منتدي المركز الدولى


الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Ououou11

۩۞۩ منتدي المركز الدولى۩۞۩
ترحب بكم
الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل 1110
الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Emoji-10
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول
ونحيطكم علما ان هذا المنتدى مجانى من أجلك أنت
فلا تتردد وسارع بالتسجيل و الهدف من إنشاء هذا المنتدى هو تبادل الخبرات والمعرفة المختلفة فى مناحى الحياة
أعوذ بالله من علم لاينفع شارك برد
أو أبتسانه ولاتأخذ ولا تعطى
اللهم أجعل هذا العمل فى ميزان حسناتنا
يوم العرض عليك ، لا إله إلا الله محمد رسول الله.
شكرا لكم جميعا الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل 61s4t410
۩۞۩ ::ادارة
منتدي المركز الدولى ::۩۞۩
منتدي المركز الدولى


الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Ououou11

۩۞۩ منتدي المركز الدولى۩۞۩
ترحب بكم
الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل 1110
الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Emoji-10
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول
ونحيطكم علما ان هذا المنتدى مجانى من أجلك أنت
فلا تتردد وسارع بالتسجيل و الهدف من إنشاء هذا المنتدى هو تبادل الخبرات والمعرفة المختلفة فى مناحى الحياة
أعوذ بالله من علم لاينفع شارك برد
أو أبتسانه ولاتأخذ ولا تعطى
اللهم أجعل هذا العمل فى ميزان حسناتنا
يوم العرض عليك ، لا إله إلا الله محمد رسول الله.
شكرا لكم جميعا الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل 61s4t410
۩۞۩ ::ادارة
منتدي المركز الدولى ::۩۞۩
منتدي المركز الدولى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدي المركز الدولى،منتدي مختص بتقديم ونشر كل ما هو جديد وهادف لجميع مستخدمي الإنترنت فى كل مكان
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
Awesome Orange 
Sharp Pointer
منتدى المركز الدولى يرحب بكم أجمل الترحيب و يتمنى لك اسعد الاوقات فى هذا الصرح الثقافى

اللهم يا الله إجعلنا لك كما تريد وكن لنا يا الله فوق ما نريد واعنا يارب العالمين ان نفهم مرادك من كل لحظة مرت علينا أو ستمر علينا يا الله

 

 الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته وسننه بالتفصيل

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
دكتوره منال زكى
مراقبة
مراقبة
دكتوره منال زكى


عدد المساهمات : 97
تاريخ التسجيل : 24/05/2014

الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Empty
مُساهمةموضوع: الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته وسننه بالتفصيل   الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Icon_minitime1الأربعاء 10 مايو - 20:25

#الحج حكمه، ودليله 
شروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل


۞۞۞۞۞۞۞


  تعريفه هو لغة القصد إلى معظم، وشرعا أعمال مخصوصة تؤدي في زمان مخصوص ومكان مخصوص على وجه مخصوص.


 
 حكمه، ودليله 
۞۞۞۞۞۞۞


 الحج فرض في العمر مرة على كل فرد من ذكر أو أنثى بالشرائط الآنية.
 وقد ثبتت فرضيته بالكتاب والسنة والإجماع.
 أما الكتاب فقوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً} ، وأما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس " الحديث، وقد تقدم واتفقت الأمة على فرضيته.
 فيكفر منكرها، ويدل على أنه مفرض في العمرة مرة واحدة لقوله صلى الله عليه وسلم "يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج.
 فحجوا.
 فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت صلى الله عليه وسلم حتى قالها ثلاثاً.
 فقال عليه الصلاة والسلام: لو قلت: نعم لو جبت.
 ولما استطعتم" وقد فرض الله الحج على المسلمين القادرين لحكم كثيرة: منها اجتماع المسلمين في صعيد واحد.
 يعبدون إلهاً واحداً مخلصين له الدين القيم الذي هو أساس الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة: وأن من قواعد هذا الدين أن أتباعه إخوة يجب عليهم أن يتعاونوا على البر والتقوى فيعمل كل منهم لنصرة صاحبه وإن بعدت أبدانهم وتفرقت منازلهم.
 وعليهم أن يذكروا في هذا الموقت أنهم بين يدي ربهم العلي القدير الذي خلقهم وفضلهم على كثير من خلقه، وأنهم سيموتون ويقفون بين يديه في يوم لا ينفع فيه سوى العمل الصالح، والتمسك بما أمر الله به في كل شأن من الشؤون.
 


۞۞۞۞۞۞۞


 متى يجب الحج 
۞۞۞۞۞۞۞


 الحج فرض على الفور فكل من توفرت فيه شروط وجوبه ثم أخره عن أول عام استطاع فيه يكون آثماً بالتأخير: عند ثلاثة من الأئمة، وخالف الشافعية فانظر مذهبهم تحت الخط .
 الشافعية قالوا: هو فرض على التراخي فإن أخره عن أول عام قدر فيه إلى عام آخر فلا يكون وله شروط وجوب وشروط صحة وأركان، وواجبات.
 وسنن.
 ومندوبات.
 ومكروهات.
 ومفسدات، ومحرمات غير مفسدات، وسنبينها وما يتعلق بها بعناوين خاصة.
 


 شروط وجوبه 
۞۞۞۞۞۞۞


 فأما شروط وجوبه: فمنها الإسلام.
 عند ثلاثة؛ وخالف المالكية.
 فانظر مذهبهم تحت الخط .
 فلا يجب على الكافر الأصلي.
 أما المسلم المرتد عن الإسلام فإنه لا يجب عليه.
 عند الحنفية.
 والحنابلة أما المالكية، فقد عرفت أنهم يقولون: إن الإسلام شرط صحة لا شرط وجوب، وأما الشافعية.
 فانظر مذهبهم تحت الخط .
 


۞۞۞۞۞۞۞


 شروط وجوب الحج البلوغ - العقل - الحرية 
۞۞۞۞۞۞۞


 يشترط لوجوب الحج أمور: منها البلوغ، فلا يجب الحج على الصبي الذي لم يبلغ الحلم، لقوله صلى الله عليه وسلم: "أيما صبيّ حج عشر حجج، ثم بلغ، فعليه حجة الإسلام".
 فإذا حج الصبي وكان مميزاً يدرك معنى أعمال الحج، فإنه يصح منه.
 ولكن لا يسقط عنه الحج المفروض لما عرفت.
 فإذا لم يكن الصبي مميزاً، وحضر الحج؛ فإن وليه مكلف بالقيام بأعمال الحج عنه.
 كما سيأتي في شروط الصحة، ومنها العقل؛ فلا يجب الحج على المجنون.
 كما لا يصح منه، فهو كالصبي غير المميز في ذلك، ومنها الحرية، فلا يجب الحج على الرقيق.
 وهذا القدر متفق عليه.
 


۞۞۞۞۞۞۞۞
 


🟩 الاستطاعة وحكم حج المرأة، والأعمى 
۞۞۞۞۞۞۞


 ومن شروط وجوب الحج الاستطاعة.
 فلا يجب الحج على غير المستطيع، باتفاق المذاهب.
 كما قال تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً} ولكنهم عاصياً بالتأخير، ولكن بشرطين: الأول: أن لا يخاف فواته، إما لكبر سنه وعجزه عن الوصول، وإما لضياع ماله، فإن خاف فواته لشيء من ذلك وجب عليه أن يفعله فوراً وكان عاصياً بالتأخير، الثاني: أن يعزم على الفعل فيما بعد، فلو لم يعزم يكون آثماً المالكية قالوا: الإسلام شرط صحة لا وجوب، فيجب الحج على الكافر، ولا يصح منه إلا بالإسلام الشافعية قالوا: لا يجب الحج على الكافر الأصلي، أما المرتد المستطيع.
 فيجب عليه الحج، ولا يصح، إلا إذا أسلم، وإذا مات بعد إسلامه قبل أن يحج حج عنه من تركته اختلفوا في تفسير الاستطاعة، كما اختلفوا في معنى الاستطاعة بالنسبة للمرأة، والأعمى؛ وقد ذكرنا ذلك ما باقي شروط وجوب الحج، فانظره تحت الخط .
 الحنفية قالوا: الاستطاعة هي القدرة على الزاد والراحلة، بشرط أن يكونا زائدين عن حاجياته الأصلية: كالدين الذي عليه، والمسكن، والملبس، والمواشي اللازمة له، وآلات الحرفة، والسلاح، وأن يكونا زائدتين عن نفقة من تلزمه نفقتهم مدة غيابه إلى أن يعود؛ ويعتبر في الراحلة ما يليق بالشخص عادة وعرفاً، ويختلف ذلك باختلاف أحوال الناس، فالرجل الذي لا يستطيع الركوب على الأتان مثلاً، أو حول سنام البعير، ولم يستطع أن يستأجر محملاً، فإنه لا يجب عليه الحج، إذا لا يكون قادرا في هذه الحالة، ومثله من لا يستطيع أن يستأجر مركباً يركب عليه وحده، فلو قدر على راحلة مع شريك له؟ بحيث يتعاقبان الركوب عليها، فيمشي كل منهما تارة، ويركب أخرى، فإنه لا يعتبر قادراً، ولا يجب عليه الحج.
 هذا إذا كان بعيداً عن مكة بثلاثة أيام فأكثر، أما من كان قريباً منها، فإنه يجب الحج عليه، وإن لم يقدر على الراحلة، متى قدر على المشي.
 وعلى الزاد الفاضل عما تقدم.
 ومن شروط الوجوب: العلم بكون الحج فرضاً بالنسبة لمن كان في غير بلد الإسلام، فمن نشأ في غير بلد الإسلام، ولم يخبره بفرضية الحج رجلان، أو رجل وامرأتان، فلا يجب عليه الحج، أما من كان في دار الإسلام، فإنه يجب عليه الحج، ولو لم يعلم بفرضيته؛ سواء نشأ مسلماً أو لا.
 هذه هي شروط وجوب الحج عند الحنفية، وهناك شروط أخرى يقال لها: شروط الأداء، لأن الحنفية يفرقون بين الوجوب وبين الأداء، كما تقدم في "مباحث الصلاة"، وهذه الشروط اربعة: أحدها.
 سلامة البدن، فلا يجب على مقعد، ومفلوج، وشيخ لا يثبت على الراحلة ونحو ذلك، وهؤلاء لا يجب عليهم تكليف غيرهم بالحج عنهم أيضاً؛ ويلحق بهم المحبوس والخائف من السلطان الذي يمنع الناس من الحج، أما الأعمى القادر على الزاد والراحلة، فإن لم يجد قائداً للطريق، فإنه لا يجب عليه الحج بنفسه، ولا بغيره؛ وإن وجد قائداً وجب عليه أن يكلف غيره بالبحج عنه؛ ثانيها: أمن الطريق بأن يكون الغالب فيه السلامة، سواء كان ذلك بحراً أو براً، ثالثها: وجود زوج أو محرم للمرأة، لا فرق بين أن تكون المرأة شابة أو عجوزاً إذا كان بينها وبين مكة ثلاثة أيام، فأكثر؛ أما إذا كانت المسافة أقل من ذلك، فيجب عليها أداء الحج وإن لم يكن معها محرم ولا زوج؛ والمحرم هو الذي لا يحل له زواجها بسبب النسب أو المصاهرة أو الرضاع ويشترط فيه أن يكون مأموناً عاقلاً بالغاً، ولا يشترط كونه مسلماً؛ رابعها: عدم قيام العدة في الحنفية قالوا: المرأة، فلا تخرج إلى الحج إذا كانت معتدة من طلاق أو موت.
 المالكية قالوا: الاستطاعة هي إمكان الوصول إلى مكة ومواضع النسك إمكاناً مادياً، سواء كان ماشياً أو راكباً، وسواء كان ما يركبه مملوكاً له أو مستأجراً؛ ويشترط أن لا تلحقه مشقة عظيمة بالسفر، فمن قدر على الوصول مع المشقة الفادحة، فلا يكون مستطيعاً، ولا يجب عليه الحج، ولكن لو تكلفه، وتجشم المشقة أجزأه ووقع فرضاً، كما أن من قدر على الحج بأمر غير معتاد: كالطيران ونحوه  لا يعد مستطيعاً، ولكن لو فعله أجزأه، ويعتبر أيضاً في الاستطاعة الأمن على نفسه وماله، فمن لم يأمن على نفسه لا يجب عليه الحج، وكذا من لم يأمن على ماله من ظالم، لا يجب عليه إلا إذا كان الظالم واحداً، وكان يأخذ قليلاً لا يجحف بالمأخوذ منه، وكان لا يعود للأخذ مرة أخرى، فإن وجوده وأخذه لا يمنعان الاستطاعة فيجب الحج مع ذلك؛ ولا يشترط في الاستطاعة القدرة على الزاد والراحلة؛ كما يؤخذ مما تقدم، فيقوم مقام الزاد الصنعة إذا كانت لا تزري بصاحبها؛ وعلم أو ظن رواجها، وعدم كسادها بالسفر، ويقوم مقام الراحلة القدرة على المشي، فمن قدر على المشي وجب عليه الحج.
 ولو كان بعيداً عن مكة بمقدار مسافة القصر، أو أكثر، فيجب الحج على الأعمى القادر على المشي إذا كان معه ما يوصله من المال، وكان يهتدي إلى الطريق بنفسه، أو معه قائد يهديه، ولا يمنع الاستطاعة عدم ترك شيء لمن تلزمه نفقتهم: كولده، أو خوفه على نفسه الفقر فيما بعد، إلا إذا خاف الهلاك عليهم أو على نفسه، فلا يجب عليه الحج وإذا لم يوجد عند الشخص إلا ما يباع على المفلس، كالعقار، والماشية، والثياب التي للزينة، وكتب العلم، وآلة الصانع وجب عليه الحج، لأنه مستطيع، وتعتبر الاستطاعة ذهاباً فقط إن أمكنه أن يعيش بمكة، فإن لم يمكنه الإقامة بها اعتبرت الاستطاعة في الإياب أيضاً إلى مكان يمكنه أن يعيش فيه، ولا يلزم رجوعه لخصوص بلده، فلا بد أن يكون عنده ما يكفيه ذهاباً وإياباً إلى محل يعيش فيه، أو صنعة تقوم بحاجياته إذا كانت رائجة، كما تقدم، ولا فرق بينالبر والبحر متى كانت السلامة فيه غالبة، فإن لم تغلب، فلا يجب الحج إذا تعين البحر طريقاً؛ وكل ما تقدم في الاستطاعة معتبر في حَق الرجل والمرأة.
 ويزاد في حَق المرأة أن يكون معها زوج، أو محرم من محارمها، أو رفقة مأمونة، فإذا فقد جميع ذلك، فلا يجب عليها الحج، وأن يكون الركوب ميسوراً لها إذا كانت المسافة بعيدة، والبعد لا يحد بمسافة القصر، بل بما يشق على المرأة المشي فيه، ويختلف ذلك باختلاف النساء؛ فيلاحظ في كل امرأة ما يناسبها؛ فإذا الشافعية قالوا: المشي على المرأة؛ ولم يتيسر لها الركوب، فلا يجب عليها الحج، كما لا يجب عليها إذا تعين السفر في سفن صغيرة لا تتمكن فيها المرأة فيها محفوظة، فيجب السفر فيها إذا تعينت طريقاً، ولا يسقط الحج عنها، وإذا كانت المرأة معتدة من طلاق أو وفاة وجب عليها البقاء في بيت العدة ولا يجوز لها الإحرام بالحج، لأنه يؤدي إلى ترك بيت العدة ولبثها فيه واجب، لكن لو فعلت ذلك صح إحرامها مع الإثم، ومضت فيه، ولا تمكث في بيت العدة.
 الحنابلة قالوا: الاستطاعة هي القدرة على الزاد والراحلة الصالحة لمثله، ويشترط أن يكونا فاضلين عما يحتاجه من كتب علم، ومسكن، وخادم، ونفقة عياله على الدوام.
 ومن شروط وجوب الحج أمن الطريق بحيث لا يوجد مانع من خوف على النفس، أو المال، أو العرض، أو نحو ذلك، أما المرأة فإنه لا يجب عليها الحج إلا إذا كان معها زوجها أو أحد من محارمها: كأخ، أو ابن، أو عم، أو أب، أو نحوهم ممن لا تحل له، ومن شروط وجوب الحج أن  يكون المكلف مبصراً، فإن كان أعمى فإنه لا يجب عليه أداء الحج إلا إذا وجد قائداً يقوده؛ وإلا فلا يجب عليه الحج، لا بنفسه ولا بغيره، ومن عجز عن الحج بنفسه لكبر أو مرض لا يرجى برؤه، أو كان لا يقدر على الركوب إلا بمشقة شديدة، فإنه يجب عليه أنينيب من يحج عنه؛ كما يأتي في مبحث "الحج عن الغير".
 الشافعية قالوا: الاستطاعة نوعان: استطاعة بالنفس، واستطاعة بالغير.
 أما الأولى فلا تتحقق إلا بأمور: أولاً: القدرة على ما يلزمه من الزاد، وأجرة الخفارة، ونحو ذلك في الذهاب، والإقامة بمكة، والإياب منها إن لم يعزم على الإقامة بها، فإن عزم على الإقامة بها فلا يشترط القدرة على مؤونة الإياب، ثانياً: وجود الراحلة، ويعتبر ذلك في حَق المرأة مطلقاً، سواء كانت المسافة طويلة أو قصيرة، وفي حَق الرجل إن كانت المسافة طويلة، وهي مرحلتان فأكثر، فإن كانت قصيرة وقدر على المشي بدون مشقة لا تحتمل عادة وجب عليه الحج بدون وجود الراحلة، وإلا فلا يجب، والمراد بالراحلة ما يمكن الوصول عليه، سواء كانت مختصة أو مشتركة، بشرط أن يجد من يركب معه؛ فإن لم يجد من يركب معه، ولم يتيسر له ركوبها وحده، فلا يجب عليه الحج، ولا بد أن تكون الراحلة مهيأة بما لا بد منه في السفر كخيمة تنصب عليها لاتقاء حر أو برد وإلا فلا يجب الحج إن حصلت بدونها مشقة لا تحتمل وفي حَق المرأة لا بد من ذلك، ولو لم تتضرر بعدمه.
 لأن الستر مطلوب في حقها.
 ويشترط كون ما تقدم عن الزاد والراحلة فاضلاً عن دينه، ولو مؤجلاً، وعن نفقة من تلزمه نفقته حتى يعود، وعن مسكنه اللائق به إن لم يستغن عنه، وإلا باع مسكنه وحج به، وعن مواشي الزراعة، أمن الطريق، ولو ظناً، على نفسه، وعلى زوجه، وعلى ماله، ولو كان قليلاً، فلو كان في الطريق سبع، أو قاطع طريق أو نحوهما، ولا طريق له سوى هذا، فلا يجب عليه الحج، رابعاً: وجود الماء والزاد وعلف الدابة في الطريق.
 بحيث يجد ذلك عند الاحتياج إليه بثمن المثل على حسب العادة.
 خامساً: أن يكون مع المرأة زوجها، أو محرمها، أو نسوة يوثق بهن، اثنتان فأكثر، فلو وجدت امرأة واحدة، فلا يجب عليها الحج، وإن جاز لها أن تحج معها حجة الفريضة، بل يجوز لها أن تخرج وحدها لأداء الفريضة عند الأمن.
 أما في النفل فلا يجوز الخروج مع النسوة ولو كثرت.
 وإذا لم تجد المرأة رجلاً محرماً أو زوجاً إلا بأجرة لزمتها إن كانت قادرة عليها، والأعمى لا يجب عليه الحج إلا إذا وجد قائداً ولو بأجرة، بشرط أن يكون قادراً عليها، فإن لم يجد قائداً، أو وجده، ولم يقدر على أجرته، فلا يجب عليه، ولو كان مكياً.
 وأحسن المشي بالعصا.
 سادساً: أن يكون ممن يثبت على الراحلة بدون ضرر شديد.
 وإلا فليس بمستطيع بنفسه.
 سابعاً: أن يبقى من وقت الحج بعد القدرة على لوازمه ما يكفي لأدائه، وتعتبر الاستطاعة عند دخول وقته وهو من أول شوال إلى عشر ذي الحجة، ولو كان مستطيعاً قبل ذلك، ثم عجز عن دخول وقته فلا يجب عليه، وأما النوع الثاني.
 وهو الاستطاعة بالغير، فسيأتي بيانه في مبحث "الحج عن الغير" 


۞۞۞۞۞۞۞۞


 
🟩 أركان الحج 
۞۞۞۞۞۞۞


 وأما أركان الحج فهي أربعة: الإحرام؛ وطواف الزيارة، ويسمى طواف الإفاضة.
 والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة، وهذه الأركان لو نقص واحد منها بطل الحج، باتفاق ثلاثة من الأئمة، وقال الحنفية: إن له ركنين فقط، فانظر مذهبهم تحت الخط ، وإليك بيان هذه الأركان على هذا الترتيب.
 بين زوال الشمس يوم عرفة وغروبها فهو واجب يلزم في تركه هدي، ووقت طواف الإفاضة من يوم عيد النحر إلى آخر شهر ذي الحجة، فإذا أخره عن ذلك لزم دم؛ وصح، ولا يصح قبل يوم العيد، بخلاف الوقوف لركن، فلا يصح قبل وقته المتقدم، ولا بعده، ووقت بقية أعمال الحج على تفصيل سيأتي عند ذكر كل منها، فالسعي يكون عقب طواف الإفاضة إن لم يتقدم عقب طواف القدوم، والرمي له أيام مخصوصة: الأول، والثاني، والثالث، والرابع من أيام العيد، وهكذا مما يأتي؛ فوقت الحج الذي فيه جميع أعمال: شوال، وذو القعدة، وجميع ذي الحجة.
 وأما المكان المخصوص.
 وهو أرض عرفة للوقوف، فليس ركنا على حدة، ولا شرطاً كذلك، بل هو جزء من مفهوم الركن، وهو الوقوف بعرفة، وكذا المسجد الحرام بالنسبة للطواف ليس شرطاً لصحة الحج، بل هو شرط لصحة الطواف، وأما التمييز فلم يعدوه من شروط الحج، وإن كان إحرام غير المميز لا يصح، لأنه شرط في الإحرام الذي هو النية، لأن النية لا تصح من غير المميز؟ فليس عندهم شرط لصحة الحج إلا الإسلام فقط.
 الشافعية قالوا: الوقت الذي هو شرط لصحة الحج يبتدئ من أول يوم من شوال إلى طلوع فجر يوم عيد النحر؛ وهو شرط الإحرام بالحج، فلو أحرم به قبل هذا الوقت أو بعده، فلا يصح حجاً، ولكن ينعقد عمرة، وأما الوقوف بعرفة وطواف الإفاضة والسعي بين الصفا والمروة وغير ذلك من أعمال الحج، فلكل منها وقت يأتي بيانه عند ذكره، وليس عندهم من شروط صحة الحج سوى هذه الثلاثة: الإسلام، والتمييز، والوقت المخصوص.
 الحنابلة قالوا: الوقت الذي هو شرط لصحة الحج وأنواع: وقت الإحرام، ووقت الوقوف بعرفة ووقت طواف الإفاضة، ووقت بقية أعمال الحج؛ كالسعي بين الصفا والمروة أما وقت الإحرام فهو من أول شوال إلى قرب طلوع فجر يوم النحر، بحيث يبقى على طول الفجر زمن يسع الإحرام والوقوف، والإحرام في هذا الوقت سنة، ويصح قبل هذا الوقت وبعده مع الكراهة فيهما، وأما وقت الوقوف بعرفة وغيره من بقية الأعمال، فسيأتي ذكره عند بيان كل منها الحنفية قالوا: للحج ركنان فقط، وهما الوقوف بعرفة، ومعظم طواف الزيارة، وهو أربعة أشواط وأما باقية، وهو الثلاثة الباقية المكملة للسبعة، فواجب، كما سيأتي، وأما الإحرام فهو من شروط الصحة؛ كما تقدم، والسعي بين الصفا والمروة واجب لا ركن.
 الشافعية قالوا: أركان الحج ستة: هي الأربعة المذكورة في أعلى الصحيفة، وزادوا عليها 


۞۞۞۞۞۞۞۞
 


 تعريفه 
۞۞۞۞۞۞۞


 الإحرام معناه في الشرع نية الدخول في الحج والعمرة، ولا يلزم في تحققه اقترانه بتلبية، أو سوق هدي، أو نحو ذلك عند الشافعية، والحنابلة، أما المالكية والحنفية، فانظر مذهبيهما تحت الخط 


۞۞۞۞۞۞۞۞


 


 مواقيت الإحرام 
۞۞۞۞۞۞۞


 الميقات معناه في اللغة موضع الإحرام للحاج، وهو موافق للمعنى الشرعي، فللإحرام ميقات مكاني، وميقات زماني، أما الميقات الزماني فقد تقدم الكلام عليه في مبحث "وقت الحج" المتقدم قريباً، وأما الميقات المكاني فيختلف باختلاف الجهات، فأهل مصر والشام والمغرب، ومن وراءهم من أهل الأندلس والروم والتكرور ميقاتهم الجحفة، وهي - بضم الجيم، وسكون الحاء - قرية بين مكة والمدينة، وهي خربة الآن، ويقرب منها القرية المعروفة برابغ، فيصح الإحرام منها بلا كراهة؛ وهؤلاء يحرمون من هذا المكان عند محاذاته بحراً، لأنه لا يلزم في الإحرام من الميقات المرور به في البرن، بل المدار على أحد أمرين: إما المرور عليه أو محاذاته ولو بالبحر، وأهل العراق وسائر أهل المشرق ميقاتهم ذات عرق، وهي قرية على مرحلتين من مكة، وسميت بذلك لأن بها جبلاً يسمى عرقاً - بكسر العين - يشرف على واد يقال.
 ركنين آخرين: وهما إزالة الشعر، بشرط أن يزيل ثلاث شعرات، كلاً أو بعضاً من الرأس لا من غيره، ويشترط أن يكون ذلك بعد الوقوف بعرفة، وبعد انتصاف ليلة النحر في الحج وترتيب معظمم الأركان ويشترط أن يكون ذلك بعد الوقوف بعرفة، وبعد انتصاف ليلة النحر في الحج وترتيب معظم الأركان الخمسة بأن يقدم الإحرام على الجميع، والوقوف على طواف الإفاضة والحلق، والطواف على السعي إن لم يفعل السعي عقب طواف القدوم الحنفية قالوا: الإحرام هو التزام حرمات مخصوصة، ويتحقق بأمرين.
 الأول: النية: الثاني: اقترانها بالتلبية، ويقوم مقام التلبية مطلق الذكر، أو تقليد البدنة مع سوقها، فلو نوى بدون تلبية أو ما يقوم مقامها مما ذكر، أو لبى ولم ينو لا يكون محرماً، وكذا لو أشعر البدنة بجرح سنامها الأيسر، وهو خاص بالإبل، أو وضع الجل عليها، أو أرسلها؛ وكان غير متمتع بالعمرة إلى الحج، ولو يلحقها، أو قلد شاة لا يكون محرماً.
 المالكية قالوا: الإحرام هو الدخول في حرمات الحج، ويتحقق بالنية فقط على المعتمد ويسن اقترانه بقول: كالتلبية والتهليل، أو فعل متعلق بالحج: كالتوجه، وتقليد البدنة له: وادي العقيق، وأهل المدينة المنورة بنور النبي صلى الله عليه وسلم ميقاتهم ذو الحليفة، وهي موضع ماء لبني جشم؛ بنيه وبين المدينة دون خمسة أميال، وهي أبعد المواقيت من مكة؛ لأن بينهما تسع مراحل؛ أي سفر تسعة أيام، والميقات لأهل اليمن والهند يلملم - بفتح اللامين؛ وسكون الميم بينهما - وهو جبل مشرف على عرفات، وهو على مرحلتين من مكة يقال له: قرن المنازل، وهذه المواقيت لأهل هذه الجهات المذكورة، ولكل من مر بها أو حاذاها، وإن لم يكن من أهل جهتها، فمن مر بميقات منها: أو حاذاه قاصداً النسك، وجب عليه الإحرام منه، ولا يجوز له أن يجاوزه بدون إحرام، فإن جاوزه ولم يحرم، وجب عليه الرجوع إليه ليحرم منه، إن كان الطريق مأموناً؛ وكان الوقت متسعاً، بحيث لا يفوته الحج ولو رجع، فإن لم يرجع لزمه هدي، لأنه جاوز الميقات بدون إحرام، سواء أمكنه الرجوع أو لم يمكن، لخوف الطريق.
 أو ضيق الوقت، إلا أنه في حالة إمكان الرجوع يأثم بتركه، ولا فرق في ذلك بين أن يكون أمامه مواقيت أخرى في طريق أو لا؛ وهذا الحكم بهذا التفصيل متفق عليه بين الشافعية، والحنابلة، وأما الحنفية والمالكية، فانظر مذهبيهما تحت الخط .
 


