معركة عين جالوت اجزاءه الثلاثة

معركة عين جالوت
الجزء الثاني
اسباب غزو المغول لبلاد المسلمين
ارتفعت الحماسه لدى المغول بعد انتصاراتهم المتتاليه في الصين والدول المجاوره مما زاد في طموحهم السيطره على المناطق المحاذية لبلادهم وبخاصه الاستيلاء على ثروات ومنجزات الدوله الخوارزميه الكبيره بأنجازاتها العظيمه.
معركة عين جالوت ( الجزء الثانى )
وقفنا في اللقاء السابق عند فكرة السلطان المظفر سيف الدين قطز في السير إلى غزة و لكن عبر ساحل البحر المتوسط من خلال المرور بالأراضي الصليبية حتى لا يمر بأراضي فيها المغول فتتشتت جهوده في معارك كثيرة فقد أراد أن تكون معركته معركة واحدة فاصلة
و يصل من خلال أراضي الصليبيين إلى منتصف أرض الشام فيتفاجئ  المغول بجيش سيف الدين قطز
و حينها يمكنه اختيار الموقع المناسب لخوض المعركة بنجاح
و يصل إلى أرض المعركة قبل المغول لستريح قواته
و يعد لهم كمينًا محكمًا
و بالفعل سلك ذلك الطريق و وصل إلى حيث أراد .
قسم قطز الجيش إلى قسمين
فرقه في المقدمة و بها أفضل الفرسان  تتقدم عن الجيش الحقيقي عدة أيام في المسير
و الجزء الثاني فيه باقي جيش المماليك و هم الأكبر عددًا
و كانت المقدمة بقيادة أفضل فرسان المماليك وهو ( بيبرس البقدنداري ) فقد كان مقاتل ليس له مثيل حتى قيل عنه أنه كان يسحق المغول بالعشرات في معركة عين جالوت وحده

فتحركت المقدمة بقيادة بيبرس نحو غزة و دخلها المماليك
و سحقوا من فيها من المغول
و لم يخرج أحد من المغول حيًا إلا بضعة جنود
ففر هؤلاء إلى مقر المغول الرئيسي في ( بعلبك )
و أخبروا قائد المغول ( كتبغا نويان ) بما حدث
و حين سألهم كتبغا عن عدد المماليك في غزة
قالو له بضعة آلاف فقط
و هذا أكد كلام ( الناصر يوسف الأيوبي )
أن جيش مصر صغير و ضعيف للغاية
و غارق في المؤامرات
فيظن كتبغا أن هذا هو كل الجيش المملوكي
و لكن كان في أثر هذا الجيش جحافل من المقاتلين .
فأصبحت عيون المغول ترصد بيبرس و فرقته دون أن تعلم شيء عن الجيش الحقيقي للمماليك
لكن بيبرس علم أنهم يتجسسون عليه
فتركهم يتتبعونه
ليظنوا أن هذا هو كامل جيش المسلمين
و حين وصل بيبرس إلى سهل عين جالوت عسكر بقواته
و عادت فرقة الكشافة للمغول على الفور إلى مقر (  كتبغا )
في ( بعلبك )
ليخبروه أن المسلمين وصلوا إلى سهل عين جالوت
و بعد ابتعاد فرقة الكشافة ، وصل باقي الجيش بأكمله
بقيادة سيف الدين قطز
و لم يكن المغول على علم بوجوده أصلا .
