#قصة حمزة بن عبد المطلب
تتوالى الأيام على مكة ، أرض الله المباركة في زخم شديد ، وحمزة شأنه شأن الكثيرين ، رجل يعيش بعيدًا كل البعد عن مشاغل مكة ومشاكلها ، فهو يحيا لنفسه فقط ، لا يفكر سوى في الحياة وملذاتها .
فقد كان غنيًا ذو جاه ومال ، ولديه من القوة والسلطان ما يجعل الدنيا تنبسط تحت قدميه ، فجاء الإسلام ليغيره إلى النقيض ، من رجل مترف إلى رجل زاهد ، لا يشغله شيئًا سوى رضى الله و محبة رسوله.
🟩مولده ونشأته :
ولد حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه بمكة المكرمة ، قبل الهجرة بأربع وخمسين عام ، وقد كان حمزة عم رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، وأخوه في الرضاعة فقد أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب .
فقد كانا سنهما متقارب ، وقد نشأ سويًا ، ونهلًا من الشمائل والقيم العربية الأصيلة ، وحمزة هو خير أعمام الرسول صلّ الله عليه وسلم ، لقوله صلّ الله عليه وسلم : خَيْرُ إِخْوَتِي عَلِيٌّ ، وَخَيْرُ أَعْمَامِي حَمْزَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا .
🟩موقف حمزة من دعوة النبي :
كان حمزة يحب ابن أخيه حبًا جمًا ، وكان يعلم أنه الصادق الأمين شأن كل قريش ، لقد نشأ معًا تحت نفس الشمس ، وفي نفس المكان ، إنه يعرفه تمام المعرفة ، بل أكثر ؛ فكل حياة الرسول صلّ الله عليه وسلم ، كان شريطًا يمر أمام عينيه ، شريطًا لا يوجد به شائبة واحدة ، فمحمد صلّ الله علية وسلم كان الكمال يمشي على الأرض .
زادت همهمة قريش حول دعوة النبي لدين جديد ، دين لا يفرق بين السادة والعبيد ، دين ينادى بحق الفقراء في أموال سادتهم ، دين لا يفرق بين رجل وأخر إلا بالتقوى ، والعمل الصالح ، وهو الأمر الذى لم يعجب سادة قريش وفتيانها ، فتربصوا بمحمد صلّ الله عليه وسلم وكادوا له المكائد .
كان حمزه يقف مترقبًا لكل تلك الأحداث التي تجري من حوله ، وبداخله صوت يخبره أن محمد هو الحق ، وكيف لا وهو صديق طفولته الذي يعرفه حق المعرفة .!
🟩إسلام حمزة :
كان حمزة في رحلة للصيد ، وعندما عاد سمح بخبر شج رأس رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، لم يكد حمزه يسمع بخبر إيذاء أبا الحكم ابن هشام (أبو جهل) ، لمحمد بن أخيه حتى جن جنونه ، وثبت قوسه فوق كتفه ، منطلقًا صوب الكعبة .
وهناك التقى بأبو جهل ، فتقدم إليه بهدوء شديد وأخرج القوس وشج به رأسه فأدماه ، وقبل أن يفيق الجالسون صاح حمزة في وجهه أتشتم محمدًا ، وأنا على دينه أقول ما يقول ؟ .
لم يلتفت الجالسون لفعلة حمزة كما التفتوا لما قال ، لقد كان نزول خبر اسلام حمزة عليهم كالصاعقة ، أحمزة يسلم ، أعز فتيان قريش يتبع دين محمد ، هالهم الأمر كثيرًا فمحمد يجمع القوة يوما بعد يوم ، يلتف حوله الكثيرون من السادة والعبيد فأبو بكر ، وحمزة ، ومن يدري .!
حينما عاد حمزة إلى منزله أخذ يفكر أحقًا أسلم ؟ أصواب ما قال ، وفعل ، هو يعلم تمام العلم أن محمد لا يكذب ، ولكنه دين آبائه الذي تربى عليه ، وهنا قرر حمزة أن يذهب لملاقاة النبي عله يثلج صدره .
وبالفعل هذا ما حدث لقد أخبره الرسول بدينه ، وأسمعه بضع آيات من القرآن الكريم ، فلمس القرآن قلبه ، وبكى عند سماعه ، وازن حمزة بين دين الله ، وبين دين آبائه وأجداده ، فرجحت كفة الحق جل جلاله .
