ساره بنت مصر برونزى
عدد المساهمات : 154 تاريخ التسجيل : 30/10/2010
| موضوع: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ"بحث موجه للمقبلين على الزواج خاصة. الإثنين 18 يناير - 6:17 | |
| "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ"بحث موجه للمقبلين على الزواج خاصة. "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ"بحث موجه للمقبلين على الزواج خاصة. "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ"بحث موجه للمقبلين على الزواج خاصة. "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ"بحث موجه للمقبلين على الزواج خاصة.
﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ً﴾ بحث موجه للمقبلين على الزواج خاصة إعداد: بوودن دحمان الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله، و على آله و صحبه ومن اتبع هداه، و بعد: الزواج علاقة روحية، إذا صلحت هذه العلاقة فإنها تمتد إلى الحياة الأخرى بعد الموت، قال الله تعالى:" جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ " -سورة الرعد:23 - فالقصد من العلاقة الزوجية هو الاستمرار وليس الانفصال بعد سنوات قليلة من الزواج، و لدى فإنَّ أول ما يجب على الزوجين التنبه له هو علاقتهما الزوجية قبل أي شيء آخر في الأسرة، حتى الأولاد، لأنّ بقاء المودة سبب لحسن تربيتهم، و الزوجان في بداية أمرهما و لما يعرف أحدهما طبيعة الأخر، تكون بينهما نوع قسوة، فما هو إلا زمن يسير حتى يجعل الله تعالى بينهما المودة و الرحمة، فتزول تلك القسوة، و تكون هذه الزوجة أقرب الناس إليه بعد إن لم يكن يعرفها مطلقا، وكذلك شأن الزوج كما أخبر الله تعالى: "وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً" -سورة الروم: 21 - إلاَّ أنَّ حصول هذه المودة و الرحمة هو أمر مقيد بحسن العشرة، و من هنا جاء الخطاب الرباني للمؤمنين: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف" – سورة النساء: 19- لكن مهما سمت أخلاق الرجل، فإنّه بحاجة إلى المرأة التي تقابله بالحب و الرعاية، بل يقال إنّ الاعتناء بالزوج مثل الاعتناء بالزرع تماما، إذا أهمل جفّ ومات وإذا اعتني به نما وترعرع، و لهذا كانت المرأة هي الأخرى مطالبة بحسن المعاشرة، وقد قال الله تعالى:" وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ" – سورة البقرة:228- و يهدف هذا البحث إلى تحصيل المودة و الألفة في بيوت المسلمين، و ذلك عن طريق اكتساب بعض المهارات في التعامل مع رفيق الذرب، و هو بحث موجة للمقبلين على الزواج خاصة، لأنّ المرحلة الأولى من الحياة الزوجية و إن كانت من أحلى مراحل العمر، إلاَّ أنّه قد يغشاها نوع اضطراب، وذلك أنَّ الرجل عندما يتزوج تتقيد حريته إلى قدر بعيد، بحيث يكون مسئولاً عن شخص آخر يلازمه في حياته كلها، في خروجه و سفره و حضره...و كذلك المرأة إذا تزوجت فإنها تتقيد حريتها إلى حد بعيد، بأن يتدخل شخص آخر في حياتها يأمرها وينهاها، و كل هذا من شأنه أن يحدث اضطرابات نفسية في بداية الزواج، خاصة إذا اقترن معه قلة الخبرة و الصبر وكذا التعرف على العيوب و اكتشاف الشخصيات على حقيقتها. و الحق أنّ دوافع كتابتي لهذا الموضوع ذاتية محضة، حيث أرى لزامًا عليّ قبل أن أخوض في مضمار الحياة الزوجية معرفة واجباتي نحو الزوجة فأحرص على تأديتها، و أن أعرف حقوقي فلا أطالب بأكثر منها، عسى بذلك أن يشملني حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها من أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خيركم خيركم لأهله " - أخرجه الترمذي – فمفهوم هذا الحديث أنّ مرتبة العبد عند الله إنما هي بحسب معاملته لأهله، لأنّ الخيرية قد تكون مصطنعة في تعامل الإنسان مع الغير، لكنها تظهر على حقيقتها في تعامل الإنسان في بيته، فإذا سمعنا امرأة تثني على زوجها خيرًا، فإننا نحكم عليه بالخيرية مباشرة، و العكس أيضا نجزم بصحته، فهذه حقيقة وقفت عليها و سآخذ بأحسنها إن شاء الله و بتوفيق منه سبحانه. و قد جمعت في هذا البحث جملة من مقومات العشرة الزوجية على منهاج النبوة، و التي لا قوام ولا دوام للسعادة الزوجية إلاّ بها، وقد استغرق مني ذلك مدة لا يستهان بها من الجمع و الترتيب و البحث و التنقيب، رغم تعمد الاختصار في الإحالة و التوثيق، لأنّ القصد من هذا البحث هو الوعظ و التذكير أكثر مما هو الترجيح و التحرير، والله هو وحده المسؤول أن يوفقنا للعمل بما نقول، إنه ولي ذلك ومولاه. مقومات العشرة الزوجية على منهاج النبوة إذا كان المثل الأوروبي يقول: "أول أيام الزواج هي غالبا آخر أيام الحب" فإننا نقول: هذه مقولة أهل الشهوات و الفطر المنحرفة، أمّا في ديننا الحنيف فيقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "لَم نَر للمُتحابين مثلُ النكاح" - رواه ابن ماجه في سننه- قال المناوي في فيض القدير بعد ذكره لهذا الحديث: "إذا نظر رجل لأجنبية وأخذت بمجامع قلبه فنكاحها يورثه مزيد المحبة" إلا أنّ الحب وحده لا يكفي لبناء الأسرة المسلمة، لأنَّه عاطفة عابرة تدوم ما دامت الرغبة و الامتناع- و قد يختنق تحت اللحاف- فالزواج الذي يبنى على الحب وحده لا يتأتى منه خير كثير، كما قال عمر رضي الله عنه "أقل البيوت الذي يُبنى على الحب " فلا بُدَّ من اجتماع الرحمة معه، فإنَّ الرحمة تبقى ثابتة، وإذا كانت المودة تقضي على كل نقص و تغطي كل عيب، فإنّ الرحمة بها يمسك الرجل زوجته إذا فقدت المودة بينهما، فيرحمها بأن يكون لها منه و لد أو تكون محتاجة إليه للإنفاق عليها أو للألفة بينهما، وهذه أهم مقومات العشرة الزوجية على منهاج النبوة، أيما علاقة زوجية قامت عليها، فلا بد أن يكتب لها النجاح و الثبات و إن هبت الأعاصير في المستقبل. 