منتدي المركز الدولى


آداب تلاوة القرآن الكريم  Ououou11

۩۞۩ منتدي المركز الدولى۩۞۩
ترحب بكم
آداب تلاوة القرآن الكريم  1110
آداب تلاوة القرآن الكريم  Emoji-10
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول
ونحيطكم علما ان هذا المنتدى مجانى من أجلك أنت
فلا تتردد وسارع بالتسجيل و الهدف من إنشاء هذا المنتدى هو تبادل الخبرات والمعرفة المختلفة فى مناحى الحياة
أعوذ بالله من علم لاينفع شارك برد
أو أبتسانه ولاتأخذ ولا تعطى
اللهم أجعل هذا العمل فى ميزان حسناتنا
يوم العرض عليك ، لا إله إلا الله محمد رسول الله.
شكرا لكم جميعا آداب تلاوة القرآن الكريم  61s4t410
۩۞۩ ::ادارة
منتدي المركز الدولى ::۩۞۩
منتدي المركز الدولى


آداب تلاوة القرآن الكريم  Ououou11

۩۞۩ منتدي المركز الدولى۩۞۩
ترحب بكم
آداب تلاوة القرآن الكريم  1110
آداب تلاوة القرآن الكريم  Emoji-10
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول
ونحيطكم علما ان هذا المنتدى مجانى من أجلك أنت
فلا تتردد وسارع بالتسجيل و الهدف من إنشاء هذا المنتدى هو تبادل الخبرات والمعرفة المختلفة فى مناحى الحياة
أعوذ بالله من علم لاينفع شارك برد
أو أبتسانه ولاتأخذ ولا تعطى
اللهم أجعل هذا العمل فى ميزان حسناتنا
يوم العرض عليك ، لا إله إلا الله محمد رسول الله.
شكرا لكم جميعا آداب تلاوة القرآن الكريم  61s4t410
۩۞۩ ::ادارة
منتدي المركز الدولى ::۩۞۩
منتدي المركز الدولى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدي المركز الدولى،منتدي مختص بتقديم ونشر كل ما هو جديد وهادف لجميع مستخدمي الإنترنت فى كل مكان
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
Awesome Orange 
Sharp Pointer
منتدى المركز الدولى يرحب بكم أجمل الترحيب و يتمنى لك اسعد الاوقات فى هذا الصرح الثقافى

اللهم يا الله إجعلنا لك كما تريد وكن لنا يا الله فوق ما نريد واعنا يارب العالمين ان نفهم مرادك من كل لحظة مرت علينا أو ستمر علينا يا الله

 

 آداب تلاوة القرآن الكريم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
basant
مراقبة
مراقبة
basant


عدد المساهمات : 20
تاريخ التسجيل : 23/09/2020

آداب تلاوة القرآن الكريم  Empty
مُساهمةموضوع: آداب تلاوة القرآن الكريم    آداب تلاوة القرآن الكريم  Icon_minitime1الثلاثاء 2 يناير - 23:14

آداب تلاوة القرآن الكريم
نجلاء جبروني

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
يقول الله عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 174].

• ويقول تعالى: ﴿ الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾ [إبراهيم: 1].

• ويقول تبارك وتعالى: ﴿ وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [النحل: 89].

القرآن الكريم:
♦ هو كلام رب العالمين المنزَّل بواسطة الرُّوح الأمين على خاتم النبيين، هدى ونورًا، وإعلامًا وتذكيرًا وإنذارًا وتبشيرًا، قرآنًا عربيًّا مُبينًا، يهدي الله لنوره من يشاء.

♦ وفي الحديث عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنها ستكون فتن))، قلت: فما المخرج منها يا رسول الله؟ فقال: ((كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضلَّه الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تختلف به الآراء، ولا تلتبس به الألسن، ولا يخلق[1] عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، ولا يشبع منه العلماء، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم))[2].

ولا شك أن هذا الكتاب هو حبل الله الممدود، الممدود من ربنا إلينا، من تمسَّك به هُدي، ومن اعتصم به فاز، والفوز هو الجنة.
((يجيء القرآن يوم القيامة، فيقول: يا ربِّ حَلِّه، فيلبَس تاجَ الكرامة، ثم يقول: يا ربِّ زِدْهُ، فيلبَس حُلَّةَ الكرامة، ثم يقول: يا ربِّ ارْضَ عنه، فيقال له: اقرأ وارْقَ، وتُزادُ بكُلِّ آيةٍ حَسَنةً))[3].

"والله عز وجل قد أوصانا بكتابه في كتابه، بوصايا كثيرة، فيها: الأمر بتلاوة القرآن وترتيله؛ قال تعالى: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 4]، وقال عز وجل: ﴿ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ﴾ [آل عمران: 113]، وقال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ﴾ [آل عمران: 191]، وقال سبحانه: ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ﴾ [الزمر: 9]".

وهذا الكتاب العزيز تلاوته لها آداب، ومن آداب هذه التلاوة:
أولًا: الآداب الباطنة:
1- الإخلاص لله تعالى:
• فإن قراءة القرآن عبادة، والعبادة مبناها على الإخلاص؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5].

• والأعمال إنما تكون صحيحة مقبولة بحسب نية العامل؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))[4].

فلا يُطلب بالقرآن شرف المنزلة في الدنيا أو يطلب رئاسة أو مال أو وجاهة أو ثناء عند الناس أو صرف وجوه الناس إليه أو غير ذلك من أعرض الدنيا الزائلة.

• وفي حديث الثلاثة الذين تُسعَّر بهم النار يوم القيامة؛ أن منهم ((قارئ للقرآن)) والسبب ولا شكَّ في تسعير النار به يوم القيامة، هو أنه لم يكن من الذين أخلصوا لله سبحانه وتعالى في ذلك؛ ولذلك يقال له يوم القيامة: ((كذبْتَ ولكنك تعلَّمْتَ العلمَ ليُقالَ عالمٌ، وقرأتَ القُرآنَ ليُقال هو قارئ)).

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ أوَّلَ الناس يُقضى يوم القيامة عليه، رجلٌ استُشهِد، فأُتي به فعرَّفَه نِعَمَه فعرَفَها، قال: فما عمِلْتَ فيها؟ قال: قاتلتُ فيك حتى استُشهِدتُ، قال: كذَبتَ؛ ولكنك قاتلتَ لأن يُقال: جريءٌ، فقد قيل، ثم أُمِر به فسُحِبَ على وجهه حتى أُلقي في النار، ورجل تعلَّم العلم وعلَّمه وقرأ القرآن، فأُتي به، فعرَّفَه نِعَمَه فعرَفَها، قال: فما عملتَ فيها؟ قال: تعلَّمْتُ العلم وعلَّمْتُه وقرأتُ فيك القرآن، قال: كذَبْتَ؛ ولكنَّكَ تعلَّمْتَ العلمَ ليُقال: عالمٌ، وقرأتَ القُرآنَ ليُقالَ: هو قارئ، فقد قيل، ثم أُمِر به فسُحِب على وجهه حتى أُلقي في النار، ورجل وسَّع اللهُ عليه، وأعطاه من أصناف المال كله، فأُتي به فعرَّفَه نِعَمَه فعرَفها، قال: فما عمِلْتَ فيها؟ قال: ما تركتُ من سبيل تُحِبُّ أن يُنفَق فيها إلا أنفقتُ فيها لك، قال: كذبت؛ ولكنك فعلتَ ليُقال: هو جواد، فقد قيل، ثم أُمِر به فسُحِب على وجهه، ثم أُلقي في النار))[5].