أسد الله في غزوة بدر :
خرجت قريش لملاقاة النبي صلّ الله عليه وسلم ، وصحبه في غزوة بدر ، وبدأت الموقعة عندما برز الأسود بن عبد الأسد المخزومي ، وهو رجل شرس سيء الخلق من جند قريش .
وقال أعاهد الله أن أشرب من حوض المسلمين ، أو أهدمنه أو أموت في سبيل ذلك ، فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب ، فلما التقيا ضربه حمزة ضربة أطاحت بساقه ، فأخذ يزحف للحوض حتي يفي بعهده ، فعاجله حمزة بضربة أردته قتيلاً .
وبدأت المعركة بين الصحابة الكرام ، يتقدمهم حمزة أسد الله رضي الله عنه ، وبين جيش قريش ، وكان حمزة كالسيل يهجم يميناً ويساراً ، فيفتك بالمشركين فتكاً ويفزع صناديد قريش ، ويرهب فتيانهم ، وعادت قريش بالخزي والعار متوعدين لحمزة الذى أرهب صفوفهم ، وقتل منهم الكثير .
🟥استشهاد حمزة رضي الله عنه :
خرجت قريش على بكرة أبيها في غزوة أحد للنيل من رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، وأسده حمزة بن عبد المطلب ، جهزوا العدة ، وأعدوا العتاد حتى لا يعودوا مخلوعين القلب ، مطأطئين الرأس ، وكان سيدنا حمزة ، قتل في معركة بدر أخو هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان بن حرب ، وقالت لعبد حبشي يدعى وحشي لو قتله أصبح حرًا ، وكان مشهود له بالمهارة في تصويب الرمح فهو لم يخطئ هدفًا قط .
وطلبت منه أن يجعل حمزة شغله الشغل ، مهما كان سير المعركة ووعدته بالحرية ، وهي وعد غال ونفيس ؛ فقد كان الانتقام يجري في دمها ، ظلت هند قبل المعركة بأيام تراود وحشي بفكرة قتل حمزة والتخلص منه مقابل عقدها الثمين ، وحريته الأكثر ثمنًا ، ظلت هكذا تحاول إقناعه بكل الحيل إلى أن جاء يوم الحسم .
بدأت غزوة أحد ، وتوسط حمزة ميدان القتال ، وأخذ يضرب يمينًا ويساراً فتارة يقتل ، وتارة يتفادى القتل ، وقد كان النصر حليفه في البداية فقتل وحده ما يزيد عن ثلاثين رجلاً ، أخذ الذعر يتسلل إلى جيوش قريش فولوا هاربين .
الأمر الذي غر المسلمين بنفسهم ؛ فانشغلوا بجمع الغنائم تاركين ساحة الحرب خلفهم ، فمع نزول الرماة من فوق الجبل ، واستغل المشركين الأمر ، وقلبوا المعركة رأسًا على عقب ، فأخذوا المسلمين على غفلة ، وأعملوا السيوف فيهم .
وبالطبع لم يضيع
#وحشي تلك الفرصة ، واستغل دفاع حمزة عن اخوانه من الصحابة الكرام وأطلق حربته لتستقر بين ثنايا بطنه ، وترديه قتيلًا ، ولم يكتفي وحشي بموت سيد قريش المسلم بل مثل بجثته كما طلبت هند ، وأخرج كبده النائم بين ضلوعه ، ليشفي غليل صدر هند .
🟥ندم وحشي :
لم يندم وحشي على شيء كما ندم على قتل سيدنا حمزة بن عبد المطلب ، فبعد فتح مكة هرب إلى الطائف ، وظل يهرب ، ويهرب خوفًا من بطش رسول الله .
حتى قابل أحدهما وقال له : ويحك إن رسول الله لا يقتل ، ودينه هو دين السماحة والعدل ، فتماثل وحشي بين يدى الرسول نادمًا ونطق الشهادة راجيا من الله عفوه .
إلى أن جاءت الفرصة التي يكفر بها عن فعلته ؛ حينما قتل مسيلمة الكذاب ، وعدو الرسول صلّ الله عليه وسلم ، وهكذا انسدل الستار على قصة أسد الله المغوار حمزة بن عبد المطلب رفيق الرسول صلّ الله عليه وسلم وعمه الذى نصره على كل أعداء الدين .
المصدر:
《
#منتدى_المركز_الدولى》