ليا" زوجة نبي الله "أيوب".. امرأة خلدها التاريخ في صبرها
"ليا" زوجة نبى الله أيوب" امرأة خلدها التاريخ في صبرها، أخلصت لزوجها، ووقفت إلى جواره فى محنته حين نزل به البلاء، واشتد به المرض الذى طال سنين عديدة، ولم تُظْهِر تأفُّفًا أو ضجرًا، بل كانت متماسكة طائعة، وواحدة من النساء اللاتي تركن أنصع الآثار في دنيا النساء الفضليات .
هي زوجة نبي الله أيوب عليه السلام ، واسمها ليا بنت يعقوب، واستدل بعض المؤرخين على ذلك بقوله تعالى: " وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ " .
ارتقت ليا منزلة مباركة وعالية في مقام الصدق، واقتعدت مكانا عليا في منازل الأبرار، حيث عاشت مع زوجها في محنته التي امتدت قرابة ثماني عشرة سنة، وكانت مثال المرأة البارة ومثال الزوجة الصابرة الراضيه بحكم الله وقضاءه.
وكان أيوب عليه السلام أحد أغنياء الأنبياء، حيث بسط اللَّه له فى رزقه، ومدّ له فى ماله، فكانت له ألوف من الغنم والإبل، ومئات من البقر والحمير، وعدد كبير من الثيران، وأرض عريضة، وحقول خصيبة ،وكان له عدد كبير من العبيد يقومون على خدمته، ورعاية أملاكه، ولم يبخل أيوب عليه السلام بماله، بل كان ينفقه، ويجود به على الفقراء والمساكين ، وقد آمنت ليا بدعوة أيوب ورسالته، وكانت تعيش معه في بلاد الشلام في نعيم وجنات وعيون، ، شاكرة عابدة عارفة حق الله على العباد في الشكر، فقد كانت تكثر الحمد والشكر والثناء على الله عز وجل، إذ رزقها من البنين والبنات ما تقر به عينها ولا تحزن، وأوسع عليها وعلى زوجها من الرزق شيئا مباركا، وفضلهما على كثير من خلقه.
وأراد اللَّه تعالى أن يختبر أيوب فى إيمانه، فأنزل به البلاء، فكان أول مانزل عليه ضياع ماله وجفاف أرضه ، حيث احترق الزرع وماتت الأنعام، ولم يبق لأيوب شيء يلوذ به ويحتمى فيه غير إعانة الله له، فصبر واحتسب، وخر ساجدًا لله رب العالمين ،ونزل الابتلاء الثاني، فمات أولاده، فحمد اللَّه أيضًا وخَرّ ساجدًا لله، ثم نزل الابتلاء الثالث بأيوب ، فاعتلت صحته، وذهبت عافيته، وأنهكه المرض، لكنه على الرغم من ذلك ما ازداد إلا إيمانًا، وكلما ازداد عليه المرض، ازداد شكره لله.
وتمر الأعوام على أيوب عليه السلام وهو لا يزال مريضًا، فقد هزل جسمه، ووهن عظمه، وأصبح ضامر الجسم، شاحب اللون، لا يقِرُّ على فراشه من الألم، وازداد ألمه حينما بَعُدَ عنه الصديق، وفَرَّ منه الحبيب، ولم يقف بجواره إلا زوجته العطوف، تلك المرأة الرحيمة الصالحة التى لم تفارق زوجها، أو تطلب طلاقها، بل كانت نعم الزوجة الصابرة المعينة لزوجها، فأظهرت له من الحنان ما وسع قلبها، واعتنت به ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، لم تشتكِ من هموم آلامه، وظلت راضية حامدة صابرةً مؤمنة،ً تعمل بعزم وقوة، لتطعمه وتقوم على أمره، وقاست من إيذاء الناس ما قاست .
وظلت ليا فى خدمة زوجها أيام المرض سبع سنين ،ثم أقسم أيوب - لأنها باعت ضفيرتها بخبز ، فأطعمته إياه ، فلامها على ذلك ، وحلف إن شفاه الله ليضربنها مائة جلدة - ثم دعا أيوب ربه أن يكفيه بأس الشيطان، ويرفع ما فيه من نصب وعذاب، قال تعالي: "وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِى الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ"، فلما رأى اللَّه صبره البالغ، رد عليه عافيته ؛حيث أمره أن يضرب برجله، فتفجر له نبع ماء، فشرب منه واغتسل، فصح جسمه وصلح بدنه، وذهب عنه المرض، ومن رحمة اللَّه بهذه الزوجة الصابرة الرحيمة أَن أَمَرَ اللَّهُ أيوبَ أن يأخذ حزمة بها مائة عود من القش، ويضربها بها ضربةً خفيفةً رقيقةً مرة واحدة ، ليبرّ قسمه، جزاء له ولزوجه على صبرهما على ابتلاء اللَّه .
۩❁
#منتدى_المركز_الدولى❁۩