تفصيل القول في عورة المرأة وحكم النظر إلى وجهها وكفيها
الأربعاء 20 جمادى الأولى 1425 هـ - 7-7-2004 م
🟥السؤال
سؤالي عن النقاب أو تغطية الوجه بالنسبة للمرأة: أنا وزوجتي في حيرة من أمرنا بين ما أفتى به العلامة الاستاذ/ يوسف القرضاوي، وبين الأساتذة العلماء ابن باز وابن عثيمين وغيرهم من علماء السعودية، فأرجو منكم التوضيح لي بخصوص هذا الأمر، وهل هو أي تغطية الوجه يجب على الجميلة الفاتنة الجمال فقط، أو على العموم، وهل يجوز لبس النقاب عند الخروج للأسواق والأماكن المزدحمة والتخلي عنه فيما عدا ذلك، وهل يجوز الكشف عن الوجه في حضور إخوة الزوج أم لا، أرجو منكم إفادتي بالإجابة وألتمس منكم العذر عندما أقول لكم لا تحيلوني من فضلكم إلى أي إجابة فتوى أخرى، وأنما أريد إجابة شافية خاصة بسؤالي، فتفضلوا بإجابتكم مشكورين مأجورين؟ وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحكم على وجه المرأة وكفيها بأنهما عورة أو ليسا بعورة مسألة قديمة الخلاف، وللعلماء فيها كلام كثير، وقد استدل كل فريق بأدلة من الكتاب والسنة، فالذاهب إلى قول منها لا يشنع عليه، إلا أن أكثر الفقهاء على أن الوجه والكفين ليسا من العورة التي يجب سترها، ثم اختلف هؤلاء بعد ذلك في مسألة أخرى وهي هل هما عورة من حيث النظر أي هل يحل النظر إليهما أم لا فذهب جمع من هؤلاء إلى حل النظر إلا إذا خشيت الفتنة، وذهب جمع آخر إلى حرمة النظر مطلقاً ولو أمنت الفتنة وهو الراجح.
وسيكون كلامنا حول ثلاث مسائل:
الأولى: هل الوجه والكفان من الحرة عورة أم لا؟
الثانية: هل يجوز النظر إليهما أم لا؟
الثالثة: هل يجب على الحرة سترهما أم لا؟
أما جواب المسألة الأولى وهي هل الوجه والكفان من الحرة عورة أم لا؟ فالمذاهب الأربعة على أن الوجه والكفين ليسا بعورة وذهب بعض الحنابلة إلى أنهما عورة.
والقول بأن الوجه والكفين ليسا بعورة هو قول عائشة وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم.
وهذا القول هو المحفوظ عن الفقهاء، ولذا قال ابن عبد البر في التمهيد: اختلف العلماء في تأويل قول الله عز وجل ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، فروي عن ابن عباس وابن عمر إلا ما ظهر منها الوجه والكفان وروي عن ابن مسعود (ما ظهر منها) الثياب قال لا يبدين قرطاً ولا قلادة ولا سواراً ولا خلخالا إلا ما ظهر من الثياب، واختلف التابعون فيها أيضاً على هذين القولين وعلى قول ابن عباس وابن عمر الفقهاء. انتهى.
قال الإمام الكاساني الحنفي رحمه الله تعالى في بدائع الصنائع: فلا يجوز النظر من الأجنبي إلى الأجنبية الحرة إلى سائر بدنها إلا الوجه والكفين، لقوله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ [النــور: 30].
إلا أن النظر إلى مواضع الزينة الظاهرة وهي: الوجه والكفان رخص بقوله تعالى: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النــور: 31].
والمراد من الزينة مواضعها، ومواضع الزينة الظاهرة: الوجه والكفان، ولأنها تحتاج إلى البيع والشراء، والأخذ والعطاء، ولا يُمْكنها ذلك عادةً إلا بكشف الوجه والكفين، فيحل لها الكشف. وهذا قول أبي حنيفة رضي الله عنه. انتهى.
وقال الدردير المالكي كما في: أقرب المسالك : وعورة المرأة مع رجل أجنبي عنها جميع البدن غير الوجه والكفين. انتهى.
وقال محمد بن أحمد المعروف بعليش في (منح الجليل شرح مختصر خليل) قال: وهي أي العورة من حرة مع رجل أجنبي مسلم جميع جسدها غير الوجه والكفين ظهراً وبطناً، فالوجه والكفان ليسا عورة فيجوز لها كشفهما للأجنبي. انتهى.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في أسني المطالب: وعورة الحرة في الصلاة وعند الأجنبي ولو خارجها جميع بدنها إلا الوجه والكفين ظهراً وبطناً إلى الكوعين. انتهى.
وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني: فصل: ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة النظر أي للخاطب إلى وجهها وذلك لأنه ليس بعورة وهو مجمع المحاسن، وموضع النظر ولا يباح له النظر إلى ما لا يظهر عادة. انتهى.
وقال الرحيباني في شرح الغاية: فستر رأسها كله أولى لكونه أي: الرأس عورة في الصلاة وخارجها ولا يختص ستره بإحرام وكشف الوجه بخلافه. انتهى.
وأما القول بأنهما عورة فهو قول بعض الحنابلة كما سبق قال ابن قدامة رحمه الله تعالى في المغني: وقال بعض أصحابنا: المرأة كلها عورة، لأنه قد روي في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: المرأة عورة. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. ولكن رخص لها في كشف وجهها وكفيها، لما في تغطيته من المشقة، وأبيح النظر إليه لأجل الخطبة، لأنه مجمع المحاسن. انتهى.
وواضح من كلام ابن قدامة رحمه الله تعالى أن المرأة يجوز لها كشف وجهها على القولين، أعني قول من ذهب إلى أن الوجه والكفين عورة، وقول من ذهب إلى أنهما ليسا بعورة.
واستدل الفقهاء القائلون بأن الوجه والكفين ليسا بعورة بأدلة من ذلك:
1- قوله سبحانه: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النــور: 31]، قال ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى في تفسيره: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: عُني بذلك الوجه والكفان، يدخل في ذلك إذا كان كذلك: الكحل والخاتم والسوار والخضاب، وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك بالتأويل: لإجماع الجميع على أن على كل مصلّ أن يستر عورته في صلاته، وأن للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها في صلاتها، وأن عليها أن تستر ما عدا ذلك من بدنها إلا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أباح لها أن تُبْديه من ذراعها إلى قدر النصف، فإذا كان من جميعهم إجماعاً كان معلوماً بذلك أن لها أن تبدي من بدنها ما لم يكن عورة، كذلك للرجال، لأن ما لم يكن عورة فغير حرام إظهاره، وإذا كان لها إظهار ذلك كان معلوماً أنه مما استثناه الله تعالى، ذكره بقوله: إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا، لأن كل ذلك ظاهر منها، وقوله: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النــور: 31]، يقول تعالى ذكْره: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ، ليسترن بذلك شعورهن وأعناقهن وقرطهن. انتهى.
2- ما أخرجه أبو داوود والبيهقي وغيرهما عن عائشة: أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب شامية رقاق فأعرض عنها ثم قال: ما هذا يا أسماء؟ إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا. وأشار إلى وجهه وكفيه. قال أبو داود هذا مرسل، خالد بن دريك لم يدرك عائشة.
قال البيهقي رحمه الله تعالى : مع هذا المرسل قول من مضى من الصحابة رضي الله تعالى عنهم في بيان ما أباح الله من الزينة الظاهرة فصار القول بذلك قوياً وبالله التوفيق. انتهى.
3- بما في سنن البيهقي رحمه الله تعالى بسنده إلى ابن عباس قال: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا قال: ما في الكف والوجه.
وبسنده أيضاً إلى ابن عباس: في قوله: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا قال: الكحل والخاتم وروينا عن أنس بن مالك مثل هذا اهـ ومعلوم أن الكحل في العين والخاتم في اليد ولا يظهران إلا بظهور محلهما.
وبسنده إلى عائشة رضي الله عنها قالت: ما ظهر منها الوجه والكفان وروينا عن ابن عمر أنه قال: الزينة الظاهرة الوجه والكفان وروينا معناه عن عطاء بن أبي رباح وسعيد بن جبير وهو قول الأوزاعي.
4- ومما استدل به أصحاب هذا القول أيضاً نهي الشرع للمرأة المحرمة أن تستر وجهها وكفيها كما في البخاري في حديث النهي عما يَلْبس المحرم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولا تنتقب المرأة، ولا تلبس القفازين.
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى في المغني: لو كان الوجه والكفان عورة لما حرم سترهما. انتهى.
واستدل القائلون من الحنابلة وغيرهم على أن الوجه والكفين عورة بأدلة من ذلك قوله تعالى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنّ، وقالوا: إن الآية تفيد وجوب تغطية الوجه، ورد الجمهور بأن الخمار في اللغة هو ما يُغَطَّى به الرأس كما ذكر ذلك صاحب القاموس الفيروز آبادي، وكذا ابن منظور في: لسان العرب.
وهو كذلك في الشرع ففي النهاية لابن الأثير قوله: وفيه أنه كان يمسح على الخف والخمار أراد به العمامة، لأن الرجل يُغَطَّي بها رأسه، كما أن المرأة تغطيه بخمارها. انتهى المراد.
