربُّ الأرض ربُّ العرش الكريم".
وفي مسند الإِمام أحمد (4) من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: علّمني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) -إذا نزل بي كرب- أن أقول: "لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحانَ الله [5/ أ]، وتبارك اللهُ ربُّ العرش العظيم، والحمد لله ربِّ العالمين".
وفي مسنده (5) أيضًا من حديث عبد الله بن مسعود قال: قال رسول
__________
(1) س: "هي".
(2) أخرجه البخاري في الدعوات، باب الدعاء عند الكرب (6346)؛ ومسلم في الذكر والدعاء، باب دعاء الكرب (2730).
(3) من أول الدعاء إلى هنا ساقط من س.
(4) 1/ 91، 94 (726،701) وأخرجه ابن حبان (865) والحاكم 1/ 688 - 689
(1873، 1874) وغيرهم. والحديث صححه ابن حبان والحاكم وابن حجر.
انظر الفتوحات الربانية لابن علاّن (7/ 4).
(5) 1/ 391 (3712). وأخرجه ابن حبان في صحيحه (979) والحاكم 1/ 690 (1877) والطبراني في الدعاء (1035) وغيرهم، من طرق عن فضيل بن =
(1/22)
________________________________________
الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أصاب أحدًا قط همّ ولا حزن، فقال: اللهم إنّي عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيّ حكمُك، عدل فيّ قضاؤك.
أسألك اللهمّ بكلِّ اسمٍ هو لك، سمّيتَ به نفسَك، أو علّمتَه أحدًا مِن خلقِك، أو أنزلتَه في كتابك، أو استأثرتَ به في علم الغيب عندك: أن تجعل القرآنَ العظيمَ ربيعَ قلبي، ونورَ صدري، وجلاء حزني وذَهاب همّي، إلا أذهب اللهُ عَزَّ وَجَلَّ همَّه وحزنَه، وأبدله مكانه فرحًا". فقيل: يا رسول الله، ألا نتعلّمها؟ قال: "بلى، ينبغي لمن سمعها (1) أن يتعلّمها" (2).
وقال ابن مسعود: ما كُرِبَ نبيّ من الأنبياء إلا استغاث بالتسبيح (3).
وذكر ابن أبي الدنيا في كتاب المجابين في الدعاء (4) عن الحسن (5) قال: كان رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأنصار يكنى أبا مِعْلَق، وكان
__________
= مرزوق عن أبي سلمة الجهني عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود، فذكره. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، إن سلم من إرسال عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه فإنه مختلف في سماعه عن أبيه".
وتعقبه الذهبي بقوله: "وأبو سلمة لا يدرى من هو، ولا رواية له في الكتب الستة".
قلت: عبد الرحمن لم يسمع من أبيه ابن مسعود إلا حديثًا أو نحوه لصغر سنه.
وأبو سلمة إن كان هو موسى بن عبد الله فهو ثقة، وإلا فهو مجهول. والله أعلم.
انظر جامع التحصيل للعلائي (437). والحديث صححه ابن حبان والحاكم والمؤلف وغيرهم وحسّنه ابن حجر في اللسان (9/ 84).
(1) ز: "يسمعها".
(2) انظر تفسير هذا الحديث في شفاء العليل (274).
(3) لم أقف عليه.
(4) برقم (23)، ولا يثبت سنده.
(5) في كتاب المجابين: "عن الحسن عن أنس ... ".
(1/23)
________________________________________
تاجرًا، يتّجر بمال له ولغيره، يضرب به في (1) الآفاق، وكان ناسكًا ورِعًا. فخرج مرةً، فلقيه لصّ مقنَّع في السلاح، فقال له: ضَعْ ما معك، فإني قاتلك. قال: ما تريد إلى دمي؟ شأنك بالمال. قال: أما المال فلي، ولست أريد إلا دمك. قال (2): أمّا إذ (3) أبيتَ، فذرني أصلي أربع ركعات. قال صلِّ ما بدا لك. فتوضأ، ثم صلّى (4) أربع ركعات.
فكان (5) من دعائه في آخر سجدة أن قال: يا ودود (6)، يا ذا العرش المجيد، يا فعالُ (7) لما يريد، أسألك بعزّك الذي لا يُرام، ومُلكك الذي لا يضام، وبنورك الذي ملأ أركانَ عرشك: أن تكفيَني (Cool شرَّ هذا اللصّ.
يا مغيثُ أغِثنْي، يا مغيثُ أغِثْني (9) ثلاث مرات. فإذا هو بفارس قد أقبل، بيده حَرْبة، قد وضعها بين أذنَي فرسِه. فلمّا بصُر به اللصُّ أقبل نحوَه، فطعنه، فقتله. ثم أقبل إليه، فقال: قم، فقال: من أنت، بأبي أنت (10) وأمّي؟ فقد أغاثني الله بك اليوم. فقال: أنا ملَك من أهل السماء الرابعة، دعوتَ بدعائك الأول، فسمعتُ لأبواب السماء قعقعةً، ثم
__________
(1) "في "ساقط من ف.
(2) ف: "فقال".
(3) س، ل: "إذا".
(4) ف: "وصلّى".
(5) س: "وكان".
(6) س، ل: "يا ودود، يا ودود".
(7) س، ز: "فعالاَ".
(Cool س: "تكفّني"، وفي الحاشية أشير إلى هذه النسخة.
(9) كذا في س، ز. وفي ف ورد "يا مغيث أغثني" مرة واحدة، وفي ل ثلاث مرات.
(10) "أنت" ساقط من ف.
(1/24)
________________________________________
دعوتَ بدعائك الثاني، فسمعتُ لأهل السماء ضجّةً. ثم دعوتَ بدعائك الثالث، فقيل لي (1): دعاء مكروب. فسألتُ الله [5/ ب] أن يُولّيني قتلَه.
قال الحسن (2): فمن توضأ، وصلّى أربع ركعات، ودعا بهذا الدعاء، استجيب له، مكروبًا كان (3) أو غير مكروب.

