sweetgir عضو ذهبى
عدد المساهمات : 354 تاريخ التسجيل : 30/10/2010
| موضوع: الشفاعات التي لم يثبت بها نص صحيح الخميس 12 ديسمبر - 6:28 | |
| الشفاعات التي لم يثبت بها نص صحيح الشفاعات التي لم يثبت بها نص صحيح 1- اعتقاد شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لمن زار قبره من الناس بعد موته. ومن الآثار التي يستدل بها من يثبت تلك الشفاعة؛ الأحاديث الآتية: 1- عن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من زار قبري, أو قال: من زارني كنت له شفيعاً أو شهيداً، ومن مات في أحد الحرمين بعثه الله في الآمنين يوم القيامة)) (1) . 2- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من زارني بالمدينة محتسباً كنت له شهيداً، أو شفيعاً يوم القيامة)) (2) . 3- ((من زارني حتى ينتهي إلى قبري، كنت له يوم القيامة شهيداً)) (3) . 4- ((من زار قبري وجبت له شفاعتي)) (4) . 5- ((من جاءني زائراً، لا تعمله حاجة إلا زيارتي، كان حقاً علي أن أكون له شفيعاً يوم القيامة)) (5) . 6- ((من زار قبري حلت له شفاعتي)) (6) . 7- ((من زارني متعمداً كان في جواري يوم القيامة)) (7) . 8- ((من أتى المدينة زائراً لي وجبت له شفاعتي يوم القيامة، ومن مات في أحد الحرمين بعث آمناً)) ( . وتلك الأحاديث كلها لم يثبت منها شيء عن الرسول صلى الله عليه وسلم بسند صحيح، وآفتها في رواتها؛ فهم ما بين ضعيف, أو كذاب, أو مجهول, أو وضاع، لا يعتمد على روايتهم، ولا يركن إليها، ولم يروها كذلك إلا من لم يشترط الصحة في نقل الحديث. كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - في رده على القائلين لمشروعية زيارة القبر الشريف: (فإن أحاديث زيارة قبره كلها ضعيفة، لا يعتمد على شيء فيها في الدين؛ ولهذا لم يرو أهل الصحاح والسنن شيئاً منها، وإنما يرويها من يروي الضعاف؛ كالدارقطني والبزار وغيرهما) (9) . أما الحديث الأول: فإن إسناده فيه جهالة، وفيه اضطراب، وقد أخرجه البيهقي في سننه, وحكم عليه بجهالة إسناده (10) . ويقول ابن عبد الهادي: (هذا الحديث ليس بصحيح؛ لانقطاعه, وجهالة إسناده, واضطرابه) (11) . أما الحديث الثاني: ((من زارني بالمدينة محتسباً))، فقد أخرجه البيهقي في (شعب الإيمان)، وأورده السيوطي في (الجامع الصغير) (12) ورمز لحسنه، لكن المناوي رد عليه هذا التحسين، وقال بأنه (ليس بحسن، ففيه ضعفاء، منهم أبو المثنى سليمان بن يزيد الكعبي. قال الذهبي: ترك. وقال أبو حاتم: منكر الحديث) (13) . ويقول ابن عبد الهادي في الحكم على هذا الحديث: (هذا الحديث ليس بصحيح ولا ثابت، بل هو حديث ضعيف الإسناد منقطع، ولو كان ثابتاً لم يكن فيه دليل على محل النزاع، ومداره على أبي المثنى سليمان بن يزيد الكعبي الخزاعي المديني، وهو شيخ غير محتج بحديثه، وهو بكنيته أشهر منه باسمه، ولم يدرك أنس بن مالك؛ فروايته عنه منقطعة غير متصلة، وإنما يروي عن التابعين وأتباعهم، وقد ذكره ابن حبان في كتاب (الثقات في أتباع التابعين)، وذكره أيضاً في كتاب (المجروحين) (14) . ثم ذكر ما قاله ابن حبان فيه في كتاب (الثقات)، وما قاله فيه كتاب (المجروحين) من تضعيف. ويقول