السيرة الذاتية لليز موراي من مشرّدة إلى ملهمة للملايين
السيرة الذاتية لليز موراي من مشرّدة إلى ملهمة للملايين
من هي ليز موراي التي أصبحت من أبرز الأشخاص الملهمين المؤثرين في العالم؟ وكيف عاشت طفولتها؟ وهل حقاً هي كما وصفتها وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت المختلفة بأنَّها المشردة التي أصبحت أستاذة في جامعة هافارد؟ وإن كانت كذلك، فكيف استطاعت أن تتلخص من كلِّ الأعباء التي أثقلت حياتها، وتصبح إنسانة ناجحة؟ سنقدم لكم كلَّ ذلك أعزاءنا القراء في السطور القليلة القادمة، فتابعوا
🟪الولادة والطفولة البائسة:
وُلِدت ليز موراي في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في عام 1980.
كان منزل عائلتها يقع في منتصف حي برونكس المجرد من القوانين، وكان والداها مدمني مخدرات، ويعانيان من مشكلات نفسية خطيرة، وكانا ينفقان كلَّ ما يملكانه على المخدرات؛ بينما كانت ليز وأختها التي تصغرها بعامين تعانيان الكثير من الإهمال، حيث أنَّهما افتقرتا إلى أبسط الاحتياجات الإنسانية كالملابس والغذاء والرعاية.
لقد تحملت ليز مسؤولية نفسها، ومسؤولية رعاية أختها؛ وقالت في ذلك: "كنت أعرف دائماً أنَّ أبي وأمي يتعاطيان المخدرات، لكنَّ الأمر استغرق بعض الوقت لكي أدرك أنَّنا مختلفتان عنهما".
عندما التحقت ليز بالمدرسة، كانت مُهمَلة بشكل تام من قبل أبويها من كل النواحي، وبالأخص من ناحية النظافة والرعاية والاهتمام، حيث قالت: "عندما التحقت بالمدرسة، كان القمل يتساقط من رأسي بشكل متواصل على دفتر ملاحظاتي، وأدركت على نحو سيء للغاية أنَّ الأطفال الآخرين يتجنَّبوني"؛ لهذا السبب توقفت ليز عن الذهاب إلى المدرسة بسبب إحساسها بالنقص والعزلة، وكانت تجوب عوضاً عن ذلك الشوارع وتسرق، أو تبقى في المنزل مع أمها تشاهد عروض الألعاب.
مع الأسف، لطالما كانت أمها في حالة أشبه ما تكون بالغيبوبة بسبب تعاطيها المخدرات، وكانت تعاني من فصام الشخصية الجزئي، وكثيراً ما كانت تدخل إلى وحدة الطب النفسي في الحي.
عندما كانت ليز في العاشرة من العمر، أخبرتها والدتها وهي في حالة سكر أنَّها مريضة بمرض "نقض المناعة المكتسب" (الإيدز)، وقد توفيت بعد خمس سنوات من ذلك؛ وعندما تذكرت ليز هذا، قالت: "كنت كلَّما كبرت أكثر، أبعدت نفسي أكثر عن مرض والدتي، وأخذت أبحث عن حياتي الخاصة في الشوارع. لقد كان هناك في الشارع اللعب والضحك والصداقة والمغامرة، وكل الأشياء الحلوة التي لم أتمكن من الحصول عليها في المنزل أو المدرسة".
أمَّا والدها، فقد كان يعاني من اضطراب الوسواس القهري، وكان مدمناً على الكحول في المرحلة الجامعية، وقد ترك دراسته الجامعية عندما دخل عالم المخدرات، وذهب بعد وفاة زوجته إلى ملجأ للمشردين.
رغم كلِّ ما عانته ليز من أبويها، إلَّا أنَّها لم تشعر بأيِّ مشاعر كراهية تجاههما، حيث قالت: "إنَّ ما حدث قد حدث، وقد كنت محظوظة جداً من نواحٍ كثيرة؛ فقد كنت أعرف دائماً كم يحبني والداي، حيث كانت أمي تقول لي في كل ليلة أنِّي شيء خاص جداً بالنسبة إليها؛ وأمَّا والدي، فكان يقول لي أنَّه يحبني جداً. لقد كانت أختي تريدهما أن يكونا مثل الآباء الآخرين، لكنِّي كنت أشعر أنَّ ذلك لن يحدث أبداً؛ ومع ذلك، مازلت أتعلم بعض الدروس الهامة منهما".