فصل
وكثيرًا ما تجد أدعيةً دعا بها قوم، فأستجيب لهم، ويكون قد اقترن بالدعاء ضرورةُ صاحبه، وإقباله على الله، أو حسنةٌ تقدمت منه جعل الله سبحانه إجابةَ دعوته شكرًا لحسنته، أو صادف وقتَ إجابة ونحو ذلك، فأجيبت دعوته. فيظن الظانّ أن السرّ في لفظ ذلك الدعاء، فيأخذه مجردًا عن (4) تلك الأمور التي قارنَتْه من ذلك الداعي. وهذا كما إذا استعمل رجل دواء نافعًا في الوقت الذي ينبغي على الوجه الذي ينبغي، فانتفع به، فظنّ (5) غيره أن استعمال هذا الدواء بمجرده كافٍ (6) في
حصول المطلوب، كان غالطًا. وهذا موضع يغلط فيه كثير من الناس.
ومن هذا أنّه (7) قد يتفق دعاؤه باضطرار عند قبر فيجاب، فيظنّ الجاهل أنّ السرّ للقبر، ولم يعلم أنّ السرّ للاضطرار وصدق اللجأ إلى
__________
(1) "لي" ساقط من ز.
(2) كذا في الأصول. وفي كتاب المجابين: "قال أنس".
(3) "كان" ساقط من س.
(4) س: من.
(5) ز: "وظنّ".
(6) س، ز: "كافيًا". ل: "نافع".
(7) "أنه" ساقط من ل.
(1/25)
________________________________________
الله. فإذا حصل ذلك في بيت من بيوت الله كان أفضل وأحبّ إلى الله.

فصل
والأدعية والتعوذات بمنزلة السلاح، والسلاح بضاربه لا بحدّ (1) فقط، فمتى (2) كان السلاح سلاحًا تامًّا لا آفة به، والساعد ساعد قوي (3)، والمانع مفقود، حصلت به النكاية في العدو. ومتى تخلّف واحد من هذه الثلاثة تخلّف التأثير.
فإذا كان الدعاء في نفسه غير صالح، أو الداعي لم يجمع بين قلبه ولسانه في الدعاء، أو كان ثَمَّ مانع من الإجابة، لم يحصل الأثر.

فصل
وههنا سؤال مشهور، وهو أنّ المدعوّ به إن كان قد قُدِّر لم يكن بدّ من وقوعه، دعا به العبد أو لم يدعُ. وإن لم يكن قد قدّر لم يقع، سواء سأله العبد أو لم يسأله (4).
فظنت طائفة صحة هذا السؤال، فتركت الدعاء، وقالت: لا فائدة
__________
(1) "والسلاح ... بحدّه " ساقط من س.
(2) س: "فإنّ".
(3) ف: "والساعد قوي".
(4) وانظر في هذه المسألة: مدارج السالكين (3/ 104)، ومجموع الفتاوى و (8/ 192)، واقتضاء الصراط المستقيم (2/ 228). وقد ذكر الشوكاني في البدر الطالع (2/ 144) رسالة للمؤلف في هذه المسألة بعنوان "الجواب الشافي لمن سأل عن ثمرة الدعاء إذا كان ما قد قُدر واقعٌ " (كذا "واقعٌ " بالرفع، و"الشافي" لعلّ صوابه: "النافع" ليتمّ السجع). وقد تفرّد الشوكاني بذكر هذه الرسالة، ولا ندري أهي رسالة مستقلّة، أم استخرج بعضهم هذا الفصل من كتابنا، وسمّاه بذلك الاسم.
(1/26)
________________________________________
فيه! وهؤلاء -مع فرط جهلهم وضلالهم- متناقضون، فإنّ طردَ مذهبهم يُوجِب تعطيلَ جميع الأسباب.
فيقال لأحدهم: إن كان الشبع والريّ قد قُدِّرا لك فلابد (1) من وقوعهما، أكلت أو لم تأكل. وإن [6/ أ] لم يقدّرا لم يقعا، أكلتَ أو لم تأكل.
وإن كان الولد قدّر لك فلابد منه، وطئتَ الزوجة والأمة (2) أو لي تَطأ. وإن لم يقدّر لم يكن، فلا حاجة إلى التزوّج والتسرّي. وهلمّ جرّا.
فهل يقول هذا عاقل أوآدمي؟ بل الحيوان البهيم مفطور على مباشرة الأسباب التي بها قوامه وحياته. فالحيوانات أعقل وأفهم من هؤلاء الذين هم كالأنعام، بل هم أضلُّ سبيلا.
وتكايس بعضهم، وقال: الاشتغال بالدعاء من باب التعبد المحض، يثيب الله عليه الداعي، من غير أن يكون له تأثير في المطلوب بوجه ما.
ولا فرق عند هذا (3) الكيّس بين الدعاء وبيّن الإمساك عنه بالقلب واللسان في التأثير في حصول المطلوب، وارتباطُ الدعاء عندهم به كارتباط السكوت، ولا فرق.
وقالت طائفة أخرى أكيَسُ من هؤلاء: بل الدعاء علامة مجردة نصبها الله سبحانه أمارةً على قضاء الحاجة. فمتى وُفّق العبد للدعاء كان ذلك علامة له وأمارة على أنّ حاجته قد قُضيت. وهذا كما إذا رأينا غيمًا
__________
(1) س: ل "فلا فائدة"، تحريف.
(2) س: "أو الأمة".
(3) "هذا" ساقط من س.
(1/27)
________________________________________
أسودَ باردًا في زمن الشتاء، فإنّ ذلك دليل وعلامة على أنّه يمطر.
قالوا (1): وهكذا حكم الطاعات مع الثواب، والكفر والمعاصي مع العقاب، هي أمارات محضة لوقوع الثواب والعقاب، لا أنّها أسباب له.
وهكذا عندهم الكسر مع الانكسار، والحريق (2) مع الإحراق، والإزهاق مع القتل. ليس شيء من ذلك سببًا ألبتة، ولا ارتباط بينه وبين ما يترتب عليه إلا مجرد إلاقتران العادي، لا التأثير السببي (3).
وخالفوا بذلك الحس، والعقل، والشرع، والفطرة، وسائر طوائف العقلاء، بل أضحكوا عليهم العقلاء (4)! والصواب أنّ ها هنا قسمًا ثالثًا غير ما ذكره السائل، وهو أن هذا المقدور (5) قُدر بأسباب، ومن أسبابه الدعاء. فلم يقدر مجردًا عن سببه، ولكن قدر بسببه. فمتى أتى العبد بالسبب وقع المقدور (6)، ومتى لم يأت بالسبب انتفى المقدور. وهذا كما قُدر الشبع والريّ بالأكل والشرب، وقدر الولد بالوطء، وقدر حصول الزرع بالبذر، وقدر خروج نفس الحيوان بذبحه (7). وكذلك [6/ ب] قُدر دخول الجنة بالأعمال،
__________
(1) "قالوا" ساقط من س.
(2) س: "الحرق".
(3) انظر: طريق الهجرتين (196، 206) وشفاء العليل (188).
(4) "بل ... العقلاء" ساقط من ز.
(5) ز: "المقدر".
(6) س: "المقدر".
(7) ز: "بالذبح".
(1/28)
________________________________________
ودخول النار بالأعمال (1).
وهذا القسم هو الحق، وهو الذي حُرِمَه السائل ولم يوفَّق له.