♦ والإخلاص: هو إفراد الله سبحانه وتعالى في الطاعة بالقصد، وهو أن يريد بطاعته التقرُّب إلى الله دون شيء آخر من تصنُّعٍ لمخلوق أو اكتساب محمدة عند الناس أو محبة مدح من الخَلْق أو غير ذلك.

♦ فإن دخل في نفسه شيءٌ من العُجْب أو الرياء أو السُّمعة، فليُبادر إلى التوبة والإنابة، وتصحيح النية بالإخلاص لله تعالى.

2- تعظيم كلام الله تعالى:
ينبغي أن يمتثل التالي والسامع كلمات التنزيل وآياته التي ينطق بها جبريل عليه السلام حين يبلغ رسالة ربِّه إلى أفضل أنبيائه ثم حين يقرؤها بعده رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بلسانه، ثم يُبلِّغها الصحابة، فإن استحضر ذلك خشَع قلبُه وخشعت جوارِحُه، واستولت على حواسِّه مخافة الله وخشيته وجلاله وعظمته.
وإذا استحضر عظمة القرآن، وأنه كلام الله عز وجل، استشعر نعمة الله تعالى وفضله ولُطْفه بخَلْقِه أن يسَّرَ لهم قراءته وفهمه.
قال ابن القيم رحمه الله: "فمن قُرئ عليه القرآنُ فليقدر نفسه كأنما يسمعه من الله يخاطبه به"[6].

3- حضور القلب:
بأن يطرد حديث النفس أثناء تلاوته للقرآن، ويتولَّد من هذا التعظيم، فإن المعظِّم لكلام الله يستبشر به، ويأنس له، ولا يغفل عنه، وعلى القارئ أن يستحضر في ذهنه أنه بين يدي مولاه، ويُناجيه بتلاوة كلامه، ويتقرَّب إليه بقراءة كتابه، فإن ذلك أقرب إلى الخشوع والتدبُّر.

قال ابن القيم رحمه الله في كتاب الفوائد: "قاعدة جليلة: إذا أردت الانتفاع بالقرآن، فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وألقِ سمعَكَ، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه؛ فإنه خاطب منه لك على لسان رسوله؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37]، وقوله: ﴿ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ ﴾ المراد به: القلب الحي الذي يعقل عن الله؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ * لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا ﴾ [يس: 69، 70]؛ أي: حي القلب، وقوله: ﴿ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ ﴾؛ أي: وجه سمعه، وأصغى حاسَّة سمعه إلى ما يُقال له، وهذا شرط التأثُّر بالكلام، وقوله: ﴿ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾؛ أي: شاهد القلب، حاضر غير غائب؛ قال ابن قتيبة: استمع كتاب الله وهو شاهد القلب والفهم ليس بغافل ولا ساهٍ، وهو إشارة إلى المانع من حصول التأثير، وهو سهو القلب وغيبته عن تعقُّل ما يُقال له، والنظر فيه وتأمُّله.

4- تدبُّر الآيات:
بأن يتدبَّر ما يقرأ ويتفهَّم معانيه؛ إذ لا خير في قراءة لا تدبُّر فيها، فيحاول استيعاب المعاني وفهمها؛ لأنها أوامر رب العالمين التي يجب أن ينشط العبد لتنفيذها بعد فهمِها وتدبُّرها.

وليعلم القارئ بأن الله تعالى يُخاطبه بهذا القرآن، فكل خطاب في القرآن موجَّه إليه شخصيًّا، فعليه أن يقرؤه كما يقرأ العبد كتابًا خصَّه به مولاه؛ يأمره فيه وينهاه، وعليه أن يُشغِل قلبه في معنى ما يقرأ ويتأمَّل الأمر والنهي، ويعرض عمله على الآيات التي يقرؤها، فإن كان هناك شيء من التقصير أقبل على ربِّه، واستغفر من ذنبه، واجتهد في الطاعات وبعد عن المعصية.

والتدبُّر هو المقصود الأعظم من القراءة؛ قال تعالى: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29].
قال تعالى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24].
قال القرطبي: "دلَّت هذه الآية على وجوب التدبُّر في القرآن ليعرف معناه"؛ ا هـ.
قال ترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما: "لأن أقرأ سورة وأرتِّلها، وأتدبَّرها أحَبُّ إليَّ من أن أقرأ القرآن كله".
• قال ابن القيم: "من الأسباب الجالبة لمحبة الله تعالى (قراءة القرآن بخشوع وتدبُّر وتفهُّم)".

• قال الحسن بن علي رضي الله عنه: "أن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبَّرونها بالليل وينفذونها في النهار".

5- التفاعل مع الآيات:
بأن يتفاعل مع كل آية بما يليق بها فيتأمل في معاني أسماء الله وصفاته ويتأمل في أفعاله تبارك وتعالى ليستدلَّ على عظمته سبحانه.
ويتأمَّل قصص الأنبياء، وكيف كذبوا وأُوذُوا، وكيف كانت عاقبة المتقين، ويعتبر من أحوال المكذبين للرسل، وكيف أهلكهم الله، وأن كل من عصى الله، وكذَّب الرسل، فهو معرَّض للهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة.

ثانيًا: الآداب الظاهرة:
1) أن يكون على طهارة كاملة في البدن والثوب والمكان، فلا يقرأ في الأماكن المستقذرة؛ تعظيمًا للقرآن، ولا يجوز له أن يقرأ في بيت الخلاء ونحوه؛ لأن ذلك لا يليق بالقرآن الكريم.

2) أن ينظف فمه بالسواك تكريمًا للقرآن وتعظيمًا، وإذا كان قد أكل ثومًا أو بصلًا قبل القراءة، فينبغي أن يُزيلَ رائحته، ولا يقرأ إلا إذا زالت الرائحة بالكلية؛ قال قتادة: ما أكلتُ الثومَ منذ قرأتُ القرآن.

3) يُستحبُّ للقارئ في غير الصلاة أن يستقبل القبلة، ويجلس متخشِّعًا بسكينة ووقار كجلوسه بين يدي مُعلِّمه، فهذا هو الأكمل ولو قرأ قائمًا أو مضطجعًا أو في فراشه أو غير ذلك جاز؛ لقوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 191].

• وثبت في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتَّكئ في حجري وأنا حائض، فيقرأ القرآن[7].

• وعن عائشة رضي الله عنها قالت: إني لأقرأ حزبي وأنا مضطجعة على السرير.

4) أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم عند إرادة القراءة؛ لقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [النحل: 98]، أما البسملة، فإذا ابتدأ قراءته من أول السورة وجب الإتيان بالبسملة، إلا في سورة التوبة فإنه ليس في أولها بسملة، وأما إذا ابتدأ من وسط السورة، فإنه يُخيَّر بين الإتيان بالبسملة وتركها.