۞۞۞۞۞۞۞۞
 


 🟩ما يطلب من مريد الإحرام قبل أن يشرع 
۞۞۞۞۞۞۞


 من أراد ألإحرام، فإنه يطلب منه أمور: بعضها سنة، وبعضها مندوب؛ وقد رأينا أن نذكرها مفصلة في كل مذهب على حدة، ليسهل حفظها فانظرها تحت الخط .
 الحنفية قالوا: إن جاوز الميقات بدون إحرام حرم عليه ذلك؛ ويلزمه الدم إن لم يكن أمامه ميقات آخر يوم يمر عليه بعد، وإلا فالأفضل إحرامه من الأول فقط إن أمن على نفسه من ارتكاب ما ينافي الإحرام، فإن لم يأمن فالأفضل أن يؤخر الإحرام إلى آخر المواقيت التي يمر بها.
 المالكية قالوا: متى مر بميقات من هذه المواقيت وجب عليه الإحرام؛ فإن جاوزه بدون إحرام حرم، ولزمه دم، إلا إذا كان ميقات جهته أمامه يمر عليه فيما بعد، فإن كان كذلك ندب له الإحرام من الأول فقط، فإن لم يحرم منه فلا إثم عليه ولا دم، وخالف المندوب الحنفية قالوا: يطلب منه أمور: منها الاغتسال، وهو سنة مؤكدة ويقوم مقامه الوضوء  في تحصيل أصل السنة، ولكن الغسل أفضل، وهذا الغسل للنظافة لا للطهارة، فيطلب من الحائض أو النفساء حال الحيض النفاس، وإذا فقد الماء سقط ولم يشرع بدله التيمم، إذ لا نظافة في التيمم، ومنها قص الأظافر، وحلق الشعر المأذون في إزالته.
 كشعر الرأس والشارب إذا اعتاد حلق ذلك؛ وإلا فيسرحه، وهذا مستحب، ويكون قبل الغسل؛ ومنها جماع زوجته إذا لم يكن بها مانع؛ لئلا يطول عليه العهد، فيقع فيما يفسد الإحرام، وهو مستحب أيضاً ومنها لبس إزار ورداء، والإزار هو ما يستتر له من سرته إلى ركبته، والرداء هو ما يكون على الظهر والصدر والكتفين؛ وهو مستحب أيضاً، وإن زرّر أو عقده أساء، ولا دم عليه؛ ويستحب أن يكون الإزار والرداء جديدين أو مغسولين طاهرين، وأن يكونا أبيضين، ومنها التطيب في البدن والثوب بطيب لا تبقى عينه بعد الإحرام؛ وإن بقيت رائحته، وهو مستحب إن كان عنده طيب؛ وإلا فلا يستحب؛ ومنها أن يصلي بعدما تقدم ركعتين إذا كان الوقت ليس وقت كراهة وإلا فلا يصلي، وهذه الصلاة سنة على الصحيح؛ والأفضل أن يقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب، وسورة {قل يا أيها الكافرون} وفي الثانية بالفاتحة؛ وسورة الإخلاص ويقوم مقامها الصلاة المفروضة إذا أحرم بعدها، ومنها أن يقول بلسانه قولاً مطابقاً لما في قلبه: اللهم إني أريد الحج، فيسره لي، وتقبله مني، ثم يلبي بعد ذلك، وصفة التلبية أن يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك؛ لا شريك لك، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفراغ من التلبية بصوت منخفض، ويكثر ما استطاع من التبية عقب كل صلاة مكتوبة، وكذا كلما لقي ركباً، أو ارتفع على مكان، أو هبط وادياً، وكذا يكثرها بالأسحار، وحين يستيقظ من نومه، وعند الركوب والنزول، ويستحب في التلبية كلها رفع الصوت بدون إجهاد.
 المالكية قالوا: يسن له أن يغتسل ولو كان حائضاً أو نفساء، لأنه مطلوب للإحرام، وهو يتأتى من كل شخص، ولا تحصل السنة إلا إذا كان متصلاً بالإحرام، فلو اغتسل ثم انتظر طويلاً عرفاً بلا إحرام أعاده، ويندب أن يكون الغسل بالمدينة المنورة، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، لمن أراد أن يحرم من ذي الحليفة، وإذا كان فاقداً للماء، فلا يشرع له التيمم بدل الغسل، ويسن أيضاً تقليد الهدي إن كان معه، ثم إشعاره بعد ذلك، والتقليد هو: تعليق قلادة في عنقه، ليعلم به المساكين، فتطمئن نفوسهم، والإشعار هو أن يشق من السنام قدر الأنملة أو الأنملتين، ويكون بالجانب الأيسر، ويبدأ به من العنق إلى المؤخر، وإنما تقلد الإبل والبقر ولا يشعر إلا الإبل وما له سنام من البقر، أما الغنم فلا تقلد ولا تشعر، ويندب أن يلبس إزاراً ورداء ونعلين، والإزار هو ما يستر العورة من السرة إلى الركبة، والرداء هو ما يلقى على الكتفين ولو لبس غيرهما مما ليس مخطياً ولا محيطاً، فلا يضر، ولكن يفوت المندوب، ومن السنن إيقاع الإحرام عقب صلاة، ويندب أن يكون ركعتي نفل إن كان الوقت مما تجوز فيه النافلة، وإلا انتظر حتى تحل النافلة، والأولى أن يحرم الراكب إذا استوى على ظهر دابته، والماشي إذا أخذ في المشي، ويسن قرن الإحرام بالتلبية، كما تقدم، والتلبية في ذاتها واجبة؛ ويندب تجديدها عند تغير الحال، كصعود على مرتفع، أو هبوط إلى واد، أو ملاقاة رفقة، وعقب الصلاة،  ويستمر يلبي حتى يدخل مكة، ثم يقطعها حتى يطوف، ويسعى إذا أراد السعي عقب طواف القدوم ثم يعاودها بعد ذلك حتى تزول الشمس يوم عرفة، ويصل إلى مصلاها، فيقطعها حينئذ، فإن لم يعاودها كان تاركاً للواجب، وعليه دم، ويندب التوسط فيها، فلا يداب عليها حتى يمل ويضجر، كما يندب التوسط في رفع صوته بها، فلا يخففه جداً، ولا يرفعه جداً؛ بل يكون بين الرفع والخفض ويندب الاقتصار على اللفظ الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.
 الحنابلة قالوا: يسن له أن يغتسل ولو حائضاً أو نفساء، أو يتيمم لعدم الماء.
 أو عجزه عن استعماله بمرض ونحوه، ولا يضر حدث بين الغسل والإحرام، ويسن له أيضاً أن يتنظف قبل إحرامه بأخذ شعره، وقلم ظفره، وإزالة رائحة كريهة، ويسن له أيضاً أن يطيب بدنه بالطيب وكره تطييب ثوبه، فإن طيبه واستدام لبسه فلا بأس ما لم ينزعه فإن نزعه لم يجز له لبسه قبل غسله، ويسن له أيضاً قبل إحرامه لبس إزار ورداء أبيضين نظيفين جديدين ونعلين بعد تجرده عن المخيط إن كان ذكراً، ويسن له إحرامه عقب صلاته مفروضة أو نافلة، بشرط أن لا يكون أداء النافلة وقت نهي، وأن لا يكون عادماً للماء والتراب، ويسن أن يعين في إحرامه نسكاً، حجاً كان أو عمرة، أو قراناً، وأن يتلفظ بما يعينه، ويسن له أن يقول: اللهم إني أريد النسك الفلاني، فيسره لي، وتقبله مني، وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، فإن فعل ذلك وحبس بمرض أو عدو ونحوه حل؛ ولا شيء عليه.
 الشافعية قالوا: يسن لمن يريد الإحرام أمور: منها الغسل قبله، ولو مع بقاء الحيض، وينوي به غسل الإحرام، ويكره تركه لغير عذر، فإن عجز عنه لعدم الماء، أو لعدم قدرته على استعماله يتيمم، ومنها إزالة شعر الإبط والعانة، وقص الشارب، وتقليم الأظافر وحلق الرأس، لمن يتزين به، وإلا أبقاه ولبده بنحو صمغ، وهذا إذا كان عازماً على عدم التضحية، وإلا أخر ذلك إلى ما بعدها، ويسن تقديم هذه الأشياء على الغسل في حَق غير الجنب، أما هو فيسن له تأخيرها عنه، ومنها تطييب البدن بعد الغسل إلا لصائم، فيكره، وإلا للمرأة التي وجب عليها الإحداد - ترك الزينة - لوفاة زوجها فيحرم، ولا بأس باستدامته بعد الإحرام، ولو كان مما له جرم، ولا يضر تعطر الثوب بسبب ذلك ومنها الجماع قبل إحرامه، ومنها أن تخضب المرأة يديها إلى الكوعين من غير نقش، وأن تمسح وجهها بشيء من الخضاب، ومنها أن يلبس إن كان رجلاً إزاراً ورداءً أبيضين جديدين؛ وإلا فمغسولين، ونعلين، ويكره لبس المصبوغ ومنها صلاة ركعتين سنة الإحرام القبلية في غير وقت الكراهة، إلا لمن كان في الحرم المكي، فيصليها مطلقاً، ويقوم مقامها أي صلاة يصليها فرضاً أو نفلاً، ويسر القراءة فيهما ولو ليلاً، ومنها استقبال القبلة عند بدء الإحرام، ويقول: اللهم احرم لك شعري وبشري، ولحمي ودمي، ومنها التلبية، وهي أن يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، يقول ذلكبسكينة ووقار للذكر، ويسن أن يرفع صوته بها ما دام محرماً، فإن لم يكن محرماً فالسنة الإسرار بها، كما أن السنة للمرأة أن تسر بها على كل حال، ويكره لها رفع الصوت بها 


۞۞۞۞۞۞۞۞
 


⛔ ما لا يجوز للمحرم فعله بعد الدخول في الإحرام الجماع - الصيد - الطيب 
۞۞۞۞۞۞۞


 نهى الشارع المحرم عن أشياء بعضها لا يحل فعله، وبعضها يكره فعله، وإليك بيانها: يحرم على المحرم عقد النكاح، ويقع باطلاً عند ثلاثة؛ وخالف الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط ، وكذا يحرم عليه الجماع ودواعيه: كالقبلة والمباشرة، ويحرم الخروج عن طاعة الله تعالى بأي فعل محرم، وإن كان ذلك محرماً في غير الحج، إلا أنه يتأكد فيه، وتحرم المخاصمة مع الرفقاء والخدم وغيرهم، لقوله تعالى: {فمن فرض فيهن الحج فلا رفث، ولا فسوق، ولا جدال في الحج} والرفث الجماع ودواعيه، والكلام الفاحش، والجدال: المخاصمة؛ ويحرم أيضاً التعرض لصيد البر بالقتل أو الذبح، أو الإشارة إليه إن كان مرئياً، أو الدلالة عليه إن كان غير مرئي، أو نحو ذلك: كإفساد بيضه، وإنما يحرم التعرض له إذا كان وحشياً مأكولاً، أما إذا كان غير مأكول، فيجوز التعرض له عند الشافعية، والحنابلة، أما الحنفية، والمالكية، فقالوا: يحرم التعرض لصيد البر الوحشي مطلقاً، سواء كان مأكولاً أو غير مأكول؛ وأما صيد البحر فهو حلال: قال الله تعالى: {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة، وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً} والبري: هو ما يكون توالده وتناسله في البر، وإن كان يعيش في الماء، والبحري بخلافه عند ثلاثة؛ وخالف الشافعية، فانظر مذهبهم تحت الخط .
 ويحرم عليه أيضاً استعمال الطيب: كالمسك في ثوبه؛ أو بدنه، وقلم الظفر، ويحرم على الرجل أن يلبس مخيطاً أو محيطاً ببدنه، أو بعضه: كالقميص والسراويل والعمامة والجبة، ويقال لها القباء والخف إلا إذا لم يجد نعلين، فيجوز لبس الخفين بعد أن يقطعهما أسفل من الكعبين؛ وتغطية رأسه ووجهه أو بعضه بأس ساتر، عند الحنفية، والمالكية، أما الشافعية، والحنابلة، فقالوا: لا يحرم على الرجل تغطية وجهه.
 بحضرة الأجانب، ومثلها الخنثى، ويصلي ويسلم عقبها على النبي صلى الله عليه وسلم، وتتأكد التلبية ثلاثاً عند تغير الأحوال من سكون إلى حركة، وصعود وهبوط، واختلاط رفقة، وإقبال ليل أو نهار ثم يدعو بعدها بما شاءَ، والوارد أفضل الحنفية قالوا: يجوز للمحرم عقد النكاح، لأن الإحرام لا يمنع صلاحية المرأة للعقد عليها، وإنما يمنع الجماع، فهو كالحيض، والنفاس، والظهار قبل تكفيره، في أن كلاً منها يمنع الجماع فقط، لا صحة العقد الشافعية قالوا: البري ما يعيش في البر فقط؛ أو يعيش فيه؛ وفي البحر: كالسلحفاة البحرية، والبحري ما لا يعيش إلا في البحر 


۞۞۞۞۞۞۞۞
 
🟢 ستر وجه المرأة المحرمة ورأسها 
۞۞۞۞۞۞۞


 ويجوز للمرأة أن تستر وجهها ويديها وهي محرمة إذا قصدت الستر عن الأجانب بشرط أن تسدل على وجهها ساتراً لا يمس وجهها، عند الحنفية، والشافعية؛ وخالف الحنابلة، والمالكية، فانظر مذهبيهما تحت الخط .
 


۞۞۞۞۞۞۞۞
 
🟩 لبس الثوب المصبوغ بما له رائحة طيبة، وإزالة الشعر 
۞۞۞۞۞۞۞


 يحرم لبس ثوب مصبوغ بما له رائحة طيبة، على تفصيل مذكور تحت الخط .
 الحنابلة قالوا: للمرأة أن تستر وجهها لحاجة، كمرور الأجانب بقربها، ولا يضر التصاق الساتر بوجهها، وفي هذا سعة ترفع المشقة والحرج.
 المالكية قالوا: إذا قصدت المرأة بستر يديها أو جهها التستر عن أعين الناس، فلها ذلك إذا تحققت أن هناك من ينظر إليها بالفعل، أو كانت بارعة الجمال، لأنها مظنة نظر الرجال، وهي محرمة، بشرط أن يكون الساتر لا غرز فيه، ولا ربط، وإلا كان محرماً، وعليها الفدية في ستر الوجه كما يأتي، فإذا لم يتحقق هذان الشرطان، فإنه يحرم عليها ستر وجهها ويديها بشيء يحيط بهما.
 كالقفاز، وهو لباس يعمل على قدر اليدين لاتقاء البرد، ويحرم سترهما بشيء فيه خياطة أو ربط؛ وأما إدخالهما في قميصها، فلا يحرم، كما لا يحرم عليها ستر جزء من وجهها يتوقف عليه ستر رأسها ومقاصيصها الحنفية قالوا: يحرم لبس المصبوغ بالعصفر، وهو زهر القرطم، والورس - بفتح الواو، وسكون الراء - وهو نبت أحمر باليمن، والزعفران ونحو ذلك من أنواع الطيب، إلا إذا غسل بحيث لا تظهر له رائحة، فيجوز لبسه حال الإحرام.
 المالكية قالوا: المصبوغ بما له رائحة يحرم على المرحم، وذلك كالمصبوغ بالورس والزعفران.
 وأما المصبوغ بالعصفر: فإن كان صبغه قوياً بأن صبغ مرة بعد أخرى حرم لبسه ما لم يغسل، وإن كان صبغه ضعيفاً، أو كان قوياً وغسل، فلا يحرم لبسه، وإنما يكره لبسه لمن كان قدوة لغيره، لئلا يكون وسيلة لأن يلبس العوام ما يحرم، وهو المطيب.
 الشافعية قالوا: المصبوغ بما تقصد رائحته: كالزعفران والورس، لا يجوز لبسه إلا إذا زالت الرائحة بالمرة، وأما المصبوغ بما يقصد للون دون الرائحة: كالعصفر والحناء فلبسه لا يحرم.
 الحنابلة قالوا: يحرم عليه لبس المصبوغ بالورس أو الزعفران، وأما المصبوغ بالعصفر، فيباح لبسه، سواء كان الصبغ قوياً أو ضعيفاً 


۞۞۞۞۞۞۞۞
 الى الجزء الثانى


🔴✍#منتدى_المركز_الدولى✍🔴

دكتوره منال زكى يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نجمة خراسان
مشرفة
مشرفة
نجمة خراسان


المشرفة الموميزة

الوسام الفضى

وسامالعطاء

عدد المساهمات : 913
تاريخ التسجيل : 01/10/2010

الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته وسننه بالتفصيل   الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Icon_minitime1الثلاثاء 16 مايو - 8:21

مناسك الحج والعمرة
الجزء الثاني
#الحج


 شم الطيب وحمله حال الإحرام 
۞۞۞۞۞۞۞


 يكره للمحرم أن يشم الطيب - الروائح العطرية - أو يحمله، باتفاق، أو المكث بمكان فيه رائحة عطرية، فإنه مكروه، عند المالكية، والحنفية، سواء قصد شمه أو لا: أما الحنابلة، والشافعية، فانظر مذهبيهما تحت الخط .
 


 ۞۞۞۞۞۞۞


 إزالة شعر الرأس وغيره حال الإحرام 
۞۞۞۞۞۞۞


 يحرم على المتلبس بالإحرام أن يزيل شعر رأسه بالحلق أو القص أو غيرهما، كما يحرم عليه إزالة شعر غير الرأس، ولو كان نابتاً في العين، ويستثنى من ذلك ما إذا تأذى ببقائه، فيجوز إزالته، وفيه الفدية، إلا في إزالة شعر العين إذا تأذى به، فلا فدية، إلا عند المالكية، فانظر مذهبهم تحت الخط ، وسيأتي تفصيل ذلك في باب الفدية.
 
۞۞۞۞۞۞۞۞


 الخضاب بالحناء حال الإحرام 
۞۞۞۞۞۞۞


 لا يجوز للمحرم أن يختضب الحناء، لأنه طيب، والمحرم ممنوع من التطيب، سواء كان رجلاً أو امرأة، وسواء كان الخضاب بها في اليدين، أو في الرأس، أو غير ذلك من أجزاء البدن، عند المالكية، والحنفية، أما الشافعية، والحنابلة، فانظر مذهبيهما تحت الخط .
 الحنابلة، الشافعية قالوا: إذا قصد شم الطيب، كما إذا وضع وردة على أنفه بقصد شمها حرم عليه ذلك، سواء كان معه أو مكث بمكانه، أما إذا لم يقصد شمه، فلا حرمة عليه المالكية قالوا: إزالة الشعر مطلقاً حرام على المحرم، سواء كان الشعر في العين أو غيره، إلا لعذر يقتضي إزالته؛ فلا يحرم حينئذ، وفيها الفدية، ولو كان في العين الشافعية قالوا: يكره الخضاب بالحناء للمرأة حال الإحرام: إلا إذا كانت معتدة من وفاة؛ فيحرم عليها ذلك؛ كما يحرم عليها الخضاب إذا كان نقشاً، ولو كانت غير معتدة، وأما الرجل فيجوز له الخضاب بها حال الإحرام في جميع أجزاء جسده، ما عدا اليدين والرجلين، فيحرم خضبهما بغير حاجة، وكذا لا يجوز له أن يغطى رأسه بحناء ثخينة.
 الحنابلة قالوا: لا يحرم على المحرم ذكراً كان أو أنثى الاختضاب بالحناء في أي جزء من البدن ما عدا رأس الرجل، وفي هذه سعة 


 هل يجوز للمحرم أن يأكل أو يشرب ما فيه طيب 
۞۞۞۞۞۞۞


 لا يجوز للمحرم أن يأكل أو يشرب طيباً أو شيئاً مخلوطاً بطيب، سواء كان قليلاً أو كثيراً إلا إذا استهلك الطيب، بحيث لم يبق له طعم، ولا رائحة، باتفاق ثلاثة وللمالكية في هذا تفصيل مذكور تحت الخط ، فإذا بقي للطيب طعم أو رائحة حرم، باتفاق، ولا فرق في ذلك بين أن يكون ما يضاف إليه الطيب مطبوخاً أو غير مطبوخ، باتفاق ثلاثة، وخالف الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط .
 