وحينئذ فالدعاء من أقوى الأسباب. فإذا قُدر وقوع المدعو به بالدعاء لم يصح أن يقال: لا فائدة في الدعاء، كما لا يقال: لا فائدة في الأكل والشرب وجميع الحركات والأعمال! وليس شيء من الأسباب أنفع من الدعاء ولا أبلغ في حصول المطلوب.
ولما كان الصحابة رضي الله عنهم أعلمَ الأمةِ بالله ورسوله، وأفقههم في دينه، كانوا أقوم بهذا السبب وشروطه وآدابه من غيرهم.
وكان عمر بن الخطاب (2) رضي الله عنه يستنصر به على عدوه، وكان (3) أعظم جنديه (4)، وكان يقول للصحابة (5): لستم تُنصَرون بكثرة، وإنما تُنصَرون من السماء (6).
وكان يقول: إنّي لا أحمل همَّ الإجابة، ولكن همَّ الدعاء. فإذا أُلهِمتُ الدعاءَ فإنّ الإجابة معه (7).
وأخذ الشاعر هذا، فنظمه، فقال:
__________
(1) سقط "ودخول النار بالأعمال" من ز، فكتب بعضهم فوق السطر: "الصالحة".
(2) "بن الخطاب" من س، ز.
(3) ل: "فكان".
(4) ف: "جنده".
(5) ف: "لأصحابه".
(6) لم أقف عليه.
(7) ذكره المصنف في المدارج (3/ 103) والفوائد (97)، وشيخ الإِسلام في الفتاوى (8/ 193) والاقتضاء (2/ 229).
(1/29)
________________________________________
لو لم تُرِدْ نيلَ ما أرجو وأطلُبه ... مِن جودِ كفّك ما عوّدتَني الطلَبا (1)
فمَن أُلهمَ الدعاءَ فقد أريد به الإجابة، فإنّ الله سبحانه يقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] وقال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186].
وفي سنن ابن ماجه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من لم يسأل الله يغضَبْ عليه" (2).
وهذا يدل على أن رضاه في سؤاله وطاعته. وإذا رضي الربّ تبارك وتعالى فكلّ (3) خير في رضاه، كما أنّ كل بلاءً ومصيبة في غضبه.
وقد ذكر الإِمام أحمد في كتاب الزهد (4) أثرًا (3): "أنا الله، لا إله إلا أنا، إذا رضيتُ باركتُ، وليس لبركتي منتهى (6). وإذا غضبتُ لعنتُ، ولعنتي تبلغ السابع من الولد".
وقد (7) دل العقل والنقل والفطر وتجارب الأمم -على اختلاف أجناسها ومللها ونحلها- على أنّ التقرب إلى ربّ العالمين وطلب مرضاته، والبرّ والإحسان إلى خلقه، من أعظم الأسباب الجالبة لكل
__________
(1) س، ل: "كفيك". وذكره المؤلف في المدارج (3/ 103)، وفيه:"بذل ما أرجو".
(2) تقدم تخريجه في ص (13).
(3) س، ز: "وكل"، خطأ.
(4) برقم (289)، وسنده صحيح إلى وهب بن منبه.
(3) "أثرَا" ساقط من س.
(6) س: "عن منتهى"، خطأ.
(7) ز: "ولقد".
(1/30)
________________________________________
خير. وأضدادها من أكبر الأسباب الجالبة لكل شرّ. فما استُجلِبتْ [7/ أ] نِعمُ الله واستُدفِعتْ نِقَمُه بمثل طاعته والتقرب إليه، والإحسان إلى خلقه.
وقد رتّب الله سبحانه حصولَ الخيرات في الدنيا والآخرة (1) وحصولَ الشرور في الدنيا والآخرة (2) في كتابه على الأعمال، ترتيب (3) الجزاء على الشرط، والمعلول على العلة، والمسبّب على السبب.
وهذا في القرآن يزيد على ألف موضع (4).
فتارةً يرتب الحكم الخبري الكوني والأمري (5) الشرعي على الوصف المناسب له، كقوله تعالى: {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166)} [الأعراف: 166]، وقوله: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: 55]، وقوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وقوله: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} إلى قوله. {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35] وهذا كثير جدًّا.
__________
(1) "وقد رتب ... الآخرة" ساقط من ز.
(2) كتب في حاشية ز: "مرتب" مع علامة صح. ولعله تقويم للعبارة بعد ما سقط أول الكلام.
(3) ف: "ترتب".
(4) وقال المصنف في المفتاح (1/ 363): "ولو كان هذا في القرآن والسنّة في نحو مائة موضع أو مائتين لسقناها، ولكنه يزيد على ألف موضع بطرق متنوعة".
(5) "الأمري" من ز، ويبدو أنه كذا كان في ف أيضًا ثم طمس. وفي غيرهما: "الأمر".
(1/31)








الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشور عبد المبدى
مراقبة
مراقبة
عاشور عبد المبدى


