أمانة العامل والصانع وإتقانهما
عناصر الخطبة
أولًا: أهميةُ العملِ ومكانتُهُ في الإسلامِ. :
ثانيًا: العملُ والصنائعُ في حياةِ الأنبياءِ والصالحينَ:
ثالثاً: أمة النحل نموذج للعمل الجيد:
الموضوع
الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا،
الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويُكافِىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ،
ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعد :
أولًا: أهميةُ العملِ ومكانتُهُ في الإسلامِ. :
للعملِ أهميةٌ كُبرَى ومكانةٌ رفيعةٌ في الإسلامِ، لذلك أمرَنَا اللهُ سبحانَهُ بالضربِ في الأرضِ مِن أجلِ الرزقِ،
قالَ تعالي:
{ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } ( الملك: 15)،
ويقررُ الإسلامُ أنَّ حياةَ الإيمانِ بدونِ عملٍ هي عقيمٌ كحياةِ الشجرٍ بلا ثمرٍ.
فالإسلامُ لا يعرفُ سنًّا للتقاعدِ، ولذلكَ يدفعُنَا النبيُّ ﷺ دفْعًا إلى حقلِ العملِ حتى عندَ قيامِ الساعةِ، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ:
” إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ ؛ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا، فليغرسْهَا”. [ أحمد والبخاري في الأدب المفرد بسند صحيح ].
ثانيًا: العملُ والصنائعُ في حياةِ الأنبياءِ والصالحينَ :
أيها الإخوة الكرام:
إن القرآن الكريم والسنة المطهرة يتحدثان عن العمل وعن الحرف وعن المهن التى عمل بها الانبياء والمرسلين والناس على مر الزمان ..
إنّنَا لو نظرْنَا إلى جميعِ الأنبياءِ عليهمُ السلامُ لوجدْنَا أنّ لهُم دورًا بارزًا في مجالِ العملِ والصنائعِ والاحترافِ، فقد كان لكلِّ واحدٍ مِن الأنبياءِ عليهمُ الصلاةُ والسلامُ جميعًا حرفةً أو صنعةً يعيشُ بها، فهذا آدمُ – عليهِ السلامُ – كان حرَّاثًا، وكانتْ حواءُ تغزلُ القماشَ، وكان إدريسُ خيّاطًا وخطّاطًا، وكان إلياسُ نسَّاجًا، وكان نوحُ وزكريّا نجارينِ
يقول الله تعالى لنبيه نوحا عليه السلام
( وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ )..
، وكان هودُ وصالحُ تاجرينِ، وكان إبراهيمُ زرّاعًا وبناءًّ، وكان أيوبُ زرّاعًا، وكان داودُ حداداً يصنع الدروعٌ مِن حديدٍ يلبسُهُ المحاربُ،
قال الله تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)
وكان سليمانُ خوّاصًا،
وكان موسى وشعيبُ ومُحمدٌ ﷺ وسائرُ الأنبياءِ عليهمُ السلامُ يعملونَ بمهنةِ رعيِ الأغنامِ.
وعن نبى الله موسى عليه السلام يقول الله تعالى
(وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ )
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:” مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الْغَنَمَ. فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟! فَقَالَ: نَعَمْ كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ “( البخاري).