5) يُستحبُّ للقارئ أن يُردِّد ما يشاء من الآيات بقصد التأمُّل في معناها، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية ردَّدَها حتى أصبح وهي: ﴿ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: 118].

• وعن تميم الداري رضي الله عنه: ﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [الجاثية: 21].

• وعن عباد بن حمزة قال: "دخلت على أسماء رضي الله عنها وهي تقرأ: ﴿ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ﴾ [الطور: 27]، فوقفت عندها، فجعلت تعيدها وتدعو، فطال عليَّ ذلك، فذهبتُ إلى السوق فقضيت حاجتي، ثم رجعت وهي تعيدها وتدعو"[8].

• وعن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه أخذ يُكرِّر هذه الآية في الصلاة بضعًا وعشرين مرة وهي: ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].

• وروي ترديد الآيات عن كثير من السلف.

6) البكاء عند قراءة القرآن؛ قال تعالى: ﴿ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ﴾ [الإسراء: 109].
• عن عبدالله بن الشخير رضي الله عنه قال: "أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء"[9].

• والأزيز: الصوت.
المرجل: القدر.

• وفي الصحيحين عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "قال لي النبي صلى الله عليه و سلم: ((اقرأ عليَّ))، قلت: يا رسول الله، أقرأ عليك، وعليك أنزل؟ قال: ((نعم))، فقرأتُ سورة النساء، حتى أتيتُ إلى هذه الآية: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 41]، قال: ((حسبك الآن))، فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان"[10].

• وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلًا رقيق القلب، إذا قرأ القرآن لا يملك عينيه من البكاء.

• وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه صلَّى بالجماعة الصبح، فقرأ سورة يوسف فبكى حتى سالت دموعُه على ترقوته، وفي رواية: بكى حتى سمِعُوا بكاءه من وراء الصفوف.

• قرأ عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ﴾ [المطففين: 1]، فلما أتى على قوله: ﴿ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [المطففين: 6] بكى حتى انقطع عن قراءة ما بعدها.

• قال الغزالي رحمه الله: البكاء مستحبٌّ مع القراءة، والطريق في تحصيله أن يحضر قلبه الحزن؛ بأن يتأمَّل ما في القرآن من الوعيد والتهديد، والمواثيق والعهود، ثم يتأمَّل تقصيره في ذلك، فإن لم يحضره حزن وبكاء كما يحضر الخواص، فليبْكِ على فقد ذلك منه، فإنه من أعظم المصائب[11].

7) ويُستحبُّ إذا مرَّ بآية وَعْد ورحمة أن يسأل الله تعالى من فضله، وإذا مرَّ بآية وعيد وعذاب أن يستعيذ بالله تعالى من الشر أو من العذاب بأن يقول مثلًا: (اللهم أني أسألك العافية)، وإذا مَرَّ بآية تنزيه لله سبحانه نزَّه وسبَّح بأن يقول مثلًا: (سبحان الله وتعالى) أو (تبارك وتعالى)، وإذا مرَّ بآية فيها ذكر للرسول صلى الله عليه وسلم، صلَّى عليه، وإذا مرَّ بآية سجدة سجد ثم استأنف قراءته.

• عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: " صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلةً فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، فمضى، فقلت: يركع عند المائتين، فمضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها بقراءة مترسلًا، إذا مرَّ بآية فيها تسبيح سبَّح، وإذا مرَّ بسؤال سأل، وإذا مرَّ بتعوُّذ تعوَّذَ [12]".

♦ صفة سجود التلاوة: يكبر للسجود، ويسجد على هيئة السجود المعروفة، ويقول في سجوده: ((سبحان ربي الأعلى))، ويدعو ويُستحبُّ أن يقول: ((اللهُمَّ اكتُب لي بها عندك أجرًا، واجعلها لي عندك ذُخْرًا، وضَعْ عنِّي بها وِزْرًا، واقبلها منِّي كما قبلتها من عبدك داود))، ثم يرفع من السجود دون تكبير ولا سلام؛ لأنه لم يرِدْ عن النبي صلى الله عليه وسلم إلَّا أن يكون السجود في أثناء الصلاة، فإنه يُكبِّر إذا سجدوا، وإذا قام؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يُكبِّر في الصلاة كلما خفض ورفع، ويُحدِّث أن النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك[13].

Cool أن يتجنَّب في حال القراءة كل ما يخلُّ بالمقصود من تلاوة القرآن من الضحك واللهو والعبث بالأيدي ومدِّ النظر إلى ما يُلهي ويُبدِّد الفكر أثناء التلاوة، ومن الكلام لغير الحاجة، وقطع التلاوة بالحديث مع الناس إلا ما كان له حاجة كردِّ السلام، وتشميت العاطس، وإجابة المؤذِّن.

9) الإمساك عن القراءة عند التثاؤب؛ لأنه مخاطب ربه، ومناجٍ له، والتثاؤب من الشيطان.
• قال مجاهد: إذا تثاءبت وأنت تقرأ، فأمسك عند القراءة إجلالًا للقرآن حتى يذهب تثاؤبك.

10) تحسين الصوت بالقرآن:
• وهو أمر مستحبٌّ؛ لكونه أوْقَعَ في القلوب وأشدَّ تأثيرًا وأرقَّ للسامعين، قال صلى الله عليه وسلم: ((زيِّنُوا القرآن بأصواتكم))[14]، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنَّى بالقرآن يجهر به".

• ولما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أبا موسى الأشعري رضي الله عنه أنه استمع له وهو يقرأ، قال له أبو موسى: "أما لو أني علمت بمكانك لحبرته لك تحبيرًا"؛ أي: لزيَّنتُه وحسَّنتُه لكَ تحسينًا أكثر وأعجب.

• حتى قال جَمْعٌ من الصحابة والتابعين والأئمة: إذا لم يكن القارئ حسن الصوت بطبعه، فليُحسِّنه ما استطاع.

• وتحسين الصوت عند تلاوة القرآن يكون بحسب طبعه وما جُبِل عليه؛ لا باتِّباع الأنغام الموسيقية التي تُعرَف (بالمقامات).

• فقراءة القرآن الكريم بالألحان والأنغام الموسيقية والمقامات المستمدة من علم الموسيقى أمر محرَّم وبدعة، لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه رضي الله عنهم، ولا نزل بها جبريل عليه السلام.

• قال القرطبي رحمه الله: "قال علماؤنا: إن قراءة القرآن بلغَتْنا متواترة عن كافة المشايخ جيلًا فجيلًا إلى العصر الكريم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس فيها تلحين ولا تطريب، ثم إن في الترجيع والتطريب همز ما ليس بمهموز، ومدَّ ما ليس بممدود، فترجع الألف الواحدة ألفات والواو الواحدة واوات؛ فيؤدي ذلك إلى زيادة في القرآن، وذلك ممنوع" ا هـ[15].

• قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه الاستقامة (1 / 246): "ولا يسوغ أن يقرأ القرآن بألحان الغناء، ولا أن يُقرَن به من الألحان ما يُقرَن بالغناء من الآلات وغيرها"؛ ا هـ.