1. حسن الاختيار لابدّ أن يقوم الزواج على قناعة كافية من الطرفين، فحسن اختيار رفيق الدرب يؤدي إلى نجاح العلاقة الزوجية، و معيار الصلاح هو المعيار الأساسي في اختيار الرجل للمرأة التي يريد أن يتزوجها، والعكس أيضا صحيح، قال تعالى: "وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم" - سورة النور:32- وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على قبول الخاطب إذا كان مرضي الدين والخلق، فقال: "إذا أتاكم من ترضون خُلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" – رواه الترمذي - و قد كان من وصايا أمهات السلف لبناتهن :"تزوجي من يخاف من الله، ولا تخافي منه" فالدين يحجز عن الظلم كما أنّه يحمي من الوقوع في الموبقات التي تكرهها المرأة في زوجها ويكرهها كل عاقل، وفوق ذلك فإنّه يمنح القوة والأمانة، ولو راجعنا قصة ابنة شعيب مع موسى عليه السلام، نجد أنها أحبت فيه القوة والأمانة، فدعت أباها لتشغيله بسببها ثم تزوجها، قال تعالى: " قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ" – سورة القصص : 26- فالرجل المتدين مطلب كل امرأة عاقلة، لأنها تعرف أنّه يستوعبها ويتفهم طبيعتها، ينقب عن مواطن الدفء والعاطفة بداخلها، يتأنّى في التعامل مع المشكلات التي تواجهه معها، يأخذ الأمور بروية و يكون بإذن الله أمينًا عليها و على أولادها، إن أحبها أكرمها وإن لم يحبها لم يظلمها، أما الرجل البعيد عن دين الله فهو رجل بلا ضمير، سيكون عدو لنفسه ولمن حوله، يمكن أن يرتكب أي شيء دون أن يتوقف لحظة ليقول: هل هذا صحيح أو عادل ؟ فالمرأة و إن صبرت على هذا النوع من الرجال، فإنها ستفكر يوماً ما و تقول: متى سيكون دوري مع رجل بلا ضمير؟ هذه المرأة لن تشعر مع رجل من هذا النوع بالأمان والراحة، لأنها تعلم أنّه مستعد لطعنها في أي وقت، فلا بد من التبصر في حال الخاطب الذي يتقدم للمرأة المسلمة، لأنّ معرفة طبيعة الزوج يعتبر أكثر أهمية بالنسبة للمرأة، فهي الطرف الأضعف في العلاقة الزوجية، لكن من العقل أن تتغاضي المرأة عن بعض العيوب الصغيرة الموجودة عند الخاطب، خاصة إذا كانت هناك إمكانية منطقية للتغيير بعد الزواج، و أما العيوب الكبيرة: كترك الصلاة، والإدمان على شرب المخدرات، أو الكذب الكثير، وكافتقاره لاحترام الآخرين، وعدم الثقة بالنفس، أو أن يكون رجل متسلط... فيجب أن تنتبه إليها، المهم أن يتوفر الحد الأدنى من التفاهم بين الزوجين لكي يتم الزواج ويسير على طريق مستقيم. وفي المقابل فإنّ المرأة الصالحة واحدة من أسباب السعادة، و عنْ عَبْدِ الّلهِ بْنِ عَمْرٍو أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الدّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدّنْيَا المَرْأَةُ الصّالِحَةُ" - رواه مسلم- و المرأة الصالحة هي التي إذا نظرت إليها سرّتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في مالك ونفسها، و لا شكّ أنّ مقاصد الناس تختلف في النكاح، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ" -رواه البخاري ومسلم- وقد اختلف العلماء في معنى قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "تربت يداك" اختلافاً كثيراً ، قال النووي رحمه الله "وَالْأَصحّ الْأَقْوَى الَّذي عَلَيهِ الْمُحقِّقون فِي معنَاه : أَنَّها كلمَة أَصلهَا اِفْتَقَرت, وَلَكِنَّ العَرَب اِعْتَادَت اِستِعمالها غير قَاصدة حَقِيقَة معناهَا الْأَصلِيّ, فَيذْكرُونَ تَرِبَتْ يَدَاك، وَقَاتلَهُ اللَّه, ما أَشْجَعه, ولَا أُم له, ولَا أَب لَك، وَثَكِلَتْهُ أُمّه, وَوَيْل أُمّه , وَمَا أَشْبَهَ هذَا مِنْ أَلْفَاظهمْ يَقُولُونَهَا عِنْد إِنْكَار الشَّيْء, أَوْ الزَّجْر عَنْهُ, أَوْ الذَّمّ عَلَيْهِ, أَوْ اِسْتِعْظَامه, أَوْ الْحَثّ عَلَيْهِ, أَوْ الْإِعْجَاب بِهِ وَاللَّه أَعلَم " -شرح صحيح مسلم - و نحن لا ندعي المثالية و نقول: الجمال ليس مطلوب، بل نقول: الجمال مطلوب لكنه ليس كل شيء، فهو مما يمنع من الفرك و ينعكس على الأولاد، لكن أثبتت التجارب أنّ الجمال يتلاشى شيئاً فشيئاً مع مرور الوقت، فالزوج قد يعتاد هذا الجمال فلا يرى في زوجته ذلك البريق الذي كان يشدّه إليها، بل قد لا يرى الجمال فيها رغم جمالها الذي يلاحظه الآخرون بسبب فظاظة فيها، فيكون جمالها بالنسبة له ليس إلاّ لوحة باردة صامتة لا تحرك به شيء، ومن جهة أخرى فإنّ المرأة فائقة الجمال قد تتكبر على الزوج بجمالها، و قد تضره بحيث قد يتعلق غيره بها و بالتالي لا يأمن عليها، ثم إنّ المرأة لا تحب الرجل الذي يحب المظاهر كثيرا، لأنّه لا يمكن أن يكون زوجاً جيداً، إذ يجعلها تعتقد أنه سينقاد بسهولة إلى أيّ امرأة أجمل منها، فعلى المرأة أن تتأكد من أنّ المتقدم لها يعطي قيمة أكبر لصلاحها وذكائها. 