فضْلُ العِلمِ وفضْلُ تعلُّمِه وفضْلُ الحِكْمَة
---
عَنْ قَيْسٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ
يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
لَاحَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ :
: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ
فِي الْحَقِّ
: وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً، فَهُوَ يَقْضِي بِهَا
وَيُعَلِّمُهَا
■ رواه البخاري ( 73 ) ومسلم 816 ( 268)
ينبغي عدم الخلط بين الحكمة والذكاء
فرغم أن الذكاء مفيد، يمكن أن يكون المرء
ذكيا دون أن تكون حكيما. كما أن الحكماء
يمكنهم التعامل مع مواقف تتسم بعدم الوضوح
ومع ذلك يظلون متفائلين بأنه مهما كانت
المشاكل أمامهم معقدة، هناك حلول
كما أن بإمكانهم التمييز بين الخطأ والصواب
------------------------------------------------------------------
وتشمل الحكمة القدرة على التعلّم والتلفّظ
بأقوال حكيمة والتصرف بحكمة وموعظة
كما وتعبّر الحكمة عن المعرفة التي يكتسبها
الفرد بسبب التجارب والخبرات التي مرّ بها
وبهذا يمكن التمييز ما بين الذكاء والحكمة
في أنّ الذكاء يعبّر عن معرفة الشيء
------------------------------------------------------------------
ولكن الحكمة تعبّر عن القدرة على الحكم
ما إذا كان الشيء مقبولاً القيام به أم لا
بالإضافة إلى أنّ الحكمة تستخدم الذكاء
والخبرة والمعرفة من أجل تحقيق الخير
------------------------------------------------------------------
وبذلك تحقيق التوازن ما بين الذات
والعلاقات الشخصية والتكيّف مع البيئة
المحيطة، بالإضافة إلى تحقيق المصالح
الشخصيّة التي لا تسبّب الأذى للغير
والتعرف على بيئات جديدة والإنخراط بها
أنواع الحكمة وأقسامها الحِكْمَة نوعان :
1- النَّوع الأوَّل :
حِكْمَة علميَّة نظريَّة ؛ وهي الاطلاع على
بواطن الأشياء، ومعرفة ارتباط الأسباب
بمسبباتها، خلقًا وأمرًا، قدرًا وشرعًا
2- النَّوع الثَّاني : حِكْمَة عمليَّة
وهي وضع الشيء في موضعه
وتنقسم_الحِكْمَة من حيث الأصل
إلى_قسمين :
: 1- حكمة فطرية : يؤتيها الله عز وجل
من يشاء، ويتفضَّل بها على من يريد
وهذه لا يد للعبد فيها، وهي التي عناها عمر
بن الخطاب رضي الله عنه حينما كتب إلى
أبي موسى الأشعري :
{ إنَّ الحِكْمَة ليست عن كِبَر السِّن
ولكنَّه عطاء الله يعطيه من يشاء
فإيَّاك ودناءة الأمور، ومُرَّاق الأخلاق }
------------------------------------------------------------------
: 2- حكمة مكتسبة :
يكتسبها العبد بفعل أسبابها، وترك موانعها
فيسهل انقيادها له، وتجري على ألفاظه
التي ينطق بها، وتكتسي بها أعماله التي يفعلها
ويشهدها النَّاس على حركاته وسكناته
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
من هم الحكماء؟
الحكيم هو شخصٌ عاقل يرجح الأمور
نحو الصواب بما امتلكه من خبرات
عبر تجاربه في الحياة
وقد شهد تاريخ الإنسانية العديد من الحكماء
العرب وغير العرب، حيث تعتبر جزءاً من
التقاليد والعادات التي يجب أن يراعيها
الإنسان أثناء تأدية أعماله اليومية
بغض النظر عن الدين والعرق والقومية
------------------------------------------------------------------
حيث عرف بعضهم أن الحكمة
عمل ما ينبغي كما ينبغي في الوقت الذي
ينبغي أي بما معناهُ وضع الأمور في نصابها
حيث هناك حكم اصلحت للتطبيق لمختلف
العصور فكانت عميقة المعنى
وبعض منها ما لا يصلح إلا زمن من الأزمنة
فتكون سطحية المعنى
------------------------------------------------------------------
وقد تأتي الحكمة في النثر والشعر
والحكيم في معاجم اللغة العربية
هو الشخص الذي يتصف بالروية والرأي السديد
في القول والفعل، فلا يقول إلا صواباً
ولا يفعل إلا ما هو صحيح ومعقول بعيداً
عن قرارات العاطفة
------------------------------------------------------------------
