ذهاب بعض العوائل لمكة في الإجازة [ عادة أم عبادة ]..؟
كنت في زيارة لمكة شرفها الله في أحد الإجازات الماضية , وفي أثناء جلوسي بعد أداء مناسك العمرة ولعدة أيام , رأيت من بعض من قصد البيت الحرام من قومنا وأهلنا تصرفات وأفعال خاطئة , ومخالفة للمقصود الشرعي من الذهاب لمكة لأداء العمرة والجلوس فيها..
ولم تكن هذه التصرفات غريبة عندي , فقد رأيت وسمعت مثلها في زيارات سابقة , لكن لم أوفق في طرحها , أما هذه المرة فقد عزمت واستعنت بالله على أن أطرحها بين أيديكم , فلعلنا نخرج بنتائج وحلول لما يحدث..
وهذه التصرفات جعلتني أتساءل :
هل ذهاب بعض العوائل لمكة في الإجازة [عادة أم عبادة ]..؟
وقبل عرض ما أردت..أحب أن أنبه إلى ثلاثة أمور:
أولا: لا يخفى أن المقصود الشرعي في الذهاب لمكة هو أداء مناسك العمرة والصلاة في المسجد الحرام , واغتنام شرف المكان , وقد حث الإسلام ورغب في ذلك من خلال آيات وأحاديث صحيحة قد لا يناسب ذكرها الآن وإن كانت النية ذكرها فيما بعد.
ثانيا: هذه التصرفات موجهة للآباء والأمهات..وللراشدين من الأبناء والبنات ممن يساعدون في تربية إخوانهم وأخواتهم المراهقين فينبهون والديهم بما قد يخفى عليهم من هذه التصرفات.
أحبتي..
سأقوم بعرض هذه التصرفات والأفعال الخاطئة على شكل نقاط , ومن لديه زيادة فليتفضل بها مشكورا مأجورا بإذن الله :
· الجهل بأحكام العمرة , فترى الأب أو الأم أو بعض الأبناء أو البنات المتعلمين لا يكلفون أنفسهم ببيان أحكام العمرة, وماذا يفعل من وقع في بعض الأخطاء أثناء تأديته مناسك العمرة , بل في كثير من الأحيان يترك الحبل على الغارب , فيحدث أن بعض أفراد العائلة يقع في أخطاء كبيرة لا يتصور خطورتها..فمثلا بعض البنات لا تعرف ماذا تفعل إذا نزلت عليها الدورة الشهرية أثناء أداء مناسك العمرة , فبعضهن قد تكمل العمرة وتدخل المسجد الحرام وهي على هذه الحالة , ثم ترجع من مكة ولم تخبر أحد من أهلها..!
· عدم الحرص على تطبيق بعض السنن في العمرة وهذا ناتج من الجهل بصفة العمرة.
· كلنا إلا من رحم الله لم يكلف نفسه _ ليس ببيان أحكام العمرة والتي كذلك نغفل عنها وإن كان يوجد من يبينها لأهله _ولكن ببيان آداب المسجد الحرام الجلوس فيه , فمن منا بيّن لأهله عظم حق البيت الحرام..وعظم الأساة فيه , وبيّن لهم معنى قوله تعالى[وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ]
يقول سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله [ ومما يدل على شدة الوعيد في سيئة الحرم، وأن سيئة الحرم عظيمة وشديدة قول الله تعالى: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} فهذا يدل على أن السيئة في الحرم عظيمة وحتى الهمَّ بها فيه هذا الوعيد. وإذا كان من همَّ بالإلحاد في الحرم يكون له عذاب أليم، فكيف بحال من فعل الإلحاد وفعل السيئات والمنكرات في الحرم؟ فإن إثمه يكون أكبر من مجرد الهمَّ، وهذا كله يدلنا على أن السيئة في الحرم لها شأن خطير. وكلمة إلحاد تعم كل ميل إلى باطل سواء كان في العقيدة أو غيرها؛ لأن الله تعالى قال: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} فنكَّر الجميع، فإذا ألحد أي إلحاد – والإلحاد هو الميل عن الحق – فإنه متوعد بهذا الوعيد. وقد يكون الميل عن العقيدة فيكفر فيكون ذنبه أعظم وإلحاده أكبر، وقد يكون الميل إلى سيئة من السيئات كشرب الخمر أو الزنا أو عقوق الوالدين أو أحدها فتكون عقوبته أخف وأقل من عقوبة الكافر. {بظلم} هذا يدل على أنه إذا كان يرجع إلى الظلم فإن الأمر خطير جداً فالظلم يكون في المعاصي، ويكون في التعدي على الناس، ويكون بالشرك بالله، فإذا كان إلحاده بظلم نفسه بالمعاصي أو بالكفر فهذا نوع من الإلحاد، وإذا كان إلحاده بظلم العباد بالقتل أو الضرب أو أخذ الأموال أو السب أو غير ذلك فهذا نوع آخر، وكله يسمى إلحاداً وكله يسمى ظلماً وصاحبه على خطر عظيم. لكن الإلحاد الذي هو الكفر بالله والخروج عن دائرة الإسلام هو أشدها وأعظمها كما قال الله سبحانه: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}، والله أعلم
ويقول رحمه الله في فعل الحسنات والسيئات في مكة [الأدلة الشرعية دلت على أن الحسنات تضاغف في الزمان الفاضل مثل رمضان وعشر ذي الحجة، والمكان الفاضل كالحرمين، فإن الحسنات تضاعف في مكة مضاعفة كبيرة....]ثم قال رحمه الله عن فعل السيئات [...أما السيئات فالذي عليه المحققون من أهل العلم أنها لا تضاعف من جهة العدد، ولكن تضاعف من جهة الكيفية، أما العدد فلا؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقولك: {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا}. فالسيئات لا تضاعف من جهة العدد لا في رمضان ولا في الحرم ولا في غيرهما، بل السيئة بواحدة دائماً وهذا من فضله سبحانه وتعالى وإحسانه. ولكن سيئة الحرم وسيئة رمضان وسيئة عشر ذي الحجة أعظم في الإثم من حيث الكيفية لا من جهة العدد، فسيئة في مكة أعظم وأكبر وأشد إثما من سيئة في جدة والطائف مثلاً،...] إلى أخر كلامه النفيس رحمه الله
· ضياع أوقات كثير ممن يقصد مكة في الزيارات فيما بينهم..فترى بعض العوائل يكثرون من الزيارات فيما بينهم , فهذه زيارة للشقة وشرب القهوة والشاي.!!وأخرى على العشاء..وهكذا.. والعجيب أنهم في ديارهم يذهب الوقت الطويل ولم يرى بعضهم البعض!!
· ما إن تصل العائلة إلى مكة وتستقر في الشقة..إلا ويحدث التفلت العجيب من أفراد العائلة من بنين وبنات..!! ويبدأ مسلسل التسكع بالأسواق والطرقات..
وهنا أتساءل..من خلال أمرين:
الأمر الأول: أتساءل..لماذا وبمجرد الجلوس بمكة لبعض الأيام يحصل التفلت العجيب من الأبناء والبنات رغم أن الوالدين كانوا من المسيطرين على أولادهم والمتابعين لهم قبل ذلك..هل لأن الأبناء والبنات وجدوا أن جلوسهم في مكة فرصة في الدوران والتمشية هنا وهناك , وفعل وشراء ما يحلو لهم ..؟؟
فصار عندهم ما يتعللون به..بحيث لو سُألوا عن سبب غيابهم لقالوا : بأنهم ذاهبون إلى الحرم..أو راجعون منه..!!
الأمر الثاني: هو أن الأمر لم يتوقف على البنين والبنات بل تعدى إلى الأمهات وبعض الزوجات..حيث لا تترك أي محل في طريقها عندما تذهب إلى الحرم أو ترجع منه إلا وتذهب إليه..وإن لم تكن تريد الشراء..وهنا أتساءل كذلك..لماذا هذا الفعل..؟ هل لأنها ترى أن ذلك فرصة قد لا تحصل لها في مكان أخر..؟
· من الأمور المحزنة أنك تجد بعض الآباء أو الأمهات قد جلس في الحرم يتعبد ويصلي أخر الليل أو نائم في الشقة.. وأبنائه قد خرجوا في ذهاب وإياب في الأسواق والطرقات والساحات وفي تجمعات الشباب يفسدون ويشغلون عباد الله وعند أبواب الشقق وحول النوافذ يغازلون الفتيات حتى ساعات متأخرة من الليل..
وبناته كذلك قد خرجن بزينتهن إلى الأسواق وساحات الحرم يتعرضن للشباب ..فيحصل بذلك من المصائب والبلايا ما لا يعلم بمداه إلا الله مما هو نتيجة حتمية لهذا الحال المخزي..فإلى الله المشتكى..وإنا لله وإنا إليه راجعون..ولا أدري ماذا أقول..؟ وماذا عساي أن أبوح..فهل ألقي اللوم على الأبناء والبنات..أم على الأب المسكين..أو على الأم المسكينة..؟؟؟
· الكثير من أفراد العائلة من الأبناء والبنات بل وحتى من بعض الآباء والأمهات يضيعون أوقاتهم في داخل المسجد الحرام فلا يستغلونها بكثرة العبادة من صلاة وطواف وقراءة للقرآن وتسبيح وتهليل وصدقة..فتجدهم يقضون أوقاتهم في داخل المسجد الحرام بالقيل والقال وفي جلسات تضيع فيها أوقات غالية في مثل هذه الأمكنة الشريفة..ولعلك فقط ترى كيف يقضي بعض أصحاب البدع والشركيات من الرافضة وأشباههم أوقاتهم بالصلاة الطويلة والأوراد الكثيرة..لكي تعرف التفريط والكسل الذي يصيبنا في تلك المواطن..وتتعجب من حالهم وحالنا..فالله المستعان..!!
· خروج الأبناء والبنات من الشقة في أي وقت من دون أي حاجة فمجر أنهم يريدون شيئا من بعض المحلات فلهم أن يخرج..وهذا فيه ما فيه من خطر عظيم عليهم حيث السرقات وتعرض الفتيات للمضايقات من بعض أصحاب المحلات أو من بعض الشباب سواء في المحلات أو في بعض الطرقات الضيقة كالتي في الشامية..
· جلوس بعض العوائل في الساحات التابعة للحرم وتناول القهوة والشاي وإكمال السهرة..وهذه ظاهرة يتم فيها تعرض الشباب للفتيات وتبادل البلوتوث وغير ذلك من البلايا والرزايا..وتستمر هذه الجلسة إلى ساعات متأخرة من الليل..!! وهذه الظاهرة لم تحدث إلا في السنوات الأخيرة..
· من الأمور الظاهرة والمحزنة..ازدحام النساء في المحلات أبو ريالين ونحوها من محلات الخردوات..
وكأن مقصدهن من مجيئهن لمكة هو التجول في الأسواق..والإكثار من الشراء..!!
· بعض النساء ومن حبها للخير تذهب لتطوف في أوقات الزحام وقد تصحب معها بناتها وهنا فيه تعريض لنفسها ولبناتها للفتنة حيث مزاحمة الرجال في أمر مسنون..
· خروج النساء لكل صلاة..رغم أن صلاتها في بيتها أفضل لها..
· كم من الفتيات العفيفات..وكم من الشباب المحافظين..كان فسادهم في مكة..!! والسبب أنهم وجدوا ما لم يعدوه..من تفلت..وقلة مراقبة لهم..وتوفر لما يساعدهم على الفساد..ففسدوا وأفسدوا..وإنني أقول هذه الكلمات التي لم أبالغ فيها..وأنا متيقن أن هناك من يستغرب ويتعجب من هذا الكلام.. ويقول: بدل أن يكون ذهابهم إلى مكة سبب في صلاحهم..تأتي وتقول: كانت بداية فسادهم..!!
فيقال..نعم..لأنه كما تخلفت أسباب إصلاحهم وحفظهم..فإنه من الطبيعي أن تحل أسباب الفساد..وخاصة في مكة شرفها الله حيث اجتماع أعظم أسباب الخير وأعظم أسباب الفساد..فالله المستعان..
· قد تكون العائلة محافظة على أبنائها وبناتها ويكون الأب حريص على ذلك وكذلك الأم..ولكن قد يوجد من بعض البنات حب تفلت..ولكن لا يجدن فرصة.. إلا عندما يكن في الحرم..فمثلا بعض الأمهات تذهب هي وبناتها إلى الحرم لصلاة المغرب ولا يخرجون إلا بعد صلاة العشاء..وهنا قد يحدث أمر لا يتفطن له..فتطلب بعض البنات من أمها الذهاب إلى الحمام والمعروف أن الحمامات بجوار المسجد الحرام..وهنا قد تسمح الأم بذهاب البنت لوحدها أو مع بعض أخواتها..وقد يكون الطلب صحيحا وقد يكون حيلة..فتخرج البنت لوحدها أو مع أخواتها وقد تذهب إلى الحمام وقد لا تذهب..لكن يتسنى لها فعل مرادها بأن تتجول في الأسواق..وتذهب هنا وهناك..حتى إذا حققت ما أرادت..رجعت إلى أمها وكأنها لم تفعل شيئا..ولو سألتها أمها عن سبب تأخرها أو تأخرهن..لتعللن بالزحام في الحمامات !!
يتبع