عثمان احمد عثمان من بيت الطين الي قمة الثروة
لما تسمع اسم عائلة (عثمان احمد عثمان) اعرف ان اسماعيلية كانت هي محطة البداية للبيزنس الضخم اللي اتعمل بسبب كفاح العائلة الأصيلة دي.
ويمكن مفاجأة لكتير لما يعرفوا ان الأب (والد عثمان احمد عثمان) مكنش غني .. كان عنده يادوب محل بقالة وبيشتغل في تجارة الجملة في شارع صغير هناك في اسماعيلية عشان يصرف على أسرته اللي بتتكون من الأب والأم و 4 ولاد و 2 بنات.
فجأة بتتغير الدنيا والأب بيموت وتلاقي الأم نفسها وحيدة ومسؤول منها 6 أطفال منهم طفل رضيع!
إزاي خرج من حارة عبد العزيز في حي العرب في اسماعيلية من أسرة بالظروف الدرامية دي شاب يقود نهضة مصر وينفذ مهمة بناء السد العالي!
تعالوا نحكي حكاية (عثمان احمد عثمان) اللي تستحق تتكتب بحروف من نور .. مش بس في تاريخ كليات الهندسة المصرية لأ ده كمان في تاريخ مصر الحديث!
في بداية السيرة الذاتية اللي البشمهندس عثمان احمد عثمان _الله يرحمه_ كتب بنفسه أحداثها من إبريل 1917 . . بيحكي انه مكنش هيبقى حاجة في الدنيا دي من غير شخصين اتنين لولاهم كانت حياته اتغيرت 180 درجة .. الشخصين دول هما أمه واخوه الكبير (محمد) اللي أخد قرار من بعد موت الأب انه يسيب المدرسة الابتدائي اللي هو فيها عشان خاطر يشتغل ويصرف على امه واخواته!
محمد في الوقت ده كان صغير اه .. واختباراته في الدنيا جت بدري أيوة .. لكنه حط قدامه قبل أي حاجة كرامة أمه وبقية اخواته وكأن ابوه موصيه عليهم من غير ما يسيب وصية .. ويمكن تلاقي نفسك بتعيط وانت بتقرا كلام البشمهندس عثمان عن اخوه محمد بعد ما حكى مواقف كتير بطولية عنه، كتب: "لا أظن أن أحدًا له فضل علينا بعد الله إلا أمي وأخي محمد".
محمد كان يقوم من الصبح يشتغل كل يوم في دكانة البقالة .. وكانت الأسرة ليها حتة أرض صغيرة أوي بيشارك إيجارها معاهم في مصاريف كل شهر .. فكان محمد بيشارك مع أمه في تنظيم مصاريف البيت عشان المصاريف تكفيهم كلهم لآخر الشهر.
ولأن الأمهات في مصر شاطرين وواعين وتلاقيهم في قلب المحنة مدبرين ويحافظوا ع القرش زي عنيهم .. الأم بدأت تخبز العيش في البيت وتربي طيور وتشتغل على تسمين الطيور دي عشان توفر البيض والبروتين لأطفالها اللي عددهم مش قليل .. لأنها لو اعتمدت على الجاهز والشرا من السوبر ماركت مش هيكملوا لآخر الشهر!
طبق الفول المدمس والعيش السخن اللي طالع طازة من فرن البيت وشوية البيض اللي برضو طازة كانوا هما الفطار اليومي للأسرة اللي مكنش قدامها غير انهم يحبوا بعض ويعيشوا اليوم بيومه عشان يقدروا يلاقوا حلول لمشاكل كل يوم في الدكانة وفي التجارة اللي حبالها طويلة!
لكن الموجة كانت عالية عليهم .. ودكانة البقالة مبقيتش تجيب فلوس زي الأول والناس اللي بيتعاملوا معاهم نفوسهم اتغيرت من بعد وفاة الأب في بداية العشرينات ..
لحد ما الدكانة قفلت خالص .. الأم دخلت في صدمة كبيرة ألف رحمة ونور عليها وهي كانت مش بتعرف تقرا ولا تكتب والخيارات قدامها كانت محدودة والدنيا بتقفل عليها أكتر .. بعد تفكير طويل راحت تكلم قرايبها انهم يشوفوا شغل لمحمد (الأخ الكبير) وكان نفسها يلاقوله أي شغل في بنك التسليف الزراعي في اسماعيلية .. وبعدها بكام أسبوع اتقبل محمد هناك واشتغل مقابل 3 جنيه في الشهر.
