قصيدة قمر بغداد لابن زريق البغدادي
لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ
جاوَزتِ فِي نصحه حَداً أَضَرَّبِهِ مِن حَيثَ قَدرتِ أَنَّ النصح يَنفَعُهُ
فَاستَعمِلِي الرِفق فِي تَأِنِيبِهِ بَدَلاً مِن عَذلِهِ فَهوَ مُضنى القَلبِ مُوجعُهُ
قَد كانَ مُضطَلَعاً بِالخَطبِ يَحمِلُهُ فَضُيَّقَت بِخُطُوبِ الدهرِ أَضلُعُهُ
يَكفِيهِ مِن لَوعَةِ التَشتِيتِ أَنَّ لَهُ مِنَ النَوى كُلَّ يَومٍ ما يُروعُهُ
ما آبَ مِن سَفَرٍ إِلّا وَأَزعَجَهُ رَأيُ إِلى سَفَرٍ بِالعَزمِ يَزمَعُهُ
كَأَنَّما هُوَ فِي حِلِّ وَمُرتحلٍ مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ
إِذا الزَمانَ أَراهُ في الرَحِيلِ غِنىً وَلَو إِلى السَندّ أَضحى وَهُوَ يُزمَعُهُ
تأبى المطامعُ إلا أن تُجَشّمه للرزق كداً وكم ممن يودعُهُ
وَما مُجاهَدَةُ الإِنسانِ تَوصِلُهُ رزقَاً وَلادَعَةُ الإِنسانِ تَقطَعُهُ
قَد وَزَّع اللَهُ بَينَ الخَلقِ رزقَهُمُ لَم يَخلُق اللَهُ مِن خَلقٍ يُضَيِّعُهُ
لَكِنَّهُم كُلِّفُوا حِرصاً فلَستَ تَرى مُستَرزِقاً وَسِوى الغاياتِ تُقنُعُهُ
وَالحِرصُ في الرِزقِ وَالأَرزاقِ قَد قُسِمَت بَغِيُ أَلا إِنَّ بَغيَ المَرءِ يَصرَعُهُ
وَالدهرُ يُعطِي الفَتى مِن حَيثُ يَمنَعُه إِرثاً وَيَمنَعُهُ مِن حَيثِ يُطمِعُهُ
أستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَراً بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ
وَدَّعتُهُ وَبوُدّي لَو يُوَدِّعُنِي صَفوَ الحَياةِ وَأَنّي لا أَودعُهُ
وكم تشفّعَ بي أن لا أُفَـارِقَهُ وللضروراتِ حالٌ لا تُشفّعُهُ
وَكَم تَشبَّثَ بي يَومَ الرَحيلِ ضُحَىً وَأَدمُعِي مُستَهِلّاتٍ وَأَدمُعُهُ
لا أَكُذبُ اللَهَ ثوبُ الصَبرِ مُنخَرقٌ عَنّي بِفُرقَتِهِ لَكِن أَرَقِّعُهُ
إِنّي أَوَسِّعُ عُذري فِي جَنايَتِهِ بِالبينِ عِنهُ وَجُرمي لا يُوَسِّعُهُ
رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أَحسِن سِياسَتَهُ وَكُلُّ مَن لا يُسُوسُ المُلكَ يَخلَعُهُ
وَمَن غَدا لابِساً ثَوبَ النَعِيم بِلا شَكرٍ عَلَيهِ فَإِنَّ اللَهَ يَنزَعُهُ
اِعتَضتُ مِن وَجهِ خِلّي بَعدَ فُرقَتِهِ كَأساً أَجَرَّعُ مِنها ما أَجَرَّعُهُ
كَم قائِلٍ لِي ذُقتُ البَينَ قُلتُ لَهُ الذَنبُ وَاللَهِ ذَنبي لَستُ أَدفَعُهُ
أَلا أَقمتَ فَكانَ الرُشدُ أَجمَعُهُ لَو أَنَّنِي يَومَ بانَ الرُشدُ اتبَعُهُ
إِنّي لَأَقطَعُ أيّامِي وَأنفقُها بِحَسرَةٍ مِنهُ فِي قَلبِي تُقَطِّعُهُ
بِمَن إِذا هَجَعَ النُوّامُ بِتُّ لَهُ بِلَوعَةٍ مِنهُ لَيلى لَستُ أَهجَعُهُ
لا يَطمِئنُّ لِجَنبي مَضجَعُ وَكَذا لا يَطمَئِنُّ لَهُ مُذ بِنتُ مَضجَعُهُ
ما كُنتُ أَحسَبُ أَنَّ الدهرَ يَفجَعُنِي بِهِ وَلا أَنَّ بِي الأَيّامَ تَفجعُهُ
حَتّى جَرى البَينُ فِيما بَينَنا بِيَدٍ عَسراءَ تَمنَعُنِي حَظّي وَتَمنَعُهُ
قَد كُنتُ مِن رَيبِ دهرِي جازِعاً فَرِقاً فَلَم أَوقَّ الَّذي قَد كُنتُ أَجزَعُهُ
بِاللَهِ يا مَنزِلَ العَيشِ الَّذي دَرَست آثارُهُ وَعَفَت مُذ بِنتُ أَربُعُهُ
هَل الزَمانُ مَعِيدٌ فِيكَ لَذَّتنا أَم اللَيالِي الَّتي أَمضَتهُ تُرجِعُهُ
فِي ذِمَّةِ اللَهِ مِن أَصبَحَت مَنزلَهُ وَجادَ غَيثٌ عَلى مَغناكَ يُمرِعُهُ
مَن عِندَهُ لِي عَهدُ لا يُضيّعُهُ كَما لَهُ عَهدُ صِدقٍ لا أُضَيِّعُهُ
وَمَن يُصَدِّعُ قَلبي ذِكرهُ وَإِذا جَرى عَلى قَلبِهِ ذِكري يُصَدِّعُهُ
لَأَصبِرَنَّ لدهر ٍلا يُمَتِّعُنِي بِهِ وَلا بِيَ فِي حالٍ يُمَتِّعُهُ