2. الاحترام المتبادل عندما يتعامل الزوجان بالاحترام المتبادل و على شكل منتظم، فإنّه يتم إنشاء مخزون من النيَّات الحسنة في نفسيهما، والتي هي صمام الأمان في المواقف الساخنة، فيجنبهما الكثير من المشاكل، ثم إنّ الاحترام ينتقل إلى الأطفال ويترعرع فيهم إلى أن يمدوه إلى من بعدهم، وقد كان رسول الله صلى عليه وسلم مثلاً يحتذى به في احترام زوجاته، فقد كان عليه الصلاة و السلام يشاورهنَّ ويأخذ برأيهنَّ، بل امتد احترامه صلى الله عليه وسلم لزوجته إلى احترام صديقاتها، فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ يَقُولُ: أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ- رواه مسلم- و يكفي ما روته أم سلمى رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما النساء شقائق الرجال" – رواه أحمد- قال أحد زعماء تميم لمعاوية رضي الله عنه: كيف نطيعك و قد غلبك نصف إنسان؟! - يعني زوجته و كان يحبها حبا شديدا- فقال له: "يا هذا إنهن يغلبن الكرام و يغلبهن اللئام" و ليعلم الزوج المسلم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ضرب خادمًا و لا زوجًا قط، بل جعل الرسول الكريم ضرب المرأة قدحًا في عدالة الرجل، لحديث فاطمة بنت قيس لمّا جاءت تستشيره صلى الله عليه و سلم في ثلاثة رجال تقدموا لخطبتها، فقال لها: "أما أبو جهم فضراب للنساء" - رواه مسلم- و قد قال الإمام الشافعي بعد أن ذكر جواز ضرب الناشز للتأديب: "ولو ترك الضرب كان أحب إلي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لن يضرب خياركم". فيجب عليك أيها الزوج أن تحترم زوجتك، و أن تظهر احترامك لها أمام الأهل و الأبناء، احترم آراءها و أفكارها و لا تسخر من طموحاتها و حماستها، تحدث إليها وشاورها في كل الأمور حتى في موضوع لا يستحق المشورة، فمجرد إشعار الطرف الآخر بوجوده له تأثير في النفس، خذ بقرارها عندما تعلم أنّه الصواب وأخبرها بذلك، وإن خالفتها الرأي فاصرفها إلى رأيك بلباقة، لا تفرض عليها اهتماماتك الشخصية فتجعلها دائمًا تابعة تدور في مجرَّتك، بل شجِّعها على أن يكون لها كيانها وتفكيرها وقرارها، فلا يلزم من كونها شديدة التعلق بك أن تشاطرك الرأي في كل الأمور، بل من الصحي أن تخالفك الرأي أحيانا، تعامل معها كإنسانة لها فكر ورؤى وليست كسجد فقط، فالمرأة تكره بل تحتقر نفسها بمجرد أن تشعر أنها مجرَّد أداة استمتاع للرَّجل، انظر معها إلى الحياة من منظار واحد و لا تخجل أبدًا أن تطلب من زوجتك أن تنقل لك خبراتها في موضوع لا تحسنه، أشعرها بقيمتها ودورها الفعال في حياتك، اكتسب منها ما يصدر عنها من تصرفات سامية، فكم من الرجال من ازداد التزاما بسبب زوجته، تطلع دوماً إلى تحسين وضعك المادي والتعليمي من غير أن تنسى طموح زوجتك، فلا تعلو وحيداً وتتركها بعيدة عنك، لا تعاملها معاملة الأطفال لأنّ ذلك يجعلها تعتقد أنك لا تعتمد عليها و لا تؤمن بها كإنسانة واعية وقادرة على تحمل المسؤولية، فتلك إهانة لها، بل عاملها كإنسانة طفلة الروح بالغة العقل. و اعلم أنّ أخطر الإهانات التي لا تستطيع الزوجة أن تغفرها لك بقلبها، حتى ولو غفرتها لك بلسانها، هي: أن تنفعل فتضربها أو تشتمها أو تشتم أباها أو أمها، احترم والديها وكن مهتمًا بشؤون أسرتها من غير تطفل، فلا تتدخل في كل تفاصيل عائلتها، و إياك أن تطلق على زوجتك أسماء مضحكة، أو تقول لها: أنتم قال فيكم رسول الله "ناقصات عقل و دين!" فحتى لو كانت نواياك سليمة فإنك لن تحظى برد الفعل الذي تطمح إليه، فأقلّ شيء يمكن أن تفعله أنها توجه إليك نظرة قاسية، وحتى و إن أظهرت أنها لا تهتم بما قلته فهي لن تنسى لك أبدا هذا التصرف المشين، لا تذكِّر زوجتك بعيوب صدرت منها في مواقف معينة، ولا تعـيِّرها بتلك الأخطاء خاصة أمام الآخرين، و قبل أن تنتقد اسأل نفسك: هل هذا الأمر يستدعي النقد? هل هذا النقد سيساعد علاقتنا أو يضر بها؟ وإذا راجعتك هي فاستمع إلى نقدها بصدر رحب و اجعل آخر كلمة لها، فلا تجادلها و لا تتحداها، لأنها ستمارس معك أشد أنواع التحدث والعناد حتى تصل لمبتغاها. و كذلك نقول للمرأة: احترمي زوجك، حافظي على أنوثتك ولا ترفعي صوتك في وجهه أثناء لحظة الغضب، خذي الأسوة من خديجة رضي الله عنها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أتى جبريلُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ اللهِ، هذه خديجةُ قد أَتَتْ، معها إناءٌ فيه إِدامٌ أو طعامٌ أو شرابٌ، فإذا هي أَتَتْكَ فاقَرِأْ عليها السلامَ مِن ربِّها ومنِّي، وبِشِّرْهَا ببيتٍ في الجنةِ مِن قَصَبٍ لا صَخَبٌ فيه ولا نصبٌ" – رواه البخاري- قال ابن كثير رحمه الله معلقا: "لا صخب فيه و لا نصب لأنها لم ترفع صوتها على النبي صلى الله عليه و سلم و لم تتعبه يوما من الدهر فلم تصخب عليه يوما و لا آذته أبدا" فاحفظي لسانك أيتها المباركة عن كل ما يسوء زوجك، واعلمي أنّ أفظع كلمة يسمعها الرجل من زوجته أن تقول له: أنا نادمة على زواجي معك، أو أنا أتحمل حياتي معك فقط من أجل الأطفال، هذا القول لا ينسى و لا يسامح، لا تعيري زوجك بماضيه المتواضع، ولا تنتقدي بشكل لادغ فإنَّ الزوج يشعر حينها بأنَّه طفل يوبخ، فقد يلجأ إلى تعنيفك حتى لا يُرى ضعيفًا أمامك، فلا تنتقدي إلاّ بشكل ايجابي ولطيف و في وقت يكون فيه الزوج مستعد لقبول النقد، لأنّ النقد يستعمل من أجل نمو العلاقة لا للفوز وإيذاء شعور الزوج، لا تكثري عليه من الأسئلة، فامتناع الرجل عن الإجابة على تلك الأسئلة الكثيرة، يشعرك بأنّه يقوم بتصرفات خاطئة وعندها تبدأ الشجارات، لا تتحولي إلى حارس شخصي بحيث تعلقين على كل تصرفاته، فذلك يشعره بالاختناق. و في الأخير ينبغي أن يعلم الزوجان أنّ كرامة أحدهما هي كرامة الآخر، فأحلى كلمة