حديث القران عن الفلاحة وزراعة الأرض وهى ما أشار إليها قول النبى يوسف عليه السلام
(قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ )
وعن صناعة الغزل والنسيج وصناعة الأثاث والثياب والرياش قال الله تعالى (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ )
وعن حرفة الصيد فى البر والبحر قال الله تعالى (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا )
إنّ سيدَنَا مُحمدًا ﷺ خاتمُ الأنبياءِ والمرسلينَ، ضربَ لنا أروعَ الأمثلةِ في العملِ والكسبِ والاحترافِ، فكان يقومُ بمهنةِ أهلهِ، يغسلُ ثوبَهُ، ويحلبُ شاتَهُ، ويرقعُ الثوبَ، ويخصفُ النعلَ، ويعلفُ بعيرَهُ، ويأكلُ مع الخادمِ، ويطحنُ مع زوجتِهِ إذا عييتْ ويعجنُ معها، وكان يُقطِّعُ اللحمَ مع أزواجِهِ، ويحملُ بضاعتَهُ مِن السوقِ، ونحرَ في حجةِ الوداعِ ثلاثًا وستينَ بدنةً بيدهِ، وكان ينقلُ الترابَ يومَ الخندقِ حتى اغبرَّ بطنُهُ، وكان ينقلُ مع صحابتِهِ اللبنَ – الطوبَ الترابيَّ- أثناءَ بناءِ المسجدِ، فَعَمَلُ رسولِ اللهِ ﷺ فيه ليرغِّبَ المسلمينَ في العملِ والبناءِ والتعميرِ، فقامَ المهاجرونَ والأنصارُ وعملُوا بجدٍّ ونشاطٍ حتّى قال أحدُهُم:
لئن قعدْنَا والنبيُّ يعملُ……………… لذاك منا العملُ المضللُ
إنّ العملَ والكسبَ والاحترافَ لم يكنْ في حياةِ الأنبياءِ فقط، بل ربَّي النبيُّ ﷺ صحابَتَهُ الكرامَ على الجدِّ والاجتهادِ والعملِ والاحترافِ من أجلِ البناءِ والتعميرِ، فكان لكلِّ واحدٍ منهم مهنةٌ يتكسبُ بها، فهذا أبو بكرٍ الصديقُ كان تاجرَ أقمشةٍ، وكان عمرُ بنُ الخطابِ دلّالًا، وعثمانُ بنُ عفانَ تاجرًا، وعليٌّ بنُ أبى طالبٍ عاملًا، وكان يقولُ مفتخرًا:
لنقلُ الصخرِ من قِمَمِ الجبالِ ………………….أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مِنَنِ الرَّجَالِ
يَقُولُ النَّاسُ لي في الكسْبِ عارٌ……………….. فقلتُ العارُ في ذلِّ السؤالِ
كما كان عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ تاجرًا، والزبيرُ بنُ العوامِ خياطًا، وسعدُ بنُ أبِى وقاصٍ نبّالًا أي يصنعُ النبالَ، وعمرُو بنُ العاصِ جزارًا، وخبابُ بنُ الأرتِ حدادًا، وعبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ راعيًا، وبلالُ بنُ رباحٍ وعمارُ بنُ ياسرٍ كانا خادمين، وسلمانُ الفارسيِ كان حلّاقًا ومؤبّرًا للنخلِ، وخبيرًا بفنونِ الحربِ، والبراءُ بنُ عازبٍ وزيدُ بنُ أرقم كانَا تاجرينِ. (راجع فتح الباري لابن حجر) .
ومع أنّهُم دعاةٌ حملُوا مشاعلَ الهدايةِ والنورِ للأمةِ إِلّا أنّهم سَعوا للكسبِ والاحترافِ من أجلِ بناءِ المجتمع.
أما عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم :
فالحديث فيها يطول عن العمل والمهن والحرف ومنها
عَنِ الْمِقْدَامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ". رواه البخاري
هذه النصوص أيها المؤمنون :
قالت بصريح العبارة إن الأنبياء والرسل لم يكونوا كسالى ولا خاملين بل كان الواحد منهم أول المشمرين وأول العاملين ..
هذه النصوص تدعو كل مسلم إلى العمل وإلى الحركة وإلى اكتساب الأرزاق بعمل اليد وبعرق الجبين فى أى عمل شريف والأمر ميسور على من يسره الله تعالى عليه ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ )
فى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العمل ما يفهم منه أن العمل عبادة من العبادات ولا تلهينا عن الصلاة
أنت أخى تثاب على صلاتك وصيامك وتسبيحك وتهليلك , وفى المقابل تثاب على إتقان عملك، على إخلاصك ، تثاب على قضاء مصالح الناس ويبارك الله لك فى أهلك ومالك ..
