قصص الشامخات الفتيات الصالحات -

قصص الشامخات الفتيات الصالحات -

بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فصلت/33. كم هي السعادة التي تغمرك أيتها الأم... عندما تصلح ابنتك ويكون لها دور في صلاح من حولها ومجتمعها ويكون لها الأثر المبارك الطيب أينما حلت، ولن تكون كذلك إلا بتوفيق الله تعالى ثم ببذل الجهد في تعليمها أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حينئذ سنجد في مجتمعنا بنات صالحات مصلحات يعرفن أهمية دعوة الناس وخاصة بنات جنسها إلى الخير وحين تستشعر ان الدعوة إلى الخير لا تخص شخصاً بعينه وليست مهمة الدعوة ملقاة على أفراد معينين بل هي مسؤولية الجميع ولن يقوم بها إلا من في قلبه حرقة على هداية الناس.

ـ هذه فتاة تبلغ الحادية عشر أو الثانية عشرة من عمرها يفتح عندها جهاز الفيديو في المدرسة وإذا بها تسمع صوت الدفوف في شريط الفيديو فتنكر عليه ولكن لا يستجاب لها فعندئذ تستأذن من المعلمة للخروج إلى ساحة المدرسة فتقول لها المعلمة هذا صوت دفوف ولا بأس به، عندها تجيب الفتاة المعلمة بأن صوت الدفوف لا ينبغي إلا في أوقات الأعراس أو الأعياد وليس في كل وقت، فتستجيب المعلمة جزاها الله خيراً وتفهم أمر دينها بفضل الله ثم بهذه الدعوة غير المباشرة من طالبتها الصغيرة.

ـ وفتاة صغيرة تدرس في إحدى المدارس وكانت هذه الفتاة قد تربت على الحشمة والستر منذ نعومة أظفارها بفضل الله ثم بدور والدتها لكن هذه البنت كانت تواجه مشكلة في مدرستها، حيث كانت إحدى المعلمات تقف لها بالمرصاد وتنهاها عن لبس الطويل المحتشم وتطالبها بلبس الملابس القصيرة، فتضايقت هذه الفتاة وشكت الأمر إلى والدتها فقالت لها والدتها: يا ابنتي فكري، من تطيعين؟ أتطيعين الله الذي أطعمك وسقاك ورزقك وهداك وأعطاك أم تطيعين تلك المخلوقة الضعيفة التي لا تقدر على شيء إلا بحول الله وقوته؟ قالت البنت: بل أطيع الله.

ذهبت تلك الفتاة إلى المدرسة كعادتها بلباسها المحتشم فرأتها المعلمة فصرخت في وجهها قائلة ألم أقل لك لا تلبيس هذا اللباس!؟ فأجهشت البنت بالبكاء قائلة كلمة الحق: أنا لا أعلم هل أطيعك أنتِ أم أطيعه هو؟ فقالت المعلمة: ومن هو؟ فقالت الفتاة: الله الذي أحياني ورزقني وهداني، عندها أدركت المعلمة ما قالت هذه الطالبة وسرت فيها روح الإيمان وأخذت تراجع نفسها فما كان منها إلا أن اتصلت بوالدة هذه الفتاة لتشكرها ولتخبرها أن هدايتها كانت بسبب هذه البنت الصغيرة: (رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ) آل عمران/ 38.

ـ ذكرت إحدى الأمهات أنها قد ربت بعون الله ابنتها على اللباس المحتشم الطويل الساتر ذي الأكمام الطويلة منذ صغرها فلما بلغت البنت الخامسة عشرة من عمرها تقريباً حدث أن أهدي إليها لباس قصير الأكمام فرفضت البنت لبسه والسبب تقول: أستحي أن يظهر ذراعي.

من أهم ما تجب العناية به أن نغرس في قلوب بناتنا محبة الله ومحبة ما يحبه الله ورسوله ونُكره إليهن ما لا يرضي الله ورسوله، لنكره لهن الغيبة والنميمة والكذب ونحبب إليهن الصدق والأمانة واحترام أعراض الناس هذا في الأقوال، أما الأفعال فلنكره لهن ـ مثلاً: التبرج ولبس القصير منذ الصغر لتلبس البنت لباس الطهر والعفاف منذ صغرها معتزة بذلك محبة له، فلا تجعلي أيتها المربية الفاضلة أبنتك تقلد فلانه من الناس بتزيين الحجاب وتجميل العباءة وزخرفة الخمار لترضي الناس، اغرسي في ذهنها أن رضا الله مقدم على كل شيء وأن الحجاب عبادة نتعبد لله بها وليس للتفاخر والزينة، هذا التصرف مع البنت ينبغي أن يكون منذ البداية من اول أيام لبسها للحجاب ليسهل الأمر بعد ذلك.