وقال الحافظ في الفتح: والخمار للمرأة كالعمامة للرجل. انتهى.
وقال ابن كثير في تفسيره: والخمر جمع خمار وهو ما يخمر به أي يغطى به الرأس وهي التي تسميها الناس المقانع. انتهى.
واستدلوا أيضاً بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [الأحزاب: 59].
وقالوا هذه الآية تفيد وجوب تغطية الوجه ورد الجمهور فقالوا: لا دليل فيها لأن الآية أمر للنساء الحرائر بالستر على خلاف ما عليه الإماء ومعلوم أن الإماء كن كاشفات الرؤوس، فأمر الله الحرائر بالستر ليعرفن.
وأما المسألة الثانية: وهي هل يجوز النظر إليهما أم لا؟
فجوابها أن العلماء رحمهم الله قد اختلفوا على قولين مشهورين:
الأول: حرمة النظر إليهما مطلقاً ولو أمنت الفتنة.
قال ابن حجر الهيتمي في التحفة: ويحرم نظر فحل وخصي ومجبوب وخنثى إذ هو مع النساء كرجل وعكسه فيحرم نظره لهما ونظرهما له احتياطاً...(بالغ)... عاقل مختار إلى عورة حرة... (كبيرة) ولو شوهاء بأن بلغت حداً تشتهى فيه لذوي الطباع السليمة لو سلمت من مشوه بها كما يأتي (أجنبية)، وهي ما عدا وجهها وكفيها بلا خلاف لقوله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ [النــور: 30]، ولأنه إذا حرم نظر المرأة إلى عورة مثلها كما في الحديث الصحيح فأولى الرجل، (وكذا وجهها) أو بعضه ولو بعض عينها، أو من وراء نحو ثوب يحكي ما وراءه (وكفها)، أو بعضه أيضا وهو من رأس الأصابع إلى الكوع (عند خوف الفتنة) إجماعاً من داعية نحو مس لها، أو خلوة بها وكذا عند النظر بشهوة بأن يلتذ به، وإن أمن الفتنة قطعاً (وكذا عند الأمن من الفتنة) فيما يظنه من نفسه وبلا شهوة (على الصحيح).
الثاني: جواز النظر إليهما عند أمن الفتنة.
قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: وأكثر الأصحاب: أنه لا يجوز للرجل النظر إلى غير من تقدم ذكره، فلا يجوز له النظر إلى الأجنبية قصداً، وهو صحيح، وهو المذهب، وجوز جماعة من الأصحاب: نظر الرجل من الحرة الأجنبية إلى ما ليس بعورة صلاة، وجزم به في المستوعب في آدابه، وذكره الشيخ تقي الدين رواية. قال القاضي: المحرم ما عدا الوجه والكفين. وصرح القاضي في الجامع: أنه لا يجوز النظر إلى المرأة الأجنبية لغير حاجة. ثم قال: النظر إلى العورة محرم وإلى غير العورة: مكروه. وهكذا ذكر ابن عقيل، وأبو الحسين، وقال أبو الخطاب: لا يجوز النظر لغير من ذكرنا، إلا أن القاضي أطلق هذه العبارة.
وحكى الكراهة في غير العورة قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: هل يحرم النظر إلى وجه الأجنبية لغير حاجة؟ رواية عن الإمام أحمد: يكره ولا يحرم. وقال ابن عقيل: لا يحرم النظر إلى وجه الأجنبية إذا أمن الفتنة. انتهى قلت: وهذا الذي لا يسع الناس غيره، خصوصاً للجيران والأقارب غير المحارم الذين نشأ بينهم. انتهى.
وقال الدسوقي في حاشيته: قوله: غير الوجه والكفين أي وأما هما فغير عورة يجوز النظر إليهما ولا فرق بين ظاهر الكفين وباطنهما بشرط أن لا يخشى بالنظر لذلك فتنة وأن يكون النظر بغير قصد لذة وإلا حرم النظر لهما وهل يجب عليها حينئذ ستر وجهها ويديها وهو الذي لابن مرزوق قائلاً إنه مشهور المذهب أو لا يجب عليها ذلك وإنما على الرجل غض بصره وهو مقتضى نقل المواق عن عياض، وفصل زروق في شرح الوغليسية بين الجميلة فيجب عليها وغيرها فيستحب. انتهى.