 الاكتحال بما فيه طيب، دهن الشعر والبدن 
۞۞۞۞۞۞۞


 لا يجوز للمحرم أن يكتحل بما فيه طيب، فإن فعل ففيه الجزاء الآتي بيانه، أما الاكتحال بما ليس فيه طيب فجائز؛ باتفاق ثلاثة، وخالف المالكية؛ فانظر مذهبهم تحت الخط ويحرم عليه إسقاط شعره، فإن فعله ففيه الجزاء الآتي.
 ولا يجوز للمحرم أن يدهن شعره أو بدنه، على تفصيل في المذاهب، مذكور تحت الخط .
 المالكية قالوا: المراد باستهلاك الطيب في الطعام ذهاب عينه بالطبخ، ومتى كان كذلك لا يحرم، ولو ظهر ريحه: كالمسك.
 أو لونه: كالزعفران.
 أما ما اختلط بشيء من غير طبخ فيحرم تناوله على المحرم.
 وقال بعضهم: إن الطيب إذا طبخ في الطعام لا يحرم تناوله.
 ولو بقيت عينه الحنفية قالوا: إذا تغير الطيب بالطبخ فلا شيء على المحرم في أكله سواء وجد رائحته أو لا.
 أما إن خالط ما يؤكل بلا طبخ فإن كان الطيب مغلوباً، فلا شيء فيه، إلا أنه يكره إن وجدت معه رائحة الطيب: وإن كان غالباً ففيه الجزاء.
 وهذا إذا خلط بما يؤكل، فإن خلط بما يشرب، فإن كان غالباً ففيه دم، وإن كان مغلوباً ففيه صدقة.
 إلا إن شرب مراراً.
 ففيه دم، كما يأتي، أما إن أكل عين الطيب.
 فإن كان كثيراً ففيه دم وإلا فلا شيء فيه المالكية قالوا: يحرم على المحرم الاكتحال مطلقاً بما فيه طيب وغيره إلا لضرورة فيجوز مطلقاً، غير أنه إذا اكتحل بطيب لضرورة فعليه الفدية، وإن اكتحل بغير مطيب لضرورة، فلا فدية عليه المالكية قالوا: يحرم عليه دهن الشعر والجسد، أو بعضه، بأي دهن كان، ولو كان خالياً من الطيب، فإن فعل ذلك فعليه الفدية، كما سيأتي، إلا إذا ادهن بما لا يطب فيه لمرض به؛ فلا فدية عليه، سواء كان المرض في باطن اليدين أو في الرجلين أو غيرهما، وفي غيرهما خلاف في موجب الفدية.
 الحنفية قالوا: الأشياء التي تستعمل في البدن تنقسم إلى ثلاثة أنواع: الأول: طيب محضر أعد 


 


 حكم قطع حشيش الحرم وشجره 
۞۞۞۞۞۞۞


 لا يحل للمحرم، كما لا يحل لغيره أن يتعرض لشجر الحرم بقطع، أو قلع، أو إتلاف، ولا لغصن من أغصانه، ولو كانت الأغصان واصلة إلى الحل، أما إذا كان الشجر مغروساً في الحل، فيباح التعرض له، والانتفاع به إذا لم يكن مملوكاً للغير، ولو وصلت أغصانه إلى داخل الحرم؛ ومثل الشجر في ذلك حشيش الحرم، إلا الإذخر، وهو نبت معروف طيب الرائحة وكذا السنا المعروف - بالسنامكي - فإنه يباح التعرض لها بالقطع وغيره.
 وفي شجر الحرم وحشيشه تفصيل مذكور تحت الخط .
 للتطيب به؛ كالمسك، والكافور، والعنبر، ونحو ذلك، وهذا النوع لا يجوز للمحرم استعماله في ادهان أو غيره، بأي وجه كان، الثاني: ما ليس طيباً بنفسه، وليس فيه معنى الطيب ولا يصير طيباً بوجه: كالشحم، وهذا النوع يجوز للمحرم استعماله في الأدّهان، ونحوه، ولا شيء في استعماله، الثالث: ما ليس طيباً بنفسه، ولكنه أصل للطيب، وهذا يستعمل تارة على وجه التطيب والادهان؛ وتارة على وجه التداوي: كالزيت؛ فإن استعمل التطيب والأدّهان فهو في حكم الطيب، لا يجوز للمحرم استعماله، أما إذا استعمل للتداوي.
 فإنه يجوز للمحرم كما يجوز له أكله.
 الشافعية قالوا: يحرم الأدّهان بما له رائحة طيبة مطلقاً، ويجوز الادهان بغيره في جميع البدن إلا في شعر الرأس والوجه؛ فلا يجوز إلا لحاجة.
 الحنابلة قالوا: ما له رائحة طيبة يحرم على المحرم الدّهان به في سائر بدنه، أو أي جزء، أما ما ليس كذلك: كالزيت فلا يحرم الادهان به، ولو في شعر الرأس والوجه الشافعية قالوا: يحرم التعرض لأشجار الحرم الرطبة.
 وحشيشه الرطب بقطع أو قلع أو إتلاف، ولو كان مملوكاً للمتعرض ما عدا ما ذكر.
 ويزاد عليه الشوك فيباح قطعه، وإنما يحرم التعرض لشجر الحرم وحشيشه إن كان بغير قصد إصلاحه كأن يقلم الشجر لنموه، وإلا جاز أما الشجر اليابس فيجوز قطفه وقلعه وكذا يجوز قطع الحشيش اليابس.
 أما قلعه فيحرم مطلقاً.
 إلا إذا فسد منبته.
 فيجوز أيضاً.
 ولا فرق في الشجر بين الذي نيت بنفسه: كالسنط وما أنبته الناس: كالنخل.
 فيحرم التعرض له مطلقاً.
 أما الحشيش والحبوب ونحوها فإنما يحرم التعرض لها إذا نبتت بنفسها.
 فإذا زرعها الناس جاز لهم التعرض لها محرمين أو غير محرمين ويستثنى من المنع أمور: منها أخذ سعف النخل وورق الشجر بلا خبط يضر بالشجر وإلا حرم.
 ومها أخذ ثمر الشجر.
 وكذا عود السواك، بشرط أن ينبت مثله في سنة.
 ومنها رعي الشجر بالبهائم.
 ومنها أخذه للدواء: كالحنظل والسنامكي.
 الحنابلة قالوا: يحرم قلع شجر الحرم المكي وحشيشه إذا كان رطبين.
 ولو كان فيهما مصرة: كالشوك.
 وكذا السواك ونحوه.
 والورق الرطب.
 أما ما كان يابساً من الشجر والحشيش فلا بأس 


 ما يباح للمحرم 
۞۞۞۞۞۞۞


 الفصد - الحجامة - حك الجلد والشعر يباح للمحرم الفصد والحجامة من غير حلق الشعر، باتفاق ثلاثة، وخالف المالكية، فانظر مذهبهم تحت الخط ، وكذا يباح له حك الجلد والشعر إذا لم يترتب على ذلك سقوط الشعر، أو الهوام، باتفاق ثلاثة من الأئمة، وقال الشافعية؛ يكره للمحرم حك جلده وشعره، ما لم يترتب عليه سقوط الشعر، وإلا كان حراماً.
 بقطعهما أو قلعهما.
 لأنهما كالميت وكذا لا بأس بقطع الإذخر، والفقع والكمأة والتمرة، وإن كان كل ذلكرطباً.
 كما لا بأس بقطع أو قلع ما زرعه آدمي من شجر أو حشيش، لأنه مملوك الأصل، ويباح رعي حشيش الحرم، المذكور، والانتفاع بما تساقط من ورق الشجر، وما انفصل من الأرض، أو انكسر من غير فعل آدمي، ولم ينفصل المنكسر عن أصله، أما ما قطعه آدمي فلا يجوز أن ينتفع به هو أو غيره.
 الحنفية قالوا: النابت في أرض الحرم.
 إما أن يكون جافاً، أو منكسراً، وإما أن يكون غير ذلك، فالجاف والمنكسر لا يدخل في حكم شجر الحرم، لأنه حطب؛ وكذا حشيش الإذخر فإنه مستثنى من شجر الحرم وغير الجاف وهو قابل للنمو.
 إما أن يكون نابتاً بنفسه أو لا.
 والأول إما أن يكون من جنس ما ينبته الناس: كالزرع.
 أولاً: كالشجرة المعروفة - بأم غيلان - فالذي يحرم قطعه من ذلك هو الذي ينبت بنفسه، وليس من جنس ما ينبته الناس.
 وهذا لا يجوز قطعه مطلقاً.
 سواء كان مملوكاً أو غير مملوك.
 إلا أنه إذا قطعه مالكه حرم عليه قطعه فقط وليس عليه جزاء، وإذا قطعه غير مالكه فعليه الجزاء؛ وسيأتي بيانه؛ وعليه قيمته، ويعفى عما يقطع من ذلك بسبب نصب الخيمة، أو حفر الكانون، أو وطء الدواب، لأنه لا يمكن الاحتراز عنه أما الذي ينبته الناس، أو ينبت بنفسه، وهو من جنس ما ينبته الناس، فإنه يحل قطعه والانتفاع به إذا لم يكن مملوكاً للغير فإن كان مملوكاً للغيرلزم دفع قيمته لمالكه.
 المالكية قالوا: يحرم قطع ما شأنه أن ينبت بنفسه من الشجر والنبات: كالبقل البري، وشجرة الطرفاء، ولو زرع، وسواء كان أخضر أو يابساً، ويستثنى من ذلك أمور.
 أولاً: الإخذر وهو نبت كالحلفاء طيب الرائحة؛ ثانياً: السنا، المعروف بالسنامكي، للاحتياج إليه في التداوي، ثالثاً: قطع ورق الشجر بالمجن، وهو عصا معوجة، يضعها على الغصن، ويحركها، فيقع الورق من غير خبط، وأما خبط العصا على الشجر ليقع ورقه فهو حرام، وأما الشجر أو النبات الذي شأنه أن يزرع كالخس، والحنطة، والبطيخ والرمان، فيجوز قطعه من أرض الحرم ولو كان نابتاً بنفسه المالكية قالوا: يكره للمحرم الفصد والحجامة لغير حاجة، ويجوزان لحاجة، وعليه الفدية إن وضع على موضعهما عصابة، وإلا فلا 


 غسل الرأس والبدن والاستظلال 
۞۞۞۞۞۞۞


 يباح للمحرم غسل رأسه وبدنه بالماء لإزالة الأوساخ عنه، بشرط أن لا يغتسل بما يقتل الهوام، فيجوز الاغتسال بالصابون ونحوه من المنظفات التي لا تقتل الهوام؛ ولو كانت له رائحة، عند الشافعية، والحنابلة، أما المالكية، والحنفية، فانظر مذهبيهما تحت الخط ، ويجوز له أيضاً أن يستظل بالشجرة والخيمة والبيت والمحمل والمظلة المعروفة - بالشمسية - بشرط أن لا يمس شيء من ذلك رأسه ووجهه، فإن كشفهما واجب، باتفاق المالكية والحنفية، أما الشافعية، والحنابلة، فانظر مذهبيهما تحت الخط .
 


 ما يطلب من المحرم لدخول مكة 
۞۞۞۞۞۞۞


 يسن له أن يغتسل لدخول مكة، وهذا الغسل للنظافة لا لطواف القدوم، باتفاق ثلاثة من الأئمة ولذا يطلب من الحائض والنفساء عندهم، وخالف المالكية، فانظر مذهبهم تحت الخط ، ويستحب له أن يدخلها نهاراً، وأن يكون دخوله من أعلاها، ليكون مستقبلاً للبيت تعظيماً له، وأن يكون دخوله من بابها المعروف - بباب المعلى - وإذا دخلها بدأ بالمسجد الحرام بعد أن يأمن على أمتعته، ويندب له أن يدخل المسجد من باب السلام نهاراً، ملبياً متواضعاً خاشعاً، وأن يرفع يديه عند رؤية البيت، ويكبر ويهلل، ويقول: اللهم زد هذا البيت.
 المالكية قالوا: لا يجوز للمحرم إزالة الوسخ بالغسل، ويستثنى من ذلك غسل اليدين فيجوز بما يزيل الوسخ كالصابون ونحوه مما ليس بطيب، أما الغسل بالطيب الذي تبقى رائحته في اليد فلا يجوز.
 الحنفية قالوا: يجوز للمحرم أن يغتسل بما يزيل الوسخ، ولا يقتل الهوام.
 كما قال الشافعية والحنابلة، إلا أنه لا يجوز له أن يغتسل بما له رائحة عطرية الشافعية قالوا: يجوز الاستظلال بكل ما ذكر.
 ولو لاصق رأسه أو وجهه لكن لو وضع على رأسه ما يقصد به الستر عرفاً: كعباءة.
 وقصد الاستتار به حرم عليه ذلك.
 وإلا فلا.
 الحنابلة قالوا: إذا استظل بما يلازمه غالباً كالمحمل حرم عليه ذلك.
 سواء كان راكباً أو ماشياً وإن استظل بما لا يلازمه، كشجرة أو خيمة جاز له ذلك المالكية قالوا: الغسل لدخول مكة مندوب لا سنة.
 وهو للطواف بالبيت لا للنظافة فلا تفعله الحائض ولا النفساء، لأنهما ممنوعتان من الطواف، لأن الطهارة شرط فيه، كما يأتي، ويندب أن يدخل مكة نهاراً في وقت الضحى، فإن قدم ليلاً بات بمكان يعرف بذي طوى، وأخر الدخول للغد إذا ارتفع النهار، ولم ينصوا على طلب الدعاء عند رؤية البيت، سواء كان الدعاء خاصاً أو عاماً تشريفاً وتعظيماً، وتكريماً ومهابة، وبراً، وزد من عظمته وشرفه ممن حجه أو اعتمره تعظيماً وتشريفاً، وتكريماً ومهابة، وبراً، وهذا متفق عليه، إلا أن الحنفية يقولون: يكره له رفع يديه، وهو يدعو، ولفظ الدعاء الوارد: "اللهم أنت السلام، ومنك السلام: فحينا ربنا بالسلام"، ويدعو بعد ذلك بما شاء، وبعد ذلك يطوف القدوم المذكور، وإنما يسن هذا الطواف للمحرم بشرطين؛ أحدهما: أن يكون قادماً من خارج مكة، ولهذا يسمى طواف القدوم، الشرط الثاني: أن يتسع له الوقت، وإلا ذهب للوقوف وتركه إذا ظن أنه يعطله عن الوقوف.


 
 الركن الثاني من أركان الحج طواف الإفاضة 
۞۞۞۞۞۞۞


 أنواع الطواف ثلاثة: النوع الأول: الطواف الركن، فمن لا يفعله يبطل حجة، ويقال له: طواف الإفاضة، وطواف الزيارة.
 النوع الثاني: الطواف الواجب: وهو طواف الزيارة؛ ويسمى طواف الصدر، النوع الثالث: الطواف المسنون، وهو طواف القدوم المتقدم ذكره فلنتكلم فيها، ولنبدأ بالكلام في طواف الإفاضة، الذي هو ركن من أركان الحج.
 


 تعريف طواف الإفاضة 
۞۞۞۞۞۞۞


 طواف الإفاضة، ويقال له: طواف الزيارة ركن من أركان الحج الأربعة المتقامة، باتفاق المذاهب، فإذا لم يفعله الحاج بطل حجه وهو سبعة أشواط بكيفية خاصة ستعرفها قريباً، وقال الحنفية: إن الطواف الركن هو أربعة أشواط، فمتى طاف أربعة أشواط فقد حصل الركن، أما باقي السبعة فإنه واجب لا ركن، وذلك لأن طواف الأشواط الربعة هو طواف لأكثر الأشواط؛ وللأكثر حكم الكل.
 


 وقت طواف الإفاضة 
۞۞۞۞۞۞۞


 وقت طواف الإفاضة الذي هو ركن من أركان الحج اختلفت في تحديده المذاهب؛ فانظره تحت الخط .
 الحنفية قالوا: وقت طواف الإفاضة من فجر يوم النحر إلى آخر العمر بعد الوقوف بعرفة، فمتى وقف الحاج بعرفة طولب بطواف الإفاضة؛ أما إذا لم يقفبعرفة في وقته الآتي بيانه؛ فإن طواف الإفاضة لم يصح منه؛ ويبطل حجه، ويشترط أن يطوف في أشهر الحج المعلومة، وهي شوال، وذو 


 شروط الطواف 
۞۞۞۞۞۞۞


 للطواف مطلقاً بأنواعه شروط، فلا يصح إلا بها، وهي مفصلة في المذاهب تحت الخط .
 القعدة، وذو الحجة، فإذا وقف بعرفة في شهر ذي الحجة، ولم يطف طواف الإفاضة حتى فرغ ذلك الشهر كان عليه أن يطوفه في هذه الأشهر في سنة أخرى.
 المالكية قالوا: إن وقت طواف الإفاضة من يوم عيد النحر إلى آخر شهر ذي الحجة، فإذا أخره الحاج عن ذلك الوقت لزمه دم وصح حجة، ولا يصح طواف الإفاضة قبل يوم العيد، أما وقت الوقوف بعرفة فإنه لا يصح قبل وقته ولا بعده، كما يأتي في مبحثه.
 الشافعية قالوا: طواف الإفاضة، أو طواف الزيارة الذي هو ركن من أركان الحج، أول وقته بعد نصف الليل من ليلة النحر، وأفضل وقته يوم النحر، ولا آخر لوقته، بل له أن يؤخره إلى أي وقت شاء، ولكن لا تحل له النساء إلى أن يطوف، كما لو كان محرماً، فإذا طاف تم له التحلل من الإحرام؛ وحلت له النساء، ولم يبق عليه سوى رمي أيام التشريق، والمبيت بمنى، وهي واجبات يطالب بها بعد زوال الإحرام على سبيل التبعية لأعمال الحج.
 الحنابلة قالوا: إن طواف الإفاضة ركن يبتدئ من نصف ليلة عيد النحر بالنسبة لمن وقف بعرفة؛ فلا يصح قبل الوقوف بعرفة مطلقاً، فمن طاف قبل الوقوف بعرفة بطلحجه، كما يقول الحنفية، أما نهاية وقته فلا حد لها، فيطالب به ما دام حياً، فهم كالحنفية إلا في تحديد الوقت الشافعية قالوا: للطواف في ذاته ثمانية شروط: الأول: ستر العورة الواجب سترها في الصلاة؛ فإذا طاف أحد مكشوف العورة بطل حجه، الثاني: الطهارة من الحدث والخبث، كما في الصلاة أيضاً، الثالث: بدؤه بالحجر الأسود محاذياً له أو لجزئه بجميع بدنه من جهة الشق الأيسر؛ بأن لا يقدم جزءاً من بدنه على جزء من الحجر، فإذا بدأ بغيره لم يحسب ما طافه قبل وصوله إليه، فإذا انتهى إليه ابتدأ منه؛ ويشترط أن يحاذيه على الوجه المذكور عند الانتهاء أيضاً، الرابع: جعل البيت عن يساره وقت الطواف ماراً تلقاء وجهه؛ ولا بد أن يكون الطائف خارجاً بكل بدنه عن جدار البيت وشائروانه، وعن الحجر - بكسر الحاء - فلو مشى على الشاذروان أو مس الجدار في مروره أو دخل في إحدى فتحتي الحجر - بالكسر وخرج من الأخرى لم يصح طوافه الذي حصل فيه، كما لا يصح طواف من استقبل البيت، أو استدبره أو جعله عن يمينه، أو على يساره ورجع القهقري، الخامس: كونه سبعة أشواط يقيناً.
 فلو ترك شيئاً من السبع لم يجزئه، السادس: كونه في المسجد وإن استع، فيصح الطواف ما دام في المسجد، ولو في هوائه أو على سطحه، ولو مرتفعاً عن البيت، ولو حال حائل بين الطائف والبيت، السابع: عدم صرفه لأمر آخر غير الطواف، فإن صرفه انقطع، الثامن: نية الطواف، وهذا شرط في غير طواف الركن وطواف القدوم، أما هما فلا يحتاج كل منهما إلى نية لشمول نية النسك لهما، ولا بد أن تكون نية الطواف عند محاذاة الحجر؛ فلو نوى بعدها لم يحسب ما  طافه حتى ينتهي إليه، إلا إذا عاد إلى محاذاته بعد النية، ويزيد طواف القدوم شرطاً تاسعاً، وهو أن يكون قبل الوقوف بعرفة، فلا يطلب ممن دخل مكة بعد الوقوف بعرفة، وبعد منتصف الليل، وللطواف واجبات: منها أن يصون نفسه عن كل مخالفة في وقت الطواف، ومنها أن يصون قلبه عن احتقار من يراه، ومنها أن يلتزم الأدب، ومنها أن يحفظ يده وبصره عن كل معصية.
 المالكية قالوا: يشترط لصحة الطواف شروط: الأول: أن يكون سبعة أشواط؛ فإن نقص عنها لم يجزئه، ولا يكفي عنه الدم إن كان ركناً، وإن شك في النقص بني على اليقين، وتمم الأشواط السبعة، أما إذا زاد عليها فلا يضر؛ لأن الزائد لغو لا اعتداد به، الثاني: الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر ومن الخبث.
 فإذا أحدث في أثنائه، أو علم فيه بنجاسة في بدنه أو ثوبه بطل، فإن أحدث بعده وقبل صلاة ركعتيه أعاده؛ لأن الركعتين كالجزء منه، إلا إذا خرج من مكة وشق عليه الرجوع له، فيكفيه الطواف، ويعيد الركعتين فقط، وعليه أن يبعث بهدي، وحكم صلاة هاتين الركعتين الوجوب بعد طواف الإفاضة والقدوم؛ أما في طواف الوداع فقيل بوجوب الركعتين، وقيل بسنيتهما، والقولان صحيحان؛ ويندب أن يقرأ فيهما بعد الفاتحة سورة "الكافرون" في الركعة الأولى؛ وسورة "الإخلاص" في الثانية، وندب صلاتهما خلف مقام إبراهيم والدعاء بعدهما بالملتزم - وهو بين الحجر الأسود والباب - كما يندب فعلهما بعد صلاة المغرب وقبل نافلتها لمن طاف بعد العصر.
 الثالث: ستر العورة كما في الصلاة.
 الرابع: أن يجعل البيت - وهو الكعبة - عن يساره.
 الخامس: أن يكون جميع بدنه خارجاً عن الحجر بتمامه وعن الشاذروان - وهو بناء محدوب لاصق الكعبة - السادس: الموالاة: فلو فرق بين أشواطه كثيراً بطل الطواف.
 ويغتفر التفريق اليسير.
 السابع: أن يكون داخل المسجد.
 فلا يصح على سطحه ولا خارجه ويلزم ابتداء الطواف من الحجر الأسود.
 فلو ابتدأه قبله وجب إتمام الشوط الأخير إليه، فإن لم يتمه وطال الفصل أو انتقض وضوءه فعليه إعادته، إلا إذا رجع لبلده، فيكفيه هذا الطواف؛ ويبعث هدياً.
 الحنابلة قالوا: يشترط لصحة الطواف شروط.
 منها النية ومنها دخول الوقت في طواف الزيارة، وهو من نصف ليلة عيد النحر بالنسبة لمن وقف بعرفة، ولا يصح قبل الوقوف ولا حد لآخر وقته، ومنها ستر العورة كما في الصلاة، ومنها الطهارة من الخبث، كما في الصلاة، ومنها الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر، إلا إذا كان الحاج طفلاً لم يميز، فيصح الطواف، ولو كان محدثاً متلبساً بنجاسة؛ ومنها كون الأشواط سبعاً، يبتدئها من الحجر الأسود، فإذا ابتدأ من غيره لا يحسب هذا الشوط، ومنها المشي إذا كان قادراً عليه، ومنها الموالاة بين الأشواط؛ فلو أحدث في أثنائه بطل، وعليه استئنافه، لكن إذا أقيمت الصلاة للراتب فله أن يصلي معه، ويبني على ما تقدم من الأشواط، مبتدئاً من الحجر الأسود، وكذلك إذا حضرت جنازة للصلاة عليها، ومنها أن يكون بالمسجد فلا يصح خارجه، ويصح على سطحه، ومنها جعل البيت عن يساره ولا بد أن يكون خارجاً عن جميع الحجر والشاذروان، وليس للطواف واجبات عندهم.
 


۞۞۞۞۞۞۞۞
 كتاب الحج والعمرة  ﴿ 28 ﴾ 
۞۞۞۞۞۞۞۞


 سنن الطواف وواجباته 
۞۞۞۞۞۞۞


 للطواف واجبات وسنن مفصلة في المذاهب، فانظرها تحت الخط .
 الحنفية قالوا: يشترط لصحة الطواف أمور: أحدها: أن يكون داخل المسجد الحرام حتى لو طاف بالكعبة من وراء زمزم، أو من وراء العمد جاز، أما إذا طاف خارج المسجد، فإن طوافه لا يصح، ثانيها أن يبتدأ من طلوع فجر النحر إن كان طواف زيارة؛ أو إفاضة، ولاحد لنهايته، كما تقدم في مبحث "طواف الإفاضة" أما إن كان طواف قدوم فيبتدئ من حين دخول مكة؛ وينتهي إلى الوقوف بعرفة، فمتى وقف فقد فاته طواف القدوم أما إذا لم يقف فينتهي بطلوع فجر يوم النحر، فهذه شروط صحة الطواف عند الحنفية الشافعية قالوا: للطواف ثمانية سنن.
 الأولى: أن يستقبل البيت أول طوافه.
 ويقف بجانب الحجر إلى جهة الركن اليماني بحيث يصير جميع الحجر عن يمينه، ومنكبه الأيمن عند طرفه ثم ينوي الطواف ثم يمشي مستقبلاً الحجر ماراً إلى جهة الباب.
 فإذا جاوزه انفتل وجعل يساره إلى البيت، وهذا خاص بالمرة الأولى.
 الثانية: أن يمشي القادر، ولو امرأة والركوب في الطواف خلاف الأولى إن كان بلا عذر، وإلا فلا بأس به إذا كان الحمل على غير دابة صيانة للمسجد عن الدابة؛ والأفضل أن يكون حافياً ما لم يتأذ بذلك.
 ويندب أن يضيق الخطوات ليكثر الثواب، وأن يلمس الحجر الأسود بيده أول طوافه، ويقبله تقبيلاً خفيفاً، ولا يسن للمرأة ذلك إلا عند خلو المطاف ليلاً أو نهاراً، ويستحب للرجل أن يضع جبهته عليه؛ وأن يكون الاستلام والتقبيل ثلاثاً، فإن عجز عن الاستلام بيده استلمه بنحو عصا، ويقبل ما أصابه به، فإن عجز عن ذلك أيضاً أشار إليه بيده؛ أو بما فيها؛ واليمين أفضل؛ يفعل ذلك في طوافه؛ الثالثة: الدعاء المأثور، فيقول عند استلام الحجر الأسود عند ابتداء كل طوفة: بسم الله؛ والله أكبر مع رفع يديه كرفع الصلاة: اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا القول آكد في الطوفة الأولى من غيرها، الرابعة: أن يمشي الذكر مسرعاً من غير عدو، ولا وثب في الطوفات الثلاثة الأولى، ويمشي في الباقي على هينة، بخلاف المرأة، فإنها تمشي كعادتها، الخامسة: الاضطباع للذكر ولو صبياً، وهو أن يجعل وسط ردائه تحت منكبه الأيمن، وطرفيه على منكبه الأيسر، السادسة: أن يكون الرجل والصبي قريباً من البيت عند عدم الزحام، وعدم التأذي بخلاف المرأة، فيسن لها عدم القرب صيانة لها، السابعة: الموالاة في الطواف، فلو أحدث في الطواف، ولو عمداً، تطهر وبنى، لكن الاستئناف أيضاً أفضل، وكذا لو أقيمت الصلاة وهو في الطواف؛ فإنه يصلي ويتم الطواف بعدها، والاستئناف أيضاً أفضل، الثامنة: أن يصلي بعده ركعتين؛ ويكفي فرض أو نفل آخر عنهما ويندب أن تكونا عقب الطواف مباشرة، كما يندب استلام الحجر عقبهما، وأن يسعى عقب الاستلام إن كان السعي مطلوباً منه، والأفضل صلاتهما خلف المقام، ثم بالحجر - بالكسر - ثم ما قرب من البيت، وهما سنة مطلوبة، ولو طال تأخرهما عن  الطواف، ويكره قطع الطواف من غير سبب، والبصق ولو في نحو ثوب بلا عذر، وجعل يديه خلف ظهره، أو على فمه في غير حال التثاؤب، وفرقعة الأصابع، ويكره الطواف أيضاً حال مدافعة الأخبثين.
 المالكية قالوا: للطواف واجبان، وسنن، فأما واجباه فهما صلاة ركعتين بعده، كما تقدم، والمشي فيه للقادر عليه، وأما سننه، فهي تقبيل الحجر الأسود في الشوط الأول، ويكبر عند ذلك، فإن لم يتمكن من تقبيله لمسه بيده، فإن يستطع لمسه بعود مثلاً، ثم يضع يده أو العود بعد اللمس بأحدهما على فيه، ويكبر حينئذ فإن لم يستطع شيئاً من ذلك كبر عند محاذاته، ومن السنن أيضاً استلام الركن اليماني بيده في الشوط الأول، ثم يضعها على فيه، والدعاء في الطواف، ولا يحد بحد مخصوص، بل بما شاء، والرمل، وهو الإسراع فوق المشي المعتاد في الأشواط الثلاثة الأول، وإنما يسن الرمَل للرجل لا للمرأة، وفي غير طواف الإفاضة، أما الرمل في طواف الإفاضة فهو مندوب، كما يأتي، ويندب في الطواف الرمل في الشواط الثلاثة الأول من طواف الإفاضة لمن يم يطف طواف القدوم، وتقبيل الحجر الأسود في الشوط الأول، واستلام الركن اليماني في الشوط الأول أيضاً، والقرب من الكعبة بالنسبة للرجال، أما النساء فالسنة أن يطفن خلف الرجال، كما في الصلاة.
 الحنابلة قالوا: سنن الطواف هي: أولاً: استلام الركن اليماني بيده اليمنى في كل شوط، ثانياً: استلام الحجر الأسود وتقبيله في كل شوط أيضاً إن تيسر، والإشارة إليه بيده عند محاذاته إن تعسر، ثالثاً: الاضطباع في طواف القدوم، وهو أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر، رابعاً الرمَل، وهو الإسراع في المشي مع تقارب الخطى، وإنما يسن في الأشواط الثلاثة الأول من طواف القدوم لغير الراكب والمعذور والمحرم من مكة أو مكان قريب منها، ولغير المرأة أيضاً، أما هؤلاء فلا يسن لهم، كما لا يسن في طواف الزياة ولا غيره مما عدا طواف القدوم، خامساً: الدعاء، سادساً: الذكر، سابعاً؛ القرب من الكعبة، ثامناً: صلاة ركعتين بعد الطواف.
 الحنفية قالوا: واجبات الطواف وسننه أمور.
 فمن واجباته أن يبدأ طوافه من الحجر الأسود، فلو لم يفعل ذلك وجب عليه إعادة الطواف ما دام بمكة، فإن لم يعده ورجع عليه دم، والأفضل أن لا يترك شيئاً من الحجر الأسود، بل يقابله بجميع بدنه، بأن يجعله عن يمينه، ويجعل منكبه الأيمن عند الحجر الأسود، ومنها التيامن، بأن يطوف عن يمينه مما يلي الباب، ويجعل الكعبة عن يساره، لأنها بمنزلة الإمام له والمنفرد يقف على يمين إمامه، فلو نكس الطواف بأن طاف عن يساره، وجعل الكعبة عن يمينه وجبت عليه الإعادة أو الدم، أما طهارة الثوب والبدن والمكان من الخبث فسنة مؤكدة، حتى لو طاف وعليه ثوب كله نجس، فلا جزاء عليه وإنما ترك السنة على الصحيح، ومنها ستر العورة الواجب سترها في الصلاة، فلو انكشف ربع العضو الواجب ستره في الصلاة فقد ترك الواجب؛ ووجبت عليه الإعادة أو الدم.
 واعلم أن ستر العورة في ذاته فرض، فمعنى كونه واجباً هنا أن الطواف لا يفسد بتركه، بل يصح مع الإثم، وتجب فيه الإعادة أو الجزاء، أما إذا انكشف أقل من ربع العضو، فلا يضر، كما في  الركن الثالث من أركان الحج، السعي بين الصفا والمروة 
۞۞۞۞۞۞۞