حينها تحرك كتبغا  بجيشه  وكان عدده  عشرين ألف مقاتل
و ظن أنهم سيواجهون بضعة  آلاف من المماليك بقيادة بيبرس ، نائب السلطان  
و اعتقد كتبغا أن قطز أرسل بعض قادته
وجلس في مصر  لخوفه من مواجهة المغول
فكانت خطة قطز واحدة من أفضل الخدع المحكمة التي فعلها المسلمون في المعارك على مر التاريخ
و أثناء تحضير قطز للمعركة تصله رساله غاية في الاهمية
و كانت من ( صارم الدين أيبك ) أحد المسلمين التابعين للمغول كما ظن الناس
فكان مختصر الرسالة التي أرسلها صارم الدين أيبك
( أنه نادم على مساعدة المغول لأنه كان أسير عند المغول لا غير و كان مجبور على مساعدتهم و أخبر قطز بمعلومة مهمة عن المغول و هي أن هولاكو انسحب بأغلب الجيش المغولي و عاد إلى العاصمة ليشارك في تنصيب الخان الجديد فلم يترك إلا فرقة واحدة في الشام
و أن المغول ليسوا بقوتهم المعهودة فلا تهابوهم
و أخبره بأن ميمنة المغول أقوى من ميسرتهم
فنصحه بأن يقوي ميسرة المسلمين لتتمكن من مقاتله ميمنة المغول و أعلمه أن الأشرف الأيوبي الذي بايع المغول من قبل نادم هو الآخر
و أنه أثناء المعركة مع المسلمين ستنهزم قواته داخل صفوف المغول ليفتح لهم ثغره في جيش الكفار ليضعفهم
و يكسر من عزيمتهم و من تماسكهم
و وضع قطز خطة مناسبة لسهل عين جالوت
وفق الحال و الأخبار التي جاءت إليه
فقد كان عين جالوت عباره عن سهل فسيح تحوطه الهضاب من كل الجوانب ماعدا الجانب الشمالي كان مفتوحًا و كان هو البوابة لسهل عين جالوت
فوضع قطز كامل الجيش المملوكي فوق الهضاب
والذي لا يعلم المغول عن وجوده
ووضع فرقة بيبرس على بوابة السهل من الجهة الشمالية
و انتظر المسلمون قدوم المغول
و كانت الخطة أن يشتبك بيبرس مع جيش المغول
ثم يبدأ بالانسحاب و الفرار إلى داخل السهل
فيظن المغول أنهم أصبحوا محاصرين فيطمع المغول بإبادتهم  في هذا السهل المغلق
حينها يهاجم باقي جيش المسلمين المختبئ خلف الهضاب
و يحاصر قوات المغول داخل السهل و بعد إحكام  القبضة على المغول يبدأون بسحقهم عن آخرهم
و في ليلة الرابع و العشرين من رمضان سنة ٦٥٨ هجرية
بات سيف الدين قطز و جيش المسلمين أجمع يقومون الليل ( في ليلة من ليالي رمضان الفردية ليلة الخامس و العشرين ) في تضرع و خشوع يصلون و يدعون الله عز و جل أن ينصرهم على الكفار
تلك هي الغاية
إنها إرضاء الله رب العاليمن فهم لم يأتوا إلى هذا المكان لكي يحققوا مجدًا عسكريًا و لا لكي ينالوا شرفًا يفتخرون به بين  الناس  و لا من أجل توسيع نفوذهم الاستراتيجي في غير رضا الله رب العالمين إنما جاءوا لنصرة دين الله الواحد الأحد و رفع الظلم عن المظلومين
و رد كيد الكافرين الذين عاثوا في الأرض فسادًا فقتلوا
البشر و أحرقوا الشجر و هدموا الحجر
فلم ليبقوا لمدينة من المدن أثر
إلا الخراب و الدمار .
آخذين في اعتبارهم
قول الله تبارك و تعالى ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ. الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ   )
و قوله تعالى (  الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ )
اليوم الموعود
.... .... .....
