تماسك المصريين كفيل بإفشال مخططات العنف والتخريب
تماسك المصريين كفيل بإفشال مخططات العنف والتخريب
أكد الدكتور مجدى عبدالغفار على الحقائق الآتية:
1- السبيل الراشد لنجاح الثورة المصرية يتوقف على معرفة طبيعة المرحلة التى نعيشها.
2- على الشباب أن يجلسوا خاصة فى هذه المرحلة بين يدى الحكماء والعلماء، وأن ينظروا إلى الاستقامة المأمور بها فى كتاب الله: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (هود:112)، (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ) (هود:112،113).
3- المرحلة التى نعيشها ليست مرحلة تمكين ونصر، فلا نزال فى مرحلة التأسيس والإعداد، وعلى كل فرد أن يبحث عن موقعه بين أصناف الرجال، فأصناف الرجال ثلاثة سابق ولاحق وماحق؛ فالسابق من سبق بفضله واللاحق من لحق بآبائه فى شرفه والماحق هو من محق شرف آبائه، فلينظر لحال نفسه إن لم يكن من الأول فليحرص أن يكون من الثانى وليحذر أن يكون من الصنف الثالث.
4- مصر تحتاج إلى تكاتف جميع أبنائها، المؤيدين والمعارضين، فالمرحلة تحتاج للحوار والتوافق والاحتواء، والأهم هو الدعاء.
5- الانتفاضة الحقيقية هى فى ميادين العمل والاقتصاد، وعلى الشباب أن ينتفض للعمل لا للموت، وعلينا البحث عن أصحاب القيادة والريادة فى كل ميدان من ميادين العمل فإنما يقود الناس البصير والمحسن والمتقن والسبَّاق.
6- علينا تفويت الفرصة على أعداء الأمة فى الداخل والخارج.. ونشر الأمن والأمان فى ربوع مصر لن يكون إلا بأبنائها.
صراع الحق والباطل
وفى كلمته أكد فضيلة الإمام الحقائق الآتية:
* الصراع بين الحق والباطل سنة إلهية منذ أن هبط الإنسان على الأرض وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وأهل الباطل ينشطون إذا تكاسل أهل الحق، ويكون ذلك ابتلاء لهم كما قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ المجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) (محمد:31).
لكن القرآن الكريم طمأننا للنتيجة فقال: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ) (محمد:32).
* إن الله تعالى حدد لنا العدو فى قوله تعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) (المائدة:82)، وقدم الله تعالى اليهود على المشركين لشدة عداوتهم لهذا الدين، بل جعل اليهود "شياطين الإنس" فقال سبحانه عن المنافقين: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) (البقرة:14)، وبذلك صاروا "أساتذة النفاق"، فظاهرة النفاق فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم لم تأت إلا بعد الهجرة إلى المدينة حيث كان يعيش فيها اليهود والمنافقون كما يحدثنا القرآن الكريم عنهم فيقول: (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ المؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) (النساء:139).
والأمة الإسلامية إذا لم تكن على إدراك ووعى بعدوها اللدود فإنها ستقع فى شراكه؛ لأن اليهود يجيدون الحيل والخداع (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) (البقرة:9).
* كل أمة تتخذ هدفًا تجتمع حوله ويكون هذا الهدف هو محاربة "عدوها الأول"، وهذا ما فعلته أمريكا منذ عهود طويلة فهى تتخذ هدفًا لتجمّع الشعب حوله فكانت تعادى الشيوعية وتعتبر الاتحاد السوفييتى عدوها الأول وكانت تطلق عليه "العدو الأحمر" حتى سقط الاتحاد السوفييتى، فوجدت فى الإسلام عدوًا لها وأطلقت عليه مصطلح "الإرهاب" أو (العدو الأخضر).
عدونا الأول
* إن ألد أعدائنا هم اليهود كما أخبر الله عز وجل، وقد نشر مؤخرًا فى جريدة "الأهرام" تحت عنوان "حرب الجيل الرابع" أن الكاتب "ماكس مانوارينج" الخبير بكلية الحرب الأمريكية- وهو يهودى- ذهب فى 13 أغسطس الماضى إلى إسرائيل وألقى فيها محاضرة لخصت كل ما يجرى الآن على أرض مصر حيث قال: "لابد من زعزعة الاستقرار وبث الفوضى وتشتيت قوى الدولة وإنهاكها عبر حوادث مدبرة لها صيت مثل حوادث القطارات وسرقة البنوك أو الفنادق، وإيجاد جماعات مهددة للأمن ويكون هذا هو الهدف الأول.
