sweetgir عضو ذهبى
عدد المساهمات : 354 تاريخ التسجيل : 30/10/2010
| موضوع: كتاب الوقف من متن زاد المستقنع سؤال وجواب المؤلف محمد جهاد خليل الأخرس الجمعة 21 فبراير - 1:24 | |
| كتاب الوقف من متن زاد المستقنع سؤال وجواب المؤلف محمد جهاد خليل الأخرس كتاب الوقف من متن زاد المستقنع سؤال وجواب المؤلف محمد جهاد خليل الأخرس كتاب الوقف من متن زاد المستقنع سؤال وجواب المؤلف محمد جهاد خليل الأخرس
س : ما هو تعريف الوقف لغة ؟ ج : اتفق اللّغويون وعلماء الشريعة بأن الوقف مصدر يراد به اسم المفعول، بمعنى الشيء الموقوف، والوقف عندهم هو الحبس والمنع. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَهُوَ تَحْبِيسُ الأَصْلِ _ ) س : ما المراد بالأصل ؟ ج : ما يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه كالدور والدكاكين والبساتين ونحوها. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَتَسْبِيلُ المَنْفَعَةِ _ ) س : ما معنى قول الحجاوي وتسبيل المنفعة ؟ ج : قال العثيمين : يعني إطلاقها، وعلمنا بأن التسبيل بمعنى الإطلاق لقوله في الأصل إنه تحبيس ، فيكون ضده الإطلاق. والمعنى أن المُوقِف يحبس الأصل عن كل ما ينقل الملك فيه، ويسبل المنفعة ـ يعني الغلة ـ كأجرة البيت مثلاً، والثمرة، والزرع، وما أشبه ذلك. س : ما المراد بالمنفعة ؟ ج : الغلة الناتجة عن ذلك الأصل كالثمرة والأجرة وسكنى الدار ونحوها. س : ما حكم الوقف في الإسلام ؟ ج : مستحب في الإسلام. س : مـــــا الدليـــــل على استحباب الوقف ؟ ج : ما في الصحيحين أن عمر رضي الله عنه قال : يا رسول الله ! إني أصبت مالاً بخيبر لم أصب قط مالاً أنفس عندي منه ؛ فما تأمرني فيه ؟ قال : إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها , غير أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث , فتصدق بها عمر في الفقراء وذوي القربى والرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف . وروى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به من بعده , أو ولد صالح يدعو له . وقال جابر : لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذو مقدرة إلا وقف. وقال القرطبي رحمه الله : ولا خلاف بين الأئمة في تحبيس القناطر والمساجد خاصة واختلفوا في غير ذلك. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَيَصِحُّ بِالقَوْلِ وبِالفِعْلِ الدَّالِّ عَلَيْهِ _ ) س : بماذا يصح الوقف ؟ ج : يصح بكل قول دل عليه، وبكل فعلٍ دل عليه. س : ما هي صيــــغة الوقف القولية ؟ ج : بالقول بأن يقول: وقفت داري، أو وقفت سيارتي، أو وقفت أرضي، وما أشبه ذلك، وسيأتي أن القول ينقسم إلى قسمين. س : مــــاذا يشترط بالفعل بالنسبة للوقف ؟ ج : يشترط أن يكون هناك قرينة تدل على أنه وقف، فإذا وجدت قرينة تدل على أنه وقف فهو وقف ولو نوى خلافه، ولهذا قال الحجاوي : وبِالفِعْلِ الدَّالِّ عَلَيْهِ، كَمَنْ جَعَلَ أَرْضَهُ مَسْجِداً وأَذِنَ للنَّاسِ في الصَّلاةِ فِيهِ ... س : مــــا صـــورة الوقف بالفعل ؟ ج : قال العثيمين : كمن جعل أرضه مسجداً وأذن للناس في الصلاة فيه، يعني بنى مسجداً وقال للناس: صلوا فيه، فهنا لم يقل: إنه وقف، لكنه فعل فعلاً يدل على الوقف؛ لأن الرجل بنى مسجداً وقال للناس: صلوا، وأما من بنى مصلى عند بستانه وصار الناس يأتون ويصلون فيه، فهذا لا يدل على أنه وقف، لكن إذا بنى مسجداً يعني على هيئة مسجد، وقال للناس: صلوا فيه، فهو وقف وإن لم يقل: وقفت؛ لأن هذا الفعل دال عليه حتى لو نوى خلافه، فإنه يكون وقفاً اعتباراً بقوة القرينة. وإذا قال: إني أردت أنه عارية، قلنا: في هذه الحال يجب أن تكتب: إني أعرت هذا المكان للناس يصلون فيه، متى احتجته أخذته، ولا بد من هذا وإلا صار وقفاً. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ (_ أَوْ مَقْبَرَةً وَأَذِنَ فِي الدَّفْنِ فِيهَا _ ) س : مــــا صــــورة هذه المسألة ؟ ج : قال العثيمين : سوَّر أرضه على أنها مقبرة، ولم يكتب على بابها أنها مقبرة، ولم يكتب في الوثيقة أنها مقبرة، وقال للناس: من شاء أن يدفن فيها ميتاً فليفعل، فهنا نقول: الأرض صارت مقبرة، أي: صارت وقفاً على المسلمين، ولا يمكنه أن يرجع. نعم لو أراد أن يعير أرضاً للدفن فيها، فهنا لا بد أن يكتب أنه أعار هذه الأرض للدفن فيها، وإذا أعارها للدفن فيها فإنه لا يرجع حتى يبلى الميت؛ لأن من لازم الإذن في الدفن أن يبقى الميت مدفوناً محترماً، فلا ينبش إلا إذا بلي. س : مـــا أحوال جعل الأرض مسجداً أو مقبرة ؟ ج : قال العثيمين : جعل الأرض مسجداً أو مقبرة لا يخلو من ثلاث حالات: الأولى: أن ينوي بذلك أنها مسجد أو مقبرة، فتكون كذلك ولا إشكال في ذلك. الثانية: أن ينوي خلاف ذلك، بأن ينوي بجعلها مسجداً أو مقبرة أنها مؤقتة، فقد صرح شيخ الإسلام رحمه الله ـ أنها تكون وقفاً ولو نوى خلافه؛ لأن هذه النية تخالف الواقع؛ لأن من جعل أرضه مسجداً فإنه معلوم أن المسجد سوف يبقى، فكيف تنوي أن لا يبقى ؟! الثالثة: ألا ينوي هذا ولا هذا، فتكون وقفاً لا إشكال فيه. ولو أن رجلاً عنده أرض بين شارعين، فجعل الناس يستطرقون هذه الأرض وهو ساكت، فهل نقول: إن هذا الطريق صار وقفاً؟ لا؛ لأن هذا لا يدل على الوقف، فكثير من الناس إذا لم يكن محتاجاً للأرض فإنه يسمح للناس أن يتجاوزوا منها، ولكن إذا احتاجها حرفها وسد الطريق، فلا بد في الفعل من قرينة ظاهرة تدل على الوقف؛ لأن الأصل بقاء ملك الإنسان فيما يملك، ولا نخرجه عن هذا الأصل إلا بقرينة ظاهرة. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَصَرِيحُهُ وَقَّفْتُ وَحَبَّسْتُ وَسَبَّلْتُ وَكِنَايَتُهُ تَصَـــــــدَّقْتُ وَحَرَّمْتُ وَأَبَّــــدْتُ _) س : ما هي أقسام القول في الوقف ؟ ج : القول ينقسم إلى قسمين: 1- صريح . 2- وكناية. س : ما هو الضابط في الصريح ؟ ج : هو الذي لا يحتمل غير الوقف. س : ما هو الضابط في الكناية ؟ ج : الضابط في الكناية: هو الذي يحتمل الوقف وغيره. س : ما الفرق بين لفظ الصريح والكناية في الوقف ؟ ج : قال العثيمين : الصريح مجرد ما ينطق به يثبت الحكم؛ لأنه صريح لا يحتمل معنى آخر، والكناية لا بد فيها من إضافة شيء إما نية، أو قرينة. س : هل الصرائح والكنايات أمر جاء به الشرع بحيث يستوي فيه جميع الناس، كالصلاة والزكاة والصيام والحج، أو أمر يرجع فيه إلى العرف؟ ج : قال العثيمين : الصحيح أن جميع صيغ العقود القولية أمر يرجع فيه إلى العرف، فقد يكون هذا اللفظ صريحاً عند قوم وكناية عند آخرين، وقد لا يدل على المعنى إطلاقاً عند غيرهم، فالصحيح أنه يرجع إلى عرف الناس، فما اطرد عند الناس أنه دال على هذا المعنى فهو صريح، وما لم يطرد ولكنه يراد به أحياناً فهو كناية، وما لا يدل على المعنى أصلاً فليس بشيء، فالصريح من كل شيء ما لا يحتمل غيره عرفاً؛ لأن هذا كله جاء من الناس وإليهم. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ فَتُشْـــتَرَطُ النِّيَّةُ مَعَ الكِنَايَةِ، أَوِ اقْتِرَانُ أَحَدِ الأَلْفَاظِ الخَمْسَةِ، أَوْ حُكْمِ الوَقْفِ _ ) س : بماذا يثبت الوقف ؟ ج : ذكــــر المؤلف امــــــور : الأول: النية، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم : إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى. س : ما هي صورة ثبوت الوقف بالنية ؟ ج : إذا قال: تصدقت بسيارتي على فلان، ثم قال: إنه نوى أنها وقف عليه، فكلام المؤلف يدل على أنها تصير وقفاً، وأن المتصدَّق عليه لا يبيعها، ولا ينقل ملكها؛ لأنها وقف، لكن لو ادعى المتصدَّق عليه أنها ملك، فهنا تعارض شيئان: ظاهر اللفظ، وباطن النية، فهل نقول: إن الإنسان أعلم بنيته، وأنه يُرجع إليه؛ لأنه أخرج ملكه على هذا الوجه فلا يخرج إلا على هذا الوجه، أو نقول: إن هذه دعوى خلاف الظاهر، وهي ممكنة؛ لأنه ربما يندم على الصدقة بها، ويدعي أنها وقف حتى تكون حبيسة؟ هنا ينبغي أن ي دخل فيها القضاء، وينظر هل هذا الرجل أمين ـ بحيث يكون ما ادعاه من النية صدقاً ـ أو غير أمين؟ ويحكم بالقرائن. وإذا قال: حرَّمت سيارتي، فهذا يحتمل أن المعنى حرمها أي: حلف ألا يركبها؛ لأن التحريم يمين، كما قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ *} {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} فيحتمل أن يقال: حرَّمتها، أي: حرَّمت ركوبها والانتفاع بها، وحينئذٍ يكون ذلك يميناً، فإذا كفر كفارة يمين عاد واستعملها. فإذا قال: حرَّمت سيارتي، ثم رأيناه يريد أن يبيعها، فهنا نقول له: هل أنت نويت الوقف أو لا؟ فإذا قال: لم أنوِ الوقف، قلنا: بعها وكفِّر كفارة يمين، وإذا قال: إنه نوى الوقف صارت وقفاً. الثاني: قوله : أو اقتران أحد الألفاظ الخمسة، وهي ثلاثة ألفاظ صرائح، وكنايتان غير الكناية التي هي الصيغة؛ لأن الألفاظ ثلاث صريحة، وثلاث كناية، فاقتران أحد الألفاظ الخمسة، يعني الصرائح الثلاث والثنتين من الكناية. مثاله: أن يقول: تصدقت صدقة موقوفة على زيد، فهنا ينعقد الوقف؛ لأنه قرن مع «تصدقت» أحد ألفاظ الوقف الخمسة وهي قوله: (موقوفة). ولو قال: حرمت هذا تحريماً مؤبداً على زيد، فينعقد الوقف؛ لأنه قرنه بالتأبيد حيث قال: (تحريماً مؤبدا). ولو قال: أبدت هذا على زيد صدقة، فينعقد الوقف؛ لأنه اقترن به أحد الألفاظ الخمسة وهي (صدقة). الثالث: قوله: (أو حكم الوقف)، يعني يقترن بها حكم الوقف. س : ما وجه اعتراض العثيمين على قوله أو حكم الوقف ؟ ج : قال رحمه الله : كان الأولى أن يقول: (أو بما يدل على الوقف)؛ لأنه أعم. فمثلاً إذا قال: صدقة لا تباع، فهذا اقترن به حكم الوقف بأنه لا يباع، أو صدقة لا ترهن كذلك، وما يدل عليه كما لو قال: تصدقت بهذا على زيد ومن بعده عمرو، فهذا ليس فيه حكم الوقف، لكن فيه ما يدل على الوقف، وهو أنه جعله مرتباً، إذ أن الصدقة المحضة إذا تصدق بها على زيد لم تنتقل إلى غيره، وإذا قال: تصدقت به على فلان والناظر فلان، فهذا وقف أيضاً؛ لأن النظر إنما يكون في الأوقاف، فالتعبير بقوله: أو ما يدل على الوقف، أولى من قوله: (من حكم الوقف) لأن حكم الوقف غير شامل. س : هل ذكر الحجاوي شروط الواقف ؟ ج : قال العثيمين : لم يذكر المؤلف ـ رحمه الله ـ شروط الواقف، فيقال: يشترط في الواقف أن يكون عاقلاً، فلو قال المجنون: وقفت بيتي فإن الوقف لا يصح. ويشترط أن يكون بالغاً، فلو قال مراهق: وقفت بيتي لطلبة العلم فلا يصح الوقف؛ لأنه غير بالغ. س : هل يشترط أن يكون جائز التبرع، بمعنى أنه ليس عليه دينٌ يستغرق مالَهُ ؟ ج : قال العثيمين : في هذا خلاف بين العلماء، وهو مبني على جواز تصرف من عليه دين، فإن قلنا بجواز تصرف من عليه دين يستغرق ماله، قلنا بجواز الوقف، وإن لم نقل ذلك قلنا: لا يصح وقفه. والصحيح أنه لا يصح تبرعه؛ لأن من عليه دينٌ يستغرق ماله فقد شغله بالدين، وقضاء الدين واجب، والتبرع والصدقة مستحب، فلا يمكن أن نسقط واجباً بمستحب، فالصحيح أنه لا يصح منه الوقف والعتق ولا يجوز له أن يتصدق، أما المذهب فيجوز إلا إذا حُجر عليه من قبل القاضي، فإنه لا يصح أن يتبرع. س : هل يشترط أن يكون الواقف جائز التصرف ؟ ج : قال العثيمين : يشترط أن يكون جائز التصرف ، فلو كان بالغاً عاقلاً لكنه سفيه لا يحسن التصرف في ماله فإنه لا يصح وقفه؛ لأنه ليس جائز التصرف، فإن كان لا يصح أن يبيع ماله فتبرعه به من باب أولى ألا يجوز. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ المَنْفَعَةُ _ ) س : هل من شروط الوقف أن يكون فيه منفعة ؟ ج : نعم فأما ما لا منفعة فيه فإنه لا يصح وقفه كما لا يصح بيعه، وأي شيء يستفيد الموقوف عليه من شيء لا منفعة فيه؟! كما لو أوقف حماراً هرماً، فهذا لا منفعة فيه؛ لأنه لا يركب ولا يحمل عليه، وإنما يؤذي بنفقته، فهذا لا يصح فيه الوقف؛ لأنه ليس فيه منفعة. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ دَائِماً _ ) س هل يشرط أن يكون الوقف دائما ؟ ج : نعم لا بد أن تكون المنفعة دائمة، فإن كان من معيَّن فيه منفعة مؤقتة فإنه لا يصح وقفه. س : ما هي صورة الوقف الغير دائم ؟ ج : رجل استأجر بيتاً لمدة عشر سنوات، ثم أوقف هذا البيت على شخص، فالوقف هنا لا يصح؛ لأن المنفعة غير دائمة، المنفعة مدة الإجارة فقط، ولأنه في الإجارة لا يملك المستأجر إلا المنفعة ولا يملك العين. س : هل يصح وقف عَبْدٍ حُكِمَ عليه بالسجن، ثم القتل بعد شهر مثلاً، أو لا يصح؟ ج : قال العثيمين : يصح؛ لأن منفعته الولاء؛ لأنه إذا أوقفه ثم أعتقه الموقوف عليه، وقلنا بصحته فله الولاء. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ مِنْ مُعَيَّنٍ _ ) س : هل يشترط في الوقف أن يكون معينا ؟ ج : وقال الإمام العثيمين : من شروط الوقف كونه على معين من جهة كمسجد كذا، أوشخص كزيد، غير نفسه على المذهب، يملك ملكا ثابتا لأن الوقف يقتضي تحبيس الأصل تحبيسا لا تجوز إزالته. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ كَعَقَارٍ وَحَيَوَانٍ وَنَحْوِهِمَا _ ) س : هل يشترط في الوقف أن تكون القيم متساوية أو غير متساوية ؟ ج : قال العثيمين : ظاهر كلام المؤلف أنه لا فرق بين أن تكون القيم متساوية أو غير متساوية؛ لأنه لم يعينه، والصحيح أنه إذا كانت متساوية فإنه يثبت الوقف. س : مـــــا مثــــال ذلـــــــــك ؟ ج : إنسان عنده شقق متساوية من كل وجه، فقال: وقفت إحدى شققي على فلان، فهنا لا مانع؛ س : س : لماذا لا مــــانع ؟ ج : لمــــــا يلــــــي : أولاً: لأنه عقد تبرع، والتبرع يتسامح فيه ما لا يتسامح في غيره. ثانياً: أن القيم متساوية، فلا فرق بين اليمين أو الشمال، وكما أنه أحد القولين في مسألة البيع ـ وهو معاوضة مبنية على المشاحة ـ أنه إذا تساوت القيم جاز بيع المبهم، بأن يقول: بعت عليك إحدى هاتين السيارتين. س : هل يشترط أن يكون الوقف معلوماً ؟ ج : اختلف أهل العلم في ذلك : القول الأول : ظاهر كلام المؤلف: أنه لا يشترط أن يكون معلوماً، فلو وقف أحد عقاراته بدون أن يعلمه فإنه يصح وقفه؛ لأن هذا معين. القول الثاني : والمذهب أنه لا يصح؛ لأنه مجهول، وإذا كان مجهولاً فإنه قد يكون أكثر مما قد يتصوره الواقف. قال الإمام العثيمين : والراجح صحة هذا؛ لأنه لم يجبر على الوقف؛ وليس الوقف مغالبة حتى يقول: خدعت أو غلبت؛ بل الوقف تبرع أخرجه الإنسان لله تعالى، كما لو تصدّق بدراهم بلا عدٍّ فتصح وتنفذ ولا يصح الرجوع فيها؛ لأنه تصدَّق وتبرَّع؛ فلهذا كان الراجح أنه يصح وقف المعيّن وإن كان مجهولاً؛ لأنه تبرّع محض إذا أمضاه الإنسان نفذ. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ كَعَقَارٍ وَحَيَوَانٍ وَنَحْوِهِمَا _ ) س : ما حكم وقف الشيء الذي ينتفع به مع تلف عينه ؟ ج : اختلف أهل العلم في ذلك : القول الأول : لا يصح وقفه. س : مــــــــا هـــــــو تعليلهــــــم ؟ ج : قالـــــــــوا لأن الوقف حبس الأصل وتسبيل المنفعة. س : لو وقف جراب تمر على الفقراء ؟ ج : لا يصح. س : مــــــــا هـــــــو تعليلهــــــم ؟ ج : لأنه لا يمكن الانتفاع به إلا بتلف عينه؛ لأن الفقراء سوف يأكلونه وإذا أكلوه لم تبق عينه، فلا بد أن يكون من معيَّن يُنتفع به مع بقاء عينه. س : لو وقف خبزاً على الفقراء ؟ ج : لا يصح. س : مــــــــا هـــــــو تعليلهــــــم ؟ ج : لأنه لا يمكن أن يُنتفع به مع بقاء عينه. س : ما حكم وقف الماء ؟ ج : استثنوا من هذا الماء، فقالوا: إن وقفه يصح. س : لمـــاذا استثنوا الماء ؟ ج : لأنه ورد عن السلف، فيجوز أن يوقف هذه القربة على العِطَاش من المسلمين، فيقال: إن وروده عن السلف يدل على جواز مثله إذ لا وجه لاستثنائه. القول الثاني : الصواب أنه يجوز وقف الشيء الذي لا ينتفع به إلا بتلفه، فإذا قال: هذا الجراب من التمر وقف على الفقراء، قلنا: جزاك الله خيراً، وقبل منك، وهو بمنزلة الصدقة. وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وهو الصواب، أنه يجوز وقف الشيء الذي ينتفع به مع تلف عينه. س : إذا أوقف دراهم للقرض، وقال: هذه وقف لإقراض المحتاجين، فهل يصح أو لا يصح؟ ج : اختلف أهل العلم في ذلك : القول الأول : على المذهب لا يصح؛ لأنه لا يمكن أن ينتفع بالدراهم إلا بتلفها، يأخذها المستقرض ويشتري بها حاجاته فتتلف. القول الثاني : أن هذا جائز؛ لأنه إذا جاز وقف المعين الذي يتلف بالانتفاع به، فوقف مثل هذا من باب أولى؛ لأنه إذا استقرضه سيرد بدله ويكون دائماً. قال العلامة العثيمين : الصواب جواز وقف الدراهم لإقراضها المحتاجين، ولا حرج في هذا، ولا دليل على المنع، والمقصود إسداء الخير إلى الغير. س : هل يجوز وقف الحيوان ؟ ج : الحيوان ينتفع به؛ لأنه إن كان مركوباً فبركوبه، وإن كان محلوباً فبحلبه، والحيوان يمكن أن ينتفع به مع بقاء عينه، فإن قال: وقفت هذه الشاة لِتُطْعَم للفقراء، فهل يصح أو لا يصح؟ على المذهب لا يصح؛ لأنه قيَّده بما يمكن الانتفاع به مع بقائه، فهو كما لو وقف التمر والأرز والبر وما أشبهه. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَأَنْ يَكُونَ عَلَى بِرٍّ كَالمَسَاجِدِ _ ) س : لماذا اشترطوا أن يكون الوقف على بِرٍ ؟ ج : لأن المقصود به التقرب إلى الله تعالى ؛ كالمساجد والقناطر والمساكين و السقايات وكتب العلم والأقارب ؛ فلا يصح الوقف على غير جهة بر ؛ كالوقف على معابد الكفار ؛ وكتب الزندقة , والوقف على الأضرحة لتنويرها أو تبخيرها ، أو على سدنتها ، لأن ذلك إعانة على المعصية والشرك والكفر. قال الإمام أحمد: لا أعرف الوقف إلا ما أريد به وجه الله، ولأن عمر ـ رضي الله عنه ـ أراد بوقفه التقرب إلى الله. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَالقَنَاطِرِ _ ) س : ما حكم وقف القناطر ؟ ج : قال العثيمين : القناطر جمع قنطرة وهي الجسر على الماء للعبور عليها، فلو بنى قنطرة على نهر فهنا يصح أن يوقفها؛ لأنها على بر، ويصح أن يؤجرها لأنها ملكه. س : فإذا قال قائل: القناطر يمشي عليها المسلم والكافر، فما الجواب؟ ج : قال العثيمين : نقول: العبرة بالقصد، وهذا قصد البر، والكافر الذي يعبر عليها، إما أن يكون ممن تحل له الصدقة، وإما أن يكون ممن لا تحل له الصدقة، لكن يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ والمَسَاكِينِ _ ) س : ما وجــــه التعليل على جواز الوقف للمساكين ؟ ج : قال العثيمين : المساكين جهة بر؛ لأنهم في حاجة، فإذا وقف هذا البيت على المساكين، فهذه جهة بر، ويقدم الأحوج فالأحوج؛ لأن الحكم إذا علق بوصف ازداد قوة بحسب قوة الوصف فيه. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ والأَقَارِبِ _ ) س : ما حكم وقف على الأقارب ؟ ج : قال العثيمين : الأقارب نفعهم بر؛ لأنه من الصلة، فإذا قال: هذا وقف على أقاربي ـ ولو كانوا غير مسلمين ـ صح الوقف؛ لأن صلة القرابة من البر، والأقارب من الجد الرابع فنازل، فالإخوان والأعمام وأعمام الأب وأعمام الجد وأعمام جد أبيك فهؤلاء أقارب، ومن فوق الجد الرابع فليسوا بأقارب، وإن كان فيهم قرابة لكن لا يُعَدُّون من الأقارب الأدْنَيْن، ولهذا لما أنزل الله: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}، لم يدع النبي صلّى الله عليه وسلّم كل قريب، بل دعى من شاركوه في الأب الرابع فما دون. والوصف هنا القرابة، فيقدم الأقرب، إلا إذا علمنا أن مراد الواقف دفع الحاجة دون الصلة، فيقدم الأحوج ولو بَعُد. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ مِنْ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ _ ) س : ما الدليل على جواز الوقف على الذمي ؟ ج : قال العثيمين : لقوله تعالى: {لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} وروى عبد الرزاق في مصنفه، والأثر حسن أن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم ؟ أوصت لابن أخٍ لها يهودي ؟ فيجوز أن يوقف على ذمي ونحوه. س : لماذا أسقط الحجاوي المعاهد والمستأمن ؟ ج : قال العثيمين : كأن المؤلف أسقط المعاهد والمستأمن؛ لأن العهد لا يدوم، وكذلك الأمان لا يدوم، بخلاف عقد الذمة فالأصل فيه الدوام. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ غَيْرَ حَرْبِيٍّ _ ) س : ما حكم الوقف على الكفار الحربي؟ ج : قال العثيمين : الحربي لا يجوز أن يوقف عليه، وذلك لأن ماله ليس بمعصوم وعليه فريع الوقف غير معصوم. والوقف لازم وحين ذلك لا يكون لهذا المال عصمة لكون صاحبه ليس بمعصوم المال ولأنه ليس بوجه برٍ أن يوقفه على من يحارب الله ورسوله وأهل الإسلام. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَكَنِيسَةٍ _ ) س : هل يصح وقف الكنائس ؟ ج : قال العثيمين : لا يصح، فَدُورُ الكُفْرِ لا يصح الوقف عليها لقوله تعالى: {وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}. س : هل يصح وقف النصراني للكنائس ؟ ج : اختلف أهل العلم في ذلــــــك : القول الأول : لا يصح سواء كان المُوقِف مسلماً أو نصرانياً؛ لأنه إن كان مسلماً فالأمر ظاهر، وإن كان نصرانياً، فالحكم بصحة الوقف إعانة لهم على الإثم، ولا يحل، فإذا وقف النصراني على الكنيسة أبطلنا الوقف؛ لأن هذه جهة، والجهة لا بد أن تكون على بر. القول الثاني : ذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا كان الذي أوقف على الكنيسة نصرانياً فإن الوقف يصح؛ لأنهم يدينون لله تعالى ـ وإن كان دينهم باطلاً ـ ببناء الكنائس والإنفاق عليها، ونحن نقرهم على دينهم، والمال ليس مالنا حتى نقول: لا يمكن أن يصرف مال المسلم في معابد الشرك، فالمال ماله هو، وهذا ليس ببعيد إذا لم يتحاكموا إلينا، فإن تحاكموا إلينا وجب الحكم بينهم بما أنزل الله. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَنَسْخِ التَّوْرَاةِ والإِنْجِيلِ _ ) س : هل يجوز الوقف على نسخ التوراة ؟ ج : قال العثيمين : لا يجوز الوقف على نسخ التوراة، فلو أوقف مالاً لنسخ القرآن الكريم، ومالاً لنسخ التوراة، ومالاً لنسخ الإنجيل، فالأول يصح؛ لأنه قربة، والثاني والثالث لا يصح؛ لأن هذه الكتب كتب محرفة من حيث ذاتها، منسوخة من حيث أحكامها، فلا يعتمد عليها إطلاقاً، وما فيها من حق فقد تضمنته الشريعة الإسلامية. فلا يجوز لأحد أن ينسخ التوراة أو الإنجيل أو يقرأها أو يوزعها؛ لأن فيما أنزل الله علينا كفاية؛ ولأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فربما يزيِّن له شيئاً من التوراة والإنجيل يصده عن القرآن. س : هل يجوز للنصراني أن يوقف شيئاً لنسخ الإنجيل؟ ج : قال العثيمين : فيه تفصيل إن كان على نسخ ونشر فإننا نمنعه، وإن كان على نسخه لينتفع به النصارى فقط، فقد يقال: لا بأس به، على أن في نفسي منه شيئاً؛ لأنه يمكن أن يوزع على الناس، فخطره أعظم من تعمير الكنيسة، وقد يقال بالمنع. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَكُتُبِ زَنْدَقَةٍ _ ) س : هل يجوز وقف كتب الزندقة ككتب الشيوعية، أو كتب البدع المكفرة أو المفسقة ؟ ج : لا يجوز الوقف عليها، فلو أوقف إنسان شيئاً على مؤلفات الزنادقة، فإنه لا يصح الوقف؛ لأنه إعانة على الإثم والعدوان. س : إذا وقف الشيوعي على نشر كتب الشيوعية، فهل نقول: هذا كإيقاف النصراني على نسخ الإنجيل؟ ج : لا؛ لأن النصراني له شبهة، فالإنجيل مُنزل من عند الله، لكنه محرف ومنسوخ، بخلاف الشيوعي فكتب الشيوعية كتب ضلال وإلحاد، وليست من عند الله، فيمنع من إثبات الأوقاف فيها والعمل بها مطلقاً، وكذلك كتب البدع يمنع، فلا يوقف أي شيء في بلاد الإسلام على نسخ كتب البدع. قال العثيمين : الخلاصة: أنه إذا كان الوقف على جهة فلا بد أن يكون على بر، وإذا كان على معين فلا يشترط أن يكون على بر؛ لأنه قد يقصد منفعة هذا المعين بعينه، لا التقرب إلى الله عزّ وجل، لكن يشترط ألا يكون فيه إثم، فإذا كان على إثم فلا يصح، ولنضرب لهذا أمثلة: وقف على المساكين يصح؛ لأنه بر. س : ما حكم الوقف على الأغنياء ؟ ج : قال العثيمين : لا يصح؛ لأن هذه جهة، والجهة لا بد أن يكون الوقف فيها على بر، والأغنياء ليسوا أهلاً للصدقة. س : ما حكم الوقف على ضارب الدفوف ؟ ج : قال العثيمين : فيه تفصيل: إذا كان على ضاربات الدفوف في العرس، فهذا يجوز؛ لأنه قربة، ويسن إعلان النكاح والدف فيه للنساء. س : ما حكم الوقف على لاعبي الكرة ؟ ج : قال العثيمين : فهذا لا يصح؛ لأن هذه جهة، ولا بد أن تكون على بر، وهذا ليس ببر.