وأما المسألة الثالثة وهي هل يجب على الحرة ستر وجهها وكفيها أم لا يجب بل يندب لها ذلك؟
وجواب ذلك: أن الفقهاء رحمهم الله قد اختلفوا على قولين:
القول الأول: أنه لا يجب عليها ستر وجهها بل يندب، ويجب على الرجال غض البصر عنها، وما ورد من منع الولاة للنساء أن يخرجن سافرات الوجوه إنما ذلك من باب الأمر بما فيه مصلحة وليس لأن الستر واجب لذاته، ومما علل به أصحاب هذا القول أن الحاجة قاضية بجواز كشفهما، قال الكاساني الحنفي في البدائع: ولأنها تحتاج إلى البيع والشراء والأخذ والعطاء ولا يمكنها ذلك عادة إلا بكشف الوجه والكفين فيحل لها الكشف وهذا قول أبي حنيفة رضي الله عنه، وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله أنه يحل النظر إلى القدمين أيضاً.
وقال ابن قدامة الحنبلي رحمه الله تعالى في المغني: ولأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء، والكفين للأخذ والإعطاء. انتهى.
وقال الشيرازي الشافعي في المهذب: ولو كان الوجه والكف عورة لما حرم سترهما، ولأن الحاجة تدعو إلى إبراز الوجه للبيع والشراء وإلى إبراز الكف للأخذ والعطاء فلم يجعل ذلك عورة. انتهى.
القول الثاني: أنه يجب عليها ستر وجهها ليس لأنه عورة وإنما لأنها بالكشف تعين الرجال على النظر بشهوة فتكون معينة على المنكر فوجب عليها ستر وجهها وحرم عليها كشفه.
قال الشربيني في مغني المحتاج: وقال بعض المتأخرين إنه لا تعارض في ذلك بل منعهن من ذلك لا لأن الستر واجب عليهن في ذاته بل لأن فيه مصلحة عامة وفي تركه إخلال بالمروءة. انتهى، وظاهر كلام الشيخين (يعني النووي والرافعي) أن الستر واجب لذاته فلا يتأتى هذا الجمع وكلام القاضي ضعيف.
وقال ابن حجر في التحفة: نعم من تحققت نظر أجنبي لها يلزمها ستر وجهها عنه وإلا كانت معينة له على حرام فتأثم. انتهى.
إلا أن بعضا من العلماء ذهبوا إلى أن المرأة يجب عليها ستر وجهها عند فساد الزمان مع قولهم بأن الوجه والكفين ليسا بعورة، قال ابن نجيم الحنفي رحمه الله تعالى في البحر الرائق أيضاً: واعلم أنه لا ملازمة بين كونه ليس بعورة وجواز النظر إليه فحل النظر منوط بعدم خشية الشهوة مع انتفاء العورة ولذا حرم النظر إلى وجهها ووجه الأمرد إذا شك في الشهوة ولا عورة، كذا في شرح المنية، قال مشايخنا: تمنع المرأة الشابة من كشف وجهها بين الرجال في زماننا للفتنة. انتهى.
وقال ابن عابدين في حاشيته: والمعنى تمنع من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع الفتنة لأنه مع الكشف قد يقع النظر إليها بشهوة. انتهى.
قال النفراوي المالكي رحمه الله تعالى في كتابه الفواكه الدواني: اعلم أن المرأة إذا كان يخشى من رؤيتها الفتنة وجب عليها ستر جميع جسدها حتى وجهها وكفيها، وأما إن لم يخش من رؤيتها ذلك فإنما يجب عليها ستر ما عدا وجهها وكفيها. ثم قال: الذي يقتضيه الشرع وجوب سترها وجهها في هذا الزمان، لا لأنه عورة وإنما ذلك لما تعورف عند أهل هذا الزمان الفاسد أن كشف المرأة وجهها يؤدي إلى تطرق الألسنة إلى قذفها، وحفظ الأعراض واجب كحفظ الأديان والأنساب وحرر المسألة. انتهى.
وقال الدردير في الشرح الصغير: ((و) عورة الحرة (مع رجل أجنبي): منها أي ليس بمحرم لها جميع البدن (غير الوجه والكفين): وأما هما فليسا بعورة وإن وجب عليها سترهما لخوف فتنة).
وأما النظر عند خوف الفتنة فحرام بالإجماع وقد حكى الإجماع جماعة، والمقصود بالفتنة وجود داعية إلى الوقوع في الجماع أو الخلوة أو الضم والتقبيل ونحو ذلك، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: أما النظر والإصغاء لما ذكر عند خوف الفتنة أي الداعي إلى جماع أو خلوة أو نحوهما فحرام وإن لم يكن عورة للإجماع، ولقول الله تعالى: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ [النور:31]، وقوله: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ [النور:30]. انتهى، ولمعرفة القول المرجح عندنا في الموقع يمكنك مراجعة الفتوى رقم: 4470، والفتوى رقم: 5224.
والله أعلم.
شبكة إسلام ويب
۩❁
#منتدى_المركز_الدولى❁۩