ال 3 جنيه دي كانت هي السبب في ان بيت عائلة (عثمان احمد عثمان) يفضل مفتوح!
البيت اللي هو كان عبارة عن دور واحد حندوق مبني بالطين والدبش .. وسقفه عبارة عن تعريشة خشب وعروق وجريد .. ده كان عبارة عن أوضتين بس: أوضة لخزين البيت .. وأوضة تانية عبارة عن حصير بينام عليه عثمان احمد عثمان واخواته وأمه .. لا فيه دولاب ولا سرير واحد حتى!
لما وصل عثمان ل 10 سنين بدأ يفكر انه لازم يكون له دور في مصاريف البيت زي اخوه محمد!
راح عثمان عند ورشة جنب البيت واشتغل صبي ميكانيكي .. وكان أجره الأسبوعي 25 قرش .. وبيحكي البشمهندس عثمان لما كبر ان سعادته بشغل صبي الميكانيكي ده لا توصف لأنه وفر بالشغل ده مصروفه اليومي ومخلاش أمه تشعر بإحراج من حكاية المصروف دي خالص!
بيحكي ان الأقدار دي غريبة .. وبتصنع لكل واحد فينا سكة مختلفة عن التاني .. وده بسبب مواقف كتيرة تبدو ساعات متناقضة منها على سبيل المثال ان أمه كان نفسها عثمان يطلع دكتور .. واخوه ابراهيم يطلع مهندس .. وحسين اخوهم يطلع محامي!
متفتكرش ان الذكريات دي بالساهل .. ولا ان أحلام المستقبل مفروشة بالورود .. أمهم كان قدامها كل يوم مغريات انها تخلي ولادها يشتغلوا في معسكرات الجيش البريطاني اللي كانت في الوقت ده في اسماعيلية واللي كان القبض فيها بيوصل 30 جنيه كل شهر!
رفض الأم للشغل في معسكرات المستعمر البريطاني كان بيخلق في اولادها وطنية وإصرار على الصمود كل يوم لما تقابلهم أي مشكلة .. ده كان دافع ليهم انهم يهتموا أكتر بالتعليم!
وعلشان كدا لما وصل عثمان للثانوية سافر للقاهرة والتحق بالمدرسة السعيدية .. القاهرة بالنسبة له كانت بداية اكتشاف عالم تاني خالص!
عالم الجامعة والشغل والفرص والطبقات الاجتماعية والأضواء!
نقطة التحول كان لما مجموع عثمان العالي جدًا خلاه يختار أي كلية هو عاوز يدخلها .. ولأن مامته كانت عايزاه طبيب بدأ يقنعها ويجيب اخواته وأخواله يقنعوها يا ماما الهندسة أحسن
وفين وفين بقى عقبال لما الحجة وافقت على هندسة .. عثمان بيحكي ان فرحته بموافقتها على دخوله كلية هندسة كان أكبر من فرحته بشهادة الثانوية نفسها
🟩الجزء الثاني 🟩
عثمان احمد عثمان : المعلم
من اعانة الفقر الي اكبر مقاول في مصر
عثمان من وهو صغير كان معجب بخال له بيشتغل في المقاولات وكان بياخد شغل كتير هو اللي يخلصه .. ده في الوقت اللي كان عثمان من وهو صغير بيلاقي شركات أجنبيه بتاخد شغل مقاولات في قناة السويس وتكون هي مسؤولة عن أي إنشاءات هناك ..
ده زرع فيه من بدري حلم انه يدخل هندسة ويتخصص في هندسة مدني عشان ياخد شغل مقاولات ويشارك في أي مشروعات وطنية!
كان فيه بس مشكلة صغيرة .. مصاريف هندسة القاهرة كانت 40 جنيه في الوقت ده!
وفي الوقت ده الرقم ده كان كارثة بالنسبة لأسرة عثمان اللي فضل يقول للراجل في شؤون الطلبة في هندسة انه ما معهوش هو ولا أسرته الرقم ده .. وعثمان لم يتمالك نفسه من الدموع لما لقى الراجل ده بيقوله: "انا عايز شهادة تثبت ان انت فقير!"
واضطر في النهاية يجيب له (شهادة فقر)! وسط زمايله اللي كلهم بيدفعوا مصاريف هندسة!
الموقف ده بقدر ما كان مؤلم لكن عثمان اتعلم منه قيمة الفلوس!
