باب ما جاء في إفشاء السر
شرح الشيخ صالح الفوزان حفظه الله ورعاه شرح كتاب الكبائر
باب ما جاء في إفشاء السر
شرح الشيخ صالح الفوزان حفظه الله ورعاه
عن أبي سعيد مرفوعاً: «إن من أشر الناس منزلة عند الله يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثمّ ينشر سرها»، وفي رواية: «إن من أعظم الأمانة» رواه مسلم.
وعن جابر رضي الله عنه مرفوعاً: «إذا حدث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة» حسّنه الترمذي.
ولأحمد عن أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعاً: «من سمع من رجل حديثاً لا يشتهي أن يُذكر عنه، فهو أمانة، وإن لم يستكتمه».
السر: هو الأمر الذي لا يجب الإنسان أن يطلع أحد عليه، أمانة عند من أفضى إليه به، فإذا أسر إليك أخوك سراً وأبداه لك، فالواجب عليك أن تحفظه، فلا تخبر به أحداً، فإن أفشيته فقد
ارتكبت كبيرة وخنت الأمانة.
ومن الأسرار التي يجب حفظها وعدم إفشائها ما يكون بين الزوجين كما جاء في حديث أبي سعيد، فإذا خلا أحدهما بالآخر فإنه يكون بينهما من الأسرار والحديث والأعمال ما لا يجوز لأحدهما أن يتحدث به، لأن في إفشائه حرجاً لكلا الزوجين وخدشاً للحياء، فمن فعل ذلك، كان من شرار الناس، سواء في ذلك الزوج أو الزوجة، فدل ذلك على أن إفشاء السّر من الكبائر، ولذلك ذكره الشيخ في كتاب الكبائر .
وقوله في حديث جابر: «إذا حدث الرجل» وذكر الرجل هنا على الغالب لا على التخصيص، «ثم التفت» يميناً وشمالاً على قصد أن لا يطلع على حديثه غير الذي حدثه به، وهذا دال عن أنه لا يريد ان يطلع عليه أحد أن الناس، فالواجب على من أفضى إليه أن يحفظه؛ لأن التفاته تحفظ من أن يسمعه أحد، لأنه ائتمنه عليه، فلا ينبغي له أن يفشيه، لأن هذا هو الخيانة للأمانة.
وفي حديث أبي الدرداء قال ﷺ: «من سمع من رجل حديثاً لا يجب أن يذكر عنه، فهو أمانة، وإن لم يستكتمه» أي: وإن لم يطلب منه كتمانه، فإذا أفضى إليك أحد بأمر من الأمور السرية دون أن يظهره لغيرك، كانت هذه أمانة عندك وعليك أن تحفظها فلا تفشي سره ولو لم يقل: اكتمه، فلا ينبغي أن يتساهل في هذا الأمر، لأنه من باب حفظ الأمانات.
قال تعالى: *والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون*[المؤمنون:٨]
هذا جاء في سياق ذكر صفات المؤمنين، فحفظ الأمانات من الصفات الكريمة التي ينبغي أن يتخلق بها المؤمن، والأمانات ليست قاصرة على الأموال التي تودع عند الشخص كما يفهم ذلك بعض الناس من أنها الوديعة التي تودع عند شخص، بل هذا نوع منها وإلا فهي كثيرة.
منها: ما بينك وبين الله من عبادته وأداء فرائضه، واجتناب محارمه، وكذلك من الأمانات ما يكون بين الناس من الأسرار التي لا يحبون أن تنتشر، وإنما يحدثون بها بعض الناس الذين يثقون بهم، فإذا وثق بك أخوك وأفشى إليك سراً من أسراره، فإن عليك أن لا تنشره بين الناس، لأن هذا من خيانة الأمانة.
ومن الأمانات أيضاً أنه إذا ولاك ولي الأمر عملاً ما من الأعمال الوظيفية فعليك أن تقوم بعملك على الوجه المطلوب، ولا تبخس منه شيئاً، لأنه أمانة كذلك.
أرقام الصفحات من شرح كتاب الكبائر
{ 414 * 415 * 416 }
باب ما جاء في إفشاء السر
شرح الشيخ صالح الفوزان حفظه الله ورعاه شرح كتاب الكبائر