بر الوالدين طريق السعادة
🟢علاقة بر الوالدين بالسعادة:
ليس في الناس أعظم إحساناً ولا أكثر فضلاً وإكراماً من الوالدين. جعلهما الله موئل السعادة وروضة العطف والحنان فهما سببُ لتفريج الكربات وتنزل البركات وإجابة الدعوات وببرهما والإحسان إليهما ينشرح الصدر وتطيب الحياة.
قال تعالى: عن عيسى عليه السلام: ﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ﴾ [مريم: 32]. فمن كان باراً بوالديه جعله الله تعالى من المتواضعين السعداء.
وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ».. فبر الوالدين يجعل القليل كثيراً والحقير عظيماً والرديء جيداً وما ذلك إلا بسبب البركة التي ينزلها الله تعالى على البررة بآبائهم..
وفي الصحيحين أيضاً قال صلى الله عليه وسلم "انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم فآواهم المبيت إلى غار فدخلوه فانحدرت صخرة من فوق الجبل فسَدَّت عليهم الغار فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم فقال رجل منهم: "اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبق قبلهما أهلاً ولا مالاً فنأى بي طلب الشجر يوماً فلم أُرح عليهما حتى ناما فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين فكرهت أن أوقظهما وأن أغبق قبلهما أهلاً أو مالاً فلبثت والقدح على يديّ انتظر استيقاظهما حتى برق الفجر والصبية يتضاغون عند قدمي فاستيقظا فشربا غبوقهما.... فانفجرت الصخرة فخرجوا يمشون "..
فبر الوالدين كان من أهم أسباب النجاة من هذا المأزق الذي كاد أن يكون سبباً في هلاكهم وإذا كان هذا الغار هو المأزق الذي كاد أن يكون قبراً لهم إلى الأبد فما أكثر المآزق الشبيهة بهذا الغار والتي يتعرض لها الإنسان كثيراً في حياته لولا لطف ربنا ثم برنا بآبائنا..
🟩إنهما وصية الله فلا تهملها:
أتدرى من الذي وصاك إنه الله إلهك ومولاك قال تعالى: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ﴾ [الأحقاف:15] فماذا أنت صانع بتلك الوصية؟
🟥لا تقل لهما أف!!
فأول البر كف الأذى وحفظ اللسان معهما وألا تقل لهما لفظاً يظهر لهما ضيقك كلفظ " أف " فما بال الأكثر من ذلك. وتبدأ درجات البر بأن تختار أجمل العبارات وأحسن الكلمات أثناء خطابك معهما. قال تعالى: ﴿ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء:23].
قال ابن عباس: " أف" أن تكون في نفسه ولا يبدها لهما. ولو كان هناك كلمة أقل من أف لنُهى عنها.
وقيل: من العقوق أن تنفض يديك عليهما – أي تشيح كأنك غضبان.
أحسن صحبتهما يحسنِ الله إليك:
قال تعالى: ﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الإسراء:23]
وقال: ﴿ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ﴾ [لقمان:15]
فالإحسان إليهما ومصاحبتهما بالمعروف أفضل من الجهاد والهجرة في سبيل الله!!
فيا عجباً لهذه الغنيمة الباردة والربح الكثير بلا كثير جهد!!
في صحيح مسلم: عن عبد الله بن عمرو: قال: " أقبل رجل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغى الأجر من الله قال: " فهل من والديك أحد حيّ "؟ قال: نعم بل كلاهما حي" قال: فتبتغى الأجر من الله؟ قال: نعم قال: فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما ".
أضحكهما وأدخل السرور عليهما يدخلِ الله السرور على قلبك:
إن البارّ لا يطيق أن يتأذى والده فإن حزنا أفرحهما وإن غضبا رَضَّاهما وإن بكيا أضحكهما. وهذه وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل ترك والديه وفارقهما يبكيان ليهاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي صحيح أبى داود عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبواي يبكيان " فقال: ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما ".. فكيف بمن أبكاهما من أجل متاع زائل أو مال راحل؟!
