ما ورد من السنن القولية في الصلاة "
أولاً : دعاء الاستفتاح :
قال ابن هبيرة في الإفصاح (1/124) وأجمعوا على أن دعاء الاستفتاح في الصلاة مسنون إلا مالكا فإنه قال : (ليس بسنة...) وللاستفتاح صيغ متنوعة، وسنورد جملة منها لحفظها والعمل بها .
الاستفتاح الأول : استفتاح عمر المعروف : (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك) (رواه مسلم بسند فيه انقطاع، وأخرجه عبد الرزاق، وابن أبي شيبة من عدة طرق متصلا ومنقطعا وابن خزيمة، وابن حزم في المحلى، والحاكم متصلا وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وأخرجه الدارقطني والبيهقي مرفوعا ورجحا الموقوف وكذا أخرجه الطبراني في الأوسط مرفوعا وقد رواه أبو سعيد مرفوعا) .
الاستفتاح الثاني : ما ورد في حديث أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة سكت هنيهة فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول ؟ قال : «أقول : اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد» (متفق عليه) .
الاستفتاح الثالث : ما ورد في حديث أنس –رضي الله عنه- أن رجلا جاء فدخل الصف وقد حفزه النفس فقال : (الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه) وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لقد رأيت اثني عشر ملكا يبتدرونها أيهم يرفعها» (رواه مسلم) .
الاستفتاح الرابع : ما ورد في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال : بينما نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال رجل من القوم : (الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا) وفيه قال صلى الله عليه وسلم : «عجبت لها فتحت لها أبواب السماء»(رواه مسلم) .
الاستفتاح الخامس : ما ورد في حديث علي في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة قال : «وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس إليك أنا بك وإليك تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك» (رواه مسلم) .
الاستفتاح السادس : ما ورد في حديث عائشة قالت : كان –أي النبي صلى الله عليه وسلم- إذا قام من الليل افتتح صلاته : «اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل, فاطر السموات والأرض, عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون؛ اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك, إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» (رواه مسلم) .
الاستفتاح السابع : الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ذي الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة (رواه أحمد وأبو داود واللفظ له والنسائي والطيالسي والطحاوي في المشكل وقد صححه ابن القيم في الهدى والألباني في صفة الصلاة) .
الاستفتاح الثامن : حديث ابن عباس : «اللهم لك الحمد أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن, ولك الحمد أنت ملك السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت ملك السموات والأرض أنت الحق ووعدك الحق ولقاؤك الحق وقولك الحق والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد صلى الله عليه وسلم حق والساعة الحق، اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت ولا إله غيرك» (رواه البخاري ومسلم) .
الاستفتاح التاسع : منها ما رواه عاصم بن حميد قال: سألت عائشة بأي شيء كان يفتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل ؟ فقالت : كان إذا كبر كبر عشرا وحمد الله عشرا، ويسبح الله عشرا، وهلل عشرا، واستغفر عشرا، وقال : «اللهم اغفر لي، واهدني وارزقني» ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة (رواه أحمد وأبو داود واللفظ له، والنسائي، وابن ماجة، وصححه الألباني في صفة الصلاة) .
تنبيه :
بالنسبة للاستفتاحات الطويلة يقولها الإنسان في صلاة الليل؛ لأنها محل الطويل ويقولها إن شاء إذا صلى وحده، أما إذا كان إماما فقد يشق على المأموم أن يبقى ساكنا في بعض الاستفتاحات الطويلة، وإذا كان صلى الله عليه وسلم يستفتح بما أخبر به أبا هريرة وهو يصلي بالجماعة فهو صلى الله عليه وسلم خير أسوة لنا .سابعاً : ما يقوله المصلي في التشهد الأول والتشهد الأخير :
والتشهد واجب في التشهد الأول، ركن في التشهد الأخير والتشهد جاء على صيغ هي :
1- تشهد عمر –رضي الله عنه- واختاره الإمام مالك رحمه الله وهو أن يقول : التحيات لله الزاكيات لله، الطيبات لله، الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (رواه مالك في الموطأ، والشافعي في الرسالة، وعبد الرزاق، والدارقطني، والبيهقي، وقال الزيلعي في نصب الراية: وهذا إسناد صحيح، ولفظه عند مالك والبيهقي: التحيات لله، الزاكيات لله، الطيبات لله.. كتشهد ابن مسعود، وفي لفظ للبيهقي: التحيات لله، الزاكيات لله، الطيبات لله، الصلوات لله....) .