 السعي بين الصفا والمروة، ركن من أركان الحج، بحيث لو لم يفعله بطل حجه، عند ثلاثة من الأئمة، وخالف الحنفية في ذلك فقالوا: إن السعي واجب لا ركن، فلو تركه لا يبطل حجه، وعليه فدية.
 الصلاة، ومنها المشي فيه للقادر عليه، فلو كاف راكباً أو محمولاً: أو زاحفاً بلا عذر، فعليه الإعادة أو الدم، أما إن كان ذلك لعذر، فلا شيء عليه، ومنها أن يطوف وراء الحطيم - الحجر - لأن بعضه من البيت ومنها كون الطواف سبعة أشواط، والشوط من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود وهذه الأشواط السبعة واجبة كلها في طوافي القدوم والوداع، إلا أنه لو ترك أكثر أشواط الوداع، وهي أربعة، لزمه دم، ولو ترك أقل من ذلك لزمه لكل شوط صدقة بخلاف طواف القدوم فإنه لا يلزمه شيء بترك أكثرها أو أقلها؛ سوى التوبة، لأنه سنة في ذاته، وإنما وجب بالشروع فيه، كالنافلة، فلا يكون حكمه حكم الواجب بأصله، أما طواف الزيارة المفروض، فأكثر أشواطه ركن، بحيث لو ترك الأكثر بطل، وباقيها واجب، كما تقدم، ولا يتحقق ترك الواجب إلا بالخروج من مكة؛ أما ما دام فيها، فهو مطالب به، ولا تجزئ الإنابة في الطواف بدون عذر، ومنها أن يصلي ركعتين عقب كل سبعة أشواط من طوافه، سواء كان طوافه فرضاً أو واجباً أو سنة أو نفلاً، والأفضل أن يوالي بينهما وبين الطواف؛ إلا إذا طاف في وقت كان طوافه فرضاً أو واجباً أو سنة أو نفلاً، والأفضل أن يوالي بينهما وبين الطواف؛ إلا إذا طاف في وقت الكراهة؛ ولا تفوت بتركها، بل يصليهما في أي وقت شاء، ولو بعد الرجوع إلى وطنه، إلا أنه يكره له الكراهة؛ ولا تفوت بتركها، بل يصليهما في أي وقت شاء، ولو بعد الرجوع إلى وطنه، إلا أنه يكره له ذلك، ويستحب أداءهما خلف المقام، ثم في الكعبة، ثم في الحجر تحت الميزاب، ثم في كل ما يقرب منالحجر - بالكسر - إلى البيت، ثم المسجد، ثم الحرم، فإن صلاهما خارج الحرم أساء، ويقرأ في الركعة الأولى، "الكافرون"، وفي الثانية "الإخلاص".
 هذه واجبات الطواف؛ أما سننه فهي أمور: منها أن يجعل قبل شروعه في الطواف طرف ردائه تحت إبطه اليمنى؛ ويلقي طرفه الآخر على كتفه الأيسر، ويسمى هذا الفعل اضطباعاً ويفعل ذلك في كل طواف بعده سعي، كطواف القدوم، ومنها المشي بسرعة، مع تقارب الخطى؛ وهز الكتفين ويسمى هذا الفعل رملاً، يأتي به في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، فإن رأى ما يعوقه وقف حتى يتمكن من إعادة الرمل، ومنها استلام الحجر الأسود، وتقبيله عند نهاية كل شوط، وتتأكد النية في الشوط الأول والأخير، فإن لم يستطع استلامه بيده استلمه بنحو عصا إن أمكن، ويقبل ما مس به، فإن لم يستطع ذلك أيضاً استقبل الحجر ورفع يديه مستقبلاً بباطنهما إياه، ويكبر، ويهلل ويحمد الله تعالى، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وهذ الاستقبال مستحب، وكذا استلام الركن اليماني مستحب، وليس بسنة، ويستحب أن يدعو عقب صلاة ركعتي الطواف خلف المقام بما يحتاج إليه من أمور الدنيا والآخرة، وأن يأتي زمزم بعد صلاة ركعتين قبل الخروج إلى الصفا، فيشرب منها، ويتضلع، ويفرغ الباقي في البئر، ويقول: اللهم إني أسألك رزقاً واسعاً، وعلماً نافعاً، وشفاءً من كل داء، ثم يأتي الملتزم قبل الخروج إلى الصفا 


 كتاب الحج والعمرة  


إلى الجزء الثالث
🔴✍#منتدى_المركز_الدولى✍🔴



‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗








الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام ندى المالكى
مراقبة
مراقبة
ام ندى المالكى


عدد المساهمات : 18
تاريخ التسجيل : 13/03/2012

الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته وسننه بالتفصيل   الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Icon_minitime1الخميس 18 مايو - 4:46

🕋🔴✍شرح مناسك الحج ✍🔴🕋
🟢الجزء الثالث


 الركن الثالث من أركان الحج، السعي بين الصفا والمروة 
۞۞۞۞۞۞۞


 السعي بين الصفا والمروة، ركن من أركان الحج، بحيث لو لم يفعله بطل حجه، عند ثلاثة من الأئمة، وخالف الحنفية في ذلك فقالوا: إن السعي واجب لا ركن، فلو تركه لا يبطل حجه، وعليه فدية.
 الصلاة، ومنها المشي فيه للقادر عليه، فلو كاف راكباً أو محمولاً: أو زاحفاً بلا عذر، فعليه الإعادة أو الدم، أما إن كان ذلك لعذر، فلا شيء عليه، ومنها أن يطوف وراء الحطيم - الحجر - لأن بعضه من البيت ومنها كون الطواف سبعة أشواط، والشوط من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود وهذه الأشواط السبعة واجبة كلها في طوافي القدوم والوداع، إلا أنه لو ترك أكثر أشواط الوداع، وهي أربعة، لزمه دم، ولو ترك أقل من ذلك لزمه لكل شوط صدقة بخلاف طواف القدوم فإنه لا يلزمه شيء بترك أكثرها أو أقلها؛ سوى التوبة، لأنه سنة في ذاته، وإنما وجب بالشروع فيه، كالنافلة، فلا يكون حكمه حكم الواجب بأصله، أما طواف الزيارة المفروض، فأكثر أشواطه ركن، بحيث لو ترك الأكثر بطل، وباقيها واجب، كما تقدم، ولا يتحقق ترك الواجب إلا بالخروج من مكة؛ أما ما دام فيها، فهو مطالب به، ولا تجزئ الإنابة في الطواف بدون عذر، ومنها أن يصلي ركعتين عقب كل سبعة أشواط من طوافه، سواء كان طوافه فرضاً أو واجباً أو سنة أو نفلاً، والأفضل أن يوالي بينهما وبين الطواف؛ إلا إذا طاف في وقت كان طوافه فرضاً أو واجباً أو سنة أو نفلاً، والأفضل أن يوالي بينهما وبين الطواف؛ إلا إذا طاف في وقت الكراهة؛ ولا تفوت بتركها، بل يصليهما في أي وقت شاء، ولو بعد الرجوع إلى وطنه، إلا أنه يكره له الكراهة؛ ولا تفوت بتركها، بل يصليهما في أي وقت شاء، ولو بعد الرجوع إلى وطنه، إلا أنه يكره له ذلك، ويستحب أداءهما خلف المقام، ثم في الكعبة، ثم في الحجر تحت الميزاب، ثم في كل ما يقرب منالحجر - بالكسر - إلى البيت، ثم المسجد، ثم الحرم، فإن صلاهما خارج الحرم أساء، ويقرأ في الركعة الأولى، "الكافرون"، وفي الثانية "الإخلاص".
 هذه واجبات الطواف؛ أما سننه فهي أمور: منها أن يجعل قبل شروعه في الطواف طرف ردائه تحت إبطه اليمنى؛ ويلقي طرفه الآخر على كتفه الأيسر، ويسمى هذا الفعل اضطباعاً ويفعل ذلك في كل طواف بعده سعي، كطواف القدوم، ومنها المشي بسرعة، مع تقارب الخطى؛ وهز الكتفين ويسمى هذا الفعل رملاً، يأتي به في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، فإن رأى ما يعوقه وقف حتى يتمكن من إعادة الرمل، ومنها استلام الحجر الأسود، وتقبيله عند نهاية كل شوط، وتتأكد النية في الشوط الأول والأخير، فإن لم يستطع استلامه بيده استلمه بنحو عصا إن أمكن، ويقبل ما مس به، فإن لم يستطع ذلك أيضاً استقبل الحجر ورفع يديه مستقبلاً بباطنهما إياه، ويكبر، ويهلل ويحمد الله تعالى، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وهذ الاستقبال مستحب، وكذا استلام الركن اليماني مستحب، وليس بسنة، ويستحب أن يدعو عقب صلاة ركعتي الطواف خلف المقام بما يحتاج إليه من أمور الدنيا والآخرة، وأن يأتي زمزم بعد صلاة ركعتين قبل الخروج إلى الصفا، فيشرب منها، ويتضلع، ويفرغ الباقي في البئر، ويقول: اللهم إني أسألك رزقاً واسعاً، وعلماً نافعاً، وشفاءً من كل داء، ثم يأتي الملتزم قبل الخروج إلى الصفا 


۞۞۞۞۞۞۞۞


 شروط السعي بين الصفا والمروة، وكيفيته وسننه 
۞۞۞۞۞۞۞


 للسعي شروط وسنن، مفصلة في المذاهب؛ فانظرها تحت الخط .
 الحنفية قالوا: للسعي بين الصفا والمروة واجبات، وسنن، وشرط، فأما واجباته، فمنها أن يؤخره عن الطواف، ومنها أن يسعى سبعة أشواط، وكل شوط من أشواطه السبعة واجب، ومنها المشي فيه، حتى لو سعى راكباً لغير عذر لزمه إعادته، أو إراقة دم ومنها أن يبدأ سعيه من الصفا، ثم ينتهي إلى المروة، ويعد هذا شوطاً على الصحيح، فإن بدأ بالمروة لا يحسب هذا الشوط.
 ۞۞
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام ندى المالكى
مراقبة
مراقبة
ام ندى المالكى


عدد المساهمات : 18
تاريخ التسجيل : 13/03/2012

الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته وسننه بالتفصيل   الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Icon_minitime1الخميس 18 مايو - 4:46

أما سنته: فمنها أن يوالي بين الطواف والسعي، فلو فصل بينهما بوقت ولو طويلاً، فقد ترك السنة، وليس عليه جزاء، ومنها الطهارة من الحدثين، فيصح سعي الحائض والنفساء بلا كراهة للعذر، ومنها أن يصعد على الصفا والمروة فيسعيه، وأن يسعى بين الميلين الأخضرين وهما عمودان: أحدهما تحت منارة باب علي، والآخر قبالة رباط العباس، ومنها أن يهرول بين الميلين المذكورين، ومنها أن يكبر ويهلل ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو بما شاء، ويستقبل البيت على الصفا والمروة، ومنها أن يستلم الحجر الأسود قبل الذهاب إلى السعي بيده، فإن لم يستطع، فعل ما تقدم بيانه في "سنن الطواف" والأفضل أن يخرج من باب الصفا، وهو باب بني مخزوم، ويقدم رجله اليسرى في الخروج، ويندب أن يرفع يديه نحو السماء عند الدعاء على الصفا والمروة، وإذا أقيمت الصلاة وهو في طوافه أو سعيه صلى وبنى بعد صلاته على ما فعله قبلها، ويكره له الحديث في البيع والشراء ونحوه في أثناء السعي والطواف، وأما شرطه: فهو أن يكون بعد الطواف، فلو سعى أولاً، ثم طاف لا يعتد بسعيه، ويجب عليه الإعادة ما دام يمكنه.
 المالكية قالوا: السعي بين الصفا والمروة ركن للحج، كما تقدم.
 وله شروط صحة، وسنن.
 ومندوبات.
 وواجب: فأما شروط صحته فهي: أولاً: كونه سبعة أشواط فإن سعى أقل منها فلا يجزئه وعله أن يكمله.
 إلا إذا طال الفصل عرفاً، وإلا ابتدأه من أوله، ثانياً: أن يبدأ بالصفا.
 فلو بدأ بالمروة فلا يحتسب ذلك الوشط، ويعد الذهاب من الصفا إلى المروة شوطاً، والرجوع منها إلى الصفا شوطاً آخر، ثالثاً: الموالاة بين أشواطه، فلو فرق بينها تفريقاً كثيراً استأنفه، ويغتفر الفصل اليسير: كأن يصلي أثناءه على جنازة، أو يحصل منه بيع وشراء لا يطول عرفاً، رابعاً: أن يكون بعد طواف، سواء كان الطواف ركناً أو غيره، فإن لم يفعله بعد طواف، فلا يصح، وإن أوقعه بعد طواف صح، ولا يطالب بإعادته إن كان الطواف السابق عليه ركناً، وهو طواف الإفاضة، أو واجباً، وهو طواف القدوم، ولا يطالب بإعادته إن كان الطواف السابق عليه ركناً، وهو طواف الإفاضة، أو واجباً، وهو طواف القدوم، أما إذا أوقعه بعد الطواف المندوب: كطواف تحية المسجد، فإنه يطالب بإعادته عقب طواف القدوم إن لم يكن وقف بعرفة، وإلا أعاده عقب طواف الإفاضة، لأن طواف القدوم يفوت بالوقوف، وإنما يعيده على هذا التفصيل، ما دام بمكة أو قريباً منها، فيرجع لإعادته، ويعيد طواف الإفاضة لأجله، فإن تباعد عن مكة بعث هدياً، ولا يرجع لإعادته، وكذلك يعيده على هذا التفصيل إذا أوقعه عقب الطواف الركن، وهو لا يعتقد أنه ركن، ولم ينو ذلك، أو بعد الطواف الواجب، ولم يعتقد وجوبه، ولم ينوه.
 وأما سننه فهي: أولاً: تقبيل الحجر الأسود قبل أن يخرج له، وبعد الطواف، وصلاة ركعتين؛ ثانياً: اتصاله  بالطواف بأن يفعله عقب الفراغ من الطواف وركعتيه؛ ثالثاً: الصعود على كل من الصفا والمروة عند الوصول إليه في كل شوط؛ وينبغي أن لا يفرط في إطالة الوقوف عليهما، كما يفعله الناس، وإنما يسن الصعود عليهما للرجال وللنساء إن لم يكن هناك زحمة رجال، وإلا فلا يصعدن، رابعاً: الدعاء عليهما بلا حد؛ خامساً: إسراع الرجال بين الميلين الأخضرين فوق الرمل المتقدم في الطواف؛ والميلان الأخضران عمودان: أحدهما تحت منارة باب علي؛ وثانيهما: قبالة رباط العباس، والإسراع المذكور يكون حال ذهابه إلى المروة، ولا يسرع في رجوعه على الراجح وأما مندوبات السعي فهي: الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر، ومن الخبث، وباقي شروط الصلاة الممكنة مندوبة له، أما غير الممكنة فلا تندب: كاستقبال القبلة، لعدم تيسره؛ وليس للسعي سوى واجب واحد؛ وهو المشي للقادر عليه.
 الحنابلة قالوا: شروط السعي بين الصفا والمروة سبعة؛ أحدها: النية، ثانيها: العقل، ثالثها: الموالاة بين مراتب السعي، رابعها: المشي للقادر عليه، خامسها: أن يكون السعي بعد طواف ولو كان الطواف مندوباً: سادسها: أن يكون السعي سبع مرات كاملة، وتعتبر المرة من الصفا إلى المروة، ومن المروة إلى الصفا مرة أخرى، وهكذا إلى تمام السبعة، سابعها: أن يقطع المسافة التي بين الصفا والمروة كلها، بأن يلصق عقب رجله بأسفل الصفا، ثم يمشي إلى المروة إلى أن يلصق أصابع رجله بها، ثم يلصق عقب رجله بأسفل المروة عند رجوعه إلى الصفا إلى أن يلصق أصابع رجله بأسفل الصفا، وهكذا، ويفتتح بالصفا، ويختتم بالمروة، فإن بدأ بالمروة لم تحسب له تلك المرة، وسنن السعي أن يكون متطهراً من الحدث والخبث، وأن يكون مستور العورة، وأن يوالي بين السعي والطواف.
 الشافعية قالوا: للسعي شروط، ومندوبات ومكروهات: فأما شروطه فهي: أولاً: البدء بالصفا، والختم بالمروة، ويحتسب الذهاب من الصفا إلى المروة شوطاً، ومن المروة إليه شوطاً آخر؛ ثانياً: كونه سبعة أشواط يقيناً.
 فلو شك في العدد بنى على الأقل، لأنه هو المتيقن، ويلزم استيعاب المسافة في كل شوط، وأن لا يصرف سعيه إلى غير النسك، فلو قصد به المسابقة فقد فلا يصح؛ ثالثاً: أن يقع بعد طواف الإفاضة أو القدوم، بشرط أن لا يتخلل بينهما وقوف بعرفة، فلو طاف للقدوم، ثم وقف بعرفة، فلا يسعى حينئذ، بل يؤخره حتى يفعله بعد طواف الإفاضة؛ وأما مندوباته فهي: أولاً: أن يخرج إليه من باب الصفا، وهو أحد أبواب المسجد الحرام؛ ثانياً: أن يرقى على الصفا حتى يرى الكعبة؛ أما النساء، فلا يسن لهن ذلك، إلا إذا خلا المحل عن الرجال الأجانب؛ ثالثاً: الذكر الوارد عند كل منهما، وهو أن يقول بعد استقبال الكعبة، سواء رقي على الصفا، أو لا: الله أكبر ثلاثاً، ثم يقول: ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أولانا، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيى ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده.
 لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون، ثم يدعو بما شاء ويكرر الذكر والدعاء ثلاث مرات، رابعاً: أن يكون متطهراً من الحدث والخبث، مستور العورة؛ خامساً: عدم الركوب إلا لعذر؛ سادساً: أن يهرول الرجل في 

 الركن الرابع؛ الحضور بأرض عرفة، وكيفية الوقوف 
۞۞۞۞۞۞۞

 الركن الرابع من أركان الحج الحضور بأرض عرفة، على أي حال من الأحوال، سواء كان يقظان أو نائماً، وسواء كان قاعداً أو قائماً، وسواء كان واقفاً أو ماشياً، باتفاق، وله شروط وسنن مفصلة في المذاهب، فانظرها تحت الخط .
 وسط المسافة ذهاباً وإياباً، وأما في أول المسافة وآخرها فيمشي على حسب عادته، كما أن المرأة لا تهرول مطلقاً؛ سابعاً: أن يقول في حال سعيه: رب اغفر وارحم، وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الأعز الأكرم؛ ثامناً: اتصاله بالطواف، واتصال أشواطه بعضها ببعض من غير تفريق، ويكره الوقوف أثناءه بغير عذر، وتكراره، وصلاة ركعتين بعده بقصد أنهما سنة للسعي الشافعية قالوا: للوقوف بعرفة شروط، وسنن؛ أما شروطه فهي: أولاً: أن يكون ذلك الحضور في وقته؛ ووقته من زوال شمس اليوم التاسع من ذي الحجة إلى فجر يوم النحر.
 ويكفي الحضور من ذلك الوقت ولو لحظة؛ ثانياً: أن يكون الحاج أهلاً للعبادة.
 بأن لم يكن مجنوناً.
 ولا سكران زائل العقل.
 فإن كان مجنوناً أو سكران زائل العقل لم يجزئه ذلك الحضور عن الفرض.
 وأما المغمى عليه فهو كالمجنون إن لم ترج إفاقته، وإلا ظل محرماً إلى أن يفيق من الإغماء، وأما سننه: فمنها أن يقف في موقف النبي صلى الله عليه وسلم عند الصخرات الكبار التي في أسفل جبل الرحمة إن سهل عليه ذلك، وإلا اكتفى بالقرب منها بحسب الإمكان، هذا للرجال.
 وأما النساء فيندب لهن الجلوس في حاشية الموقف إلا أن يكون لهن هودج ونحوه فإن الأولى لهن حينئذ الركوب فيه، ومنها الاكثار من الدعاء والذكر والتهليل.
 كأن يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
 له الملك.
 وله الحمد.
 وهو على كل شيء قدير، اللهم اجعل في قلبي نوراً وفي بصري نوراً، اللهم اشرح لي صدري.
 ويسر لي أمري.
 اللهم لك الحمد كالذي نقول.
 وخيراً مما نقول، ويندب غير ذلك من الأدعية المعروفة.
 ويكرر كل دعاء ثلاثاً.
 ويفتتح بالتحميد والتمجيد والتسبيح.
 والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويختم بمثل ذلك مع التأمين.
 ويكثر من البكاء، ومن قراءة سورة "الحشر" ومنها أن يحرص على أكل الحلال، وعلى خلوص النية، ومزيد الخضوع والانكسار، ومنها رفع يديه - ولا يجاوز بهما رأسه - وأن يبرز للشمس إلا لعذر، وأن يفرغ قلبه من الشواغل قبل دخول وقت الوقوفن وأن يتجنب الوقوف في الطريق؛ ومنها أن يكون متطهراً من الحدث والخبث، مستور العورة.
 مستقبل القبلة.
 وأن يكون راكباً إن أمكن.
 وأن لا ينهر السائل.
 أو يحتقر أحداً من خلق الله.
 وأن يترك المخاصمة والمشاتمة، ومنها أن يقف بعرفة إلى الغروب ليحصل بين الليل والنهار.
 الحنفية قالوا: للحضور بعرفة شرط.
 وواجب وسنن، أما شرطه فهو أن يكون في وقته الشرعي.
 وهو من بعد زوال شمس اليوم التاسع من شهر ذي الحجة إلى فجر يوم النحر ولا يشترط النية.
 ولا العلم والعقل.
 فمن حضر في عرفة في هذا الوقت صح حجه.
 سواء أكان ناوياً أم لا، عالماً بأنه في  عرفة أو جاهلاً، أو مجنوناً، أو مغمى عليه، أو نائماً، أو يقظان، وأما واجبه فهو أن يمتد إلى غروب الشمس إن وقف نهاراً.
 أما إن وقف ليلاً فلا واجب عليه.
 فإذا وقف بالنهار ودفع من عرفة قبل غروب الشمس عليه دم، وأما سننه فهي: الاغتسال، وأن يخطب الإمام خطبتين، وأن يجمع الحاج بين صلاة الظهر والعصر بالشروط المتقدمة في "مبحث الصلاة" وأن يعجل الوقوف عقبهما، وأن يكون مفطراً، وأن يكون متوضئاً، وأن يقف على راحلته، وأن يكون وراء الإمام قريباً منه بقدر إمكانه، وأن يكون حاصر القلب، فارغاً من الأمور الشاغلة عن الدعاء، وأن يقف عند الصخرات السود، وهي موقف النبي صلى الله عليه وسلم، فإن تعذر الوقوف عندها اجتهد أن يكون قريباً منها بقدر الإمكان، وأن يرفع يديه مبسوطتين، ويدعو بعد الحمد والتهليل والتكبير والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويلبي في موقفه، ويكثر الاستغفار لنفسه ولوالديه وللمؤمنين والمؤمنات، وأن يستمر في التلبية والتهليل والتسبيح والثناء على الله بالخشوع والتذلل والإخلاص، وأن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يدعو بقضاء الحوائح لغروب الشمس، ولا يتقيد بصيغة خاصة في دعائه، بل يدعو بما شاء، والأفضل أن يكون أكثر دعائه، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، لا نعبد إلا إياه، ولا نعرف رباً سواه؛ اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي سمعي نوراً، وفي بصري نوراً؛ اللهم اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، اللهم هذا مقام المستجير العائذ من النار، أجرني من النار بعفوك، وأدخلني الجنة برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم إذا هديتني للإسلام فلا تنزعه عني ولا تنزعني عنه حتى تقبضني وأنا عليه، والسنة أن يخفي صوته بالدعاء.
 الحنابلة قالوا: للحضور بعرفة شروط وواجب، وسنن أما شروطه: فمنها أن يكون الحضور إلى عرفة باختياره، فلا يصح حضور من أكره على الوقوف: ومنها أن يكون أهلاً للعبادة، فلا يصح الحضور من مجنون، ولا سكران، ولا مغمى عليه، ومنها أن يكون في الوقت المعتبر له شرعاً، وهو من فجر اليوم التاسع من شهر ذي الحجة إلى فجر اليوم العاشر، وهو يوم النحر، ويجزئه الوقوف، ولو لم يعلم بأن المكان الذي وقف فيه من عرفة، ولو لم يعلم بأن هذا الزمن هو زمن الوقوف.
 فمتى صادف المكان والزمن صح وقوفه، ولو لم يعلم بهما.
 وأما واجبه فهو حضوره بعرفة جزءاً من الليل إذا كان قد وقف نهاراً، وأما من جاء الجبل ليلاً، فإنه يجزئه الحصور في وقته المذكور، ولا شيء عليه.
 وأما سننه: فمنها أن يقف على راحلته، وأن يستقبل القبلة، وأن يكون عند الصخرات وجبل الرحمة، ولا يطلب صعوده، وأن يرفع يديه عند الدعاء، وأن يكثر الدعاء والاستغفار والتضرع وإظهار الضعف والافتقار، ويلح في الدعاء، ولا يستبطئ الإجابة، ويكرر كل دعاء ثلاث مرات؛ ويكثر من قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير؛ اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي بصري نوراً، وفي سمعي نوراً؛ ويسر لي أمري.
 المالكية قالوا: من أركان الحج الحضور بعرفة بأي جزء منها على أي حال كان، سواء لبث بها أو مر، إلا أنه إن كان ماراً شرط فيه أمران.
 الأول: العلم بأنها عرفة، فلو مر بها جاهلاً لا يكفيه ذلك، 