وعلشان برضو الفلوس اللي معاه مكنتش تكفي السكن راح قعد فترة الدراسة عند اخته في باب الخلق .. كانت اخته متزوجه من أستاذ دكتور في جامعة الأزهر ف راح هو واخوه ابراهيم اللي دخل هندسة القاهرة برضو وقعدوا عند اختهم.
تخيل ان بسبب قلة الفلوس عثمان كان كل يوم ياخدها مشي من باب الخلق في القاهرة لحد مبنى هندسة في الجيزة!
مرتين .. مرة رايح ومرة راجع!
والوجع اللي أكتر من ده هو ان في سنة أولى هندسة فقد عثمان واخواته أعز حاجة في حياتهم .. أمهم!
لما ماتت أمهم ده كان زلزاااال بالنسبة لعثمان واخواته لأنها كانت بتقوم بدور الأم والأب في نفس الوقت وكانت هي طوق السفينة اللي الكل شادد نفسه بيها!
وبعد ما رجع عثمان اسماعيلية عشان يدفن أمه رجع القاهرة ودفن أحزانه في المذاكرة والمرواح للكلية كل يوم لحد ما اتخرج بالشهادة الكبيرة في الهندسة سنة 1940 ورغم ان تقديراته العالية كانت تسمح له يتعين معيد إلا انه رفض!
وبدأ يفكر مع اخوه ابراهيم ازاي يبدأوا سكة المقاولات اللي بتحتاج راس مال!
اخوه ابراهيم ده بقى بعد كدا معيد في هندسة القاهرة وهو صاحب فكرة تأسيس نقابة المهندسين .. لكن بمجرد التخرج هما الاتنين مكنوش عارفين سكة المقاولات وهيجيبوا منين الأوناش والمعدات الضخمة!
وعلطول راح عثمان لخاله وفي عقل باله عايز يقوله "دبرني يا وزير" ابدأ منين شغل المقاولات؟؟
خاله أقنعه انه يشتغل معاه شوية بشهادة الهندسة لحد ما يتعلم أصول الصنعة .. فكان كل يوم الصبح يروح في الموقع ويكتب التقارير ويشرف على تنفيذ مهام الشغل وبدأ يعلم نفسه بنفسه وطبق اللي كان بياخده في هندسة القاهرة في شغل الموقع .. ولاحظ خاله شطارته وادالو ترقيات وزود له في المرتب اكتر من مرة لحد ما زاد من 12 جنيه لحوالي 24 جنيه.
وفي سنة 1942 فاتح عثمان خاله في انه يستقل عنه ويبقى له شغله الخاص .. وبعد نقاش طويل استمر لأيام اقتنع خاله برغبته وادالو مكافأة على شغله اللي فات معاه 180 جنيه كانوا هما كل راس مال عثمان احمد عثمان في الوقت ده.
وبدأ عثمان يدور على مكان يكون مقر لأعمال شركته الصغيرة اللي لسه ملهاش أساسًا أي وجود!
لقى حد من قرايب أمه بيشتغل دكتور وله عيادة سمح له ياخد أوضة منها تكون مقر شغله .. والأوضة دي مكانها في الحي الافرنجي في اسماعيلية .. وبدأ يدخل في إجراءات استخراج سجل تجاري وعمل يافطة عريضة كتب عليها: عثمان احمد عثمان .. مهندس ومقاول!
كان عثمان هو كل حاجة في الشركة .. بيرتب الأوضة ويكنسها وينزل بنفسه على القهاوي ونواصي الشوارع يقدم نفسه للناس لو حد عنده أي شغلانة مقاولات .. يمكن دي صورة بدائية بسيطة جدًا للماركتينج بس هي دي أدوات الدعاية والتسويق اللي كانت متاحة للبشمهندس عثمان!
فكان فيه ناس تيجي تعرض عليه شغل تشطيب شقة!
فيقبل الشغل ميقولش لأ!
ناس تيجي تعرض عليه ترميم بيت صغير فيقبل الشغل ميقولش لأ!
لحد ما دكتور يوناني في اسماعيلية جه طلب منه يبني جراج كبير .. ده كان أكبر شغل جه لعثمان وكان العائد من ورا منه كبير بالنسبه لحد لسه خريج جديد.. وهو صرف العائد ده في انه يشتري معدات جديدة يستخدمها في أي عمليات كبيرة تجي له بعد كدا!