• قال الشيخ حسنين مخلوف[16](مفتي الديار المصرية سابقًا) في كتابه "القرآن الكريم: آداب تلاوته، وسماعه"، ص (3637): "وتحسين الصوت بالقراءة إنما يُستحَبُّ ويُمدَح إذا كان في نطاق الحدود المرسومة في علم التجويد كما قدَّمنا، أما إذا خرج التحسين بالتلاوة عن الحَدِّ المقرَّر إلى حدِّ التمطيط والغناء الموسيقي، فهو مذموم مُحرَّم شرعًا، يأثَم فاعلُه ويُعزَّر"[17].

• بل من أئمة السلف من تشدَّد، فمنع تحسين الصوت؛ خشية أن يبلغ هذا الحدَّ المحرَّم، ومن أباح منهم تحسين الصوت بها إنما أباحه بشرط ألَّا يبلغ هذا الحد، فكان ذلك إجماعًا على حُرْمة التطريب الفاحش في القراءة الذي يجعلها كالأغاني المعروفة، وهو المراد بالقراءة بالألحان والتطريب عند الإطلاق؛ ا هـ.

• قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري[18]رحمه الله في شرحه على (المقدمة الجزرية في علم التجويد (ص64) عند قول الناظم:
مكمِّلًا من غير ما تكلُّف *** باللطف في النطق بلا تعسُّف

وفي الموطأ والنسائي عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اقرؤوا القرآن بلحون العرب، وإياكم ولحون أهل الفسق والكبائر، فإنه سيجيء من بعدي قومٌ يرجعون القرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب من يعجبهم شأنهم)).

والمراد بلحون العرب: القراءة بالطبع والسليقة كما جُبلوا عليه من غير زيادة ولا نقص.
ولحون أهل الفسق والكبائر: الأنغام المستفادة من علم الموسيقى.

والقوم الذين لا تتجاوز حناجرهم قراءتهم: الذين لا يتدبرون، ولا يعملون به، ومن جملة العمل به: الترتيل والتلاوة حق تلاوته؛ ا هـ.

• فصرت تسمع في بعض الأشرطة المسجَّلة لواحد من هؤلاء المغنِّين بالقرآن قول الله تعالى: ﴿ لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾ [آل عمران: 181] بالتطريب والتنغيم فيُجيبه السامعون حوله من العوام: الله، الله - ممدودة بها أصواتهم - صلوا على النبي.

• وهذه أعمال قوم هزهم الطرب، ووالله لو تأمَّلوا معنى هذه الآية لأخذهم الوجل، ولاعتراهم الخوف، ولسالت منهم الدموع فرقًا من عذاب الحريق.

• قال العلامة المقرئ عامر السيد عثمان، شيخ القراء وعموم المقارئ في الديار المصرية الأسبق رحمه الله، في كتابه المسمَّى (كيف يتلقَّى القرآن) ص(2930)، تحت عنوان أحكام الترتيل العامة- ما نصه: "حرمة تلحين القرآن كما يفعل الملحِّنُون للقطع الغزلية، وإخضاعه للإيقاعات والأوزان الموسيقية ومختلف الأصوات الغنائية؛ لما في ذلك من الخروج على سنن التلاوة، وصرف الناس عن التدبُّر في آياته، فقراءة القرآن مأثورة وسُنَّة مُتَّبعة، ومن الخطأ الفاحش فيها إخراجها عمَّا رُسِم لها في فن التجويد، وهو مُحرَّمٌ، ومن الإخلال بجلال القرآن وقُدسيته، والذَّهَاب به مذهب الهزل واللهو والمجون، وهل تستوي القراءة مع خشوع القلب وتدبر العقل والإيمان، والقراءة بآهات وتأوُّهات ومُدود وتمطيطات وتلاعُب وخلاعات تتنافى وجلال كلام الله العلي العظيم؟! نعوذ بالله أن نكون من هؤلاء الذين يلحنون ويطربون بقراءتهم للقرآن، يُريدون إخضاع القرآن للأوزان إشباعًا لشهوة أو سعيًا لشهرة أو طمعًا في ثروة"[19]؛ اهـ.

تحقيق الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:
ذكر الإمام ابن القيم[20] في كتابه القيم (زاد المعاد في هدي خير العباد) (1 /492):
♦ أن فريقًا من السلف منع التطريب بالقرآن؛ منهم: أنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، والقاسم بن محمد، والحسن، وابن سيرين، والنخعي، وأحمد بن مالك.
الصفحة

♦ ثم قال بعد أن ذكر أدلة الفريقين: فصل النزاع أن يُقال: التطريب والتغنِّي على وجهين:
أحدهما: ما اقتضته الطبيعة، وسمحت به من غير تكلُّف ولا تمرين ولا تعليم؛ بل إذا خلي وطبعه واسترسلت طبيعته جاءت بذلك التطريب والتلحين فذلك جائز، وإن أعان طبيعته بفضل تزيين وتحسين؛ كما قال أبو موسى الأشعري للنبي صلى الله عليه وسلم: "لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيرًا".

وهذا التحزين والتطريب في القراءة تقبله النفوس وتستحليه؛ لموافقته الطبع وعدم التكلُّف والتصنُّع فيه، فهذا الذي كان السلف يفعلونه ويستمعونه.

وهذا هو التغنِّي الممدوح المحمود، وهو الذي يتأثَّر به التالي والسامع، وعلى هذا الوجه تحمل أدلة أرباب هذا القول كلها.

الوجه الثاني:ما كان من ذلك صناعة من الصنائع وليس في الطبع السماحة به؛ بل لا يحصل إلا بتكلُّف وتصنُّع وتمرُّن كما يتعلم أصوات الغناء بأنواع الألحان البسيطة والمركبة على إيقاعات مخصوصة وأوزان مخترعة.

لا يحصل إلا بالتعلم والتكلف، فهذه هي التي كرهها السلف وعابوها وذمُّوها، ومنعوا القراءة بها، وأنكروا على مَنْ قرأ بها.
وأدلة أرباب هذا القول إنما يتناول من هذا الوجه، وبهذا التفصيل الذي يزول به الاشتباه، ويتبيَّن الصواب من غيره؛ ا هـ.

وخلاصة القول في المسألة:
قراءة القرآن الكريم بالألحان والأنغام الموسيقية بدعة.
1- تحسين الصوت في قراءة القرآن الكريم أمر مطلوب شرعًا على أن يكون التحسين بالقراءة السليقية بلحون العرب لا بألحان العجم.

2- لا يحل قراءة القرآن بالألحان والأنغام الموسيقية؛ لأن فيها تشبُّهًا بفعل الفسقة من أهل الغناء وهو التغنِّي.

♦ وأما حديث ((ليس منا من لم يتغنَّ بالقرآن))[21] فقد حمله العلماء على أحد معنيين:
الأول: يتغنَّى بمعنى يستغني، من تغنيت تغنيًا إذا استغنيت؛ أي: يستغني بالقرآن عمَّا سواه من الكتب والأخبار، وهو قول سفيان بن عيينة وعدد من كبار التابعين.