🟢 رمي الجمار - المبيت بمنى - الوجود بمزدلفة 
۞۞۞۞۞۞۞

 وقد عرفت مما تقدم أن كل ركن من أركان الحج له شروط وواجبات، وسنن، وقد بينا كل ما يخص كل ركن منها قريباً، وبقيت واجبات عامة لا تخص ركناً دون ركن، وهي التي نريد بيانها ها هنا ذا، ومنها رمي الجمار، والمبيت بمنى، والوجود بالمزدلفة، والحلق، والتقصير، وغير ذلك مما هو مفصل في المذاهب، فانظره تحت الخط .
 الثاني: أن ينوي بمروره الحضور، فلو مر بها.
 ولم ينو ذلك، فلا يكفيه وأما غير المار.
 وهو من لبث بها.
 فلا يشترط فيه شيء من ذلك: فيكفي مكثه بها وهو نائم.
 أو مغمى عليه.
 وقد تقدم أن الركن هو الحضور لحظة من الليل من غروب شمس اليوم التاسع من ذي الحجة إلى طلوع الفجر.
 وواجب الركن الطمأنينة في حضوره.
 فإن لم يطمئن لزمه دم، كما يجب الوقوف في نهار التاسع بعد الزوال إلى الغروب، فإذا تركه بغير عذر فعليه دم، فالحضور بعرفة نوعان: ركن يفسد الحجر بتركه، وواجب يلزم في تركه دم.
 فالأول: لحظة من غروب شمس يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم النحر.
 والثاني: لحظة من زوال شمس يوم عرفة إلى غروب الشمس من ذلك اليوم.
 ويجزئ الوقوف بأي جزء من عرفة كان.
 ولكن الأفضل الوقوف بمحل وقوفه عليه الصلاة والسلام.
 وذلك عند الصخرات العظام المنبسطة في أسفل جبل الرحمة.
 ويندب السير لعرفة بعد طلوع الشمس من اليوم التاسع وأن ينزل إذا وصلها بالمحل المعروف بنمرة.
 والاغتسال للوقوف.
 والتضرع والابتهال إلى الله تعالى بالدعاء، والتطهر من الحدث، والركوب، والقيام للرجال.
 إلا لعذر.
 وأما النساء فلا يندب لهن القيام.
 ويسن الجمع بين صلاتي الظهر والعصر بعرفة تقديماً.
 وأن يخطب الإمام خطبتين يعلم الناس فيهما ما يفعل بعرفة إلى آخر الحج.
 وتكون الخطبتان إثر زوال الشمس من اليوم التاسع.
 ثم يؤذن.
 ويقام للظهر وهو على المنبر.
 ثم ينزل فيصلي بالناس الظهر.
 ثم يؤذن.
 ويقام ثانياً للعصر.
 ثم يصليها بهم.
 ويجمع هذا الجمع، ولو كان اليوم يوم جمعة، وعليه فلا جمعة في هذا اليوم، ثم ينصرف الناس بعد الصلاة للوقوف إلى الغروب فإذا غربت الشمس، ودخل الليل، وهم بعرفة، فقد حصل الركن، كما حصل الواجب بالحضور نهاراً الشافعية قالوا: واجبات الحج العامة خمسة؛ الأول: الإحرام من الميقات على التفصيل المتقدم، الثاني: الوجود بمزدلفة، ولو لحظة، بشرط أن يكون ذلك في النصف الثاني من الليل بعد الوقوف بعرفة، ولا يشترط المكث؛ بل يكفي مجرد المرور بها، سواء أعلم بأنها المزدلفة أم لا، الثالث: رمي الجمار؛ بأن يرمي جمرة العقبة وحدها يوم النحر.
 والجمرات الثلاث كل يوم من أيام التشريق الثلاثة التي هي عقب النحر؛ ويدخل وقت الرمي بانتصاف ليلة النحر، بشرط تقدم  الوقوف، ويمتد وقته إلى آخر أيام التشريق؛ ولا بد من تحقق معنى الرمي، فلو وضع الحجر في المرمى لم يعتد به، وكذا لا بد من قصد مكان الرمي.
 فلا يجزئ الرمي في الهواء وإن وقع في المرمى، ولا يجزئ الرمي إلا إذا تحقق إصابة المرمى، والرمي المعتبر شرعاً هو ما كان باليد لا بقوس ونحوه، فإنه لا يجزئه إلا لعذر، ولا يجزئ في الرمي إلا الحجر، أما اللؤلؤ، والملح، والآجر ونحوه فلا يجزئ، ولا بد أن يجزم الرامي بأنه رمى سبع حصيات في كل جمرة من الجمرات الثلاث، وذلك في اليوم الثاني، والثالث، والرابع من أيام العيد، كما أنه لا بد أن يتحقق رمي سبع حصيات في جمرة العقة، وهي التي تتكون في يوم العيد، فإن شك كمل حتى يتحقق السبع ويشترط في السبع حصيات أن ترمى في سبع مرات، أما لو رماها على غير ذلك فلا تحسب إلا واحدة؛ ولا بد من الترتيب بين الجمرات الثلاث التي يرميها أيام التشريق، فيبدأ برمي الجمرة التي تلي مسجد الخيف، ثم الوسطى؛ ثم العقبة، فلا ينتقل إلى واحدة إلا بعد تمام ما قبلها.
 وسنن الرمي: منها الاغتسال له كل يوم ومنها تقديم الرمي أيام التشريق على صلاة الظهر.
 ومنها الموالاة بين الرميات وبين الجمرات.
 ومنها أن يكون الرمي باليد اليمنى إن سهل، ومنها غسل الحصى إن احتملت نجاسة.
 ومنها أن يكون الجمر صغيراً أقل من الأنملة.
 ومنها إبدال التلبية بالتكبير عند أول حصاة يرميها ومنها أن يرمي راكباً إذا أتى من منى راكباً.
 ومنها أن يرمي بحصيات جديدة لم يرم هو ولا غيره بها.
 وكره مخالفة شيء من تلك السنن.
 الرابع: من واجبات الحج: المبيت بمنى.
 ويشترط فيه أن يكون معظم الليل من ليالي أيام التشريق الثلاثة لمن لم يتعجل.
 أما من أراد أن يتعجل.
 ويخرج من منى إلى مكة في اليوم الثاني من أيام التشريق وهو الثالث من أيام العيد، فيسقط عنه المبيت بمنى ليلة الثالث من أيام التشريق والرمي فيه.
 لقوله تعالى: {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} - الآية.
 بشرط أن يخرج من منى قبل غروب الشمس من اليوم الثاني، فلو غربت عليه الشمس، وهو بمنى، تعين عليه المبيت ليلة الثالث.
 والرمي فيه، إلا إذا كان تأخيره لعذر، ويشترط لجواز الخروج المذكور أن يكون بنية مقارنة له، فلو خرج من غير نية لزمه العود وأن لا يعزم على العود حال خروجه.
 فلو خرج عازماً على العود لزمه العود.
 ولا تفيد نية الخروج، وإنما يجب المبيت بمنى ليالي الرمي على غير المعذور، أما المعذور: كرعاة الإبل.
 وأهل السقاية بمكة أو بالطريق، ومن خاف على نفسه وماله من المبيت فيرخص له في ترك المبيت ولا يلزمه أما الرمي فلا يسقط، الخامس: التباعد عن محرمات الإحرام السابقة.
 الحنفية قالوا: واجبات الحج الأصلية خمسة: أولاً: السعي بين الصفا والمروة؛ ثانياً؛ الحضور بمزدلفة، ولو ساعة قبل الفجر، فلو ترك الحضور بالمزدلفة قبل طلوع الفجر لزمه دم إلا إذا كانت به علة أو مرض فلا شيء عليه، ثالثاً: رمي الجمار لكل حاج؛ وكيفيته أن يرمي يوم النحر جمرة العقبة من بطن الوادي بسبع حصيات ونحوها، مما يجوز عليه التيمم، ولو كفاً من تراب، فإنه يقوم مقام الحصاة الواحدة، ولا يجوز الرمي: بخشب، وعنبر، ولؤلؤ، وذهب وفضة، وجوهر، وبعر، ونحو ذلك، لأنه ليس من جنس الأرض، ويكره أخذ الحصاة ونحوها من عند الجمرة، كما يكره نثرها، ويكره أن يرمي  أكثر من سبع حصيات، ويسن في الرمي أن يكون بين الرامي وبين الجمرة - أي المكان الذي يرمي فيه الحصى - خمسة أذرع، وأن يمسكها برؤوس اصابعه، فإن رماها ونزلت على رجل أو جمل، فإن وقعت بنفسها بقرب الجمرة جاز، أما إن وقعت في مكان بعيد عن الجمرة، فإنها لا تجزئه، ويرمي غيرها وجوباً، ويقدر البعد بثلاثة أذرع؛ وأن يكبر مع رمي كل حصاة، بأن يقول؛ باسم الله؛ الله أكبر، ويقطع التلبية لأولها، ويكره أن يتخذ حجراً واحداً يكسره إلى حصى صغير يرمي به؛ ووقت أداء رمي جمرة العقبة فجر يوم النحر إلى فجر اليوم الثاني منه.
 فإن قدمه عن ذلك لا يجزئه، وإن أخره عن ذلك لزمه دم، ويستحب أن يكون هذا الرمي بعد شروق الشمس إلى الزوال، ويباح بعد ذلك إلى الغروب، ويكره بالليل، كما يكره بعد فجر النحر إلى طلوع الشمس؛ ثم يرمي ثاني يوم النحر الجمار الثلاث؛ ويسن أن يبدأ برمي الجمرة الأولى، وهي التي تلي مسجد الخيف، ثم بالجمرة الوسطى، ثم بجمرة العقبة؛ وفي كل منها يرمي سبع حصيات بالكيفية المتقدمة، فإن عكس هذا الترتيب بأن رمى الجمرة الوسطى مثلاً قبل الجمرة الأولى، سن له إعادة الرمي، ويسن أن يقف بعد أن يتم الرمي الذي بعده رمي آخر بمقدار قراءة ثلاثة أرباع جزء من القرآن - ثلث ساعة تقريباً - ووقت الرمي في اليوم الثاني والثالث هو من بعد الزوال إلى الغروب: ويكره في الليل إلى الفجر وقبل الزوال لا يجزئ، وبعد فجر اليوم الثاني يلزمه دم بالتأخير ويدعو لنفسه أو لغيره بما شاء؛ رافعاً يديه نحو القبلة أو نحو السماء؛ ثم يرمي كذلك في ثالث أيام النحر.
 وكذا في تاليه إن بقي هناك، ويجوز له أن يرمي ماشياً أو راكباً.
 والأفضل في رمي الأولى والوسطى أن يكون ماشياً، وفي رمي جمرة العقبة أن يكون راكباً؛ رابعاً: الحلق أو التقصير، خامساً: طواف الصدر، أما ما عدا ذلك من الواجبات فهي متعلقة بكل واجب من هذه الواجبات الأصلية، أو متعلقة بشرط أو ركن على حدته، وقد علمت مما تقدم واجبات الطواف؛ وواجبات السعي، وواجبات الوقوف، وبقي من الواجبات: الترتيب بين الرمي والحلق.
 والذبح يوم النحر، وتوقيت الحلق بالزمان والمكان.
 والضابط أن كل ما يترتب على تركه دم فهو واجب، وسيأتي بيان كل ما يترتب على تركه دم في مبحث "جناية الحج".
 الحنابلة قالوا: للحج واجبات سبعة: الأول: الإحرام من الميقات المعتبر شرعاً.
 الثاني: وقوفه بعرفة إلى الغروب إذا وقف نهاراً؛ الثالث: المبيت بالمزدلفة ليلة النحر على غير السقاة والرعاة ويتحقق بالوجود في أي لحظة من النصف الثاني من الليل، الرابع: المبيت بمنى على غير السقاة والرعاة ليالي أيام التشريق، الخامس: رمي الجمار على الترتيب، بأن يبدأ بالتي تلي مسجد الخيف، ثمبالوسطى، ثم بجمرة العقبة، ولا يجزئ في الرمي أن يرمي بحصاة صغيرة جداً، أو كبيرة، ولا بما رمى بها غيره، ولا يجزئ أيضاً بغير الحصى.
 كجوهر، وذهب، ونحوهما، ويشترط رمي الحصى، فلا يكفي وضعه في المرمى بدون رمي؛ ويشترط كون الرمي واحدة بعد واحدة إلى تمام السبع، فلو رمى أكثر من واحدة في مرة واحدة حسب ذلك واحدة، ويشترط أيضاً أن يعلم وصول الحصى إلى المرمى، فلا يكفي ظن الوصول، ولو رمى حصاة ووقعت خارج المرمى، ثم تدحرجت حتى سقطت  فيه أجزأته؛ وكذا إن رماها فوقعت على ثوب إنسان فسقطت في المرمى، ولو بدفع غيره أجزأته أيضاً، ووقته من نصف ليلة النحر لمن وقف قبله بعرفة، ولا يصح الرمي في أيام التشريق إلا بعد الزوال؛ السادس: الحلق أو التقصير.
 السابع: طواف الوداع.
 المالكية قالوا: واجبات الحج العامة التي لا تخص ركناً من أركانه أمور: منها النزول بمزدلفة بقدر حط الرحال بعد أن ينزل من عرفة ليلاً؛ وهو سائر إلى منى إذا لم يكن عنده عذر، وإلا فلا يجب عليه النزول بها، ومنها تقديم رمي جمرة العقبة في اليوم العاشر على الحلق، وطواف الإفاضة، فلو حلق قبل الرمي، أو طاف للإفاضة قبله فعليه دم، وأما تقديم الرمي على النحر، وتقديم النحر على الحلق؛ وتقديم الحلق على طواف الإفاضة فهو مندوب، فالمطلوب في يم النحر أربعة أمور: رمي جمرة العقبة، نحر الهدي، أو ذبحه، الحلق، طواف الإفاضة، وتفعل على هذا الترتيب ورمي جمرة العقبة في ذاته واجب، ووقته من طلوع فجر يوم النحر، ويندب أن يكون بعد طلوع الشمس إلى الزوال، ويكره تأخيره عنه، ومنها الرجوع للمبيت بمنى بعد طواف الإفاضة، فيبيت بها ثلاث ليال وجوباً، وهي: ليلة الثاني، والثالث، والرابع من يوم النحر إن لم يتعجل، أما إذا تعجل فيكفيه المبيت ليلتين، ويسقط عنه البيات ليلة الرابع والرمي في ذلك اليوم، بشرط أن يجاوز جمرة العقبة قبل غروب اليوم الثالث، وإلا تعين عليه المبيت بها ليلة الرابع، والرمي فيه، ومنها رمي الجمار في أيام التشريق الثلاثة بعد يوم عيد النحر يرمي في كل يوم ثلاث جمرات كل منها بسبع حصيات، ووقت الرمي في كل يوم منها من زوالالشمس إلى الغروب، فلو قدم الرمي على الزوال لا يكفي، وعليه دم إن لم يعده بعد الزوال؛ وإن أخره إلى الليل أو إلى اليوم الثاني فعليه دم، ويندب أن يكون في كل يوم قبل أن يصلي الظهر، ويشترط في صحة الرمي أمور، أولاً: أن يبدأ برمي الجمرة الكبرى؛ وهي التي تلي مسجد مني، ثم الوسطى التي في السوق، ثم يختم بالعقبة، وليس في يوم النحر سوى رمي جمرة العقبة، كما تقدم، ثانياً: أن يكون ما يرمى به من جنس الحجر فلو رمي بطين لا يكفي، ثالثاً: أن لا يكون صغيراً جداً: كالقمحة، بل يكون كالحصى الذي يتحاذف به الصبيان وقت اللعب، أو يجعل الحصى بين السبابة وافبهام من يده اليسرى، ثم يحذفها بسبابة اليمنى، فلو رمى بصغير جداً لا يجزئ، وإن رمي بكبير أجزأه مع الكراهة؛ ولا يشترط طهارة ما يرمى به؛ فلو رمي بمتنجس أجزأه، وندب أن يعيده بطاهر، رابعاً: أن يكون الرمي باليد فلو رمى برجله لا يكفي، ويندب أن يكون الرمي بيده المينى إن كان يحسن الرمي بها، ومن الواجبات: الحلق، فلو تركه لزمه دم وكذا يلزمه دم إذا أخره حتى رجع لبلده، أو أخره عن أيام التشريق ولم يفعله بمكة، أما إذا فعله بها ولو بعد أيام التشريق فلا دم عليه، ويجزئ عن الحلق التقصير بالنسبة للرجل، وخالف السنة، وأما المرأة فالواجب في حقها التقصير، ولا تحلق، لأنه مثله، وكيفية التقصير بالنسبة لها: أن تأخذ قدر الأنملة من شعر رأسها وأما الرجل، فيأخذ الشعر من قرب أصله وجذوره، فلو أخذ من أطرافه كما تفعل المرأة أجزأه ذلك وأساء، ومن واجباته الفدية، وهيد للفساد؛ وهدي للقران أو التمتع، وسيأتي بيانها عند الكلام عليها 

 �سنن الحج 
۞۞۞۞۞۞۞

 أما سنن الحج: فمنها ما يتعلق بالإحرام، وقد تقدمت في مبحث ما يطلب من مريد الإحرام قبل الشروع فيه، ومنها ما يتعلق بالطواف.
 ومنها ما يتعلق بالسعي، ومنها ما يتعلق بالوقوف، وقد تقدم جميع ذلك في المباحث السابقة، وبقيت سنن أخرى مفصلة في المذاهب، فانظرها تحت الخط .
 الحنفية قالوا: بقي سنن.
 منها المبيت بمنى في ليالي أيام النحر، ومنها المبيت بمزدلفة ليلة النحر بعد الخروج من عرفة، ومنها أن يذهب من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس، ومنها الترتيب بين الجمار الثلاث، وقد تقدم لك أن أصل رمي الجمار واجب.
 وللحج داب أيضاً، وهي كثيرة: منها أن يقضي ديونه قبل حجه، ومنها أن يستشير ذا رأي في سفره ذلك العام الذي يريد فيه أداء الحج، ومنها أن يستخير الله تعالى، وسنة الاستخارة: أن يصلي ركعتين بسورة الإخلاص بعد أم الكتاب؛ ويدعو بدعاء الاستخارة المأثور، ثم يبدأ بالتوبة وإخلاص النية ورد المظالم؛ ومنها أن يستسمح خصومه وكل من له معاملة، ومنها أن يقضي ما قصر فيه من العبادات، ومنها أن يتجرد من الرياء والسمعة والفخر، ومنها أن يجتهد في تحصيل النفقة الحلال، فإنه لا ثواب للحج بالمال الحرام وإن سقط به الفرض حتى ولو كان المال مغصوباً، ومنها أن يتخذ رفيقاً صالحاً يذكره إن نسي، ويصبره إذا جزع، ويعينه إذا عجز.
 ومنها أن يجعل خروجه يوم الخميس؛ وإلا فيوم الإثنين أول النهار من أول الشهر، ومنها أن يودع أهله وإخوانه ويستسمحهم، ويطلب دعاءهم، ويذهب إليهم لذلك؛ وأما هم فيسن لهم أن يذهبوا إليه عند فدومه، ومنها أن يصلي ركعتين قبل أن يخرج من بيته وبعد الرجوع إلى بيته، ويقول عقب الصلاة حين يخرج: اللهم غليك توجهت، وبك اعتصمت؛ وعليك توكلت، اللهم أنت ثقتي وأنت رجائي، اللهم اكفني ما أهمني، وما لا اهتم به، وما أنت أعلم به مني، عز جارك، ولا إله غيرك، اللهم زودني التقوى، واغفر لي ذنوبي، ووجهني إلى الخير أينما توجهت، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، والحور بعد الكور، وسوء المنظر في الأهل والمال وإذا خرج يقول: بسم الله: ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، توكلت على الله، اللهم وفقني لما تحب وترضى، واحفظني من الشيطان الرجيم، ويقرأ آية الكرسي، وسورة الإخلاص، والمعوذتين، وإذا ركب الدابة يقول: بسم الله، والحمد لله الذي هدانا للإسلام، وعلمنا القرآن، ومنّ علينا بمحمد صلى الله عليه وسلم، الحمد لله الذي جعلني من خير أمة أخرجت للناس، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون الحمد لله رب العالمين.
 الشافعية قالوا: سنن الحج كثيرة: منها المبيت بمنى ليلة عرفة، وإنما كان سنة لأن المقصود منه الاستراحة؛ بخلاف المبيت ليالي التشريق، فإنه واجب، كما تقدم ومنها سرعة السير في بطن وادي محسر، وهو مكان فاصل بين مزدلفة ومنى، سمي بذلك لأنه حسر، أي عجز فيه الفيل الذي أراد أبرهة هدم الكعبة به، وهو المذكور في الآية، ومنها الخطب المسنونة فيه، وهي أربع: إحداها: يوم السابع من ذي الحجة، وهي خطبة مفردة يخطبها الإمام أو نائبه: كأمير الحج بعد صلاة الظهر بالمسجد  الحرام، يفتتحها بالتكبير إن كان غير محرم، وبالتلبية إن كان محرماً، والأفضل أن يكون الخطيب محرماً، ثانيها: يوم عرفة بنمرة قبل صلاة الظهر؛ وهما خطبتان، ثالثها: يوم النحر بمنى، وهي واحدة بعد صلاة الظهر، رابعها: يوم النفر الأول بمنى، وهي واحدة بعد الظهر، وينبغي للخطيب أن يعلم الناس في كل الخطب المذكورة ما يكون بعد كل خطبة من أعمال الحج؛ ومن السنن حلق الرجل، وتقصير الأنثى، ومنها الوقوف بالمشعر الحرام؛ وهو جبل قزح - بوزن عمر - يذكرون الله تعالى عنده، ويدعون ربهم إلى الإسفار مع استقبال القبلة، ومنها أن لا يتعجل من منى، بل يبقى بها جميع ليالي التشريق؛ ومنها الذكر المسنون؛ كأن يقول عند رؤية البيت الحرام ما سبق بيانه؛ ويقول في أول طوافه ما تقدم أيضاً، ويقول قبالة البيت: اللهم إن البيت بيتك، والحرم حرمك.
 والأمن أمنك، وهذا مقام العائذ بك من النار، ويقول بين الركنين اليمانيين: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، ويقول في الرمي: اللهم حجاً مبروراً، وذنباً مغفوراً، وسعياً مشكوراً، ويقول في السعي: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الأعز الأكرم، ومنها أن يقضي ديونه قبل حجه، ومنها إرضاء خصومه، وأن يتوب من جميع المعاصي، وأن يتعلم كيفية الحج.
 وأن يستسمح كل من كان بينه وبينه معاملة أو مصاحبة، ومنها أن يكتب قبل سفرة وصية، ويشهد عليها، وأن يطلب رفيقاً صالحاً موافقاً راغباً في الحج، وأن يكثر من الزاد والنفقة ليواسي من المحتاجين، ومن السنن الإكثار من الصلاة والطواف والاعتكاف في المسجد الحرام كلما دخله، ومنها دخول الكعبة والصلاة فيها ولو نفلاً، ومنها الإكثار من شرب ماء زمزم مع التضلع منه مستقبلاً القبلة عند شربه قائلاً: اللهم إني بلغين عن نبيك محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ماء زمزم لم اشرب له" وأنا أشربه لسعادة الدنيا والآخرة، اللهم فافعل، ثم يسمي الله تعالى.
 ويشرب، ويتنفس ثلاثاً، ويسن الدخول إلى البئر، والنظر فيها، والنزح منها بالدول، ونضح وجهه ورأسه وصدره بمائها، ويتزود منها عند سفره.
 المالكية قالوا: للحج سنن ومندوبات، فأما سننه فهي أولاً: الخطبتان بعد الزوال بمسجد عرفة، كما تقدم؛ ثانياً: جمع الظهر والعصر به جمع تقديم كما تقدم؛ ثالثاً: قصر الظهر والعصر المذكورين لغير أهل عرفة، أما هم فلا يقصرون؛ رابعاً: جمع المغرب والعشاء بمزدلفة بعد الدفع من عرفة إليها، وهذا الجمع يكون تأخيراً في وقت العشاء، وإنما يسن لمن وقف بعرفة مع الإمام، ثم سار إلى المزدلفة مع الناس، أو لم يسر معهم؛ وهو قادر عليه، فإن لم يقف مع الإمام، فلا يجمع بنيهما، بل يصلي كل صلاة في وقتها، وإذا لم يسر مع الناس لعجزه عن السير معهم.
 فإنه يؤخر المغرب، ويجمعها مع العشاء عند دخول وقتها في أي مكان شاء، خامساً: قصر العشاء لغير أهل مزدلفة: فالجمع بعرفة ومزدلفة سنة لكل حاج ولو كان من أهلهما، والقصر إنما لا يسن لغير أهل المحل الذي فيه القصر؛ سادساً: تقليد الهدي؛ سابعاً: الإشعار، وقد تقدم بيان معناها، وبيان ما يقلد، وما يشعر من الأنعام، وما لا يقلد منها، ولا يشعر، ومن السنن غير ذلك مما تقدم في خلال الأركان؛ وأما مندوباته فهي النزول بذي طوى لمن وصل مكة ليلاً، فيبيت بها ليدخل مكة نهاراً صحوة، والغسل لمن دخلها إن لم 

 ⛔ما يمنع الحاج من فعله 
۞۞۞۞۞۞۞

 يمنع الحاج من أمور بعضها مفسد للحج بحيث لو فعله بطل حجه، ومنها ما يترتب لعيه هدي وهو من الإبل أو البقر أو الغنم، كما سيأتي في مبحثه، ومنها ما يترتب عليه فدية، وهي صدقة من طعام أو غيره.
 