تابعونا
كتاب الوقف من متن زاد المستقنع سؤال وجواب المؤلف محمد جهاد خليل الأخرس
| |
|
sweetgir عضو ذهبى
عدد المساهمات : 354 تاريخ التسجيل : 30/10/2010
| موضوع: رد: كتاب الوقف من متن زاد المستقنع سؤال وجواب المؤلف محمد جهاد خليل الأخرس الجمعة 21 فبراير - 1:26 | |
|
س : ما حكم الوقف على فلان اليهودي ؟ ج : قال العثيمين : هذا يصح لأن هذا مما لم ننه عن بره، والوقف بر وليس فيه نهي، فالواقف لم يرتكب ما نهى الله عنه، ولم يصدق عليه أنه عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم؛ لأن الله قد أذن في ذلك. س : ما حكم الوقف على داعية للنصرانية ؟ ج : هذا لا يصح؛ لأن هذا معناه تشجيع هذا الرجل على باطله، ومن باب أولى أن يوقف على الكنائس والصوامع والبيع، وما أشبه ذلك. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَكَذَا الوَصِيَّةُ _ ) س : ما حكم الوصية بالوقف ؟ ج : الوصية لا تصح على جهة عامة إلا أن تكون على بر، أما إذا كانت على جهة معينة كشخص معين، فلا بأس ألا تكون على بر، لكن لا يجوز أن تكون على إثم. س : ما الفرق بين الوصية والوقف ؟ ج : مـــــــا يلـــــي : أولاً: أن الوقف عقد ناجز، فإذا قال الرجل: وقفت بيتي، أو وقفت سيارتي، أو وقفت كتبي، فيكون وقفاً في الحال. والوصية تكون بعد الموت، فيقول مثلاً: أوصيت بداري للفقراء. ثانياً: أن الوقف ينفذ من جميع المال، فلو وقف جميع ماله نفذ، إلا أن يكون في مرض موته المخوف. والوصية لا تكون إلا من الثلث فأقل، ولغير وارث، وما زاد على ذلك، أو كان لوارث، فلا بد من موافقة الورثة على هذه الوصية. فلو قال: أوصيت ببيتي لفلان، ثم توفي، وحصرنا تركته بعد موته فوجدنا أن هذا البيت أكثر من الثلث، فالذي ينفذ من البيت ما يقابل الثلث فقط، فإذا كان هذا البيت النصف فإنه ينفذ منه ثلثاه؛ لأن ثلثي النصف بالنسبة للكل ثلث. لكن لو أجاز الورثة وقالوا: ليس عندنا مانع، فإن ذلك لا بأس به، وهذه هي قاعدة المذهب، وسيأتي إن شاء الله ـ الكلام عليها، وتحريرها. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَالوَقْفُ عَلَى نَفْسِهِ _ ) س : ما حكم الوقف على النفس ؟ ج : قال العثيمين : لا يصح، بأن يقول: وقفت على نفسي بيتي الفلاني، قال الإمام أحمد: لا أعرف الوقف إلا ما أخرجه لله. والمُوقف على نفسه لم يصنع شيئاً؛ لأنه أخرج ملكه إلى ملكه، فما الفائدة؟ فإن قالوا: الفائدة ألا يبيعه؛ لأن الوقف لا يجوز بيعه، قلنا: ومن الذي يجبره على بيعه؟! يبقيه حراً غير وقف ولا يبيعه. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَيُشْتَرَطُ فِي غَيْرِ المَسْجِدِ وَنَحْوِهِ أَنْ يَكُونَ عَلَى مُعَيَّنٍ يَمْلِكُ _ ) س : مــــا المقصـــود بكلام المؤلف هنا ؟ ج : المسجد والمقبرة ونحوهما إذا أوقفه فإنه لا يوقفه على معين بل على جماعة من الناس، وكذلك القنطرة أو النفق أو الطريق، فهذا وقف على غير معين، فلا يشترط العلم بالموقوف عليه، فإذا بنى مسجداً فلا يشترط أن يعلم من يصلي فيه، وهكذا. أما غير المسجد ونحوه، فإنه يشترط فيه أن يكون على معين يملك، فيكون على معين غير مجهول ولا مبهم. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ لا مَلَكٍ_ ) س : هل يجوز الوقف على الملائكة ؟ ج : قال العثيمين : لو وقف على مَلَك معيَّن، كجبريل مثلاً، قال: هذا وقف على جبريل ـ عليه السلام لأنه أمين الله على وحيه، فهذا لا يصح؛ لأنه لا يملك، وإذا كان لا يملك فلا يصح. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَحَيَوَانٍ _ ) س : هل يجوز الوقف على الحيوان ؟ ج : لا يصح الوقف عليه لأنه لا يملك، وكذلك العبد فإنه معين لكن لا يملك فلا يصح الوقف عليه. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَحَمْلٍ _ ) س : هل يجوز الوقف على الحمل في البطن ؟ ج : لا يصح الوقف عليه. س : مــــــــا هـــــــو تعليلهــــــم ؟ ج : لأنه ليس بمعين أو لا يدرى هل موجود أو لا. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَقَبْرٍ _ ) س : هل يجوز الوقف على الحمل في القبر ؟ ج : لا يصح الوقف عليه . س : مــــــــا هـــــــو تعليلهــــــم ؟ ج : لأنه وإن كان معيناً لكنه لا يملك. س: هل يشترط لصحة الوقف أن يكون منجزاً ؟ ج : نعم يشترط لصحة الوقف أن يكون منجزاً ، فلا يصح الوقف المؤقت ولا المعلق ، إلا إذا علقه على موته ، صح ذلك ، كأن يقولوا إذا مت فبيتي وقف على الفقراء ، لما روى أبو داود : ( أوصى عمر إن حدث به حدث ، فإن سمغاً أرض له صدقة ) واشتهر ، ولم ينكر ، فكان إجماعاً ، ويكون الوقف المعلق على الموت من ثلث المال ، لأنه يكون في حكم الوصية. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ لا قَبُولُهُ _ ) س : هل يشترط في الوقف القبول من الموقوف ؟ ج : قال العثيمين : لا يشترط في الوقف على معين أن يقبله ذلك المعين، ولا في الوقف على جهة أن يقبله الولي على تلك الجهة، أو جميع أفراد هذه الجهة، فلا يمكن أن نحيط بجميع الفقراء ونسألهم هل يقبلون أو لا؟ فإذا قال: هذا البيت وقف على فلان، وقال فلان: أنا لا أريده، نقول: الوقف الآن نفذ ويصرف إلى من بعده إن ذكر له مآلاً، وإلا صرف مصرف الوقف المنقطع، وسيأتي ـ إن شاء الله ـ بيان لمن يكون الوقف إذا انقطع من يستحقونه. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ لا قَبُولُهُ _ ) س : لماذا نص على نفي كون القبول شرطاً ؟ ج : قال العثيمين : لأن من العلماء من قال: إن الوقف على معين يشترط قبول المعين له، وهذا القول جيد؛ لأننا كيف نلزم الشخص أن يُدخل ملكه هذا الشيء بدون رضاه؟! فإذا قال: أنا لا أقبل، كما لا أقبل أن تهدي لي هدية، أو تهب لي هبة، لا أقبل أن توقف علي شيئاً، فالقول بأنه لا بد من قبول المعين إذا وُقِفَ عليه الوقف قول قوي، أقوى من القول بعدم اشتراطه. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَلاَ إِخْرَاجُهُ عَنْ يَدِهِ _ ) س : هل يشترط إخراج الوقف عن يد الواقف ؟ ج : لا يشترط إخراج الوقف عن يد الواقف، فلو وقف البيت وبقيت يده عليه، فالوقف يخرج عن ملكه وإن لم يخرج عن يده، ولهذا لو أن إنساناً وضع دراهم في جيبه على أنها صدقة، ثم بدا له ألا يتصدق، فهذا يجوز ولا بأس به، فهي ما دامت في يدك إن شئت أمضيتها وإن شئت رددتها، لكن الوقف إذا وقف نفذ ولو كان تحت سيطرته وتحت يده. س : مــــا هو ملخص الشروط التي ذكرها المؤلف ؟ ج : الشروط التي ذكرها المؤلف ـ رحمه الله ـ هي: 1- دوام المنفعة، فلا يصح توقيف العين التي تتلف بالانتفاع بها. 2- أن يكون الموقوف معيَّناً، فلا يصح: وقفت أحد هذين البيتين. 3- أن يكون على بر، إذا كان على جهة عامة. 4- أن يكون على معين يملك. 5- قبوله على قول من يرى أنه يشترط قبوله، أما على القول الثاني فليس بشرط.
فَصْلٌ
قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ ويَجِبُ العَمَلُ بِشَرْطِ الوَاقِفِ _ ) س : ما حكم العمل في الوقف إذا كان ريعه يصرف في غير ما وقف عليه ؟ ج : اختلف أهل العلـــــم في ذلـــــك : القول الأول : أغلب أهل العلم على أن اتباع شرط الواقف والأخذ به أمر واجب إذا خلا هذا الشرط من وجه معصية فلا وقف إلا في وجوه القرب فإذا شرط صرفه في وجه قربة أيا كان نوع تلك القربة وجب العمل بشرطه. القول الثاني : وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية أن صرف الوقف في أنفع مما اشترط الواقف أمر جائز. س : مــــا الدليل على ذلـــــــك ؟ ج : الكتاب والسنة والتعليل : الكتاب : أن الله ـ عزّ وجل ـ قال في الوصية: {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }، فبيَّن الله ـ تعالى ـ أن من بدل الشرط الذي اشترطه في نقل ملكه بعدما سمعه فعليه الإثم، وهدد من التبديل بقوله: {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، السنة : أن عمر ـ رضي الله عنه اشترط في إيقافه في خيبر شروطاً ، ولولا أنه يجب تنفيذها لكان اشتراطه لها لا فائدة منه. التعليل : لأن الواقف أخرج ملكه عن هذا الموقوف على وصف معين، فلا يجوز أن يتجاوز به إلى غيره. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ فِي جَمْعٍ _ ) س : هل يجب العمل بشرط الواقف في جمع الموقوف عليهم؟ ج : نعم فإذا قال: أوقفت داري على أولادي وأولاد أولادي فقد جمع بين أولاده وأولاد أولاده فيكون ريع الوقف لهم جميعاً، لأن هذا هو شرطه. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَتَقْدِيمٍ _) س : إذا شرط الواقف تقديم من يتصف بوصف معين هل يجب العمل به ؟ ج : نعم مثل أن يقول: هذا وقف على أولادي، ويقدم طالب العلم. س : ما معنى كونه يقدم ؟ ج : أنه يعطى كفايته من الوقف، والباقي للآخرين، ففي التقديم لا يُحرَم المؤخر؛ لأن هذا ليس ترتيباً بل هو تقديم وتأخير، فيستحقه الجميع، لكن يقدم من قدمه الواقف. س : إذا قال: هذا وقف على أولادي، يقدم الأعزب منهم، فهل نَفِي بالشرط أو لا؟ ج : قال العثيمين : ينظر، قد نقول: لا يوفى بالشرط؛ لأن العزوبة ليست أمراً مرغوباً فيه؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، لكن لو لاحظ أمراً آخر، بأن قال: يقدم من ماتت زوجته، فهذا لا بأس به؛ لأنه أراد بذلك جبر هذا الأعزب الذي ماتت زوجته، ولعله أن يتزوج، فإذا كان هذا الواقف يريد أن يجعل العزوبة وصفاً للاستحقاق بدون سبب شرعي، فإن هذا الشرط ملغى؛ لأنه خلاف ما يومئ إليه الشرع، وما يريده الشرع، وكل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَضِدِّ ذَلِك _ ) س : ما المقصود بقوله وَضِدِّ ذَلِكَ ؟ ج : مثــــــلاً : إذا أفرد فقال: "هذا وقف لزيدٍ ثم أولاده من بعده" فيعمل به. وإذا قال: هذا وقف لزيد وعمرو والمؤخر هو زيد" فيعطى عمرو ريع الوقف وما فضل فلزيد لأنه هو المؤخر. س : هل يجوز أن يفرق فيعطي أحداً ويحرم أحداً ؟ ج : قال العثيمين : هذا لا يجوز لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم . قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ واعْتِبَارِ وَصْفٍ وَعَدَمِهِ _ ) س : هل يجب العمل بشرط الواقف في اعتبار وصف ؟ ج : إذا قال الواقف: هذا وقف على أولادي ثم أولادهم من بعدهم الأفقه منهم، فحينئذ نعطيه ؟الأفقه ؟ منهم فنعمل بهذا الوصف. وإذا قال: هذا وقف عل أولادي ثم أولادهم من بعدهم فهنا لم يذكر وصفاً وعليه فنحن نطلق كما أطلق، فهو قد شرّك بينهم، وأطلق فحينئذ نشرك بينهم ونطلق ؛ وذلك لأنه لم ينص على صفة معينة. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَتَرْتِيبٍ _) س : مــــا صــــورة الترتيب في مسألة الوقف ؟ ج : أن يأتي بما يدل على الترتيب، مثل أن يقول: هذا وقف على أولادي ثم أولادهم، أو وقف على أولادي بطناً بعد بطن، أو وقف على أولادي فإذا عدم البطن الأول فللثاني، فهذا نسميه ترتيباً، ولا يختص بـ (ثم)، فكل ما دل على الترتيب نعمل به. س : إذا قال قائل: ما الفرق بين الترتيب والتقديم في الوقف ؟ ج : قال العثيمين : أنه في الترتيب لا يستحق البطن الثاني شيئاً مع البطن الأول، وفي التقديم يستحق البطن الثاني مع الأول ما فضل عن الأول، فالبطن الأول والثاني كلاهما مستحق لكن يقدم البطن الأول، فيمكن أن يشترك البطن الأول والثاني في مسألة التقديم، مثل أن يقول: هذا وقف على أولادي يُقدم الأحوج، فإذا أعطينا الأحوج ما يكفيه ـ لأن الريع كثير ـ وبقي بقية أعطينا البطن الثاني ما يحتاجه منها، لكن لو قال: وقف على أولادي، ثم أولادهم وكان الريع كثيراً، وأعطينا الأولاد حاجتهم وزاد أضعافاً، فهل نعطي البطن الثاني شيئاً؟ لا؛ لأنه قال: (ثم) وما بعد (ثم) لا يشارك ما قبلها لوجود الترتيب، ولو قال: بطناً بعد بطن، فكذلك هو ترتيب. س : إذا قال: وقف على أولادي ثم أولادهم، فمات أحد أولاده عن أولاد، فهل يستحقون شيئاً؟ ج : هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء : القول الأول : المشهور من المذهب أنه ليس لأولاد المتوفى شيء مع أعمامهم، فليس للبطن الثاني شيء مع وجود واحد من البطن الأول. القول الثاني : وقال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: بل لهم مع أعمامهم؛ وعلَّله بأنه لما مات الولد هنا استحق ولده؛ لأن الغالب أن الجد لا يقصد حرمان أولاد ابنه مع وجود أعمامهم، بل ربما تكون نظرته إلى أولاد ابنه الذين انكسروا بموت أبيهم أشد شفقة من نظرته إلى أولاده، لكن لو كان هناك عُرف شائع بأن مثل هذه العبارة ترتيب بطن على بطن، وأنه لا يستحق البطن الثاني مع الأول شيئاً، فإننا نرجع إلى العرف، وخير من ذلك أن يصرح الموقِفُ فيقول: من مات عن ولد فنصيبه لولده. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَنَظَرٍ _) س : إذا قال: والناظر على الوقف فلان" فهل هو شرط معتبر ؟ ج : قال العثيمين : نعم هو شرط معتبر يجب العمل به، فيكون هذا المعين هو الناظر على الوقف المعتني ؟ بشؤونه الصارف لريعه ، فقد ثبت في سنن أبي داود بإسناد صحيح في وصية عمر بن الخطاب: هذا ما أوصى به عبد الله، عمر أمير المؤمنين إن حدث به حدث أن ثمغاً وصِرْمَة بن الأكوع، والعبد الذي فيه، والمئة سهم التي بخيبر والأرقاء فيه والمئة التي أطعمه النبي صلى الله عليه وسلم ؟ بالوادي، تليه حفصة بنت عمر ثم ذو الرأي من أهلها. فهذا شرط من عمر في تعيين الواقف. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَغَيْرِ ذَلِكَ _) س : هل الشرط في الوقف محصور بهذه الثمانية التي ذكرها المؤلف ؟ ج : قال العثيمين : ليست هذه الثمانية حصراً، بل بجميع ما يشترطه الواقف بشرط عدم مخالفته للشرع؛ وعلة وجوب الرجوع إلى شرط الواقف؛ أنه أخرج هذا عن ملكه على وصف معين وشرط معين، فلا يجوز لنا أن نتصرف فيه إلا حسب ما أخرجه به عن ملكه. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ فَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ اِسْتَوَى الغَنِيُّ والذَّكَرُ وَضِدُّهُمَا _ ) س : ما الحكم ما لو أطلق الواقف ولم يشترط شيئا ؟ ج : قال العثيمين : إن أطلق ولم يشترط شيئاً لا ناظراً ولا وصفاً ولا تقديماً ولا تأخيراً، فإنه يستوي الغني والذكر وضدهما، وضد الغني الفقير، وضد الذكر الأنثى، فإذا قال: هذا وقف على أولادي وسكت، فهو لأولاده الذكر والأنثى، والصغير والكبير، والغني والفقير على السواء، ليس للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لأن هذا ليس تمليكاً تاماً، وإنما هو تمليك استحقاق؛ ولذلك لا يملك هؤلاء الذين وقف عليهم أن يبيعوه، أو يرهنوه، أو يوقفوه، فليس كالهبة، فالهبة يجب أن يجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، لكن الوقف لا. فإذا قال: هذا وقف على أولادي، وله أربعة أبناء وأربع بنات قُسِمَ على ثمانية أسهم، للذكر كالأنثى؛ ووجه ذلك أنه أخرجه عن ملكه لهم على وجه الاستحقاق لا التملك، ولذلك لا يملكون بيعه، ولا رهنه، ولا هبته، ولم أجد أحداً خالف في هذه المسألة. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ والنَّظَرُ للمَوْقُوفِ عَلَيْهِ _ ) س : ما المقصود بقوله والنظر للموقوف عليه ؟ ج : قال العثيمين : يعني إذا أطلق ولم يشترط فالنظر يكون للموقوف عليه، هذا إذا وقف على معين، فإن وقف على جهة، أو على ما لا يملك فالنظر للحاكم، أي: للقاضي. فالآن إذا وقف على معين ولم يشترط ناظراً فالنظر للموقوف عليه؛ لأنه هو المستحق، وإذا كان الموقوف عليهم عدداً، صار لكلٍّ نظرٌ بقدر نصيبه؛ لأن كل واحد منهم مستحق، ومعنى بقدر نصيبه، أنه لو أمكن أن يجزأ الوقف ـ وهم ستة مثلاً ـ إلى ستة أجزاء، وكل واحد ينظر على سدس فلا بأس. س : هل يصح أن يوقف على معين، ويشترط الناظر مِنْ هذا المعين؟ ج : قال العثيمين : نعم يصح. س : إذا وقف على معين بالوصف، مثل أن يقول: هذا وقف على إمام المسجد، أو على مؤذن المسجد، أو على المدرس في هذه المكتبة، فهل النظر له أو للقاضي؟ ج : قال العثيمين : هذا فيه جهتان، جهة خاصة، وجهة عامة، فبالنظر إلى أن إمام المسجد لا يعني فلان بن فلان، بل يعني كل من كان إماماً في المسجد، فمن هذه الناحية يكون عاماً والنظر فيه للحاكم، ومن ناحية أن الإمام واحد، يكون هذا من باب الوقف على معين فيكون النظر للإمام وحده. س : هل للناظر على الوقف أجرة؟ ج : إن شرطها الواقف فنعم، وإذا لم يشرطها فله أجرة المثل ويقدرها الحاكم، وإن تبرع ـ فجزاه الله خيراً ـ فقد أعان على خير. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَإِنْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ غَيْرِهِ _ ) س : ما حكم الوقف على بعض الأولاد دون بعض ؟ ج : الوقف على الولد جائز باتفاق العلماء، ومن الآثار الواردة فيه ما ثبت عند البيهقي والدارمي ورواه البخاري معلقاً، أن الزبير رضي الله عنه وقف على ولده وجعل للمردودة أن تسكن غير مضرّةٍ?ولا مضرّاً بها فإن استغنت بزوج فلا حق لها ولا يعلم له مخالف. يقول الشيخ العثيمين: فالقول الراجح: أننا نلغي هذا الوقف ولا نصححه، ويعود هذا الموقوف ملكًا للورثة؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم : من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد. اهـ. س : إذا قال الواقف هذه الدار وقف على ولدي هل يكون الوقف للموجودين وغير الموجودين ؟ ج : اختلف الفقهاء في ذلك : القول الأول : قال الحنابلة في المشهور عندهم : لولده الموجودين حين الوقف، وعليه فإذا ولد له بعد ذلك فلا حق لهم في الوقف ، وهذا ضعيف. القول الثاني : وعن الإمام أحمد وهو اختيار طائفة من أصحابه أن من يولد من ولده فله حق في الوقف، وذلك موافقةً لغرض الواقف، ولدخوله في لفظه فهو داخل في ولده ومقصوده انتفاع ولده وهذا من ولده، بل هو أشفق عليه وأرحم به لصغره فكان دخوله أولى.
| |
|
sweetgir عضو ذهبى
عدد المساهمات : 354 تاريخ التسجيل : 30/10/2010
| موضوع: رد: كتاب الوقف من متن زاد المستقنع سؤال وجواب المؤلف محمد جهاد خليل الأخرس الجمعة 21 فبراير - 1:27 | |
|
س : هل يستحب له أن يفضل الذكر على الأنثى في الوقف ؟ ج : اختار الشيخ عبد الرحمن بن سعدي وجوب تفضيل الذكر على الأنثى وتحريم عدم التفضيل وهو الراجح، وذلك لأن التفضيل هو العدل كما في الإرث وترك العدل محرم فترك العدل ظلم. وعليه: فإذا أطلق أو نص على أن الذكر له مثل ما للأنثى، فإن الذكر يعطى مثل ما للأنثيين، لأن هذا هو العدل الذي أمر الله به. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ ثُمَّ عَلَى المَسَاكِينِ فَهُوَ لِوَلَدِهِ، الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ بِالسَّوِيَّةِ _ ) س : فإن انقرض أولاده بأن ماتوا ولم يخلفوا أحداً، فلمن يكون الوقف؟ ج : يقول المؤلف: على المساكين، فيكون الوقف للمساكين. س : لماذا يكون على المساكين ؟ ج : لأن الولد انقرض ولم يبق له نسل، وإذا انتقل للمساكين يكون النظر للحاكم إذا لم يعين الواقف ناظرا. س : إذا وقف على ولد فلان فلمن يكون ؟ ج : يكون لأولاده البنين والبنات بالسوية، فإن انقرضوا فعلى المساكين. س : إذا قال وقفت على ولدي ثم المساجد، فلمن يكون ؟ ج : يكون الوقف لولده، فإن انقرضوا فللمساجد. فيكون لولده من صلبه ثم لولد بنيه، وهل الترتيب هنا ترتيب على فرد أو ترتيب بطن على بطن؟ بمعنى: هل لا يعطى أولاد الأبناء حتى ينقرض الأولاد من الصلب فلا نعطى أولاد بنيه حتى ينقرض أولاده. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ ثُمَّ وَلَدِ بَنِيهِ _ ) س : هل لا يعطى أولاد الأبناء حتى ينقرض الأولاد من الصلب فلا نعطى أولاد بنيه حتى ينقرض أولاده. أم أن الترتيب ترتيب فرد على فرد، فإذا مات زيد من ولده ولزيدٍ أولاد فنصيب زيد ينتقل إلى أولاده؟ ج : وجهان في مذهب الحنابلة. الوجه الأول : والمذهب هو الأول وأنه ترتيب بطن على بطن فإذا انقرض البطن الأول أعطي البطن الثاني فلا يعطى أولاد الأبناء مع وجود الأولاد. الوجه الثاني : القول الثاني في المذهب: وهو اختيار شيخ الإسلام واختيار الشيخ عبد الرحمن بن السعدي : أنه ترتيب فرد على فردٍ وهو الراجح تقريباً للإرث والعدل وبعداً عن الجور والظلم، فإن هذا حق لوالدهم كان يأخذه وهو حي فينتقل حينئذ إليهم كما ينتقل إليهم سائر ماله. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ دُونَ بَنَاتِهِ _ ) س : إذا قال هذا وقف على ولدي، هل يدخل ولد بناته؟ ج : اختلف الفقهاء في ذلك : القول الأول : لا يدخل ولد بناته، كما لا يدخلون في قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ}. هذا هو مذهب الإمام أحمد فهو مذهب الحنابلة. القول الثاني : وهو مذهب الشافعية وهذا القول رواية عن الإمام أحمد واختاره أبو الخطاب من الحنابلة واختاره من أئمة الدعوة الإمام عبد الرحمن بن حسن والإمام محمد بن إبراهيم وهو القول الراجح في هذه المسألة أن أولاد بناته يدخلون. س : مــــــــا هـــــــو تعليلهــــــم ؟ ج : قالوا: لأن ولد البنت ولده ، ولذا قال تعالى: {وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚوَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ } إلى قوله وعيسى وعيسى ابن بنته مريم رضي الله عنها ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحسن، وهو ابن بنته، قال: إن ابني هذا سيدّ" س : ما الجواب عن قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ} ؟ ۚ ج : أن ولد البنت داخل في العموم، وإنما دل الإجماع على عدم إرثهم فرضاً. ويمكن أن يُستدل بهذه الآية على إرثهم رحماً كما هو مذهب الحنابلة لكن فيه نظر ؛ لأنه يلزم أن يرثوا للذكر مثل الانثيين. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ كَمَا لَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ، وَذُرِّيَّتِهِ لِصُلْبِهِ _ ) س : هل ولد البنت يدخلون إذا قال: هذا وقف على ولد ولدي أو على ذريتي لصلبي أو على عقبي أو على نسلي ؟ ج : الخلاف كذلك هنا، والراجح أن ولد البنت يدخلون في ذلك كما هو مذهب الشافعية قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ كَمَا لَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ، وَذُرِّيَّتِهِ لِصُلْبِهِ _ ) س : مـــــا صــــورة هذه المسألة ؟ ج : إذا قال: هذا وقف على ولد ولدي أو على ذريتي لصلبي أو على عقبي أو على نسلي . فالخلاف كذلك هنا، والراجح أن ولد البنت يدخلون في ذلك كما هو مذهب الشافعية. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَلَوْ قَالَ: عَلَى بَنِيهِ أَوْ بَنِي فُلانٍ اخْتَصَّ بِذُكُورِهِمْ _ ) س : مـــــا صــــورة هذه المسألة ؟ ج : إذا قال: هذا وقف على بنيّ أو على بني فلان، فيختص بالذكور فليس للإناث من الوقف شيء. س : مــــــــا هـــــــو تعليلهــــــم ؟ ج : لأن الابن يطلق ويراد به الذكر كما قال تعالى: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ} بخلاف البنت. وهل يدخل في ذلك ابن بنته؟ على الخلاف المتقدم، والراجح دخولهم. وقد قال تعالى: ( وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ ) أي محرمات ومعلوم أن زوجة ابن البنت محرمة بالاتفاق. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ إِلاَّ أَنْ يَكُونُوا قَبِيلَةً فَيَدْخُلَ فِيهِ النِّسَاءُ دُونَ أَوْلادِهِنَّ مِنْ غَيْرِهِمْ _ ) س : إذا قال: هذا وقف على القبيلة الفلانية هل يدخل فيه النساء ؟ ج : نعم. س : مــــــــا هـــــــو تعليلهــــــم ؟ ج : لأن النساء من القبيلة فيشمل الذكور والإناث. ويخرج أولاد النساء من غيرهم. س : مــــا صــــورة هذه المسألة ؟ ج : إذا تزوج رجل من قبيلة أخرى، امرأةً من هذه القبيلة فالمرأة لها نصيب من الوقف؛ لأنها تنسب إلى هذه القبيلة ، أما أولادها من هذا الرجل فلا نصيب لهم ؛ وذلك لأنهم لا ينتسبون إلى هذه القبيلة، وهذا ظاهر. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ والقَرَابَةُ وَأَهْلُ بَيْتِهِ وَقَوْمُهُ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى مِنْ أَوْلاَدِهِ وَأَوْلاَدِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَجَدِّ أَبِيهِ _ ) س : إذا قال: هذا وقف على قرابتي أو على أهل بيتي أو على قومي ، هل يشمل الذكر والأنثى من أولاده وأولاد بنيه وجده وجد أبيه ؟ ج : اختلف الفقهاء في ذلك : القول الأول : نعم فالنبي صلى الله عليه وسلم اسمه هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، فإذا أوقف لقرابته فيدخل في ذلك أولاده، وأولاد عبد الله وعبد الله ليس له من الولد إلا النبي صلى الله عليه وسلم وأولاد عبد المطلب وأولاد هاشم، فعبد الله أبوه، وجده عبد المطلب، وجد أبيه هاشم، س : مــــا دليـــــلهم علــــى ذلـــــــك ؟ ج : أن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل سهم ذوي القربى في أولاد هاشم وأولاد عبد المطلب، وأولاده عليه الصلاة والسلام. القول الثاني : قال الشافعية بل يدخل في ذلك كل من ينتسب إلى أبيه الذي ينتسب إليه هو ، وليس المراد الأب المباشر بل قد ينتسب إلى جده أو أبي جده ،كما يقال بنو جعفر أو بنو هاشم وبنو مخزوم. فإذا قال: هذا الوقف لقرابتي أو أهل بيتي أو لقومي ، دخل في ذلك كل فرد [مـ]ـمن ينتسب إلى أبيه. وهذا هو القول الراجح وهو أقرب إلى العرف. مثلاً: العائلة الفلانية إذا قال رجل منهم هذا وقف على قرابتي أو قومي أو أهل بيتي ، يدخل فيها كل من يتسمّى بهذه القبيلة سواء كان من ولد أب الجد أو من ولد جد الجد. وقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم بني المطلب من سهم ذوي القربى وهم من ولد جد جده. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَإِنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ تَقْتَضِي إِرَادَةَ الإِنَاثِ أَوْ حِرْمَانَهُنَّ عُمِلَ بِهَا _) س : مـــــا صــــورة هذه المسألة ؟ ج : إذا قال: وقف على بنيه فلا تدخل فيه البنات فإذا كانت هناك قرينة تقتضي إعطاء الإناث، أو حرمانهن في مسائل أخرى فإنه يعمل بها. هذا يخالف الشرع والعدل كما قرر هذا الشيخ عبد الرحمن بن سعدي?