تحطيم خرافة شمشون و دليلة
شاهدت الفيلم وأنا صغير .. و تأثرت به و تمنيت أن أكون مثل ذلك البطل الخارق .. فالصغار يتأثرون دائما بالبطل القوي الذي يحارب الظلم والظالمين ..
أتيحت لي الفرصة لمشاهدة النسخة الجديدة من الفيلم .. فأدركت كم كنت ساذجا وأنا صغير ..
فقد اكتشفت أن قصة الفيلم صيغت بلؤم وحبكت بدهاء، وتم الترويج لها بعناية باستخدام كافة أشكال الأوعية الفكرية والثقافية والفنية، فألفت عنها عشرات الكتب وكتبت كقصة للأطفال وصممت كألعاب لهم، وجسدتها عشرات الأعمال السينمائية والمسرحية والموسيقية التي وجدت فيها مناخاً درامياً خصباً يصلح للخيال الفني والروائي والقصصي، وتتصاعد خيوطه الصراعية جاذبة المشاهد الذي يفتتن عادة بقصص الغواية والخديعة.
فقررت أن أبحث في الموضوع أكثر .. وأبرز حقيقة هذه الأكذوبة التي لربما .. قد يصدقها البعض اليوم ..
قبل الخوض في الموضوع سأنشر لكم مختصر القصة .. حتى يفهم من لا يعلم الأحداث التي سأبرزها :
.. "شمشون الجبار" وهو كما تروي القصص المتناثرة هنا وهناك .. وكذا كتاب "العهد القديم والجديد" : "هو رجل خارق القوى يمكنه أن يقضي على أسد بيديه العاريتين .. ويكمن سر قوته في شعره الطويل .. ما يدفع أعداءه الذي عجزوا أن هزيمته .. إلى أن يسلطوا عليه امرأة داهية إسمها "دليلة"، توقعه في حبها، وتجعله يعترف لها بسر قوته الكامنة في جدائل شعره، فتقص له شعره في أثناء نومه، وتسلمه إلى أعدائه الذين فقؤوا له عينيه، وبينما هم يحتفلون بالانتصار عليه .. يهدم عليهم المعبد صائحًا : «عليّ وعلى أعدائي يا رب».
يحاول البعض اليوم أن يقنعنا بأن "شمشون" شخصية حقيقية، وكل تلك الأحداث هي حقائق تاريخية لا يمكن نفيها، ويستدلون على ذلك بوجود آثار وبقايا ل"معبد داجون" الذي دمره "شمشون الجبار".
هذه القصة المختصرة أعلاه ينسفها ما أعلنته بعثة آثار إسرائيلية يوم الخميس الموافق 28-7-2010 من أنها عثرت على "معبد داجون" الشهير واكتشف أن دماره كان جراء زلزال عنيف ضرب المنطقة، في ذلك الزمن.
إضافة إلى أن المعبد لم يكن في
#غزة وفق ما ورد في قصة "شمشون"، بل في مكان آخر تماما، طبقا لما ذكره موقع على الإنترنت تابع لبعثة الاكتشاف وتطرقت إليه وسائل إعلام إسرئيلية .
وبعض المهم في الاكتشاف أنه جاء على لسان رئيس البعثة، وهو بروفسور "إسر.ا.ئيلي" اسمه "آرن مائير" من جامعة "بار ايلان" التي تأسست في 1955 وتقع في مدينة "رامات غان" المجاورة ل"تل أبيب"، وهي جامعة موصوفة بهويتها "الصه.يو.نية" والدينية المتزمتة.
يقول البروفيسور "مائير" : "نحن لا نقول أن هذا المعبد هو نفسه الذي جرت فيه قصة شمشون، ولكن الاكتشاف يعطينا فكرة جيدة عما كانت عليه صورة معابد الفلسطينيين في ذهن كاتب القصة"، في محاولة منه لتبرير التناقض بين الوارد في "التوراة" وما أكدته الحقائق المستخرجة من بقايا آثار المعبد المكتشفة.
وما تم التأكد منه هو أن زلزالا قوته 8 درجات على "مقياس ريختر" ومعروف للجيولوجيين مسبقا ضرب المنطقة قبل 900 عام من الميلاد وأدى إلى دمار المعبد، لا سواعد "شمشون الجبار"، وقال مائير: "تم إجراء فحص دقيق قام به خبراء جيولوجيون وبالزلازل على البقايا المدمرة للمعبد فاتضح بأن الدمار حدث جراء زلزال عنيف، والدليل هو ظهور الجدران المصنوعة من الطوب وقد انهارت وارتمت قطعها إلى موضع يبعد قليلا عن مكانها الأصلي" على حد تعبيره.
وتم اكتشاف بقايا المعبد منهارا بالكامل قرب مستعمرة "كريات غات" المجاورة لمنطقة "تل الصافي"، أو "تل زافيت" كما يسميها الإسرائيليون.
وهي بعيدة 36 كيلومترا عن غزة، ومثلها عن مدينة الخليل، حيث أكدت اكتشافات سابقة أنها كانت مسكونة منذ الألف الخامس قبل الميلاد وعرفت قبل ألف سنة من الميلاد باسم مدينة "جت" طبقا لما تؤكده بقايا آثار عثر عليها فيها.
ومدينة "جت" هي أيضا موطن
#طالوت الذي هزم جيش خصمه
#جالوت زعيم العمالقة بحسب ما ورد عنهما في الآيات 248 إلى 252 من
#سورة_البقرة في
#القرآن_الكريم.