بيحكي البشمهندس عثمان ان رغم انه لحد هنا الشغل كان مستمر لكن لسه مكنش دخل في شغل المقاولات الحقيقي .. وكان بيقوم بكل الأدوار في شركته الصغيرة دي: كان هو المهندس .. وهو المقاول .. وهو أمين الخزنة .. وهو البوسطجي .. وهو اللي بينضف المكتب آخر اليوم!
علشان كدا لما اشتغل معاه عمال وموظفين بعد كدا كانوا بيسموه "المعلم عثمان"!
وفي خلال فترة بسيطة كان شغله بدأ يسمّع في اسماعيلية وبقى له زباين كتير .. وبدأ يخرج بره اسماعيلية ويتوسع اكتر .. فاشترى لوري ومعدات تانية جديدة .. وكانت أول شغلانة كبيرة في المقاولات جات له قبل نهاية الاربعينات لما راح لشركة عبود باشا علشان يقدم ضمن المقاولين الكبار اللي مقدمين في عطاء سور مصنع السماد في السويس!
عبود باشا استغرب لما لقى ان ملف عثمان احمد عثمان هو أقل عطاء في العملية دي!
وسط الحيتان اللي أساميهم تخض!
فاستدعى عثمان احمد عثمان وكل تفكيره انه مهندس صغير متهور!
وبعد نقاش طويل أقنعه عثمان ان شركته دارسة العملية دي من الألف للياء وان مصاريف العملية بالورقة والقلم زي ما مكتوبة في ملف عثمان احمد عثمان!
العطاء بتاع عثمان كان بقيمة 13 ألف جنيه وفيه مقاولين قدموا أضعاف الرقم ده وقتها!
بيحكي البشمهندس عثمان ان السر اللي مقالهوش لعبود باشا هو انه في المرحلة دي كان بيبني اسم وسمعة عثمان احمد عثمان ومكنش هدفه جمع الفلوس ولا تحقيق أرباح .. كان هدفه ياخد شغل كبير ويبقى له سابقة أعمال تقيلة علشان تضمن له شغل في المستقبل مع شركات ليها وزنها في سوق المقاولات!
وده اللي حصل فعلًا بعد ما نفذ عملية سور مصنع السماد في السويس على أكمل وجه!
بقى يجيلو شغل مقاولات مع شركات كبيرة وبقى يحقق أرباح كويسة باستمرار
🟩الجزء الثالث🟩
عثمان احمد عثمان ٣ : تلال فلوس
لما أحوال شركة عثمان استقرت شاف عثمان ان ده الوقت المناسب عشان زي ما بيقولوا كدا يكمل نص دينه ويتجوز وده حصل بالظبط سنة 1948.
والمفارقة هنا ان هو وابراهيم وحسين اخواته اتجوزوا 3 اخوات هما كمان
3 اخوات ولاد اتجوزوا 3 اخوات بنات وحاجة يعني اللهم صلي على النبي
وكأنه مشهد من مسلسل عبد الغفور البرعي نزل البشمهندس عثمان يوم الصباحية شركته زي ما بيعمل كل يوم!
راجل عملي وبسيط!
حتى بيت الزوجية كان بيت عادي .. كان هو نفس البيت اللي اتربى فيه في اسماعيلية .. ورغم انه كان قدام زوجته صاحب شركة مقاولات إلا انه بيحكي ان زوجته عمرها ما طلبت منه أي حاجة زيادة عن اللي بيقدموا ليها.
الأسرة كانت كلمة السر اللي ليها مفعول السحر عند مؤسس المقاولون العرب.
وبعد زواج عثمان بسنة واحدة جات له مكالمة كانت تاني صدمة له بعد موت أمه .. لما عرف ان اخوه ابراهيم المعيد في هندسة القاهرة مات ..
حاول يتمالك نفسه لكنه بيحكي انه اتهز وقعد فترة طويلة مش قادر يصدق انه فقد أمه واخوه اللي كان مش بس اخوه لكن كمان كان مستشاره في كل حاجة يعملها في المقاولات بحكم موقعه كأستاذ جامعي في كلية الهندسة .. ومؤلف لكتب مهمة في الهندسة الوصفية .. وسكرتير نقابة المهندسين!
وبرضو كانت الأحزان سبب ان بشمهندس عثمان يدخل في شغل كتير وينجح اكتر عشان يكون نجاحه عزاء لفقدان الحبايب اللي كانوا بيحلموا انه يكون حاجة كبيرة في المستقبل .. ده خلاه يدخل في مناقصات مقاولات في مدارس ومصانع ومباني مؤسسات مختلفة لحد ما خد قرار في الخمسينات انه يجرب يسافر يشتغل في السعودية!