فيه ابن حجر: (أبو المثنى الخزاعي اسمه سليمان بن يزيد: ضعيف) (15) . وأما الحديث الثالث وهو: ((من زارني حتى ينتهي إلى قبري)) إلخ؛ فقد ذكره السبكي في كتاب (شفاء السقام)، وقال: (ذكره الحافظ أبو جعفر العقيلي في كتاب (الضعفاء) في ترجمة فضالة بن سعيد بن زميل المازني.. إلى أن يقول: وذكره الحافظ ابن عساكر من جهته أيضاً.. وفضالة بن سعيد قال العقيلي في ترجمته: حديثه غير محفوظ، ولا يعرف إلا به. . هكذا رأيته في كتاب العقيلي. وذكر الحافظ ابن عساكر عنه أنه قال: لا يتابع على حديثه من جهة تثبت, ولا يعرف إلا به) (16) . (وقد بين العلامة ابن عبد الهادي أن هذا الحديث (حديث منكر جداً، ليس بصحيح ولا ثابت؛ بل هو حديث موضوع على ابن جريج). ويذكر كذلك أنه وقع تصحيف في متنه وفي إسناده أيضاً أما التصحيف في متنه؛ فقوله: ((من زارني)) من الزيارة، وإنما هو ((من رآني في المنام كان كمن زارني في حياتي)). هكذا روايته في كتاب العقيلي. وفي نسخة ابن عساكر: ((من رآني)) من الرؤية، وعلى هذا يكون معناه معنى الحديث الصحيح: ((من رآني في المنام فقد رآني، لأن الشيطان لا يتمثل بي)) (17) . أما التصحيف في إسناده فقوله: سعيد بن محمد الحضرمي، والصواب: شعيب بن محمد، كما في رواية ابن عساكر، والحديث ليس بثابت على كل حال سواء كان بلفظ الزيارة أو الرؤية، وراويه فضالة بن سعيد بن زميل المازني شيخ مجهول، لا يعرف له ذكر إلا في هذا الخبر الذي تفرد به، ولم يتابع عليه) (18) . وأما الحديث الرابع وهو: ((من زار قبري وجبت له شفاعتي)) فقد أورده السيوطي (19) , ورواه البزار (20) , والدارقطني (21) . وقد رمز السيوطي لضعف الحديث، وفي إسناده كذلك راو ضعيف، وهو عبد الله بن إبراهيم الغفاري؛ قال الهيثمي: (وفيه عبد الله بن إبراهيم الغفاري، وهو ضعيف) (22) . ويقول ابن حجر عن هذا الراوي: (عبد الله بن إبراهيم بن أبي عمرو الغفاري، أبو محمد المدني: متروك، نسبه ابن حبان إلى الوضع) (23) . وقال ابن عبد الهادي عن الحديث: (وهو حديث منكر ضعيف الإسناد واه الطريق لا يصلح للاحتجاج بمثله، ولم يصححه أحد من الحفاظ المشهورين، ولا اعتمد عليه أحد من الأئمة المحققين) (24) . وفيه كذلك من جهة الإسناد راو تكلم فيه العلماء وضعفوه؛ وهو عبد الله بن عمر العمري؛ يقول ابن عبد الهادي: (وقد تكلم في عبد الله العمري جماعة من أئمة الجرح والتعديل، ونسبوه إلى سوء الحفظ, والمخالفة للثقات في الروايات). ثم نقل كلام العلماء في تجريحه (25) , وأن هذا الحديث لا يثبت به شيء، ولا يعتمد عليه محقق. ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذا الحديث: (وأما قوله: ((من زار قبري وجبت له شفاعتي)) وأمثال هذا الحديث – مما روي في زيارة قبره صلى الله عليه وسلم – فليس منها شيئاً صحيحاً، ولم يرو أحد من أهل الكتب المعتمدة منها شيء؛ لا أصحاب الصحيح كالبخاري ومسلم، ولا أصحاب السنن كأبي داود والنسائي، ولا الأئمة من أهل المسانيد كالإمام أحمد وأمثاله، ولا اعتمد على ذلك أحد من أئمة الفقه كمالك, والشافعي, وأحمد, وإسحاق بن راهويه, وأبي حنيفة, والثوري, والأوزاعي, والليث بن سعد، وأمثالهم؛ بل عامة هذه الأحاديث مما يعلم أنها كذب موضوعة). إلى أن يقول عن سند الحديث: (ومداره على عبد الله بن عمر العمري وهو ضعيف) (26) إلخ. أما الحديث الخامس وهو: ((من جاءني زائراً لا تعمله حاجة إلا زيارتي...)) إلخ وفي رواية ذكرها الذهبي: ((لا تنزعه حاجة إلا زيارتي)) فقد أخرج هذا الحديث الطبراني (27) والدارقطني (28) ، وهو من الأحاديث التي أوردها السبكي في كتابه (شفاء السقام) (29) وانتصر لها. وهذا الحديث غير ثابت بسند صحيح؛ قال فيه ابن عبد الهادي: (ليس فيه ذكر الزيارة للقبر، ولا ذكر الزيارة بعد الموت، مع أنه حديث ضعيف الإسناد، منكر المتن، لا يصلح الاحتجاج به، ولا يجوز الاعتماد على مثله، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة، ولا رواه الإمام أحمد في مسنده، ولا أحد من الأئمة المعتمد على ما أطلقوه في رواياتهم، ولا صححه إمام يعتمد على تصحيحه. ثم ذكر ابن عبد الهادي علة أخرى لضعف الحديث؛ وهو أنه ضعيف الإسناد، لأنه تفرد به شيخ لم يعرف بنقل العلم، ولم يشتهر بحمله، ولم يعرف من حاله ما يوجب قبول خبره، وهو مسلمة بن سالم الجهني الذي لم يشتهر إلا برواية هذا الحديث المنكر) (30) . ويقول فيه ابن حجر (31) : (مسلم بن سالم الجهني بصري، كان يكون بمكة، ضعيف، ويقال فيه: مسلمة بزيادة هاء). وأما الحديث السادس وهو: ((من زار قبري حلت له شفاعتي))، فقد أخرجه البزار في مسنده (32) ، وقد عزاه عبد الحق إلى الدارقطني أيضاً فيما يذكر السبكي (33) ، وفيه راويان ضعيفان، تكلم فيهما العلماء بالتجريح، وهما عبد الله بن إبراهيم الغفاري، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم. ويقول ابن عبد الهادي في رده على السبكي: (واعلم أن هذا الحديث الذي ذكره من رواية البزار، حديث ضعيف منكر ساقط الإسناد، لا يجوز الاحتجاج بمثله عند أحد من أئمة الحديث وحفاظ الأثر... وأما عبد الله بن إبراهيم، فهو ابن أبي عمرو الغفاري، أبو محمد المدني يقال: إنه من ولد أبي ذر الغفاري، وهو شيخ ضعيف الحديث جداً منكر الحديث، وقد نسبه بعض الأئمة إلى الكذب ووضع الحديث). ثم ذكر ما قاله العلماء في تجريحه إلى أن قال: (وأما عبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ فضعيف غير محتج به عند أهل الحديث). ثم ذكر كذلك ما قاله العلماء في تجريحه من أوصاف ترد روايته (34) . وأما الحديث السابع وهو: ((من زارني متعمداً)) إلخ الحديث. فقد أخرجه أبو جعفر العقيلي كما ذكر السبكي (35) . يقول ابن عبد الهادي: (إن هذا الحديث ضعيف مضطرب مجهول الإسناد، من أوهى المراسيل وأضعفها) (36) . وأما الحديث الأخير وهو الثامن: ((من أتى المدينة زائراً..)) إلخ الحديث. فإن السبكي (37) عزاه إلى يحيى الحسيني في أخبار المدينة، ثم ساق الحديث دون أن يبين السبكي درجة الحديث عنده ولا الرجل المبهم في السند. قال ابن عبد الهادي عن هذا الحديث: (حديث باطل لا أصل له، وخبر معضل لا يعتمد على مثله، وهو من أضعف المراسيل وأوهى المنقطعات، ولو فرض أنه من الأحاديث الثابتة؛ لم يكن فيه دليل على محل النزاع) (38) . وبعرض ما تقدم: يتضح أنه لم يثبت شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم في استحقاق الشفاعة لزائر قبره الشريف صلى الله عليه وسلم. 2- الشفاعة للأقرب فالأقرب منه صلى الله عليه وسلم: ورد في ذلك حديث ضعيف يدل على ترتيب شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه يبتدئ بالأقرب فالذي يليه، إلى أن ينتهي بالعجم، وهذا ما يفيده حديث ابن عمر الذي أخرجه الطبراني والدارقطني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أول من أشفع له من أمتي أهل بيتي, ثم الأقرب فالأقرب, ثم الأنصار, ثم من آمن بي من أهل اليمن, ثم سائر العرب, ثم سائر الأعاجم, ومن أشفع له أولاً أفضل)) (39) . وقد قال الدارقطني بعد أن أخرجه: (تفرد به حفص عن ليث، وقد ضعف الحديث بسبب هذين الراويين؛ لأن ليثاً ضعيف، وحفص كذاب وهو المتهم به كما يذكر السيوطي (40) ، فالحديث من رواية كذاب عن ضعيف. ويقول ابن الجوزي في كتابه (الموضوعات) في باب ذكر الشفاعة بعد أن أخرج الحديث قوله: (قال المصنف: قلت: أما ليث فغاية في الضعف عندهم، إلا أن المتهم هذا حفص. قال أحمد ومسلم والنسائي: هو متروك) (41) . ويقول ابن حجر: (ليث بن أبي سليم بن زنيم – بالزاي والنون مصغراً – واسم أبيه أيمن. وقيل غير ذلك، صدوق اختلط أخيراً، ولم يتميز حديثه فترك) (42) . ويقول عن حفص: (حفص بن أبي داود القارئ، صاحب عاصم، ويقال له: حفيص، متروك الحديث مع إمامته في القراءة) (43) . وبهذا نعلم أن تلك الرواية ضعيفة وغير مقبولة، وأن الوارد والثابت من أحاديث الشفاعة أنه يشفع لكل مؤمن عندما يأذن له الله بالشفاعة فيه دون نظر إلى جنسه أو نسبه. 3- ومن الشفاعات غير الثابتة أيضاً: القول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم خص بشفاعته أهل مدن بعينها؛ كمكة والمدينة والطائف وغيرها من المدن: فإن هذا لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه حدد الشفاعة لأهل مدن معينة، أو ذكر أهل بلدان يخصهم بالشفاعة، غير ما ورد عن أهل المدينة فيمن فضلها على غيرها, وسكن بها صابراً على لأوائها وشدتها، ومات بها. أما الحديث الذي يروى هنا في شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل مدن بعينها؛ فهو عن عبد الملك بن عباد بن جعفر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أول من أشفع له من أمتي أهل المدينة، وأهل مكة، وأهل الطائف)) (44) ، وهذا الحديث في إسناده مجاهيل، كما قال الهيثمي في (مجمع الزوائد) (45) . 4- ومن الشفاعات التي لم تثبت كذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ذكر من شفاعته عليه الصلاة والسلام لأكثر مما على وجه الأرض من شجر ومدر: كما جاء عن بريدة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إني أشفع يوم القيامة لأكثر مما على وجه الأرض من شجر ومدر)) (46) . قال السفاريني: وأخرجه الطبراني في ((الأوسط)) عن أنيس الأنصاري، ولفظه: ((أكثر مما على وجه الأرض من شجر ومدر)) (47) (48) . وروى الإمام أحمد عن بريدة قال: ((دخلت على معاوية، فإذا رجل يتكلم، فقال بريدة: يا معاوية، أتأذن لي في الكلام؟ فقال: نعم، وهو يرى أنه سيتكلم بمثل ما قال الآخر، فقال بريدة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إني لأرجو أن أشفع يوم القيامة عدد ما على الأرض من شجرة أو مدرة قال: أفترجوها أنت يا معاوية ولا يرجوها علي بن أبي طالب رضي الله عنه)) (49) . ولكن في سند الحديث أبو إسرائيل الملائي، وهو ضعيف، قال الهيثمي بعد أن أورد الحديث عن أحمد, قال: (ورجاله وثقوا على ضعف كثير في أبي إسرائيل الملائي) (50) . وأورد الهيثمي حديثاً عن بريدة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كثير الحجر والشجر، ثلاث مرات. قلنا: نعم. قال: والذي نفسي بيده، لشفاعتي أكثر من الحجر والشجر)) (51) ، قال الهيثمي: وفيه سهل بن عبد الله بن بريدة وهو ضعيف (52) . 5- الشفاعة لمن مات في أحد الحرمين: وهذه الشفاعة لم أجد فيها حديثا صحيحا، ويستدل من يقول بها بما روي عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من مات في أحد الحرمين استوجب شفاعتي، وكان يوم القيامة من الآمنين)) (53) . وهذا الحديث لا يتم الاستدلال به كذلك على ثبوت هذه الشفاعة؛ لأن في سنده عبد الغفور بن سعيد، وهو متروك كما يذكر الهيثمي (54) . أما من مات بالمدينة فقد تقدم الكلام فيه. 6- ومن الأسباب الأخرى في الشفاعات غير الثابتة: ما جاء عن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا شفيع لكل رجلين تآخيا في الله من مبعثي إلى يوم القيامة)) (55) . والحديث ضعيف، لأن في سنده عمرو بن خالد الكوفي، وهو أبو خالد الواسطي، وهو كذاب كما قال عنه وكيع، وقال ابن حجر: إنه متروك (56) . والتآخي في الله أمر مطلوب، وقد حث عليه الشرع ورغب فيه، والمؤمنون يشفع بعضهم في بعض، كما صرحت بذلك النصوص النبوية، لكن القول بأن التآخي مما يوجب الشفاعة؛ هو الذي يتوقف القول به على ثبوت صحته. 7- ومنها كذلك ما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة أنا شفيع لهم يوم القيامة: الضارب بسيفه أمام ذريتي، والقاضي لهم حوائجهم عندما اضطروا إليه، والمحب لهم بقلبه ولسانه)) (57) . ومن تأمل القصد من وراء هذا الحديث، يرى أن وضع الشيعة ظاهر عليه. والحديث غير ثابت، لأن في سنده داود بن سليمان الجرجاني، وهو مجهول. قال فيه ابن أبي حاتم: (داود بن سليمان الجرجاني. سمعت أبي يقول: هو مجهول) (58) . وقال الذهبي: (داود بن سليمان الجرجاني الغازي عن علي بن موسى الرضا وغيره، كذبه يحيى بن معين، ولم يعرفه أبو حاتم، وبكل حال فهو شيخ كذاب، له نسخة موضوعة على الرضا) (59) . وقال الشوكاني عن الحديث: إنه موضوع، وقد أورده بلفظ: ((أربعة أنا شفيع لهم يوم القيامة: المكرم لذريتي، والقاضي لهم حوائجهم, والساعي لهم في أمورهم مما اضطروا إليه، والمحب لهم بقلبه ولسانه)) (60) (61) . ومثل الحديث السابق ما روى الطبراني عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له)) (62) . وفي سنده مجاهيل. قال الهيثمي عن سنده: (وفيه جماعة لم أعرفهم) (63) . ومثله الحديث الآخر: ((من أحبني فليحب علياً, ومن أحب علياً فليحب فاطمة, ومن أحب فاطمة فليحب الحسن والحسين, وإن أهل الجنة ليباشرون ويسارعون إلى رؤيتهم ينظرون إليهم, محبتهم إيمان, وبغضهم