عشرون فائدة تتعلق بصيام الست من شوال
(١) فضلها: أخرج مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ».
وللحديث شواهد يصح بها، وغلط من ضعفه.
(٢)هذا الحديث يبين فضل من صام رمضان ثم أتبعه بستة أيام من شوال، فإنه يكون كمن صام السنة كلها؛ وذلك لأن الحسنة بعشر أمثالها، فصيام رمضان بعشرة أشهر، وصيام ستة أيام من شوال بشهرين، فتتام بذلك صوم السنة كاملة.
(٣) صيام هذه الأيام سنة مستحبة، ولا تجب إلا على من أوجبها على نفسه بالنذر.
(٤) من صامها حَصَّلَ أجرَها، ومن لم يصمها فلا إثم عليه.
(٥) من كانت عادته صيامها، ثم مُنع عنها لعذر، كتب الله له أجرها. لقوله ﷺ: «إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا» (أخرجه البخاري في صحيحه).
(٦) لا يلزم من صامها عامًا أن يصومها كل عام، خلافًا لما يعتقده بعض الناس؛ فمن صامها في عام وأفطرها - أو بعضها - في عام آخر، فلا شيء عليه.
(٧) صيام هذه الأيام جائز في شهر شوال كله، متتابعةً أو متفرقةً، في أول الشهر أو وسطه أو آخره؛ لقوله ﷺ: «ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ»، فأطلقها في شوال كله، ولم يقيدها ببعضه.
● إلا أن الأولى أن تكون في أوله بعد يوم العيد، وأن تكون متتابعةً، لظاهر قوله ﷺ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّال».
وحقيقة الإتباع: التوالي والتتابع.
ولأن الإسراع بها أفضل من التأخير، خوفًا من عروض ما يمنع؛ من موتٍ، أو مرضٍ، أو شغلٍ ، أو كسلٍ ، ونحو ذلك.
(٨) لا تُقضى هذه الأيام بعد خروج شهر شوال، لفوات محلها؛ حيث إن النبي ﷺ قيدها بشهر شوال.
(٩) من صامها قبل قضاء ما عليه حَصَّلَ أجرها، ولا يتوقف تحصيل أجرها على اشتراط القضاء قبلها، خلافًا لمن اشترط ذلك لظاهر قوله: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّال».
لا سيما من عليه أيام كثيرة من رمضان، ويخشى إن بدأ بالقضاء خرج شوال قبل صيام ستته؛ كالمرأة التي يطول حيضها ونحوها.
(١٠) البدء بقضاء ما عليه قبلها أولى وأحوط.
(أولى): خروجًا من خلاف من اشترطه.
و(أحوط): خروجًا من خلاف من أبطل التطوع لمن عليه قضاء، إذ قال: لا يصح تطوع من عليه قضاء.
(١١) تبييت النية لها من الليل أحوط؛ خروجًا من خلاف من اشترط تبييت النية في النفل المقيد، وخص جواز النية من النهار بالنفل المطلق دون المقيد، وهذا أولى، لأن الصوم عبادة، والعبادة من شروطها النية، فمن نوى صيام يوم منها من الظهر - مثلًا - فلا يصدق عليه أنه صام ستًا، وإنما صام خمسة ونصفًا؛ وللمخالف لهذا التقرير وجه، والخروج من الخلاف أحسن.
(١٢) لا يجوز الجمع بينها وبين نية القضاء، لأنها سنة، والقضاء واجب، فاختلفا. وفي المسألة خلاف، وهذا أحوط.
ويجوز الجمع بينها وبين نية صيام الاثنين والخميس والأيام البيض الثلاثة في وسط الشهر.
(١٣) لا يصح صيامها عن غيره، ولا أن يهب ثوابها إلى غيره - على الصحيح -.
(١٤) يجوز صيام الست من شوال من اليوم التالي للعيد، وهو مستحب إلا لمن أحب أهلُهُ الاستمتاعَ بالعيد بالتلذذ من مطعوماته، فالأفضل أن يدخل السرور عليهم بفطره معهم في الأيام الأولى، وكذا من جاءه ضيفٌ، أو زار غيره وأحبوا أن يشاركهم في طعام عيدهم.
(١٥) قضاء رمضان موسع في السنة كلها، إلا إذا بقي عن رمضان التالي عدد الأيام التي عليه فيجب.
لقوله تعالى: ﴿فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِیضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرࣲ فَعِدَّةࣱ مِّنۡ أَیَّامٍ أُخَرَۚ﴾ [البقرة ١٨٤] فأطلق القضاء ولم يقيده بوقت معين.
ولقول عائشة رضي الله عنها: «كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ». (متفق عليه).
(١٦) لا بأس إن أفطر في صوم التطوع، ولو كان لغير عذر، لأن الصائم المتطوع له أن يقطعه متى شاء ويفطر؛ لما رواه مسلم، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ: «هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟». فَقُلْنَا: لَا. قَالَ: «فَإِنِّي إِذَنْ صَائِمٌ». ثُمَّ أَتَانَا يَوْمًا آخَرَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ، فَقَالَ: «أَرِينِيهِ، فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا؛ فَأَكَلَ».
(١٧) من نسي فأكل أو شرب أثناء صيامها، فإن صيامه صحيح؛ فإنما أطعمه الله وسقاه.
(١٨) إحداث عيد بعدها في اليوم الثامن بدعة؛ كمن يسمي اليوم التالي لها (عيد الأبرار)! فهذا عيد مبتدع، فضلًا عن تزكية النفس، وقد نهى الله تعالى عن ذلك إذ قال: ﴿فَلَا تُزَكُّوۤا۟ أَنفُسَكُمۡۖ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰۤ ٣٢﴾ [النجم ٣٢]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في "مجموع الفتاوى" (٢٥/ ٢٩٨): «وأما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال: إنها ليلة المولد، أو بعض ليالي رجب، أو ثامن عشر ذي الحجة، أو أول جمعة من رجب، أو ثامن من شوال الذي يسميه الجهَّال عيد الأبرار: فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف، ولم يفعلوها. والله سبحانه وتعالى أعلم». ا.هـ.
(١٩) لا تجب الكفارة على المجامع فيها وهو صائم، إذ الكفارة واجبة على المجامع في شهر رمضان فقط.
لكن صوم ذلك اليوم قد بطل بالجماع، ولا يجب عليه شيء.
(٢٠) لا يجب على من أفطر فيها لغير عذر أن يمسك عن المفطرات، إذ كان الإمساك في شهر رمضان مراعاةً لحرمة الزمان.
والله تعالى أعلم؛ وصل اللهم وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.
وكتبه/ خالد عبد العال
#منتدى_المركز_الدولى
السبت 7 مايو - 1:49