يسمعها الرجل من زوجته عندما تعتذر إليه مهما كان الخطأ، وهذا ليس إذلال للمرأة و لا تكبر من الرجل كما يصور الشيطان وأعوانه، فكلمة التأسف و الاعتذار لها تأثير عجيب، من شأنها أن تحول الحمرة من حمرة غضب إلى حمرة خجل، و كذلك ينبغي على الزوج أن يعتذر لزوجته إذا أخطأ معها و لا يستكبر عن ذلك، فإنَّ الاعتراف بالحق فضيلة، ثم إنَّ اعتذارك لها يفرحها جدا، ليس لأنها تريد أن تهينك، بل لأنَّ اعتذارك لها يشعرها بمكانتها الغالية في نفسك، فعند حدوث أي موقف ساخن بين الزوجين، يجب على كل واحد منهما أن يتحرى ما يجري على لسانه، و أن يجتنبا السبب و الإهانة و كل ما من شأنه تحقير الآخر وتسفيهه، فغالباً ما تنتهي كل الخلافات وتبقى تلك الكلمات التي لا يستطيع الطرف الآخر أن ينساها، و بخاصة المرأة فإنها حساسة جدًا، ولذلك شبههنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بالقوارير، فالنساء مثل الزجاج في سهولة كسره، و في المقابل فإنّ اللباقة في اللفظ مما يقرب القلوب ويزيد في الود، وإذا كان الله تعالى قد أمرنا بتحسين القول مع الناس "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً" – سورة البقرة: 83 - فكيف بالزوج مع زوجته وبالزوجة مع زوجها! 3. تبادل المشاعر من السهل أن تعلم المرأة ما إذا كان الرجل معجب بها أو محب لها، فهي تستطيع استخلاص مشاعره حتى ولو كان بارعًا في إخفائها، ولكنها تحب دائما سماع زوجها وهو يعبر عن مشاعره الجياشة تجاهها، فالأنثى تودُّ أن تشعر بأنوثتها مع زوجها، فلا يمنعك الخجل من ذلك، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عن خديجة رضي اللَّه عنها:" إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا"- رواه مسلم- و كان صلى الله عليه وسلم يواسي زوجاته و يقرأ مشاعرهن، فعن عائشَةَ رضي اللَّه عنها قالت: قال لي رسول اللَّه صلَّى اللَّه علَيْه وسلَّم:"إنِّي لأَعلم إِذا كنت عَنِّي راضيَةً، وَإِذَا كنت عَلَيَّ غضبى، قالت: فقلت: من أين تَعْرف ذلك ؟ فقال: أَمَّا إِذا كنت عنِّي راضيَةً فإِنَّك تقولِين: لا وربِّ محمَّد، وإِذا كنت عَلَيَّ غَضْبَى قلت: لا وربّ إِبْراهيم، قالت: قلت: أجل واللَّه يا رسول اللَّه، ما أهجر إِلَّا اسمك" - رواه الشيخان- و كان عليه الصلاة والسلام يفتخر بزوجاته، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كمُل من الرِّجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مَريم بنتُ عمران، و آسية امرأةُ فرعون، وفضلُ عائشة على النساء كَفضل الثريد عَلى سَائر الطعام " - رواه الشيخان - وكان صلى الله عليه وسلم يكثر من ذكر خديجَةَ رضي الله عنها حتى كأنهُ لم يكُن في الدنيا من امرأة سواها، فكان يقول : "إنَّها كَانت، وكَانت، وكَانَ لي منها وَلد"- رواه البخاري- فينبغي عليك أيها الزوج أن تعلن حبك لزوجتك، لأنّك عندما تخبرها بأنك تحبها فأنت تعلمها أن تحبك، لكن لا تقل لها: "أحبك" دائما وبدون مناسبة، فوقتها المناسب هو عند حدوث موقف مؤثر في الحياة بينكما، فتقولها فيه من أعماق قلبك، المهم لا تكن غامضًا في مشاعرك نحوها، فكم من المحبط أن تقف زوجتك أمام المرآة وقت طويل تتجمل لك كي تحظى بإعجابك، ثم لا تجد منك أي تعبير يدل على أنّك انتبهت إليها حتى، فالمرأة تحب ثناء زوجها عليها، خاصة أمام الأهل و أمام الأولاد و الأقارب، فأظهر إعجابك بها، بأسلوب تفكيرها، بمستواها العلمي، بحسن اعدادها للطعام، بجمالها و أناقتها، بطريقة تصفيف شعرها، بذوقها في انتقاء العطور... فجميل جدًا أن تتغزل في جمال زوجتك لكن الأجمل منه أن تتغزل في عقلها و تفكيرها و أحاسيسها و مشاعرها، وإذا أردت أن تمتلك قلب زوجتك فحدثها كل يوم عن شيء جديد اكتشفته فيها، لأنّ أكبر أمنية عند المرأة أن تجعل زوجها يحبها لذاتها لا لمظهرها، فكم هو جميل أن تنظر إلى زوجتك نظرة دافئة من حين لآخر و تقول لها: كم أنا سعيد لأنك زوجتي، أنت نعمة من الله، أنت هدية الله لي، أنت المرأة الأولى والأخيرة في حياتي، أنت أجمل النساء في نظري، بصراحة فيك صفات جميلة و مريحة بالنسبة لي، قبّل يديها وقل لها: هل أنت سعيدة معي؟ هل أنت مرتاحة معي؟... أشعرها بأنها أهم إنسانة بالنسبة لك ووائم بين حبك لها وحبك لوالديك، وضح لها بأنّ علاقتك بها أمر منفصل عن علاقتك بالأهل، فلا داعٍ للخلط، أوجد لحظات صامتة، تتكلم فيها العيون والقلوب وتصمت فيها الأفواه، ففي ذلك رقة ومتعة وتأثيرا على قلب المرأة، و لكن احذر أن تكون شديد الرقة فتحاول أن تبكى لها لتستدر عطفها، فالمرأة تحتاج إلى من يحميها ويشعرها بالأمان وليس الذي يبكى لها، و لا يلزم من كونك شديد التعلق بها أن تكثر من الاتصال عليها أثناء العمل، فقد تعطيها انطباعاً بأنّك إنسان بلا ضمير تستغل وقت العمل في أغراض شخصية، فهي لا تريد الرجل الذي يترك عمله ومسؤولياته ليتغزل بها، لكنها متى وجدت ضالتها المنشودة في الرجل من الرعاية و الحنان و الحب، فإنها لن تتوانى عن إسعاده و تحقيق كل أحلامه. و نقول للزوجة: إذا كان زوجك رومانسي، بمعنى أنه يجيد ممارسة الحب و الكلام المعسول و يعبر عما في داخله بسهولة، فاعلمي أنّ هذا الزوج هو هدية العمر لك، فيجب عليك أن تحافظي عليه و أن تكوني أكثر رومانسية منه، لأنّ أخطر شيء يهدد العلاقة الزوجية هو: الكبت و عدم البوح بالمشاعر، فكبتها يؤذي إلى الجفاء و تخزين المشاكل و من تمّ تضخيمها، فلا بد من إبداء مشاعر الحب