عدد المساهمات : 21
تاريخ التسجيل : 11/10/2020

الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Empty
مُساهمةموضوع: رد: الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word   الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Icon_minitime1الثلاثاء 9 مارس - 10:21



وتارةً يرتبه عليه بصيغة الشرط والجزاء، كقوله: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الأنفال: 29]، وقوله: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11] وقوله: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16)} [الجن: 16]، ونظائره.
وتارة يأتي بلام التعليل، كقوله: {لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29)} [ص: 29] وقوله: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143].
وتارة يأتي بأداة (كَي) التي للتعليل، كقوله: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: 7].
وتارة يأتي بباء السببية كقوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} [آل عمران: 182،والأنفال: 51] وقوله: {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 43] (1) و {بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام: 129] (2) وقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} (3) [الأعراف: 146].
__________
(1) وانظر أيضًا: النحل: 32، والسجدة: 14، والزخرف: 72، والطور: 19، والمرسلات: 43.
(2) وانظر أيضًا: الأعراف: 96، والتوبة: 82، 95، ويونس: 8، ويس: 65، وفصلت: 17، والجاثية: 14.
(3) وردت الآية في جميع النسخ خطأ: "ذلك بأنهم كفروا باَياتنا"، فأثبتوا في ط قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} [البقرة: 61، آل عمران: 112]
(1/32)
________________________________________
وتارة يأتي بالمفعول لأجله ظاهرًا أو محذوفًا (1)، كقوله: {فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282]، وقوله: {أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172)} [الأعراف: 172]، وقوله: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} [الأنعام: 156] أي كراهة أن تقولوا.
وتارة يأتي بفاء السببية، كقوله: {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (14)} [الشمس: 14] وقوله: {فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً (10)} [الحاقة: 10] وقوله: {فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (48)} [المؤمنون: 48]، ونظائره.
وتارة يأتي بأداة (لمّا) الدالة على الجزاء، كقوله: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: 55]، ونظائره.
وتارة يأتي بإنّ وما [7/ ب] عملت فيه، كقوله: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} [الأنبياء: 90]، وقوله في ضد هؤلاء: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (77)} [الأنبياء: 77].
وتارة يأتي بأداة (لولا) الدالة على ارتباط ما قبلها بما بعدها، كقوله: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)} [الصافات: 143 - 144].
وتارة يأتي ب (لو) الدالة على الشرط،- كقوله: هو {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [النساء: 66]
__________
(1) ف، س: "ومحذوفَا".
(1/33)
________________________________________
وبالجملة، فالقرآن من أوله إلى آخره صريح في ترتُّب (1) الجزاء بالخير والشر والأحكام الكونية والأمرية على الأسباب، بَل ترتُّب (2) أحكام الدنيا (3) والآخرة ومصالحهما ومفاسدهما على الأسباب والأعمالَ.
ومن فقه (4) هذه المسألةَ، وتأملها حقّ التأمل، انتفع بها غاية النفع، ولم يتكل (5) على القدر جهلًا منه وعجزًا وتفريطًا وإضاعةً، فيكون توكلُه عجزًا، وعجزه توكلًا.
بل الفقيهُ كلُّ الفقيه الذي يردّ القدر بالقدر، ويدفع القدر بالقدر، ويعارض القدر بالقدر، بل لا يمكن الإنسانَ يعيشُ (6) إلا بذلك، فإنّ الجوع والعطش والبرد وأنول المخاوف والمحاذير هي من القدر،
والخلقُ كلّهم ساعون (7) في دفع هذا القدر بالقدر (Cool.
وهكذا (9)، من وفّقه الله، وألهمه رُشدَه، يدفع قدَر العقوبة (10)
__________
(1) س: "ترتيب".
(2) ز: "يرتب".
(3) السياق في ف: "صريح في ترتب الجزاء بالخير والشرّ في الدنيا ... ".
(4) ما عداس، خب: "فقه في" وضبطت في ز، ل بضم القاف. وفي ط: "تفقه في".
(5) ز: "ومن يتكل".
(6) كذا في النسخ كلها ما عدا ز التي فيها: "العيش". وفي ط: "أن يعيش". وما ورد في النسخ جائز مقبول.
(7) س: "سارعون".
(Cool وانظر مدارج السالكين (1/ 199)، وطريق الهجرتين (64)، ومجموع الفتاوى (8/ 306، 547).
(9) س: "هذا"، تحريف.
(10) زاد بعضهم في ز فوق السطر: "الدنيوية و"، مع علامة صح، وهو خطأ. وفي س: "قدره"، وهو أيضًا خطأ، وقد تحرّفت فيها كلمة "الأخروية" أيضًا.
(1/34)
________________________________________
الأخروية بقدَر التوبة والإيمان والأعمال الصالحة، فهذا وِزان القدر المخوف في الدنيا وما يضادّه سواء (1). فربُّ الدارين واحد، وحكمته واحدة، لا يناقض بعضها بعضا، ولا يبطل بعضها بعضًا.
فهذه المسألة من أشرف المسائل لمن عرف قَدْرها، ورعاها حقّ رعايتها، والله المستعان.
لكن يبقى عليه أمران، بهما تتم سعادته وفلاحه: أحدهما؛ أن يعرف تفاصيل أسباب الشر والخير، ويكون له بصيرة في ذلك بما يشاهده (2) في العالم، وما جرّبه في نفسه وغيره، وما سمعه من أخبار الأمم قديمًا وحديثًا.
ومن أنفع ما في ذلك تدبُّر القرآن، فإنه كفيل بذلك على أكمل الوجوه، وفيه أسباب الشرّ والخير (3) جميعًا مفصّلةً مبيّنةً. ثم السنّة، فإنها شقيقة القرآن، وهي الوحي الثاني. ومن صرف إليهما عنايته اكتفى بهما عن غيرهما، وهما يُرِيانِك الخير والشرّ وأسبابهما، حتّى كأنّك تعاين ذلك عيانًا.
وبعد ذلك [8/ أ] إذا تأملتَ أخبار الأمم وأيام الله في أهل طاعته وأهل معصيته طابق ذلك ما علمتَه من القرآن والسنة، ورأيت تفاصيل (4) ما أخبر الله به ووعد به (5)، وعلمتَ من آياته في الآفاق ما يدلّك على أن
__________
(1) "سواء" ساقط من ف.
(2) ز: "شاهده".
(3) خب: "الخير والشرّ".
(4) ف، خب: "ورأيته بتفاصيل". وفي ز: "بفاضل".
(5) "ووعد به" ساقط من س.
(1/35)
________________________________________
القرآن حق، وأن الرسول حق، وأن الله ينجز وعده لا محالة. فالتاريخ تفصيل لجزئيات ما عرّفنا الله ورسوله به (1) من الأسباب الكلية للخير والشر.

