كيف أتخلص من القلق والوساوس المرهقة؟
🟧رقم الإستشارة: 2473137🟧
🟩تاريخ النشر:2021-09-05 🟩
المجيب: د. محمد عبد العليم
🟥السؤال🟥
السلام عليكم ورجمة الله وبركاته
أولاً أشكر كل القائمين على هذا الموقع، والله يجزاكم خير الجزاء عن الجميع.
مشكلتي هي منذ بداية هذه السنة عانيت من بعض الضغوط والقلق والوساوس المتعددة، وكنت أخاف من الأمراض الروحية والإصابة بالمرض بشكل عام بسبب حادثة حصلت لي منذ الطفولة، ولم أستطع تجاوزها، فأصبحت الوساوس تسيطر علي، منها الدينية، ومنها الصحية، أدت إلى إصابتي بنوبات هلع متباعدة، والأرق والتفكير المستمر الذي يستنزف كل طاقتي، ولكن -بحمد الله- بدأت هذه الوساوس والمخاوف تقل لدي على الرغم من عدم شفائي منها بالكامل.
في يوم ما استيقظت على شعور غريب، أشعر وكأني في حلم غريب، وأشعر بالغربة عن ذاتي، حتى الاستغراب من نفسي، وممن حولي بعض الأحيان، وتأملت الكثير في هذا الأمر واكتشفت أنه يسمى باضطراب الآنية.
🟥سؤالي هو: كيف أتخلص من هذا القلق والوساوس المرهقة لي؟ وأيضاً هذا الشعور المزعج الذي يلازمني منذ أشهر، نصحني أحدهم بأن أتناول عقاراً يسمى "زولفت" ولكنني لا أريد القيام بأي شيء قبل استشارة شخص مختص يفهم حالتي ومعاناتي التي أكافحها، فقد ضاق الأمر بي حقاً.
علماً بأني طالبة علم، وأدرس الطب الذي يشكل ضغطاً كبيراً علي، بالإضافة إلى مشكلتي هذه.
وشكرا .
🟩🟩🟩🟩الإجابــة🟩🟩🟩🟩
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
قلق الوساوس منتشر وموجود، وكما تعرفين الوساوس تزيد وتنقص، وهي مرتبطة بالمراحل الحياتية، ومرتبطة كذلك بالأحداث الحياتية، ويُقال إن الإرث ربما أيضًا يلعب دورًا في الوساوس، وإن كان هذا الكلام ليس قطعيًّا في كثير من الحالات.
عمومًا: لا أريدك أن تعيشي في الماضي، ما حدث لك في الطفولة أمرٌ قد انتهى تمامًا، عيشي قوة الحاضر، الماضي انتهى، والماضي أضعف من الحاضر، والحاضر دائمًا هو الأقوى، ونحن نقول للناس: لا تعيشوا في ضعف الماضي، ولا تعيشوا في خوف المستقبل، المستقبل بيد الله، والإنسان يعيشه بأمل ورجاء، وأهم شيء أن تعيشي حاضرك بقوة، تُركّزين على دراستك، تُركّزين على أن تستمتعي بالحياة بصورة إيجابية، تُحسنين إدارة وقتك، تُحقّرين كل الفكر الوسواسي.
الوسواس لا تخوضي في نقاشه، لا تخوضي في تحليله، أو تأويله، لا تخوضي في الاسترسال معه، لأن الوساوس تتصيّد الناس وتُهيمن وتُسيطر وتُسبب الألم النفسي من خلال الإسراف في تحليلها، أو محاولة إخضاعها للمنطق، ونحن نقول للناس: التجاهل مهم، وأنا أقول لك: العلاج المعرفي للوساوس مهم، وهو يرتكز على ثلاث أسس:
قومي بكتابة كل الوساوس التي تُعانين منها، ابدئي بأضعف الأفكار وانتهي بأشدها، ثم طبّقي ثلاثة تمارين سلوكية على كل فكرةٍ وسواسية أو قلقية أو فكرة مخاوف:
التمرين الأول هو ما نسميه بـ (إيقاف الأفكار): خاطبي الفكرة الوسواسية أو فكرة الخوف أو القلق قائلة: (قف، قف، قف، أنت فكرة سخيفة، أنا لن أهتمّ بك)، كرّري هذه المقولة مع التركيز الشديد وكرري عدة مرات حتى تُصابي بشيء من الإجهاد.
التمرين الثاني، والذي نُسميه بـ (صرف الانتباه): من خلال هذا التمرين تجلبين فكرة تكون أكثر رُقيًّا وأكثر فائدة وقوّة من الفكرة التي تُهيمن عليك وهي الفكرة الوسواسية أو فكرة الخوف، ارتقي بفكرك.
بهذه الكيفية ستصرفين انتباهك عن الوسواس، مثلاً: تأمّلي في التنفّس، وأنت طالبة طب، كيف الهواء يدخل، وكيف يُوزّع الأكسجين، وما هو تكوين الرئتين، وتتأمَّلي في خلق الله البديع، وقومي بعدِّ التنفّس مثلاً لمدة دقيقتين ... وهكذا. هذا نُسميه بتمرين صرف الانتباه، ومَن يُجيده سوف يجد ثمرته، فهو فاعل، وممتاز، وعلاج سلوكي حقيقي.
التمرين الثالث هو ما نسميه بـ (التنفير)، ويُقصد به: أن تأتي باستشعار مخالف للفكرة الوسواسية، وقد وجدنا أن إيقاع الألم على النفس من أفضل هذه التمارين، وعلى ضوء ذلك ولتطبيق هذا التمرين: اجلسي أمام طاولة، في مكان هادئ، مثلاً داخل الغرفة، وقومي بالضرب على يدك بقوة وشدة على سطح الطاولة حتى تحسّين بالألم، ومع الشعور بالألم تستجلبي الفكرة الوسواسية. تُكرّري هذا التمرين عشرين مرة متتالية، إيقاع الألم واستجلاب الفكرة الوسواسية أو فكرة الخوف ... وهكذا. علماء السلوك وجدوا أن الأشياء المتنافرة لا تلتقي في حيّزٍ واحد، لذا سوف تضعف الفكرة الوسواسية حتى تنتهي، إذًا هذه التمارين الثلاثة مفيدة جدًّا، طبّقيها.
أمَّا بالنسبة للدواء فأنا أقول لك: الـ (زولفت) دواء رائع جدًّا، ابدئي في تناوله، وإن شاء الله تعالى سوف تجدين منه خيرًا كثيرًا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
#منتدى_المركز_الدولى