المد الفرعي ( أنواع وأحكام ) الشيخ محمد عبدالمنعم المسلمي
المد الفرعي ( أنواع وأحكام ) الشيخ محمد عبدالمنعم المسلمي
المد الفرعي ( أنواع وأحكام ) الشيخ محمد عبدالمنعم المسلمي
المد الفرعي
(أنواع وأحكام)
علم مما تقدم أن للمد الفرعي (سببين) هما الهمزة والسكون. فالهمزة سبب لثلاثة أنواع منه: وهو المد المتصل - والمنفصل - والبدل، فإن تقدم الهمز على حروف المد فهو البدل نحو: ﴿ آمَنَّا بِاللَّهِ ﴾، وإن تأخر عنه وكان معه في كلمة واحدة فهو المد المتصل نحو: ﴿ مَا شَاءَ اللَّهُ ﴾ وإن انفصل عنه بأن كان حرف المد آخر الكلمة والهمز أول الثانية فهو المد المنفصل نحو: ﴿ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ ﴾.
والسكون سبب لنوعين منه ولا يكون إلا بعد حرف المد دائمًا. فإن كان ثابتًا وصلاً ووقفاً فهو المد اللازم، نحو: ﴿ الْحَاقَّةُ ﴾، وإن كان ثابتًا في الوقف جون الوصل فهو العارض للسكون نحو: ﴿ نَسْتَعِينُ ﴾.
فيتلخص مما ذكر أن أنواع المد الفرعي خمسة وهي: المد المتصل، والمنفصل، والبدل، والعارض للسكون، واللازم. وسيأتي الكلام على كل بما فيه الكفاية إن شاء الله تعالى.
أحكام المد الفرعي ثلاثة:
أولها الوجوب وهو خاص بالمتصل، ثانيها الجواز وهو خاص بالمنفصل والعارض للسكون والبدل ثالثهما اللزوم وهو خاص بالمد اللازم.
وفيما يلي بيان حكم كل منهما:
الحكم الأول: من أحكام المد الفرعي وهو الواجب المتصل وسبب تسميته واجبًا متصلًا تقدم أن الوجوب خاص بالمد المتصل - وتعريفه:
هو أن يقع الهمز بعد حرف المد واللين في كلمة واحدة نحو: "﴿ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ - ﴿ فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ﴾ - ﴿ أَسَاءُوا السُّوأَى ﴾" ومقدار المد فيه بالنسبة لحفص عن عاصم من الشاطبية أربع حركات وهو المعروف بالتوسط ثم المد بقدر خمس حركات أيضًا وهو المعروف بفويق التوسط وصلا ووقفا والوجهان صحيحان مأخوذ بهما من الشاطبية - غير أن التوسط هو المشهور والمقدم في الأداء - وهو الذي ارتضاه إمامنا الشاطبي رحمه الله ولم يقرئ بسواه لأصحاب التوسط.
هذا وما أشرنا إليه من المد بقدر أربع حركات أو خمس إذا كان المد متوسطًا. أما إذا كان متطرفًا وموقوفًا عليه كقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ ففيه ما تقدم من المد بأربع حركات أو خمس - ثم زيادة المد بقدر ست حركات لأجل الوقف كما سيأتي. وسمي متصلًا لاتصال حرف المد بالهمز في كلمة واحدة.
ومما تقدم يعلم أيضًا أنه لا يجوز بحال القصر فيه كالمد الطبيعي. قال الإمام ابن الجزري في النشر "تتبعت قصر المتصل فلم أحده في قراءة صحيحة ولا شاذة بل رأيت النص يمده، وقد أشار العلامة الجمزوري إلى المد الواجب ونوعه في التحفة بقوله:
فواجبٌ إن جاء همز بعد مد في كلمة وذا بمتصل يعد |
كما أشار الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله:
وواجب إن جاء قبل همزة متصلًا إن جمعا بكلمة |
ووجه المد في المتصل: إن حرف المد ضعيف خفى والهمز قوي صعب فزيد في المد تقوية لضعفه عند مجاورة القوى.
الكلام على الحكم الثاني من أحكام المد الفرعي وهو الجائز المنفصل.
وتعريفه:
هو أن يقع الهمز بعد حرف المد واللين بشرط انفصاله عنه بأن يكون حرف المد واللين آخر الكلمة والهمز أول الثانية - ويستوي في ذلك الانفصال الحقيقي والحكمي[1].
فالانفصال الحقيقي:
هو أن يكون حرف المد واللين ثابتًا في الرسم واللفظ، نحو: "﴿ قُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ - ﴿ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ ﴾ - ﴿ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ﴾".
والانفصال الحكمي:
هو أن يكون حرف المد واللين محذوفًا في الرسم ثابتًا في اللفظ ومنه ياء النداء، نحو: "﴿ يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا ﴾ - ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ ﴾ - ﴿ هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ ﴾" وصلة هاء الضمير، نحو: "﴿ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ ﴾ - ﴿ وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾" وما إلى ذلك من كل حرف مد حذف رسمًا وثبت لفظًا.
وسمي منفصلًا لانفصال حرف المد عن الهمز وكان حكمه الجواز لجواز قصره ومده عند بعض القراء. وأما مقدار مده بالنسبة لحفص عن عاصم من الشاطبية فهو أربع حركات وهو المد المعروف بالتوسط أو خمس حركات أيضًا وهو المعروف بفويق التوسط والوجهان صحيحان مأخوذ بهما لحفص من الشاطبية - إلا أن التوسط هو المشهور والمقدم في الأداء ولم أقرأ بسواه من هذا الطريق، وهو الذي ارتضاه إمامنا الشاطبي رحمه الله ولم يقرأ بسواه لأصحاب التوسط، فاعلم ذلك[2].
هذا ووجه القصر في المنفصل انتفاء أثر الهمزة لعدم لزومها عند الوقف ووجه مده اعتبار اتصالها لفظًا في الوصل.
وقد أشار العلامة الجمزوري إلى المد الجائز في المنفصل في تحفته بقوله:
وجائز مد وقصر إن فصل كل بكلمة وهذا المنفصل |
(تنبيهات هامة)
الأول: مقدار المد الزائد على القصر في المنفصل يكون في حالة الوصل فقط، أما في حالة الوقف فيصير المد طبيعيًا لجميع القراء.
الثاني: إذا اجتمع مدان متصلان أو أكثر كما في قوله تعالى: ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً ﴾ فلا يجوز التفرقة بينهما في المد بحجة جواز الوجهين في كل منها وكذلك الحكم بعينه فيما اجتمع مدان منفصلان أو أكثر كما في قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ ﴾ فلا تجوز التفرقة بين هذه المدود بحجة جواز الوجهين أيضًا. بل تجب التسوية بينهما لأن التسوية في هذا وذاك من جملة التجويد - وهذا ما أشار إليه الشيخ ابن الجزري في المقدمة بقوله: (واللفظ في نظيره كمثله).
[1] نبه على الانفصال الحكمي العلامة الشيخ علي محمد الضباع في الإضاءة ص23.
[2] وجاز لحفص القصر أيضًا في المد المنفصل لكنه من طيبة النشر وسنتكلم عليه وعلى ما يتعين عليه من أحكام في موضعه إن شاء الله تعالى.
المد الفرعي ( أنواع وأحكام ) الشيخ محمد عبدالمنعم المسلمي
المد الفرعي ( أنواع وأحكام ) الشيخ محمد عبدالمنعم المسلمي