أحكام النون الساكنة والتنوين
أخي القارئ قبل أن تعرف أحكام النون الساكنة والتنوين لا بد أن تعرف ما النون الساكنة والتنوين؟
النون الساكنة:
هي التي لا حركة لها, وتكون في الأسماء والأفعال والحروف وتثبت رسمًا
وخطًا ووقفًا ووصلاً. بمعنى أنها النون التي عليها سكون, مثل: إنْسان,
الأنْعام, منْذر وهذا مثالها في الأسماء. وفي الأفعال, مثل: أنْعمت,
تنْصروا الله, تنْحتون. وفي الحروف: منْ, عنْ, إنْ.
وهذه النون كما ترى تكتب وتنطق, وتظهر عند الوقف وعند الوصل.
التنوين: هو نون ساكنة زائدة تلحق آخر الاسم لفظًا وتفارقه خطًا ووقفًا. ويُرمز له في المصحف بـ(فتحتين ـًـ) (كسرتين ـٍـ) (ضمتين ـٌـ).
فهو عبارة
عن نون ساكنة زائدة عن بنية الكلمة, وهذا التنوين لا يكون إلا في الأسماء
فقط؛ لأن الأفعال لا تنون, ولكن ورد في القرآن الكريم فعلان منونان, هما:
(وَلِيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ) سورة يوسف, الآية (32)., (لَنَسْفَعاً
بِالنَّاصِيَةِ) سورة العلق, الآية (15) والصحيح أن هذا التنوين هو نون
التوكيد الخفيفة, وإنما رُسمت بالتنوين لأنها تشبه التنوين من حيث الوقف
عليها.
والتنوين يثبت سماعًا باللفظ ولا يكتب بالخط, ولا يثبت عند الوقف على الكلمة.
أحكام النون الساكنة والتنوين مع الحروف الهجائية أربعة أحكام:
(الإظهار – الإدغام – الإقلاب – الإخفاء).
أولاً: الإظهار الحلقي:
الإظهار: لغةً:
البيان. واصطلاحًا: إخراج كل حرف من مخرجه من غير غنة في الحرف المُظهر.
حروف الإظهار الحلقي ستة حروف, هي حروف الحلق الستة: الهمز, الهاء, العين,
الحاء, الغين, والخاء.
وقد جمعها بعض العلماء في قول: (أخي هاك علمًا حاز غير خاسر).
ومراتب الإظهار الحلقي ثلاثة, هي:
- أقصى الحلق: الهمز والهاء.
- وسط الحلق: العين والحاء.
- أدنى الحلق: الغين والخاء:
وسبب الإظهار: هو بُعد مخرج النون عن حروف الحلق الستة, فالنون من طرف اللسان فيصعب في ذلك الإدغام, فلزم لذلك إظهار النون عند حروف الحلق.
وشرط
الإظهار الحلقي هو أن يقع بعد النون الساكنة حرف من حروف الحلق الستة.
والإظهار الحلقي يكون من كلمة أو كلمتين, وبعد التنوين لا يكون إلا من
كلمتين.
أمثلة الإظهار الحلقي من كلمة ومن كلمتين:
الهمزة: (ينْأون ـ منْ آمن ـ كفوًا أحد)
الهـاء: (منْهاجًا ـ إنْ هو ـ سلامٌ هي)
العـين: (الأنْعام ـ منْ عند ـ أجرًا عظيمًا)
الحـاء: (انْحر ـ فمنْ حاجك ـ غنيًا حميدًا)
الغين: (فسينْغضون ـ منْ غير ـ عفوًا غفورًا)
الخاء: (المنْخنقة ـ إنْ خفتم ـ نخلٍ خاوية)
حقيقة الإظهار أو كيفية الإظهار الحلقي:
هو أن
ينطق القارئ بالنون الساكنة أو التنوين على حدة, ثمَّ ينطق حرف الإظهار
الحلقي من دون توقف على النون أو التنوين. فلا يسكت على النون, ولا يقطعها
عن حرف الإظهار. وإليك الدليل من التحفة:
فالأول الإظهار قبل أحرف للحلق ست رتبت فلتعرف
هـمز فهـاء ثـمَّ عين حـاء مهمـلتـان ثـمَّ غـيـن خــاء
ثانيًا: الإدغام:
الإدغام لغةً: الإدخال, بمعنى: أدغمت الشيء في الشيء أي: أدخلت الشيء في الشيء.