فى العمل أيها المؤمنون :
وفى الاحتراف والسعى فى الأرض وفى الكسب من حلال طريق الغنى وحفظ لكرامة الإنسان وفرار من الفقر والحاجة وفى العمل حفظ لماء الوجه عن ذل السؤال قال أَنَس بْن مَالِكٍ
جاء رَجُل مِنْ الْأَنْصَارِ إلى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ طعاماً يقتات عليه هو وزوجه وأولاده فَقَالَ له النبى صلى الله عليه وسلم أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ ؟ قَالَ بَلَى عندى حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ وَعندى قَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ مِنْ الْمَاءِ فقَالَ النبى ائْتِنِي بِهِمَا قَالَ أنس فَأَتَاهُ بِهِمَا فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ وَقَالَ مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ قَالَ النبى مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ فقَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا رسول الله إِيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ السائل وَقَالَ اذهب واشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُّومًا فَأْتِنِي بِهِ فَأَتَاهُ بِهِ فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُودًا بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ وَلَا أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا قال أنس فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ وبعد خمسة عشر يوماً جَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْبًا وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةً فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ .
ثالثاً: أمة النحل نموذج للعمل الجيد:
ونظرة يلقيها الإنسان منا على خلق الله من حوله تؤكد هذا, أمة النحل على سبيل المثال لا الحصر أمة عجيبة قال الله عز وجل فى شأنها ..
(وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ )
تقوم حياة أمة النحل من الألف الى الياء على العمل المتقن وعلى النشاط والتعاون بين أفرادها فى كل صغيرة وكبيرة , ولهذا بقيت أمة النحل قوية متماسكة منذ آلاف السنين فى حين هلكت أمم أقوى منها وأشد ولم يبق منها إلا عظام ورفات وتراب ..
للمرة الثانية لماذا أيها المؤمنون ؟؟
للمرة الثانية لأن أمة النحل نشطت ، وأتقنت عملها، ونظمت حياتها ، ووزعت الأدوار فيما بينها ووضعت الفرد المناسب فى المكان المناسب فعملوا معاً وتعاونوا معا طائفة تبني البيوت، وطائفة تنظف البيوت، وطائفة تحرس البيوت وطائفة تدل على مواضع الأزهار، وطائفة أخرى تمتص الرحيق وتخرج العسل
قال الله تعالى { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وِلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ }
أيام النبى سليمان عليه السلام لما سخر الله له الجن ووجدهم مفسدون مخربون شغلهم عن الإفساد والتخريب بالعمل فى إشارة إلى أنه بالعمل يتقى شر الأشرار وفساد المفسدين
قال الله تعالى (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يصلح أحوالنا وأن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها..
الخطبة الثانية
قال النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم "
المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضَّعيف وفي كُلٍّ خير احرص على ما ينْفَعُك واستعن بالله ولا تَعْجز فإنْ أصابك شيءٌ فلا تقولنَّ لو أنِّي فعلتُ كان كذا وكذا ولكن قُلْ قَدَرُ الله وما شاء فعل ، فإنَّ لو تفتحُ عمل الشيطان )
بقى لنا فى ختام الحديث أيها المؤمنون أن نقول إن العمل يحقق للإنسان حد الكفاية ويحقق له الغنى ويحقق له القوة ويحقق له السعادة فى الدنيا والآخرة وقد ورد أن الأقوياء والأغنياء الذين يعرفون حق الله فيما عندهم من النعم بأعلى وأشرف المنازل يوم القيامة ..
الله يحب جميع خلقه لكنه يحب الأقوياء أكثر ..
لأن القوى ينفع نفسه وينفع الناس فيقضى للناس حوائجهم ويساعد العجائز ويعين المرضى والضعفاء ..
نسأل الله تعالى أن يحفظ بلادنا من كل مكروه وسوء....
وأقم الصلاة.....
‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