المشكلة انه قبل السفر لما راح سفارة السعودية في القاهرة مكانوش هناك يعرفوه .. ولما دخل مقر السفارة ومعاه إعلان لشغل مقاولات كان قراه وراح بيه عشان ياخد التأشيرة وينفذ العملية دي في السعودية كان الرد انك مقاول مش معروف ولازم يكون لك سابقة أعمال معروفة!
رجع عثمان وعمل ملف محترم بكل سابقة أعماله في القاهرة واسماعيلية والسويس ولما اتطلعوا في السفارة على الملف ده وافقوا وعملوله تأشيرة .. وسمحت له السلطات المصرية يدخل المطار ب 130 جنيه بس
يظهر الموضوع ده من زمان بقى
أول لما وصل السعودية خد أول درس محترم لما سواق التاكسي هناك ضحك عليه وفك له الجنيه المصري ب 7 ريال سعودي .. رغم ان سعر الجنيه وقتها = 11 ريال سعودي
(الريال السعودي الآن = 6.55 جنيه مصري ! )
لما وصل السعودية كانت وزارة الدفاع السعودية عندها في الوقت ده عملية مقاولات كبيرة ومحتاجة انها تتنفذ بأسرع وقت .. وبدأ عثمان يجهز نفسه للعملية دي وقابل الأمير مشعل وزير الدفاع السعودي وقتها وأطلعه على الرسومات الهندسية ورؤيته للمشروع ده واتفقوا على تفاصيل الشغل.
كانت المشكلة قبل التنفيذ في الفلوس .. عثمان شرح للأمير مشعل ان فلوسنا كلها في القاهرة واحنا مش مسموح لنا في القانون المصري نحول عملتنا للعملات التانية ونسافر بيها .. فالأمير مشعل استوعب المسألة وأمر بصرف 30% من قيمة العملية ..
وتم تنفيذ كل تفاصيل العملية على أكمل وجه .. وكان آخر حاجة يتصورها عثمان ان العملية دي هتكون طريقه للملايين!
. . بعد ما عثمان سلم المشروع لوزارة الدفاع هناك وراح يقابل الأمير مشعل لقاه قاعد في أوضة مليانة كميات كبيرة من الفضة أمر بصرفها الأمير مشعل على أساس دي تمن عملية المقاولات وزيادة عليهم مكافأة لعثمان احمد عثمان على شغله اللي نفذه ولا كأنه تنفيذ شركة أجنبية!
عثمان احمد عثمان بيحكي انه مكنش قادر يشيل هو وزمايله كل أشولة الفضة دي!
بيقول ان المشهد ده عمره ما ينساه .. مشهد ساحر يخليك تستطعم قيمة كل جهد بتبذله عشان تنجح في البيزنس بتاعك .. وطلب من الأمير مشعل ان وزارة الدفاع السعودية تنقل كل الفضة دي وتتحول لحسابه في البنك .. واللي هي بقيمة 2 ونص المليون ريال سعودي !
وفورًا يأمر الأمير مشعل بحراسة عسكرية مسلحة تنقل 7 لوري شايلين فلوس عثمان احمد عثمان من الطائف لجدة!
بيحكي بشمهندس عثمان انه ساعتها رفع عينيه للسما وقال يارب سبحانك دنا كنت فقير معيش أي حاجة وعامل شهادة فقر في هندسة القاهرة ومش معايا ولا مليم ودلوقتي بقيت من أصحاب الملايين وقوات عسكرية بتحرس فلوسي!
🟩الجزء الرابع والخير🟩
بسبب النجاح الكبير لعثمان احمد عثمان بيحكي ان كان فيه محاولات من سامي شرف مدير مكتب النظام الناصري لتجنيده في عمليات ظاهرها تنفيذ شغل المقاولات بداخل دول عربية لكن من الباطن تكون للتخابر عليها !
واتفاجئ عثمان وهو بيسمع ده من سامي شرف .. وكتب انه رفض يتورط في كل المسائل دي!
محاولات تجنيد عثمان اتكررت واستمرت محاولات سامي شرف لاستقطاب مهندسين من شركته .. وعثمان بيحكي في مذكراته انه استقتل عشان يمنع أي حاجة تخليه في عداء مع الدول العربية الشقيقة اللي هو كل مهمته انه ينفذ لها اللي تطلبه من عمليات مقاولات وبس !
