مناظرة (يحيى بن يعمر) مع (الحجاج )
في أن الحسن والحسين من ذرية رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم:
سمع الحجاج بن يوسف عن التابعي الجليل (يحيى بن يعمر ) يتحدث عن أحفاد الرسول صلى الله عليه واله وسلم بحب شديد، وأنه كثير الإعجاب بالحسن والحسين، وأن الناس يقدرونهما حبا لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم وأراد الحجاج أن ينزع حب الناس لهما، لأنهما ينتسبان الى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وليس لأمهم فاطمة الزهراء رضي الله عنها، وكل ذلك من أجل تثبيت الحكم للأمويين .. وقد جاءته الأخبار بأن يحيى بن يعمر سئل في الكوفة عن الحسين ونسبه من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فأجاب: ان الحسن والحسين من ذرية محمد صلى الله عليه واله وسلم وأن الحجاج يحكم ولا يفتي.. فإذا افتى فان فتواه لا تستند الى علم..
وقرر الحجاج أن يستدعي الرجل، وعندما مثل بين يديه، طلب منه الحجاج أن يثبت أن الحسن والحسين من ذرية الرسول صلى الله عليه وسلم مستندا الى آيات من القرآن الكريم.
وكان الحجاج يريد أن يمثل بالرجل ويلفق له الاتهامات، وسأل الحجاج يحيى عن صلة الحسن والحسين برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يحيي: نعم هما من ذرية محمد صلى الله عليه واله وسلم...
قال له الحجاج: عليك أن تأتيني من آيات القرآن الكريم بالحجة على ما تزعم، وإن لم تأتني بها واضحة من كتاب الله تعالى فإن دمك لنا حلال
قال يحيى : أن الآية التى تدل على ذلك قول الله عز وجل: ( فَمَنْ حَاجَّكَ فيهِ مِنْ بَعْدِمَا جَاءَكَ مِنَ العِلمِ فَقُلْ تَعَالَوا نَدْعُ أَبناءَنا وَأَبْنَاءَكم وَنِساءَنا ونِساءَكُم وأنفُسَنا وأنفُسَكُم ثُمَّ نَبتَهل فَنَجعَل لَعنةَ اللهِ على الكاذبينَ ) وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج للمباهلة ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين قال الشعبي: فكأنما أهدى لقلبي سروراً، وقلت في نفسي: قد خلص يحيى، وكان الحجاج حافظاً للقرآن .
فقال له يحيى: والله، إنها لحجة في ذلك بليغة، ولكن ليس منها أحتج لما قلت.
فاصفرَّ وجه الحجاج، وأطرق ملياً ثم رفع رأسه إلى يحيى وقال: إن جئت من كتاب الله بغيرها في ذلك، فلك عشرة آلاف درهم، وإن لم تأت بها فأنا في حلٍ من دمك .
قال: نعم .قال الشعبي: فغمني قوله فقلت: أما كان في الذي نزع به الحجاج ما يحتج به يحيى ويرضيه بأنه قد عرفه وسبقه إليه، ويتخلص منه حتى رد عليه وأفحمه، فإن جاءه بعد هذا بشيء لم آمن أن يدخل عليه فيه من القول ما يبطل حجته لئلا يدعي أنه قد علم ما جهله هو .
فقال يحيى للحجاج: قول الله عزّ وجلّ ( وَمِن ذُرِّيتهِ دَاوُدَ وَسليمانَ ) من عنى بذلك ؟
قال الحجاج: إبراهيم عليه السلام .
قال: فداود وسليمان من ذريته ؟
قال: نعم .
قال يحيى: ومن نص الله عليه بعد هذا أنه من ذريته ؟فقرأ يحيى: ( وَأيّوب وَيوسفَ وَموسى وَهارونَ وَكذلِكَ نَجزي المُحسنينَ )
قال يحيى: ومن ؟
قال: ( وَزكريا وَيَحيى وَعِيسى )
قال يحيى: ومن أين كان عيسى من ذرية إبراهيم عليه السلام ، ولا أب له ؟
قال: مِن قِبَل أُمّه مريم عليها السلام .
قال يحيى : فمن أقرب رحما : مريم من إبراهيم عليه السلام أم فاطمة من محمد صلى الله عليه وسلم؟ وعيسى من إبراهيم، أم الحسن والحسين من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال الشعبي: فكأنّما ألقمه حجراً .
فقال: أطلقوه قبّحه الله ، وادفعوا إليه عشرة الآف درهم ..
ولا بارك الله له فيها.