 ⛔مفسدات الحج ⛔
۞۞۞۞۞۞۞

 يفسد الحج بترك الوقوف بعرفة في وقته المتقدم باتفاق المذاهب، وكذا يفسد بترك ركن من أركانه، على التفصيل المتقدم في المذاهب، وكذا يفسد بالجماع.
 باتفاق أيضاً، ولكن يكن حائضاً، أو نفساء، أما هما فلا يندب لهما الغسل، لأنه للطواف بالبيت، ولا يصح منهما، كما تقدم، والدعاء بعد تمام الطواف، والإكثار من شرب ماء زمزم بنية حسنة، فقد ورد "ماء زمزم لما شرب له"، ونقل ماء زمزم، والوقوف مع الناس بعرفة؛ والدعاء، والتضرع، حال الوقوف إلى الغروب، والبيات بمزدلفة ليلة العاشر من ذي الحجة، والارتحال منها إلى منى بعد صلاة الصبح وقبل الإسفار، ووقوفه بالمشعر الحرام، مستقبلاً يدعو الله تعالى، ويثنى عليه للإسفار، والإسراع ببطن محسر، وهو واد بين مزدلفة ومنى قدر رمية حجر، سمي بذلك لحسر أصحاب الفيل ونزول العذاب عليهم فيه، كما في سورة "الفيل" وإنما يندب الإسراع فيه لغير المرأة؛ وأما المرأة فلا يندب لها إلا إذا كانت راكبة؛ ومنها رمي جمرة العقبة حين وصوله إلى منى، وبعد طلوع الشمس، كما تقدم؛ والمشي في غير جمرة العقبة، والتكبير مع كل حصاة يرميها، وتتابع الحصيات حال الرمي، بأن لا يفصل بين رمي بعضها والبعض الآخر، والتقاط الحصيات التي يرميها بنفسه، وفعل الذبح والحلق قبل الزوال يوم العيد، وتأخير الحلق عن الذبح، وفعل طواف الإفاضة في ثوبي إحرامه وعقب حلقه، ووقوفه عقب رمي الجمرتين الأوليين، وهما الكبرى والوسطى للدعاء، وجعل الجمرة الأولى خلفه، ونزول غير المستعجل بالمحصب، وهو واد يكثر فيه الحصى جهة مقبرة مكة عند كداء، فإذا رجع من منى إلى مكة بعد رمي اليوم الرابع ندب له النزول بهذا المكان قبل أن ينزل مكة، فإذا نزل به أقام حتى يؤدي به أربع صلوات وهي من الظهر إلى العشاء، فيؤخر صلاة الظهر ليوقعها به إن لم يخف خروج وقتها الاختياري، وإنما يستحب النزول به إن لم يصادف رجوعه يوم الجمعة، وإلا فلينزل إلى مكة، ولا يعرج عليه كما لا يستحب النزول به لمن تعجل، وخرج من منى بعد رمي الثاني من أيام التشريق، وطواف الوداع لمن أراد الخروج من مكة.
 وقد تقدم، ومن المندوبات عدا ذلك ما تقدم مع الأركان.
 الحنابلة قالوا: بقي من مسنونات الحج أمور: منها المبيت بمنى ليلة التاسع من ذي الحجة.
 ومنها خطبة الإمام للحججاج يوم الثامن من ذي الحجة بالمسجد الحرام، ويوم عرفة بها ويوم الأضحى بمنى.
 ومنها استمرار التلبية إلى رمي جمرة العقبة.
 ومنها غير ذلك.
 كاستقبال القبلة حال رمي الجمار وقت الفساد بالجماع وشروطه مختلفة في المذاهب، فانظرها تحت الخط .
 المالكية قالوا: الجماع مفسد للحج.
 وهو أن يغيب الحشفة أو قدرها في قبل أو دبر آدمي أو غيره.
 سواء كان الفاعل صغيراً أو كبيراً، وسواء كان المفعول به مطيقاً أو لا.
 فإذا كان الحاج متزوجاً بصغيرة مرافقة له في حجة.
 وفعل بها ذلك.
 بطل حجهما، والكبيرة من باب أولى، ولا فرق في بطلان الحج بذلك بين أن يكون ذاكراً، أو ناسياً أو جاهلاً، ومثل ذلك ما إذا أمنى بتقبيل أو مباشرة، أو نظر أو فكر، أو غير ذلك، إلا أنه يشترط في فساد الحج بالإنزال بسبب النظر أو الفكر أن يطلهما، أما الإمناء بمجرد النظر أو الفكر، فإنه لا يفسد.
 أما إذا أمنى بسبب القبلة، فإن حجه يفسد، ولو لم يكررها، فمن كانت معه زوجه في الحج فينبغي أن يتجنب مداعبتها أو تقبيلها في الوقت الذي يحظر الشارع فيه إتيان النساء: وإنما يفسد الحج بالجماع أو بإنزال المني بسبب من الأسباب المذكورة إن وقع قبل رمي جمرة العقبة، ووقت رميها هو يوم النحر قبل طواف الإفاضة.
 وقبل مضي يوم النحر، ويفسد حجه بالجماع أو الإنزال المذكورين قبل رمي الجمرة المذكورة، سواء حصل قبل الوقوف بعرفة أو بعده؛ أما إذا جامع أو أخرج المني بسبب من الأسباب المذكورة بعد أن قام برمي جمرة العقبة، أو بعد طواف الإفاضة، أو بعد أن مضى يوم النحر، ولم يكن رمى ولا طاف، فإن حجة لا يفسد، ولكن يلزمه في هذه الأحوال ذبح فداء؛ فلا تحل النساء بجماع أو مقدماته، كما لا يحل عقد النكاح بعد رمي جمرة العقبة، ومن فعل ذلك فإن حجه لا يفسد، ولكن يكون قد فعل ما لا يحل، وعليه الفداء؛ أما إذا فعل ذلك بعد طواف الإفاضة، وقبل الحلق، فإنه يكون قد فعل ما هو حلال له، ولكن يلزمه هدي، فإذا فعل بعد الحلق فقد فعل ما هو حلال، ولا يلزم بشيء بعد ذلك؛ ويجب عليه الهدي أيضاً إذا أمذى، أو أخرج المني بمجرد نظر أو فكر بدون أن يستديمهما، ويجب على من فسد حجه إتمامه، فلو ترك إتمام الحج لظنه أنه خرج من الإحرام يبقى على إحرامه، فلو أحرم في العام القابل إحراماً جديداً كان إحرامه لغواً، ويتم إحرامه الذي أفسده.
 هذا، ومن فسد حجه بجماع أو غيره فإنه يجب عليه أربعة أشياء: الأول: إتمام الحج الذي أفسده؛ الثاني: قضاؤه فوراً متى كان قادراً، فإن أخر قضاءه أثم؛ الثالث: نحر هدي من أجل إفساد الحجر؛ أن يؤخر نحر الهدي لزمن القضاء.
 الحنفية قالوا: يفسد الحج بالجماع، بشرط أن يكون قبل الوقوف بعرفة؛ أما إذا أتى زوجته بعد الوقوف قبل أداء الركن الثاني وهو طواف الزيارة، فإن حجه لا يفسد، وذلك لأن الحج عند الحنفية لا يكون قابلاً للفساد بعد الوقوف بعرفة؛ ولا فرق في الفساد بالجماع بين أن يكون ناسياً أو عامداً، مستيقظاً أو نائماً، مختاراً أو مكرهاً، فمن أتى زوجته وهو نائم، أو هي نائمة، فإن حجهما يفسد، نعم يشترط لفساد الحج بالجماع أن يكون بالغاً عاقلاً، فإذا جامع الصبي، أو المجنون امرأة عاقلة فسد حجمها دونهما، وكذا إذا جامع البالغ صغيرة أو مجنونة فسد حجه دونهما، ولا يشترط في الفساد الإنزال، بل يفسد الحج بمجرد تغيب الحشفة في القبل أو الدبر، سواء حصل إنزال أو لا، ومن فسد  حجه بالجماع فعليه أن يستمر في إتمامه فاسداً، كما يقول المالكية، ويقضيه في قابل، وعلى كل واحد منهما دم، وتجزئ الشاة في ذلك، فإذا تعدد الجماع فإن كان في مجلس واحد اكتفى بشاة واحدة، أما إذا تعدد في مجالس مختلفة ففي كل واحد منها شاة.
 الشافعية قالوا: يفسد الحج بالجماع بشروط: أحدها: أن يولج الحشفة أو قدرها إذا لم تكن له حشفة في قبل أو دبر، ولو بهيمة، ولو بحائل؛ ثانيهما: أن يكون عالماً عامداً مختاراً، فإذا كان جاهلاً، أو ناسياً أو مكرهاً، فإن حجه لا يفسد بالجماع؛ ثالثها: أن يقع منه قبل التحلل الأول، وبيان ذلك أن أسباب التحلل عند الشافعية ثلاثة: رمي الجمار، والحلق، والطواف الذي هو ركن، فإذا أتى بأمرين من هذه الثلاثة فقد تحلل أحد التحللين، فإذا رمى وحلق فقد وقع منه التحلل الأول، فلا يفسد حجه من هذه الثلاثة فقد تحلل أحد التحللين، فإذا رمى وحلق فقد وقع منه التحلل الأول، فلا يفسد حجه من هذه الثلاثة فقد تحلل أحد التحللين، فإذا رمى وحلق فقد وقع منه التحلل الأول، فلا يفسد حجه بالجماع، وكذا إذا طاف وحلق أو حلق ورمى.
 فإن الترتيب بين هذه الأمور الثلاثة ليس شرطا؛ إنما الأحسن أن يرتبها، فيرمي الجمار، ثم يحلق، ثم يطوف، على أنه وإن كان لا يفسد حجه قبل التحلل الثاني بالجماع ولكنه يحرم عليه كما تحرم مقدماته، كالقبلة، والمباشرة بشهوة، سواء أنزل أو لم ينزل، وتجب عليه في هذه الحالة الفدية، وذلك لأن شرط الحرمة الاستمتاع، وهو حاصل بالنظر واللمس، أما الاستمناء باليد فهو حرام أيضاً، إلا أنه لا تجب فيه الفدية عند عدم الإنزال، وكذا النظر واللمس مع وجود حائل من ثوب ونحوه بشهوة، فإنه حرام، ولكن لا تجب فيه الفدية، سواء أنزل أو لم ينزل، وذلك لأن شرط الحرمة الاستمتاع، وهو حاصل بالنظر واللمس المذكورين، وشرط الفدية المباشرة بشهوة، وهذه لم تحصل؛ وإذا فسد الحج بالجماع فإنه يجب إتمام جميع أعماله، وعليه أن يجتنب ما كان يلزمه اجتنابه لو كان صحيحاً، فإن فعل محظوراً بعد ذلك لزمته الفدية إن كانت فيه فدية، ويجب قضاء الحج الذي أفسده بالجماع فوراً، أي في العام الذي يليه مباشرةن ولو كان الحج الذي أفسده نفلاً؛ وتلزمه كفارة الجماع المفسد، وهي ناقة أو جمل، بشرط أن تكون متصفة بالأوصاف التي تكفي في الأضحية: وسيأتي بيانها في بابها، فارجع إليه، فإن عجز عنها وجبت عليه بقرة تجزئ في الأضحية، فإن عجز عنها أيضاً وجب عليه سبع شياه تجزئ في الأضحية أيضاً، فإن عجز عنها أيضاً، قومت بسعر مكة، وتصدق بقيمتها طعاماً لا نقداً على مساكين الحرم وفقرائه، ثلاثة فأكثر، ويشترط في الطعام أن يخرجه من الأصناف التي تجزئ في صدقة الفطر.
 وقد تقدم بيانها في "مباحث الصيام" فإن عجز عن ذلك صام عن كل مد يوماً بنية الكفارة، كأن يقول: نويت صوم غد عن كفارة الجماع.
 هذا إذا كان رجلاً، أما المرأة فلا كفارة عليها، وإن فسد حجها مع الإثم إن كانت مميزة مختارة عامدة عالمة بالتحريم وإلا فلا إثم ولا فساد.
 الحنابلة قالوا: يفسد الحج بالجماع في قبل أو دبر، من آدمي أو غيره، بشرط أن يقع منه ذلك قبل التحلل الأول.
 فإن جامع بعد التحلل الأول فإن حجه لا يفسد، كما يقول الشافعية.
 وأسباب التحلل عند الحنابلة، ثلاثة: وهي الجمار، والطواف، والحلق، والتحلل الأول يحصل بفعل اثنين منها، كما يقول الشافعية، فإذا رمى جمرة العقبة وحلق، ثم جامع قبل الطواف لم يفسد حجه، ولكن 

۞۞۞۞۞۞۞۞
 كتاب الحج والعمرة  ﴿ 37 ﴾ 
۞۞۞۞۞۞
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام ندى المالكى
مراقبة
مراقبة
ام ندى المالكى


عدد المساهمات : 18
تاريخ التسجيل : 13/03/2012

الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته وسننه بالتفصيل   الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Icon_minitime1الخميس 18 مايو - 4:55