ويدعي البعض أن "شمشون" شخصية حقيقية وله قبر حتى الآن في غزة، لكن وإثر البحث و التمحيص تاكد أن ذلك القبر أو المقام الموجود في غزة، يعود لشيخ يدعى محمد شمس الدين أبوالعزم "العزايم" رحمه الله، من مدينة المغرب أتى في عهد
#المماليك 1260- 1516م، وهذا الرجل فتح زاوية كان يعلم الناس القرآن الكريم والسنة ويطعم الفقراء وكان له "تكية" خاصة به، إلى ان مات ودفن في تلك المنطقة، الضريح الحالي منذ عام 1291م، حيث تم تجديده عام 1516م على يد "السلطان المملوكي" قنصوة
#الغوري" رحمه الله إلى أن قتل، ولم يكتمل ترميمه بعد.
دكتور التاريخ وعلم الآثار ناصر اليافاوي، يوضح لـ "دنيا الوطن" حقيقة الرواية قائلاً: "لابد من الإشارة إلى أن ما ورد من معلومات تاريخية في التوراة قصص نشزت من أساطير كتبها بعض من حاخامات اليهود أثناء السبي البابلي، عندما جاء
#نبوخذ_نصر إلى أرض فلسطين".
والمتمعن لقصة "شمشون" والأساطير التي وردت حولها، يتأكد بما لا يدع مجالا للشك، أنها محاولة تشويش سمعة الإنسان الفلسطيني ووصفه بالبربري وإعطائه لقب الخيانة، وتشبيه نساء فلسطين بالزانيات ..
وأن أهل غزة أهل الظلم وأن الله يريد أن ينصر "بني إسرائيل" عليهم رغم الظلم الذي وقعوا به كما جاء في القصة، لكن الرسالة هنا توضح بأن من يحمل فكراً يختلف عن الفكر اليهودي يعتبر من "البوئيين" أي أنه ليس بشراً، والهدف من هذه الراواية تأكيد بأن اليهود هم أقوى الناس وشعب الله المختار.
بصريح العبارة .. فإنه لا يوجد شخص أو كائن حقيقي في التاريخ "الصه.يو.ني" أو "اليهو.دي"، أو لـ
#بني_إسرائيل، والتاريخ عموماً، اسمه "شمشون الجبار"، كما لا توجد دلائل على وجود شخصية حقيقية إسمها "دليلة".
وكذلك لا توجد في التاريخ الفلسطيني الكنعاني العربي أية شخصية اسمها "دليلة"، فكلا الشخصيتين وهمٌ وأكذوبة كبرى، ومن اختراع الخيال "الصه.يو.ني" الكاذب والمريض.
والأهم كثيراً من ذلك، أنَّه لم تطأ طيلة التاريخ أبداً قدم يهودي لأرض فلسطين التاريخية؛ ولا حتى أراضي بلاد الشام التاريخية كلها.
بل بدأ التسلل "الصه.يو.ني اليهو.د.ي" إلى أرض فلسطين وبلاد الشام أواخر العهد العثماني، وتحديداً اثناء وعقب الحملة الفرنسية على بلاد الشام 1798 م ، وكان التسلل فردياً وأحياناًً كنصارى وكهنة وتجار وغير ذلك، ثم عقب تاسيس "الحركة الصهيونية"، وبدء التنفيذ لمخطط الاستيطان والاحتلال الفعلي لأرض فلسطين.
والأهم من ذلك أنَّه لم تكن هناك ، ولم تقم أية دولة أو مملكة يهودية على الإطلاق في أي مكانٍ في العالم، عدا عن أن تكون هذه "المملكة الكذبة" في فلسطين.
ونظراً لكون "دولة الا.حتلا.ل" وقطعان المستوطنين والمجرمين والعصابات الصهيونية ، "كيان إ.ستعما.ر.ي" إ.حلا.لي إ.ستي.طاني عن.صري .. بلا أي تاريخ أوتراث أوحضارة .. و تعمد بالتعاون مع "الحر.كة الصه.يو.نية" و"الما.سو.نية" العالمية .. وكافة أدواتهما إلى سرقة تراثنا وتاريخنا وموروثنا "الكنعاني" العربي الإسلامي الفلسطيني ..
وذلك من أجل خلق تاريخ وتراث وحضارة لها على أكتاف تاريخنا وتراثنا وحضارتنا ومورثاتنا المسروقة من جانبها ..
ولكنَّها كانت ومازالت أوهن من بيت العنكبوت ، ومهما طال الزمن أو قَصُرَ، فالحق سيعود إلى اصحابه الشرعيين والتاريخيين ..
فهذه أرضنا المقدسة والمباركة ووطننا وبها مقامات وقبور أولياء الله الصالحين و صحابة الرسول_الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، و التابعين وتابعي التابعين رضوان الله عليهم أجمعين، ولن تكون
#فلسطين إلا لنا، والعودة قريبة بإذن الله تعالى .
أخيرا إن أتيحت لكم مشاهدة هذا الفيلم .. فلا تنخدعوا بشهامة "شمشون" و خيانة "دليلة" .. فقد تم عكس الأدوار .. وتذكروا ما كتب في هذا المنشور.
-المصادر :
تقرير دكتور التاريخ وعلم الآثار ناصر اليافاوي لـ "دنيا الوطن".
تقرير البروفيسور "آرن مائير" رئيس البعثة الإسرائيلية ل"معبد داجون".
《
#منتدى_المركز_الدولى》