فالشخص لا يتصرف بماله يمقتضى شهوته وهواه، وإن خالف الشرع والعدل بل الشرط ألا يخالف الشرع والعدل، ولا شك أن العدل بين الأولاد ذكورهم وإناثهم واجب. فإذا تضمن لفظه في وقفه تضمن حرمان صاحب حق أو اختصاص بعض الورثة بالوقف دون البعض الآخر، فإن هذا ظلم وجور والشريعة تنهى عن ذلك. فعلى ذلك لا ينظر إلى لفظه الذي يخرج به الإناث بل تعطى الإناث لوجوب العدل وتحريم الظلم. ولو فتح هذا لسلكه كل من شاء حرمان الإناث من المال بأن يوقفه على أبنائه وأبناء أبنائه ونحو ذلك، والواجب سد هذا الباب. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَإِذَا وَقَفَ عَلَى جَمَاعَةٍ يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ وَجَبَ تَعْمِيمُهُمْ وَالتَّسَاوِي _) س : مـــــا صــــورة هذه المسألة ؟ ج : إذا قال هذا وقف على من يوجد في بلدتي من القبيلة الفلانية، وكان حصرهم ممكناً فحينئذٍ يعطونه بالتسوية ويجب تعميمهم ؛ لأنه يمكن حصرهم. وظاهر إطلاق كلامه التسوية بينهم. وقال بعض الحنابلة:بل إذا كان هناك ما يقتضي التمييز فللناظر التمييز، كأن يكون بعضهم غنياً وبعضهم فقيراً فيميز بين غنيهم وفقيرهم، أو بعضهم إناث وبعضهم ذكور فيميز بين ذكرانهم وإناثهم وهذا هو القول الراجج كما تقدم تقريره في مسألة سابقة وأن شرطه المباح لا يعمل به، وهذا شرط مباح، فالمساواة بين الذكور والإناث إن لم نقل بتحريمه فيقال على أقل تقدير بإباحته ولا يعمل بالشرط المباح وإنما يعمل بالشرط المستحب، هذا القول هو الراجح. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَإِلاَّ جَازَ التَّفْضِيلُ وَالاقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِهِمْ _) س : مـــــا صــــورة هذه المسألة ؟ ج : إذا كان لا يمكن حصرهم كأن يقول هذه الدار وقف على كل قبيلة بني تميم وتميم أكثر قبائل العرب وهي دار لا يخرج منها إلا عشرة آلاف فحينئذ يجوز التفضيل والاقتصار على أحدهم. س : مــــــــا هـــــــو تعليلهــــــم ؟ ج : قالوا: لأنه لما أتى بهذا اللفظ الذي لا يمكننا العمل به إذا لا يمكنهم تعميم ذلك ، علم أنه يريد نفع هذا الجنس وهذا حاصل بنفع رجل واحدٍ منهم. قالوا: وعليه فإذا كان يجوز لنا أن نقتصر على واحد فإن التفضيل أولى، لأنه إذا جاز حرمانه فكونه مفضلاً عليه من باب أولى. أما إذا كانوا ابتداءً يمكن حصرهم ثم طرأ عليهم انتشار ونحو ذلك فأصبحوا لا يمكن حصرهم فحينئذ يجب أن يعمل الناظر بالتعميم حيث أمكن، لأنه أراد تعميمهم. فَصْلٌ قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَالوَقْفُ عَقْدٌ لاَزِمٌ لا يَجُوزُ فَسْخُهُ _ ) س : هل الوقف عقد لازمٌ لا يصح الرجوع عنه ؟ ج : الوقف الذري عقدٌ لازمٌ يخرج به الموقوف عن ملك الواقف، ولا يملك الرجوع عنه ولا تغييره؛ وينتقل حقِّ الانتفاع بالعين الموقوفة للموقوف له، ويحق له المطالبة بحقه الشرعي الوقفي بالانتفاع؛ لأنه من جملة حقوق العباد الثابتة، كما أنه ليس ملكًا له بحيث يملك مطلق التصرف فيه. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَلاَ يُبَاعُ _ ) س : ما حكم بيع أو شراء الوقف ؟ ج : روى البخاري ، ومسلم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أراد أن يتصدق بنخل له ، فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمره أن يوقفه ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ ، لاَ يُبَاعُ وَلاَ يُوهَبُ وَلاَ يُورَثُ، وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ ). ولفظ مسلم : ( لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلَا يُبْتَاعُ ). قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ : ( حَبِيسٌ [أي : وقف] مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ) انتهى من "فتح الباري" قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ إِلاَّ أَنْ تَتَعَطَّلَ مَنافِعُهُ _ ) س : ما حكم بيع الوقف إذا تعطلت منافعه ؟ ج : نعم، إذا تعطلت منافع الوقف يباع ويشترى به ما هو أصلح منه، فإذا كان بيتًا تعطل، دكانًا تعطل، يباع ويشترى به بيت أصغر، أو دكان أصغر، ينتفع به، أو أرض تعطلت عن الزراعة، ما رغب فيها الناس، تباع حتى تتخذ مساكن، ويشترى ما هو أصلح منها، أو يعمرها صاحب الوقف بيوتًا للسكن، إذا كان يستطيع ذلك، فلا تعطل، ولا يترك الوقف عاطلاً، يعني هذا من باب إضاعة المال، لا يجوز بل يجب أن ينظر في أمره، إما بإصلاحه وتعميره، وإما ببيعه وشراء ما هو أصلح منه، ويكون ذلك بواسطة المحكمة، إذا كان في البلاد محكمة، وإلا يكن ذلك بواسطة أهل الخير، كالمركز الإسلامي، أو العالم الذي يوثق به في البلد، أو في الأقلية الإسلامية، حتى يتعاون مع ناظر الوقف في ذلك الأمر، المقصود، أن ناظر الوقف يتعاون مع أهل الخير في ذلك حتى يبرئ ذمته، وحتى يسلم هذا الوقف من التعطيل، أما إذا كانت البلد فيها محكمة، فإن الناظر يستشير المحكمة، ويسير على ضوء توجيهات المحكمة في البيع، وفي شراء البديل. س : فإن نقصت المنافع ولم تتعطل فهل يجوز بيعها ؟ ج : لا يباع فيبقى على ما هو عليه حتى تتعطل، ولا يكون فيه فائدة. واختار شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ جواز بيعه للمصلحة بحيث ينقل إلى ما هو أفضل . س : بماذا استدل شيخ الإسلام على الجواز ؟ ج : بقصة الرجل الذي نذر إن فتح الله على رسوله صلّى الله عليه وسلّم مكة أن يصلي في بيت المقدس فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: صل هاهنا فأعاد عليه مرتين أو ثلاثاً فقال: فشأنَك إذن. فهنا أباح له النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يتحول عن النذر من المفضول إلى الأفضل، ومعلوم أن نذر الطاعة واجب، فيجوز أن ينقل الوقف أو يباع لينقل إلى ما هو أنفع. قال العلامة العثيمين : وما اختاره شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ هو الصواب. س : ما هو استدراك العثيمين على هذا القول ؟ ج : قال رحمه الله : في هذه الحال يجب أن يمنع من بيعه أو إبداله إلا بإذن الحاكم؛ لأنه قد يتعجل الموقوف عليه، ويقول: أبيعه لأنقله إلى ما هو أفضل، ويكون الأمر على خلاف ظنه، فلا بد من الرجوع إلى الحاكم ـ يعني القاضي ـ في هذه الحال؛ لئلا يتلاعب الناس بالأوقاف. مثال ذلك: إنسان أوقف عمارة على طلبة العلم في مكان كان من أحسن الأمكنة حين الإيقاف، لكن تغير الوضع وصار محل الطلب في جهة أخرى، فهل يجوز أن يبيع هذه العمارة ليشتري عمارة أخرى قريبة من مواطن العلم؟ أما على المذهب فلا؛ لأن منافعها لم تتعطل، وأما على القول الراجح فيجوز، ولكن لا بد من مراجعة الحاكم؛ لئلا يتلاعب الناس بالأوقاف. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ، وَلَوْ أَنَّهُ مَسْجِدٌ _ ) س : أين يصرف الوقف إذا تعطلت منافعه ؟ ج : يصرف ثمنه في مثله ولو أنه مسجد إن كان مسجداً فبمسجد وإن كانت مدرسة فبمدرسة ونحو ذلك. س : مــــــــا هـــــــو تعليلهــــــم ؟ ج : قالوا : لأن هذا هو الأقرب لمقصود الموقف، فإن مقصوده بناء مدرسة أو بناء مسجد فإذا أخذنا الثمن ووضعناه في شيء آخر فإن هذا يخالف مقصوده فحينئذ يوضع فيما هو أقرب لمقصود الموقف فيبنى به مسجد أو بعض مسجد كأن يشترى به الأرض ثم يتبرع أحد ببناء?مسجد عليها قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَآلَتُهُ وَمَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ جَازَ صَرْفُهُ إِلى مَسْجِدٍ آخَرَ والصَّدَقَةُ بِهِ عَلَى فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ _ ) س : مــــا المقصود بآلـــــــة المسجد ؟ ج : آلة المسجد من فرش وأدوات أخرى من كهرباء ونحو ذلك، ما يفضل منه يجوز صرفه في مسجد آخر، للمصلحة الراجحة وهو أقرب لمقصود الموقف. س: هل يجوز أن يتصدق بالوقف على الفقراء ؟ ج : اختل أهل العلم في ذلـــــك : القول الأول : يجوز أن يتصدق به على الفقراء، كأن تباع ويُتصدق بها على الفقراء. س : مــــا دليـــــلهم علــــى ذلـــــــك ؟ ج : ما روى البيهقي أن شيبة كان يتصدق بخُلْقان الكعبة "أي أستارها" وأن عائشة أمرته بذلك أي يبيع ستر الكعبة ويتصدق به على الفقراء، لكن الأثر إسناده ضعيف. القول الثاني : وعن الإمام أحمد أنه لا يتصدق به بل يصرف في مسجدٍ آخر ، وقال صاحب الإنصاف وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. س : مــاذا يترتب على هذا القول ؟ ج : أن آلات المسجد الفاضلة عن حاجته ولا يظن أنه يحتاج إليها قريباً من فرش ونحو ذلك لا تباع فيتصدق بها ، بل تنقل إلى مسجد آخر، وهكذا المصاحف ونحو ذلك مما يفضل عن حاجة المسجد.
بَابُ الهِبَةِ وَالعَطِيَّةِ
قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَهِيَ التَّبَرُّعُ بِتَمْلِيكِ مَالِهِ المَعْلُومِ المَوْجُودِ فِي حَيَاتِهِ غَيْرَهُ _ ) س : ما الفرق بين الهبة والعطية والهدية وبين الصدقة ؟ ج : أن الهبة ونحوها تعطى لشخص معين يقصد بها لمحبةٍ أو لتأليف قلبٍ ونحو ذلك، وقد قال صلى الله عليه وسلم تهادوا تحابوا) رواه البخاري في الأدب المفرد، وهو حديث حسن. وأما الصدقة فهي عبادة يقصد بها دفع الحاجة ولا يقصد بها أحد بعينه وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة كما في الصحيحين ويقصد بإعطائه ثواب الآخرة فقط. س : مـــا صور خروج المال بالتبرع ؟ ج : يقول الإمام العثيمين : اعلم أن خروج المال بالتبرع يكون هبة، ويكون هدية، ويكون صدقة، فما قصد به ثواب الآخرة بذاته فهو صدقة، وما قصد به التودد والتأليف فهو هدية، وما قصد به نفع المعطَى فهو هبة، فهذا هو الفرق بينها. والتودد والتأليف من الأمور المقصودة شرعاً ويقصد بها ثواب الآخرة، لكن ثواب الآخرة لم يقصد فيها قصداً أولياً، ولهذا يخصها بشخص معين، أما الصدقة فلا يخصها بشخص معين، بل أي فقير يواجهه يعطيه، وكلها تتفق في أنها تبرع محض لا يطلب الباذل عليها شيئاً. س : هل يجوز التبرع من شخص عليه دَين ينقص الدينَ ؟ ج : يقول الإمام العثيمين : لا يجوز من شخص عليه دَين ينقص الدينَ، فلو كان إنسان ليس عنده إلا عشرة ريالات وعليه عشرة ريالات، فلا يجوز له التبرع بهذه العشرة لا بصدقة ولا غيرها؛ لأن الدين واجب القضاء، وهذه التبرعات ليست بواجبة، والواجب مقدم. س : مـــــا معنى التبرع ؟ ج : أنه لا يأخذ عليه مقابلاً. س : ما هو تعريف المال ؟ ج : كل عين مباحة النفع بلا حاجة. س : هل تُعتبر العارية تمليك ؟ ج : يقول الإمام العثيمين : العارية ليست بتمليك فإنه يدفع عين ماله لمن ينتفع به لا تمليكاً وإنما من باب إباحة نفع العين. س : هل يشترط أن تكون الهبة في حياة الواهب ؟ ج : نعم في حياته لا بعد موته، فكونه يمتلكها بعد الموت هذه وصية، فإذا قال له هذه الدار لك بعد موتى، فهي وصية. س : هل يشترط أن يكون الواهب جائز التصرف ؟ ج : نعم يشرط في الواهب أن يكون أهلاً للتبرع، أن لايكون محجوراً عليه لسفه أو صغر فتبطل هبتهم. كما رأى الشافعية يشترط في الواهب شروطاً منها أن يكون مالكاً حقيقة أو حكماً، والملك الحكمي هو كملك صوف الأضحية الواجبة النذر، رأى الحنابلة في الواهب أن يكون جائز التصرف فلا تصح من سفيه ولا صغير. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَإِنْ شَرَطَ فِيهَا عِوَضاً مَعْلُوماً فَبَيْعٌ _ ) س : ما حكم الهبة بشرط العوض ؟ ج : اختلف أهل العلم في ذلـــــك : القول الأول : مذهب الجمهور إن شرط على الهبة عوضاً معلوماً فهي بيع وليست بهبة. فإذا قال: وهبتك داري على أن تهبني فرسك" فلا تكون هبة بل تكون بيعاً للمعاوضة فيها، هذا هو المشهور في المذهب. القول الثاني : وعن الإمام أحمد وهو اختيار القاضي من الحنابلة أن هذه الصورة هبة وليست ببيع، وأن من الهبة ما يكون فيه عوض ومنها ما لا يكون فيه عوض كالعتق، فكما أن العتق منه ما يكون بعوض ، ومنه ما لا يكون بعوض فكذلك الهبة. وهذا أرجح ، ويدل عليه قول عمر الثابت في موطأ مالك بإسناد صحيح أنه قال من وهب هبةً أراد عليها الثواب فهو على هبته يرجع فيها إذا لم يرض منها فقد سماها هبةً مع ما فيها من الثواب. قال شيخ الإسلام : ومن وهب ليعاوَض على هبته أو ليقضى له فيها حاجة فلم يوفَ?فهو كالشرط"، أي كأنه قال: وهبتك هذا الشيء بشرط أن تعاوضني" أو بشرط أن تقضي لي الحاجة والمسلمون على شروطهم. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَلاَ يَصِحُّ مَجْهُولاً، إِلاَّ مَا تَعَذَّرَ عِلْمُهُ _ ) س : هل يجوز هبة المجهول ؟ ج : اختلف أهل العلم في ذلـــــــك : القول الأول : يشترط أن يكون المال الموهوب، معلوماً لا مجهولاً وأن يكون موجوداً لا معدوماً، هذا هو المذهب. القول الثاني : وعن الإمام أحمد ، ومال إليه أبو الخطاب من الحنابلة في هذه المسألة أنه يعطيه ما يرضيه، فحينئذ تزول الجهالة، وقد تقدم ما يدل عليه من أثر عمر، وقد قال فيه: فهو على هبته يرجع فيها إذا لم يرض منها فإذا رضى منها فهي هبة صحيحة. س : ما هو موقف الإمام العثيمين ؟ ج : يقول الصحيح جواز هبة المجهول؛ لأنه لا يترتب عليه شيء؛ لأن الموهوب له إن وجد الموهوب كثيراً فهو غانم، وإن وجده قليلاً فلا ضرر عليه وهو غانم أيضاً، فلو وهب لشخص حملاً في بطن صح على القول الذي اخترناه، وهو صحة هبة المجهول. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَتَنْعَقِدُ بالإِيجَابِ وَالقَبُولِ _ )