الثاني: يتغنَّى بمعنى يحسن صوته عند تلاوة القرآن بحسب طبعه وما جبل عليه؛ لا باتِّباع الأنغام الموسيقية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((زيِّنُوا القرآن بأصواتكم)).

كيفية تلاوة القرآن الكريم:
لتلاوة القرآن الكريم كيفية مخصوصة يجب على القارئ شرعًا مراعاتها أثناء تلاوته للقرآن، وهذه الكيفية هي تجويد كلماته وحروفه، وتحسين أدائه بإعطاء كل حرف حقَّه ومُستحقَّه من الإجادة والإتقان والترتيل والإحسان، ولا يكون ذلك إلا بإخراج كل حرف من مخرجه الأصلي المختصِّ به، وتوفية كل حرف صفاته، مع العناية بإبانة الحروف وتمييزها بعضها عن بعض، ومراعاة الأحكام والقواعد التي وضعها أئمة القراءة، مع ملاحظة الجائز والممنوع من الوقوف، فيوقف على ما يصحُّ الوقوف عليه، ويُوصل ما لا يصحُّ الوقوف عليه مع التمهُّل والتدبُّر حال القراءة.

وتلك الكيفية هي التي نزل بها القرآن الكريم، وهي المراد من الترتيل الذي أمر الله به نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: ﴿ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 4].
♦ قال ابن عباس رضي الله عنه: أي بيَّنه تبيينًا.
♦ وقال مجاهد رحمه الله: تأنَّ فيه.
♦ وقال الضحاك رحمه الله: انبذه حرفًا حرفًا، وافصل الحرف من الحرف الذي بعده.
♦ قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: الترتيل: تجويد الحروف ومعرفة الوقوف.
♦ وقال بعضهم: أي تثبت في قراءتك وتمهل فيها.

◊ إذن المراد بالترتيل أن يقرأه على تؤده وتمهُّل مبينًا الحروف والوقوف؛ لأن ذلك أعون على فهمه وتدبُّره، وأقرب إلى الإجلال والتوقير، وأشدُّ تأثيرًا في القلب.

◊ وهكذا كانت قراءته صلى الله عليه وسلم غاية في الترتيل والإتقان، فكانت قراءته قراءة مفسرة حرفًا حرفًا، تستبين فيها الحروف، وتتجلَّى فيها صفاتها، وتعطى فيها حقوقها من غير إسراف ولا تكلف في النطق.

◊ روي عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله يحب أن يُقرأ القرآن كما أُنزل))[22].

◊ وثبت عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها أنها نعتت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مفسرة حرفًا حرفًا"[23].

◊ وكان صلى الله عليه وسلم يقف على رؤوس الآيات.

◊ عن أم سلمة هند بنت أبي أمية رضي الله عنها، وهي تصِفُ قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان يقطع قراءته آيةً آيةً: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2] ثم يقف: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 3] ثم يقف"[24].

◊ عن قتادة بن دعامة رضي الله عنه قال: "سألت أنسًا: كيف كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كان يمدُّ صوتَه مدًّا"[25].

◊ قال السندي في شرح سنن النسائي: أي: يطيل الحروف الصالحة للإطالة، يستعين بها على التدبُّر والتذكُّر، وتذكير من يتذكر؛ ا هـ.

◊ وقد تلقى الصحابة عنه صلى الله عليه وسلم القرآن والتلاوة، ونقلوها إلى من بعدهم كما سمِعوها من فمِه الشريف.

◊ قال ابن مسعود رضي الله عنه: لا تنثروه نثر الدقل[26]، ولا تهذوه[27] هذًّا كهذِّ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة.

◊ قال الإمام الغزالي رحمه الله: كانوا يتلونه حق تلاوته، تلاوة يشترك فيها اللسان والعقل والقلب.
• فحظ اللسان: تصحيح الحروف بالترتيل.
• وحظ العقل: تدبر المعاني.
• وحظ القلب: الاتعاظ والتأثر بالانزجار والائتمار.
• فاللسان يرتل، والعقل يترجم، والقلب يتَّعظ.

◊ فأين هذا مما الناس عليه اليوم في تلاوة كتاب رب العالمين وسماعه؟!!

تنبيهات عامة وفتاوى متعلقة بتعظيم كلام الله عز وجل:
إن تعظيم كتاب الله تعالى، لهو من تعظيم الله عز وجل، ومن ذلك:
1- تعاهده: بالحفظ والتلاوة، والفهم والعمل.
2- إكرام أهله وحملته، وقرَّائه وحفظته.
3- يجب أن نصونه عن النجاسات، والقاذورات.
4- لا يجوز مسُّ المصحف الشريف إلَّا على طهارة من: الجنابة، والحيض، والنفاس.
5- لا يجوز أن ندخل به الخلاء، ولا أن نتوسَّده.
6- لا يجوز: الضحك، واللغط، والحديث أثناء استماع القرآن الكريم.
7- لا يجوز أن يُعطي للأطفال الصغار (غير المميزين)؛ صيانة لحرمته.
8- لا يجوز أن يسافر بالمصحف الشريف إلى أرض العدُوِّ (إن خيف وقوعه في أيديهم؛ لئلا يتمكنوا من إهانته!!
9- لا يجوز: بيعه أو إهداؤه أو إعارته لغير المسلم، ولو كان هذا المصحف أثريًّا، وتزداد الحُرْمة شدَّةً عندما يكون هذا الكافر: حاقدًا، متعصِّبًا لباطله، ولا يتورَّع عن مهاجمة: الإسلام، والقرآن، ورسولنا عليه الصلاة والسلام.
10- لا ينبغي أن تمد الأقدام باتجاهه مطلقًا فاحذروا.
11- لا ينبغي أن يكون أدنى من الرجلين عند القراءة مطلقًا؛ بل يحمل باليدين، أو يُوضع على كرسي خاص.
12- لا ينبغي أن تُوضَع فوقه كتب أو أي شيء آخر مطلقًا[28].

ومن الفتاوى المتعلقة بهذا الأمر:
1- حكم وضع المصحف على الأرض:
السؤال: ما حكم وضع المصحف على الأرض الطاهرة أو السجادة؟
الأَوْلى أن يُوضَع على مكان مرتفع حتى يتحقق رفعه حسًّا ومعنى؛ قال الله تعالى: ﴿ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ ﴾ [عبس: 14]، فإذا احتجت إلى وضعه، فضعه على مكان مرتفع ولو قليلًا، فإذا لم يتيسَّر جاز وَضْعُه على الأرض على فراش طاهر ونحوه، وأن يُنزَّه المصحف بأن يُوضَع على مكان منخفض أو على مكان متنجِّس أو على التراب لما فيه من الاحتقار له، وإذا احتيج إلى وضعه على فراش طاهر، فلا بأس بذلك مع الحرص على رفعه حسًّا ومعنى[29].
2- جعل القرآن بدلًا من الكلام العادي[30]:
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أن بعض الناس يستشهد ببعض الآيات والأحاديث في أمورهم الدنيوية مثل ﴿ اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ ﴾ [يوسف: 42]، ﴿ وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا ﴾ [مريم: 4]، نرجو الفتوى في مثل هذه الأمور؟
فأجاب رحمه الله تعالى: يجوز للإنسان أن يستشهد بالقرآن على الحادثة؛ لا أن يجعل القرآن بدلًا من الكلام، فمثلًا إذا قام يُلاعب أولاده أو صار يتاجر في ماله فقال: ﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾ [التغابن: 15]، فلا بأس بذلك؛ لأنه يستشهد بالآية على ما نزلت فيه، وأما إذا جعلها بدلًا من الكلام بحيث يُعبِّر بالقرآن عن المعنى الذي يريده فإن هذا لا يجوز كهذا الرجل الذي قال: ﴿ اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ ﴾ [يوسف: 42]؛ فإن الآية لم تنزل بهذا، ولا يحل له أن يجعلها بدلًا عن كلامه؛ بل يقول له: اذكرني عند فلان، أو نَبِّه على فلان، أو ما أشبه ذلك، فهذا هو التفصيل في هذه المسألة إن جعل القرآن بدلًا عن الكلام يعني أنه نوى شيئًا أن يتكلم فيه، فجعل القرآن بدلًا عنه، فهذا حرام، وأما إن استشهد بالقرآن على حادثة وقعت كما جاء في القرآن، فلا بأس به.
3- حكم تعليق آيات القرآن أمام المحلات التجارية:
السؤال: نرى بعض التُّجَّار وأصحاب الأعمال يستعملون أجزاء غير مكتملة من الآيات، ويضعونها على مداخل الأبواب، مثل أن يكتب صاحب الطعام: ﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إبراهيم: 7]، ويكتب صاحب الشراب: ﴿ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا ﴾ [الإنسان: 21]، ويكتب صاحب المكتبة: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114]، إلى آخر هذه الاستعمالات التي تبدو أحيانًا قد تجاوزت الحد الكثير، نرجو التوجيه؟
الجواب: نعم تعليق هذه الآيات ينقسم إلى قسمين: فتارةً يقصد بها التحرُّز والتحصُّن، مثل الذين يعلقون آية الكرسي أو المعوِّذتين أو نحو ذلك، وهذا لا شك أنه غير مشروع، وأنه أمر لا ينبغي؛ لأنه لم يرد عن السلف الصالح، ولأنه يوجب للإنسان أن يعتمد عليه، ويدع قراءة هذه الآيات التي يكون بها التحصُّن، اعتمادًا على ما علق.
وتارةً يقصد بها التنبيه كما ذكر السائل فيكتب أمام الداخل إلى المكتبة: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114]، وما أشبه ذلك، وهذا قد يقول قائل: إنه غير مشروع؛ لأنه لم يرد عن السلف الصالح ولأنه قد ينتفع به وقد لا ينتفع، وكثيرًا ما يعلق آية من القرآن تنهى عن شيء، وقد يكون الجالسون في هذا المكان يفعلون نفس الشيء الذي نُهي عنه، كما لو كتب في المجلس: ﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ﴾ [الحجرات: 12]، فإن الجالسين هل ينتفعون بما كتب؟ قد ينتفعون، وقد لا ينتفعون، فربما يغتابون الناس وكلام الله عز وجل فوق رؤوسهم، يقول الله فيه: ﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ﴾ [الحجرات: 12]، فلا ينتفعون بهذا المكتوب.

وتارةً يعلق القرآن لكونه مكتوبًا على وجه مطرز، وكأنه نقوش ووَشْم، حتى إن بعضهم يكتبه على هيئة قصر، وعلى هيئة منارة، وما أشبه ذلك، فهذا أشبه ما يكون باللعب بكتاب الله عز وجل، والعلماء رحمهم الله اختلفوا: هل يجوز أن يكتب القرآن بغير الرسم العثماني؛ أي: على حسب القواعد المعروفة أو لا يجوز؟ على ثلاثة أقوال: فمنهم من منعه مطلقًا، ومنهم من أجازه مطلقًا، ومنهم من فصل، وقال: إذا كتبناه لمن يجيد قراءة القرآن بالرسم العثماني فلا بأس، وإذا كتبناه بالرسم العثماني لشخص يخشى أن ينطق بالقرآن على حسب الحروف المكتوبة، فإننا لا نكتبه، مثلًا قوله تعالى: ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ [البقرة: 275]، مكتوبة بالواو، فإذا كتبناها بالواو لشخص لا يعرف النطق بالقرآن ربما يقول: "وحرم الربو"، والصلاة كذلك مكتوبة بالواو، ربما إذا كتبناها بالرسم العثماني بالواو لشخص لا يُحسِن التلاوة لفظًا، ربما يقول: "الصلو"، وهكذا.

المهم أن بعض العلماء فصَّل في هذا المقام، وقال: إن كُتِب لشخص لا يخشى منه تحريف القرآن تبعًا للحروف، فإنه يجب أن يبقى على الرسم العثماني، وإن كُتِب لشخص يُخشى أن يُحرِّف القرآن، بناءً على كتابة الحروف، فإنه يكتب بالقاعدة المعروفة بين الناس، فإذا كان العلماء اختلفوا في الخروج عن الرسم العثماني، فكيف نجوز لشخص أن يكتب كلام الله عز وجل على صفة قصور أو منارات، أو ما أشبه ذلك؟! هذا لا شك في تحريمه، والواجب على مَن عنده شيءٌ مكتوب على هذا الوجه أن يطمسَه، وأن يحوِّله إلى كتابة على حسب الرسم العثماني، هذا إذا قلنا بجواز تعليق الآيات على الجدران.
القسم الرابع: من يُعلِّق آيات لا علاقة لها بالموضوع، وترك تعليق الآيات على الجُدُر أسلم، وأبرأ للذمَّة، وأحوط للإنسان، فهو في غنًى عن تعليق الآيات على الجدر، أما تعليق بعض الحِكَم على الجدران، فهذا لا بأس به ولا حرج فيه.
4- رمي الأشرطة التي فيها تسجيلات القرآن الكريم:
السؤال: هل يجوز رمي الأشرطة التي تحمل تسجيلات لبعض الآيات القرآنية الكريمة وبعض الأحاديث الشريفة في سلة المهملات، وإذا كان ذلك لا يجوز، فماذا يجب أن نفعل بعد تلفها، أفيدونا بذلك؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم هذه الأشرطة التي تتضمَّن شيئًا من الآيات الكريمة أو من الأحاديث النبوية لا يظهر فيها أثر بالنسبة للآيات ولا للأحاديث؛ أي: لا يظهر للآيات ولا للأحاديث صورة بهذا الشريط؛ وإنما هي حبيبات أو نبرات إذا مرت بالبكرات التي في المسجل حصل منها هذا الصوت، فلا يثبت لها أحكام الورق الذي يُكتب فيه شيء من القرآن أو من الأحاديث النبوية، فإذا رماها الإنسان في أي مكان بشرط ألا يقصد إهانتها، فإنه لا حرج عليه في ذلك كما أنه لو دخل فيها مكان قضاء الحاجة، فإنه ليس في ذلك بأس؛ لأن الآيات أو الأحاديث لا تظهر في هذه الأشرطة.
5- جمع الأوراق التي تحمل آيات لحرقها حتى لا تُمتهَن:
السؤال: ما حكم جمع الأوراق المتناثرة من المصاحف والممزَّقة وحرقها حتى لا تتعرَّض للامتهان، وهل الأفضل في ذلك حرقها أم دفنها كما هي؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا أحد من المسلمين يشكُّ أن القرآن الكريم يجب على المسلم احترامه وتعظيمه، ومنع تعرضه للإهانة، وهذه الأوراق الممزَّقة - التي سأل عنها السائل، والتي لا يمكن أن ينتفع بها بقراءة له - فيها طريقتان:
الطريقة الأولى: أن يدفنها في مكان نظيف طاهر، لا يتعرَّض للإهانة في المستقبل حسب ظن الفاعل.

الطريقة الثانية: أن يحرقها، وإحراقها جائزٌ، لا بأس به؛ فإن الصحابة رضي الله عنهم لما وحَّدوا المصاحف على حرف قريش في عهد عثمان رضي الله عنه أحرقوا ما سوى هذا الموحد؛ وهذا دليل على جواز إحراق المصحف الذي لا يمكن الانتفاع به، لكني أرى إن أحرقها أن يدقَّها حتى تتفتَّتْ وتكون رمادًا؛ ذلك لأن المحروق من المطبوع تبقى فيه الحروف ظاهرة بعد إحراقه، ولا تزول إلا بدقِّه حتى يكون كالرماد.

فضيلة الشيخ: أما إذا مزقت؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا مُزِّقت تبقى هذه طريقة ثالثة لكنها صعبة؛ لأن التمزيق لا بد أن يأتي على جميع الكلمات والحروف، وهذه صعبة، إلَّا أن توجد آلة تمزِّق تمزيقًا دقيقًا جدًّا بحيث لا تبقى صورة الحرف، فتكون هذه طريقة ثالثة، وهي جائزة.

6- حكم كتابة الآيات على الجدر:
يقول السائل: ما حكم كتابة القرآن على الجدار أو تعليق آيات من القرآن الكريم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أما تعليق القرآن أو كتابته على الجدران، فليس من هدي السلف رضي الله عنهم، وهذا الذي كتبه يُسأل: لماذا كتبته؟ أتريد أن يقرأ؟ فإن من المعلوم أن الجالس لا يقرؤه إلا على سبيل الفرجة فقط؛ لا يقرؤه تعبُّدًا، وهل هو على سبيل التبرُّك؟ فالتبرُّك على هذا الوجه بدعة، وهل هو على سبيل الحماية على أنه ورد؟ فكذلك أيضًا لم يرد الاحتماء بالقرآن على هذا الوجه، وهل هو على سبيل النصيحة؟ فإن الغالب أن الناس لا يهتمون بذلك، ولنضرب لهذا مثلًا لو كتب آية: ﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ﴾ [الحجرات: 12]، هل الجالس إذا قرأ الآية تهيَّب عن الغيبة ووقف، ثم هل كل مجلس يكون فيه غيبة؟ إذا كان بعض المجالس ليس فيها غيبة، فما الفائدة من كتابة الآية؟ إذا كان أهل المجلس لا يهتمون بالغيبة فإن هذه الآية المكتوبة أو المعلقة لم تنفعهم على كل حال، يكفينا في هذا أن نقول تعليق القرآن الكريم على الجدران أو كتابته على الجدران ليس من هدي السلف الصالح، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها.

7- حكم وضع القرآن الكريم على الأرض حال الصلاة:
السؤال: ما حكم وضع القرآن الكريم على الأرض في حال الصلاة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: مما لا شك فيه أن القرآن كلام الله عز وجل، تكلم به سبحانه وتعالى، ونزل به جبريل الأمين على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه يجب على المسلم احترامه وتعظيمه؛ ولهذا لا يجوز للمسلم أن يمس القرآن إلا وهو طاهر من الحدَثَينِ الأصغر والأكبر، ولا يجوز أن يُوضَع القرآن في مكان يكون فيه إهانة له، وأما وضع القرآن على الأرض أثناء السجود للمصلي، فلا بأس بذلك؛ لأنه ليس فيه إهانة لكنه يجب أن يبعد عما يقرب من القدمين؛ بمعنى: أنه لا ينبغي بل لا يجوز أن يضعه الإنسان عند قدمه وهو قائم مثلًا؛ وإنما يجعله بين يديه أو قدام موضع سجوده، كذلك أيضًا لا يجوز أن يُوضَع بين النعال كما لو كان الناس يضعون نعالهم في مكان فيأتي هذا الإنسان ويضعه بين النعال، فإن هذا لا يجوز؛ لأنه إهانة للقرآن الكريم.

8- كتابة بعض الآيات على شكل رجل يُصلي:
السؤال: هل يجوز كتابة آية كريمة على شكل رجل يُصلي كما يحصل من بعض من يجيدون الخط؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الذي يظهر لي أنه لا يجوز، وأن هذا من التعمُّق والتنطُّع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((هلك المتنطِّعُون))، ثم إن الكتابة العربية بالحروف العربية لا بد أن يحصل فيها تغيير إذا هي عصفت حتى تكون على هيئة مُصلٍّ، ثم إن هيئة المصلي قد يكون فيها أو من جملة الهيئات أن يكون ساجدًا، وحينئذٍ يكون أعلى القرآن أو أعلى الصحيفة وأسفلها مختلفًا، ويكون القرآن مُعبِّرًا عن ساجد، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((ألا إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا))، فكل شيء يوهم أن هذا القرآن في منزلة أسفل، فإنه منهيٌّ عنه، وإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام نهى أن يقرأ الإنسان القرآن راكعًا أو ساجدًا؛ لأن هيئته هيئة ذُلٍّ بالغ، والقرآن ينبغي أن يكون في محل القيام الذي يكون محل انتصاب وارتفاع، فالحاصل أن هذه الكتابة نرى أنها لا تجوز، ثم إن من المغالاة أن يُدعى الناس إلى شريعة الله بمثل هذه الأمور، وبهذه المناسبة أودُّ أن أُنبِّه أيضًا إلى ما يعلق من بعض الآيات في المجالس، فإنه هذا أيضًا من الأمور المبتدعة المحدثة التي وإن كان فاعلوها يقصدون إما التبرُّكَ وإما التذكير، فهذا لا ينبغي؛ لأن التبرُّك على هذا الوجه بالقرآن الكريم لم يرد، وأما التذكير فإنها في الحقيقة لا تذكر في الغالب؛ بل إنك تجد في هذا المجلس الذي علقت فيه هذه الآيات تجد فيه من السباب واللغو والشتم أو من الأفعال المنكرة من شرب دخان أو من استماع إلى ما لا يجوز الاستماع إليه أو ما أشبه ذلك، وهذا لا شكَّ أنه يكون كالاستهزاء بآيات الله تعالى؛ حيث تكون آيات الله تعالى فوق رؤوس الناس الجالسين، وهم ينابذون الله تعالى بالمعاصي وبالسباب والشتم والغيبة ونحو ذلك؛ فلهذا نرى أن للمسلمين غنًى عن هذه الأمور التي تلقيت من غير روية ومن غير تأمُّل، وخير هدي هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسلف هذه الأمة الصالح، والذي أنصح به إخواني المسلمين ألَّا يعلقوا مثل هذه الآيات في بيوتهم؛ لأن فيها من المفاسد ما أشرنا إليه آنفًا، والحمد لله في المصاحف غنًى عن هذا، ومن أراد كلام الله والتمتع بتلاوته أو التدبُّر لآياته وجده مكتوبًا في المصاحف، والله الموفق.