فصل
والأمر الثاني (2): أن يحذر مغالطةَ نفسِه له (3) على هذه الأسباب.
وهذا من أهم الأمور، فإنّ العبد يعرف أنّ المعصية والغفلة من الأسباب المضرة له في دنياه (4) وآخرته، ولا بدَّ، ولكن تغالطه نفسه (5) بالاتكال على عفو الله ومغفرته تارة، وبالتسويف بالتوبة تارة، وبالاستغفار باللسان تارة، وبفعل المندوبات تارة، وبالعلم تارة، وبالاحتجاج بالقدر تارة، وبالاحتجاج بالأشباه والنظراء والاقتداء (6) بالأكابر تارة.
وكثير من الناس يظن أنه لو فعل ما فعل، ثم قال: "أستغفر الله" زال أثر الذنب، وراح هذا بهذا!
وقال لي رجل من المنتسبين إلى الفقه: أنا أفعل ما أفعل، ثم أقول: سبحان الله وبحمده مائة مرة، وقد غفر ذلك أجمعه، كما صحّ عن النبي
__________
(1) "به" من ف، ز.
(2) ما عدا س، ل: "الأمر الثاني" دون الواو.
(3) ز: "به".
(4) زاد في س قبل "دنياه": "دينه و".
(5) ل: "يغالطه بنفسه".
(6) ز: "والنظر". س: "والنظر بالاقتداء". خا: "بالأشباه تارة والنظر أو الاقتداء".
وكذا كان في خب، فأصلحه بعضهم: "بالأشباه والنظراء تارة والاقتداء". وكذا في ط. والمثبت من ف، ل.
(1/36)
________________________________________
- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من قال في يوم: سبحان الله وبحمده مائة مرة حُطّتْ عنه خطاياه (1)، ولو كانت مثلَ زبَدِ البحر" (2).
وقال لي آخر من أهل مكة: نحن أحدنا إذا فعل ما فعل اغتسل (3) وطاف (4) بالبيت أسبوعا (3)، وقد محيي عنه ذلك.
وقال لي آخر: قد صحّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أذنبَ عبدٌ ذنبًا، فقال: أيْ ربِّ أصبتُ ذنبًا فاغفره لي، فغفر له (6). ثم مكث ما شاء الله، ثم أذنب ذنبًا آخر، فقال: أيْ ربِّ أصبتُ ذنبًا، فاغفره لي، فغفره له. ثم مكث ما شاء الله، ثم أذنب ذنبًا آخر، فقال: أيْ ربِّ أصبتُ ذنبًا، فاغفره لي (7). فقال الله عز وجل: علِمَ عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ به.
قد غفرتُ لِعبدي، فليصنَعْ ما شاء! " (Cool.
__________
(1) ل، خا، خب: "حطت خطاياه".
(2) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. أخرجه البخاري في الدعوات، باب فضل التسبيح (6405) ومسلم في الذكر والدعاء، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء (2691).
(3) ز: "ثم اغتسل".
(4) س: "فطاف".
(3) يعني سبع مرَّات أي سبعة أشواط. النهاية (2/ 336).
(6) ز: "فغفره له". ل: "فغفر الله له ذنبه".
(7) النص "فغفره له ... " إلى هنا أثبتناه من ل، ونحوه في خا، خب. وقد استدرك في حاشية ف. وكذا وردت هذه العبارة في الحديث ثلاث مرات، وفي رواية في صحيح مسلم أربع مرات.
(Cool من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. أخرجه البخاري في التوحيد، باب قول الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} (7557). ومسلم في التوبة، باب قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب والتوبة (2758).
(1/37)






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشور عبد المبدى
مراقبة
مراقبة
عاشور عبد المبدى


عدد المساهمات : 21
تاريخ التسجيل : 11/10/2020

الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Empty
مُساهمةموضوع: رد: الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word   الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word Icon_minitime1الثلاثاء 9 مارس - 10:22



