مواقف الصحابة رضي الله عنهم مع الجن
يروى ان أبا أيوب الأنصاري حدث انه كانت له عكة فيها تمر، وكانت تجيء الغيلان من الجن ومنه قول الصحابي: «إذا تغولت الغيلان فعليكم بالأذان»، إذا تراءت الغيلان أمامكم وظهرت فعليكم بالأذان، لأن الأذان يطردها، وتأخذ منه، وفي الرواية: أنها علمته آية الكرسي، وأنه لا يقربه شيطان، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صدقك وهو كذوب».
صدق الخبيث
كذلك قصة أبي بن كعب رضي الله عنه: أن أباه كعبا أخبره أنه كان له جرين فيه تمر ـ والجرين: هو البيدر الذي يجمع فيه الطعام ـ وكان يتعاهده، وكلما جاء يتعاهد هذا البيدر وجده قد نقص، فحرسه ذات ليلة فإذا هو بدابة كهيئة الغلام المحتلم، قال: فسلم فرد السلام، فقال: ما أنت جن أم إنس؟ قال: جن، فقلت: ناولني يدك، فإذا هي يد كلب وعليها شعر كلب، فقلت أهذا خلق الجن؟ قال: لقد علمت الجن أن فيهم من هو أشد مني، فقلت: ما يحملك على ما صنعت؟ قال: بلغني أنك تحب الصدقة فأحببت أن أصيب من طعامك.
فقلت: ما الذي يحرزنا منكم؟ قال: هذه الآية ـ آية الكرسي ـ فتركته ثم غديت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته وقال صلى الله عليه وسلم: «صدق الخبيث». رواه ابن حبان في صحيحه.
مصارعة الجن
وحدثت كذلك حادثة أخرى رواها عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: لقي رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم رجلا من الجن فصارعه فصرعه الإنسي، فقال له الإنسي: إني لأراك ضئيلا شخيتا كأن ذريعتيك ذريعتا كلب ـ تصغير ذراع ـ فكذلك أنتم معشر الجن أم أنت من بينهم كذلك؟ قال: لا والله. إني منهم لضليع. يقول الإنسي: أنا أراك ضئيلا ـ أي: دقيق الجسم ـ شخيتا ـ أي: مهزولا ـ فهل أنتم الجن هكذا أم أنك أنت ضعيف من بينهم؟ قال: لا والله إني من بينهم لضليع، أي: جيد الأضلاع، ولكن عاودني الثانية فإن صرعتني علمتك شيئا ينفعك، قال: نعم. فصارعه فصرعه قال: تقرأ: (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) (البقرة: 255) فإنك لا تقرأها في بيت إلا خرج منه الشيطان له خبج ـ أي: ريح ـ كخبج الحمار، ثم لا يدخله حتى يصبح. وهذه الروايات في بعض أسانيدها ضعف، لكن ثبت أن عمر رضي الله عنه صارع جنيا فصرعه، وهذا من قوة عمر رضي الله عنه، وعاوده فصارعه فصرعه.
آية الكرسي
وجاء في بعض الروايات كذلك: أن أبا هريرة رضي الله عنه عندما كان يحرس تمر الصدقة اشتكى لما رأى ذلك الرجل يأخذ منه، قال: فأخذته فالتفت يدي على وسطه فقلت: يا عدو الله وثبت إلى تمر الصدقة فأخذته وكانوا أحق به منك، لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيفضحك، وفي رواية قال: ما أدخلك بيتي تأكل التمر؟ قال: أنا شيخ كبير فقير ذو عيال، وما أتيتك إلا من حاجة، ولو أصبت شيئا دونك ما أتيتك، ولقد كنا في مدينتكم هذه حتى بعث صاحبكم، فلما نزلت عليه آيتان تفرقنا منها، فإن خليت سبيلي علمتكهما، قلت: نعم. قال: آية الكرسي، وآخر سورة البقرة من قوله: (آمن الرسول..) (البقرة: 285) إلى آخرها. هذه بعض الروايات التي جاءت في حديث معاذ رضي الله عنه أيضا، لكن قصة أبي هريرة رضي الله عنه مع الشيطان أثبت القصص كما هي في صحيح البخاري.
فوائد من قصة أبي هريرة رضي الله عنه
يؤخذ من هذه القصص عدة فوائد منها: ان الشيطان قد يعلم ما ينتفع به المؤمن، وان الحكمة قد يعلمها الفاجر ولكن لا ينتفع بها لأنه لا يعمل بها، وان الشخص قد يعلم الشيء ولا يعمل به.