ـ هذه أم تُلبس ابنتها الحجاب الكامل منذ صغرها وتخبرها أن من تتزين بالحجاب فهي على خطأ كبير، هذه البنت كانت في الصف الخامس الابتدائي وتلبس حجابها بالكامل مع الجوربين والقفازين، وعندما سُئلت أم هذه البنت: ألا تجد هذه البنت بعض التعليقات من بعض زميلاتها أو من حولها؟ قالت والدتها قد نجد ذلك أحياناً لكن البنت تعلم أنها على صواب وتشعر أنهم على خطأ فتنقد من يُعلق عليها، بلبسه عباءة الكتف أو بمخالفته الشرعية أيا كانت. وهكذا يكون غرس محبة الله ورسوله ومحبة الشرع في نفوس بناتنا منذ نعومة أظفارهن.

ـ بنت أخرى تلبس الحجاب الساتر منذ صغرها وفي يوم من الأيام عندما لبست عباءتها سخر منها ـ واحدٌ ممن رآها ـ وبطريقة لبسها للحجاب فماذا يتوقع أن يكون ردة فعل هذه البنت، لقد قالت: (إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ) هود/ 38 

ـ وهذه فتاة أخرى ففي الأسبوع الأول من انتقالها من المرحلة الابتدائية إلى المتوسطة وجدت أثناء الحصص فراغاً من الوقت فطلبت من معلمتها الإذن لها بأن تؤدي صلاة الضحى فأعجب المعلمة صنيعها واتصلت هاتفياً بوالدتها لتنقل لها إعجابها وشكرها وثناءها على هذه البنت الطالبة.

والمهم أختي الفاضلة: أن تعلمي أن هذا التصرف من هذه البنت وهي في هذه السن كان ثمرة غرس إحدى معلماتها في المرحلة حيث كانت قد علمتها وزميلاتها تلك السُنةّ وبينت فضلها وجعلتهن يطبقنها كلما سمحت لهن الفرصة.

التوكل على الله أمر عجيب في التربية حيث يغفل عنه بعض الناس، ولكن الحق أنه لو لا عون الله لنا ما استطعنا فعل أي شيء مع أبنائنا حتى ولا حمل الطفل الصغير بين أيدينا ويصحب ذلك التوكل فعل الأسباب بما يكون فيه صلاح دنياهم وأخراهم، ولنسأل بصدق أن يرزقنا حسن التعامل معهم وأن يجعلهم عوناً لنا على ذلك، ونعتمد على الله اعتماداً صادقاً مع الثقة به سبحانه وتعالى فإنه هو الهادي ـ عز وجل ـ وهو القادر على جلب ما ينفعهم ودفع ما يضرهم فلا نستعين إلا به ولا نرجو سواه ونفعل الأسباب لصلاحهم، لا نعتمد على قوتنا وحولنا فمن اعتمد على قوته فإنه يخذل.

ومن أجمل ما تعلمه البنت: أمور منها:
1ـ قراءة القرآن 2- قيام الليل 3- صيام النفل   
4- كثرة الذكر 5- سنة الضحى 6- السنن الرواتب

ـ كانت هناك بنت في الصف الثاني الابتدائي تٌتابع وتُشجع على أداء صلاة الوتر وقد أصيبت في يوم من الأيام بمرض اضطرها إلى دخول المستشفى والبقاء فيه أياماً وقد كان دخولها المستشفى ليلاً حيث أجريت لها الفحوصات ووضع لها جهاز المغذي مما يجعلها مقيدة الحركة ونامت ليلتها بخير وبعد مضي يومين تقريباً في المستشفى وتماثلها للشفاء قالت لوالدتها: أتذكرين أول ليلة دخلنا المستشفى؟ قالت: نعم، قالت: أنا لم أصلّ الوتر تلك الليلة فماذا أفعل الآن؟

إذن التشجيع على فعل النوافل يجعل الأبناء عموماً يحرصون عليها ويلازمونها.

ـ وأما عن غرس كراهية ما يعرض على شاشات التلفزيون من المسلسلات والمشاهد المحرمة نسأل الله أن يمن على الجميع بالهداية. فتذكر إحدى الأمهات أنها كانت تقوم بزيارة لأقاربها أحياناً وبصحبتها ابنتها فتذهب البنت للعب مع قريبتها التي في سنها وهي فرحة ومسرورة بمثل هذا الاجتماع واللقاء، لكن والدتها لاحظت أنها تأتي إليها في بعض الأوقات وتتوقف عن اللعب وتجلس عند والدتها فترة من الوقت ثم تعود بعد ذلك لمزاولة اللعب مرة أخرى، فأحبت الأم أن تعرف السبب في هذا التصرف وما الذي يجعل ابنتها تترك صاحبتها واللعب معها مع أنها فرحة باللقاء والوقت المحدد للزيارة قصير؟ فالأمر الطبيعي أن لا تفارق ابنتها صاحبتها طوال وقت الزيارة، فتتبعت الأم الأمر فوجدت أن البنت تترك اللعب إذا ذهبت صاحبتها إلى التلفزيون لمشاهدة مسلسل أو فقرة مناسبة لها كأفلام الكرتون أو غيرها وابنتها لم تتعود على ذلك وتعلم أن في هذا الجلوس إضاعة للوقت والحسنات.