🕋🟢✍ #الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته وسننه بالتفصيل✍🟢🕋


🕋شرح مناسك الحج 🕋
🟢الجزء الرابع


 ما يوجب الفدية، وبيان معنى التحلل 
۞۞۞۞۞۞۞


 قد عرفت أن الحاج يمنع من أمور: بعضها يفسد، وبعضها يوجب الفدية، وبعضها يوجب الإطعام: فأما ما يوجب الفدية فهو أمور مفصلة في المذاهب، فانظرها تحت الخط .
 عليه أن ينحر جزراً، ولا يفسد الإحرام شيء غير الجماع المذكور، وعليه أن يمضي في حجه بعد الإفساد، كما لو كان صحيحاً، وعليه أن يجتنب ما كان يجتنبه قبل الإفساد، وإذا فعل محظوراً بعد هذا وجبت عليه الفدية، وعلى الفاعل والمفعول القضاء فوراً في العام القابل الحنابلة قالوا: ما يوجب الفدية ينقسم إلى قسمين: الأول، ما يوجبها، على التخيير، والثاني: ما يوجبها على الترتيب، فالذي يوجبها على التخيير فهو أمور: -1 - لبس المخيط، أو المحيط 2 - استعمال الطيب 3 - تغطية الرجل رأسه، أو الأنثى وجهها 4 - إزالة أكثر من شعرتين من الجسد، أو أكثر من ظفرين، فكل واحد من هذه فيه فدية على التخيير بين ثلاثة أشياء: فإما أن يذبح شاة سنها ستة أشهر على الأقل، إن كانت من الضأن، وسنة إن كانت من المعز، وإما أن يصوم ثلاثة أيام، وإما أن يطعم ستة مساكين لكل واحد منهم مدّ من برّ أو نسف صاع - مدّان - من تمر، أو زبيب أو شعير، أو أقطن ومما يوجب الفدية على التخيير جزاء الصيد.
 والصيد إما أن يكون له مثل من النعم أو لا يكون، فإن كان له مثل، فيخير في فديته بين ثلاثة أشياء: ذبح المثل، وإعطاء لحمه لفقراء الحرم في أي وقت شاء، وتقويم مثله في المحل الذي تلف فيه الصيد، ويكون التقويم بدراهم، ثم يشتري بها طعاماً من الأصناف السابقة، ويعطي كل مسكين مدّاً من برّ، ومدّين من غيره، كما تقدم، وصيام أيام بعدد الأمداد بحيث يكون كل يوم بدل ما يعطي من الطعام لكل مسكين: فإن بقي أقل من إطعام مسكين صام عنه يوماً كاملاً، وإن لم يكن له مثل فيخير في فديته بين الأمرين الأخيرين، إطعام القيمة، والصيام.
 وأما ما يوجب الفدية على الترتيب، فهو الوطء قبل التحلل الأول من الحج، والتحلل الأول يحصل باثنين من ثلاثة، وهي: رمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير، وطواف الزيارة، ومثل الوطء الإنزال بتكرار النظر، أو بالمباشرة لغير الفرج، أو بالتقبيل، أو باللمس بشهوة قبل التحلل الأول، فإذا حصل الوطء أو الإنزال بواحد مما ذكر وجب عليه ذبح بدنة من الإبل سنها خمس سنين، فإن لم يجد بدنة صام عشرة أيام: ثلاثة قبل الفراغ من أعمال الحج وسبعة بعد الفراغ منها، والمرأة كالرجل فيما يترتب على الوطء والإنزال إن كانت طائعة، وأما المباشرة بدون إنزال فتوجب الفدية على التخيير بين الأنواع الثلاثة المتقدمة؛ وهي: ذبح الشاة؛ أو إطعام ستة مساكين أو صوم ثلاثة أيام؛ وكذا الإمناء بنظره بدون تكرار، وكذا إذا حصل الوطء بعد التحلل الأول، وقد تقدم بيانه، وإذا جاوز الشخص ميقاته بلا إحرام، أو ترك شيئاً من واجبات الحج: كرمي الجمار فعليه الفدية على الترتيب: بأن يذبح شاة، فإن لم يجدها صام عشرة أيام ثلاثة في الحج، وسبعة بعده، كما تقدم، وأما ما يوجب الإطعام فهو قص ظفرين، أو أقل: وإزالة شعرتين، أو أقل، فيجب في  الظفر الواحد أو بعضه، وفي إزالة الشعرة الواحدة أو بعضها إطعام مسكين واحد مدّاً من برّ، أو نصف صاع من غيره، كما تقدم، وفي الظفرين أو الشعرتين إطعام مسكينين.
 وأما ما يوجب القيمة فهو كسر بيض الصيد، وقتل الجراد، فإذا كسر بيضاً، أو قتل جراداً فعليه قيمة كل منهما يتصدق بها في محل الإتلاق، وأما ما لا يوجب شيئاً فهو قتل القمل، وعقد النكاح.
 وقد سبق أنه يحرم على المحرم قطع شجر الحرم، وحشيشه إلا ما استثنى، فإن فعل شيئاً من ذلك فعليه في قطع الشجرة الصغيرة عرفاً ذبح شاة، وفي قطع الشجرة الكبيرة أو المتوسطة ذبح بقرة، وفي الحشيش والورق إخراج القيمة.
 المالكية قالوا: يوجب الفدية كل فعل محرم يحصل به ترفه وتنعم للمحرم، أو إزالة الشعث عنه: كالاغتسال في الحمام، فمتى جلس في الجمام حتى عرق ثم صب الماء الحار على جسده، ولو لم يتدلك، فإنه يجب عليه الفدية، لأن ذلك مظنة زوال الوسخ عن الجسد، ومثل ذلك مس شيء مما يتطيب به، وقص الشارب: ولبس الثياب، وتغطية الرأس، أو تغطية المرأة وجهها ويديها بقفاز لا بقصد التستر كما تقدم، وقص أظفاره، ونتف إبطه، وغير ذلك: كالاختضاب بالحناء، وإنما تجب الفدية في لبس الثياب ونحوها إذا حصل به انتفاع من حر أو برد، أما لو لبس الثوب ونزعه فوراً قبل الانتفاع به، فلا تجب فيه الفدية، وأما الطيب ونحوه مما ينتفع به بمجرد مزاولته، فإن الفدية تجب فيه، ولو أزاله فوراً، والفدية ثلاثة أنواع على التخيير: الأول: إطعام ستة مساكين لكل منهم مدان بمد النبي صلى الله عليه وسلم من غالب قوت البلد؛ ويجزئ بدل المدَّين الغداء والعشاء إذا بلغ مقدارهما المدين، لكن تمليك المدين أفضل، الثاني: صيام ثلاثة أيام، الثالث: نسك - ذبيحة - شاة فأعلى: كبقرة وبدنة، ويعتبر في سنها ما ذكر في الهدي، ولا يختص ذبح هذا النسك بزمان أن مكان، فله أن يذبحه بأي زمان ومكان شاء، إلا إذا نوى به الهدي فإنه يذبح بمنى أو مكة على ما ذكر في تفصيل الهدي، وأما ما يوجب الحفنة من الطعام فأمور: -1 - قلم الظفر الواحد بدون قصد إزالة الأذى - الوسخ - كأن يقلمه لمداواة قرحة تحته، أو لاستقباح طوله، أو يقلمه عبثاً، أما إذا قلمه بقصد إزالة الأذى ففيه فدية، 2 - إزالة شعرة أو أكثر إلى اثنتي عشرة أيضاً، 3 - إزالة القراد عن بعيره أو قتله، ففي كل منهما حفنة من طعام ولو كثر القراد: وإذا تعدد موجب الفدية أو الحفنة فإنهما يتعددان، مثلاً إذا لبس الثياب وتطيب فعليه فديتان فدية للبس، وفدية لاستعمال الطيب، وإذا قلم ظفراً واحداً، وأزال شعره فعليه حفنتان، ويستثنى مما ذكر مسائلي لا تتعدد فيها الفدية ولا الحفنة بتعدد الموجب: 1 - أن يظن إباحة ما فعله لفساد الحج؛ أو لأنه رفضه؛ أو حفنة.
 ثم ظهر له فساد الطواف، فلا تتعدد الكفارة - الفدية أو الحفنة 3 - أن ينوي عند فعل الأول منها التكرار والتعدد، كأن يلبس الثوب ونوى عنده أن يتطبب أيضاً، فإذا لبس وتطيب فعليه فدية واحدة، بشرط، أن لا يفدي للأول قبل فعل الثاني وإلا فعليه فديتان 4 - أن يقدم ما نفعه أعم، كأن يلبس الثوب أولاً، ثم السراويل بعد فعليه فدية واحدة.
  الحنفية قالوا: الفدية هي ذبح شاة ونحوها، وتجب بأمور؛ أولاً: دواعي الجماع: كالمعانقة، والمباشرة والقبلة واللمس بشهوة، سواء أنزل أو لم ينزل، ومثل ذلك ما لو نظر إلى فرج امرأة، أو تفكر فأنزل، وكذا إذا أولج في فرج بهيمة فأنزل، أما إذا أولج في البهيمة بدون إنزال فلا شيء عليه، ويلزمه دم بالتبطين والتفخيذ، أنزل أو لم ينزل، ثانياً: إزالة شعر كل رأسه أو لحيته، أو إزالة ربعهما، وليس في أقل من الربع دم؛ وكذا إزالة شعر رقبته، أو إبطيه، أو أحدهما، أو إزالة شعر عانته، وإنما يجب الدم بإزالة الشعر إذا كان لغير عذر؛ كأن علقت به الهوام وآذته، فهو مخير بين أمور ثلاثة: ذبح شاة، صام ثلاثة أيام، إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع قال تعالى: {فمن كان منكم مريضاً، أو ب الله أذى من رأسه، ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} ثالثاً: أن يلبس الرجل المحيط، أما المرأة فإنها تلبس ما شاءت إلا أنها لا تستر وجهها بساتر ملاصق، كما تقدم والذي يضر هو اللبس المعتاد، فلو التحف بالمخيط؛ أو وضعه على بدنه بوضع غير معتاد فلا شيء عليه.
 هذا إذا لبس لغير عذر، فإن كان لعذر ففيه التفصيل المتقدم فيما قبله، رابعاً: أن يستر رأسه بساتر معتاد يوماً كاملاً، وقد تقدم تفصيل الكلام في الساتر المعتاد، خامساً: أن يطيب عضواً كاملاً من الأعضاء الكبيرة: كالفخذ، والساق، والذراع، والوجه، والرأس، والرقبة بأي نوع من أنواع الطيب المتقدم ذكرها، أما إذا طيب ثوبه فإنه لا يلزمه الدم، إلا إذا لبس الثوب يوماً كاملاً، وكان الطيب كثيراً في ذاته، أو كان قليلاً واستغرق من الثوب ما تبلغ مساحته شبراً في شبر؛ والحناء من الطيب، فلو وضعها على رأسه وكانت رقيقة لا تستر ما تحتها فعليه دم، وإلا فعليه دمان، لأنه يكون في هذه الحالة قد تطيب وستر رأسه، ومنه العصفر والزعفران كما تقدم، فإن تطيب لعذر ففيه التفصيل المتقدم، ومثل الطيب دهان عضو كامل بزيت الزيتون؛ أو السمسم لغير عذر، فإن فعل لعذر: كالتداوي، فلا شيء عليه، سادساً: قص أظافر يد واحدة أو رجل واحدة؛ وكذا لو قص أظفار يديه ورجليه جميعها في مجلس واحد، أما إذا قصها في مجالس متعددة لزمه أربعة دماء لكل أظافر عضو دم، سابعاً: أن يترك طواف القدوم أو طواف الصدر، أو يترك شوطاً من أشواط العمرة، أو واجباً من الواجبات المتقدمة.
 الشافعية قالوا: الفديةة هي دم شاة توفرت فيها شروط الأضحية الآتي بيانها في مبحث "الأضحية" أو إطعام ستة مساكين، أو صوم ثلاثة أيام، وتجب بأمور.
 أحدها: التطيب، فمن تطيب في الحج برائحة عطرية، فعليه أن يذبح شاة يتصدق بها، ثانيها: أن يلبس قميصاً أو سراويل، أو خفاً، أو عمامة، أو نحو ذلك من الأشياء المخيطة أو المحيطة ببده، فمن لبس شيئاً من ذلك فعليه فدية، وإنما تجب الفدية بلبس المخيطة والمجيطة ببدنه بشروط أحدها: أن يكون عالماً بالتحريم فلو فعله جهلاً فلا فدية عليه، ثانيها: أن يفعل ذلك قبل التحلل الأول المتقدم بيانه؛ ثالثها: أن يكون مميزاً مختاراً، رابعها: أن يكون ذكراً، أما المرأة فلا تتجرد من ثيابها، ولا يجب عليها إلا كشف وجهها؛ فإو وضعت عليه ساتراً ملتصقاً به فإن الفدية تجب عليها، نعم لها أن تستر وجهها بشيء غير ملاصق له، كما إذا جزاء من اصطاد حيواناً قبل أن يتحلل من إحرامه لا يجوز للمحرم أن يصطاد حيواناً قبل أن يتحلل.
 وقد عرفت ما به التحلل في المذاهب.
 ومن يفعل ذلك كان عليه جزاء في تقديره تفصيل المذاهب.
 فانظره تحت الخط .
 وضعت فوق رأسها مشطاً كبيراً بارزاً وألصقت به برقعاً وسترت به وجهها من غير أن يمسه، فإنه يصح، ولا يضر تغطية الجزء الذي تضطر لتغطيته تبعاً للرأس.
 هذا.
 وإذا ستر المرأة يدها بقفاز ونحوه، فإن الفدية تجب عليها، ثالثها: أن يحلق شعره، أو يقلم أظافره؛ ومن يفعل ذلك فإن عليه فدية، ولا فرق في إزالة الشعر بين حلقه، أو تقصيره بالمقص، أو الموسى، أو نتفه أو حرقه، وسواء أزالة بفعله أو بفعل غيره، بثلاثة شروط: الشرط الأول: أن يكون باختياره، أما لو أزيل شعره وهو نائم بدون اختياره، أو احتك بشيء وهو غافل فأزال بعض شعره فإنه لا شيء عليه.
 الشرط الثاني: أن يزيل شعره لغير ضرورة.
 أما لو أزاله لضرورة كأن طال شعر جفنه فآذاه.
 فأزال ما يؤذيه.
 فإنه لا فدية عليه، ولا يشترط أن يكون شعر الرأس، بل لو أزال ثلاث شعرات من أي جزء من بدنه بدون ضرورة، وباختياره، فإن الفدية تلزمه؛ الشروط الثالث: أن تكون إزالة الشعر مقصودة، فإذا كشط جلده النابت عليه الشعر فإنه لا فدية عليه، مثلاً إذا كان بجزء من أجزاء بدنه قرحة عليها شعر وأزالها، فإنه لا فدية عليه، وقد عرفت مما تقدم أنه لا بأس بالكحل، ودخول الحمام، والفصد، والحجامة، وترجيل الشعر - تسريحه -؛ رابعها: مقدمات الجماع: كالقبلة، والملامسة التي تنقض الطهر مع النساء، ومن فعل ذلك قبل التحلل التام المتقدم بيانه فإنه يحرم عليه، وعليه فدية.
 أما النظر بشهوة، والقبلة بحائل، فلا فدية فيهما، خامسها: الاستمناء باليد.
 فإنه يحرم وفيه الفدية المذكورة، سادسها: أن يدهن شيئاً من شعر رأسه ولحيته وباقي شعر الوجه بأي دهن.
 سواء كان زيتاً أو دهن حيوان أو غيرهما، وسواء كان مخلوطاً بذي رائحة عطرية أو لا.
 وإنما تجب الفدية في ذلك بأربعة شروط: الأول: أن يكون العضو المدهون مما ينبت به الشعر.
 فلا فدية على الأقرع الذي لا ينبت برأسه شعر.
 ومثله الأصلع الذي سقط شعره.
 ولم يبق له أثر.
 فيجوز له دهن محل الصلع.
 مثله الأمرد الذي لم ينبت شعر لحيته.
 فإنه يجوز له دهن لحيته ووجهه.
 ومن كان برأسه جرح فإنه يجوز دهنه من الداخل.
 الشرط الثاني: أن يفعل ذلك عمداً.
 فلا فدية على من دهن وهو ساه.
 الشرط الثالث: أن يكون عالماً بالتحريم.
 فلا فدية على الجاهل، الشرط الرابع: أن يكون مختاراً.
 فلا فدية على من فعل معه رغم إرادته الشافعية قالوا: من اصطاد حيواناً برياً وحشياً: كظبي، أو بقر وحش أو نحوهما.
 أو دل صائداً عليه.
 أو كان تحت يده حيوان من هذا النوع.
 فأتلفه.
 أو أمرضه.
 فإنه يلزمه الجزاء الآتي بيانه  بشرطين: أحدهما: أن لا يؤذيه ذلك الحيوان في ماله أو نفسه كالضبع مثلاً.
 ثانيهما: أن لا يوصل إليه ضرراً كأن ينجس متاعه، أو يأكل طعامه، أو يمنعه من سلوك الطريق: كالجراد الكثير المنتشر، فإذا قتله، فلا فدية فيه، ولا ضمان؛ أما ذلك الجزاء فهو إن كان الصيدله مثلاً من النعم: كالحمام، واليمام والقمري، ففي الواحدة شاة من ضأن أو معز، وفي النعامة ذكراً أو أنثى بدنة، أي بعير، وفي البقرة الوحشية أو الحمار الوحشي بقرة أهلية، وفي الظبي تيس، وفي الظبية عنز، وفي الغزال معز صغير، وفي الأرنب عناق، وهي أنثى المعز إذا قويت، ولم تبلغ سنة.
 وفي كل من اليربوع والوبر معز أنثى بلغت أربعة أشهر.
 وفي الضبع كبش، وفي الثعلب شاة.
 هذا كله فيما ورد في حكمه نقل صحيح عن الشارع، وإلا حكم عدلان خبيران بمثله في الشبة والصورة تقريباً، ولا بد من مراعاة المماثلة في الصفات، فيلزم في الكبير كبير، وفي الصغير صغير، وفي الصحيح صحيح، وفي المعيب معيب إن اتحد جنس العيب: كالعور فيهما؛ أما إن اختلف العيب فلا يكفي؛ وهكذا: كالسمن والهزال.
 والحبل.
 لكن لا تذبح الحامل؛ بل تقوم؛ ويتصدق بقيمتها طعاماً، أو يوم عن كل مد يوماً.
 فإن لم يرد فيه نقل ولا حكم بمثله عدلان.
 وجبت قيمته بحكم عدلين.
 والفدية الواجبة هي أحد أمور ثلاثة: إما أن يذبح مثل الصيد من النعم ويتصدق به على فقراء الحرم؛ وإما أن يشتري بقيمته طعاماً كالطعام الذي يجزئ في صدقة الفطر.
 ويتصدق به عليهم؛ وإما أن يصوم يوماً عن كل مد من الطعام.
 وهذا في المثلي، أما غير المثلي: كالجراد.
 وبقية الطيور ما عدا الحمام ونحوه.
 فهو مخير بين أمرين؛ إما أن يخرج بقدر قيمة الصيد طعاماً ويتصدق به على من ذكر، وإما أن يصوم يوماً عن كل مد من الطعام.
 ولا فرق في ذلك بين صيد الحل والحرم متى كان المتعرض محرماً، وأما إن كان حلالاً فإن الحكم يختص بصيد الحرم، وإنما يجب ما ذكر في الصيد إذا كان المتعرض مميزاً، ولو كان ناسياً أو جاهلاً أو مخطئاً أو مكرهاً.
 ومن المحظور غير المفسد التعرض لحشيش الحرم وأشجاره على التفصيل المتقدم فإن قطع شجرة كبيرة لزمه بقرة.
 وإن قطع صغيرة لزمه شاة؛ أما الصغيرة جداً ففيها القيمة.
 وهو مخير بين ذبح ما ذكر والتصدق بلحمه.
 وبين شراء طعام بقيمتها والتصدق به.
 أو يصوم لكل مد يوماً.
 أما الحشيش ففيه القيمة إن لم ينبت بدله فإن نبت بدله فلا ضمان ولا فدية.
 هذا.
 ويجب ذبح شاة مجزئة في الأضحية حال القدرة.
 ثم صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة أيام إذا رَجع لأهله إن عجز عن الذبح على كل من ترك شيئاً مما يأتي: 1 - على المتمتع وسيأتي بيانه لأنه ترك تقديم الحج على العمرة.
 2 - على القارن وسيأتي بيانه.
 لأنه ترك الإفراد بالحج.
 3 - على من ترك رمي ثلاث حصيات، فأكثر من حصى الجمارَ.
 4 - على من ترك المبيت بمنى ليالي التشريق لغير عذر.
 5 - على من ترك المبيت بمزدلفة لغير عذر.
 6 - على من ترك الإحرام من الميقات لغير عذر.
 7 - على من ترك طواف الوداع لغير عذر.
 8 - على من ترك الفعل الذي نذره في الحج؛ كالمشي، أو الركوب، أو الحلق، أو الإفراد.
 9 - على من فاته الوقوف بعرفة من غير حصر بأن يطلع فجر يوم النحر  قبل حضوره في جزء من أرضها، ويجب له الدم على المحرم بالحج أو القارن، ويجب على من فاته الوقوف أن يتحلل بعمرة بأن يأتي بالأعمال الباقية من أعمال الحج غير الوقوف، ويسقط عنه المبيت بمزدلفة ومنى ورمي الجمار.
 يطوف ويسعى إن لم يكن سعى، ويحلق بنية التحلل، ويجب عليه القضاء فوراً من قابل، ولو فاته لعذر ولو كان الحج نفلاً، سواء كان مستطيعاً أو لا، ولا يصح ذبحه في سنة الفوات، فالذبح يكون في القضاء، أما المحصر فسيأتي حكمه.
 الحنفية قالوا: من اصطاد حيواناً برياً فإنه يجب عليه قيمته بالقيود المتقدمة في صيد الحرم، ومثله من قطع حشيش الحرم السابق أيضاً، فإذا اصطاد المحرم ما لا يجوز له اصطياده قوم عليه ما صاده في مكانه أو في مكان قريب منه بمعرفة عدلين، فإن بلغت قيمته ثمن هدي خير بين أمور ثلاثة: أحدها: أن يشتري بهذه القيمة هدياً يذبحه في الحرم، ثانيها: أن يشتري به طعاماً يتصدق به على الفقراء في أي مكان لكل واحد نصف صاع، ثالثها: أن يصوم بدل كل نصف صاع يوماً، ولا يلزم في هذا الصوم التتابع، وإن لم تبلغ قيمته ثمن هدي خير بين الأمرين الأخيرين فقط، وهما: الطعام: والصيام، ولا فرق في هذا الباببين العمد والخطأ، ولا يلزمه أن يأتي بمثل ما صاد، بل تكفي قيمته وأما العمد والمثلية الواردان في الآية الكريمة، فإن العمد ذكر فيها لأنه الغالب، والمثلية المراد بها أن يكون مثلاً في المعنى، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم، ومن قتله منكم متعمداً، فجزاء مثل ما قتل من النعم، يحكم به ذوا عدل منكم} الآية.
 هذا إذا كان الصيد غير مملوك لأحد: فإن كان مملوكاً للغير فعليه مثلان: أحدهما: الجزاء المتقدم، والثاني: لمالكه، والصيد في الحرم مطلقاً، ولو كان الصائد غير محرم، وإن صاد وذبحه لا يؤكل، ويكون كالميتة: بل يقدم أكل الميتة على هذا الصيد عند الاضطرار، وإذا أتلف عضواً أو نتف ريشاً أو نحو ذلك يلزم بالفرق، ولا شيء في قتل الهوام: كقرد، وسلحفاة، وزنبور، وفراش، وذباب، ونمل، وقنفذ، وكذلك الحية، والعقرب، والفأرة، والغراب، والكلب العقور.
 وإذا قطع حشيش الحرم لزمته قيمة ما قطع منه، كما تقدم.
 هذا.
 وقال الحنفية؛ تجب صدقة قدرها نصف صاع من بر أو قيمته لأمور: أن يطيب أقل من يوم كامل، أو ثوباً مطيباً أقل من يوم، أو يستر رأسه كذلك أو يحلق أقل من ربع الرأس أو اللحية، أو يحلق ساقه أو عضده، أو يقص ظفر أو ظفرين، أن يطوف طواف القدوم، أو الصدر محدثاً حدثاً أصغر، أن يترك شوطاً أو أقل من أشواط طواف الصدر؛ أن يحلق رأس غيره، سواء كان غيره محرماً أو لا، وأما ما يوجب صدقة أقل من نصف صاع فهو أن يقتل جرادة، فالواحدة من ذلك يتصدق لها بما شاء، والإثنتان والثلاث يتصدق لها بكف من طعام، فإن زاد على ذلك فعليه نصف صاع.
 المالكية قالوا: إذا اصطاد حيواناً في الحرم وجب عليه الجزاء الآتي بيانه.
 وكذا إذا تسبب في  موته.
 كما إذا رآه الصيد ففزع منه فوقع فمات أو ركز رمحاً فعطب فيه الصيد فمات، وهذا هو المعتمد في المذهب؛ وبعضهم يقول: لا يجب الجزاء في مثل ذلك، لأن الحاج لا يقصد صيده؛ وإذا دل محرم على الصيد فلا جزاء على الدال، ولا يجوز أكل صيد المحرم على كل حال فهو كالميتة.
 وبيضه مثل لحمه في ذلك، ويجب الجزاء في قتل الصيد المذكور، وتعريضه للتلف، كأن ينتف ريشه، ولم تتحقق سلامته، أو يجرحه كذلك، أو يطرده من الحرم فصاده صائد في الحل.
 أو هلك فيه قبل أن يعود للحرم، والجزاء الواجب في الصيد ثلاثة أنواع على التخيير: -1 - مثل الصيد من النعم، أي ما يقاربه في الصورة والقدر، فإن لم يوجد له مقارب في الصورة كفى إخراج مقارب له في القدر، ولا يجزئ من النعم في الجزاء إلا ما يصحفي الضحية، وهو ما أو في سنة إن كان من الغنم، وثلاث سنين إن كان من البقر، وخمساً إن كان من الإبل، كما ذكر من الهدي.
 2 - قيمته طعاماً، وتعتبر القيمة يوم تلفه، وبنفس المحل الذي حصل فيه التلف، فإن لم يكن له قيمة بمحل التلف اعتبرت قيمته بأقرب الأماكن إليه، وتعطي هذه القيمة لمساكين المحل الذي وجد فيه التلف، كل يأخذ مداً بمد النبي عليه الصلاة والسلام؛ 3 - صيام أيام بعدد الأمداد التي يقوم بها الصيد من الطعام، ويصوم يوماً كاملاً عن بعض المد، لأن الصوم لا يتجزأ، ولا يكون الجزاء إلا بعد حكم عدلين فقيهين بأحكامه، لأن تقدير المثل أو القيمة يحتاج إلى ذلك، والصوم لا يكون إلا بعدد الأمداد، فلا بد من التقويم أيضاً حتى يصوم، ويستثنى من المثل حمام مكة والحرم ويمامهما، ففي ذلك شاة من الضأن أو المعز، ولا يحتاج إلى حكم، فإن عجز عن الشاة صام عشرة أيام، ثم إن جزاء كل حيوان بحسبة، فإذا أراد أن يخرج المثل فعليه في صيد النعامة مثلها، والمثل هنا معناه الناقة أو الجمل، لأنهما يقاربان النعامة في القدر والصورة في الجملة، وعليه في صيد الفيل بدنة ذات سنامين.
 وعليه في حمار الوحش وبقر الوحش بقرة، وعليه في الضبع والثعلب شاة.
 والجزاء المذكور يكون بحكم عدلين فقيهين بأحكام الصيد.
 فيحكمان بالمثل.
 أو القيمة أو صيام الأيام المذكورة.
 وفي صيد الضب والأرنب واليربوع وجميع طير الحل والحرم سوى حمام الحرم ويمامه المذكورين القيمة حين الضب والأرنب واليربوع وجميع طير الحل والحرم سوى حمام الحرم ويمامه المذكورين القيمة حين إتلافه، أو صيام عشرة أيام، فهو مخير بين إخراج القيمة طعاماً، وبين الصيام على الوجه المتقدم.
 الحنابلة قالوا: من أتلف صيداً في الحرم بفعله المباشر، أو كان سبباً في إتلافه، فلا يخلو إما أن يكون ذلك الصيد مملوكاً للغير أو لا، فإن كان مملوكاً فإنه يجب على الصائد أمران: جزاء الصيد؛ ويفرق على مساكين الحرم، والضمان لمالكه بحيث يقوّم الصيد إن لم يكن له مثل، أو يشتري مثله ويعطي لمالكه، أما إذا لم يكن مملوكاً فعلى صائده الجزاء فقط، وينقسم الصيد إلى قسمين: الأول: ما له مثل من النَّعم في الخلقة: كالحمار الوحشي، وتيس الجبل ونحوهما، وحكم هذا ينقسم إلى قسمين أيضاً، أحدهما: ما ورد عن الصحابة فيه نص، ثانيهما: ما لم يرد؛ فالأول أشياء، أحدها: النعامة، فإذا اصطاد نعامة في الحرم لزمه نحر بدنة - ناقة أو جمل - وبذلك حكم عمر، وعثمان، وعلي، وغيرهم، الثاني: حمار الوحش، وتيس الجبل، ويقال له: الوعل، فمن اصطاده لزمته بقرة يذبحها 


 مبحث العمرة 
۞۞۞۞۞۞۞


 العمرة معناها في اللغة الزيارة، يقال: أعمره إذا زاره، وشرعاً زيارة البيت الحرام على وجه مخصوص سيأتي بيانه.
 


 حكمها ودليله 
۞۞۞۞۞۞۞


 》✍🔴
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام ندى المالكى
مراقبة
مراقبة
ام ندى المالكى


عدد المساهمات : 18
تاريخ التسجيل : 13/03/2012

الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته وسننه بالتفصيل   الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Icon_minitime1الخميس 18 مايو - 4:55

العمرة فرض عين في العمر مرة واحدة - كالحج - على التفصيل السابق من كونه على الفور أو التراخي، وخالف المالكية، والحنفية، فانظر مذهبيهما تحت الخط ، ودليل فرضيتها ويتصدق بها على مساكين الحرم، الثالث: الضبع، وجزاء صيده ذبح كبش، الرابع: الظبي - يعني الغزال - وجزاء صيده عنزة تذبح وتفرق على مساكين الحرم كذلك، أما صيد الثعلب فلا جزاء فيه، الخامس: الضب، وجزاء صيده جدي بلغ من العمر ستة أشهر، السادس: الأرنب فمن اصطاد أرنباً كان جزاؤه أن يذبح عناقاً؛ وهي أنثى المعز التي لها أقل من أربعة أشهر، السابع: الوبر - بسكون الباء - وهو دابة سوداء دون القط، وجزاء صيده جدي له ستة أشهر؛ الثامن: الحمام فمن اصطاد حمامة أو ما كان على شاكلتها من كل طير يهدر ويشرب بوضع منقاره في الماء فيكرع كما تكرع الشاة، ويقال لهذا الشرب - عبّ - فيشمل الدجاج والعصافير والقماري ونحوها، فجزاء من اصطاد شيئاً منها في الحرم شاة تذبح وتفرق على المساكين.
 وهذا أحد الأمرين الذي ورد فيهما حكم عن الصحابة؛ ثانيهما: ما لم يرد فيه شيء، فمن اصطاد شيئاً في الحرم من غير الأشياء المذكورة، فإنه يقوّم بمعرفة حكمين عدلين؛ ويجوز أن يكون القاتل أحد العدلين أو هما معاً إذا لم يكونا عالمين بالتحريم، أو وقع منهما ذلك خطأ لا عمداً؛ أو قتله لحاجة أكله، كما إذا لم يجد طعاماً غيره، وينبغي أن يراعى في الضمان المثل صغراً وكبراً، وصحة وسقماً، وسلامة وعيباً، ونحو ذلك.
 هذا هو حكم القسم الأول، وهو ما له مثل من النَّعم، وأما حكم القسم الثاني، وهو ما ليس له مثل من النعم، فتجب في صيده القيمة، وهو سائر الطيور سوى ما تقدم، كطير الماء، والأوز وغيرهما، وإن نتف ريش الصيد أو شعره أو وبره، فلا شيء عليه، بشرط أن يعود ما أتلفه، لأنه النقص قد زال، كما لو جرحه، واندمل جرحه، أما إذا صار عاجزاً بذلك الفعل فعليه قيمة ما نقص من ثمنه بهذا الفعل المالكية، والحنفية قالوا: العمرة سنة مؤكدة في العمر مرة لا فرض، لقوله صلى الله عليه وسلم: "الحج مكتوب، والعمرة تطوع" رواه ابن ماجة.
 وأما قوله تعالى: {وأتمو الحج والعمرة لله} فهو أمر بالاتمام بعد الشروع، والعبادة متى شرع فيها يجب إتمامها ولو كانت نفلاً، فلا يدل على الفرضية، وكذا قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: "عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة" لا قوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله} ، والمعنى ائتوا بهما تامين مستجمعين للشرائط والأركان، ويدل على الفرضية أيضاً حديث عائشة قالت: يا رسول الله: هل على النساء من جهاد؟ قال: "نعم عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمر"، رواه الإمام أحمد وابن ماجة، ورواته ثقاة: وروي عن أبي رزين العقيلي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة، ولا الظعن، قال: "حج عن أبيك واعتمر" رواه الخمسة: البخاري؛ ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة، وصححه الترمذي، وما زاد على المرة الواحدة فهو تطوع.
 

 شروطها 
۞۞۞۞۞۞۞

 يشترط للعمرة ما يشترط للحج.
 وقد تقدمت الشروط مفصلة: 

 أركان العمرة 
۞۞۞۞۞۞۞

 لها ثلاثة أركان: الإحرام، والطواف، والسعي بين الصفا والمروة عند المالكية، والحنابلة وزاد الشافعية ركنين آخرين، واقتصر الحنفية على ركن واحد؛ فانظر مذهبيهما تحت الخط .
 

 ميقاتها 
۞۞۞۞۞۞۞

 لها ميقات زماني، وميقات مكاني، فأما الزماني فهو كل السنة، فيصح إنشاء الإحرام للعمرة من غير كراهة في كل أوقات السنة، إلا في أحوال مفصلة في المذاهب، مذكورة تحت الخط .
 يدل على فرضية العمرة، لأنه يحتمل أن يراد بلفظة "عليهن" ما يشمل الوجوب والتطوع، فالوجوب بالنسبة للحج، والتطوع بالنسبة للعمرة، بدليل الحديث الأول "والعمرة تطوع": وأما فرضية الحج فقد ثبتت بقوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت} وبغيره من الأدلة السابقة في أول "مباحث الحج" الشافعية قالوا: أركان العمرة خمسة: الإحرام، والطواف، والسعي بين الصفا والمروة.
 وإزالة الشعر؛ والترتيب بين هذه الأركان.
 الحنفية قالوا: للعمرة ركن واحد، وهو معظم الطواف - أربعة أشواط - أما الإحرام فهو شرط لها، وأما السعي بين الصفا والمروة فهو واجب، كما تقدم في الحج، ومثل السعي الحلق أو التقصير، فهو واجب فقط لا ركن الحنفية قالوا: يكره الإحرام بالعمرة تحريماً في يوم عرفة قبل الزوال وبعده على الراجح،  وكذلك يكره الإحرام بها في يوم عيد النحر وثلاثة أيام بعده، كما يكره فعلها في أشهر الحج لأهل مكة، سواء كانوا مستوطنين بها أو مقيمين إذا أرادوا الحج في تلك السنة، فإن أحرم بها في وقت من هذه الأوقات لزمته بالشروع فيها، لكن مع كراهة التحريم، ويجب عليه رفضها تخلصاً من الإثم، ثم يقضيها، وعليه دم للرفض، فإن لم يرفضها صحت مع الإثم، وعليه دم، وكذلك يكره تحرمياً الجمع بين إحرامين لعمرتين، فمن أحرم بعمرة فطاف لها شوطاً واحداً، أو طاف كل الأشواط، أو لم يطف أصلاص، ثم أحرم بأخرى ارتفضت الثانية، ولو لم ينو رفضها، ولزمه قضاؤها، وعليه دم للرفض وعليه دم للجميع بين إحرامين، وإن حلق للأولى قبل الفراغ من الثانية لزمه دم آخر، أما بعد الفراغ من الثانية فلا يلزمه دم آخر، ومن أحر بحج ثم أحرم بعمرة قبل أن يطوف طواف القدوم لزماه، وصار قارناً، وأساء، لأن العمرة على إحرام الحج، ولا يندب له رفض العمرة وعليه دم شكر، وتبطل عمرته هذه بالوقوف بعرفة للحج قبل أفعالها، أما إذا أحرم بالعمرة بعد أن طاف طواف القدوم للحج، فيندب له رفض العمرة، وعليه دم للرفض، ووجب عليه قضاؤها، فإن لم يرفضها ومضى عليهما - الحج والعمرة - فعليه دمجبر، وخالف المندوب.
 المالكية قالوا: يصح الإحرام بالعمرة في كل وقت من السنة، إلا إذا كان محرماً بحج أو بعمرة أخرى؛ فلايصح الإحرام بها حتى يفرغ من أعمال الحج أو العمرة الأولى، والفراغ من أعمال الحج يكون بالوقوف والطواف والسعي ورمي الجمار في اليوم الرابع من أيام النحر، أو مضي زمن الرمي بعد زوال شمس ذلك اليوم إذا لم يرم فيه، ويندب تأخير الإحرام بها حتى تغرب شمس اليوم الرابع، فإن أحرم بها بعد زمن الرمي من ذلك اليوم؛ وقبل غروب الشمس صح الإحرام بها مع الكراهة، إلا أنه لا يشرع في شيء من أعمال هذه العمرة حتى تغرب الشمس فإن فعل شيئاً من أفعالها.
 كأن طاف أو سعى قبل الغروب، فلا يعتد به.
 ويلزمه إعادته بعد الغروب، ولا يكره الإحرام بالعمرة في يوم عرفة، ولا في أيام التشريق، ولا غيرها، وإذا أحرم بحجتين أو عمرتين، فالثاني منهما لغو لا أثر له؛ فلا ينعقد، وإذا أحرم بحج ثم أردفه بعمرة.
 فإن العمرة تكون لغواً.
 الحنابلة قالوا: تصح العمرة في كل أوقات السنة.
 ولا تكره في أيام التشريق ولا غيرها إلا أنه إذا أحرم بالحج، ثم أدخل عليه العمرة لم يصح إحرامه بها في هذه الحالة فيلغو الإحرام بها: ولا يكون قارناً؛ ولا يلزمه بالإحرام الثاني شيء، وإن أحرم بعمرتين انعقد بإحداهما، ولغت الأخرى، ومثل ذلك ما إذا أحرم بحجتين.
 الشافعية قالوا: تصح العمرة في جميع الأوقات من غير كراهة.
 إلا لمن كان محرماً بالحج فلا يصح إحرامه بالعمرة؛ فإن أحرم بها، فلا ينعقد إحرامه، كما أنه إذا أحرم بحجتين أو عمرتين فإنه ينعقد بأحدهما.
 ويلغو الآخر أما ميقاتها المكاني فهو كميقات الحج على ما سبق بيانه، إلا بالنسبة لمن كان بمكة، سواء كان من أهلها أو غريباً، فإن ميقاته في العمرة الحل وهو ما عدا الحرم الذي يحرم التعرض فيه للصيد وأفضل الحل الجعرانة، عند المالكية؛ والشافعية، وقال الحنفية؛ والحنابلة.
 أفضل الحل التنعيم، ثم الجعرانة، والجعرانة؛ مكان بين مكة والطائف.
 ثم التنعيم يليه في الفضل، وهو مكان يسمى الآن بمساجد عائشة، فيلزمه أن يخرج إلى طرف الحل، ثم يحرم بخلاف الحج، فإن ميقاته للمكي الحرم: على التفصيل السابق؛ فإذا أحرم المكي بالعمرة في الحرم، فإن لم يخرج إلى الحل صح إحرامه، وعليه دم لتركه الإحرام من الميقات، وخالف في ذلك المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط ؛ وإن خرج قبل أن يطوف ويسعى: وأحرم من الميقات فلا شيء عليه، ويندب الإكثار من العمرة، وتتأكد في شهر رمضان، باتفاق ثلاثة؛ وخالف المالكية، فانظر مذهبهم تحت الخط ، لما روي عن ابن عباس "عمرة في رمضان تعدل حجة".
 