من الطرفين حتى تبحر سفينة الحياة في بحر الحب، فكما أنّ المرأة تضيق ذرعاً بالرجل الصامت الذي لا يعبر عن مشاعره نحوها، فكذلك الزوج أحيانا يختلق المشاكل دون أي سبب، سوى أنّه أحسّ بالفراغ العاطفي من طرف زوجته، فيلجأ إلى تعنيفها حتى تأتي فتتودد إليه، لأنَّ الحياء قد يمنعه من مصارحتها بذلك، فالرجل يحتاج إلى الحب الذي يحمل معه الثقة به وقبوله كما هو، وهو مع زوجته كالطفل الصغير، يتعامل بالندية، سريع الغضب سريع الرضا، و لهذا يجب على الزوجة أن تخاطبه كطفل قبل أن تخاطبه كرجل. 4. النفقة بالمعروف تربط المرأة كمال الرجولة بعملية الإنفاق، لأنّ النفقة جعلها الله أحد أسباب قوامة الرجل عليها، قال الله عز وجل:" الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ " – سورة النساء:34- ونفقة الزوج على زوجته واجبة بنص القران الكريم، قال الله تعالى: "وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" -سورة البقرة :233- والمعروف هو المتعارف عليه في عرف الشرع من غير إفراط ولا تفريط، وإنّما استحقت الزوجة هذه النفقة لتمكينها له من الاستمتاع بها، وطاعتها له، والقرار في بيته وتدبير منزله، وحضانة أطفاله وتربية أولاده...وقد حثّ النبي الكريم على التوسعة في النفقة على الأهل، فعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "أفضَلُ دينار ينفقُه الرجل دينار ينفقُه عَلى أَهله"-رواه مسلم - قال حماد رحمه الله: "رأيت أيوب السختياني لا ينصرف من السوق إلا و معه شيء يحمله لعياله" فالرجل الكريم مطلب لا يمكن أن تتخلى عنه المرأة أو تساوم عليه، و قديما قالوا: "الكرم يغطي مائة عيب" و ذلك أنّ الكرم مع الزوجة يدلّ على صدق المحبة لها، فحتى لو كانت الزوجة ثرية فلا يليق بالزوج أن يبخل عليها، لأنّها في حاجة إلى الشعور بأنّ زوجها هو البديل الحقيقي لأبيها، فالمرأة لا تحب الرجل البخيل، بل إنّ أبغض ما يمكن أن يتصف به الرجل في نظر المرأة هو البخل، ولا يمكن لرجل آخر أن يرى هذه الصفة بالحجم الذي تراه به المرأة، فالبخل معها يعني لها شيئاً واحد هو أنّك لا تحبها وتصريح جريء ووقح بعدم اهتمامك بها واكتراثك بمشاعرها، و ليعلم الزوج أنّه إذا ما استمر على بخله فإنّه يحوّل أيّ حنان ورقة في قلب المرأة إلى قسوة وسخط لتنفجر يوماً ما، هذا بالإضافة إلى الإثم المترتب على ذلك، فعن عبد الله ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: "كَفى بالمرء إثمَا أن يُضيع من يَقوت" – رواه الامام أحمد و أبو داود وصححه الألباني في المشكاة- قال سفيان الثوري رحمه الله: "يؤمر بالرجل يوم القيامة فيقال هذا عياله أكلوا حسناته". فإذا ابتليت المرأة بزوج شحيح يمنعها حقها في النفقة بغير مسوغ شرعي، فلها أن تأخذ من ماله ما يكفيها بالمعروف وإن لم تعلمه بذلك، فعن هند بنت عتبة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شَحيح وليس يُعطيني ما يكفيني وَوَلدي إلا ما أخذتُ منه وهو لا يعلم، فقال خُذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" - رواه البخاري- لكن ينبغي أن تعلم المرأة أنّ الحد القاسم في النفقة هو: أن تطعمها إذا طعمت و تلبسها مما لبست، ففي حديث بهز بن حكيم عن معاوية بن حيدة القشيري عن أبيه عن جده أنّه قال : "يا رسول الله ! ما حق زوجة أحدنا ؟ قال: أَن تُطعِمَهَا إِذَا طَعِمتَ، وَتَكسُوَهَا إِذَا اكتَسَيتَ، وَلا تَضرِبِ الوَجهَ، وَلا تُقَبِّح، وَلا تَهجُر إِلا فِي البَيتِ " -رواه الإمام أحمد وصححه الألباني- فلا يحق للمرأة أن تثقل على زوجها بالطلبات حتى يلجأ إلى الحرام فتكون سببا في دخوله النار، و رحم الله نساء السلف كانت إحداهنّ ترافق زوجها إلى الباب إذا أراد الخروج وتقول له: "اتق الله فينا و لا تطعمنا من الحرام فإنّ أجسامنا تصبر على الجوع و لا تصبر على النار". وعلى الزوجة أن تصبر على دخل زوجها المحدود، فتسلم لأمر الله سبحانه وتعالى و تظهر لزوجها الرضا لما يقدمه لها ولا تتهمه بالبخل، و تعلم أنّ زوجها يجمع المال بالجهد والعرق ليوفر لها حياة كريمة، فتضع ذلك في اعتبارها، ينبغي عليها أن تشكر لزوجها و أن تعترف بجميله وما يقدمه لها ولأولادها، فعن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَنظر الله إلى امرأة لا تَشكُر لزوجها و هي لا تَستغني عَنه"- رواه النسائي في السنن الكبرى و صححه الألباني- ولتحذر غاية الحذر من كفران العشير، فإنّ أكثر أهل النار من النساء بسببه، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: "رأيت النار فلم أر كاليوم منظرًا قط ورأيت أكثر أهلها النساء، قالوا: لم يا رسول الله؟ قال: بكفرهنّ، قيل يكفرن بالله؟ قال: يكفرنَ العشير ويكفرنَ الإحسان، لو أحسنتَ إلى إحداهنَّ الدهر ثم رأت منك شيئا قالت: ما رأيتُ منك خيرًا قط " – رواه البخاري- و في مقابل هذا اجتنب أيها الزوج الكريم المنّ في العطاء، بحيث كلما أهديت لزوجتك شيء لا تلبث حتى تقول لها: تذكرين يوم أعطيتك كذا وكذا...هذا المن يجعلها لا تفرح بأي هدية منك، لأنها تعلم أنّك ستمنّ عليها بعد مدة، وكما نقول للزوجة: اختاري الموعد المناسب لمطالبك، لأنّ معظم رفض الأزواج لطلبات زوجاتهم إنما هو بسبب الوقت الذي تطرح فيه، فكذلك نقول للزوج: لا يحسن بك أن تجعل زوجتك تمدّ يدها إليك في كل مرة: أعطيني كذا، أعطيني كذا...