عِلماً بِأَنَّ اِصطِباري مُعقِبُ فَرَجاً فَأَضيَقُ الأَمرِ إِن فَكَّرتَ أَوسَعُهُ
عَسى اللَيالي الَّتي أَضنَت بِفُرقَتَنا جِسمي سَتَجمَعُنِي يَوماً وَتَجمَعُهُ
وَإِن تُغِلُّ أَحَدَاً مِنّا مَنيَّتَهُ لا بُدّ في غَدِه الثّاني سَيَتْبَعَهُ
وإن يدم أبداً هذا الفراق لنا فَما الَّذي بِقَضاءِ اللَهِ يَصنَعُهُ قصيدة "مجلس الحبيب" للشاعر صفي الدين الحلى
أذاب التبر في صافي اللجين /// رشا بالراح مخضوب اليدين
وطاح علي السحاب بكأس راح /// فطافت مقلتاه بأخرين
رخيم من بني الاعراب طفل /// يجاذب خصره جبلي حنين
يبدل نطقه ضاداً بدال /// ويشرك عجمة قافا بعين
يطوف علي الرفاق من الحميا /// ومن خمر الرضاب بمسكرين
اذا يجلو الحميا والمحيا /// شهدنا الجمع ين النيرين
واخر من بني الاعراب حفت /// جيوش الحسن منه بعارضين
الي عينيه تنتسب المنايا /// كما انتسب الرماح الي ردين
تلاحظ سوسن الخدين منه /// فيبدلها الحياء بوردتين
ومجلسنا الأنيق تضئ فيه /// اواني الراح من ورق وعين
فاطلقنا فم الابريق فيه /// وبات الزق مغلول اليدين
وشمعتنا شبيه سنان تبر /// توقد في اكف الساقيين
اذا ملئ الزجاج بها وطارت /// حواشي نورها في المشرقين
عجبت لبدر كأس صار شمسا /// بحف من السقاة بكوكبين
وقد صاقت يد الأزهار تاجا /// علي الأغصان فوق الجانبين
بورد كالمداهن في عقيق /// واقداح كازار اللجين
وقد جمعت لي اللذات لما /// دنت منها قطوف الجنتين
ومانا من هوي الفيحاء خال /// ولا ممن احببت قضيت ديني
تملك حبه قلبي وصدري /// فأصبح سائرا في الخافقين
وأعوز مع دنوي منه صبري /// فكيف يكون صبري بعد بين
اذا مارام ان يسلوه قلبي /// تمثل شخصه تلقاء عيني
الا يا نسممة السعدي كوني /// رسولا بين من اهوي وبيني
ويانشر الصبا بلغ سلامي /// الي الفيحاء بين القلعتين
وحي الجامعين وجانبيها /// فقد كانا لشملي جامعين
وقل لمعذبي هل من نجازٍٍِ /// لوعدي سالفيك السالفين
سميك كان مقتولا بظلم /// وانت ظلمتني وجلبت حيني
وهبتك في الهوي روحي بوعد /// وبعتك عامدا نقدا بدين
وجئتك وفي يدي كفني وسيفي /// فكيف جعلتها خفي حنين
ولم صيرت بعدك قيد قلبي /// وكان جمال وجهك قيد عيني
فصرنا نشبه النسرين بعدا /// وكنا الفة كالفرقدين
علمت ان وعدك صار مينا /// لزجري مقلتيك بصارمين
وقلت وقد رايتك خاب سعيي /// لكون البدر بين العقربين
فلم دليتني بحبال زور /// ولم اطمعتني بسراب مين
وهلا قلت لي قولا صريحا /// فكان المنع احدي الراحتين
عرفتك دون كل الناس لما /// نقدتك في الملاحة نقد عين
وكم قد شاهدتك الناس قبلي /// فما نظروك كلهمو بعيني
وطاوعت الفتوة فيك حتي /// جعلتك في العلاء برتبتين
فلما ان خلا المغني وتبنا /// عراة بالعفاف مؤزرين
اتهجرني وتحفظ عهد غيري /// وهل للموت عذرا بعد دين
وقلت الوعد عن الحر دين /// فكيف مطلتني وجحدت عيني
اذا ماجاء محبوبي بذنب /// يسابقه الجمال بشافعين
وقلت جعلت كل الناس خصمي /// لقد شاهدت احدي الحالتين
فكان الناس قبل هواك صحبي /// فهل ابقيت لي من صاحبين
بعادي اطمع الاعداء حتي /// رأوك اليوم خزر الناظرين
وهلا طالعوك بعين سوء /// وامري نافذ في الدولتين
وماخفت جناح الجيش الا /// رأوني ملء قلب العسكرين
لئن سكنت الي الزوراء نفسي /// فأن القلب بين محركين
هوي يقتادني لديار بكر /// واخر نحو ارض الجامعين
سأسرع نحو راس العين خطوي /// وأقصدها علي راسي وعيني
واسرح في حمي جيرون طرفي /// واربع في اراضي النيرين
فليس الخطب في عيني جليلا /// اذا قابلته بالاصغرين
فيا من بان لما بان صبري /// وحاربني رقاد المقلتين
تنغص فيك بالزوراء عيشي /// وبدل زين لذاتي بشين
وما عيشي بها جهما ولكن /// رأيت الزين بعدك غير زين
قصيدة اضحى التنائي لابن زيدون
أضْحَى التّنائي بَديلاً منْ تَدانِينَا، وَنَابَ عَنْ طيبِ لُقْيانَا تجافينَا
ألاّ وَقَد حانَ صُبحُ البَينِ، صَبّحَنا حَيْنٌ، فَقَامَ بِنَا للحَيْنِ نَاعيِنَا
مَنْ مبلغُ الملبسِينا، بانتزاحِهمُ، حُزْناً، معَ الدهرِ لا يبلى ويُبْلينَا
أَنَّ الزَمانَ الَّذي مازالَ يُضحِكُنا أُنساً بِقُربِهِمُ قَد عادَ يُبكينا
غِيظَ العِدا مِنْ تَساقِينا الهوَى فدعَوْا بِأنْ نَغَصَّ، فَقالَ الدهر آمينَا
فَانحَلّ ما كانَ مَعقُوداً بأَنْفُسِنَا؛ وَانْبَتّ ما كانَ مَوْصُولاً بأيْدِينَا
وَقَدْ نَكُونُ، وَمَا يُخشَى تَفَرّقُنا، فاليومَ نحنُ، ومَا يُرْجى تَلاقينَا
يا ليتَ شعرِي، ولم نُعتِبْ أعاديَكم، هَلْ نَالَ حَظّاً منَ العُتبَى أعادينَا
لم نعتقدْ بعدكمْ إلاّ الوفاء لكُمْ رَأياً، ولَمْ نَتَقلّدْ غَيرَهُ دِينَا
ما حقّنا أن تُقِرّوا عينَ ذي حَسَدٍ بِنا، ولا أن تَسُرّوا كاشِحاً فِينَا
كُنّا نرَى اليَأسَ تُسْلِينا عَوَارِضُه، وَقَدْ يَئِسْنَا فَمَا لليأسِ يُغْرِينَا
بِنْتُم وَبِنّا، فَما ابتَلّتْ جَوَانِحُنَا شَوْقاً إلَيكُمْ، وَلا جَفّتْ مآقِينَا
نَكادُ، حِينَ تُنَاجِيكُمْ ضَمائرُنا، يَقضي علَينا الأسَى لَوْلا تأسّينَا
حَالَتْ لِفقدِكُمُ أيّامُنا، فغَدَتْ سُوداً، وكانتْ بكُمْ بِيضاً لَيَالِينَا
إذْ جانِبُ العَيشِ طَلْقٌ من تألُّفِنا؛ وَمَرْبَعُ اللّهْوِ صَافٍ مِنْ تَصَافِينَا
وَإذْ هَصَرْنَا فُنُونَ الوَصْلِ دانية ً قِطَافُها، فَجَنَيْنَا مِنْهُ ما شِينَا
ليُسقَ عَهدُكُمُ عَهدُ السّرُورِ فَما كُنْتُمْ لأروَاحِنَا إلاّ رَياحينَا
لا تَحْسَبُوا نَأيَكُمْ عَنّا يغيّرُنا؛ أنْ طالَما غَيّرَ النّأيُ المُحِبّينَا!
وَاللهِ مَا طَلَبَتْ أهْواؤنَا بَدَلاً مِنْكُمْ، وَلا انصرَفتْ عنكمْ أمانينَا
يا سارِيَ البَرْقِ غادِ القصرَ وَاسقِ به مَن كانَ صِرْف الهَوى وَالوُدَّ يَسقينَا
وَاسألْ هُنالِكَ: هَلْ عَنّى تَذكُّرُنا إلفاً، تذكُّرُهُ أمسَى يعنّينَا؟
وَيَا نسيمَ الصَّبَا بلّغْ تحيّتَنَا مَنْ لَوْ على البُعْدِ حَيّا كان يحيِينا
فهلْ أرى الدّهرَ يقضينا مساعفَة ً مِنْهُ، وإنْ لم يكُنْ غبّاً تقاضِينَا
رَبيبُ مُلكٍ، كَأنّ اللَّهَ أنْشَأهُ مِسكاً، وَقَدّرَ إنشاءَ الوَرَى طِينَا
أوْ صَاغَهُ وَرِقاً مَحْضاً، وَتَوجهُ مِنْ نَاصِعِ التّبرِ إبْداعاً وتَحسِينَا
إذَا تَأوّدَ آدَتْهُ، رَفاهِيّة ً، تُومُ العُقُودِ، وَأدمتَهُ البُرَى لِينَا
كانتْ لَهُ الشّمسُ ظئراً في أكِلّته، بَلْ ما تَجَلّى لها إلاّ أحايِينَا
كأنّما أثبتَتْ، في صَحنِ وجنتِهِ، زُهْرُ الكَوَاكِبِ تَعوِيذاً وَتَزَيِينَا
ما ضَرّ أنْ لمْ نَكُنْ أكفاءه شرَفاً، وَفي المَوَدّة ِ كافٍ مِنْ تَكَافِينَا؟
يا رَوْضَة ً طالَما أجْنَتْ لَوَاحِظَنَا وَرْداً، جَلاهُ الصِّبا غضّاً، وَنَسْرِينَا
ويَا حياة ً تملّيْنَا، بزهرَتِهَا، مُنى ً ضروبَاً، ولذّاتٍ أفانينَا
ويَا نعِيماً خطرْنَا، مِنْ غَضارَتِهِ، في وَشْيِ نُعْمَى ، سحَبنا ذَيلَه حينَا
لَسنا نُسَمّيكِ إجْلالاً وَتَكْرِمَة ً؛ وَقَدْرُكِ المُعْتَلي عَنْ ذاك يُغْنِينَا
إذا انفرَدتِ وما شُورِكتِ في صِفَة ٍ، فحسبُنا الوَصْفُ إيضَاحاً وتبْيينَا
يا جنّة َ الخلدِ أُبدِلنا، بسدرَتِها والكوثرِ العذبِ، زقّوماً وغسلينَا
كأنّنَا لم نبِتْ، والوصلُ ثالثُنَا، وَالسّعدُ قَدْ غَضَّ من أجفانِ وَاشينَا
إنْ كان قد عزّ في الدّنيا اللّقاءُ بكمْ في مَوْقِفِ الحَشرِ نَلقاكُمْ وَتَلْقُونَا
سِرّانِ في خاطِرِ الظّلماءِ يَكتُمُنا، حتى يكادَ لسانُ الصّبحِ يفشينَا
لا غَرْوَ في أنْ ذكرْنا الحزْنَ حينَ نهتْ عنهُ النُّهَى ، وَتركْنا الصّبْرَ ناسِينَا
إنّا قرَأنا الأسَى ، يوْمَ النّوى ، سُورَاً مَكتوبَة ً، وَأخَذْنَا الصّبرَ تلقينا
أمّا هواكِ، فلمْ نعدِلْ بمَنْهَلِهِ شُرْباً وَإنْ كانَ يُرْوِينَا فيُظمِينَا
لمْ نَجْفُ أفقَ جمالٍ أنتِ كوكبُهُ سالِينَ عنهُ، وَلم نهجُرْهُ قالِينَا
وَلا اخْتِياراً تَجَنّبْناهُ عَنْ كَثَبٍ، لكنْ عَدَتْنَا، على كُرْهٍ، عَوَادِينَا
نأسَى عَليكِ إذا حُثّتْ، مُشَعْشَعَة ً، فِينا الشَّمُولُ، وغنَّانَا مُغنّينَا
لا أكْؤسُ الرّاحِ تُبدي من شمائِلِنَا سِيّما ارْتياحٍ، وَلا الأوْتارُ تُلْهِينَا
دومي على العهدِ، ما دُمنا، مُحافِظة ً، فالحرُّ مَنْ دانَ إنْصافاً كما دينَا
فَما استعضْنا خَليلاً منكِ يحبسُنا وَلا استفدْنا حبِيباً عنكِ يثنينَا
وَلَوْ صبَا نحوَنَا، من عُلوِ مطلعه، بدرُ الدُّجى لم يكنْ حاشاكِ يصبِينَا
أبْكي وَفاءً، وَإنْ لم تَبْذُلي صِلَة ً، فَالطّيفُ يُقْنِعُنَا، وَالذّكرُ يَكفِينَا
وَفي الجَوَابِ مَتَاعٌ، إنْ شَفَعتِ بهِ بيضَ الأيادي، التي ما زِلتِ تُولينَا
إليكِ منّا سَلامُ اللَّهِ ما بَقِيَتْ صَبَابَة ٌ بِكِ نُخْفِيهَا، فَتَخْفِينَا [size=51]قصيدة ياليل الصبّ متى غده لالحصري القيروانى
[/size]
يا ليلُ الصبُّ متى غدُه أقيامُ السَّاعةِ مَوْعِدُهُ
رقدَ السُّمَّارُ فأَرَّقه أسفٌ للبيْنِ يردِّدهُ
فبكاهُ النجمُ ورقَّ له ممّا يرعاه ويرْصُدهُ
كلِفٌ بغزالٍ ذِي هَيَفٍ خوفُ الواشين يشرّدهُ
نصَبتْ عينايَ له شرَكاً في النّومِ فعزَّ تصيُّدهُ
وكفى عجباً أَنِّي قنصٌ للسِّرب سبانِي أغْيَدهُ
صنمٌ للفتنةٍ منتصبٌ أهواهُ ولا أتعبَّدُهُ
صاحٍ والخمرُ جَنَى فمِهِ سكرانُ اللحظ مُعرْبدُهُ
ينضُو مِنْ مُقْلتِه سيْفاً وكأَنَّ نُعاساً يُغْمدُهُ
فيُريقُ دمَ العشّاقِ به والويلُ لمن يتقلّدهُ
كلّا لا ذنْبَ لمن قَتَلَتْ عيناه ولم تَقتُلْ يدهُ
يا من جَحَدتْ عيناه دمِي وعلى خدَّيْه توَرُّدهُ
خدّاكَ قد اِعْتَرَفا بدمِي فعلامَ جفونُك تجْحَدهُ
إنّي لأُعيذُكَ من قَتْلِي وأظُنُّك لا تَتَعمَّدهُ
باللّه هَبِ المشتاق كَرَى فلعَلَّ خيالَكَ يِسْعِدهُ
ما ضَرَّك لو داوَيْتَ ضَنَى صَبٍّ يُدْنيكَ وتُبْعِدهُ
لم يُبْقِ هواك له رَمَقا فلْيَبْكِ عليه عُوَّدُهُ
وغداً يَقْضِي أو بَعْدَ غَدٍ هل مِنْ نَظَرٍ يتَزَوَّدهُ
يا أهْلَ الشوقِ لنا شَرَقٌ بالدّمعِ يَفيضُ مَوْرِدُهُ
يهْوى المُشْتاقُ لقاءَكُمُ وظروفُ الدَّهْرِ تُبَعِّدهُ
ما أحلى الوَصْلَ وأَعْذَبهُ لولا الأيّامُ تُنَكِّدهُ
بالبَينِ وبالهجرانِ فيا لِفُؤَادِي كيف تَجَلُّدهُ؟
قصيدة قصيدة صلوات في هيكل الحب لأبو قاسم الشابى
[size]
عذبة أنـت كالطفولـة كالأحـلام
كاللـحـن كالصـبـح الجـديـد
كالسماء الضحوك كالليلة القمـراء
كـالـورد كابتـسـام الـولـيـد
يالهـا مـن وداعــة وجـمـال
وشـبـاب مـنـعـم أمـلــود
يالها من طهـارة تبعـث التقديـس
فـي مهـجـة الشـقـي العنـيـد
يالها من رقة تكـاد يـرف الـورد
منهـا فـي الصخـرة الجلـمـود
أي شيء تراك ؟ هل أنت فينيـس
تهادت بيـن الـورى مـن جديـد
لتعيد الشبـاب والفـرح المعسـول
للعـالـم التـعـيـس العـمـيـد
أم ملاك الفردوس جاء إلى الأرض
ليحيـي روح الـسـلام العهـيـد
أنـت .. مـا أنـت رسـم جميـل
عبقـري مـن فـن هـذا الوجـود
فيه ما فيه مـن غمـوض وعمـق
وجـمـال مـقـدس مـعـبـود
أنت .ما أنت .. أنت فجر من السحر
تجـلـى لقـلـبـي المـعـمـود
فأراه الحياة فـي مونـق الحسـن
وجلـى لــه خفـايـا الخـلـود
أنت روح الربيع تختال في الدنيـا
فتهـتـز رائـعـات الـــورود
تهب الحياة سكـرى مـن العطـر
ويــدوي الـوجـود بالتغـريـد
كلمـا أبصرتـك عينـاي تمشيـن
بخـطـو مـوقــع كالنـشـيـد
خفق القلب للحيـاة ورف الزهـر
فـي حقـل عمـري المـجـرود
وانتشت روحـي الكئيبـة بالحـب
وغـنـت كالبلـبـل الـغـريـد
أنت تحيين فـي فـؤادي مـا قـد
مات فـي أمسـي السعيـد الفقيـد
وتشيديـن فـي خزائـب روحـي
ما تلاشى فـي عهـدي المجـدود
من طموح إلى الجمال إلـى الفـن
إلـى ذلــك الفـضـاء البعـيـد
وتبثين رقـة الأشـواق والأحـلام
والشـدو والهـوى فـي نشـيـدي
بعـد أن عانقـت كآبـة أيـامـي
فــؤادي وألجـمـت تغـريـدي
أنـت أنشـودة الأناشيـد غـنـاك
إلــه الغـنـاء رب القـصـيـد
فيك شب الشباب وشحـه السحـر
وشـدو الهـوى وعطـر الوجـود
وتهادت فـي أفـق روحـك أوزان
الأغـانـي ورقــة التـغـريـد
فتمايلـت فـي الوجـود كلـحـن
عبقـري الخيـال حلـو النشـيـد
خطـوات سكـرانـة بالأناشـيـد
وصـوت كرجـع نـاي بعـيـد
وقـوام يكـاد ينطـق بالألـحـان
فــي كــل وقـفـة وقـعـود
أنت .. أنت الحياة في قدسها السامي
وفـي سحرهـا الشجـي الفـريـد
أنت .. أنت الحياة في رقة الفجـر
فـي رونـق الربـيـع الولـيـد
أنـت .. أنـت الحيـاة كـل أوان
فـي رواء مـن الشبـاب جـديـد
أنت .. دنيا من الأناشيد والأحـلام
والسـحـر والخـيـال المـديـد
أنت فوق الخيـال والشعـر والفـن
وفـوق النهـى وفـوق الـحـدود
أنت قدسـي ومعبـدي وصباحـي
وربيعـي ونشـوتـي وخـلـودي
يا ابنة النـور إننـي أنـا وحـدي
من رأى فيـك روعـك المعبـود
فدعيني أعيش فـي ظلـك العـذب
وفـي قـرب حسنـك المشـهـود
عيشـة للجمـال والفـن والإلهـام
والطهـر والسـنـى والسـجـود
عيشة الناسك البتول يناجي الـرب
فـي نشـوة الـذهـول الشـديـد
وامنحيني السلام والفرح الروحـي
يـا ضـوء فـجـري المنـشـود
وارحميني فقد تهدمـت فـي كـون
مـن اليـأس والـظـلام مشـيـد
أنقذيني من الأسـى فلقـد أمسيـت
لا أستطـيـع حـمـل وجــودي
في شعب الزمان والمـوت أمشـي
تحب عـبء الحيـاة جـم القيـود
وأماشي الـورى وفسـي كالقبـر
وقلـبـي كالعـالـم الـمـهـدود
ظلمـة مالهـا خـتـام وهــول
شائـع فـي سكونهـا المـمـدود
وإذا مـا استخفـى عبـث النـاس
تبسمـت فـي أســى وجـمـود
بسمـة مــرة كـأنـي أسـتـل
مـن الشـوك دابـلات الــورود
وانفخي في مشاعري مـرح الدنيـا
وشـدي مـن عزمـي المجـهـود
وابعثي في دمـي الحـرارة علـي
أتغنـى مـع المنـى مـن جديـد
وأبـت الوجـود أنـغـام قـلـب
بلبـلـي مـكـبـل بالـحـديـد
فالصباح الجميل ينعـش بالـدفء
حـيـاة المحـطـم الـمـكـدود
أنقذينـي فقـد سئمـت ظـلامـي
أنقذينـي فقـد مللـت ركــودي
آه يا زهرتي الجميلة لـو تدريـن
مـا جـد فـي فـؤادي الموحيـد
في فؤادي الغريـب تخلـق أكـوان
مـن السحـر ذات حسـن فـريـد
وشمـوس وضــاءة ونـجـوم
تنثـر النـور فـي فضـاء مديـد
وربيـع كأنـه حـلـم الشـاعـر
فـي سكـرة الشـبـاب السعـيـد
ورياض لا تعرف الحلك الداجـي
ولا ثـورة الخـريـف العتـيـد
وطـيـور سحـريـة تتنـاغـى
بأناشـيـد حـلـوة التـغـريـد
وقصور كأنها الشفـق المخضـوب
أو طلـعـة الصـبـاح الولـيـد
وغـيـوم رقيـقـة تـتـهـادى
كأباديـد مـن نـثـار الــورود
وحيـاة شعريـة هــي عـنـدي
صورة مـن حيـاة أهـل الخلـود
كل هـذا يشيـده سحـر عينيـك
وإلـهـام حسـنـك المـعـبـود
وحـرام عليـك أن تهدمـي مــا
شاده الحسـن فـي الفـؤاد العميـد
وحرام عليـك أن تسحقـي آمـال
نفـس تصبـو لعـيـش رغـيـد
منك ترجـو سعـادة لـم تجدهـا
في حياة الورى وسحـر الوجـود
فالإلـه العظيـم لا يرجـم العبـد
إذا كـان فـي جـلال السـجـود[/size][size=51]قصيدة القمر العاشق على محمود طه
[/size]
إذا ما طاف بالشرفة ضوء القمر المُضنى
و رفّ عليكِ مثل الحلم أو إشراقة المعنى
و أنت على فراش الطهر ، كالزنبقة الوسنى
فضمى جسمك العارى ، و صونى ذلك الحسنا
. . .
أغار عليك من سابٍ ، كأن لضوئه لحنا
تدق له قلوب الحورأشواقاً إذا غنى
رقيق اللمس ، عربيدٌ ، بكل مليحةٍ يُعنى
جرىءٌ ، إن دعاه الشوق ، أن يقتحم الحصنا
. . .
أغار أغار إن قبل هذا الثغر أو ثنى
و لفَّ النهد فى لينٍ، وضم الجسد اللدنّا
فإن لضوئه قلباً و إن لسحره جفنا
يصيد الموجة العذراء من أغوارها وهنا
. . .
فردّى الشرفة الحمراء دون المخدع الأسنى
وصونى الحسن من ثورة هذا العاشق المضنى
مخافة أن يظن الناس فى مخدعك الظنا
فكم أقلقت من ليلٍ ، وكم من قمرٍ جنّا
قصيدة الأطلال لإبراهيم ناجى
يا فؤادي، رحم اللهُ الهوى كان صرحًا من خيال فهوى
اسقني واشربْ على أطلالِهِ وارو عني، طالما الدمع روى
كيف ذاك الحب أمسى خبراً وحديثاً من أحاديث الجوى
وبساطاً من ندامى حلم هم تواروا أبداً، وهو انطوى
***
يا رياحاً، ليس يهدا عصفها نضب الزيتُ ومصباحي انطفا
وأنا أقتات من وهم عفا وأفي العمر لناسٍ ما وفى
كم تقلبت على خنجره لا الهوى مال، ولا الجفنُ غفا
وإذا القلبُ - على غفرانِهِ كلّما غار به النصلُ عفا
***
يا غراماً كان مني في دمي قدراً كالموت، أو في طعمِهِ
ما قضينا ساعة في عرسِهِ وقضينا العمر في مأتمِه
ما انتزاعي دمعةً من عينِهِ واغتصابي بسمةً من فمِهِ
ليت شعري أين منه مهربي أين يمضي هاربٌ من دمِه ؟
***
لستُ أنساكِ وقد ناديتني بفمٍ عذبِ المناداة رقيقْ
ويد تمتد نحوي، كيدٍ من خلال الموجِ مُدّتْ لغريقْ
آه يا قِبلة أقدامي، إذا شكتِ الأقدامُ أشواكَ الطريقْ
وبريقاً يظمأ الساري لَهُ أين في عينيك ذيَّاك البريقْ ؟
***
لستُ أنساكِ، وقد أغريتني بالذرى الشم،فأدمنتُ الطموح
أنت روح في سمائي، وأنا لك أعلو، فكأني محضُ روح
يا لها من قمم كنّا بها نتلاقى، وبسرّينا نبوحْ
نستشف الغيبَ من أبراجها ونرى الناسَ ظلالًا في السفوح
***
أنتِ حسن في ضحاه لم يَزَلْ وأنا عنديَ أحزان الطَفَل
وبقايا الظل من ركب رحلْ وخيوطُ النور من نجمٍ أفلْ
ألمح الدنيا بعيني سئم وأرى حولي أشباحَ المللْ
راقصات فوق أشلاء الهوى معولاتٍ فوق أجداثِ الأملْ
***
ذهب العمرُ هباء، فاذهبي لم يكن وعدُك إلا شبحا
صفحةٌ قد ذهب الدهرُ بها أثبت الحب عليها ومحا
انظري ضِحكي ورقصي فرحا وأنا أحمل قلباً ذُبِحَا
ويراني النَّاسُ روحًا طائراً والجوى يطحنني طحن الرحى
***
كنت تمثال خيالي، فهوى المقادير أرادت لا يدي
ويحها، لم تدر ماذا حطمت حطمت تاجي، وهدت معبدي
يا حياة اليائس المنفرد يا يباباً ما به من أحد
يا قفاراً لافحات ما بها من نجي، يا سكون الأبد
***
أين من عيني حبيبٌ ساحرٌ فيه نبلٌ وجلالٌ وحياءْ
واثقُ الخطوةِ يمشي ملكاً ظالمُ الحسن، شهيُّ الكبرياء
عبق السحر كأنفاس الربى ساهم الطرف كأحلام المساء
مشرق الطلعة، في منطقه لغة النور، وتعبير السماء
***
أين مني مجلس أنت به فتنة تمت سناء وسنى
وأنا حب وقلب ودم وفراش حائر منك دنا
ومن الشوق رسول بيننا ونديم قدم الكأس لنا
وسقانا، فانتفضنا لحظة لغبار آدمي مسنا !
***
قد عرفنا صولة الجسم التي تحكم الحيّ، وتطغي في دماه
وسمعنا صرخة في رعدها سوط جلاد، وتعذيب إله
أمرتنا، فعصينا أمرها وأبينا الذلّ أن يغشى الجباه
حكم الطاغي، فكنا في العصاة وطردنا خلفَ أسوارِ الحياهْ
***
يا لمنفيين ضلا في الوعور دميا بالشوك فيها والصخور
كلما تقسو الليالي، عرفا روعة الآلام في المنفى الطهور
طردا من ذلك الحلم الكبير للحظوظِ السود، والليل الضرير
يقبسان النور من روحيهما كلما قد ضنت الدنيا بنور
***
أنت قد صيرت أمري عجبا كثرت حولي أطيار الربى
فإذا قلت لقلبي ساعة قم نغرد لسوى ليلى أبى
حجبتْ تأبى لعيني مأربا غير عينيك، ولا مطلبا
أنت من أسدلها، لا تدعي أنني أسدلت هذي الحُجُبا
***
ولكم صاح بي اليأس انتزعها فيرد القدر الساخر : دعها
يا لها من خطة عمياء، لو أنني أبصر شيئاً لم أطعها
وليَ الويل إذا لبيتُها ولي الويلُ إذا لم أتبعها
قد حنت رأسي، ولو كل القوى تشتري عزة نفسي، لم أبعها
***
يا حبيباً زرت يوماً أيكَهُ طائر الشوق، أغنيْ ألمي
لك إبطاءُ الدلالِ المنعمِ وتجني القادر المحتكمِ
وحنيني لك يكوي أعظمي والثواني جمرات في دمي
وأنا مرتقب في موضعي مرهفُ السمعِ لوقع القدم
***
قدم تخطو، وقلبي مشبه موجة تخطو إلى شاطئها
أيها الظالم : بالله إلى كم أسفح الدمع على موطئها
رحمةٌ أنت، فهل من رحمة لغريب الروح أو ظامئها
يا شفاء الروح، روحي تشتكي ظلمَ آسيها، إلى بارئها
***
أعطني حريتي اطلق يديّ إنني أعطيتُ ما استبقيتُ شيّ
آه من قيدك أدمى معصمي لم أبقيه، وما أبقى عليّ ؟
ما احتفاظي بعهود لم تصنها وإلام الأسر، والدنيا لديْ !
ها أنا جفت دموعي فاعفُ عنها إنها قبلك لم تبذل لحي
***
وهب الطائر من عشك طارا جفت الغدران، والثلجُ أغارا
هذه الدنيا قلوب جَمدت خبتِ الشعلةُ، والجمر توارى
وإذا ما قبس القلب غدا من رماد، لا تسلْهُ كيف صارا
لا تسل واذكر عذاب المصطلي وهو يذكيه فلا يقبس نارا
***
لا رعى الله مساء قاسياً قد أراني كلّ أحلامي سدى
وأراني قلبَ من أعبده ساخراً من مدمعي سخر العدا
ليت شعري، أي أحداث جـــر ت أنزلت روحك سجناً موصدا!