في صباح الخامس و العشرين من رمضان سنة ٦٥٨هجرية
وقف بيبرس مع فرسانه ينتظر المغول
و جاءت جحاف المغول بقيادة  ( كتبغا نويان )
ووقف صارم الدين أيبك بجوار كتبغا نويان
يصف هذا النزول العجيب لقوات المقدمة للمسلمين إلى أرض المعركة
يقول صار الدين أيبك (  فلما طلعت الشمس ظهرت  عساكر الإسلام و كان أول سُنجق ( أي  كتيبة ) أحمر و أبيض وكانوا لابسين العدد المليحة
و هو موقف في غاية الروعة و ملابس أنيقة للغاية
أي أن الدروع و الرماح و الخيول كانت بهيئة جميلة
نزلوا بخطوات ثابته و بنظام بديع
لهم هيبة و عليهم جلال يُقِعُون في قلوب المغول الرهبة
يقول صارم الدين أيبك فبهت ( كتبغا ) و بهت من معه من التتار
و هذه أول مرة يرى كتبغا جيش المسلمين على هذه الصورة
كان كتبغا معتادًا أن يراهم وراء الحصون و القلاع يرتجفون و يرتعدون أو يراهم و هم يتسارعون للهروب فزعًا
من جيش التتار أو يراهم و هم يسلمون رقابهم للذبح الذليل
قال كتبغا في فزع يا صارم رُنك ( لون بالفارسية ) من هذا  ؟
فقال صارم الدين أيبك رُنك ( سنقر الرومي )أحد أمراء المماليك
كانت تتميز فرق المماليك بألوان خاصة فكان لكل فرقة لون خاص بها و أعلام خاصة و مراكز تجمع خاصة عليها نفس الأعلام و الشارات
ثم نزلت كتيبة تلبس ملابس صفراء و عليها من البهاء و الجمال مالا يوصف
تزلزل كتبغا فقال لصارم رنك من هذا
فقال. صارم هذا رنك ( غلبان الرشيد ) أحد أمراء المماليك
ثم تتابعت الكتائب كل هذه هي المقدمة فقط
و كانت كل كتيبة بلون و كل مرة يسأل كتبغا
رُنك من هذا فقال صارم فكان أي شيء يأتي على لساني قلته أي أنه بدأ يخترع له أسماء
حتى يوهم كتبغا أن ذلك اتحاد المماليك المصرية و الشامية و غيرهم فيوقع الرهبة في قلبه
و بعد أن نزلت المقدمة بدأت الفرقة الموسيقية المملوكية تظهر على الساحة تضق الطبول و تنفخ في الأبواق و تضرب الصنوج النحاسية
لكي تقوم بدور في غاية. الأهمية في  موقعة عين جالوت
ما هو هذا الدور ؟
كانت هذه الضربات إشارات للجيوش المملوكية تتلقى عن طريقها الأوامر المختلفة
و كتبغا و المغول لا يفقهون شيء من هذه الضربات
ضربات للميمنة و ضربات للميسرة و ضربات للقلب ضربات بالهجوم و أخرى للإنسحاب و ضربات لكل خطة عسكرية
و بذلك يستطيع القائد قطز رحمه الله من مكان بعيد أن يسير الجيوش كما يريد و أيضا يشعر الجنود أن القائد معهم في المعركة فكانت هذه الضربات القوية تزلزل قلوب الأعداء
و تثبت قلوب المسلمين  
و حين رأى قائد المغول المقدمة فقط و أعداد المسلمين الضئيلة التي كانت تحت قياده ركن الدين بيبرس
ظن أنها معركه يسيرة فلم يضع أي خطة للحرب
وعلى الفور أمر قواته بالهجوم عليهم
و بدأت الملحمة و درات رحى حربِِ طاحنة من أهم معارك البشرية جمعاء
و التي كانت أمل كل البشر في العالم أجمع بالخلاص من المغول
و كانت المفاجأة الصاعقة للقائد  ( كتبغا نويان )
صمود فرسان المسلمين بقيادة بيبرس
حيث استطاعت مقدمة الجيش وحدها صد الهجوم المغولي الكاسح
بل تمكنوا من شل حركة المغول
ذلك أن فرسان المماليك كانوا يتحركون بخفة
و رشاقة وسرعة لا يضاهيها فرسان آخرون
و كانت هذه أول فاجعة  يفجع بها المغول