9- حكم استعمال الجرائد سفرة للأكل أو الجلوس عليها:
السؤال: هناك البعض من الناس يستخدمون الجرائد سفرة لأكلهم علمًا أن هذه الجرائد تحتوي على أسماء الله وبعض الأحاديث، أرجو أن تُوضِّحُوا حكم هذا، بارك الله فيكم؟ ما حكم الأكل أو الجلوس على الصحف أو الأوراق التي عليها أسماء الله تعالى أو كلامه أو أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم؟
الجواب: إذا علم أن في هذه الجرائد آيات من القرآن أو أسماء من أسماء الله عز وجل، أو أحاديث من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لا يجوز استخدامها في الأكل أو للجلوس عليها أو ما أشبه ذلك، لما في هذا من ابتذال كلام الله وأسمائه وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وامتهانها، وإنك لتعجب من قوم يستعملون هذا مع أن في الإمكان أن يستعملوا بدل ذلك السفر المعروفة أو الأوراق التي تُباع وتجعل سفرًا، وهي رخيصة قليلة الكلفة؛ ولكن بعض الناس - نسأل الله السلامة - يُزيِّن له سُوء عمله، فيختار هذه الجرائد مع تيسُّر غيرها تيسُّرًا ظاهرًا، ثم يُبتلى بوضعها كما ذكر السائل سفرًا للأكل، وربما يضعها بعض الناس فيجلس عليها أيضًا إذا كانت الأرض تُرابية، وكل هذا من الأمور الذي يجب على المسلم أن يتنبَّه لها، وأن يُعظِّم كلام الله عز وجل وأسماء الله وكلام نبيِّه صلى الله عليه وسلم حتى يكون بذلك مُعظِّمًا للرب عز وجل تمام التعظيم.

10- حكم من يعلق آيات من القرآن الكريم على جدران غرفة النوم وهي منقوشة على قطعة قماش؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
basant
مراقبة
مراقبة
basant


عدد المساهمات : 20
تاريخ التسجيل : 23/09/2020

آداب تلاوة القرآن الكريم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: آداب تلاوة القرآن الكريم    آداب تلاوة القرآن الكريم  Icon_minitime1الثلاثاء 2 يناير - 23:14

السؤال: ما حكم من يعلق آيات من القرآن الكريم على جدران غرفة النوم، وهذه الآيات منقوشة بالخصوص لامعة معمولة باليد على قطعة قماش، أفيدونا جزاكم الله خيرًا؟
الجواب: إذا كان المقصود التذكرة بها والأنس بقراءتها فلا بأس، وإذا كان المقصود تعليقها لدفع الجن، فهذا لا أصل له، وإنما تُعلَّق للذكرى وقراءتها وما فيها من الخير، فلا حرج في ذلك في أصحِّ قول العلماء[31].

اللهم إنا نسألك بكل اسم هو لك سميتَ به نفسَكَ، أو أنزلتَه في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرتَ به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء همومنا وأحزاننا، وذهاب غمومنا وهمومنا، اللهم علِّمنا منه ما جهلنا، وذكِّرنا منه ما نسينا، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يُرضيك عنا، اللهم اجعله حجة لنا لا علينا.
=================
[1] لا يخلق: لا يَبلَى.
[2] درء التعارض؛ لشيخ الإسلام ابن تيمية، (5/268)، [له] طرق.
[3] [رواه الترمذي: 2915، وقال: "حديث حسن صحيح"، وحسَّنه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي: 2915].
[4] صحيح البخاري (1).
[5] صحيح مسلم (1905).
[6] مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، الجزء الأول، موقع المكتبة الإسلامية.
[7] رواه البخاري ومسلم.
[8] صفة الصفوة (2 / 31)؛ لابن الجوزي، والسمط الثمين (ص – 9).
[9] رواه أبو داود، وقال الألباني في التراويح: إسناده صحيح على شرط مسلم.
[10] أخرجه البخاري (5050)، واللفظ له، ومسلم (800).
[11] مع القرآن الكريم؛ محمود خليل الحصري، ط: مكتبة بن تيمية، ص136.
[12] مسلم (772).
[13] مسلم (392).
[14] أخرجه أبو داود والنسائي.
[15] الجامع لأحكام القرآن، الجزء الأول، ص (2930).
[16] البيان لحكم قراءة القرآن بالألحان؛ د/ أيمن رشدي سويد، ط: دار الصحابة، ص38.
[17] التعزير: هو العقوبة التي يُوقِّعُها ولي الأمر على من ارتكب مُحرَّمًا ليس له حَدٌّ مُقرَّر في الشرع.
[18] نفس المصدر السابق، ص(31).
[19] البيان لحكم قراءة القرآن بالألحان د/ أيمن رشدي سويد ط دار الصحابة ص (4041).
[20] المصدر السابق، ص(2627) بتصرف قليل مع إضافة أسماء الصحابة والتابعين والأئمة من كتاب "آداب تلاوته وسماعه"؛ للشيخ حسنين مخلوف بعنوان (تحقيق ابن القيم، ص14).
[21] صحيح البخاري 7527.
[22] أخرجه ابن خزيمة في صحيحه.
[23] قال الترمذي: حديث حسن، ورواه أبو داود والنسائي.
[24] صحيح الجامع 5000.
[25] صحيح النسائي 1013.
[26] نثرَ الشيء؛ أي: رماه مُتفرِّقًا، الدقل: أراد التمر.
[27] الهذ: الإسراع، وكانوا يسرعون في إنشاد الشعر.
[28] تعظيم كتاب الله، موقع "وذكر".
[29] فتاوى الشيخ ابن جبرين - نقلًا عن موقع "نون للقرآن وعلومه".
[30] الفتاوى من 2 – 9، من فتاوى "نور على الدرب"؛ للشيخ: (محمد بن صالح العثيمين) رحمه الله، نقلًا عن موقع "نون للقرآن وعلومه".
[31] فتاوى نور على الدرب الصوتية؛ للشيخ ابن باز رحمه الله.
🔴✍المصدر:
الالوكه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
آداب تلاوة القرآن الكريم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فضل تلاوة القرآن الكريم
»  فوائد تلاوة القرآن الكريم
» مراتب تلاوة القرآن الكريم
» أحكام تلاوة القرآن الكريم مقدمة
» تلاوة القرآن الكريم وأثرها على اطمئنان النفس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي المركز الدولى :: ๑۩۞۩๑ (المنتديات الأسلامية๑۩۞۩๑(Islamic forums :: ๑۩۞۩๑نفحات اسلامية ๑۩۞۩๑Islamic Nfhat-
انتقل الى: