بحث النمو اللغوي عند الأطفالبحث النمو اللغوي عند الأطفالبحث النمو اللغوي عند الأطفالبحث النمو اللغوي عند الأطفالبحث النمو اللغوي عند الأطفالبحث النمو اللغوي عند الأطفالالنمو اللغوي عند الأطفال
لقد اجتهد العديد من العلماء سواء في علم النفس، أو في علم التربية أو في علم الاجتماع أو علم اللغة، في تقديم تعريفات كثيرة للغة. وسنتعرض لبعض هذه التعريفات:
اللغة هي: "نظام من الاستجابات يساعد الفرد على الاتصال بغيره من الأفراد، أي أن اللغة تحقق وظيفة الاتصال بين الأفراد بكافة أبعاد عملية الاتصال وجوانبها" (كرم الدين، 1993، ص226).
وهي: "مجموعة من الرموز تمثل المعاني المختلفة وهي مهارة اختص بها الإنسان، واللغة نوعان: لفظية وغير لفظية، وهي وسيلة الاتصال الاجتماعي والعقلي، وهي إحدى وسائل النمو العقلي والتنشئة الاجتماعية والتوافق الانفعالي وهي مظهر قوي من مظاهر النمو العقلي والحسي والح ركي، وتحتل اللغة جوهر التفاعل الاجتماعي، ويعتبر تحصيل اللغة أكبر إنجاز في إطار النمو العقلي للطفل" (زهران، 1990، ص170).
وهي "عبارة عن أصوات ورموز تجمع في شكل كلمات وجمل توضع في شكل تراكيب لغوية لتعطي معنى" (Norton, 1993, p. 24).
وهي "نظام للأصوات يستخدمه الفرد للاتصال بالآخرين في مجتمعه شفاهياً أو بشكل مكتوب له سياق" (Kroch, 1994, p. 403).
وقد عرفها ديوي (Dewy) على أنها: أداة اتصال وتعبير تحتوي على عدد من الكلمات بينها علاقات تركيبية؛ تساعد على نقل الثقافة والحضارة عبر الأجيال (العتوم، 2004، ص260).
وعرفها آخرون على أنها: "قدرة ذهنية تتكون من مجموع المعارف اللغوية بما فيها المعاني والمفردات والأصوات والقواعد والأصوات والقواعد التي تنظمها جميعاً، وهذه القدرة تكتسب ولا يولد بها، وإنما يولد ولديه استعداد فطري لاكتسابها (المعتوق، 1996، ص33).
أما ستيرنبرغ (Sternberg, 2003) فقد عرفها على أنها: استخدام منظم للكلمات من أجل تحقيق الاتصال بين الناس.
إذن اللغة هي: "مجموعة من الرموز الصوتية المنطوقة والمكتوبة والتي يحكمها نظام معين، والتي لها دلالات محددة، يتعارف عليها أفراد ذوو ثقافة معينة، ويستخدمونها في التعبير من حاجاتهم وحاجات المجتمع الذي يعيشون فيه، ويحققون بها الاتصال فيما بينهم".
خصائص اللغة :
تعددت خصائص اللغة تبعاً للنظريات والتخصصات التي تناولت اللغة. ويمكن ايجاز أهم الخصائص التي أجمع عليها العلماء بالنقاط التالية (العتوم، 2004؛ Sternberg, 2003):
§ اللغة من أهم وسائل الاتصال بين الناس.
§ للغة معان محددة وواضحة في المجتمع الذي يتحدث فيه أفراده بتلك اللغة.
§ اللغة تعبير عن خبرات الإنسان ومعارفه وتجاربه.
§ تتأثر اللغة بعوامل الوراثة وبسلامة أجهزة النطق.
§ اللغة معبّرة عن قوة التماسك بين أفراد الأمة، فهي أحد مقوماتها.
§ تنقسم اللغة إلى نوعين: لغة استقبالية وتتطلب السمع والفهم، وأخرى تعبيرية تتطلب انتاج اللغة المنطوقة والمكتوبة وفق قواعد تركيب اللغة وصياغتها.
§ اللغة قابلة للتغير والتطور؛ بل يشير بعضهم إلى أنها تميل نحو التبسيط مع مرور الزمن.
§ اللغة محكومة بقواعد وقوانين تفرضها قواعد اللغة في المجتمع الذي تنتمي إليه.
§ اللغة وسيلة التواصل بين الأجيال؛ فهي وسيلة لنقل التراث الثقافي والحضاري عبر الزمن.
§ اللغة لها معان رمزية حيث تستطيع وصف أشياء غائبة.
§ تحمل اللغة معان ومعلومات ضمنية عن الزمان والمكان.
§ اللغة تحمل قابلية الإبداع لمستخدميها، كما هو الحال في الكتابات الأدبية والفنية والشعرية.
§ اللغة مركبة؛ لأنها تنطلق من الحرف إلى الكلمة ثم الجملة.
وظيفة اللغة
هناك نظرتان مختلفتان بالنسبة لوظائف اللغة، فالنظرة الأولى تركز على الجانب العقلي من اللغة، وهو التعبير عن الأفكار والعواطف والانفعالات، والثانية تركز على الجانب الاجتماعي منها وهو تصريف شئون المجتمع الإنسانية، ولكن نظرة فاحصة إلى هذين الجانبين ترينا أنهما متكاملان، فكما أن الفرد يستخدم اللغة أحياناً لكي يعبر عن نفسه ومشاعره وأفكاره، فهو يستخدمها في الوقت نفسه بهدف الاتصال بغيره من أفراد مجتمعه، ويعني هذا أن للغة مغزى فردياً ومغزى اجتماعياً، فحين يتحدث الفرد إلى نفسه يتخيل أشخاصاً يخاطبهم ويناقشهم يغلبهم أحياناً ويغلبونه أحياناً أخرى، يسر منهم ويغضب، يقرب منهم وينأى عنهم (يونس، 2001، ص15).
فعن طريق اللغة يستطيع الفرد جمع الأفكار التي نشأت عن موقف تعليمي معين، ليتخذها منطلقاً للبحث عن حل للموقف المشكل الذي يواجهه (إبراهيم، 1995، ص104).
فمن وظائف اللغة أنها وسيلة لتنمية التفكير، فالطفل يدرك الع الم أولاً عن طريق حواسه، لكنه حين يكبر يستخدم اللغة في تجميع هذه المدركات Perceptions - في صورة مجردة وفي صورة فئات أو عناصر أو مفاهيم Concepts، ولا سبيل إلى ذلك إلا باللغة.
كما يرى البعض أن اللغة وظيفة أخرى وهي التعبير، والمراد بالتعبير هنا تخليص الإنسان من انفعالاته عن طريق اللغة، كما يظهر في الإنتاج الأدبي الذي يعبر فيه الأديب عن خلجات نفسه (يونس، 2001).
في ضوء الخصائص السابقة، فإنه يجب توظيف اللغة من خلال مناشط الروضة المتعددة والتي من خلالها يتعلم الطفل ويكتسب المهارات اللغوية اللازمة له، فيجب الاهتمام بالأنشطة التي تساعد على الاستماع والتحدث ثم القراءة والكتابة، فعندما يسمع الطفل أصوات الحروف المختلفة، وكذلك الكلمات الخاصة بالأشياء في محيط اهتماماته أي ربط الشيء المحسوس برمزه أولاً، ثم التدرج للأشياء المجردة وربطها برمزها في ضوء خصائص نمو طفل هذه المرحلة، كما أنه من خلال الأنشطة التمثيلية والدراسية والأنشطة الحركية، والأنشطة الفنية، يكتسب الطفل بعض الأساليب الكلامية كالاستفهام والأمر والنهي وتكوين جملة بسيطة مناسبة لبعض المواقف أو الصور المرسومة. وعندما نقدم للطفل الأنشطة المختلفة فإنه يتفاعل وينفعل فيستمع للقصة ويحاول التعليق عليها ببعض الكلمات، وقد يشير إلى صورة بالحجرة ويحاول قراءة الكلمة التي تحتها، ويمسك بالقلم ويحاول تقليد الاسم المكتوب تحت أي صورة يراها.
الطفل واللغة :
إن النمو اللغوي يسبق النمو القرائي، فالطفل يستطيع أن يصغي إلى اللغة التي يتكلم ب ها من يحيطون به، ويكوّن فكرة عما يقصدونه، وذلك تبعاً للمواقف التي يستمع بها إلى كلمات معينة، سواء قام أحد بتعليمه أم لم يقم، فكما هو معروف تسبق مرحلة الفهم مرحلة الكلام عند الطفل، والكلام مهارة من مهارات اللغة الأساسية يستعمل فيها الإنسان الكلمات للتعبير عن أفكاره، فهو مزيج من التفكير والإدراك والنشاط الحركي. والاستعداد للكلام فطري، أما اللغة فهي مكتسبة، وهي ملكة اختص بها الإنسان وحده دون سائر المخلوقات، إنها أهم وسائل الاتصال الاجتماعي والعقلي، ومظهر من مظاهر النمو العقلي (زهران، 1990).
ولا شك أن رياض الأطفال تعمل جاهدة على تحقيق الاتصال بهذا الطفل فيما بين الرابعة والسادسة من عالمه المحيط به، من خلال الأنشطة الحركية واللعب المتنوع وعن طريق اللغة المحببة إليه وإلى وجدانه. كما أن لها وظيفة جمالية، فالطفل يستمتع بأصوات الكلمات، ويسر من النغمات المصاحبة لاستعماله اللغة، كنشيدة من الأناشيد أو تمثيلية فيها جمل وعبارات يقوم الطفل بتردادها استمتاعاً بها، وصوت المعلمة في حنانه يجذب الطفل، فجمال اللغة بالنسبة للطفل يتجلى في أثناء قراءة المعلمة أمامه ومن أجله قصة، وتقوم المعلمة هنا بدور مهم، ألا وهو ربط الطفل باللغة المسموعة مما يجعله ميالا إليها ومحبا لها، كما أن للغة وظيفة نفسية، فإذا استخدمت اللغة مع الطفل على أنها أداة للتعبير عما يدور في النفس. كان معنى هذا زيادة حصيلته اللغوية التي تمكنه من الانطلاق والحرية في تعبيره، وفي هذا إشباع للطفل، وشعور بالأمن والطمأنينة. كذلك تستخدم اللغة في ضبط مشاعر الأطفال (القضاه والترتوري، 2006؛ كرم الدين، 1993).
اللغة والتفكير
يتفق معظم الناس على أن اللغة والتفكير هما مركز الأنشطة الإنسانية، وهما عنصر أساسي في المعرفة الإنسانية، فالتفكير يوجه نشاطنا في العالم، واللغة توجه تواصلنا مع الآخرين. وقد دارت مناقشات كثيرة حول طبيعة العلاقة بين اللغة والتفكير، فيعتقد بعض السلوكيون أنهما نفس الشيء. بينما يعتقد تشومسكي (Chomsky) والتابعين له بأن اللغة والتفكير شيئين مختلفين. فالتفكير يتحدد باللغة. في حين يعتقد بياجيه (Piaget) أن اللغة هي التي تتحدد بالتفكير. ويشير البع ض إلى أن للغة والتفكير قدرات واضحة مستقلة، في حين يرى البعض الآخر أن اللغة والتفكير أساس واحد لنظام تكاملي، ويرى آخرون بأنهما أنظمة تبادلية (Stevenson, 1993, P. 1-
ويقدم لنا باندورا (Bandura) شرحاً لكيفية العمل ببعض من وجهات النظر هذه مع صغار الأطفال، حيث يذكر في حديثه عن النمو اللغوي أن العديد من أشكال التفكير الإنسانية ترتكز على اللغة، فبعد أن يتمكن الأطفال من تعلم أسماء الأشياء، وكيفية تعبيرهم عن العلاقات بين المفاهيم باستخدام الكلمات، فإن اللغة يمكن أن تؤثر في كيفية إحراز الأطفال للمعلومات وكيفية تركيبهم للأحداث، وعلى ذلك فاللغة لم تعد فقط وسيلة اتصال وإنما أصبحت وسيلة لتشكيل نمط التفكير. إن القواعد التي تتحكم في العلاقات بين الألفاظ والكلمات قد تم تعلمها من خلال المحادثات، بحيث تعرض أحداثاً ملموسة ذات أهمية عالية لدى الأطفال. وبينما هم يتحكمون في كفاءتهم اللغوية، فإن اللغة تصبح أكثر تجريداً وغير معتمدة على ظهور الأحداث الواقعية، وهذا في حد ذاته يؤكد على قوة اللغة باعتبارها أداة للتفكير (Walker. 2001. p. 14).
