س16: هل الشمس تدور حول الأرض؟
فأجاب بقوله: ظاهر الأدلة الشرعية
تثبت أن الشمس هي التي تدور على الأرض، وبدورتها يحصل تعاقب الليل والنهار
على سطح الأرض، وليس لنا أن نتجاوز ظاهر هذه الأدلة إلا بدليل أقوى من
ذلك يسوغ لنا تأويلها عن ظاهرها . ومن الأدلة على أن الشمس تدور على الأرض
دوراناً يحصل به تعاقب الليل والنهار ما يلي:
1- قال الله - تعالى- عن إبراهيم في محاجته لمن حاجه في ربه: (فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ)(البقرة: الآية258) فكون الشمس يؤتى بها من المشرق دليل ظاهر على أنها التي تدور على الأرض .
2- وقال - أيضاً- عن إبراهيم: (فَلَمَّا
رَأى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا
أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ)
(الأنعام:78) فجعل الأفول من الشمس لا عنها ولو كانت الأرض التي تدور لقال ((فلما أفل عنها)) .
3- قال - تعالى- (وَتَرَى
الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ
وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ)(الكهف: الآية17)
فجعل الإزورار والقرض من الشمس وهو دليل على أن الحركة منها، ولو كانت من
الأرض لقال يزاور كهفهم عنها، كما أن إضافة الطلوع والغروب إلى الشمس يدل
على أنها هي التي تدور وإن كانت دلالتها أقل من دلالة قوله (تزاور)،
(تقرضهم) .
4- وقال - تعالى-: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (الأنبياء:33) قال ابن عباس –رضي الله عنهما-: يدورون في فلكة كفلكة المغزل . اشتهر ذلك عنه .
5- وقال - تعالى-: ( يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً )(الأعراف:الآية54) فجعل الليل طالباً للنهار، والطالب مندفع لاحق، ومن المعلوم أن الليل والنهار تابعان للشمس .
6- وقال –تعالى-: (خَلَقَ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى
النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمّىً أَلا هُوَ الْعَزِيزُ
الْغَفَّارُ) (الزمر:5) فقوله: (يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ)
أي يديره عليه ككور العمامة دليل على أن الدوران من الليل والنهار على
الأرض ولو كانت الأرض التي تدور عليهما لقال ((يكور الأرض على الليل
والنهار)) . وفي قوله
الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي )(الرعد: من الآية2)
المبين لما سبقه دليل على أن الشمس والقمر يجريان جرياً حسياً مكانياً،
لأن تسخير المتحرك بحركته أظهر من تسخير الثابت الذي لا يتحرك .
7- وقال - تعالى-: (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) (1) (وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا) (سورة الشمس الآيتان:1، 2)
ومعنى (تلاها) أتى بعدها وهو دليل على سيرهما ودورانهما على الأرض ولو
كانت الأرض التي تدور عليهما لم يكن القمر تالياً للشمس بل كان تالياً لها
أحياناً وتالية له أحياناً؛ لأن الشمس أرفع منه، والاستدلال بهذه الآية
يحتاج إلى تأمل .
8- وقال - تعالى-: (وَالشَّمْسُ
تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)
(38) (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ
الْقَدِيمِ) (يّـس:39) (لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ
الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ
يَسْبَحُونَ) (يّـس الآيات:38، 40) .فإضافة الجريان إلى الشمس وجعله
تقديراً من ذي عزة وعلم يدل على أنه جريان حقيقي بتقدير بالغ، بحيث يترتب
عليه اختلاف الليل والنهار والفصول . وتقدير القمر منازل يدل على تنقله
فيها ولو كانت الأرض التي تدور لكان تقدير المنازل لها من القمر لا للقمر .
ونفي إدراك الشمس للقمر وسبق الليل للنهار يدل على حركة اندفاع من الشمس
والقمر والليل والنهار .
9- وقال النبي صلى الله عليه وسلم
لأبي ذر –رضي الله عنه- وقد غربت الشمس: ((أتدري أين تذهب؟)) قال: الله
ورسوله أعلم . قال: ((فإنها تذهب فتسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها،
فيوشك أن تستأذن فلا يؤذن لها فيقال لها: ارجعي من حيث جئت فتطلع من
مغربها)) . أو كما قال صلى الله عليه وسلم . متفق عليه16 . فقوله: ((ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مغربها)) ظاهر جداً في أنها تدور على الأرض وبدورانها يحصل الطلوع والغروب .
10- الأحاديث الكثيرة في إضافة الطلوع والغروب والزوال إلى الشمس فإنها ظاهرة في وقوع ذلك منها لا من الأرض عليها .
ولعل هناك أدلة أخرى لم تحضرني الآن ولكن فيما ذكرت فتح باب وهو كاف فيما أقصد . والله الموفق .
* * *
س17: سئل فضيلة الشيخ: عن الشهادتين؟