هذا يشعرها بالدونية، فمن الأفضل أن تمنحها مالاً تستقل به من راتبك، ثم إنّ هذا المال سينفق عليك بطريقة غير مباشرة، لأنها ستشتري به لباسًا تتزين لك به أو طعامًا تأكله معك. 5. اللطافة في التعامل لا شك أنّ ملاطفة الزوج لزوجته أثناء التعامل اليومي معها أمر مطلوب، لأنه بدون اللطافة لا تحصل الألفة ويكون كل شيء مملاً في الحياة الزوجية، وهذه الملاطفة تكون: بالكلمة الجميلة، بالنظرة الساحرة، بالقبلة الرقيقة، باللمسة الحانية، بالضحكة الصافية، بالهمسة الناعمة، فقد كان رسول الله كما تقول أمنا عائشة رضي الله عنها "يُقبّل إحدى نسائه و هو صَائم ثم تضحك" -رواه مسلم- وعنها أيضا قَالَتْ : خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأنا خَفِيفَةُ اللَّحْمِ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلا، فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: تَقَدَّمُوا، ثُمَّ قَالَ لِي: تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ، فسابَقَني، فَسَبَقْتُهُ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ فِي سَفَرٍ آخَرَ، وَقَدْ حَمَلْتُ اللَّحْمَ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلا، فَقَالَ لأَصْحَابِهِ :تَقَدَّمُوا ، ثُمَّ قَالَ لِي : تَعَالَيْ أُسَابِقْكِ، فسابَقَني فَسَبَقَنِي، فَضَرَبَ بِيَدِهِ كَتِفِي، وَقَالَ: هَذِهِ بِتِلْكَ" – رواه النسائي في السنن الكبرى –وتقول أيضا رضي الله عنها: دَخَلَ الْحَبَشَةُ الْمَسْجِدَ يَلْعَبُونَ، فَقَالَ لِي: " يَا حُمَيْرَاءُ، أَتُحِبِّينَ أَنْ تَنْظُرِي إِلَيْهِمْ ؟، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَامَ بِالْبَابِ، وَجِئْتُهُ، فَوَضَعْتُ ذَقَنِي عَلَى عَاتِقَهُ، فَأَسْنَدْتُ وَجْهِي إِلَى خَدِّهِ، قَالَتْ: وَمِنْ قَوْلِهِمْ يَوْمَئِذٍ: أَبَا الْقَاسِمِ طَيِّبًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : حَسْبُكِ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لا تَعْجَلْ، فَقَامَ لِي، ثُمَّ قَالَ: حَسْبُكِ، فَقُلْتُ: لا تَعْجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَتْ : وَمَا لِي حُبُّ النَّظَرِ إِلَيْهِمْ، وَلَكِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ يَبْلُغَ النِّسَاءَ مَقَامُهُ لِي، وَمَكَانِي مِنْهُ" - رواه النسائي في السنن الكبرى - وكان عليه الصلاة والسلام يتلطف معها في النداء، فعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: "قال رسول الله يومًا يا عَائش: هذا جبريل يُقرئك السلام " - رواه البخاري- و يقول عليه الصلاة والسلام: "كل شيء ليس من ذكر الله لَهو أو سَهو، إلا أن يكون أربع خصال: ومنها ملاعبةُ الرجل أهله" وقد رغّب النبي صلى الله عليه وسلم في خُلُق سام جدا، فعَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلا أُجِرْتَ عَلَيْهَا حَتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ" - مسند سعد بن أبي وقاص للدورقي- وعن الأسود بن يزيد أنه سأل عائشة رضي الله عنها: ما كان يصنع النبي صلى الله عليه وسلم في بيته؟! فقَالت : كان يكونُ في مهنة أهله، فإذا حضَرت الصلاة خَرج إلى الصلاة" – رواه مسلم- فكان صلى الله عليه وسلم يخيط ثوبه ويخصف نعله، وكيف لا يكون كذلك وهو الذي يقول عليه الصلاة و السلام: "وأنا خيركُم لأهلي" فلا تستنكف أيها الزوج عن مساعدة زوجتك في شؤون البيت، فليس ذلك من خوارم المروءة كما قد يعتقد البعض، فالمرأة تعتبر تعامل الرجل مع الطبخ فن وإبداع و بأنّه رجل متفتح و واثق من نفسه لا تكبله العادات والتقاليد، بخلاف تعاملها هي معه الذي يحدد بإطار الواجب والمسؤولية. وهناك أشياء بسيطة يقوم بها الزوج، لكن من شأنها أن تبقي خزان الحب ممتلئا لدى زوجته على مر السنون، فقط نشترط على الزوج عندما يأتي بهذه التصرفات، أن يقوم بها بمنتهى الطبيعة و النية الصادقة، حتى لا يظهر تقربه هذا بأنه مجرد تمثيل، و من ذلك: أن تشعرها بأنوثتها، كأن تقوم بفتح باب السيارة لها أو بسحب الكرسي لها... فهي عادة تنتظر منك مثل هذا، وكذلك أمسك يديها بلطف بمناسبة و بدون مناسبة حتى تشعرها بالراحة و الاطمئنان، أبعد خصلات شعرها إن وقعت على وجهها فإنك تعطيها انطباع تام بالعناية بها، قم بنزهة معها من حين لآخر للترفيه خارج المنزل وستجدها زوجة جديدة عندما تعود إلى البيت، أرسل لها باقة ورود من حين لآخر وأحيانا اكتب لها رسالة حب وضعها على الطاولة أو الوسادة قبل أن تخرج، أمسح دموعها بأطراف أصابعك إذا تسبب لها شيء من البكاء، ذكرها بموعد الدواء إذا كانت مريضة و تعاطف مع مشاعرها عندما تشعر بالضيق، داوم النظر إليها و مخالطتها، فإنّ الورد إذا أهمل يبس و إن سقي نمى، أكثر من التبسم في وجهها، لأنّ هذا التبسم يشعرها بأنها محبوبة، فحتى و إن لم تكن تحبك فلا تلبث حتى تحبك، فابتسم عند خروجك من البيت و بمجرد دخولك سلم عليها بحرارة و أظهر ملامح الرضا والانبساط عندما تتواجد بالمنزل، نادها بأحب الأسماء و أجمل الصفات: يا زوجتي، يا حبيبتي، يا أميرتي... وكذلك لا ننسى أن نذكر للمرأة بأنّ الرجل يريد الزوجة التي تتمتع بروح الدعابة وخفة الظل والتلقائية حتى يمسح بها أعباء الحياة التي تثقل كاهله، فإنها بكلماتها الرقيقة و بسماتها العذبة، تملأ أركان البيت سعادة، و بحركاتها الخفيفة و ألعابها الجديدة تبدد الملل في حياتها و حياة زوجها، لأنّ أكثر ما يكرهه الرجل أن يدخل حياته هو الملل و النكد، فقد