قال: وأنا لا أشكّ أنّ لي ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ به.
وهذا الضرب من الناس قد تعلّق بنصوص الرَّجاء، واتّكل عليها، وتعلق بها (1) بكلتا يديه. وإذا عوتب على الخطايا والانهماك فيها سرد لك ما يحفظه من سعة رحمة الله ومغفرته ونصوص الرجاء.
وللجهال [8/ ب] من هذا الضرب من الناس في هذا الباب غرائب وعجائب، كقول بعضهم:
وكَثِّرْ ما استطعتَ من الخطايا ... إذا كان القدومُ على كريمِ (2) وقول الآخر: التنزّه من الذنوب جهل بسعة عفو الله! وقول الآخر (3): تركُ الذنوب جراءة على مغفرة الله، واستصغار لها!
وقال أبو محمَّد ابن حزم: رأيت بعض هؤلاء يقول في دعائه: اللهم إنّي أعوذ بك من العصمة!
ومن هؤلاء المغرورين من يتعلق بمسألة الجبر، وأن العبد لا فعل له البتة ولا اختيار، وإنما هو مجبور على فعل المعاصي.
__________
(1) ز: "به".
(2) س، ل: "وأكثر". وقد أنشده المؤلف في عدة الصابرين (50) أيضًا. والبيت لأبي نواس في وفيات الأعيان (2/ 97) وفيه: "تكثَّر". وفي ديوانه (730) مع عجز آخر.
تكثّرْ ما استطعتَ من الخطايا ... فإنك قاصدٌ ربًّا غفورا
(3) ل، خا: "وقال الآخر".
(1/38)
________________________________________
ومن هؤلاء من يغتر بمسألة الإرجاء، وأنّ الإيمان هو مجرد التصديق، والأعمال ليست من الإيمان، وإيمان أفسق الناس كإيمان جبريل وميكائيل.
ومن هؤلاء من يغتر بمحبة الفقراء والمشايخ والصالحين، وكثرة التردد إلى قبورهم، والتضرّع إليهم، والاستشفاع بهم، والتوسل إلى الله بهم، وسؤاله بحقّهم عليه وحرمتهم عنده.
ومنهم من يغتر بآبائه وأسلافه، وأن لهم عند الله مكانة وصلاحًا، فلا يدَعون (1) أن يخلّصوه، كما يشاهد في حضرة الملوك، فإنّ الملوك تهَبُ لخواصّهم ذنوبَ أبنائهم وأقاربهم، وإذا وقع أحد منهم في أمر مفظع خلّصه أبوه وجدّه بجاهه ومنزلته.
ومنهم من يغتر بأن الله عَزَّ وَجَلَّ غنى عن عذابه، وأنّ عذابه (2) لا يزيد في ملكه شيئًا، ورحمته له لا ينقص من ملكه شيئًا، فيقول: أنا مضطرّ إلى رحمته، وهو أغنى الأغنياء (3). ولو أن فقيرًا مسكينًا،
مضطرًّا (4) إلى شربة ماء، عند مَن في داره شط يجري، لَما منعه منها؛ فالله أكرم وأوسع، فالمغفرة لا تنقصه شيئًا، والعقوبة لا تزيد (5) في ملكه شيئًا.
__________
(1) س: "فلا يدعوه".
(2) "أن" من س.
(3) ز: "وهو غني عن عذابه"، ولعلها تكررت خطأ مكان "وهو أغنى الأغنياء".
(4) ف: "مضطر".
(5) ز: "لا تزيده".
(1/39)
________________________________________
ومنهم من يغترّ بفهم فاسد فهِمَه (1) هو وأضرابه من نصوص القرآن والسنة (2)، فاتكلوا عليه، كاتكال بعضهم على قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)} [الضحى: 5] قالوا (3): وهو لا يرضى أن يكون في النار أحد (4) من أمته! وهذا من أقبح الجهل، وأبين الكذب عليه. فإنّه يرضى بما يُرضي (5) ربَّه عز وجل، والله تعالى يُرضيه تعذيبُ الظلَمة [9/ أ] والفسَقة والخوَنة والمصرّين على الكبائر. فحاشا رسولَه أن لا يرضى مما يرضى به ربه (6) تبارك وتعالى.
وكاتكال بعضهم على قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}. وهذا أيضًا من أقبح الجهل. فإن الشرك داخل في هذه الآية، فإنّه رأس الذنوب وأساسها، ولا خلاف أنّ هذه الآية في حق التائبين، فإنّه يغفر كل ذنب للتائب (7)، أي ذنب كان (Cool. ولو كانت الآية في حق غير التائبين (9) لبطلت نصوص الوعيد كلّها، وأحاديث إخراج
__________
(1) "فهمه" ساقط من ز.
(2) "والسنة" ساقط من س.
(3) ف: "قال".
(4) س: "أحد في النار".
(5) ز: "يرضى به".
(6) س: "أن لا يرضى به ربّه"، فأسقط "بما يرضى".
(7) كذا في ف. وفي ل، ز، خا: "ذنب كل تائب".
(Cool ل، خا: "من أي ذنب كان".
(9) العبارة "فإنه يغفر ... غير التائبين" ساقطة من س.
(1/40)
________________________________________
قوم من الموحدين (1) من النار بالشفاعة.
وهذا إنما أُتِيَ صاحبُه من قلّة علمه وفهمه، فإنه سبحانه ههنا عمّم وأطلق فعُلِمَ أنه أراد التائبين. وفي سورة النساء خصّص وقيّد، فقال: {إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]، فأخبر سبحانه أنه لا يغفر (2) الشرك، وأخبر أنه يغفر ما دونه. ولو كان هذا في
حقّ التائب لم يفرّق بين الشرك وغيره (3).
وكاغترار بعض الجهال بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6)} (4) [الانفطار: 6] فيقول: كَرَمُه! وقد يقول بعضهم: إنّه لقّن المغترَّ حجتَه، وهذا جهل قبيح. وإنما غرّه بربّه الغرورُ -وهو الشيطان- ونفسُه الأمّارة بالسوء، وجهلُه، وهواه.
وأتى سبحانه بلفظ "الكريم"، وهو السيّد العظيم المطاع (5) الذي لا ينبغي الاغترار به ولا إهمال حقّه، فوضع هذا المغترُّ الغرورَ في غير موضعه، واغترّ بمن لا ينبغي الاغترار به.
وكاغترار بعضهم بقوله تعالى في النار: {لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16)} [الليل: 15 - 16]، وقوله: {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 24].
ولم يدر هذا المغتر أنّ قوله: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14)} [الليل: 14] هو لِنارِ