وللأسف بيزنس عثمان احمد عثمان في الخارج اتأثر بالسياسة الداخلية وبقى فيه أمراء عرب خايفين يتعاملوا معاه ليكون أداة للتجسس عليهم وده اللي اتسبب في حزن عثمان لما لقى انه ما بين نارين ومش عارف يلاقيها منين ولا منين !
وحاول عثمان يخلي فيه واسطة خير من معارفه بالخارج عشان يبين بالدليل القاطع للناس اللي كانوا قبل كدا بيتعاملوا معاه انه بتاع بيزنس وبس .. وانه راجل شريف ولا يمكن يتلوث بأجندات سياسية مقيتة تفرق ما بينه وبين إخوانه العرب اللي ميعرفش منهم غير كل محبة وكرم !
واستمر بيزنس عثمان داخل مصر مع شوية تضييق عليه من النظام .. وجت له سفرية عشان ينفذ عملية كبيرة في الكويت وعرف وهو هناك أسوأ تالت صدمة في حياته كلها .. التأميم!
هو بيحكي انه في الوقت ده كانت مصر بتحتفل بذكرى ثورة يوليو بينما هو في الكويت كان بيضرب كف على كف مش قادر يستوعب ازاي شركتي تروح مني .. شقا عمري!
إزاي حد غيري ياخد الشركة!
وفلوس الشركة تتاخد هي كمان!
واللي يمسكوها من بعدي يخربوا إدارة الشركة !
إزاي وانا لسه داخل في أضخم مشروع قومي في مصر كلها!!
ومن ساعتها دخل عثمان في عداء ومعركة ساخنة مع جمال عبد الناصر!
ودي من المواقف اللي بتخليك تراجع من تاني تصريحات د. ثروت عكاشة لما كان بيدافع بشكل مطلق عن قرارات التأميم وانها كانت بتسيب جزء كبير يكفل حياة كريمة لأصحابها .. وده عكس اللي قاله عثمان احمد عثمان !
ملوك وأمراء عرب حاولوا يقفوا جنب عثمان في محنته لما شركته اتاخدت منه لكنه كان عزيز النفس ومش قابل ترضية خواطر في أي حاجة تتعلق بشغله.
رغم ان ملك السعودية عرض على عثمان احمد عثمان كل حاجة .. بيحكي بشمهندس عثمان ان ملك السعودية بعت له مندوب على طيارة خاصة يبلغه ان الملك عرف باللي حصل لشركتك وقرر يصرفلك ما تشاء من أموال وهيديك الجنسية السعودية! وهيتحمل نفقات إقامتك حتى لو خارج السعودية في أي مكان في العالم جزاء لمعاملتك الطيبة مع السعودية طول السنين اللي فاتت!
بمجرد ما انتهى كلام مندوب الملك لقى بشمهندس عثمان بيقوله انا عاجز عن الرد ومش لاقي كلمات توفي ملك السعودية حقه!
وبعد ما شكر مندوب الملك رجع على اسماعيلية من تاني .. على أول خطوة بدأ منها رحلة المقاولين العرب!
بيحكي انه لقى أهل اسماعيلية كرماء فوق الوصف .. ناس راحوله بيته عايزين يدوله 5 آلاف جنيه .. ناس راحوا عايزين يدوله 3 آلاف جنيه .. لقى ناس بسيطة جاية تديله 5 جنيه! عشان يقوم من تاني ويبني نفسه من أول وجديد! وبعد ما رحب بيهم اعتذرلهم وشكرهم على مشاعرهم النبيلة وقال لهم انه حتى لو هيبدأ من تاني من الصفر هيرمي تكاله على ربنا زي ما أمه علمته!
وبعد نقاشات طويلة مع المشير عبد الحكيم عامر رضى المشير ان عثمان يرجع يدير الشركة .. إدارة وبس مش اكتر من كدا .. لدرجة انه قعد 3 سنين ميقبض أي فلوس!
سنين وعثمان احمد عثمان من بعد تأميم جمال عبد الناصر لشركته بيكتم في نفسه وبيكلم نفسه ويشكي حاله لحاله بعد ما اتغيرت أحوال المقاولين العرب وضعف حجم أعمالها .. لحد ما جاله في مكالمة تليفون خبر غريب عجيب ولقى التلفزيون فجأة لغى البرامج العادية وبدأ في تلاوة القرآن الكريم ودخلت الدولة في حداد رسمي!
عهد السادات كانت نقطة نور وضوء آخر النفق بالنسبة لعثمان احمد عثمان!