يأتي الضيق من مسألة الروتين المعاد يوميًا، فيفترس السعادة و المودة بين الزوجين، فالرجل يحب في المرأة أن تكون حلوة اللسان، سلسة عذبة في حديثها لطيفة ودودة، لأنّه يطرب لسماع الكلمة الجميلة، فهو يريد زوجة صديقة لا زوجة فقط، ولذلك أرشد النبي صلى الله عليه وسلم جابر رضي الله عنه إلى مضنة ذلك فقال: "هلا بكرًا تلاعبُها و تُلاعبُك و تُضَاحكُها و تُضَاحكُك" –رواه البخاري - فجعل الملاعبة للزوجة أيضا، و عن أنس ابن مالك رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تزوَّجوا الودُودَ الولُودَ" –رواه الإمام أحمد- فلا يجمل بالمرأة أن تضيع ما وهبها الله من قدرات الأنثى، بل هي المطالبة أكثر بإدخال المرح في بيت زوجها، فعليها أن تلعب دور العاشقة كلما شعرت بالفتور في العلاقة بينها و بين زوجها، فتحاول تجديد كل شيء في الحياة الزوجية: في الكلمات، في البرنامج اليومي، في ترتيب أثاث المنزل، في النزهات، في أماكن الجلسات، في ألوان المفروشات ..فإنّ التجديد يمنح الحياة الزوجية دفعة قوية من النشاط والحيوية، والرجل تجذبه في شخصية المرأة المناطق المجهولة فيها، فإذا تمكن بعبقريته من معرفة الخطوة التالية فلتسارع الزوجة إلى تغيير الأحداث لتخالف توقعاته، و هكذا فالعطاء المدروس، والامتناع المحسوب، يجعل المرأة في عيني الرجل لغزاً يسعى دوماً إلى حل طلاسمه، فلو أنّ المرأة جعلت من صمتها أحياناً، ومن غموضها أحياناً أخرى، ومن تجديد ما سبق له معرفته و تقديم المشاعر المعلومة بطرق غير معلومة و مناورة فضوله بذكاء و استغباء...أقول: لو أنها جعلت من كل ذلك أسلوباً لها وطريقة تخاطبه بها لوارته التراب ولسان حاله كما قال قيس بن الملوح: "مازالت في النفس حاجات إليك كما هي" إنّ المرأة التي تعرف كيف تفعل كل ذلك، سوف تحتفظ بزوجها إلى الأبد ولو طاردته كلّ نساء العالم، فالرجل لا يشجعه أن يجد المرأة كتاباً مفتوحاً يمكن قراءته بسهولة، فاجعلي حياتك معه أيتها المباركة مليئة بالمفاجآت والتجديد، فمن المثير أن يشعر زوجك أنّه لا يزال يتعرف عليك. 6. القوامة وقوة الشخصية الزواج حياة كاملة بحلوها ومرها يحتاج إلى الشخصية القوية المتزنة القادرة على تحمل المسئولية، فلا بد أن يكون الزوج و الزوجة على مستوى المسؤولية، فعنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا" – رواه البخاري ومسلم- فالحياة بين المرأة والرجل ليست في غرفة النوم فقط، فالرجل وبخاصة في هذا الوقت ومع متطلبات الحياة الكثيرة أصبح يبحث عن المرأة الند التي تناقشه ويختلف معها في الآراء، المرأة صاحبة الأفكار القوية التي يعتمد عليها في مسئولية أسرته، بحيث تستطيع أن تشاركه اهتماماته وحياته بكل متطلباتها وتتحمل معه أعباءها، ويلتقي معها بنقاط مشتركة لتغدو جميع الأشياء مشتركة، فهو يحب أن يجد في زوجته العلم والثقافة والذكاء وقوة الشخصية، لأنّ هذه الصفات تريحه في حياته، بحيث تفهمه زوجته دون جهد منه، وتكون قادرة على تربية أبنائه بشكل سليم. ومن المقرر عند العقلاء أنّ الرجل هو الجانب الأقوى في العلاقة الزوجية، فلابد أن تكون له القوامة على المرأة، و المرأة لا يستقيم حالها أصلاً إلاّ بزوج يسوسها، فهي بطبيعتها الأنثوية تحب ما يقابلها وهو الطبيعة الرجولية، التي فيها القوة وبعض الخشونة، على أن يكون قوياً لها لا عليها إذا استسلمت لهواها وضعف نفسها، بل إنّ المرأة تحب الرجل الذي يقومها عن حب لها واعتراف بقيمتها عنده، ولهذا يجب أن تعلم المرأة علم اليقين بأنّ لها تربيتان: تربية عند أبيها و تربية في بيت زوجها، فلا يصلح أن تبقى على تربية أبيها بعد الزواج، بل ينبغي عليها أن تغير شيء من طباعها لزوجها، قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى : " الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ " أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت" ولو علمت المرأة قدر زوجها وحقه عليها لما عرفت الندية ولا التحدي إلى نفسها سبيلاً، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :"لو كنتُ آمرًا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرتُ المرأة أن تَسجدَ لزوجها، والذي نفس محمد بيده لا تُؤدي المرأة حقَّ ربها حتى تؤدي حقَّ زوجها ولو سَألها نفسها وهي على قَتَب -وهو رحل صغير يوضع على البعير- لم تمنعه" -رواه ابن ماجه وصححه الألباني- فالمرأة الصالحة هي التي تحرص على تحقيق كل رغبات زوجها ما لم تكن محظورة شرعا، شعارها "اعرف ما تريد" أي تفهم مراد الزوج بمجرد النظر، لأنها تؤمن بعظيم منزلته و علو مكانته، كيف لا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه " إذا صَلّت المرأة خمسَها وصَامت شهرها وحَصّنت فَرجَها وأطاعَت بَعلها دَخلت من أيّ أبواب الجنة شَاءت" - رواه ابن أبي حاتم في صحيحه - ثم إنّ الزوج مسؤول عنها أمام الله يوم القيامة، قال الله تعالى" يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا " - سورة التحريم :6- قال شيخ الإسلام ابن ثيمية رحمه الله: "و ليس على المرأة بعد حق الله و رسوله أوجب من حق الزوج". فالمرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك لها من أبيها و أمها، وشرع الله يبينّ أنّ طاعة الزوجة لزوجها أعظم من طاعتها لأمها و وأبيها، حتى أنّ العلماء قالوا في بيان ذلك: لو استأذنت الزوجة في زيارة أهلها ثم منعها زوجها، فله ذلك و إثم القطيعة عليه، و لكن