ان الشيطان قد يَصْدُق أو يُصَدِّق ببعض ما يصدق به المؤمن، ومع ذلك لا يكون مؤمنا.
وان الكذاب قد يصدق، فبعض الكذابين يمكن أن يَصدقوا في بعض الأحيان مع انهم كاذبون.
وان العادة والغالب على الشيطان الكذب، وأنه نادرا ما يصدق.
وان الشيطان قد يتصور بصورة يمكن للإنسي أن يراه من خلالها، لأن الله يقول في كتابه: (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) (الأعراف: 27)، الشيطان يراكم وأنتم لا ترونه.
وان الشخص الذي يقام على حفظ الأشياء يسمى وكيلا، فمن يوكل بحفظ الصدقة فهو وكيل.
كما ان الجن يأكلون من طعام الإنس، قال الله عز وجل: (وشاركهم في الأموال والأولاد) (الإسراء: 64).
كما ان الشياطين قد يتكلمون باللغة العربية، وقد تسمعه أيضا باللغة التي عليها هذا الرجل، قد يتكلم باللغة الإنجليزية أو الفارسية. حدثوا أن أبا علقمة النحوي ـ وكان رجلا متقعرا في الكلام يأتي بالكلام الوحشي ـ كان ذات مرة يمشي في الطريق، فأصابه شيء فسقط، فتجمع عليه أهل السوق، هذا يعصر إبهامه، وذاك يقرأ في أذنه، وذلك يؤذن في الأذن الأخرى، فقال: ما لكم تكأكأتم علي كتكأكئكم على ذي جنة افرنقعوا عني. فقالوا: شيطانه يرطن بالفارسية أو بالهندية. فقوله: (تكأكأتم علي) أي: تجمعتم علي كتجمعكم على ذي جنة، أي: كتجمعكم على من دخل فيه الجني، (افرنقعوا عني) أي: انفضوا واذهبوا عني، فقالوا: هذا شيطانه يتكلم بالهندية أو بالفارسية. إذا يمكن للشيطان أن يتكلم باللغات الحية المعروفة، ولا شك أنهم يعلمون أن منهم من يتكلم العربية، ومنهم من يتكلم غيرها، وفيهم أهواء وبدع، عندهم قدرية ورافضة ومرجئة ومبتدعة، ومشركون، وضلال (ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا) (الجن: 11) حتى البدع موجودة عند الجن.
ويؤكد على فضل آية الكرسي، ومن الروايات الأخرى يؤخذ فضل آخر سورة البقرة.
كما ان الجن يصيبون من الطعام الذي لا يذكر اسم الله عليه.
كما ان يد السارق لا تقطع في المجاعة، ويمكن أن يقال: إن المسروق لم يبلغ نصابه، كما قبول العذر والستر على من يظن به الصدق.
وأيضا اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على المغيبات، لأن أبا هريرة رضي الله عنه لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم لم يقص عليه القصة، بل النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي قال له: «ما فعل أسيرك البارحة؟»، فما الذي أدرى النبي صلى الله عليه وسلم انه كان هناك أسير مع ان أبا هريرة لم يخبره؟ جاء أبوهريرة النبي صلى الله عليه وسلم وبادأه بالقول: «ما فعل أسيرك البارحة؟» فإذا النبي صلى الله عليه وسلم يطلعه على شيء من الغيب.
وجواز جمع زكاة الفطر قبل ليلة الفطر لتفريقها بعد ذلك، وأنه يجزئ إخراجها قبل العيد.
ويقين الصحابة بكلام النبي صلى الله عليه وسلم وتصديقهم به، عندما قال أبو هريرة رضي الله عنه: «فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه سيعود» لمجرد أن الخبر من النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيعود أيقن أبوهريرة رضي الله عنه أنه سيعود.
ويؤكد فضل قراءة آية الكرسي قبل النوم، لأن الشيطان قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي: (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) (البقرة: 255) إذن متى تقرأ بناء على تعليمات الشيطان الرجيم؟ إذا أويت إلى فراشك، ليس لأنها وصية الشيطان بل لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر ذلك، وإلا فالشيطان لا سمع له ولا طاعة.
۩❁
#منتدى_المركز_الدولى❁۩