المقاطعة بين الأخوات
المقاطعة بين الأخوات
أ. أمل العنزي
السؤال:
ملخص السؤال:
فتاة لها أختان، وهنَّ مفتَرِقات منذ عشرين عامًا، وتريد أن تصلَ أختيها لأنها تخاف أن تموت وهي قاطعة للرحم.
تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة في نهاية العشرين مِن عمري، لي أختان بيني وبينهما انقطاعٌ منذ نحو عشرين عامًا، وأتمنى أن أصلهما؛ فأخاف أن أموت وأنا قاطعة لصلة الرَّحِم!
نفسيتي غير مستقرة، وأقوم بتقطيع شعري منذ سنوات.
ولا أعلم هل لتقطيع الشعر وتأخُّر الزواج علاقة بهذا الموضوع أو لا؟
الجواب:
عزيزتي، ألَّف الله بينك وبين أختيك.
تعلمين أن قطيعة الرحِم مِن كبائر الذنوب، وقد توعَّد الله مَن فَعَلَها باللَّعْنِ والطَّرْدِ من رحمته؛ يقول تعالى: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ [محمد: 22، 23]، وفي الحديث عن أبي بكرة رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((ما مِن ذنبٍ أحرى أن يعجلَ الله عقوبته في الدنيا، مع ما يدخر لصاحبه في الآخرة، مِن البغي وقطيعة الرحم))؛ رواه أبو داود، وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الرحِمُ مُعَلَّقَةٌ بالعرش، تقول: مَن وصلني وَصَلَهُ اللهُ، ومَن قَطَعني قطعه الله))؛ رواه مسلم.
وعن أبي موسى، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثةٌ لا يدخلون الجنة: مُدمن خمرٍ، وقاطع رحمٍ، ومصدقٌ بالسحر))؛ رواه الامام أحمد.
هذا الوعيدُ لقاطع الرحم عمومًا، فما بالك بالإخوة الذين يعيشون في بيت واحد، فأي حياة تحياها الأخت وهي هاجرة لأختها، وقد حُرِمَتْ من حنان وحب أختها؛ فالأختُ مثل الأم في حبها وحنوِّها على إخوتها، ثم أي سبب يؤدي إلى هذه القطيعة طيلة تلك السنوات؟!
أنصحك أن تُبادري بالصفح والتسامح والتقرب لأختيك بكل الوسائل والطرق؛ حتى تعود المياه إلى مجاريها، ولكِ في يوسف عليه السلام أسوةٌ حسنة عندما صفح عن إخوته وسامحهم، بالرغم مما فعلوه به، واعلمي أنك تؤجرين على سعيك في إعادة صلة الرحم؛ فإن خير المتهاجرين مَن يبدأ بالسلام؛ ففي الحديث عن أبي أيوب الأنصاري، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يحل لرجلٍ أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان، فيُعرض هذا ويُعرض هذا، وخيرُهما الذي يبدأ بالسلام))؛ أخرجه البخاري في صحيحه، وعن أبي هريرة أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابةً أَصِلُهم ويقطعوني، وأُحسن إليهم ويُسيئون إليَّ، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: ((لئن كنتَ كما قلت، فكأنما تسفهم الملَّ، ولا يزال معك مِن الله ظهيرٌ عليهم ما دمتَ على ذلك)).
وربما كان تأخُّر زواجكُنَّ بسبب القطيعة التي بينكنَّ والله أعلم؛ لأن صلة الرحم سبب في التوسِعة في العمر والرزق؛ فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن سَرَّهُ أن يُبْسَط له في رزقه، ويُنْسَأ له في أثره، فلْيَصِلْ رحمه))؛ رواه البخاري (5986)، ومسلم (2557).
أما بالنسبة لموضوع نتْف الشَّعر، فلا أستطيع أن أُفيدك في ذلك دون أن أعرفَ بعض التفاصيل؛ مثل: الدوافع التي تدفعك لهذا السلوك، وعدد مرات تَكْراره، وشعورك قبل وأثناء وبعد تقطيع الشعر، وبعض التفاصيل الأخرى.
كما أوصيك بكثرة الاستغفار والدعاء بأن يُؤَلِّفَ الله بين قلوبكنَّ، ويُحببكنَّ إلى بعضكنَّ، ويزيل الشحناء التي بينكنَّ.
أسأل الله العليَّ العظيمَ أن يغفرَ لكنَّ، ويجمع شَمْلكنَّ، ويؤلِّفَ بين قلوبكنَّ
إنه وليُّ ذلك والقادرُ عليه
الالوكة