أما الهدف الثانى فهو الوصول إلى مرحلة الدولة الفاشلة، وأول ملامح هذه الدولة الفاشلة عزل مواقع معينة ذات حساسية سياسية أو اقتصادية يمكن استغلالها دوليا مثل المجرى الملاحى لقناة السويس؛ ثم يأتى الهدف الثالث وهو تفتيت الدولة المصرية إلى خمس دويلات: القاهرة الكبرى، جمهورية القناة، جمهورية النوبة، جمهورية الوجه البحرى، جمهورية الوجه القبلى".
* يجب أن يعلم المصريون جميعا أن إسرائيل هى اليد التى تحاول العبث بأمن مصر بواسطة عملائها، وعملاؤها كما وصفهم القرآن الكريم هم: (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ المؤمِنِينَ) (النساء:139)، ويعترف الكاتب اليهودى "ماكس" أن "تحقيق هذه الأهداف يكون من خلال التمويل، والذى قد يكون تمويلاً إعلاميًا أو معنويا أو ماديًا"؛ كتقديم غطاء سياسى لعمليات إنهاك النظام، وضبط إيقاع مجموعة لا يعرف بعضها بعضًا ولكن بعد إقناعهم بأهداف تكتيكية قريبة النتائج، أما الأهداف طويلة الأمد فلا شك أنها قد تختلف".
قانون الطفل وأعمال البلطجة
* لابد من معرفة الداء لتشخيص الدواء فما تعيشه مصر الآن من فوضى وعنف كانت له إرهاصات منذ سنوات عديدة عندما وقعت مصر على اتفاقيات حقوق الطفل وحقوق المرأة، وكادت مصر تطبق هذه القوانين تطبيقا حرفيا كما حدث فى تونس، ولكن الله حمى مصر من الوقوع فى براثن هذه القوانين، وفى ذلك الوقت لم يكن هناك صوت يحذر وبكلمات واضحة وفى كل وسائل الإعلام غير صوت الجمعية الشرعية التى حذرت من تطبيق هذه القوانين خاصة قانون الطفل الذى رفع سن الطفولة إلى 18 سنة.. وحينها قلنا إن هذا الرفع سيُلحق بمصر دمارًا كاملاً وأنه مضاد ولمصلحة الوطن، وقلنا إن مكمن الخطورة فى ذلك هو تكوين عصابات للأطفال من سن 15 إلى 18 سنة تقتل وتدمر وتكون فى مأمن من العقوبة لأنها وفقا للقانون مكونة من "أطفال" وحدث ما حذرنا منه؛ فكل ما نراه الآن من أعمال عنف وبلطجة فى الشارع المصرى يتراوح سن فاعليه بين 15 و 18 سنة.
* نطالب بإعادة النظر فى قانون الطفل وفقًا لشرع الله، لأن الطفل حين يبلغ الحلم يصبح مسئولاً مسئولية جنائية عن كل ما يفعل، وهذا القانون الظالم يعتبرهم من الأحداث أو من الأطفال وبالتالى لا يحاكمون، ولذا نطالب الدولة بإعادة الأمر إلى مساره الصحيح.
* كما نطالب بمراجعة قانون الأسرة، وحقوق الإنسان وغيرهما من القوانين التى جعلتنا نسير فى طرق خاطئة بعيدة عن منهج الإسلام، وقد أراد الله أن ينقذ مصر بثورة يناير قبل أن تصبح هذه القوانين مطبقة بالفعل فى مصر كما كانت مطبقة فى تونس.
الفهم والوعى والإدراك
* ما يحاك لمصر اليوم من أعدائها بالداخل والخارج يجعلنا على وعى شديد بمعرفة ما يجرى من مؤامرات واضحة، هدفها إحداث تفتيت وتدمير وتخريب يؤدى فى النهاية إلى انهيار اقتصادى يتبعه ثورة جياع، لأن كل ما يُهدم يحتاج إلى إعادة بناء، كما أن إيقاف العمل وكثرة الاعتصامات يؤثران على الناتج القومى، وبالتالى تدخل مصر فى قضية الديون والتى تفتح الباب أمام الخضوع للدول الغربية الدائنة، فالأمر جد خطير ويحتاج إلى وعى بخطورة المرحلة وطبيعتها التى تعيشها مصر الآن.