__________
(1) ز: "قوم موحدين".
(2) العبارة بعد "لا يغفر" في الآية إلى هنا ساقطة من س.
(3) "وأخبر ... وغيره" سقطت من ف، فاستدرك بعضهم في الحاشية: "وأخبر أنه يغفر ما دونه" فقط.
(4) الآية الكريمة في ف إلى قوله تعالى {الَّذِي خَلَقَكَ} وفي س اكتفى بـ "الذي"!
(5) س: "والمطاع" ..
(1/41)
________________________________________
مخصوصةٌ من جملة دركات جهنم. ولو كانت جميع جهنم، فهو سبحانه لم يقل: "لا يدخلها"، بل قال: {لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى} ولا يلزم (1) من عدم صِلِيها عدمُ دخولها، فإن الصَلِيَّ أخصُّ من الدخول، ونفيُ الأخصّ لا يستلزم نفي الأعم.
ثم إنّ هذا المغترّ لو تأمل الآية التي بعدها لعلم أنه غير داخل فيها، فلا يكون مضمونًا له أن يُجَنَّبَها.
وأما قوله في النار: {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 24]، فقد قال في الجنة: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)} [آل عمران: 133]. ولا ينافي إعداد النار للكافرين أن تدخلها الفسّاق والظلَمة، ولا ينافي إعدادَ الجنة للمتقين أن يدخلها من في قلبه أدنى مثقال ذرة من إيمان، [9/ ب] ولم يعمل خيرًا قط.
وكاتّكال (2) بعضهم على صوم يوم عاشوراء، أو يوم عرفة (3)، حتّى يقول بعضهم: يوم عاشوراء (4) يكفّر ذنوب العام (5) كلّها، ويبقى صوم يوم عرفة (6) زيادة في الأجر (7). ولم يدر هذا المغتر أنّ صوم رمضان
__________
(1) ف: "فلا يلزم".
(2) ز: "وكاغترار"، ولعله سهو.
(3) ف، س: "ويوم عرفة".
(4) يعني: صومه. وقد زاد بعضهم كلمة "الصوم" فوق السطر في ز، كما كتب في حاشية س: "ظ صوم".
(5) ف: "الذنوب للعام". س: "الذنوب العام".
(6) ل: "صيام يوم عرفة". ز: "ويبقى يوم عرفة".
(7) يشير إلى حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه، قال: سئل- صلى الله عليه وسلم - عن =
(1/42)
________________________________________
والصلوات الخمس أعظم وأجلّ من صيام يوم عرفة ويوم عاشوراء، وهي إنما تكفر ما بينها (1) إذا اجتُنِبَتْ الكبائر (2).
فرمضان [إلى رمضان] (3) والجمعة إلى الجمعة لا يقوى على تكفير الصغائر الله مع انضمام ترك الكبائر إليها، فيقوى مجموع الأمرين (4) على تكفير الصغائر. فكيف يكفِّر صومُ يوم تطوعّ كلَّ كبيرة عملها العبد، وهو مصرّ عليها، غير تائب منها؛ هذا محال، على أنه لا يمتنع أن يكون صوم
يوم عرفة (5) ويوم عاشوراء مكفرًا لجميع ذنوب العام على عمومه، ويكون من نصوص الوعد (6) التي لها شروط وموانع، ويكون إصراره على الكبائر مانعًا من التكفير. فإذا لم يصرّ على الكبائر تساعدَ الصومُ وعدمُ الإصرار وتعاونا على عموم التكفير، كما كان رمضان والصلوات __________
= صوم يوم عرفة، فقال: "يكفر السنة الماضية والباقية". قال: وسئل عن صوم يوم عاشوراء فقال: "يكفر السنة الماضية" الحديث، أخرجه مسلم في الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء ... (1162).
(1) كذا في س، خا. وفي غيرهما: "مابينهما". ووقع في ز: "ما يكفر"، فزاد بعضهم فوق السطر: "إلا" ليستقيم المعنى.
(2) كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر" أخرجه مسلم في الطهارة، باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ... (233).
(3) ما بين الحاصرتين من خب.
(4) ز: "مجموع الأمر".
(5) س: "صوم عرفة".
(6) ز، خا: "الوعيد"، خطأ.
(1/43)
________________________________________
الخمس مع اجتناب الكبائر متساعدَين متعاونَين على تكفير الصغائر، مع أنه سبحانه قد قال (1): {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: 31].
فعلم أنّ جعل الشيء سببًا للتكفير لا يمنع (2) أن يتساعد هو وسبب آخر على التكفير، ويكون التكفير مع اجتماع السببين أقوى وأتم منه مع انفراد أحدهما، وكلّما قويت أسباب التكفير كان أقوى وأتم وأشمل (3).
وكاتّكال بعضهم على قوله - صلى الله عليه وسلم - حاكيًا عن ربه: "أنا عند حسن ظن عبدي بي، فليظنّ بي ما شاء" (4) يعني: ما كان في ظنه، فإنّي فاعله به (5).
ولا ريب أنّ حسن الظن إنّما يكون مع "الإحسان" فإنّ المحسن حسن الظن بربه أنّه يجازيه (6) على إحسانه، ولا يخلف وعده، ويقبل توبته. وأما المسيء المصرّ على الكبائر والظلم والمخالفات، فإنّ وحشة
__________
(1) ف: "سبحانه قال".
(2) ف: "لا يمتنع". وفي ز: "ولا يمنع" وكلاهما خطأ.
(3) "منه مع انفراد ... أتم " سقط من ل لانتقال النظر، كما تحرف "أشمل" فيها إلى "أسهل".
(4) أخرجه أحمد 3/ 491 (16016) وابن المبارك في "الزهد" (909) وابن حبان (633، 641) والحاكم 4/ 268 (7603) وغيرهم، من طريق حبان أبي النضر الشامي عن واثلة، فذكره، وفيه قصة.
والحديث صححه ابن حبان، وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه". وقال الذهبي: "صحيح على شرط مسلم".
(5) ف: "فانا فاعله به"، وسقط "به" من س.
(6) ف: "أن يجازيه".
(1/44)
________________________________________
المعاصي والظلم والإجرام تمنعه (1) من حسن الظن بربه. وهذا موجود في الشاهد، فإنّ العبد إلآبق المسيء (2) الخارج عن طاعة سيده لا يحسن [10/ 1] الظن به (3).