حيث اشتهر عن المغول أن فرسانهم هم أسرع فرسان في العالم و لكن صعقوا  بفرسان أسرع منهم وضرباتهم أدق بكثير من ضربات المغول
و كان الفارس يرمي بالرمح و السهام من على ظهر حصانه فتصيب وجوه المغول وتقسمها نصفين
وكانت هذه تقنية صعبة للغاية لا يتقنها إلا فرسان المغول
لكنهم أصيبوا بالذهول والذعر حينما رأوا فرسان المماليك يتقنونها أفضل منهم
وبعد وقع الصدمة الشديدة على قائد المغول أمر قواته بالإنسحاب على  الفور لإعادة تنظيم صفوفهم
و بث الحماسة في نفوسهم وبعد وضع خطط مختلفة أمرهم بالهجوم من جديد
فاستعد  بيبرس وفرسانه لهجوم المغول الجديد
و هجم كتبغا نويان  بقواته هجومًا كاسحًا و كان أقوى من الهجوم الأول
و بالرغم من الهجوم الشديد الذي قاده المغول  كان قطز يتواصل مع بيبرس أثناء المعركة عن طريق الطبول
فأعطاه أمرًا ببداية الانسحاب إلى داخل السهل
و استدراج قوات المغول خلفه  
فبدأ بيبرس بالانسحاب تدريجيًا أمام قوات المغول و استدرج المغول خلفه داخل السهل
و دخل جيش المغول بالكامل لداخل سهل عين جالوت
وعلى الفور أرسل سيف الدين قطز فرقة قوية لإغلاق مدخل السهل و أعطى الأوامر لجيش المسلمين المتمركز فوق الهضاب  بالهجوم الشامل على المغول
...
إلى هنا سنقف على أن نكمل في حلقة قادمة إن شاء الله
....
تم تفريغ المحتوى من تسجيل صوتي لعالمين من علماء التاريخ
...
تتم الكتابة بتقنية الصوت فمن يجد خطأ يرشدني له و شكرا جزيلا لكم

معركة عين جالوت:- (الجزء الأول)
التاريخ: (25 رمضان 658 هـ / 3 سبتمبر 1260م)
هي إحدى أبرز المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي؛ إذ استطاع جيش المماليك بقيادة سيف الدين قطز إلحاق أول هزيمة قاسية بجيش المغول بقيادة كتبغا. وقعت المعركة بعد انتكاسات مريرة لدول ومدن العالم الإسلامي، حيث سقطت الدولة الخورازمية بيد المغول ثم تبعها سقوط بغداد بعد حصار دام أياماً فاستبيحت المدينة وقُتل الخليفة المستعصم بالله فسقطت معه الخلافة العباسية، ثم تبع ذلك سقوط جميع مدن الشام وفلسطين وخضعت لهولاكو، كانت مصر في تلك الفترة تئِنُّ من الصراعات الداخلية والتي انتهت باعتلاء سيف الدين قطز عرش مصر سنة 657 هـ / 1259 سلطانا لمماليك مصر.
فبدأ بالتحضير لمواجهة التتار، فقام بترتيب البيت الداخلي لمصر وقمع ثورات الطامعين بالحكم، ثم أصدر عفواً عاماً عن المماليك الهاربين من مصر بعد مقتل فارس الدين أقطاي بمن فيهم بيبرس، ثم طلب من العز بن عبد السلام إصدار فتوى تُشرع له جمع الضرائب على سكان مصر بعد أن واجهته أزمة اقتصادية عجز من خلالها عن تجهيز الجيش، وكان له ما أراد وأصدر العز بن عبد السلام فتوى تجيز جمع الضرائب بشروطٍ خاصة ومحددة، ما إن انتهى قطز من تجهيز الجيش حتى سار به من منطقة الصالحية شرق مصر حتى وصل إلى سهل عين جالوت الذي يقع تقريباً بين مدينة بيسان شمالاً ومدينة نابلس جنوباً في فلسطين، وفيها تواجه الجيشان الإسلامي والمغولي، وكانت الغلبة للمسلمين، واستطاع الآلاف من المغول الهرب من المعركة واتجهوا قرب بيسان، وعندها وقعت المعركة الحاسمة وانتصر المسلمون انتصاراً عظيماً، وأُبيد جيش المغول بأكمله.