واصطلاحًا:
هو التقاء حرف ساكن بآخر متحرك بحيث يصيران حرفًا واحدًا مشددًا يرتفع
اللسان عنه ارتفاعةً واحدةً, أو هو النطق بالحرفين كالثاني مشددًا.
أمثلة:
حرف ساكن ـ حرف متحرك ـ حرف مشدد
من ـ نَاصرين ـ منَّاصرين
من ـ مَال الله ـ ممَّال الله
منْ ـ وَرق ـ موَّرق
حروف الإدغام مع النون الساكنة:
اعلم أخي القارئ أن حروف الإدغام ستة, مجموعة في كلمة (يرملون), (ي, ر, م, ل, و, ن). لكن هذه الحروف تنقسم إلى قسمين:
أولاً: إدغام بغنة وحروفه أربعة (ينمو)
ثانيًا: إدغام بغير غنة, وحروفه اثنان (ر ـ ل).
أولاً الإدغام بغنة:
لقد علمت- أخي القارئ- أن حروف الإدغام بغنة أربعة, وهي (ينمو).
أما الغنة: فهي صوت رخيم لذيذ مركب في جسم الميم والنون المشددتين, مخرجها الخيشوم, ومقدارها حركتين.
إذن أخي
القارئ إذا جاء أي حرف من حروف الإدغام بغنة بعد النون الساكنة أو التنوين
وجب الإدغام بغنة, بشرط أن يكون من كلمتين, مثال: من يقنت.
أمثلة على الإدغام بغنة:
الياء: (من يؤمن ـ قومٍ يؤمنون) كما ترى- أخي القارئ- أن شرط الإدغام هو أن يكون من كلمتين.
النون: (من نشاء ـ يومئذٍ ناعمة)
الميم: (من مال ـ درجاتٍ مـن)
الواو: (من ورق ـ بناءً وأنـزل)
الإدغام بغنة يسمى إدغامًا ناقصًا وذلك لذهاب الحرف وبقاء الصفة. والحرف هو النون الساكنة أو التنوين, والصفة هي الغنة المصاحبة له.
ولكن ماذا يحدث – أخي القارئ- إذا جاء حرف الإدغام بعد النون الساكنة في كلمة واحدة؟
الإجابة:
هي أننا لا ندغم النون الساكنة في هذا الحرف, ولكن يجب الإظهار المطلق
للنون, وذلك خوفًا من أن تتشابه الكلمة مع المضاعف, فلا يتحقق معنى الكلمة.
وهذا الإظهار لا يوجد إلا في أربعة كلمات في القرآن الكريم (دنْيا ـ
صنْوان ـ قنْوان ـ بنْيان), وهذا يسمى إظهارًا مطلقًا من كلمة واحدة. ويوجد
في القرآن الكريم إظهار مطلق من كلمتين في(يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ)
سورة يس, الآيتان (1, 2).,وأيضًا (نْ * وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُون) سورة
القلم, الآية (1), وهذا على ما يوافق حفص من طريق الشاطبية.
ثانيًا: الإدغام بدون غنة:
اعلم –
أخي القارئ- أن حروف الإدغام بغير غنة هما: (اللام والراء), بمعنى إذا وقع
حرف منهما بعد النون الساكنة أو التنوين وجب الإدغام ويسمى إدغامًا بغير
غنة.
أمثلة على الإدغام بغير غنة:
اللام: (فإنْ لم ـ سلامٌ لك)، لا بد أن يكون من كلمتين.
الراء:
(منْ رزق الله ـ أخذةً رابيةً).ويسمى هذا الإدغام إدغامًا كاملاً؛ لذهاب
الحرف والصفة, ولا بد لك أخي القارئ أن تعرف ما سبب إدغام النون الساكنة في
هذه الحروف الستة, وهو: التقارب, والتماثل, والتجانس مع هذه الحروف, وإليك
أخي القارئ سبب الإدغام:
ـ اليـاء : سبب الإدغام في النون هو التجانس في الانفتاح والجهر.
ـ الـراء : سبب الإدغام في النون هو التقارب في المخرج.
ـ الميم : سبب الإدغام في النون هو التجانس في الغنة والجهر والاستفال.
ـ اللام : سبب الإدغام في النون هو التقارب في المخرج.
ـ الواو: سبب الإدغام في النون هو التجانس في الانفتاح والجهر.
ـ النون: سبب الإدغام في النون هو التماثل.
وإليك الدليل من التحفة:
والثاني إدغام بست أتـت في يرملون عندهم قد ثبتت
لكنها قسمان قسم يدغما فـيـه بغـنة بينـمـو عـلـما
إلا إذا كـان بـغـنة فلا تدغم كدنيا ثمَّ صنوان تـلا
والثاني إدغام بغير غنة في اللام والـراء ثمَّ كـررنه
ثالثًا: الإقلاب:
الإقلاب:
لغةً التحويل.واصطلاحًا هو جعل حرف مكان آخر بمعنى أننا نجعل النون الساكنة
أو التنوين ميمًا مخفاةً لفظًا مرسومةً خطًا مع مراعاة الغنة.
اعلم –
أخي القارئ- أن الإقلاب له حرف واحد لا غير ألا وهو الباء, فإذا وقع الباء
بعد النون الساكنة أو التنوين وجب إقلاب النون الساكنة ميمًا مع الإخفاء,
مثال:
(أنبئهم, منم بعد , سميعُُُ بصير).
ومن هذا تعلم- أخي القارئ أن الإقلاب يأتي من كلمة ومن كلمتين, أو بعد التنوين, ولا يكون إلا من كلمتين.
سؤال: لماذا اختيرت الميم في الإقلاب عن باقي الحروف؟
هذا سببه
أن الميم هو الحرف الوحيد الذي يُشارك النون في صفة الغنة, ويشارك الباء في
المخرج. ولصعوبة إظهار النون عند الباء, وصعوبة إدغام النون في الباء,
فتوصل للنطق بالنون بحكم الإخفاء, فاختيرت الميم لتحل محل النون الساكنة؛
لأنها تجانس الباء في المخرج, وتجانس النون في الصفة وهي الغنة.
وإليك الدليل من التحفة:
والثالث الإقلاب عند الباء ميمًا بغنة مع الإخفاء
رابعًا: الإخفاء الحقيقي:
الإخفاء
لغةً الستر. واصطلاحًا: هو النطق بالحرف بصفة ما بين الإظهار, والإدغام
عارٍ من التشديد, بمعنى أننا نُخفي النون الساكنة أو التنوين عندما يأتي
بعدها حرف من حروف الإخفاء الحقيقي الخمسة عشر, فلا تظهر النون كاملة كما
في الإظهار, ولا تدغم كاملةً كما في الإدغام, ولكن تكون بين بين.
معلومة: سُمي الإخفاء الحقيقي بهذا الاسم؛ لأنه لم يختلف فيه أئمة القراءة, وحققوه جميعًا فسمي حقيقيًا.
حروف الإخفاء الحقيقي: خمسة عشر حرفًا مجموعةً في أوائل كلم هذا البيت:
صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما دم طيبًا زد في تقى ضع ظالمًا
ويأتي الإخفاء الحقيقي من كلمة ومن كلمتين, وبعد التنوين, ولا يكون إلا من كلمتين.
أمثلة:
الصاد
ينصرون, من صلصال, بقرةُ صفراء).
الذال: (منذرين، من ذنوبكم، سراعًا ذلك)
الثاء: (منثورا، من ثمرة، جميعًا ثمَّ)
الظاء
ينظرون، من ظهير، ظلاً ظليلاً)
درجات الإخفاء الحقيقي ومراتبه: ثلاث:
أعلاها:
عند الطاء والدال والتاء, بمعنى أن درجة الإخفاء للنون الساكنة والتنوين
عند هذه الحروف تكون أكبر درجةً, بمعنى أن الجزء الذي يذهب من النون أكبر
من المُتبقي.
أدناها:
عند القاف والكاف, وهو معناه أن درجة إخفاء النون الساكنة والتنوين أقل
درجةً بمعنى أن الجزء المُتبقي من النون الساكنة أكبر من الجزء الذي يذهب
في الإخفاء.
ما تبقى
من حروف الإخفاء الحقيقية مرتبة متوسطة, وهذا معناه أن النون الساكنة
والتنوين تكون في درجة متوسطة, فالذي يذهب منها يساوي المُتبقي. وهذه
المراتب رتبت على حسب قرب مخارج الحروف من مخرج حرف النون.
وإليك الدليل من التحفة:
والـرابع الإخـفاء عـند الـفاضـل مـن الحروف واجب للفاضل
في خمسة من بعـد عشر رمـزهـا في كلم هذا البيت قد ضمنتها
صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما دم طيبًا زد في تقى ضع ظالما
المصادر:
البسيط في علم التجويد ـ بدر حنفي محمود