النظرية المفسرة لاكتساب الطفل اللغة :
إن بعض علماء اللغة يقولون بأن اللغة يتم تعلمها بنفس الطريقة التي نتعلم بها أنواع السلوك الأخرى، وبوجه خاص من خلال التقليد والتعزيز، ويرى بعض علماء النفس الآخرين أن الأفراد يولدون ولديهم آليات لاكتساب اللغة تجعلهم يشقون أبنية قواعدية مختلفة من كلام الكبار. وهذا البناء الموروث يزودنا بالقدرة على فهم وإنتاج جمل لم يتم سماعها من قبل. وتتمثل النظرة الأولى بالمدرسة السلوكية والاجتماعية وروادها سكنر، باندروا. أما النظرة الثانية فتتمثل بالنظرية الفطرية، ومن روادها تشومسكي (Chomsky) (عدس وتوق، 1998).
أما المدرسة المعرفية فإن روادها قد اهتموا بالنمو المعرفي كأساس لجوانب النمو المختلفة الأخرى، ويعتبرون مراحل النمو حلقات تقوم على عدم الاستمرارية، فلكل مرحلة خصائصها وطبيعتها. وتعتبر نظرية بياجية هي الأساس الذي تقوم عليه النظرية المعرفية النمائية، فالنمو المعرفي يقع في مراحل متباينة كماً وكيفاً، وهذه المراحل ترتبط باستعدادات الطفل المتمثلة في العمر الزمني. وطبقاً لبياجية، فإن كلمات الأطفال الأولى هي كلمات تتمركز حول الذات، وتسمى هذه المرحلة بمرحلة ما قبل العمليات، ويتأثر الانتقال من الكلام المتمركز حول الذات، إلى الكلام الجماعي بعاملين: هما الغاء المركزية، والتفاعل مع الأقران، والتفاعل مع البيئة الطبيعية والاجتماعية هام جداً من وجهة نظر بياجية لكل من التنمية العقلية واللغوية (Korch, 1994).
وهناك أربعة عوامل تؤثر في النمو المعرفي عند بياجيه، وهي:
1- الخبرات الطبيعية بالأدوات والأشياء.
2- الخبرات الاجتماعية مع الآخرين (والتي تساعد الطفل للخروج التدريجي من التمركز حول الذات).
3- النضج أو النمو العصبي (وهو الذي يجعل الانتقال سهلا من مرحلة إلى أخرى).
4- التوازن (وهو التوفيق بين عمليتي التمثل والمواءمة والتوفيق بين العوامل الثلاثة السابقة) (بدير، 2000).
وفي ضوء العوامل السابقة، نجد أن للطفل دور فعال في تعلم اللغة، فهو يتعلم المفردات اللغوية والقواعد اللغوية، كي يعبر عن تعلمه نتيجة الاستكشاف النشط الفعال للبيئة، والخبرات المباشرة وغير المباشرة التي يشاهدها الطفل في حياته اليومية، وفي علاقاته مع الآخرين، تجعله يلجأ إلى بعض الإنجازات اللغوية التي تمكنه من التعبير عن هذه الخبرات وعن تفاعله معها.
أما بالنسبة للنظرية الاجتماعية المعرفية ومن روادها فيجوتسكي (Vigotsky)، فلقد أشار إلى العوامل المعرفية والنضج لا تؤثر فقط في اكتساب اللغة؛ ولكن عملية اكتساب اللغة ذاتها يمكن أن تؤثر بدورها في تنمية المهارة المعرفية والاجتماعية، فاللغة بالنسبة له تتحدد من خلال البيئة الاجتماعية واللغوية التي ولد فيها الطفل والنماذج اللغوية المتاحة له (Reutzel, 1992).
من خلال العرض السابق لنظريات اكتساب اللغة، نجد أن هناك اتفاقاً حول أهمية هذه المرحلة العمرية، منذ بداية استعداد الطفل الفطري لاكتساب اللغة حتى إعداد البيئة الاجتماعية والثقافة المحيطة بالطفل، وذلك من خلال النماذج اللغوية المختلفة والتي يتعامل معها الطفل، وكذلك الاهتمام بإعداد بيئة تعليمية غنية بالمواقف والخبرات الطبيعية والاجتماعية، وإتاحة الفرصة للحوار والمناقشة والتعرض للرموز اللغوية ومدلولاتها في ضوء المراحل النمائية لطفل ما قبل المدرسة. وطفل ما قبل المدرسة بحاجة إلى نظرية شاملة تسلم بوجود الاستعداد الفطري لدى الطفل مع وجود العوامل الأخرى المحيطة بالطفل من عوامل بيئية، وعوامل اجتماعية وثقافية وعامل النضج، للوصول إلى أفضل الأساليب لتعلم اللغة واكتسابها.
مراحل تطور اللغة عند الأطفال
تتطور لغة الأطفال بشكل سريع خلال السنوات الأولى من أعمارهم؛ حيث يتقن الأطفال الكثير من المهارات اللغوية مع بلوغهم عمر (5-6 سنوات). والتطور اللغوي عند الطفل ينطوي على مهارتي الاستقبال (الفهم)، والتعبير (الإنتاج). علماً بأن مهارة الاستقبال تنضج قبل مهارة التعبير. وتتسم سرعة التطور اللغوي عند الأطفال بالتباين الشديد من طفل إلى آخر، فكثيراً ما يصل بعض الأطفال إلى عمر الثلاث سنوات ولا يزالون لا يتقنون سوى بضعة كلمات محدودة، بينما تجد أن ابن السنتين أو أقل بقليل يتحدثون بجمل واضحة ومفهومة إلى حد جيد. ويمكن تفسير هذا التباين من خلال العوامل المؤثرة في التطور اللغوي، وبال تحديد العوامل البيئية، والعوامل الذاتية الخاصة بالطفل كالذكاء وسلامة أجهزة النطق.. وغيرها (العتوم، 2004).
ويمكن تقسيم مراحل تطور اللغة عن الطفل إلى مرحلتين هما: مرحلة ما قبل اللغة، والمرحلة اللغوية، وذلك على النحو التالي (العتوم، 2004، عدس وتوق، 1998):
أولاً- مرحلة ما قبل اللغة Pre-linguistics Stage:
وتشمل السنة الأولى من العمر، ويمكن تقسيمها إلى ثلاثة أشكال:
البكاء والصراخ Crying:
يمارس الطفل منذ ولادته إصدار الصراخ والبكاء؛ حيث تعد الوسيلة الاتصالية الوحيدة غير المتعلمة التي يستطيع الرضيع ممارستها، ثم ما يلبث الصراخ أن يصبح وسيلة للرضيع لكي يعبر عن عدم ارتياحه أو سوء تكيفه فيصبح هناك صراخ للجوع وآخر للألم.. وهكذا.
السجع Cooing:
ويمارس الأطفال هذه المهارة في عمر (3-5) أشهر، حيث يعد السجع نطقاً لمقاطع صوتية (الفونيمات) لا تصل إلى مستوى الكلمة، وهي ليست ذات معنى؛ مثل: (دو، مو، كا، وو...). وهذه المقاطع الصوتية تؤدي وظائف اتصالية ترتبط بحالة الرضا والحلات الوجدانية للطفل.
المناغاة.. هي أصوات عالمية غير متعلمة ولا تعتبر لغة للطفل
المناغاة Babbling:
ويمارس الرضيع هذه المهارة في فترة (6-12) شهراً، وهي أصوات أكثر تعقيداً من السجع، ولكنها لا تشكل كلمات ذات معنى؛ بل هي أقرب إلى تركيب مقطعين صوتيين معاً مثل: (إغغ، مومو، دودو، كوكو....) لذلك يلاحظ على الصمّ إصدار أصوات مشابهة لها. والسجع والمناغاة هي سلوكيات عالمية غير متعلمة، لا علاقة لها بنوع الثقافة أو بنوع اللغة، ولكن عادة ما يفهمها الناس بطرق مختلفة فيعملون على تعزيزها والاهتمام بها وإظهار علا مات السرور والاستحسان لها، مما يساعد على تحريفها لتصبح كلمات ذات معنى مع نهاية السنة الأولى وبداية السنة الثانية.
ثانياً- المرحلة اللغوية Linguistics Stage:
وتبدأ هذه المرحلة مع دخول الطفل سنته الثانية، حيث يبدأ الطفل باستبدال مقاطع السجع والمناغاة بكلمات لها معان واضحة. ويمكن أن تشمل تعلم المهارات اللغوية التالية:
مرحلة الكلمة Word Stage:
يتعلم الطفل كلماته الأولى في مرحلة (8-18) شهراً من خلال تجميع صوتين أحدهما ساكن والآخر متحرك. وعادة ما ترتبط هذه الكلمات مع حاجات الطفل الأساسية كحاجات الطعام والشراب ومنادا ة الأم والأب والإخوان وغيرهم من الناس المقربين إلى الطفل مثل: (ماما، بابا، تيتا، عمو، حليب، عصير...). وقد أظهرت الدراسات أن كمية الكلام غير الواضح تبدأ بالانحسار تدريجياً مع بداية الشهر التاسع من العمر. وبغض النظر عن اللغة القومية للطفل، فإن الكلمات الأولى تتألف من المقاطع: (ت، ب، ن، م) والتي تصدر عن مقدمة اللسان، وكذلك أحرف العلة (ا، ي، و) التي تصدر عن مؤخرة اللسان. وهذا الامر قد يكون هو السبب وراء تشابه الكلمات: بابا، ماما في كل اللغات. ولهذا السبب يلفظ الأطفال الإنجليز كلمة tut قبل كلمة Cut، والأطفال السويديون يلفظون كلمة tata قبل كلمة kata، والأطفال العرب يلفظون كلمة ماما قبل كلمة جدّي، وهكذا. ومن الشيق جداً أن نعلم بأن الحروف الصامتة التي تصدر عن مؤخرة اللسان ووسطه مثل: (ع، ق، ك، ج..) التي لا يحسن الطفل المبتدئ النطق بها في الأحوال العادية، إلا أنه يحسن النطق بها أثناء اللعب فقط.
ويقدّر عدد الكلمات التي يمكن للطفل استخدامها في مراحله الأولى بـ:
1- نهاية 18 شهراً: حوالي 50 كلمة.
2- نهاية السنة الثانية: حوالي 250 كلمة.
3- نهاية الثالثة حوالي 450 كلمة.
مرحلة الكلمة- الجملة Holophrase Stage:
يستخدم الأطفال في هذه المرحلة (من 18- 24 شهراً) كلمة واحدة لتدل على عدد من الأشياء أو الأحداث أو الظواهر المحيطة به. ومن خصائص هذه المرحلة: ارتباط الكلمة بالأفعال والحركات نتيجة للعلاقة القوية بينهما، فتجد الطفل يستخدم الكلمة مقترنة بفعل أو حركة حدثت أمامه. والكلمة تدلل على معنى جملة مفيدة، حيث يستخدم الطفل كلمة "ماما" ليعني بها: "ماما أعطني العصير" أو "ماما ضربني أخي"، ويستخدم كلمة "بابا" ليعني بها: "بابا انتبه إليّ " أو "بابا أين أنت".. وهكذا، حيث تكون للكلمة عدة وظائف كالإخبار عن شيء ما، أو السؤال عن شيء ما، أو طلب شيء ما.
تطور مهارة القراءة:
معلوم أن القراءة عملية يراد بها إيجاد الصلة بين لغة الكلام والرموز الكتابية. وتتألف لغة الكلام من المعاني والألفاظ التي تؤدي هذه المعاني، وعلى ذلك فالقراءة لها عناصرها الآتية:
1- المعنى الذهني.
2- اللفظ الذي يؤديه.
3- الرمز المكتوب.
ومهمة رياض الأطفال التأليف بين هذه العناصر الثلاثة التي تتم القراءة باجتماعها، والبدء بالرمز والانتقال منه إلى لغة الكلام يسمى قراءة، والعكس يسمى كتابة، وترجمة الرموز إلى المعاني قراءة سرية وترجمتها إلى ألفاظ مسموعة قراءة جهرية.
وتطور مهارة القراءة يحتاج إلى نضج وتدريب كما أنها تمر بمراحل، فأول الكلمات التي يستطيع الطفل معرفتها بسهولة الأسماء الجامدة التي تدل على أمور حسية، وخاصة إذا كانت مقترنة بالصور والرسوم، وتظهر معها الأفعال، ثم الصفات، ثم الضمائر، ثم الحروف. والسبب في هذا الترتيب أن الطف ل لا يستطيع أن يقلد تقليداً واضحاً أثناء نطقه إلا الكلمات التي يدرك مدلولها حسب نموه الفكري. هذا وتؤثر عوامل عدة في مهارة القراءة وفي مقدمتها الفهم اللغوي، والتدريب الحركي، ومن أجل ذلك عملت التربية على أن تكون القراءة عملية مثمرة تؤدي وظيفة هامة في الحياة بالنسبة للفرد والمجتمع هي التعرف، والنطق، والفهم، والنقد، والتفاعل، وحل المشكلات، والتصرف في المواقف الحيوية على هدى من المقروء.
أهم خطوات إنماء المفردات الهامة:
لعملية إنماء مفردات الكلمات الهامة التي ينبغي أن تهتم بها رياض الأطفال ما يلي:
1- يتعين على رياض الأطفال أن يعنوا بانتقاء المعلمات فيتم اختيار من حسن نطقهن، ورقت أساليبهن، وسلمن من العيوب اللفظية كالعي، والفأفأة، واللجلجة، والتأتأة، وما إلى ذلك حتى تكون مدلولات الألفاظ والجمل واضحة في أذهان الأطفال، وبعيدة عن اللبس أو الغموض.
2- على المعلمة ألا تحمل الطفل على النطق بكلمات أو جمل لا يعرف مدلولها، أو مشتملة على معاني كلية، أو مجردة، أو المفهومات الفلسفية، أو الجدلية في السن التي لا تسمح له قواه العقلية إلا بفهم الجزئيات المحسوسة أي التي تدرك بالحواس.
3- ينبغي على المعلمة أن تعمل على تنمية قوة الملاحظة لدى الطفل عن طريق لفت نظره بكل السبل والوسائل الممكنة إلى ما بين المحسوسات المتشابهة من وجوه الخلاف.
4- على المعلمة أن تقدم لغة عربية تناسب مراحل النمو لدى الطفل، وتتماشى مع ما تقتضيه الحياة الحضارية سواء كانت داخلة في جملة، أو مستقلة مع مراعاة عامل التشويق.
5- يجب أن تطلب المعلمة من الطفل ذكر أحسن كلمة بالنسبة له، ثم تجعله يهمس لها في أذنها؛ لأن ذلك يشجع الخجول من الأطفال على الكلام.
6- تكتب المعلمة حروف الكلمة بخط غليظ واضح على ورق مقوى، وتنطقها، ويكررها الطفل مع الإشارة إلى الحروف الأبجدية الموجودة في حجرة الدراسة.
7- تجعل المعلمة الطفل يتتبع الحروف بإصبعه مع الملاحظة، والتوجيه، والتصويب.
8- تناقش المعلمة الطفل حول كلمته المختارة، وتشجعه على رسمها أو تصويرها بالألوان المختلفة، وإطلاع غيره عليها.
9- تراجع المعلمة الكلمات مع الطفل في يوم آخر، وتكرر له الكلمات التي يخطئ فيها؛ وبذلك يتحسن نطقه بسرعة، ويزداد نمو مفرداته كماً ونوعاً.
10- تعالج المعلمة النطق غير الصحيح عن طريق التمرينات الإيقاعية، والتدرج من الكلمات السهلة إلى الصعبة، وتدريب اللسان، والشفاه، والحلق، واستخدام تنظيم سرعة الكلام، وتمرينات الحروف الساكنة والمتحركة.
11- إذا نجح الطفل في النطق بالألفاظ والكلمات نطقاً سليماً فمن واجب المستمعين أن يتقبلوا ذلك بإظهار السرور والتشجيع الذي يمثل للطفل تعزيزاً إيجابياً يدفعه إلى تكرار اللفظ المعزز.
12- العمل على إثراء وتنوع البيئة سواء المنزل، أو الروضة، بالقصص، والكتب، والمجلات، والصور، والرسوم الجذابة مع تحسين طرق التدريس والوسائل التعليمية التي تساير نضجه وخطوات تدريبه.
13- تقديم قصص، وأناشيد قصيرة، وسهلة، وممتعة مع حسن إلقائها، ومراعاة استيعابه لمدلولها، وما ترمي إليه كل ذلك يؤدي إلى نمو الطفل اللغوي، والمعرفي، ويطور تعبيره.
مرحلة الجملة Sentence Stage:
يبدأ الطفل مع نهاية السنة الثانية بتطوير الجمَل القصيرة والبسيطة التركيب، حيث يربطون كلمتين أو ثلاث كلمات أساسية لتكون جملة ذات معنى، ولكن دون مراعاة لقواعد اللغة أو حروف الجر والوصل وظرف الزمان والمكان، أو كما شبهها البعض بلغة البرقيات، مثل: (طارت طيارة، راح كلب، بابا راحت) ويتميز نمو الجملة بالطء الشديد في بداية المرحلة، ثم ما يلبث أن يزداد بسرعة عالية. ومع بساطة الجمل في هذه المرحلة إلا أنها ابداعية، ويستطيع الطفل تركيب جمل جديدة ليصف عملاً أو ظاهرة ما.
نمو اللغة في مراحل رياض الأطفال
مع منتصف السنة الثالثة تبدأ جمل الأطفال بزيادة عدد كلماتها، وتشمل الأسماء والأفعال والصفات والضمائر، مع مراعاة قواعد اللغة كالتذكير والتأنيث وحروف الجر وحروف العطف بدرجات متفاوتة من طفل إلى آخر. كما يميل أطفال هذه المرحلة إلى استخدام التعميم بطريقة مبالغ فيها، فيقول: "ولد... ولدات"، "بيت... بيتات" وهكذا. وفي هذه المرحلة يبدأ الطفل بالشعور بأنه قادر على التواصل والتفاعل مع الآخرين، ويصبح بمقدوره النطق بجمل معقدة (Anderson, 1995). ومع دخول الطفل سنته الرابعة يصبح كثير الكلام والثرثرة، وكثير الأسئلة من أجل التعلم والاستطلاع لما يجري من حوله. وحينما يصل الطفل إلى سن ست سنوات تصبح لغته قريبة جداً من لغة الراشدين، ويبدأ الأطفال بالتقيد بقوانين اللغة، وتزداد حصيلته اللغوية من المفردات بشكل ملحوظ مع بداية دخوله المدرسة (العتوم، 2004).
خصائص النمو اللغوي في هذه المرحلة:
تعد هذه المرحلة من أسرع مراحل نمو الطفل لغوياً، ويصل المحصول اللغوي للطفل في نهاية هذه المرحلة - وهي سن السادسة- إلى ما يقرب من (2500) كلمة (كامل، 2003).
إن الأطفال في أي مرحلة تعليمية مبكرة يخضعون لمراحل مختلفة من النمو اللغوي، وهذه المراحل تعتبر مظهراً أساسياً في التعليم وخصوصاً لمهارات التحدث والاستماع والقراءة والكتابة. من هنا يجب على المعلمات أن يفهمن طبيعة عملية نمو اللغة عند أطفال هذه المرحلة، إذ تعتبر هذه المعرفة ضرورية لكي يشخص المعلمون المهارات الخاصة بفنون اللغة، بالإضافة إلى توفير بيئة تعليمية غنية لتشجيع نمو وتطور كل المهارات (Norton, 1993, p. 31-32).
ومراحل النمو اللغوي في مرحلة الطفولة المبكرة تسير في مرحلة الكلام البرقي، وبالتحديد في غضون السنة الثانية، ومن ثم مرحلة الأكثر من كلمتين من (2-3 سنوات). ومن ثلاث سنوات إلى أربع سنوات يبدأ الأطفال في استخدام الجمل المركبة، والتي تتضمن استخدام حروف الجرّ، والضمائر، وأدوات النفي، وصيَغ المُلكية، وادوات الاستفهام، وتصل عدد المفردات لهؤلاء الأطفال من (1000-1500) كلمة. ومن عمر أربع سنوات إلى ست سنوات – وهي مرحلة رياض الأطفال- يكون الأطفال قد اكتسبوا العديد من العناصر اللغوية، وتستمر المفردات والأبنية الخاصة بتراكيب الكلام في الازدياد والتنوع والعمق وتصل إلى (6000) كلمة عند بلوغ الطفل سن السادسة (Reutzel, 1992, p. 312).
أما بالنسبة للفروق بين الجنسين فإن الإناث يتفوقن تفوقاً بسيطاً على الذكور في مهارات التعبير، أما الذكور فيتفوقون بمقدار بسيط أيضاً في المحصول اللغوي ومعرفة معاني الكلمات (صادق وحطب، 1990). كما يؤدي الخلط بين اللغة العامية والفصحى عند الكلام مع الطفل إلى ضعف محصوله اللغوي السليم، إضافة إلى ارتباكه في انتقاء اللفظ المناسب؛ لأن اللغة تحدث عن طريق الاقتران بين الشيء و لفظ اسمه (خليل، 2003، ص45).
يتبع