المقاولون العرب من بداية حكم السادات رجعت تاني تشتغل زي الأول .. السادات طمن رجال الأعمال وشركات المقاولات وعلى راسها المقاولون العرب ان ده عهد جديد ومش هنصفي أي حسابات قديمة مع أي حد .. وبدأ عثمان يرجع بقوة من تاني.
قبل حرب اكتوبر السادات جاب عثمان احمد عثمان واتفقوا على ان المقاولون العرب هتنفذ عمليات لتأسيس قواعد للصواريخ بطول الجبهة وعرضها .. واشترك عثمان مع سلاح المهندسين في تنفيذ المعديات اللي بتشيل طلمبات وتعبر القنال للضفة الشرقية عشان تهد الساتر الترابي للصهاينة!
وتمر الأيام لحد ما يتفاجئ الناس كلها بيوم العبور ونصر اكتوبر!
ويطلب مدير مكتب السادات انه يقابل عثمان احمد عثمان اللي ييجي ويقابل السادات علشان يكلفه بتعمير منطقة القنال .. المنطقة اللي كان من وهو طفل صغير بيشوف شركات أجنبية بتاخد شغل فيها أثناء الاستعمار البريطاني!
ويرفرف قلب عثمان احمد عثمان وهو بيفتكر أيام طفولته من سنين طويلة .. وبيحكي ان وهو ماشي من عند السادات سأله السادات رايح فين؟ مش هتمشي من هنا غير لما تحلف اليمين انت من انهارده وزير التعمير يا عثمان!
أحمد بهاء الدين قال قبل كدا ان علاقة السادات بعثمان احمد عثمان من الحاجات اللي قليل لما تلاقيها .. السادات كان بيعامل عثمان كأنه توأم له وشقيق الروح لدرجة انهم دخلوا في نسب ما بينهم بعد كدا .. وده يفهمك سر التحول الاقتصادي والاجتماعي لعثمان احمد عثمان ما بين زمن ناصر و (أيام السادات) ويمكن العبارة دي هي أفضل اختيار لإسم الفيلم اللي اتعمل عن السادات لأنها بالفعل كانت مرحلة مختلفة عن اللي قبلها!
عثمان احمد عثمان اكتشف ان جوا الحكومة الدنيا اختلفت شوية عن قبل كدا .. مواقف كتيرة قابلها بشمهندس عثمان لما كان وزير .. أخطر ما فيها لما رئيس الوزراء وقتها طلب منه الموافقة على بيع قطع أراضي مميزة جدا في القاهرة لشركة كويتية مدعومة من وزارة المالية في الكويت .. الوزير عثمان احمد عثمان شاف انها قطع كتيرة لأراضي حيوية في أماكن مميزة على النيل مش صح ان مصر تفرط فيها!
ورفض انه يوقع على البيعة دي حتى بعد ما ضغط عليه رئيس الوزراء وقاله ان دي شركة عربية شقيقة!
رغم ان مبلغ الصفقة دي كان مغري جدًا في وقت البلد بيتقال انها هتستفاد من الفلوس دي اللي وصلت لحوالي 40 مليون دولار!
دي ثروة في الوقت ده توازي دلوقتي مبالغ خرافية!
والمفاجأة ان من بعد رفض عثمان التوقيع .. وزير المالية الكويتي بنفسه سافر وحضر لمكتب الوزير عثمان احمد عثمان! وجاب معاه رئيس الوزراء المصري وقتها! قاعدين يقنعوا فيه يمين وشمال وبرضو مفيش فايدة فيك يا عثمان مش راضي يمضي على قرار بيع الأرض المصرية!
وزير المالية الكويتي طلع ورقة فيها تفاصيل المشروع فيقول له عثمان سيبهالي اسبوعين وهبقى اشوف الموضوع ده كنوع من المماطلة يعني .. بيحكي عثمان ان الوزير الكويتي مكانش متوقع الرد ده من عثمان وكان متوقع انه بمجرد ما يعرف انه مسافر مخصوص من الكويت لمكتب عثمان عشان الموضوع ده كان متوقع ان عثمان يمضي على طول .. ولما ده محصلش بيحكي عثمان ان الوزير الكويتي شد من إيد عثمان الورقة وكان زعلان !