ولا يجامع وحشةَ الإساءة إحسانُ الظنّ (4) أبدًا، فإنّ المسيء مستوحش بقدر إساءته. وأحسنُ الناس ظنًّا بربّه أطوعُهم له، كما قال الحسن البصري: إنّ المؤمن أحسن الظنَّ بربّه، فأحسن العمل. وإنّ
الفاجر أساء الظنَّ بربّه، فأساء العمل (5).
وكيف يكون محسنَ الظن (6) بربه من هو شارد عنه، حالّ مرتحل في مساخطه وما يغضبه (7)، متعرض (Cool للعنته، قد هان حقّه وأمره عليه فأضاعه، وهان نهيه عليه فارتكبه، وأصرَّ عليه!
وكيف يحسن الظن به (9) من بارزه بالمحاربة، وعادى أولياءه، ووالى أعداءه، وجحد صفات كماله، وأساء الظن بما وصف به نفسه
__________
(1) ل، ز، خا: "يمنعه".
(2) ف: "المسيء الآبق".
(3) "به" ساقط من س.
(4) "الظنّ" ساقط من س، وفيها: "تجامع".
(5) أخرجه أحمد في الزهد (1652) من طريق سفيان عن رجل عن الحسن، فذكره. ورواه مخلد بن الحسين عن هشام عن الحسن، فذكره. أخرجه أبو نعيم في الحلية (2/ 144) وعليه فالأثر لا بأس به.
(6) ف: "حسن الظنأ. ز: "يحسن الظن".
(7) ف، ب: "يبغضه".
(Cool س: "يتعرض"، وأشير في الحاشية إلى ما في غيرها.
(9) ز: "بربّه".
(1/45)
________________________________________
ووصفَتْه به رُسُله (1)، وظن بجهله أن ظاهر ذلك ضلال وكفر؟.
وكيف يحسن الظنّ به من يظن (2) أنه لا يتكلّم، ولا يأمر، ولا ينهى، ولا يرضى، ولا يغضب؟
وقد قال تعالى في حق من شكّ في تعلّق سمعه ببعض الجزئيات، وهو السرّ من القول: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)} [فصلت: 23]، فهؤلاء لما ظنّوا أن الله سبحانه لا يعلم كثيرًا مما يعملون، كان هذا إساءةً لظنهم برئهم، فأرداهم ذلك الظن.
وهذا شأن كل من جحد صفات كماله ونعوت جلاله ووَصَفه بما لا يليق به. فإذا ظنّ هذا أنه يُدخِلُه الجنةَ كان هذا غرورًا وخداعًا من نفسه، وتسويلًا من الشيطان، لا إحسانَ ظن بربّه (3).
فتأمَّلْ هذا الموضع، وتأمَّلْ شدة الحاجة إليه! وكيف يجتمع في قلب العبد تيقُّنُه بأنّه ملاقٍ الله، وأنّ الله (4) يسمع كلامه، ويرى مكانه، ويعلم سرّه وعلانيته، ولا يخفى عليه خافية من أمره، وأنه (5) موقوف بين يديه ومسؤول عن كل ما عمل، وهو مقيم على مساخطه، مضيّع لأوامره، معطّل لحقوقه. وهو مع هذا محسنٌ الظنَّ (6)
__________
(1) ف: "وصفه به رسوله".
(2) ف: "به الظن من ظنّ".
(3) س: "إحسان الظن بربه تعالى". وفي ز: "إحسان ظنه بربه". وفي خا: "إحسان ظنّ به". والمثبت من ف، ل. وكذا في خب.
(4) س: "وأنه".
(5) ز: "فإنه"، خطأ.
(6) كذا ضبط بفتح النون في ف. وفي ز: "يحسن الظن" وكذا في خب.
(1/46)
________________________________________
به؟ وهل هذا إلا من خدع النفوس وغرور الأماني؟
وقد قال أبو أمامة بن سهل (1) بن حُنَيف: دخلتُ أنا وعروة بن الزبير على عائشة رضي الله عنها فقالت: لو (2) رأيتما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرض له، وكانت عندي ستة دنانير- أو سبعة- فأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[10/ ب] أن أفرّقها. قالت: فشغلني وجع النبي - صلى الله عليه وسلم -، حتى عافاه الله. ثم سألني عنها فقال: "ما فعلتِ؟ أكنتِ فرّقتِ الستّةَ الدنانيَر (3)؟ " فقلت: لا، والله لقد كان شغلني (4) وجعُك. قالت: فدعا بها، فوضعها في كفه، فقال: "ما ظنُّ نبيِّ اللهِ لو لقي الله، وهذه عنده؟ " (5) وفي لفظ: "ما ظنُّ محمَّد بربّه لو لقي الله، وهذه عنده؟ ".
فيالله! ما ظنُّ أصحابِ الكبائر والظَّلَمةِ بالله إذا لقُوه، ومظالم العباد
__________
(1) وقع في س: "أبو أمامة سهل"، فأسقط كلمة الابن قبل "سهل". وكذا في ط.
وهو غلط، فإن أبا أمامة كنية اشتهر بها أسعد بن سهل بن حنيف. وقد ولد قبل وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بعامين، وحنّكه النبي - صلى الله عليه وسلم - وسمّاه باسم جده لأمه: أبي أمامة
أسعد بن زرارة. انظر الإصابة (1/ 181).
(2) س: "أو".
(3) ف. ز: "الستة دنانير".
(4) ف: "قد شغلني". ز: "لقد شغلني".
(5) أخرجه أحمد 6/ 104 (24733) وابن حبان (3213) من طريق موسى بن جبير عن أبي أمامة بن سهل. فذكره. قلت: هذا سند ضعيف، فيه موسى بن جبير قال ابن حبان في الثقات: "كان يخطئ ويخالف". وقال ابن القطان: "لا يعرف حاله".
ورواه محمَّد بن عمرو وأبو حازم عن أبي سلمة عن عائشة فذكرته باللفظ الآخر الذي ذكره المؤلف. أخرجه أحمد (24222، 24560) وابن حبان (715، 3212) وغيرهما. والحديث سنده صحيح، وقد صححه ابن حبان.
(1/47)







الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الداء والدواء الجواب الكافي ط عالم الفوائد word
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الداء والدواء حكم النظر للنساء فوائد غض البصر أسباب إطلاق البصر
» عالم الشهود و عالم الغيب
» حسن الخاتمة
»  حسن الظن للشيخ عمر عبد الكافي
» الجواب المفصّل عن شبهات في التوسل

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي المركز الدولى :: ๑۩۞۩๑ (المنتديات الأسلامية๑۩۞۩๑(Islamic forums :: ๑۩۞۩๑نفحات اسلامية ๑۩۞۩๑Islamic Nfhat-
انتقل الى: