احكام العقيقة للشيخ الفوزان

احكام العقيقة للشيخ الفوزان

سؤال
فضيلة الشيخ العلامة : عبدالله بن صالح الفوزان وفقكم الله لخدمة الإسلام .أود السؤال عن العقيقة و أهم المسائل المتعلقة بها ؟ من حيث حكمها ، ووقتها ، ومقدارها ، والصفة المجزئة ؟ .
الإجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فالعقيقة: هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم سابعه.
وأصل العقيقة والعقيق والعِقَّةِ: شعر رأس المولود، ثم سميت الشاة التي تذبح عند حلقه عقيقة ، وقد صار لفظ العقيقة حقيقة عرفية، إذا أُطلق لا يُفهم منه إلا إرادة ذبيحة المولود.
وأما حكمتها فهي مظهر من مظاهر شكر الله تعالى على نعمه، ومن ذلك تجدد نعمة الله على الوالدين بهذا المولود الذي يؤمل نفعه وبره وطاعته.
وحكم العقيقة : قال الجمهور من أهل العلم، أن العقيقة سنة مؤكدة وليست بواجبة ، قال ابن عبد البر: "الآثار كثيرة مرفوعة عن الصحابة والتابعين وعلماء المسلمين في استحباب العمل بها، وتأكيد سنتها" .
ومن أدلة ذلك: ما رواه عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَن العَقِيقَةِ؟ فَقَالَ: «لا يُحِبُّ اللَّهُ العُقُوقَ» كَأَنَّهُ كَرِهَ الاسْمَ، وَقَالَ -أي السائل- لرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : إنما نَسأَلكَ: أَحَدُنَا يُولَدُ لَهُ؟ فقال: «مَن أَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْ وَلَدِهِ فَليَنْسُكْ ، عَنِ الغُلامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ ، وَعَنِ الجَارِيَةِ شَاةٌ»والحديث أخرجه مالك(2/500)، وأبو داود(2842)، والنسائي(7/162)، وأحمد (11/320-321)، وسنده حسن، وانظر: السلسلة الصحيحة (4/213).
، فدل الحديث على أن العقيقة ليست بواجبة، لأن الواجب لا يقال فيه: من أحب.
وقالت الظاهرية بوجوب العقيقة، وهو رواية عن الإمام أحمد ودليلهم ما ورد عن سلمان بن عامر الضَّبِّي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَعَ الغُلامِ عَقِيقَةٌ، فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَماً، وَأَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى» أخرجه البخاري (5472).
وعن سمرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ غُلامٍ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ، تُذْبَحُ عَنْهُ يَومَ سَابِعِهِ، وَيُحلَق، وَيُسَمَّى» أخرجه أبو داود (2838)، والترمذي (1523)، والنسائي (7/166)، وابن ماجه (3165)، وأحمد (33/271)، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح".
وعن عائشة: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُمْ عَنِ الغُلامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ، وَعَنِ الجَارِيَةِ شَاةٌ» أخرجه الترمذي (1513)، وقال: "حديث حسن صحيح".
والظاهر -والله أعلم- أن العقيقة سنة مؤكدة، لا ينبغي للقادر تركها، لأن إحياء السنة مطلوب، قال الإمام أحمد: "إذا لم يكن عنده ما يَعُقُّ واستقرض رجوت أن يُخْلِفَ الله عليه ، أحيا سنة"، قال ابن المنذر: "صدق أحمد، إحياء السنن وإتباعها أفضل"، ومراد أحمد بذلك: تأكيد سُنِّية العقيقة، ولعل المراد بقوله: "فاستقرض" من يرجو وفاء في المستقبل ، أما الذي لا يرجو الوفاء في المستقبل ولا ينتظر مالاً من مُرَتَّبٍ أو غيره فلا ينبغي أن يقترض ليعق.
وأما أحاديث القول الثانِي فهي مؤكِّدة لفعلها، وليست نصاً صريحاً في الوجوب، وعلى فرض دلالتها على الوجوب فهي مصروفة إلى الندب بحديث عمرو بن شعيب المتقدم، ولو كانت العقيقة واجبة، لكان وجوبها معلوماً من الدين، لأن ذلك مما تدعو الحاجة إليه، وتعم به البلوى، ولَبيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم وجوبها للأمة بياناً عاماً كافياً تقوم به الحجة، وقد علق النبي صلى الله عليه وسلم أمر العقيقة بمحبة فاعلها، كما تقدم.
مقدار العقيقة عَن الغُلامِ شَاتانِ، وَعَن الجَارِيَةِ شَاةٌ ، وتقدم دليله في حديث عائشة ل، قال الشيخ محمد بن إبراهيم: "ولا يزيد على اثنتين، إلا إن كان من يريد دعوتهم كثيرين، والثنتان لا تكفيهم فلا بأس".
يُذبحُ يَومَ السَّابعِ لما تقدم في حديث سمرة رضي الله عنه ، قال ابن القيم: "والظاهر أن التقييد بذلك استحباب، وإلا فلو ذبح عنه في الرابع، أو الثامن، أو العاشر، أو ما بعده أجزأت".
وحُكْمُهَا كَالأُضْحِيَةِ أي: إن العقيقة كالأضحية في أكثر الأحكام، ومن ذلك أنها خاصة ببهيمة الأنعام، ولابد أن تبلغ السن المعتبر في الأضحية، وأن تسلم من العيوب المانعة من الإجزاء، هكذا ذكر أكثر الفقهاء،
وطبخ العقيقة أفضل من تفريق لحمها، فقد جاء في مسائل الإمام أحمد لأبي داود قال: "سمعت أحمد قال: العقيقة تذبح يوم السابع، قيل له: أَيُطْبَخُ؟ قال: نعم، قيل: إنه يشتد عليهم طبخه، قال: يتحملون ذلك"، وقال ابن عبدالبر: "ولو دعا الناس إليها من غير مباهاة لم يكن بذلك بأس"، والله تعالى أعلم.




http://www.alfuzan.islamlight.net/in...=view&id=15422