رغم حالة والديها المزرية، إلَّا أنَّ ليز تذكر أنَّ والدتها كانت صاحبة روح رائعة، وكانت تطمح في يوم إلى التخلص من حياتها السيئة وإدمانها؛ بينما كان أبوها يوصيها بعدم الاهتمام حقاً فيما يفكر فيه أيُّ شخص، وبأن تعيش قواعدها كما تريد، وكان يشجعها على القراءة كثيراً.
بعد وفاة والدتها وتشرد والدها، صنعت ليز لنفسها عائلة جديدة من صديقاتها في الشوارع، بالإضافة إلى حبيبها الأول الذي كان يتلاعب بمشاعرها؛ وقد قالت عن تلك الفترة: "كان من السهل الإبقاء على تلك العلاقة، ومن ثمَّ فقدان السيطرة على حياتي؛ إلَّا أنَّني أعرف جيداً أنَّني لا أريد أن أنتهي إلى ما انتهى إليه والداي".
قرار التغيير الذي اتخذته ليز موراي والوصول إلى النجاح:
بعد أن أمضت سنتين من التشرد، وفي سن السابعة عشر تحديداً، حدثت الصدفة التي جعلت ليز تقرر تغيير حياتها؛ فقد تعرفت في إحدى الحفلات على فتاة تصغرها في العمر، والتي اقترحت عليها أن تكمل دراستها في مدرسة ثانوية بديلة، وهي مدرسة تشبه المدارس الخاصة للمحرومين.
وقد قالت عن ذلك: "أدركت في تلك اللحظة أنَّه لم يتوجب عليَّ أن أكون خلاصة لظروفي، وأنَّ باستطاعتي أن أغير حياتي على نحو صحيح، بدلاً من أن أكون مثل والدتي وأنتظر المستقبل المجهول".
التحقت ليز بهذه المدرسة بالفعل، وبدأت الدراسة والتحضير لإكمال الدراسة الثانوية على الرغم من عدم امتلاكها مكاناً لتسكن فيه؛ حيث قالت: "كان علي أن أنام في مترو الأنفاق، أو أن أذاكر في السلالم؛ لكنَّ الأصدقاء قدموا لي يد المساعدة عندما استطاعوا".
درست ليز بجد، وتمكنت من إنهاء المرحلة الثانوية في غضون عامين فقط، واستطاعت الحصول على جائزة صحيفة "نيويورك تايمز" لكتابة مقال على شكل سيرة ذاتية، وكانت الجائزة عبارة عن مبلغ سنوي من المال ومقعد في جامعة هارفارد.
تخرجت ليز في عام 2009 من الجامعة حاصلة على شهادة في علم النفس، وهي تسعى حالياً إلى العودة إلى الجامعة وإكمال دراستها للحصول على شهادة دكتوراه في علم النفس السريري، وتعمل حالياً محاضرة متخصصة في تحفيز الجماهير، وتسافر إلى بلدان مختلفة حول العالم لتعلم الناس كيفية التخلص من الظروف القاهرة، وقد أصدرت كتاباً بعنوان "كسر الليل" (Breaking Night) الذي حقق مبيعات ضخمة في الولايات المتحدة الأمريكية، وأُدرِج ضمن قائمة الكتب الأكثر مبيعاً من "نيويورك تايمز" في عام 2010؛ وأصبحت بعد كل تلك المعاناة التي عاشتها مصدر إلهام، وقد أُنتِج فيلم يروي قصة حياتها بعنوان "من التشرد إلى جامعة هارفارد" (From Homeless to Harvard).
تعيش ليز حالياً مع شريكها جيمس -الذي التقت به في المدرسة البديلة- وأختها "ليزا" حياة طبيعية وخالية من أيِّ أثر لتاريخ حياتهما الحزين.
تقول ليزا: "كانت أختي ليز مصممة دائماً على فعل شيء، وأعتقد بأنَّها نجحت في ذلك؛ ذلك لأنَّها رفضت أن يعوقها تاريخها المؤذي"
شاهد بالفديو: أجمل ما يقال عند النجاح
ختاماً:
تعدُّ ليز موراي من أهم المتحدثين الملهمين في العالم، وقد ألقت محاضرات إلى جانب ميخائيل غورباتشوف، وتوني بلير، والدالاي لاما.
ولعلَّ من أبرز ما قالته: "تحدث للناس أشياء سيئة كثيرة في كلِّ وقت؛ ولكن إذا بقي الإنسان حبيساً لها وعاش حالة من الإشفاق على الذات، فإنَّه لن يتحرك إلى الأمام أبداً؛ وهذا هو أول شيء أحاول أن أوصله إلى كلِّ من يسمعني".
《
#منتدى_المركز_الدولى》