يجب عليك أيها الزوج أن تتق الله في زوجتك، فلا تتسلط عليها ولا تطلب منها طلبا تشعرها فيه أنها خادمة أو أن تذلها بالطلبات، فالزواج ليس امتلاك للآخر و الزوجة ليست كإحدى المقتنيات، ترفق في طلبك و أعطها هامشاً من حرية الاختيار في بعض الأمور، لكن لا تقل لها الذي تراه وتسحب يدك من كل شيء فتسلم القيادة لها ممتثلا لجميع أوامرها، فقوة الشخصية التي تحبها المرأة في الرجل ليست هي الضعف و الجبن و لا هي الجلافة و السيطرة، ولكنها الشخصية الرجولية المتكاملة، القادرة على مواجهة التحديات وشق طريق المستقبل، وفرض الحق، و اتخاذ القرارات و سياسة المرأة، و في نفس الوقت الشخصية القادرة على الحب والرقة والحنان والعطف، فهذه الصفات ليست نسائية كما يخيل لبعض الأجلاف ضعاف العقول، ولكنها صفات إنسانية راقية، ولنا في رسول الله الأسوة حسنة صلى الله علية وسلم، فقد كان نموذجاً للشخصية المتكاملة، فهو القوي في الحق، يحب ويرحم ويعطف ويقبل الأطفال ويدلل زوجته ويداعبها، و هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: " ينبغي للرجل أن يكون في أهله كالصبي ( أي في الأنس والسهولة ) فإن كان في القوم كان رجلا " فالمرأة تحب الرجل الشجاع قوي الشخصية، لأنه هو من ستعتمد عليه في هذه الحياة بعد الله تعالى، فهي تريد رجلاً تضع رأسها على كتفه مطمئنة بأنّه قائد المركب الذي لن يضيع ولن يُضيعها، ولذلك فسأل زوجتك دائما عن مخاوفها و أشعرها بأنها في مأمن من أي خطر وأنك لا يمكن أن تفرط فيها أو تنفصل عنها. 7. قبول النقص الزواج سفر طويل يسفر عن كثير من العيوب في رفيق الدرب، فلا بد من توطيد النفس على قبول النقص، فالمرأة هي صديق العمر، تشارك زوجها أدق تفاصيل حياته، ولا شك أنّ طول الصحبة يطلعها عن الكثير من العيوب فيه، وكذلك الرجل إذا دخل على زوجته لأول وهلة و في بعض الأحيان يرى أنّ هذه المرأة ليست هي المرأة التي كان يحلم بها، فينبغي أن يعلم الزوجان أنّ الحياة الزوجية هي حياة تكاملية و استدراك للنقص في الطرفين، فليس هناك رجل كامل أو امرأة كاملة إلاّ في الجنة، فالواجب على الزوج أن يغضّ الطرف عن بعض نقائص زوجته، و ينبغي على الزوجة أن تغضّ الطرف عن بعض نقائص زوجها، ولا يقارن الزوج زوجته بغيرها و لا تقارن الزوجة زوجها بزوج أختها أو زوج جارتها... بل لا بد أن يعلن الزوج رضاه بزوجته كما هي، ولابدّ على الزوجة أن تعلن رضاها بزوجها كما هو، لأنّ المصير واحد، فإنّه لو قارن أحدهما بالغير ربما يتحسر و يجزع، كما قال عمر رضي الله عنه: "من دخل على الأغنياء خرج من عندهم وهو على الله ساخط" بل قد يميل إلى الحرام، لأنّ كل ممنوع مرغوب، قال ابن الجوزي في صيد الخاطر: "حتى أنّه لو قدر على نساء بغداد كلهن فقدمت امرأة مستترة من غير البلد، لظن أنه سيجد عندها ما لا عند غيرها". فينبغي على الزوجين التحلي بالقناعة و أن ينظرا إلى من هو أسفل منهما، فالمقارنة مدخل خطير من شأنها أن تهدم البيوت، و لهذا ننصح باجتناب مشاهدة القنوات الفضائية، لأنها تقبح جمال المرأة عند زوجها و تنقص قدر زوجها عندها، و بهذا تتباعد القلوب و تنقص المحبة بينهما، لأنّه عندما يشاهد الأزواج تلك التمثيليات في وسائل الإعلام، فإنّ ذلك يثير في أنفسهم العواطف و الرغبة في محاكاتها، ثم تبدأ المقارنة بين ما يسمع و يشاهد و بين واقعه الأسري الذي يعيشه، فيحدث ذلك هزة عاطفية في نفسه، فإن لم يكن في الحلال فليس إلا القلق و التشنج و كثرة المشاكل و ربما الوقوع في الحرام، فالظمآن بحاجة ماسة لقطرة ماء حتى و لو كانت ملوثة، نسأل الله السلامة و العافية. ومعرفة طبيعة المرأة مما يسهل على الرجل تجاوز تلك النقائص التي يلحظها في زوجته، فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ، فَإِنْ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا"، - رواه مسلم - قال ابن حجر رحمه الله: وفي الحديث "سياسة النساء بأخذ العفو منهن والصبر على عوجهن، وأن من رام تقويمها فاته الانتفاع بهن مع أنه لا غنى للإنسان عن امرأة يسكن إليها ويستعين بها على معاشه، فكأنه قال : الاستمتاع بها لا يتم إلا بالصبر عليها". فكونك أيها الزوج تريد من زوجتك أن تكون لك كما تحب في كل شيء، فأنت إذًا تعارض فطرة الله و تطلب المستحيل الذي لا يتحقق إلاَّ في الجنة، لأنّ الزوجان يتكاملان و لا يشتبهان، فالواجب عليك أن تتغاضى عن تقصير زوجتك في بعض حقوقك وتباطئها في تنفيذ بعض أوامرك، فلا ترتب الأمور بدقة متناهية وتريد من زوجتك أن تنفذها بدقة وبحذافيرها، بل وتغضب عند عدم تنفيذ ذلك، هذا لا يليق مع أبعد الناس فكيف بالزوجة! فلا بد أن تسكت على بعض الأشياء كأنك لم تسمع، و قديما قالوا "التغافل يدفع شرًا كثيرا" واعلم أنّ المرأة عاطفية، فخذها دائمًا من جانب عاطفتها و لا تجبرها على كسر طبيعتها فترغمها على الخضوع للمنطق وتكسر عاطفتها بالمنطق، بل اقبل في كثير من الأحيان تناقضها واعوجاجها، لأنّه جزء من طبيعتها و لا حيلة لها فيه، ثم إنّ الواجب أن تتذكر ما لها من محاسن تغطي بها هذا النقص، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يفرك ( أي لا يبغض) مؤمنٌ مؤمنة إن كرِهَ منها خُلُقاً رضي منها آخر" - رواه مسلم- فلا تكن مثل الذباب لا يقع إلا على السيئ و لكن كن مثل النحل لا يقع إلا على الطيب. 8. العفة و ضبط الغيرة
| |
|
ساره بنت مصر برونزى
عدد المساهمات : 154 تاريخ التسجيل : 30/10/2010
| |