نفاق, ومن أبغض أحداً من أهل بيتي فقد حرم شفاعتي, فإنني نبي مكرم, بعثني الله بالصدق, فحبوا أهل بيتي, وحبوا عليًّا)) (64) (65) . وهذا الحديث موضوع وباطل, والذي وضعه عبد الله بن حفص. 8- ومنها كذلك: ما يروى من الأحاديث التي تدل على استحقاق الشفاعة بحفظ أربعين حديثاً من السنة؛ مثل ما يروى عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلم يحفظ على أمتي أربعين حديثاً يعلمهم بها أمر دينهم إلا جيء به يوم القيامة فقيل له: اشفع لمن شئت)) (66) . وفي سند هذا الحديث يزيد بن أبان الرقاشي، وهو راو متروك، كما ذكر النسائي وغيره (67) . وفيه كذلك عمرو بن الأزهر، وكان يضع الحديث، كما ذكر الإمام أحمد، وقال البخاري: (يرمى بالكذب)، وقال النسائي وغيره: (متروك) (68) . وهذا الحديث هو أحد الأحاديث التي ذكرها ابن عبد البر في إثبات الشفاعة لمن حفظ أربعين حديثاً، وقد ذكر ابن الجوزي عدة أحاديث في ثبوت الشفاعة لمن حفظ أربعين حديثاً، ثم عقب عليها بالتضعيف (69) . 9- ومنها كذلك: ما يروى عن استحقاق الشفاعة لمن قضى حوائج الناس؛ مثل ما يروى عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قضى لأخيه حاجة كنت واقفاً عند ميزانه، فإن رجع وإلا شفعت له)) (70) . وهذا الحديث لا يتم به الاستدلال على ثبوت تلك الشفاعة؛ لأن في سنده راوياً وضاعاً، وهو عبد الله بن إبراهيم الغفاري، يقول عنه الذهبي: (نسبه ابن حبان إلى أنه يضع الحديث، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه، وقال الدارقطني: حديثه منكر) (71) . ومثله كذلك ما عزاه الإمام ابن كثير إلى ابن مردويه عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ [ فاطر: 30] قال: أُجُورَهُمْ: يدخلهم الجنة وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ: الشفاعة لمن صنع إليهم المعروف في الدنيا (72) . وهذا الحديث لا يتم به الاستدلال، لأن في سنده إسماعيل بن عبد الله الكندي، ذكر الهيثمي في (مجمع الزوائد) أنه ضعفه الذهبي من عند نفسه فقال: (أتى بخبر منكر، وبقية رجاله وثقوا) (73) . وقال ابن كثير: (هذا إسناد لا يثبت) (74) . وأورده السيوطي من حديث طويل عن أبي هريرة وابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم جاء فيه: ((ومن بنى على ظهر طريق يهوي إليه عابروا السبيل بعثه الله يوم القيامة على نجيبة من در، ووجهه يضيء لأهل الجمع حتى يقول أهل الجمع: هذا ملك من الملائكة لم ير مثله, حتى يزاحم إبراهيم في قبته، ويدخل في الجنة بشفاعته أربعون ألف رجل)). وفيه كذلك: ((ومن احتفر بئراً حتى يبسط ماؤها فيبذلها للمسلمين كان له أجر من توضأ منها وصلى، وله بعدد شعر كل من شرب منها حسنات: إنس، أو جن، أو بهيمة، أو سبع، أو طائر، أو غير ذلك، وله بكل شعرة من ذلك عتق رقبة، ويرد في شفاعته يوم القيامة حوض القدس عدد نجوم السماء. قيل: يا رسول الله، وما حوض القدس؟ قال: حوضي، حوضي، حوضي)) (75) . قال ابن حجر: (هذا الحديث بطوله موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به ميسرة بن عبد ربه، لا بورك فيه) (76) . (77)
https://dorar.net/aqadia/2526/AD
| |
|