* نحن مع الإسلام وهذا يجب أن يكون شعارنا، فلا علاقة لنا بمصالح شخصية ولا فئوية ولا حزبية.. ولا يهمنا من يرفع راية الإسلام، إنما المهم أن تُرفع الراية.. والله تعالى يقارن بين موقف المنافقين وموقف المؤمنين فيما يتعلق بالاحتكام للإسلام فقال عن المنافقين: (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَإِن يَكُنْ لَهُمُ الحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِى قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (النور:48-50).
فهذه هى طبيعة المنافقين فهم يقيسون الإسلام بمصلحتهم الخاصة، أما المؤمنون فوصفهم سبحانه بقوله: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ المؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ المفْلِحُونَ) (النور:51).
* وصيتى للشباب: اقرءوا القرآن وكأنه أنزل عليكم. فقد كانت هذه وصية أم المفكر والشاعر الإسلامى محمد إقبال، حيث كانت تقول له: "اقرأ القرآن وكأنه عليك أنزل"، إن القرآن يحتاج لتدبر ما فيه خاصة فى هذه الأيام، لأنه لا شىء يحدث فى الكون إلا ونجد له آية توضح مقصده وأساسه، ولكننا عنه غافلون، ولذلك قال الله تعالى عن القرآن الكريم: (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ) (المائدة:15).
* إذا أراد المجتمع أن يتغير للأفضل فعلى كل إنسان أن يبدأ بذاته ويغير ما بنفسه.. ويعبر القرآن الكريم عن ذلك بقوله سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) (الرعد:11)، وما بنفس الإنسان هى العقيدة والإيمان والثقة بالله والاعتصام بحبله، وكل هذا ينبع من داخل النفس وكل أفعال الإنسان تسير حسب أوامر القلب الذى يقتنع بهذا الإيمان.. فليجدّد كل فرد إيمانه ويعى أعداءه، والإيمان ليس مجرد كلمة تقال بل اعتقاد بالجنان وعمل بالجوارح والأركان.
* من يخرج على شرع الله وأوامره يسلط الله الشيطان عليه، قال النبى صلى الله عليه وسلم: "وإن الشيطان قد يَئِس أن يعبد فى أرضكم هذه ولكنه رضى بالتحريش بينكم". وقال الله تعالى كاشفًا خطط الشيطان: (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِى الأَمْوَالِ وَالأَولادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً) (الإسراء:64)، وكل هذا يحدث فى أيامنا هذه، فالبعض يتصارع من أجل الرئاسة والسلطة والنفوذ وكأنها مأدبة يريد أن يأخذ كل واحد منها شيئًا، هذا رغم صعوبة المسئولية فى هذه الآونة ولكن الشيطان يزين للإنسان سبيل الهلاك كما فعل مع آدم عليه السلام حينما قال له: (هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الخلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى) (طه:120).
فهذه وسيلة الشيطان، يغرى الإنسان بالملك والخلود والسيطرة، ولكن يجب أن يعلم كل فرد يحارب من أجل السلطة والمنافع الشخصية أنه سيخسر الدنيا والآخرة إذا جاء لهذا الحكم عن طريق الفساد وسفك الدماء وتدمير الاقتصاد.
الباطل إلى زوال
وفى كلمته أشار الدكتور زغلول النجار إلى النقاط الآتية:
* مصير الباطل إلى زوال، والحق قائم منذ بدأ الله هذا الكون وحتى قيام الساعة، والحق هو فى الإسلام؛ عقيدة وشريعة، قال سبحانه: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ) (آل عمران:19) وقال أيضا: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى الآخِرَةِ مِن الخَاسِرِينَ) (آل عمران:85)، والإسلام قد كمُل ببعثة النبى صلى الله عليه وسلم وهو دين الله الذى علمه لأبوينا آدم وحواء عليهما السلام لحظة خلقهما.
* يذكرنا النبى صلى الله عليه وسلم أن البشرية عاشت لعشرة أجيال كاملة من هذه الأجيال الطويلة على التوحيد الخالص، لم يستطع الشيطان خلال هذه الفترة أن يخرج فردا واحدا من دائرة التوحيد إلى دائرة الشرك ثم جاء الشيطان ووسوس لقوم نوح فكانت عبادة الأصنام والأوثان وحدث الشرك بالله منذ هذا العهد، فبعث الله سيدنا نوحا ليدعو قومه إلى التوحيد، وظل يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عاما لم يؤمن معه إلا القليل، فدعا نوح على قومه فجاء الطوفان فأغرقهم وخلص الأرض من شرورهم، وقد تم اكتشاف سفينة نوح فى عام 1948م على سفوح جبل اسمه "جودى" كما جاء فى القرآن الكريم: (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِى مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِى وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِىَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجودِىِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (هود:44).
* جاء من نسل نوح عليه السلام قوم عاد وعاشوا على التوحيد ثم جاء الشيطان فأغراهم بالشرك فأشركوا، حتى جاءت الريح التى فيها العذاب الشديد لهم وقضى الله عليهم، ولجأ سيدنا هود ومن معه إلى مكة المكرمة وعاشوا على التوحيد وجاء من نسلهم قوم ثمود الذين عاشوا غرب المدينة المنورة وجاء الشيطان وأغراهم بالشرك فبعث الله لهم سيدنا صالحا عليه السلام يدعوهم إلى التوحيد من جديد ولم يؤمن معه إلا قليل فدعا الله عليهم فجاءت الصيحة والرجفة والصاعقة التى قضت عليهم فى مساكنهم ولجأ سيدنا صالح والذين آمنوا معه إلى مكة المكرمة وجاء من نسلهم قوم ثقيف سكنوا الطائف وحاربوا النبى صلى الله عليه وسلم. وهكذا سار الصراع عبر التاريخ.
* عاشت البشرية عقودًا طويلة من الظلام؛ فاليهود والنصارى كانوا قد ابتدعوا فى الدين، وتقولوا على الله، واتبع أهل العراق وفارس وجنوب آسيا معتقدات لا أصل لها كالبوذية والهندوسية والمانوية والمجوسية، وفقدت الأرض نور السماء فبعث الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ليرد الناس من جديد إلى التوحيد، وجاهد النبى صلى الله عليه وسلم جهادًا كبيرًا حتى استطاع أن يقيم للإسلام دولة أصبحت واحدة من أعظم الحضارات فى تاريخ البشرية؛ فكانت الحضارة الوحيدة التى جمعت بين الدنيا والآخرة بمعادلة واحدة.
العصر الحديث
* ثم انحسر المسلمون وهزموا أمام أعدائهم بسبب انشغالهم بالدنيا واختلافهم فيما بينهم فأسقطت دولة الخلافة الإسلامية سنة 1924م، وفى فترة ضعف الخلافة احتلت غالبية الدول العربية وكان هدف المحتل الرئيسى هو إقصاء الإسلام عن مراكز اتخاذ القرار.
* لم يكن الاحتلال مقصورًا على نهب ثروات هذه البلاد كما يعتقد البعض، بل عمد الاستعمار إلى إبعاد الإسلام عن حياة الناس ورفع مكانه شعارات الديمقراطية والليبرالية والاشتراكية والعلمانية والشيوعية والقومية العربية.. ففى مصر وعلى مدى قرنين من الزمان نجح محمد على هو وذريته من بعده فى تغريب الأمة من خلال تقليد أوروبا بالكامل فى الحياة الثقافية والاجتماعية إلى إقامة القصور الفارهة والسهرات الليلية.
* طرحت الأحزاب الليبرالية واليسارية كبدائل للإسلام وبدأت هذه الحركات من الجامعة الأمريكية فى بيروت على يد مؤسسها ميشيل عفلق وغلاة اليهود والنصارى.. اعتنق الكثير من أبناء الأمة هذه الأفكار التغريبية، ورفعوها شعارا لهم وهم لا يعرفون مضمونها فالعلمانية تعنى اللادينية فهل يقبل المسلم أن يكون بلا دين؟ والليبرالية معناها الحرية بلا قيود أو ضوابط أو أخلاق، والشيوعية حاربت الإسلام، فهل يقبل المسلم أن يرفع هذه الرايات التى غرسها أعداء الإسلام؟
إن قيادات هذه الأحزاب تربَّوا فى الجامعة الأمريكية فى بيروت، وتلقف منهجهم القادة العرب فى سوريا والعراق، ولا يزال أبناء هذه الأمة يرفعون هذه الرايات التى ما أقيمت إلا لمحاربة الإسلام وإقصائه عن مقامات اتخاذ القرار.. ونجح الاستعمار فى تربية جيل من أبناء هذه الأمة قد يكون مصليًا ومزكيًا وحاجًا ومعتمرا ولكنه لا يرغب فى أن يحكمه الإسلام، مع أن الله تعالى يحذرنا من أن يرضى المسلمون بحكم غير حكم الإسلام فقال تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (المائدة:44).
الثورة وأعداء الإسلام
* لقد منّ الله على مصر بثورة مباركة أسفرت عن اختيار برلمان ورئيس شرعى بحرية كاملة وبانتخابات نزيهة شهد لها القاصى والدانى؛ لأن عاطفة شعوبنا عاطفة إسلامية ومن الطبيعى أن أى انتخابات نزيهة ستوصل الإسلام إلى سدة الحكم، ولكن لن يرضى أعداء الأمة - من اليهود والنصارى والغرب وإسرائيل وحتى بعض الدول العربية- أن يحكم الإسلام مصر؛ لذلك نجد أن هناك قوى تحاول إحباط هذه الثورة بشكل أو بآخر. وكل هذه العصابات التى تحاول الوقيعة بين أبناء الشعب المصرى تحركها قوى خارجية ويد غربية وإسرائيلية، وهناك كيانات كثيرة تنفق عليها القوى المعادية لمصر، وهذه الكيانات مختبئة تحت الأرض وتنتهز الفرص لنشر الفوضى والفساد.. وقد اكتشفت الدولة فى بداية الثورة مراكز تنفق عليها دول غربية مثل أمريكا وألمانيا بالتحديد للعبث بأمن مصر واستقرارها.. والمظاهرات التى دارت خلال الشهور القليلة الماضية وسالت فيها دماء لم تكن بعيدة أبدًا عن مثل هذه المخططات.
* الحفاظ على الثورة المباركة يكون من خلال الاعتصام والتوحد كما يأمرنا الله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) (آل عمران:103)، قال الصحابى بشير بن أبى مسعود رضى الله عنه: "عليكم بالجماعة فإن الله لم يكن ليجمع أمة محمد على ضلالة" وقال النبى صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع موصيًا هذه الأمة: "فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا فى بلدكم هذا فى شهركم هذا فإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم"، ويقول الله تعالى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال:46)، ويقول النبى صلى الله عليه وسلم: "من خلع يده من طاعة لقى الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية" رواه مسلم، ويقول صلى الله عليه وسلم أيضًا: "إنا لا نولى هذا الأمر أحدًا سأله أو حرص عليه" متفق عليه.
* واجب كل مسلم أن يدعم الأيدى المتوضئة الطاهرة النظيفة التى تعيد بناء هذه الأمة من جديد بعد أن خربها عملاء الاستعمار، فلقد انهارت مصر كثيرًا فى السنوات الستين الماضية نتيجة الحكم الشمولى الاستبدادى الذى حارب الإسلام حربًا ضارية، وكانت إسرائيل تجد فى (مبارك) كنزا استراتيجيا لها فقد قدم لها على مدى 30 سنة من الخدمات والتسهيلات والدعم السياسى والمادى والمعنوى ما لم تلقه من أى جهة أخرى، وكانت إسرائيل قد تعاقدت مع زوجة المخلوع على أن يقوم الموساد بإعادة كتابة مناهج التعليم ودفع الموساد 300 مليون دولار مقابل هذه العملية، ولنا أن نتخيل لو تركت العملية التعليمية فى أيدى أعداء هذه الأمة، ماذا يمكن أن تكون ثمارها المرة؟ وكيف يكون مستوى الخريجين فى هذا البلد؟
* احذروا من إفشال هذه الثورة ومن الخلايا النائمة التى تخدم أعداء الإسلام، واحذروا الخروج فى المظاهرات التى تعطى غطاءً سياسيًا للعنف والتدمير.. والرئيس الحالى هو أول رئيس منتخب بإرادة شعبية كاملة وبانتخابات نزيهة باعتراف كل مؤسسات العالم، علينا أن ندعمه حتى يحقق لهذا البلد ما نرجوه من رواج سياسى وبناء اقتصادى، خاصة أن مصر ليست فقيرة، فهى بلد حباه الله بخيرات هائلة، فهناك النيل والنفط والثروات المعدنية والمساحات الزراعية الشاسعة، وقناة السويس، والمشاريع الاقتصادية الضخمة التى من الممكن أن تدر علينا خيرًا كثيرًا.. فعلينا أن نسعى لاستقرار الأمور فى مصر، وأن نعود لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى تعود للأمة مكانتها اللائقة بها وسط الأمم.
متابعة: إيمان حسن (محررة باب الأسرة)