ارجح الأقوال في ساعة الإجابة يوم الجمعة
كيف يتحرّى المسلم ساعة الإجابة يوم الجمعة
جاء في أحد مواقع الفتوى الإسلامية بعض الأسئلة المصيرية تدور حول ساعة الإجابة في يوم الجمعة ، ومعاني في الحديث الشريف: “في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم قائم يصلي فسأل الله خيرا إلا أعطاه”،تتمثل تلك الأسئلة في الآتي:
هل يجوز صلاة ركعتين بعد العصر لتحري إجابة الدعاء ليوم الجمعة؟
ما المقصود من القول “قائم يصلي” ، هل يجب صلاة ركعتين أقناء الخطبة؟
إذا قام العبد من أول ليلة الجمعة، وأخذ يدعو إلى آخر الجمعة، وهي بعد العصر وهل يعني أنه دعا بيوم الجمعة أكمله؟
ساعة استجابة الدعاء يوم الجمعة
أولاً: من السنة الصحيحة وجود ساعة إجابة من يوم الجمعة، إذا دعا فيها العبد المسلم وسأل الله من الخير يعطيه جل وعلا، وقد اختلف العلماء في تحديدة الساعة الزمنية لذلك الوقت، حيث كان هناك أربعين رأي، ولكن الأرجح حول تحري ساعة الإجابة يوم الجمعة كان قولان وهما:
القول الأول
أنها من جلوس الإمام على المنبر للخطبة يوم الجمعة حتى انقضاء الصلاة .
أما القول الثاني
إنها بعد العصر إلى غروب الشمس في حق من جلس ينتظر صلاة المغرب، سواء كان الانتظار للصلاة في المسجد أو في البيت يدعو الشخص ربه، ولا فرق بين رجل أو امرأة، فلهما ساعة إجابة على حد سواء، لكن ليس للرجل أن يصلي في البيت صلاة المغرب، ولا غيرها إلا بعذر شرعي كما هو معلوم من الأدلة الشرعية، ويعتبر هذا أرجح القولين.
ثانيًا: وساعة الإجابة يوم الجمعة تكون على الأرجح آخر ساعة بعد العصر، روى أبو داود عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثِنْتَا عَشْرَةَ – يُرِيدُ – سَاعَةً ، لَا يُوجَدُ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا، إِلَّا أَتَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ ) وصححه الألباني في “صحيح أبي داود” .
وعند أبي داود عن أبي هريرة قال : ” قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: قَدْ عَلِمْتُ أَيَّةَ سَاعَةٍ هِيَ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَة : فَقُلْتُ لَهُ : فَأَخْبِرْنِي بِهَا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ، فَقُلْتُ: كَيْفَ هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي ) ، وَتِلْكَ السَّاعَةُ لَا يُصَلِّي فِيهَا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ : أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ) ، قَالَ: فَقُلْتُ: بَلَى، قَالَ : هُوَ ذَاكَ ” .وصححه الألباني في “صحيح أبي داود” .
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله :
” روى سعيدٍ بن منصورٍ بإسناده، عن أبي سلمة، قال:” اجتمع ناسٌ من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فتذاكروا الساعة التي في يوم الجمعة ، فتفرقوا ولم يختلفوا أنها آخر ساعةٍ من يوم الجمعة ” انتهى من “فتح الباري”
روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : ” أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقَالَ : ( فِيهِ سَاعَةٌ، لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي ، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ) وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا” .
صور متعددة لتحري وقت الإجابة بعد العصر يوم الجمعة منها:
أن يبقى بعد صلاة العصر في المسجد يدعو الله حتى آخر ساعة من العصر، وهذا أعلى المنازل، وكان سعيد بن جبير إذا صلى العصر لم يكلم أحداً حتى تغرب الشمس.
أن يذهب إلى المسجد قبل المغرب ببعض الوقت، يصلي تحية المسجد، ويدعو إلى آخر ساعة من العصر، وهذا أوسط المنازل.
أن يجلس في مجلس – في بيته أو غيره – يدعو ربه تعالى في آخر ساعة من العصر، وهذه أدنى المنازل.
ومن أوقات الإجابة في جميع الصلوات فرضها ونفلها: حال السجود ، لقوله ﷺ: “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء” خرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة، وروى مسلم رحمه الله في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: “أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم”
أما عن المراد بقوله ( قائم يصلي ) أنه جالس في المسجد ينتظر الصلاة يذكر الله ويدعوه ؛ لأن من جلس في المسجد ينتظر الصلاة فهو في صلاة.
قال النووي رحمه الله:
قَالَ الْقَاضِي : اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي مَعْنَى ( قَائِمٌ يُصَلِّي ) فَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَى يُصَلِّي يَدْعُو ، وَمَعْنَى قَائِمٌ مُلَازِمٌ وَمُوَاظِبٌ ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ( مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ) “.
ثالثًا: ليس المراد والمقصود من تحري ساعة الإجابة أن يشدد المرء على نفسه، فيسهر ليله كاملة ويمضى نهاره كله في الدعاء؛ فذلك ليس من السنة وإرهاق للنفس والبدن، كما أنه ليس من السنة أن يقوم العبد الليل كله فيجعله للصلاة والدعاء، بل يجب أن يكون هناك وقت للنوم والراحة، وأن يقوم الليل ثم ينام.
ناهيك عن أنه لا يصح تخصيص ليلة الجمعة بقيام دون سائر الليالي؛ لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلَا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ ) رواه مسلم.
ولو قام المسلم بالاجتهاد حيث جلس في المسجد من بعد صلاة الفجر إلى ما شاء الله، ثم بكر (أي ذهب مبكرًا) بالذهاب إلى الجمعة في الساعة الأولى منها، إلى أن تنقضي الصلاة مع الإمام، ثم لزم المسجد من صلاة العصر حتى غروب الشمس يوم الجمعة: فقد صادف الساعة المرجوة بإذن الله تعالى.
الدعاء هو العبادة
أيًا كان الأمر فإن الدعاء هو العبادة، فلا يرد الله عز وجل داعيًا أبدًا بل يستجيب له حتى لو بعد حين، ربما تكون ساعة الجمعة في آخر العصر هي ساعة استجابة قوية وسريعة، ولكن باب الله عز وجل مفتوح دائمًا، فادعوه دائمًا.
إذن على العبد المسلم الإكثار من الدعاء في كل وقت وحين، ومن الادعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم:
“اللَّهمَّ إنَّك عفُوٌّ كريمٌ تُحِبُّ العفْوَ، فاعْفُ عنِّي”.
“اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي كُلَّهُ دِقَّهُ، وجِلَّهُ، وأَوَّلَهُ وآخِرَهُ وعَلانِيَتَهُ وسِرَّهُ”.
“اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لي دِينِي الذي هو عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لي دُنْيَايَ الَّتي فِيهَا معاشِي، وَأَصْلِحْ لي آخِرَتي الَّتي فِيهَا معادِي، وَاجْعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لي في كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ المَوْتَ رَاحَةً لي مِن كُلِّ شَرٍّ”.
أفضل أعمال يوم الجمعة
يوم الجمعة هو سيد الأيام وأفضلها، ترتفع درجات أعمال التزكية، حيث أنه يوم للطاعة والعبادة وكل ما يحب الله ويرضى، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ“ أخرجه مسلم، وإليك أفضل الأعمال يوم الجمعة أو ما يُعرف بـ مستحبات يوم الجمعة التي أوصى بها رسول الله لاغتنام عظيم فضل ذلك اليوم، والطمع في نيل مغفرة الله تعالى، وتكفير الذنوب من الجمعة إلى الجمعة، وتتمثل أفضل أعمال يوم الجمعة في الآتي:
قراءة سورة الكهف في ليلته أو في نهاره، ومن قرأها أنار الله له ما بين الجمعتين.
تلاوة سورة المنافقين أو الجمعة أو الأعلى أو الغاشية، أو ما تيسّر منهما أثناء الصلاة كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قراءة كل من سورة الدخان ويس في الليل، فمن قرأهما غفر الله له ذنبه.
الإكثار من الصلاة على النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
التبكير في الخروج إلى صلاة الجمعة، فكلّما بكّر المسلم في الذهاب إلى المسجد يوم الجمعة بقصد أداء الصلاة، تضاعف الأجر.
قراءة سورة الكافرون، وسورة الإخلاص في صلاة المغرب.
الاغتسال، وتقليم الأظافر، والتطيب، ولبس أفضل الثياب.
الإكثار من الدعاء، سواء بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة، أو بأي دعاء آخر مع الإكثار من الحمد والتهليل والتسبيح والتكبير والاستغفار والحوقلة.
من السنن في يوم الجمعة
التطيب ولبس أحسن اللباس والغُسْلُ ، قال صلى الله عليه وسلم: “الغُسْلُ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ“ متفق عليه
التبكير إلى حضورها، فإنَّ على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلَائِكَةٌ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، فَإِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ طَوَوُا الصُّحُفَ، وَجَاءُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ“ أخرجه مسلم
ومن آداب يوم الجمعة، عدم التفريق بين اثنين، وعدم تخطي الرقاب، وأن يصلي من النافلة ما كتب له، قال صلى الله عليه وسلم: “لاَ يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإِمَامُ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى“ أخرجه البخاري
تحية المسجد؛ فقد جاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَرَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَخْطُبُ، فَجَلَسَ؛ فَقَالَ لَهُ: “يَا سُلَيْكُ قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا“ أخرجه مسلم
الصلاة بعد الجمعة أربع ركعات، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا“ أخرجه مسلم
قال الإمام النووي -رحمه الله-: “وَفِي رِوَايَةٍ: “مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا”، وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُصَلِّي بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ اسْتِحْبَابُ سُنَّةِ الْجُمُعَةِ بَعْدَهَا وَالْحَثُّ عَلَيْهَا، وَأَنَّ أَقَلَّهَا رَكْعَتَانِ وَأَكْمَلَهَا أَرْبَعٌ”. [1] [2] [3]
المراجع
#يوم_الجمعة