صدئت روحك في غيهبها وكذا الأرواح يعلوها الصدا
***
قد رأيت الكون قبراً ضيقاً خيّم اليأسُ عليه والسكوت
ورأت عيني أكاذيب الهوى واهياتٍ كخيوطِ العنكبوت
كنت ترثي لي، وتدري ألمي لو رثى للدمع تمثال صموت
عند أقدامك دنيا تنتهي وعلى بابك آمالٌ تموت
***
كنت تدعوني طفلا، كلما ثار حبي، وتندت مقلي
ولك الحق، لقد عاش الهوى فيّ طفلا، ونما لم يعقلِ
ورأى الطعنة إذ صوبتها فمشت مجنونة للمقتل
رمت الطفلَ، فأدمت قلبهُ وأصابت كبرياء الرجل
***
قلت للنفس وقد جزنا الوصيدا عجلي لا ينفع الحزم وئيدا
ودعي الهيكل شبت نارُه تأكل الركّعَ فيه والسجودا
يتمنى لي وفائي عودةً والهوى المجروح يأبى أن نعودا
لي نحو اللهب الذاكي به لفتة العود إذا صار وقودا
***
لست أنسى أبداً ساعة في العمرِ
تحت ريحٍ صفقتْ لارتقاصِ المطرِ
نوّحتْ للذكر وشكت للقمرِ
وإذاما طربت عربدت في الشجر
هاك ما قد صبت الريـــــ ـــح بأذن الشاعر
وهي تغري القلب إغـرا ء الفصيـح الفاجر :
" أيها الشاعر تغفو تذكر العهد وتصحو
وإذا ما التام جرحٌ جد بالتذكار جرحُ
فتعلم كيف تنسى وتعلم كيف تمحو
أو كـل الحب في رأ يـك غفـرانٌ وصفح ؟
***
هاك فانظر عدد الرمـــــــ ـــــل قلوباً ونساء
فتخير ما تشاء ذهب العمر هباء
ضل في الأرض الذي ينشد أبناء السماء
أي روحانية تعــــــ ــــصر من طين وماء؟ "
***
أيها الريح أجل، لكنما هي حبي وتعلاتي ويأسي
هي في الغيب لقلبي خلقت أشرقت لي قبل أن تشرق شمسي
وعلى موعدها أطبقت عيني وعلى تذكارها وسدت رأسي
***
جنت الريح ونادتــــ..........ــــــه شياطين الظلام
أختاماً ! كيف يحلو ..........لك في البدء الختام ؟
يا جريحاً أسلم الــــــــــجر..........ح حبيباً نكأهْ
هو لا يبكي إذا النـــــ..........ــــــاعي بهذا نبأه
أيها الجبار هل تصــــ..........ــــرع من أجل امرأه ؟
***
يا لها من صيحة ما بعثت عنده غير أليم الذكر
أرقت في جنبه، فاستيقظت كبقايا خنجر منكسر
لمع النهر وناداه له فمضى منحدرا للنهر
ناضب الزاد، وما من سفر دون زاد غير هذا السفر
***
يا حبيبي كل شيء بقضاء ما بأيدينا خلقنا تعساء
ربما تجمعنا أقدارنا ذات يوم بعدما عزّ اللقاء
فإذا أنكر خلٌّ خلَّه وتلاقينا لقاء الغرباء
ومضى كلٌّ إلى غايته لا تقل شئنا،وقل لي الحظ شاء !
***
يا مغني الخلد، ضيعت العمر في أناشيد تغنى للبشر
ليس في الأحياء من يسمعنا ما لنا لسنا نغني للحجر !
للجمادات التي ليست تعي والرميمات البوالي في الحفر
غنها، سوف تراها انتفضت ترحم الشادي وتبكي للوتر
***
يا نداء كلما أرسلته رد مقهوراً وبالحظ ارتطم
وهتافاً من أغاريد المنى عاد لي وهو نواح وندم
رب تمثال جمال وسنا لاح لي والعيش شجو وظلم
ارتمى اللحن عليه جاثياً ليس يدري أنه حسن أصم
***
هدأ الليل ولا قلب له أيها الساهر يدري حيرتك
أيها الشاعر خذ قيثارتك غنّ أشجانك واسكب دمعتك
رب لحن رقص النجم له وغزا السحب وبالنجم فتك
غنّهِ، حتى ترى سترَ الدجى طلع الفجرُ عليه فانهتك
***
وإذا ما زهرات ذعرت ورأيت الرعب يغشى قلبها
فترفق واتئد واعزف لها من رقيق اللحن، وامسح رعبها
ربما نامت على مهد الأسى وبكت مستصرخات ربها
أيها الشاعر، كم من زهرة عوقبت، لم تدر يوماً ذنبها !
قصيدة أنت دير الهوى وشعري صلاة لمحمود حسن إسماعيل
[size]
أقبلي كالصلاة
أقبلي كالصلاة رقرقها النسك
بمحراب عابد متبتل
أقبلي أية من الله علينا
زفها للوجود وحيُ مُنزَل
أقبلي كالجراح طمأي
وكأس الحب ثكلي
والشعر ناي معطل
أنت لحنُ علي فمي عبقري
وأنا في حدائق الله
بلبل
أقبلي قبل أن تميل بنا الريح
ويهوي بنا الفناء المعجل
زورقي في الوجود حيران
شاك ، مثقل باسي
شريد مضلل
أزعجته الرياح واغتاله الليل
بجنح من الدياجير مسبل
***
أقبلي يا غرام روحي فالشط
بعيد والروح باليأس مثقل
أنت نبعي وأيكتي وظلالي
وخميلي وجدولي المتسلسل
أنت لي واحة أفيء إليها
وهجير الأسي بجنبي مشعل
أنت ترنيمه الوجود بشعري
وأنا الشاعر الحزين المبلبل
أنت كأسي وكرمتي ومُدامي
والطلا من يديك سكر محلل
أنت فجري علي الحقول حياة
وصلاة ونشوة وتهلل
***
أنت طيف الغيوب
رفرف بالرحمة والطهر والهدي
والتبتل
أنت لي توبة
إذا زل عمري
وصحا الأثم في دمي وتململ
أنت لي رحمة
براها شعاع
هلي من أعين السما وتنزل
أنت صفو الظلال
تسبح في النهر
وتلهو علي ضفاف الجدول
أنت عيد الأطيار فوق الروابي
أقبلي، فالربيع للطير أقبل
أنت هولي وحيرتي
وجنوني
يوم للحسن زهوة وتدلل
أنت نبع من الحنان
عليه أطرق الفن ضارعا يتوسل
***
فتعالي نغيب عن ضجة الدنيا
ونمضي عن الوجود ونرحل
وإلي عشنا الجميل
ففيه هزج للهوي
وظل وسلسل
ووفاء يكاد يسطع الدنيا
بشرع إلي المحبين مرسل
عاد للغش كل طير
ولم يبق سوي طائر شريد مخبل
***
هو قلبي الذي تناسيت بلواه
فأضحي علي الجراح يولول
أقبلي .. قبل أن تميل به الريح
ويهوي به الغناء المعجل
أقبلي
فالجراح ظمأي
وكأس الحب ثكلي
والشعر ناي معطل[/size]