برُّهما من أحب الأعمال إلى الله:
ففي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟
قال: الصلاة على وقتها. قلت: ثم أيّ؟ قال: بر الوالدين. قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله.
لذلك كان رضا الله في رضاهما:
ففي صحيح الترمذي وغيره قال عليه الصلاة والسلام: " رضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين ".
فالزم رِجلهما فإن الجنة تحتهما:
كما قال صلى الله عليه وسلم لرجل أراد الغزو وجاء يستشير ألك والدان؟ قال: نعم قال: " الزمهما فإن الجنة تحت أرجلهما " [رواه الطبراني وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب].
فما أجملها حياه البِرّ: وما أسعدها حياة البررة:
وإني لأتخيل هذه القصة وقد اكتظ الحرم بالطائفين.. الشمس مشتعلة.. الجو ملتهب.. والزحام خانق.. والناس يتضرعون إلى الله في أعظم مشهد من مشاهد العبودية
ومن بين هؤلاء الحجاج حاج من اليمن أتى يحمل أمهّ على كتفيه تصبب عرقه وتتابعت أنفاسه وخارت قواه رأى أن من بره بأمه ومن باب رد الجميل أن يحملها ويحج بها وهي على ظهره لعله يكون قد أدى حقها فجاء يحملها ويطوف بها وهو يقول:
إني لها بعيرها المذلل
إن أُذعِرَت ركابها لم أُذْعَر.
ثم قال: يا ابن عمر: أتراني جزيتها؟ قال: " ولا بزفرة واحدة " أي من الولادة.
🟢من صور البر:
1- الطاعة المطلقة ما لم يأمراك بمعصية:
عن أبى الدرداء قال: "أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم الله بتسع... وأطع والديك وإن أمراك أن تخرج من دنياك فاخرج لهما "[رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني]، وقال صلى الله عليه وسلم: "إنما الطاعة في المعروف " [رواه مسلم].
2- النفقة عليهما وجوباً:
فمن المعروف الذي تصاحبهما به أن تنفق عليهما ولا تبخل ولا تمنن ففي الصحيحين عن أسماء بنت أبى بكر قالت: قدمت علىّ أمي وهى مشركة في عهد رسول الله فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أمي قدمت علىّ وهى أفأصل أمي؟ قال: نعم صلى أمكِ.
3- النزول على رأيهما وإن خالف رأيك ما لم يضر ذلك بك أو بغيرك.
4- استرضاؤهما عند الانشغال عنهما.
5- ومن برّهما: أن تجيب دعوتهما وتتكلم باللين معهما ولا تمشِ أمامهما إلا لضرورة ولا تجلس قبلهما ولا تقلقهما في نوم أو راحة وأن تتواضع لهما وأن تهش وتبش لهما.
6- الدعاء لهما بعد موتهما:
ففي صحيح مسلم: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعوا له ".. وفي صحيح ابن ماجه: " إن الرجل لترفع درجته في الجنة فيقول: " أنّى هذا؟ فيُقال: " باستغفار ولدك لك ".
7- إكرام صديقهما:
ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رجلاً من الأعراب لقيه بطريق مكة فسلّم عليه عبد الله بن عمر وحمله على حمار كان يركبه [أي أهداه له] وأعطاه عمامة كانت على رأسه.
قال عبد الله بن دينار: فقلنا له: أصلحك الله! إنهم الأعراب وهم يرضون باليسير! فقال عبد الله بن عمر: " إن أبا هذا كان ودّا لعمر بن الخطاب - وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن أبر البر صلة الولد أهل وُدّ أبيه "..
🟢النصيحة:
• أن يذهب كل واحد منا إن كان له أب أو أم ويقبل أيديهما وأرجلهما ويعاهدهما على الطاعة.
• أن يسترضيهما إن كان قد أغضبهما.
• إن كان قد مات أحدهما أو كلاهما فعليك بالاستغفار لهما وأن تصل وُدَّهما.
۩❁
#منتدى_المركز_الدولى❁۩
برالوالدينطريقالسعادة