والحكيم اسم من أسماء الله جل وعلا
وصفة من صفاته قد يختص بها من يشاء
من عباده، وللاسم معانٍ عدة سنتحدث عنها
بشيء من التفصيل في هذا المقال
------------------------------------------------------------------
ويتميّز الإنسان الحكيم بعدّة صفات ومميزات
تميزه عن أقرانه، قد لا تكون مرئيّة للناس
ولكنّها تظهر من خلال تصرفّاته وتعاملاته
وأفكاره الخاصّة
حيث يمتاز الشخص الحكيم بقدرته على
التفاؤل بالحياة، وقدرته على حل المشاكل
التي تواجهه
------------------------------------------------------------------
كما ويمتلك قدر كبير من الهدوء وخاصةً
في مواجهة القرارات الصعبة والمصيريّة
وامتلاكه القدرة على رؤية الصورة الكبيرة
للأمور، وبالتالي القدرة على تفسير ما يدور
حوله، وتأمّل الحياة
ما هي طرق اكتساب الحكمة؟
كثرة التَّجارب، والاستفادة من مدرسة الحياة
------------------------------------------------------------------
فــ (من مشارب الحِكْمَة :
الاستفادة من العمر والتَّجارب، بالاعتبار
وأخذ الحَيْطة لأمر الدِّين والدُّنيا
------------------------------------------------------------------
ففي الحديث : “لا يُلدغ المؤمن من جحر
مرَّتين” ؛ وكثرة التَّجارب هي التي تُكْسِب
صاحبها الحلم والحِكْمَة)
------------------------------------------------------------------
ومجالسة أهل الصَّلاح، والاختلاط بهم
والاستفادة منهم ؛ لذا كان لُقْمان يقول لابنه
وهو يوصيه ويدُلُّه على طريق الحِكْمَة :
(يا بُنَيَّ، جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك
فإنَّ الله يحيي القلوب بنور الحِكْمَة
كما يحيي الأرض الميِّتة بوابل السَّماء)
------------------------------------------------------------------
العبادة الحقَّة لله سبحانه، والارتباط الوثيق به
والبعد عن المعاصي، وطرد الهوى
كلُّ ذلك من طُرُق نَيْل الحِكْمَة
فعن الحسن، قال : ﴿من أحسن عبادة الله
في شبيبته، لقَّاه الله الحِكْمَة عند كِبَر سنِّه
وذلك قوله : وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ
حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾
(القصص: 14)
------------------------------------------------------------------
وقال ابن الجوزي : { لكلِّ باب مفتاح
ومفتاح الحِكْمَة: طرد الهوى }
------------------------------------------------------------------
تحرِّي الحلال في مأكله ومشربه وملبسه
وشأنه كلِّه سبب في نَيْل الحِكْمَة، والوصول
إلى مصافِّ الحكماء
------------------------------------------------------------------
التَّفقه في الدِّين، وهو من الخير الكثير الذي
أشارت إليه الآية: قال تعالى: ﴿يُؤتِي الْحِكْمَةَ
مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا
كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ﴾
(البقرة: 269)
------------------------------------------------------------------
استشارة ذوي الخبرة والتَّجربة
من الصَّالحين؛ ليزداد بصيرة بالعواقب
------------------------------------------------------------------
التَّحلِّي بالصَّمت عمَّا لا فائدة فيه
طريق إلى اكتسابها، فالحَكِيم يُعرف بالصَّمت
وقلَّة الكلام
وإذا تكلَّم تكلَّم بالْحَقِّ
وإن تلفَّظ تلفَّظ بخير أو سكت
------------------------------------------------------------------
ففي الصَّحيحين عن أبي هريرة رضي الله
عنه أنَّ النَّبي ﷺ قال :
﴿من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل
خيرًا، أو ليصمت﴾
------------------------------------------------------------------
ومن طرق اكتسابها أيضًا ما ذكره لقمان
الحكيم عندما سئل: أنَّى أُوتي الحِكْمَة؟
قال : « بشيئين :
لا أتكلَّف ما كُفِيت، ولا أضيِّع ما كُلِّفت”
------------------------------------------------------------------
۩❁
#منتدى_المركز_الدولى❁۩