| |
|
sweetgir عضو ذهبى
عدد المساهمات : 354 تاريخ التسجيل : 30/10/2010
| موضوع: رد: كتاب الوقف من متن زاد المستقنع سؤال وجواب المؤلف محمد جهاد خليل الأخرس الجمعة 21 فبراير - 1:28 | |
| [b]
س : ما هو الايجاب القبول ؟ ج : هو اللفظ الصادر من الواهب. س : ما هو صورة الإيجاب والقبول في الوقف ؟ ج : يقول: وهبتك هذا الكتاب، ويقول الثاني: قبلت، فالأول إيجاب والثاني قبول. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَالمُعَاطَاةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهَا _ ) س : ما أنواع صيغة الهبة ؟ ج : صيغتها نوعان: قولية، وفعلية. س : ما هي الصيغة القولية والفعلية في الوقف ؟ ج : القولية هي الإيجاب والقبول، والفعلية هي المعاطاة الدالة عليها. س : هل تنعقد الهبة بالمعاطاة ؟ ج : جاء في الموسوعة الفقهية: وَتَصِحُّ الْهِبَةُ بِالْمُعَاطَاةِ؛ لأِنَّ الْهِبَةَ فِي حَقِيقَتِهَا عَطِيَّةٌ، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي، وَيُعْطَى مِنْ غَيْرِ أَلْفَاظٍ. اهـ. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَتَلْزَمُ بِالقَبْضِ _ ) س : متـــــى تلـــــزم الهبـــــة ؟ ج : الهبة لا تلزم إلا بالقبض، كما هو مذهب جمهور العلماء. س : ما الدليل أن الهبة تلزم بالقبض ؟ ج : حديث عائشة رضي الله عنها: أن أبا بكر رضي الله عنه نحلها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية، فلما مرض قال: يا بنية، كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقا، ولو كنت حزتيه أو قبضتيه كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث، فاقتسموه على كتاب الله. رواه مالك في الموطأ. وما ثبت في مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول ابن آدم مالي مالي، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت) ، فذكر الإمضاء وهو الإقباض. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَتَلْزَمُ بِالقَبْضِ بِإِذْنِ وَاهِبٍ _ ) س: هل في الهبة خيار مجلس ؟ ج : إذا تمت الهبة بالإيجاب والقبول فليس فيها خيار مجلس، لكن فيها خيار مطلقاً حتى تقبض؛ لأنها لا تلزم إلا بالقبض، فلو قال: وهبتك كتابي الفلاني، فقال: قبلت، ولم يسلمه له، ثم رجع، فرجوعه جائز؛ لأن الهبة لا تلزم إلا بالقبض، فإذا قبضها فليس فيها خيار مجلس؛ لأن هذا عقد تبرع، والذي فيه خيار المجلس هو عقد المعاوضة. س : ما الفرق بين الهبة والبيع ؟ ج : الفرق بين الهبة والبيع، فالبيع يكون على عوض، وأما الهبة فلا تكون بعوض، وإذا وهب الزوج زوجته شيئاً حال الحياة وهو جائز التصرف وحازته الحوز الشرعي فهذه الهبة جائزة شرعاً ولا تؤثر في ميراثها.. وإذا ثبتت هذه الهبة فهي تكون للموهوب له للأبد، وذلك لأن الهبة لا تقبل التأقيت. س : هل يلزم إذن الواهب بما وهبه ؟ ج : قال العلامة العثيمين : نعم لو قال رجل: وهبتك بعيري الذي في حظيرتي، فقال: قبلت، ثم ذهب الموهوب له مسرعاً وأخذ البعير، فهل تلزم الهبة؟ المؤلف يقول: لا تلزم إلا إذا قال: اذهب فاقبضها، أو ذهب معه وأقبضه إياها، أما أن يقبض بدون إذنه فلا. س : فإذا قال قائل: أليس يلزم من الهبة الإذن في القبض؟ ج : قال العلامة العثيمين : لا يلزم؛ لأنه قد يندم الواهب فيرجع قبل القبض، وأنت إذا بادرت وقبضت بدون إذنه سددت عليه الباب، وهو له الحق أن يرجع حتى يسلمك إياها، أو يأذن لك بالقبض، فلهذا اشترط ذلك المؤلف فقال : ( بإذن واهب ) قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ إِلاَّ مَا كَانَ فِي يَدِ مُتَّهِبٍ _ ) س : مـــا صـــورة هذه المسألة ؟ ج : قال العلامة العثيمين : ما كان في يد متَّهب لا يحتاج إلى إذن، كشخص استعار كتاباً من آخر والكتاب في يده، فقال له مالك الكتاب: قد وهبتك كتابي الذي استعرته مني، فلا يحتاج أن يقول: وهل تأذن لي في قبضه؟ لأنه في يده، فصار بعد الهبة مقبوضاً س : إن قال قائل: إن قبضه هنا يختلف، فقبضه قبل الهبة على أن يده يد أمانة لا يد مالك، وبعد الهبة صارت يده يد مالك، نقول: هذا الفرق لا يؤثر؛ لأن العبرة هل الموهوب وصل إلى الموهوب له أو لا؟ ج : قال العلامة العثيمين : حينئذٍ نقول: إنه قد وصل، ومثل العارية الوديعة، كما إذا أعطيت شخصاً كتاباً، وقلت له: خذ هذا الكتاب احفظه عندك حتى أطلبه منك، ثم وهبته إياه، فهذا لا يحتاج إلى إذن في القبض، حتى المغصوب، فالعلماء يقولون: لو أن رب المال قال للغاصب: قد وهبتك ما غصبت، لزمت بمجرد القول؛ لأنها عنده. س : لو أن الواهب مات بعد أن وهب الهبة ولم يقبضها الموهوبُ له، فهل تلزم الهبة؟ ج : قال العلامة العثيمين : لا تلزم؛ لأن الموهوب له لم يقبضها، والمال يرجع إلى الورثة؛ لأنها هبة لم تلزم، ولو وهب شيئاً ولم يُقبِضه ثم باعه فإن البيع يصح؛ لأن الهبة لا تلزم إلا بالقبض، فإذا لزمت بالقبض فإن الملك يكون من عقد الهبة، ونظيره إذا بعت عليك سلعة، فما دمنا في مجلس العقد فلكل واحد منا الخيار، فإذا تفرقنا لزم البيع، ويكون دخول ملك المبيع للمشتري من حين العقد لا من حين التفرق، وعلى هذا فإذا قلنا: إن الهبة لا تلزم إلا بالقبض، فإنه ما دام لم يقبضها الموهوب له فللواهب الرجوع، فإذا قبضها فهي ملك الموهوب له، وملكه من العقد، فصارت تملك بالعقد، ولا تلزم إلا بالقبض. وعلى هذا فلو نَمَتْ فالنماء من نصيب الموهوب له، ويجب على الواهب أن يرده إلى الموهوب له. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَوَارِثُ الوَاهِبِ يَقُومُ مَقَامَهُ _ ) س : هل وارث الواهب يقوم مقامه ؟ ج : قال العلامة العثيمين : إذا مات الواهب بعد الإيجاب والقبول قبل أن يسلمها، فلورثته الحق في أن يمنعوا التسليم ولهم أن ينفذوها ويسلموها. س : هل وارث المتَّهب يقوم مقامه ؟ ج : قال العلامة العثيمين : علم من قوله: ووارث الواهب أن وارث المتَّهب لا يقوم مقامه، وعلى هذا فلو وهب شيئاً لشخص ثم مات الموهوب له قبل القبض، بطلت الهبة؛ لأنه تعذر قبضه بعد أن مات. س : فإن قال قائل: ما الفرق الواهب المتَّهب ؟ ج : قال العلامة العثيمين : نقول: لأنه في مسألة الواهب عقد يؤول إلى اللزوم فلم ينفسخ بالموت، أما المتهب إذا مات ولم يقبض شيئاً فليس هنا شيء حتى يرجع إلى ورثته، ولذلك فرَّقوا ـ رحمهم الله ـ بين موت الواهب فقالوا: لا تبطل الهبة به ويقوم وارثه مقامه، وبين موت المتهب فقالوا: إن الهبة تبطل لتعذر القبض حينئذٍ. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَمَنْ أَبْرَأَ غَرِيمَهُ مِنْ دَيْنِهِ بِلَفْظِ الإِحْلالِ أَوْ الصَّدَقَةِ أَوِ الهِبَةِ وَنَحْوِهَا بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ، وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ _ ) س : هل يشترط القبول من الغريم المدين ؟ ج : اختلف أهل العلم ي ذلك : القول الأول : لا يشترط القبول من الغريم المدين، بل تبرأ ذمته، ولو لم يقبل، هذا هو المشهور في المذهب. القول الثاني : اختيار الشيخ ابن سعدي وهو قول في المذهب أنه لا يجبر على القبول. س : مــــا تـــعليــــل ذلـــــــك ؟ ج : مـــــا يلـــــي : 1- لأن في إجباره على القبول إجباراً على أن يكون تحت منَّة غيره. 2- أن هذه هبة ديون وأوصاف فأشبهت هبة الأعيان، فكما أنه إذا أهدى له عيناً فيشترط قبوله لها ولا تدخل في ملكه إلا أن يرضى بذلك ، فكذلك في هبة الديون إذا لا فرق وهو الراجح. وأما الحنابلة فقالوا: هو إسقاط حق فلم يفتقر إلى قبول، وهذا تعليل ضعيف. اختار بعض المعاصرين : أن الراجح أنه يفتقر إلى قبول. س : مـــــا وجــــه التعليــــل لديهم ؟ ج : لئلا يجبر على أن يكون تحت منَّةِ غيره، ولأنه لا فرق بين هبة الأعيان وبين هبة الأوصاف والديون. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَتَجُوزُ هِبَةُ كُلِّ عَيْنٍ تُبَاعُ _ ) س : ما الـــــذي يجوز هبتـــه ؟ ج : كل عين يصح بيعها تجوز هبتها، وما لا يصح بيعه لا تصح هبته كأم الولد والوقف ونحو ذلك. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَكَلْبٍ يُقْتَنَى _ ) س : ما حكم هبة الكلب ؟ ج : الكلب الذي لا يقتنى لا تصح هبته. س : لماذا لا بصح ؟ ج : وذلك لأن الواهب في هذه الحال لا حق له فيه حتى يهبه. س : ما الذي يُقتنى من الكلاب ؟ ج : هو ما كان لثلاثة أمور: 1- إما الحرث. 2- وإما الماشية. 3- وإما الصيد . فهذه ثلاثة أشياء يجوز اقتناء الكلب لها بشرط ألا يكون أسود، فإن كان أسود فإنه لا يجوز اقتناؤه؛ لأنه لا يحل صيده؛ ولأنه شيطان فلا يحل اقتناؤه، لكن الكلب الذي يجوز اقتناؤه يجوز للمقتني أن يهبه؛ وذلك لأن هبته حقيقتها التنازل عن حقه في هذا الكلب. فإن اقتنى كلباً في حال لا يباح اقتناؤه فيها ووهبه، فهذا لا يصح؛ وذلك لأن هذا الواهب لهذا الكلب ليس له حق فيه، إذ أنه لا يجوز له أن يقتنيه، فكيف يتنازل عن شيء لا حق له فيه؟! فَصْلٌ قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ يَجِبُ التَّعْدِيلُ فِي عَطِيَّةِ أَوْلاَدِهِ _ ) س : ما هو تعريف الواجب ؟ ج : الواجب هو الذي يثاب فاعله امتثالاً ويستحق العقاب تاركه. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ يَجِبُ التَّعْدِيلُ فِي عَطِيَّةِ أَوْلاَدِهِ _ ) س : ما المقصود التعديل ؟ ج : أن يعاملهم بالعدل. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ يَجِبُ التَّعْدِيلُ فِي عَطِيَّةِ أَوْلاَدِهِ _ ) س : ما المراد بالعطية هنا ؟ ج : المراد بالعطية هنا الهبة، فهي أعم من العطية في مرض الموت. س : ما الدليل على وجوب العدل بين الأولاد ؟ ج : حديث النعمان بن بشير بن سعد ـ رضي الله عنهما ـ أن أباه نحله نِحلة، فقالت أم النعمان ـ رضي الله عنها ـ: لا أرضى حتى تُشهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فذهب بشير بن سعد إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأخبره ليشهده على ذلك، فقال له: ألك بنون؟ قال: نعم، قال: أنحلتهم مثل هذا؟ قال: لا، قال: لا أشهدُ، أَشْهِدْ على هذا غيري، فإني لا أشهد على جَوْر ، ثم قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، أتحب أن يكونوا لك في البر سواءً؟ ، قال: نعم ، فرجع بشير بن سعد في هبته لولده النعمان. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ بِقَدْرِ إِرْثِهِمْ _ ) س : ما حكم التفضيل بين الأولاد في العطية ؟ ج : يحرم التفضيل مطلقا وهو المشهور عند الحنابلة( انظر كشاف القناع ، والإنصاف وهو مذهب الظاهرية .( يعني سواء كان هذا التفضيل لسبب أو لغير سبب). قال العلامة العثيمين : يجب على الوالد أن يعطي الذكر مثل حظ الأنثيين وهذا في العطية المحضة، فلو أعطاهم بالسوية لكان هذا جَوْراً، لأنه زاد الأنثى ونقص الذكر، أما ما كان لدفع الحاجة فإن يتقدر بقدرها. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ بِقَدْرِ إِرْثِهِمْ _ ) س : هل يجب التعديل بين الأولاد بقدر إرثهم في النفقة ؟ ج : بالنسبة للنفقة فلا يكون التعديل بينهم بقدر إرثهم، بل بقدر حاجتهم؛ فلو احتاج الذكر إلى غترة وطاقية قيمتهما مائة ريال مثلًا، واحتاجت الأنثى إلى خرصان في الآذان قيمتها ألف ريال، فالعدل أن يشتري لهذا الغترة والطاقية بمائة ريال، ويشتري للأنثى الخرصان بألف ريال، وهي أضعاف الذكر عشر مرات، فهذا هو التعديل. س : هل يجوز أن يفضِّل بينهم باعتبار البِرِّ ؟ ج : قال الإمام العثيمين : هذا لا يجوز؛ لأن البر ثوابه أعظم من دراهم تعطيه إياها، فالبر ثوابه عند الله ـ عزّ وجل ـ، ولا تدري فلعل البار اليوم يكون عاقاً بالغد، والعاق اليوم يكون باراً بالغد، فلا يجوز أن تفضله من أجل برِّه. س : إذا كان أحد الأولاد يعمل معه في متجره أو مزرعته، فهل يجوز أن يعطيه زيادة على الآخر الذي لم ينتفع منه بشيء؟ ج : قال الإمام العثيمين : فيه تفصيل: إن كان الذي يُعِين أباه يريد بذلك وجه الله فإنه لا يعطيه شيئاً؛ لأنه يدخل في البر، وإن كان يريد عوضاً على ذلك، أو أن أباه فرض له العوض قبل أن يعمل فلا بأس، ولكن يُعطى مثل أجرته لو كان أجنبياً. س : إذا كان أحد الأبناء كافراً بردة، أو من الأصل لم يدخل في الإسلام، هل يجب التعديل ؟ ج: اختلف أهل العلم ي ذلك : القول الأول : بعض العلماء يقول: لا يجب التعديل؛ لأن الله تعالى قال: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ}. القول الثاني : بعض العلماء قال: بل يجب التعديل؛ لأن هذا حق سببه الولادة، وهي ثابتة في الكافر كما هي ثابتة في المسلم، وينبغي أن يقال: ينظر للمصلحة إذا كان إعطاؤه للمسلم دون الكافر يقتضي أن يقرب الكافر للإسلام فيدخل في الإسلام، فهذا يعطي المسلم، وإن لم يكن مصلحة فلا يجوز، بل يجب التعديل. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ فَإِنْ فَضَّلَ بَعْضَهُمْ سَوَّى بِرُجُوعٍ أَوْ زِيَادَةٍ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ ثَبَتَتْ وَلاَ يَجُوزُ لِواهِبٍ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ اللاَّزِمَةِ إِلاَّ الأَبِ _ ) س : ما هي كيفية العدل بين الأولاد في العطية ؟ ج : اختلف أهل العلم في ذلــــك : القول الأول : ذهب الحنفية والشافعية وجمهور الفقهاء: إلى أن العدل بين الذكر والأنثى من الأولاد، يكون بالتسوية بينهم في العطية بدون تفضيل. القول الثاني : ذهب المالكية والحنابلة: إلى أن العدل بين الأولاد في العطية، يكون بتفضيل الذكر على الأنثى، فيجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، كقسمة الميراث، واختاره ابن القيم. وقال أحمد : إن كانوا ذكورًا كلهم أو إناثًا كلهم فالتسوية، فإن كانوا ذكورًا وإناثًا فللذكر مثل حظ الأنثيين. س : هل يكره التفضيل بين الأولاد لحاجة ؟ ج : لا يكره التفضيل في المذاهب الأربعة إذا كانت هناك حاجة تدعو إليه، مثل اختصاص أحد أولاده بمرض أو حاجة أو كثرة عيال أو اشتغاله بالعلم ونحوه من الفضائل، أو اختصاص أحدهم بما يقتضي منع الهبة عنه لفسقه أو يستعين بما يأخذه على معصية الله أو ينفقه فيها، فيمنع عنه الهبة ويعطيها لمن يستحقها. قال شيخ الإسلام بن تيمية كما في مجموع فتاواه: إذا خص أحدهم بسبب شرعي: مثل أن يكون محتاجا مطيعا لله، والآخر غني عاص يستعين بالمال على المعصية، فإذا أعطى من أمر الله بإعطائه، ومنع من أمر الله بمنعه، فقد أحسن. اهـ. س : ما الواجب على من فضّل بعض أولاده تفضيل جورٍ ؟ ج : قال الإمام العثيمين : فإن فضّل بعض أولاده تفضيل جورٍ منهي عنه فإنه يجب عليه أن يسوي بينهم إما بأن يُرجع صدقته وعطيته، وإما أن يعطي الآخر، أو يزيده حتى يسوي بينهم. س : ما وجـــــه الاعتراض لدى الشيخ ابن عثيمين في قول المؤلف فَإِنْ فَضَّلَ بَعْضَهُمْ سَوَّى ؟ ج : قال الإمام العثيمين : يقول لو قال المؤلف: (عَدَّل) لكان أولى؛ لأن أول كلامه يقول: يجب التعديل ولم يقل: التسوية، ثم إن قوله: سوَّى ليس على إطلاقه؛ لأنه لو قلنا: سوَّى للزم أن نعود إلى مشكلة، وهي أن يكون الذكر والأنثى سواء، وليس ذلك مراداً، وعلى كل حال فمراده بالتسوية هنا التعديل. س : هل هذا الحكم يشمل العدل في العطية الأم والأب ؟ ج : قال الإمام العثيمين : نعم، يشمل الأم والأب؛ لأن العلة واحدة، فإذا أعطت الأم أحد أولادها شيئاً فلتعطِ الآخر مثله، ويكون للذكر مثل حظ الأنثيين. س : هل يشمل ذلك الجد، يعني لو كان له أولادُ أولادٍ، فهل يجب أن يعدل بينهم ؟ ج : في المسألة قولان في المذهب. أشهرهما هذا، وأن التعديل ليس واجباً في سوى الأولاد من سائر الأقارب. لأن الأصل هو جواز تصرفه في ماله وإنما استثنى الأولاد لمعنى يختص بهم وهذا المعنى لا يثبت في الأقارب فلم يلحقوا بهم. قال الإمام العثيمين : الظاهر أنه لا يجب؛ لأن قوة الصلة بين الأب وابنه، أقوى من قوة الصلة بين الجد وأبناء أبنائه، لكن لو كان هناك خوف من قطيعة رحم، فيتجه مراعاتهم بأن يعطي من يعطي على وجه السر. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ ثَبَتَتْ _ ) س : هل التعديل الواجب في الولد دون سائر أقاربه كإخوانه أو بني عمه أو نحو ذلك ؟ ج : اختلف أهل العلم في ذلك: القول الأول : تثبت للولد، وليس لباقي الورثة المطالبة بها، هذا هو المشهور في المذهب. القول الثاني : عن الإمام أحمد وهو اختيار شيخ الإسلام وهو قول طائفة من الحنابلة: أن لهم أن يرجعوا، فللورثة أن يطالبوا بها. وذلك لأن هذه العطية عطية جورٍ وظلم، والظلم محرم على فاعله ومحرم أيضاً تناوله، وهذا قد تناوله جوراً وظلماً فكان لمن له حق أن يطالب به، فأخذ هذا الموهوب له بغير حق فكان للورثة المطالبة به قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَلاَ يَجُوزُ لِواهِبٍ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ اللاَّزِمَةِ _ ) س : ما هي الهبة اللازمة ؟ ج : هي الهبة المقبوضة. س : ما حكم الرجوع عن الهبة ؟ ج : اختلف أهل العلم في ذلك : القول الأول : لا يجوز للواهب أن يرجع في هبته التي قبضها المتهب. س : مــــا الدليــــل علـــــى ذلــــك ؟ ج : لحديث : ليس لنا مثل السوء العائد في هبته، كالكلب يقيئ ثم يعود في قيئه" متفق عليه. وظاهره ولو كان يريد بها الثواب، فإذا وهب هبةً يريد بها الثواب فليس له الرجوع، هذا هو المشهور في المذهب. القول الثاني : وقال المالكية والأحناف: بل له الرجوع فإذا دلّت القرائن أنه يريد بذلك الثواب فله الرجوع إذا لم يثب لقول عمر في موطأ مالك: (من وهب هبةً أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع فيها إذا لم يرض منها. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ إِلاَّ الأَبِ _ ) س ما حكم رجوع الأب في هبته لابنه ؟ ج : من حق الوالد أن يسترد ما وهبه لولده وهذا مذهب الجمهور: مالك والشافعي وأحمد في أظهر الروايات عنه. س : مــــا الدليــــل علـــــى ذلــــك ؟ ج : لما ورد عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه أحمد وأصحاب السنن وغيرهم وصححه الترمذي وصححه الألباني. ولأن الوالد لا يتهم في رجوعه، لأنه لا يرجع إلا لضرورة، أو مصلحة للولد، ومحل جواز رجوع الأب في هبته لولده ما لم يتعلق بها حق للغير، أو تخرج من ملكه، أو يكون قد دخل بسببها في بعض الالتزامات، كأن يتزوج أو يتحمل دينا على أساسها أو نحو ذلك، وحينئذ فلا رجوع فيها. فإذا طلب الأب استرداد ما وهبه لولده ولم يكن هناك سبب يمنع الرجوع، فالواجب على الابن أن يرد ذلك إلى أبيه، والواجب على الولد في جميع الأحوال أن يحافظ على بر والده، ونذكره بما رواه البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله قال: الصلاة على وقتها. قال ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين. قال: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ وَيَتَمَلَّكَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَا لاَ يَضُرُّهُ وَلاَ يَحْتَاجُهُ _ ) س : هل للوالد الأخذ من مال ابنه ؟ جـ : للأب، أن يأخذ من مال ولده، ( لقول النبي صلى الله عليه وسلم أنت ومالك لأبيك ) رواه ابن ماجه والحديث صحيح. وقوله صلى الله عليه وسلم أطيب ما يأكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه) رواه الخمسة بإسناد صحيح. ولقوله تعالى: {وَلَا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ} ولم يذكر بيوت الأبناء فهم داخلون في بيوت الأب. س : ما الشروط التي تبيح للأب الأخذ من مال ابنه ؟ جـ : للأب أن يمتلك من مال ولده ما شاء بالشروط الآتي ذكرها. 1- ألا يكون في أخذه ضرر على الابن. 2- وألا تتعلق بما يأخذه حاجة الابن. 3- وألا يأخذ من مال ابنه ليعطي غيره من أولاده. .4- وألا يأخذ من مال ابنه إلا ما كان بحاجة إليه قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ فَإِنْ تَصَرَّفَ فِي مَالِهِ وَلَوْ فِيمَا وَهَبَهُ لَهُ بِبَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ إِبْرَاءٍ أَوْ أَرَادَ أَخْذَهُ قَبْلَ رُجُوعِهِ أَوْ تَمَلُّكِهِ بِقَوْلٍ أَوْ نِيَّةٍ وَقَبْضٍ مُعْتَبَرٍ لَمْ يَصِحَّ بَلْ بَعْدَهُ _ ) س : ما حكم تصرف الوالد في مال ولده بعد ما وهبه إياه ؟ جـ : تصرف الأب في مال ابنه ولو فيما وهبه له، فإنه لا يصح تصرفه. س : مــــا صـــورة هذه المسألة ؟ ج : مثاله: وهب ابنه سيارة، ثم إنه بعد أن وهبها لابنه وقبضها، باع الأب السيارة، فإنه لا يملك ذلك؛ لأن السيارة لم تزل على ملك الابن، والأب لم يتملكها، ولم يرجع في هبته، فإذا أجرها فلا يصح التأجير؛ لأنه لم يتملكها. إذاً يستطيع أن يبيعها أو يؤجرها بأن يرجع في الهبة، يقول: إني رجعت فيما وهبته لابني، حينئذٍ ترجع إلى ملك الأب ويتصرف فيها. س : لماذا نص المؤلف على ما وهبه له ؟ ج : لئلا يقول قائل: إن تصرف الأب فيما وهبه لابنه دليل على الرجوع، فيقال: لا، الرجوع لا بد فيه من قول، وهذا الرجل تصرف بلا قول. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ مُطَالَبَةُ أَبِيهِ بِدَيْنٍ وَنَحْوِهِ _ ) س : ما حكم مطالبة الابن أباه بسداد دينه الذي عليه له ؟ ج : جمهور أهل العلم على أن للولد مطالبة أبيه بماله، وذهب الحنابلة إلى أنه ليس له ذلك، والراجح أنه يجوز لك مطالبة والدك بالدين، لأن الأب يجب له البر والإحسان والاحترام بكافة أنواعه، ولكن لا يجب أن يبذل له المال إذا كان في غنى عنه، أو كان الابن محتاجاً إلى ذلك المال، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: مطل الغني ظلم. متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ إِلاَّ بِنَفَقَتِهِ الوَاجِبَةِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ لَهُ مُطَالبَتَهُ بِهَا وَحَبْسَهُ عَلَيْهَا _ ) س : إذا امتنع الأب من النفقة الواجبة عليه فهل للابن أن يطالبه بها ؟ ج : نعم لأنها ضرورة لحفظ حياة الابن، ولأن سببها معلوم ظاهر بخلاف الدَّين، ولأن وجوب النفقة ثابت بأصل الشرع، فهو كالزكاة يجبر الإنسان على بذلها لمستحقها، فإذا جاء الابن الفقير وهو عاجز عن التكسب وليس عنده مال، وقال لأبيه: أنفق عليَّ، فقال: لا أنفق، فله أن يطالب أباه بالنفقة، وإذا امتنع فللحاكم أن يحكم بحبسه حتى يسلم النفقة. وأعتقد أن هذا العمل من الابن ـ أعني مطالبة أبيه بالنفقة ـ لا يخالف المروءة؛ لأن الذي خرم المروءة هو الأب، لِمَ لم ينفق؟! فإذا طالب أباه بالنفقة فله ذلك وله حبسه عليها. س : إن وهب له هبةً ولها وعاء فهل يدخل وعاؤها فيها أم لا؟ ج : إذا أهدى إليه تمراً في إناء، أو طعاماً في إناء، فهل يدخل الإناء في الهدية أم لا؟ الجواب: مرجع ذلك إلى العرف، فإن كان العرف يدل على هذا دخل في الهدية وإلا فإنه لا يدخل فيها. فَصْلٌ قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ مَنْ مَرَضُهُ غَيْرُ مَخُوفٍ كَوَجَعِ ضِرْسٍ وَعَيْنٍ وَصُدَاعٍ يَسِيرٍ فَتَصَرُّفُهُ لاَزِمٌ كَالصَّحِيحِ وَلَوْ مَاتَ مِنْهُ _ ) س : ما هو أقسام المرض ؟ ج : الأمراض ثلاثة أقسام: مرض غير مخوف، مرض مخوف، مرض ممتد، فالمرض المخوف هو الذي إذا مات به الإنسان لا يعد نادراً، أي: لا يستغرب أن يموت به الإنسان، وقيل: ما يغلب على الظن موته به، وغير المخوف هو الذي لو مات به الإنسان لكان نادراً، والأمراض الممتدة هي التي تطول مدتها مثل السِّل والجذام. س : ما هو المرض الغير مخوف ؟ ج : ذكر المؤلف ثلاث امور : 1- كوجع ضرسٍ ، فوجع الضرس لا شك أنه يؤلم، وربما يُسْهِرُ الإنسان ليله لكنه غير مخوف، يعني لو أن الإنسان مات من وجع ضرسه لقال الناس: هذا مات في صحته؛ لأنه لا ينسب الموت إلى مثل هذا المرض، وإلا فإن وجع الضرس مؤلم بلا شك. 2- وعين ، أيضاً وجع العين غير مخوف، إلا أنَّ هناك نوعاً من الأمراض يكون في أصل الضرس، ويكون ـ أيضاً ـ في حدقة العين يسمى عندنا (الحبة) ، فهذه مخوفة لا شك، فإذا مات الإنسان منها لم يكن ذلك غريباً، إنما وجع العين العادي ليس مخوفاً. 3- وصداع يسير الصداع وجع الرأس، لكن اشترط المؤلف أن يكون يسيراً، فأما الصداع الشديد فهو من الأمراض المخوفة؛ لأن نسبة الموت إليه لا تستغرب. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَإِنْ كَانَ مَخُوفاً كَبِرْسَامٍ _ ) س : ما هو وجع البرسام ؟ ج : وجع يكون في الدماغ ـ نسأل الله العافية ـ يختل به العقل، فإذا أصاب الإنسان صار مرضه مخوفاً؛ لأنه لو مات به لم يستغرب، ولا يقول الناس: هذا مات فجأة. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَذَاتِ الجَنْبِ _ ) س : ما المقصود بمرض ذات الجنب ؟ ج : قال الإمام العثيمين : هو وجع في الجنب في الضلوع، يقولون: إن سببه أن الرئة تلصق في الضلوع، ولصوقها هذا يشل حركتها، فلا يحصل للقلب كمال دفع الدم وغير ذلك من أعماله، فهذا من الأمراض المخوفة. وقال ابن الأثير: هي الدبيلة والدمل الكبيرة التي تظهر في باطن الجنب وتنفجر إلى داخل .. وقيل: أراد المجنوب الذي يشتكي جنبه مطلقا. النهاية. وقال القاري: قرحةٌ أو قروحٌ تصيب الإِنسان، داخل جنبه ثم تفتح ويسكن الوجع، وذلك وقت الهلاك، ومن علاماتها الوجع تحت الأضلاع وضيق النفس، مع ملازمة الحمى والسعال. مرقاة المفاتيح، عون المعبود. س : هل يُعد شهيداً من مات بمرض ذات الجنب ؟ ج : من مات بذات الجنب ينال فضل الشهادة ؛ فعَنْ عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الميت من ذات الجنب شهيد. رواه أحمد وصححه الألباني. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغرق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحرق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد. رواه مالك وأحمد وأبو داود والنسائي وصححه الألباني. 3- ووجع قلب : س : هل مرض القلب من الأمراض المخوفة ؟ ج : نعم من الأمراض المخوفة؛ لأن القلب إذا أصابه الألم لم يستطع أن يضخ الدم أو ينقي الدم فيهلك البدن؛ لأن القلب بإذن الله مصفاة ـ سبحان الذي خلقه ـ يرد إليه الدم مستعملاً وفي نبضة واحدة يعود نقياً، فيدخل من عرق ويخرج من عرق آخر في لحظة، وهذا معنى النبضة، ثم إن الله ـ سبحانه وتعالى ـ أودعه قوة إذا احتاج الإنسان إليها وجدت، وإن لم يحتج فهو طبيعي، ولذلك إذا حملت شيئاً شاقاً أو سعيت بشدة تجد نبضات القلب تزيد؛ لأنه يحتاج إلى ضخ بسرعة. فإذا وجع القلب فهو خطر على الإنسان لا شك، وأوجاع القلب أنواع متنوعة يعرفها الأطباء، لكن منها ما هو قوي ومنها ما هو دون ذلك. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَدَوَامِ قِيَامٍ _ ) س : ما هو مرض ذات القيام ؟ ج : هو الإسهال، فإذا كان دائماً فلا شك أنه مخوف؛ لأن الأمعاء مع هذا الإسهال لا يبقى فيها شيء يمتص الجسم منه غذاءً، فيهلك الإنسان، أما القيام اليسير كيوم أو يومين، فهذا لا يضر ولا يعد مرضاً مخوفاً، لكن إذا دام مع الإنسان فآخر مآله الموت. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَرُعَافٍ _ ) س : ما هو الرعاف ؟ ج : خروج الدم من الأنف، هذا ـ أيضاً ـ إذا كان يسيراً فإنه ليس مرضاً، وإن كان دائماً فهو مرض؛ لأنه إذا دام فإن الدم ينزف، ومعلوم أن البدن لا يقوم إلا بالدم؛ لأن أصل البدن دم، فأصله عَلَقة، فلا يقوم إلا بذلك، فمع دوام الرعاف يعتبر المرض مرضاً مخوفاً. 6- وأول فالج : قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَأَوَّلِ فَالِجٍ _ ) س : ما هو مرض الفالج ؟ ج : هو عبارة عن شلل يضرب أحد شقّي الجسم، هو مرض عصبيّ يتصف بانعدام الحركة في أحد شقي البدن اليمين واليسار، وينتج عنه آفة دماغيّة في الطرف المقابل للجهة المصابة. قال العلامة العثيمين : هو خدورة البدن وأنواعه متعددة، ويسمى في عرف المتأخرين (الجلطة أو الشلل) ، لكن أول الفالج خطر؛ لأن هذه الخدورة قد تسري إلى البدن بسرعة فتقضي عليه، أما إذا كان في آخر فالج فلا، إلا أن يقطعه بفراش كما سيأتي. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وآخِرِ سِلٍّ _ ) س : ما هو مرض السل ؟ ج : ينجم السل عن جرثومة (المتفطرة السلية) التي تصيب الرئتين في معظم الأحيان، وهو مرض يمكن شفاؤه ويمكن الوقاية منه. والخطر في السِّل في آخره؛ لأن أول السل ربما يشفى منه المريض إما بحِمية أو بمعالجة يسيرة، لكن آخره خطر، فهو مرض مخوف، لكنه من الأمراض التي يسَّر الله للناس الحصول على دوائها، فأصبح في زماننا ليس بمخوف. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ والحُمَّى المُطْبِقَةِ _ ) س : ما هو مرض الحمى ؟ ج : الحمى هي حالة ترتفع فيها درجة حرارة الجسم فوق المستوى الطبيعي 37.3 درجة مئوية أو أقل طبيعية. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ والرِّبْعِ _ ) س : ما هو مرض الربع ؟ ج : الحمى الربع وهي أن تصيبه يوماً ثم تتركه يومين ثم تعود إليه في اليوم الرابع. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَمَا قَالَ طَبِيبانِ مُسْلِمَانِ عَدْلانِ: إِنَّهُ مَخُوفٌ _ ) س : لماذا اشترط العلماء طبيبان مسلمان ؟ ج : لما يترتب على ذلك من حق الوارث وحق المعْطى فاشترط أن يكونا طبيبين ثقتين مسلمين. .والقول الثاني في المذهب، وهو ظاهر قول الخرقي: أن قول الطبيب الواحد يقبل مع العدم ويستدل له: بما روى الإمام أحمد في مسنده وغيره أن عمر لما جُرح سقاه الطبيب لبناً فخرف من جرحه فقال: اعهد إلى الناس فعهد. ولو قيل بقبول خبر طبيب واحدٍ ثقة حيث لم يعارضه غيره لكان قوياً، والله أعلم. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَمَنْ وَقَعَ الطَّاعُونُ بِبَلَدِهِ _ ) س : هل مرض الطاعون مرضا مخوفا ؟ ج : هو كالمريض مرضاً مخوفاً؛ لأنه يتوقع الموت بين لحظة وأخرى، فإن الطاعون ـ أجارنا الله والمسلمين منه ـ إذا وقع في أرض انتشر بسرعة، لكن مع ذلك قد ينجو منه من شاء الله نجاته، إنما الأصل فيه أنه ينتشر، فكل إنسان في البلد التي وقع فيها الطاعون يتوقع أن يصاب به بين عشية وضحاها، فلا فرق بينه وبين من أصابه المرض، في اليأس من الحياة، فعطاياه في حكم عطايا المريض مرضاً مخوفاً. س : ما هو مرض الطاعون ؟ ج : الطاعون قيل: إنه نوع معين من المرض يؤدي إلى الهلاك، وقيل: إن الطاعون كل مرض فتاك منتشر، مثل الكوليرا، فالمعروف أنها إذا وقعت في أرض فإنها تنتشر بسرعة، والحمى الشوكية، وغيرها من الأمراض التي يعرفها الأطباء ونجهل كثيراً منها، فهذه الأمراض التي تنتشر بسرعة وتؤدي إلى الهلاك يصح أن نقول: إنها طاعون حقيقة أو حكماً، ولكن الظاهر من السنة خلاف ذلك؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم عَدَّ الشهداء فقال: المطعون والمبطون ، وهذا يدل على أن من أصيب بداء البطن غير من أصيب بالطاعون، والمبطون هو الذي انطلق بطنه، فالمهم أن عطايا الصحيح الذي وقع الطاعون في بلده من الثلث. س : هل يجوز للإنسان أن يخرج من البلد إذا وقع فيه ؟ ج : قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: لا تخرجوا منه ـ أي من البلد الذي وقع فيه ـ فراراً منه ، فقيد النبي صلّى الله عليه وسلّم منع الخروج بما إذا كان فراراً، أما إذا كان الإنسان أتى إلى هذا البلد لغرض أو لتجارة وانتهت، وأراد أن يرجع إلى بلده فلا نقول: هذا حرام عليك، بل نقول: لك أن تذهب. س : هل نأذن له أن يذهب إذا خيف أن الوباء أصابه؟ ج : لا نأذن له بل نمنعه، حتى إن بعض الأطباء ظن إن قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: إذا وقع في أرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها ؛ أن هذا من باب الحَجْر الصحي، وقال: إن مراد الرسول صلّى الله عليه وسلّم أن لا يخرج الناس من هذه الأرض الموبوءة كحَجْرٍ صحي، ولكن هذا غير صحيح؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم راعى ما هو أعم وأهم وهو الفرار من قدر الله، قال: لا تخرجوا منها فراراً منه س : إذا سمع الإنسان أنه وقع في أرض، فهل يجوز أن يقدم عليها ؟ ج : لا؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: إذا سمعتم به في أرض فلا تقدموا عليها ؛ لأن هذا من باب الإلقاء بالتهلكة، ومن باب قوله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} ، كيف تقدم على بلد وقع فيه الطاعون؟! ما مثلك إلا مثل من أقدم على النار ليقتحم فيها. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَمَنْ أَخَذَهَا الطَّلْقُ _ ) س : ما حكم تصرف من أخذها الطلق ؟ ج : اختلف العلماء في مسألة الحمل والولادة وما بعد الولادة: متى يحكم بكون المرأة في حكم الحالة الخطيرة التي لا يصح فيها تبرعها فيما زاد عن الثلث، وتأخذ الأحكام المتقدمة في مرض الموت؟ فالعبرة بابتداء الطلق، وهذا القول هو الذي اختاره جمعٌ من المحققين، ومنهم الإمام ابن قدامة رحمه الله وغيره وصححه، وبينوا أنه هو الأولى بالصواب: أن العبرة ليست بالحمل، وإنما العبرة بحال الولادة إذا أخذها الطلق، فإذا ابتدأ معها الطلق فإنه حينئذٍ يحكم بكونها في حكم المريض مرض الموت، فلو أنها في هذه الحالة وصت أو أعطت ووهبت فحكمها حكم المريض مرض الموت، وهذا القول هو الراجح إن شاء الله تعالى، أي أن العبرة بحالة الولادة، وعلى هذا درج المصنف رحمه الله. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ لاَ يَلْزَمُ تَبَرُّعُهُ لِوَارِثٍ بِشَيْءٍ _ ) س : من الذي لا يلزم تبرعه لوارث بشيء ؟ ج : المريض مرضاً مخوفاً أو من وقع في بلده الطاعون أو من كان عند التحام الصف والعدو يُخاف ونحوهم فهبته تكون في حكم الوصية. فإن كانت لوراث فلا يلزم هذا التبرع لقوله صلى الله عليه وسلم لا وصية لوارث ، وهنا كما تقدم حكم الهبة كحكم الوصية. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَلاَ بِمَا فَوْقَ الثُّلُثِ إِلاَّ بِإِجَازَةِ الوَرَثَةِ لَهَا إِنْ مَاتَ مِنْهُ _ ) س : مـــا صــــورة هذه المسألة ؟ ج : إذا وهب نصف ماله مثلاً لأجنبي في مرضه المخوف، فإذا مات الواهب، فلا يُعطى هذا الأجنبي نصف المال الذي وهبه إياه في مرض الموت بل يُعطى الثلث لقوله صلى الله عليه وسلم الثلث والثلث كثير. إلا أن يجيز هذا الورثة، فإذا رضي الورثة بذلك فإن هذا إسقاط لحقهم، فإنه إنما يمنع لحق الورثة، فإذا أجاز ذلك الورثة فقد أسقطوا حقهم. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَإِنْ عُوفِيَ فَكَصَحِيحٍ _ ) س : مـــا صــــورة هذه المسألة ؟ ج : إذا عوفي هذا المريض مرضاً مخوفاً فإن هذه الهبات تلزم من جميع المال؛ وذلك لفقدان الشرط الآخر وهو أن يكون هذا المرض قد اتصل به الموت، وهنا لم يتصل به الموت لأنه لما لم يمت به فهذا يدل على أنه ليس مرض الموت. ودليل ما اتفق عليه أهل العلم من أن المرض المخوف الذي يتصل به الموت له حكم الوصية، ما ثبت في مسلم: أن رجلاً من الأنصار أعتق ستة أعبد في مرضه ولا مال له غيرهم فاستدعاهم النبي صلى الله عليه وسلم وجزأهم ثلاثة أجزاء وأقرع بينهم، فأعتق اثنين وأرقّ أربعة وهذا في العتق فكذلك الهبة. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَمَنِ امْتَدَّ مَرَضُهُ _ ) س : ما هو المرض الممتد ؟ ج : هي الأمراض التي تصاحب صاحبها . قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ بِجُذَامٍ _ ) ما هو مرض الجذام ؟ ج : الجذام جروح وقروح ـ والعياذ بالله ـ إذا أصابت الإنسان سرت في جميع بدنه وقضت عليه، فهو مرض يسري في البدن، وله أسماء أظنها معروفة عند العوام، منها الغرغرينة وما أشبهها. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ أَوْ سِلٍّ _ ) ما هو مرض السِل ؟ ج : هو قروح تكون في الرئة فتتجلَّط وتثقل عن الحركة؛ لأنها دائمة الحركة، فإذا أصاب الإنسان ـ نسأل الله العافية ـ خَرَقَ هذه الرئةَ وقضى عليها. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ أَوْ فَالِجٍ _ ) ما هو مرض الفالج ؟ ج : الفالج يعني الخدورة التي تصيب الإنسان في أحد جنبيه، أو في رأسه، أو في ظهره، وهذا الفالج أولَ ما يصيب الإنسان خطر، لكن إذا امتد صار أهون خطراً. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَلَمْ يَقْطَعْهُ بِفِرَاشٍ فَمِنْ كُلِّ مَالِهِ _ ) س : مـــا وجــــــه ذلــــك ؟ ج : أنه إذا قطعه بفراش صار مخوفاً، وصار المريض يشعر بقرب أجله، فصار يتصرف بماله بالتبرع لفلان أو لفلان، أما إذا لم يقطعه بالفراش، فالمريض ـ وإن كان يعرف أن هذا مآله ـ لكنه يستبطئ الموت، وكل إنسان مآله الموت حتى وإن كان صحيحاً، لكن إذا كان المرض لم يلزمه الفراش فإنه يرجو الصحة من وجه، وأيضاً لا يتوقع وقوع الموت عن قرب، فيعتقد أن في الأجل فسحة. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَالعَكْسُ بِالعَكْسِ _ ) س : مــــا مقصود المؤلف بقوله والعكس بالعكس ؟ ج : إذا كان يقطعه بفراشٍ فتصرفاته كتصرفات المريض مرضاً مخوفاً أي في حكم الوصية. من قطعه بفراش فليس تصرفه من كل ماله، ولكن من الثلث، ثم متى يعتبر الثلث؟ قال: المؤلف. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَيُعْتَبَرُ الثُّلُثُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَيُسَوَّى بَيْنَ المُتَقَدِّمِ والمُتَأَخِّرِ فِي الوَصِيَّةِ، وَيُبْدَأُ بِالأَوَّلِ فَالأَوَّلِ فِي العَطِيَّةِ _ ) س : مـــا صــــورة هذه المسألة ؟ ج : رجل يملك تسعين ألفاً وهو في مرض مخوف فأعطى رجلاً ثلاثين ألفاً أي هبة، فهي ثلث ماله حال العطية، ثم أنفق على نفسه من المال فبقى له عند موته ستون ألفاً، فأصبحت الثلاثون ألفاً نصف ماله. فالحكم: أنه يعتبر الثلث عند موته؛ وذلك لأن هذا هو زمن استحقاق الوصية ولزومها، فكذلك الهبة. وإذا أعتق عبداً في مرضه المخوف وليس له سوى هذا العبد، وعند الموت أصبح يملك ثلاثة أعبد فإنه يعتق عليه هذا العبد؛ لأنه ثلث ماله. ولو وهب رجلاً ثلاثين ألفاً في مرضه المخوف، وعند موته كان عليه ديونه تستغرق هذه الثلاثين فحينئذ تقدم ديونه ولا شيء للمعطى. إذن: العبرة بحال الموت، فيعتبر الثلث بحال موته لا عند العطية. قَالَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللّهُ ( _ وَيُسَوَّى بَيْنَ المُتَقَدِّمِ والمُتَأَخِّرِ فِي الوَصِيَّةِ، وَيُبْدَأُ بِالأَوَّلِ فَالأَوَّلِ فِي العَطِيَّةِ وَلاَ يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فِيهَا، وَيُعْتَبَرُ القَبُولُ لَهَا عِنْدَ وُجُودِهَا وَيَثْبُتُ المِلْكُ إِذاً، وَالوَصِيَّةُ بِخِلاَفِ ذَلِكَ._ ) س : ما الفرق بين الوصية والهبة؟ ج : الفرق بين الهبة والوصية يتضح فيما يلي: 1. الهبة ما يدفعه الواهب إلى الموهوب له في حياته ويصير للموهوب له كامل التصرف فيه بشرط أن يحوزه الموهوب له (يقبضه) قبل موت الواهب أو إفلاسه ، فإن مات الواهب أو أفلس قبل الحوز فالهبة مردودة إلا إذا كان الموهوب له جد في طلبها ومنعه الواهب. 2. أما الوصية فلا تنفذ إلاّ بعد موت الموصي، وتصير ملكاً للموصى له بمجرد الموت. 3. لا تجوز الوصية إلاّ بمقدار الثلث أو أقل، ويجوز أن يهب المرء كامل ما يملك.
انتهت
[/b | |
|