الأم حين عرفت السبب لم تناقش ابنتها في هذا الأمر وحين كبرت البنت وتزوجت وفهمت من أمور دينها ودنياها الشي الكثير أحبت الأم أن تعلم ثمرة تربيتها فسألت ابنتها قائلة:

هل تذكرين ما حدث عندما كنتِ صغيرة؟ وذكرت لها تلك الحادثة فقالت البنت: نعم أذكر فقالت أمها: ما الذي جعلك تتركين صديقتك وما يعرض في التلفزيون وتأتين وتجلسين بجانبي؟ فقالت البنت: لقد كرهت المسلسلات والأفلام التي تعرض في التلفزيون بسبب ما توضحين لي أنتِ ووالدي من فساد ما فيها وتبينان لنا ما فيها من المنكرات.

هكذا أختي المربية .. ترين أن غرس المبادئ الفاضلة وبيان ما ينبغي اتباعه وعمله مما يحبه الله ورسوله والتنفير مما يبغضه الله ورسوله منذ النشأة للأطفال يؤتي ثماره الطيبة بإذن الله فلا بد من الحرص على هذا المنهج التربوي والنية الصادقة في ذلك والتوفيق بيد الله.

كم يسعى الآباء والأمهات الصالحون إلى ما يكون سبباً في صلاح أبنائهم وبناتهم وفيه سعادتُهم وبعدهم عن ارتكاب ما حرم الله، وإن أهم ما يكون سبباً لصلاحهم وسعادتهم في دنياهم وأخراهم بإذن الله تعالى هو تحقيق ما أمرنا الله به من إقامة الصلاة على وجهها المشروع، ولذلك الأمر الرباني الذي غفل عنه كثير من الأولياء فلم يكن لهم نصيب كبير في المتابعة التامة لتحقيق إقامتها حتى يجني الأبناء والبنات ثمارها المرجوة، يقول الله تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) العنكبوت/45.

ـ كانت هناك فتاة تُذكرها والدتها دائماً بالأذكار وأهمية المحافظة عليها وأنه إذا صعب عليك أمر من الأمور واشتد بك فعليك بالاستغفار لعل الله أن يجعله سبباً للتيسير وفي يوم من الأيام دخلت تلك الفتاة الفصل الدراسي لاختبار إحدى المواد الدراسية وعندما استلمت الأسئلة انغلقت عليها أبواب الإجابة وصعب عليها تذكر المعلومات فتقول بأنها تذكرت فضل الاستغفار فأخذت به، فإذا بالمغلق ينفتح وييسر الله لها الأمر وتتذكر الإجابة فتجيب مطمئنة.

ـ وإحدى الفتيات الجامعيات حافظة لكتاب الله محافظة على الأذكار صباحاً ومساءً حريصة على مرضاة الله ـ نحسبها كذلك والله حسيبها ـ دخلت هذه الفتاة قاعة الامتحانات واستلمت أسئلة الامتحان وقامت بالإجابة على الأسئلة بكل يسر وسهولة ثم أخذت تراجع إجابتها وتنتظر المراقبة لتستلم الأوراق من الطالبات، وإذا بتيار الهواء يخترق القاعة إما من النافذة او بفعل جهاز المروحة الهوائية فتسقط ورقة هذه الطالبة على الأرض مقلوبة فتفاجأ الطالبة بأن خلف الورقة بقية الأسئلة لم تعلم بها فتحمد الله وتشكره وتجيب على بقية الأسئلة وقال ـ عليه الصلاة والسلام: (تَعَرَّفْ إِلَى الله فِي الرَّخَاءِ ، يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ ) رواه أحمد (2803)

ـ تقول إحدى المعيدات في إحدى الكليات: إني لم أكن أعرف إلا اليسير من أذكار الصباح والمساء وحينما كنت طالبة وزعت علينا إحدى المعلمات أوراقاً عن الأذكار وطلبت منا حفظها وتابعتنا في ذلك حتى حفظناها ومنذ ذلك اليوم إلى الآن وأنا محافظة على ذكرها صباحاً ومساء والسبب بعد الله تلك المعلمة الفاضلة.

ـ هناك فتيات حفظن كتاب الله بفضل الله تعالى ثم بجهود معلمات فاضلات صالحات كن يتابعن أولئك الفتيات في المدرسة وعبر الهاتف في بيوتهن مع العلم أن أولئك الفتيات في مدارس التعليم العام ولسن في مدارس متخصصة لحفظ القرآن الكريم ثم بعد حفظهن أصبحن يدرسن في حلقات جمعية تحفيظ القرآن الكريم.

أيتها الأم المباركة: كم سيكون لمثل هؤلاء المعلمات من الأجور، وانظري بركة المعلمات الفاضلات وكيف كان أثر اقتران البنت بأمثالهن، فاحرصي بارك الله فيك على تقوية علاقة ابنتك بأهل الخير، والصلاح ما استطعتِ إلى ذلك سبيلا.

المصدر: كتاب التعامل مع البنات – نورة محمد السعيد

۩❁#منتدى_المركز_الدولى❁۩