هتلاقي في مذكرات عثمان انه شد في الكلام مع رئيس الوزرا المصري وفي كل اللي حضروا مع وزير المالية الكويتي وصوته علا وهو بيقول في مكتبه انا مش همضي على القرار ده .. انا وزير تعمير مش وزير بيع لمصر .. مش همضي على بيع أجمل أماكن فيها على النيل عشان شوية فلوس سهل نجيبهم للبلد بألف طريقة غير دي .. وراح قابل السادات وشرح له كل تفاصيل الموضوع ورجع قال لهم السادات رفض البيع.
ويتحفر الموقف ده في التاريخ المشرف والمنور لعثمان احمد عثمان!
. . . . وما بين منصبه على راس الوزارة . . وذكرياته في تأسيس (المقاولون العرب) . . وفي تأسيس بنك قناة السويس . . وصراعات الأنظمة معاه من أيام العهد الناصري لحد مراكز القوى .. وذكرياته مع رئاسة النادي الاسماعيلي اللي خد معاه الدوري العام في الستينات . . في كل ده استمر عثمان احمد عثمان هو هو الشخص عفيف اللسان اللي إيده نضيفة لا عمره اتورط في رشاوي ولا فضايح من أي نوع!
ورغم المغريات اللي اتعرض لها في الحكومة ومن قبل ما يكون وزير في الحكومة اتحققت دعوة أمه له: "ربنا يا ابني يجعل إيدك خضرة" وبقى فين ما يروح الكل يشهد على أمانته ونزاهته .. وفين ما يروح يبني ويعمّر الأرض ويحررها ضد العدوان .. ويرفض يفرط فيها حتى ولو تحت شعار القومية والعروبة .. حتى ولو تحت شعارات الاستثمار!
محطات طويلة لبراند كبير في مصر اسمه: عثمان احمد عثمان .. محطات بدأت من لما شاف أمه أرملة لوحدها واقفة بطولها معاها 6 أطفال منهم طفل رضيع .. لحد ما شاف محمد اخوه هو راجل البيت اللي شايل المسؤولية وبيصرف على البيت!
لحد ما عثمان اشتغل صبي ميكانيكي .. لحد ما اتخرج من هندسة ورفض يتعين معيد وبدأ العمل الحر .. لحد ما بدأ شركته من أوضة صغيرة في عيادة دكتور .. لحد ما شاف شركته بتكبر وتاخد شغل عمليات كبيرة .. لحد ما شاف نفس شركته بتتأمم وتتاخد منه!
لحد ما اتكرم في فرنسا وإيطاليا وألمانيا وكل الدول العربية!
لحد ما اتكرم في أمريكا نفسها وخد دكتوراة فخرية من هناك .. ولحد ما مجلة فوربس الأمريكية تكتب اسمه بالبونط العريض ضمن أغنى 400 من أثرياء العالم!
محطات طويلة مكنش يتخيل انها هتوصل بيه من علاقاته المحدوده بمقاولين صغيرين في اسماعيلية لعلاقات مباشرة مع الملك عبد العزيز والملك فيصل والملك خالد في السعودية .. والملك الحسن في المغرب .. والملك السنوسي في ليبيا .. والشيخ خليفة في قطر .. والشيخ عيسى في البحرين .. وعبد السلام عارف في العراق .. بالإضافة لأمراء الكويت وغيرها وغيرها !
بالإضافة إلى انه يناسب السادات! . . ويتجوز محمود إبن (عثمان احمد عثمان) من جيهان (الصغيرة) بنت السادات وتبقى علاقة صداقة وجيرة ونسب!
محطات يمكن أغرب ما فيها لما سافر مع السادات للكنيست الإسرائيلي مع نقيب المهندسين وبقية اللي سافروا مع الوفد الرئاسي!
محطات جوهرية بدأت من سنين طويلة انتهت بوفاته في نهاية التسعينات _الله يرحمه_ لكن مخلصتش السيرة العطرة للعائلة العثمانية الأصيلة اللي لسه جدورها في اسماعيلية محفورة ..
محطات كتيرة شاف منها عثمان احمد عثمان الحلو وشاف منها المر .. شاف فيها البيزنس واتأثر فيها بمرار السياسة وحلاوتها .. شاف فيها الوطنية وطاردته الإشاعات الكتير والضرب من تحت الحزام .. محطات كان فيها السد العالي وملحمة أكتوبر وأضخم مشروعات قومية اتعملت فيكي يا مصر!
. . ملحمة بدأت من شاب من اسماعيلية كل أحلامه في البدايات انه يدفع بس مصاريف هندسة القاهرة . . لحد ما كبرت الأحلام لحدود تعمير القاهرة وكل الأقاليم والدول العربية!
《
#منتدى_المركز_الدولى》