شرح الحديث الشريف
(ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان،
#حديث_شريف_مرفق_بالشرح (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان،..)
189 من حديث: (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان،..)
5/548- وعن أبي هُريرة قَالَ: قالَ رَسُول اللَّه ﷺ: مَا مِنْ يَوْمٍ يُصبِحُ العِبادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا متفقٌ عَلَيْهِ.
6/549- وعنه : أَن رسولَ اللَّه ﷺ قَالَ: قَالَ اللَّه تَعَالَى: أَنْفِق يَا ابْنَ آدمَ يُنْفَقْ عَلَيْكَ متفقٌ عَلَيْهِ.
7/550- وعن عبداللَّهِ بن عَمْرو بن العَاصِ رضي اللَّه عنهُما: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رسول اللَّه ﷺ: أَيُّ الإِسلامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: تُطْعِم الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلامَ عَلى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ متفقٌ عَلَيْهِ.
8/551- وعنه قَالَ: قالَ رسُولُ اللَّه ﷺ: أَرْبَعونَ خَصْلَةً –أَعلاهَا: مَنِيحَةُ العَنْز- مَا مِن عَاملٍ يَعْمَلُ بخَصْلَةٍ مِنْهَا رَجَاءَ ثَوَابهَا وَتَصْدِيقَ مَوْعُودهَا إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّه تَعَالَى بِهَا الجَنَّةَ رواه البخاري.
الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث فيها الحثّ على النَّفقة والإحسان والجود والكرم، وأنه ينبغي للمؤمن إذا كانت عنده سعة أن يُنْفِق ويُحْسِن، كما في الحديث الصَّحيح، يقول النبيُّ ﷺ: ما من يومٍ يُصْبِح فيه الناسُ إلَّا وينزل ملكان، يقول أحدُهما: اللهم أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، ويقول الثاني: اللهم أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا، فهذا يدل على فضل عظيم للإنفاق، وأن صاحب النفقة تدعو له الملائكة بالخلف، فينبغي الإكثارُ من ذلك.
ويقول الله في الحديث القدسي: يا ابن آدم، أَنْفِقْ يُنْفَق عليك، ويقول الله في كتابه الكريم: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ:39]، ويقول سبحانه: آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ [الحديد:7]، ويقول ﷺ: أربعون خصلةً –أعلاها: منيحة العنز- ما من عبدٍ مسلمٍ يلقى الله بشيءٍ منها تصديق ثوابها ورجاء موعودها إلا أدخله الله بها الجنة، هذا فيه الحثّ على أنواع الإحسان، وأنواع الجود والكرم.
كذلك يقول ﷺ لما سُئل: أيّ الإسلام أفضل؟ قال: تُطعم الطعام، وتقرأ السلام على مَن عرفتَ ومَن لم تعرف، هذه أفضل خصال الإسلام: إطعام الطعام، وإفشاء السلام.
وتقدَّم قوله ﷺ: لا حسدَ إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا، فهو يُنفقه آناء الليل وآناء النّهار، ورجل آتاه الله الحكمةَ، فهو يقضي بها ويُعَلِّمها.
فينبغي للمؤمن أن يغتنم فرصة ما أعطاه الله من المال وما وسَّع عليه في الإنفاق والإحسان، والجود والكرم، للفقراء والمساكين، والأرحام، والضّيف، ووجوه الخير.
رزق الله الجميع التَّوفيق والهداية.
الأسئلة:
س: كيف نجمع بين حديث: أي الإسلام خير؟ والحديث الذي فضَّل فيه النبيُّ ﷺ الإيمان، ثم الصلاة، والجهاد، وبرّ الوالدين .. إلخ، فأي الأعمال أفضل؟
ج: الظاهر أنه لا منافاة، فهذا في التَّطوعات، وهذا في الفرائض، لما سُئل: أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة على وقتها، قلتُ: ثم أي؟ قال: برّ الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله، وفي حديث أبي ذرٍّ لما سئل: أي الإسلام أفضل؟ قال: إيمانٌ بالله، وجهادٌ في سبيله، فالألفاظ متنوعة، فلا شكَّ أنَّ أفضلها الإيمان بالله والجهاد في سبيله، ومن الإيمان: الصَّلوات الخمس، وكذلك الجهاد من الإيمان، وهو داخلٌ في قوله: إيمانٌ بالله، وجهادٌ في سبيله، والصلاة من أعظم خِصال الإيمان، وعتق الرِّقاب من خصال الإيمان كذلك، وبذل السلام، وإطعام الطعام من خصال الإيمان، فقد يكون واجبًا، وقد يكون مستحبًّا، فهو يختلف، قد يكون إطعامُ الطعام واجبًا عند الحاجة، وقد يكون مستحبًّا، وإفشاء السلام: البدء به مستحبٌّ، وقال بعض أهل العلم بوجوبه، وردّ السلام واجبٌ، فكل هذا خيرٌ، المهم أنه من باب تنويع الأعمال.
س: البداءة بالسلام: هل التّحقيق فيها للوجوب أم للاستحباب؟
ج: الله أعلم، لكن ظاهر الأحاديث أنه ينبغي للمؤمن ألا يبخل بالبداءة، فيُبادر بالسلام، هذه هي السنة للمؤمن، يقول ﷺ في الحديث الصحيح: حقّ المسلم على المسلم سِتٌّ: إذا لقيتَه فسَلِّمْ عليه، ويقول البراء: أمرنا رسولُ الله ﷺ بسبعٍ، وذكر منها: إفشاء السلام، فعلى الإنسان أن يُبادر به، سواء قلنا بالاستحباب أو بالوجوب، أمَّا الرد فهو واجب.
س: إذا أعطى رجلٌ صاحبَه شاةً أو ناقةً ينتفع بحلبها، ثم يردها، فهلكت عنده، فما حكمها؟
ج: هذه منيحة، إذا هلكت تكون من ضمان صاحبها إذا لم يتعَدَّ عليها مَن كانت عنده ولا فرَّط، مثل الأمانات، فإنها تكون من ضمان صاحبها، أمَّا مَن كانت عنده فليس عليه شيء.
س: ما المقصود بالتَّلَف في قوله: أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا؟
ج: يُخشى أن ينزع اللهُ البركةَ من ماله ويُتلفه عليه بأنواع الإتلاف –نسأل الله العافية.
س: ما معنى تُطعم الطعام؟
ج: يعني: يبذل الطعام لمن جاء من الضّيوف والفُقراء.
س: يعني على العموم؟
ج: نعم على العموم.
س: التوقيت بالأربعين في خصال الفطرة على جهة الاستحباب أم الوجوب؟
ج: من باب المستحبَّات، من جملة أنواع الخير، فعليك أن تحرص عليها وتَتَتَبَّعها وتبحث عنها، أعلاها منيحة العنز، فعليك أن تبحث عن الخصال الطيبة.
شروح الكتب رياض الصالحين -
موقع الشيخ بن باز يرحمه الله