2- تشهد ابن عباس رضي الله عنهما وهو : التحيات المباركات، الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله (رواه مسلم) .
3- تشهد أبي موسى الأشعري –رضي الله عنه- وهو : التحيات الطيبات، الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله(رواه مسلم) .
4- تشهد ابن مسعود –رضي الله عنه- وهو : التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.. إلخ. وهو التشهد المعروف لدينا (رواه البخاري ومسلم) .
5- تشهد ابن عمر –رضي الله عنهما- وهو كتشهد ابن مسعود –رضي الله عنه- إلا أنه في تشهد ابن عمر يضيف إذا قال : أشهد أن لا إله إلا الله يضيف : وحده لا شريك له (أخرجه أبو داود، وابن عدي، والدارقطني) .
6- تشهد عائشة –رضي الله عنها : التحيات الصلوات الزاكيات لله، السلام على النبي ورحمة الله وبركاته ...إلخ (أخرجه مالك وابن أبي شيبة والبيهقي وصححه الألباني في صفة الصلاة) كتشهد ابن مسعود .
ثامنا : الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير :
وقد وردت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على صيغ عدة :
1- ما ورد في حديث كعب بن عجرة ولفظه : (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (رواه البخاري بهذا اللفظ) .
2- وردت أيضا في حديث كعب بن عجرة (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد (رواه البخاري) .
3- ما ورد في حديث أبي سعيد الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد (رواه مسلم) .
4- حديث أبي حميد الساعدي : اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد (رواه البخاري ومسلم) .
5- اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم (رواه البخاري من حديث أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه) .
6- وهذه وردت في حديث أبي هريرة: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد (أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة وعزاه ابن القيم لمحمد بن إسحاق السراج في جلاء الأفهام ثم قال: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .
تاسعا : الأدعية التي تقال في التشهد الأخير بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم :
1- التعوذ بالله من أربع : (من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال) وهي سنة مؤكدة ينبغي للمصلين عدم ترك التعوذ من هذه الأربع لحديث أبي هريرة مرفوعا : «إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر المسيح الدجال» (رواه مسلم وهو في الصحيحين من حديث عائشة –رضي الله عنها) .
2- ومن ذلك ما ورد في حديث أبي بكر –رضي الله عنه- أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : علمني دعاء أدعو به في صلاتي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم(متفق عليه من حديث أبي بكر –رضي الله عنه)» .
3- ومن ذلك : اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم والمؤخر لا إله إلا أنت (رواه مسلم من حديث علي –رضي الله عنه) .
4- وأيضا من الأدعية الواردة : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (رواه أحمد وأبو داود والنسائي وقال الحافظ: بسند قوي من حديث معاذ بن جبل –رضي الله عنه) .
5- ومن ذلك... اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم (متفق عليه من حديث عروة بن الزبير) .
6- ومن ذلك : اللهم إني أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر وأعوذ بك من فتنة الدنيا وعذاب القبر (رواه البخاري من حديث مصعب –رضي الله عنه) .
7- ومن ذلك : اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار (رواه مسلم) .
8- ومن ذلك : اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي، اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب وأسألك القصد في الغنى والفقر وأسألك الرضا بعد القضاء وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك من غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين (رواه أحمد وأبو داود والنسائي وإسناده جيد من حديث عطاء بن السائب عن أبيه) .
9- ثم بعد ذلك ليتخير من الدعاء أعجبه إليه لحديث ابن مسعود مرفوعا : ثم ليتخير من الدعاء ما شاء (رواه مسلم من حديث عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه) .
وفي لفظ : ثم ليتخير من الدعاء أعجبه (رواه البخاري من حديث عبد الله بن مسعود) ومن ذلك الدعاء بالرحمة وحسن الخاتمة والعصمة من الفواحش ونحو ذلك .