 واجباتها، وسننها، ومفسداتها 
۞۞۞۞۞۞۞

 يجب للعمرة ما يجب للحج، وكذلك يسن لها ما يسن له؛ وبالجملة فهي كالحج في الإحرام، والفرائض والواجبات، والسنن، والمحرمات، والمكروهات، والمفسدات، إلا عند المالكية، فانظر مذهبهم تحت الخط ، والإحصار، وغير ذلك، ولكنها تخالفه في أمور: منها المالكية قالوا: إذا أحرم بالعمرة من الحرم فلا دم عليه.
 ولكن يجب عليه أن يخرج إلى الحل قبل طوافها وسعيها.
 لأن كل إحرام لا بد أن يجمع فيه بين الحل والحرم، فإن طاف للعمرة وسعى، ثم خرج للحل، فلا يعتد بذلك، وعليه إعادة الطواف والسعي حتماً بعد خروجه للحل المالكية قالوا: يكره تكرار العمرة في السنة مرتين إلا لمن كان داخلاً مكة قبل أشهر الحج، وكان ممن يحرم عليه مجاوزة الميقات حلالاً كما تقدم، فإنه لا يكره له تكرارها، بل يحرم بعمرة حين دخوله ولو كان قد تقدمت له عمرة في هذا العام.
 فإذا أراد دخول مكة في أشهر الحج دخل بحج لا بعمرة.
 لأنه لا يكره الإحرام بالحج في هذه الحالة، بخلاف الإحرام به قبل زمانه، فإنه مكروه.
 وأما فعل العمرة مرة ثانية في عام آخر فهو مندوب: وينبغي أن يقصد بها إقامة الموسم لتقع سنة كفاية عن عموم الناس، لأنها سنة كفاية كل عام بالنسبة لعموم الناس: وابتداء للسنة بالنسبة لعمرة المحرم، ولا فرق عندهم بين رمضان وغيره، فلا تتأكد فيه المالكية قالوا: يفسد العمرة ما يفسد الحج من الجماع ونحوه، إلا أن ذلك لا يفسدها إلا إذا وقع قبل تمامها بالسعي بين الصفا والمروة، ومتى فسدت وجب عليه إتمامها وقضاؤها فوراً، ونحر أنها ليس لها وقت معين، ولا تفوت، وليس فيها وقوف بعرفة، ولا نزول بمزدلفة، وليس فيها رمي جمار، ولا جمع بين صلاتين بسبب الحج، عند ثلاثة من الأئمة القائلين بأنه يجمع بين الصلاتين بسبب الحج فقط: وقال الشافعية: إن الحج والعمرة ليسا بسببين للجمع بين الصلاتين، وإنما سببه السفر فقط.
 كما تقدم في مبحثه وليس فيها طواف قدوم، ولا خطبة، وميقاتها الحل لجميع الناس، بخلاف الحج.
 فإن ميقاته للمكي الحرم، كما تقدم في "مباحث الإحرام" وتخالف العمرة الحج أيضاً في أنها سنة مؤكدة لا فرض، عند المالكية، والحنفية؛ فهذه هي الأمور التي تخالف فيها العمرة الحج، وزاد الحنفية أيضاً أمرين آخرين، فانظرهما تحت الخط .
 
 مبحث القرآن، والتمتع، والإفراد، وما يتعلق بها 
۞۞۞۞۞۞۞

 من أراد الحج والعمرةجاز له في الإحرام بهما ثلاث كيفيات: الأولى: الإفراد، وهو أن يحرم بالحج وحده، فإذا فرغ من أعماله أحرم بالعمرة وطاف وسعى لها على ما تقدم في "مبحث العمرة"؛ الثانية: القرآن، وهو الجمع بين الحج والعمرة في إحرام واحد، حقيقة، أو حكماً؛ الثالثة: التمتع، وهو أن يعتمر أولاً، ثم يحج من عامه، وفي كل ذلك تفصيل المذاهب، فانظره تحت الخط .
 هدي للفساد، وتأخير نحره إلى زمن القضاء.
 كما تقدم في "الحج".
 أما إذا وقع الجماع ونحوه بعد السعي وقبل الحلق.
 فلا تفسد العمرة.
 ويجب عليه دم كما يجب عليه دم - هدي - بإخراج المذي ونحوه.
 مما تقدم في "الحج" الحنفية قالوا: يزاد على ذلك أنه لا تجب بدنة بإفسادها، ولا بطوافها جنباً، بخلاف الحج، وإنما تجب بذلك شاة في العمرة، ويزاد أيضاً أنه ليس لها طواف وداع، كما في الحج الشافعية قالوا: الحج، والعمرة يؤديان على ثلاثة أوجه: الأول: الإفراد، وهو أن يحرم الشخص بالحج في أشهره من ميقات بلده، وبعد الفراغ من أعمال الحج كلها يحرم بالعمرة، الثاني: التمتع، وهو أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج من الميقات الذي مر عليه في طريقه، وإن كان غير ميقات بلده، ثم يأتي بأعمالها، وبعد الفراغ منها يحرم بالحج من مكة أو من الميقات الذي أحرم منه للعمرة، أو من مثل مسافته، أو من ميقات أقرب منه: فإذا أحرم بالعمرة بعد الميقات الذي مر عليه، ثم أحرم بالحج بعد الفراغ منها كان متمتعاً أيضاً، وعليه الإثم ودم لمجاوزته الميقات بدون إحرام مع إرادته: وسمي هذا متمتعاً لأنه تمتع بمحظورات الإحرام بين النسكين: الثالث: القرآن.
 وهو أن يحرم بالحج والعمرة معاً من ميقات الحج.
 سواء كان ميقات بلده أو الميقات الذي مر عليه في طريقه: فإن  كان بمكة وأحرم منها بالحج والعمرة كان قارناً.
 ولا يلزمه الخروج إلى الحل لأجل العمرة.
 لأنها مندرجة في الحج.
 تابعة له: ومن القرآن أيضاً أن يحرم بالعمرة أو لا.
 سواء كان ذلك في أشهر الحج.
 أو قبل أشهره.
 ثم يدخل الحج عليها في أشهره قبل أن يشرع في طواف العمرة: وصفة إدخال الحج على العمرة أن ينوي الحج قبل الشروع في طوافها: كما تقدم، وأما إدخال العمرة على الحج فلا يصح، ويكون لغواً: والأفضل من هذه الأوجه الثلاثة الإفراد، ويليه التمتع، ثم القران: وإنما يكون الإفراد أفضل إن اعتمر من عامه.
 فإن تأخرت العمرة عن عام الحج كان الإفراد مفضولاً، لأن تأخير العمرة عن عام الحج مكروه.
 والقارن يلزمه عمل واحد فقط، وهو عمل الحج، فيكفيه طواف واحد، وسعي واحد للحج والعمرة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أحرم بالحج والعمرة أجزأه طواف واحد، وسعي واحد عنهما حتى يحل منهما جميعاً" صححه الترمذي؛ ويجب على كل من المتمتع والقارن هدي، أما وجوب الهدي على المتمتع، فلقوله تعالى: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم} ؛ وأما وجوبه على القارن، فلما روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم ذبح عن نسائه البقر يوم النحر، وكن قارنات؛ وإنما يجب الهدي على القارن والمتمتع بشروط: الأول: أن لا يكون كل منهما من حاضري المسجد الحرام؛ والمراد بحاضري المسجد الحرام، من له مسكين بين مساكنهم، والحرام أقل من مرحلتين فإن كان من أهل هذه الجهة فلا يجب عليهما الهدي؛ الثاني: أن تقع عمرة المتمتع في أشهر الحج، فإذا أحرم بالعمرة قبل أشهر الحج، سواء أتمها قبل دخول شهور الحج أو أتمها فيها فلا يجب عليه الهدي، لأنه لم يجمع بين الحج والعمرة في أشهر الحج، فأشبه المفرد؛ الثالث، أن يحج من عامه، فإذا اعتمر في أشهر الحج ثم حج في عام آخر، أو لم يحج أصلاً، فلا دم عليه؛ الرابع: أن لا يعود المتمتع بعد فراغه من العمرة إلى الميقات الذي أحرم منه أولاً، أو إلى ميقات آخر ليحرم منه بالحج، وأن لا يعود القارن إلى الميقات بعد دخول مكة، وقبل تلبسه بنسك: كالوقوف بعرفة، وطواف القدوم، فإن عاد المتمتع إلى الميقات بعد دخول مكة، وقبل تلبسه بنسك: كالوقوف بعرفة، وطواف القدوم، فإن عاد المتمتع إلى الميقات ليحرم منه بالحج، فلا دم عليه، وكذلك إذا عاد القارن إلى أي ميقات بعد أن أحرم بهما معاً، أو بعد أن أدخل الحج على العمرة، على ما تقدم في "تعريف القران" فلا دم عليه، ووقت وجوب الدم على المتمتع هو وقت الإحرام بالحج، ويجوز على الأصح تقديمه على هذا الوقت، فيذبحه إذا فرغ من عمرته، والأفضل ذبحه يوم النحر، ولا آخر لوقته، كسائر دماء الجبر، ومن عجز عن الهدي في الحرم: إما لعدم وجوده أصلاص، أو لعجزه عن ثمنه، أو وجده يباع بأكثر من ثمن المثل، أو كان محتاجاً إلى ثمنه، ففي كل هذه الأحوال يجب عليه أن يصوم بدل الهدي عشرة من أيام: ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى وطنه، والأيام الثلاثة إنما يصومها بعد الإحرام بالحج، فلو صامها المتمتع قبل الإحرام بالحج، فلا يجزئه ذلك، ويسن أن يصومها قبل يوم عرفة، لأنه يسن قطر ذلك اليوم، فإن أخرها عن أيام التشريق أثم، وكان صومها قضاء، ولا دم عليه بالتأخير، وأما الأيام  السبعة فيصومها إذا رجع لوطنه؛ أو أي بلد يريد توطنها، فلو توطن مكة صام فيها الأيام السبعة، وإنما يجزئ صومها في وطنه إذا عاد إليه بعد الفراغ من الأعمال، فلو رجع لوطنه قبل الطواف أو السعي، فلا يجزئ صومها، نعم لو بقي عليه من أعمال الحج الحلق جاز أن يصومها في وطنه بعد أن يحلق.
 المالكية قالوا: من أراد أن يحج ويعتمر فله في الإحرام بهما ثلاث حالات: الأولى: الإرادة، وهو أن يحرم بالحج وحده، فإذا أتم أعماله اعتمر، الثاني: التمتع، وهو أن يحرم بالعمرة أولاً، بحيث يفعل بعض أعمالها، ولو ركناً واحداً في أشهر الحج، ثم يحج عن عامه، وتدخل أشهر الحج بغروب شمس آخر يوم من رمضان، فإذا أحرم بالعمرة آخر يوم من رمضان ثم انتهى من أعمالها ليلة العيد: فهو متمتع إن حج من عامه، وأما إذا انتهى من أعمال العمرة قبل غروب الشمس، ثم حج من عامه، فليس متمتعاً، لأنه لم يفعل شيئاً من أركان العمرة في أشهر الحج، الثالثة: القران، وله صورتان.
 الأولى: أن يحرم بالحج والعمرة معاً، الثانية: أن يحرم بالعمرة أولاً ثم يدخل الحج عليها قبل أن يركع ركعتي طواف العمرة، سواء كان ذلك الإدخال قبل الشروع في طواف العمرة، أو بعد الشروع فيه، قبل تمامه، أو بعد تمامه، وقبل صلاة ركعتيه، ففي كل هذه الحالات يكون قارناً، إلا أنه يكره إدخال الحج على العمرة بعد طوافها، وقبل صلاة الركعتين، فإذا أدخل الحج على العمرة بعد الشروع في طوافها أتمه على أنه نفل، واندرج الطواف المطلوب للعمرة في طواف الحج، لأن القارن يكفيه طواف واحد، وسعي واحد، كما يأتي، وكذلك إذا أدخل الحج على العمرة بعد طوافها، وقبل الركعتين فإن طوافها ينقلب تطوعاً أما إذا أدخل الحج على العمرة بعد طوافها وصلاة ركعتيه.
 فإن إحرامه بالحج يكون لغواً.
 ولا ينعقد، كما يلغو الإحرام بالحج إذا كانت العمرة التي أدخل عليها الحج على العمرة إنما يصح بشرطين: الأول: أن يكون الإرداف - إدخال الحج على العمرة - قبل صلاة ركعتي الطواف للعمرة.
 الثاني: أن تصح العمرة التي أدخل الحج عليها.
 فإذا انتفى شرط من هذين فلا يصح الإرداف.
 ولا ينعقد الإحرام بالحج.
 وأما إدخال العمرة على الحج بأن يحرم بالحج أولاً، ثم يدخل العمرة عليه.
 فلا يصح، ويكون لغواً غير منعقد لأن الضعيف لا يرتدف على القوي، وأفضل أوجه الإحرام الإفراد، ثم القران.
 ثم التمتع والقارن يلزمه عمل واحد للحج والعمرة.
 وهو عمل الحج مفرداً فيكفيه طواف واحد.
 وسعي واحد وحلق واحد للحج والعمرة.
 غاية الأمر أنه يلزمه هدي للقران.
 كما أن المتمتع أيضاً يلزمه هدي.
 قال تعالى: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج.
 فما استيسر من الهدي} وقد وردت السنة بما يفيد وجوب الهدي على القارن.
 ويشترط لوجوب الهدي على كل من القارن والمتمتع أمران: الأول: أن لا يكون متوطناً مكة، أو ما في حكمها وقت القران والتمتع، أي وقت الإحرام بالحج والعمرة معاً في إحدى صورتي القران، ووقت الإحرام، بالعمرة في الصورة الأخرى.
 وفي التمتع، وما في حكم مكة هو ما لا يقصر المسافر منها حتى يجاوزه، فإن كان متوطناً بمكة أو ما في حكمها وقت فعلهما، فلا هدي عليه، لأنه لم يتمتع بإسقاط أحد السفرين عنه، ودم  القران والتمتع إنما وجب لذلك، قال تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهل حاضري المسجد الحرام} ، فسر المالكية حاضري المسجد الحرام بأهل مكة، وما في حكمها، الثاني: أن يحج من عامه، فلو منعه من الحج في هذا العام كأن صد عنه بعدو أو غيره بعد أن قرن أو تمتع، ثم تحلل من إحرامه لأجل المانع، فلا دم عليه، ويشترط لوجوب الهدي على المتمتع شرط ثالث؛ وهو أن لا يرجع لبلده أو مثله في البعد بعد الفراغ من أعمال العمرة، وقبل الإحرام بالحج، ثم إن هدي التمتع إنما يجب بإحرام الحج، لأن التمتع لا يتحقق إلا به، وهذا الوجوب موسع، ويتضيق برمي جمرة العقبة يوم النحر، فلو مات المتمتع بعد رمي الجمرة المذكورة تعين على ورثته أن يهدوا عنه من رأس ماله، أما إذا مات قبل ذلك، فلا يلزم الورثة الإهداء عنه، لا من رأس ماله.
 ولا من ثلثه؛ وأجزأ نحر هدي التمتع بعد الإحرام بالعمرة، وقبل الإحرام بالحج؛ ومن عجز عن الهدي وجب عليه أن يوم بدله عشرة أيام.
 ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع منه، قال تعالى: {فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج؛ وسبعة إذا رجعتم} والعجز عن الهدي إما لعدم وجوده، أو لعدم وجود ثمنه، وعدم وجود من يقرضه إياه، أو لاحتياجه لثمنه في نفقاته الخصوصية، أما صوم الأيام الثلاثة فيبتدئ وقته من حين الإحرام بالحج، ويمتد إلى يوم النحر، فإن لم يصمها قبل يوم النحر صام وجوباً الأيام الثلاثة التالية له - ليوم النحر - وهي أيام التشريق، ويكره تأخير صومها إلى أيام التشري من غير عذر، فإن أخر صومها عن أيام التشريق، صامها في أي وقت شاء، سواء وصلها بالسبعة الباقية، أو لا.
 وأما السبعة الباقية فيصومها إذا فرغ من أعمال الحج، بأن ينتهي من رمي الجمار سواء رجع إلى أهله أو لا، فالمراد بالرجوع في الآية الكريمة المتقدمة {وسبعة إذا رجعتم} الفراغ من أعمال الحج.
 ويندب تأخير صومها حتى يرجع إلى أهله بالفعل.
 أما إذا صامها قبل الفراغ من أعمال الحج فلا يجزئ صومها.
 سواء كان ذلك قبل الوقوف بعرفة أو بعده.
 وكل من لزمه الهدي لنقص في حج أو عمرة.
 كأن ترك واجباً من واجبات الإحرام بأن جاوز الميقات بدون إحرام.
 أو أمذى أو فعل غير ذلك مما يوجب الهدي.
 كما تقدم في "مبحث الجنايات" ثم عجز عنه.
 وجب عليه أو يوم بدله عشرة أيام على التفصيل السابق، وإنما يصوم الأيام الثلاثة قبل أيام التشريق.
 أو فيها إذا تقدم سبب الهدي على الوقوف بعرفة.
 أما إذا حصل سببه يوم عرفة أو بعده.
 فلا يصوم الأيام الثلاثة إلا بعد أيام التشريق.
 وإذا قدر على الهدي بعد الشروع في صوم الأيام الثلاثة.
 وقبل تمامها.
 ندب له الإهداء.
 وأتم صوم اليوم الذي هو فيه تطوعاً.
 أما إذا قدر عليه بعد تمام الأيام الثلاثة فلا يندب له الرجوع للهدي.
 لكن لو رجع إليه أجزأه ولا يصوم.
 لأن الهدي الأصل.
 الحنابلة قالوا: من أراد الإحرام فهو مخير بين ثلاثة أمور: التمتع، والإفراد والقران، وأفضلها التمتع ثم الإفراد ثم القران.
 أما التمتع فهو أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، ويفرغ منها بالتحليل.
 فإن لم يحرم بها في أشهر الحج لم يكن متمتعاً.
 ويشترط أن يحج في عامه لقوله تعالى: {فمن تمتع} الآية.
 فإن ظاهره يقتضي الموالاة بينهما.
 وأما الإفراد.
 فهو أن يحرم بالحج مفرداً.
 فإذا فرغ من الحج  اعتمر العمرة الواجبة عليه إن كانت باقية في ذمته.
 وأما القران.
 فهو أن يحرم بالحج والعمرة معاً.
 أو يحرم بالعمرة.
 ثم يدخل عليها الحج قبل الشروع في طوافها.
 إلا إذا كان معه هدي.
 فإنه يصح له أن يدخل الحج على العمرة.
 ولو بعد السعي.
 ويكون بذلك قارناً؛ ويصح إدخال الحج على العمرة، وإن كان محرماً به في غير أشهر الحج، أما إذا أحرم بالحج؛ ثم أدخل عليه العمرة لم يصح إحرامه بها، ولم يصر قارناً ولا يعمل القارن شيئاً زائداً من أعمال الحج عن الفرد، فيطوف طوفاً واحداً، ويسعى سعياً واحداً، وهكذا، ويجب على المتمتع هدي لقوله تعالى: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي} الآية، وهو هدي عبادة، لا هدي جبر، وإنما يجب الهدي بسبعة شروط: أولاً: أن لا يكون المتمتع من أهل مكة أو مستوطناً بها، وأهل الحرم، وأن لا يكون بينه وبين نفس الحرم أقل مسافة القصر، فإن كان كذلك فلا يجب عليه الهدي، ثانياً: أن يعتمر في أشهر الحج، ثالثاً: أن يحج من عامه، كما تقدم، رابعاً: أن لا يسافر بين الحج والعمرة مسافة قصر فأكثر؛ فإن سافر مسافة قصر فأكثر، ثم أحرم بالحج، فلا هدي عليه، خامساً: أن يحل من العمرة قبل إحرامه من الحج فإن أحرم به قبل حله منها صار قارناً لا متمتعاً، ولزمه هدي قران، سادساً: أن يحرم بالعمرة من ميقات بلده، أو من مكان بينه وبين مكة مسافة قصر فأكثر، فلو أحرم من دون ذلك يكون من أهل المسجد الحرام، كما تقدم، وإنما يكون عليه هدي مجاوزة الميقات إن تجاوزه بغير إحرام وهو من أهل الوجوب؛ سابعاً: أن ينوي التمتع في ابتداء العمرة أو أثنائها، ويلزم هدي التمتع والقران بطلوع فجر يوم النحر، ويلزم القارن أيضاً هدي نسك إذا لم يكن من أهل المسجد الحرام، ولا يسقط هدي التمتع والقران بفسدهما، ولا يسقط بفوات الحج، وإذا قضى القارن ما فاته قارناً لزمه هديان: هدي لقرانه الأول، وهدي لقرانه الثاني، ولو ساق المتمتع هدياً فليس له أن يحل من عمرته، فيحرم بحج إذا طاف وسعى لعمرته قبل تحلله بالحلق، فإذا ذبحه يوم النحر حل من الحج والعمرة معاً، والمعتمر يحل متى فرغ من عمرته في أشهر الحج وغيرها، ولو كان معه الهدي بخلاف المتمتع، فإن كان معه هدي نحره عند المروءة، ويجوز أن ينحره في أي مكان من الحرم، ومن عجز عن الهدي بأن يم لجده يباع، أو وجده، ولم يجد ثمنه فعليه أن يصوم عشرة أيام: منها ثلاثة يوم عرفة فإن لم يصم الثلاثة قبل يوم النحر صام أيام منى وهي الثلاثة التالية ليوم العيد ولا هدي عليه في ذلك، فإن لم يصمها في أيام منى صام عشرة أيام كاملة، وعليه هدي لتأخيره واجباً من واجبات الحج عن وقته، ويجوز أن يصوم الثلاثة قبل إحرامه بالحج بعد أن يحرم بالعمرة، وأما صومها قبل إحرامه بالعمرة، فلا يجوز، أما وقت وجوب صوم الأيام الثلاثة فهو وقت وجوب الهدي، وهو ظلوع فجر يوم النحر، ولا يصح صوم السبعة بعد إحرمه بالحج بعد طواف الزيارة والسعي فإنه يصح؛ ولا يجب في صوم الثلاثة ولا السبعة تتابع، ولا تفريق؛ ومتى وجب عليه الصوم، ثم وجد الهدي، فلا يجب عليه الانتقال إليه ولو لم يشرع في الصوم، فإن شاء انتقل إليه، وإن شاء لم ينتقل وصام.
  الحنفية قالوا: من أراد الإحرام فهو مخير بين الإفراد والقران والتمسح إلا أن القران أفضل من الاثنين، والتمتع أفضل من الإفراد، وإنما يكون القران أفضل إذا لم يخش أن يترتب عليه ارتكاب محظور من محظورات الإحرام لطول الأيام التي يلزم أن يبقى فيها محرماً؛ فإذا خشي المحرم الوقوع في شيء منها كان التمتع أفضل لقلة الأيام التي يلزم فيها البقاء على الإحرام في التمتع، فيمكن للإنسان أن يضبط نفسه، أما الإفراد فهو الإحرام بالحج وحده، وأما القران فمعناه في اللغة الجمع بين شيئين، ومعناه شرعاً أن يحرم بحجة وعمرة معاً م\حقيقة أو حكماً فالجمع بينهما حقيقة هو أن يجمع بينهما بإحرام واحد في زمان واحد، والجمع بينهما حكماً هو أن يؤخر إحرام الحج عن إحرام العمرة، ثم يجمع بين أفعالهما، وذلك بأن يحرم بالعمرة أولاً، ثم قبل أن يطوف لها أربعة اشواط يحرم بالحج، فلو أحرم بالحج بعد أن طاف للعمرة أربعة أشواط لم يكن قارناً، بل متمتعاً بأن كان طوافه في أشهر الحج، وإلا لم يكن قارناً ولا متمتعاً، أما إن أحرم بالحج أولاً، ثم نوى العمرة قبل طواف القدوم فإنه يكون قارناً مع الإساءة، وبعد طواف القدوم يكون عليه هدي، كما تقدم في "مبحث العمرة" ويصح إحرام القارن من الميقات أو قبله، فإن جاوز الميقات بلا إحرام لزمه هدي، إلا إذا عاد إليه محرماً، ويصح إحرامه في أشهر الحج وقبلها إلا أن تقديم الإحرام على أشهر الحج مكروه، أما أفعال الحج والعمرة فإنه لا بد من وقوعها في أشهر الحج بأن يؤدي طواف العمرة أو أكثره، وجميع سعيها وسعي الحج في تلك الأشهر، ويسن أن يتلفظ بقوله: اللهم إني أريد العمرة والحج فيسرهما لي، وتقبلهما مني ويستحب أن يقدم العمرة في الذكر، كما يجب أن يقدمها في العمل، لأن الحج لا يكفي لعمل العمرة؛ فيجب أولاً أن يطوف للعمرة سبعة أشواط يرمل في الثلاثة الأول؛ بشرط وقوع ذلك الطواف أو العمرة؛ فيجب أولاً أن يكوف للعمرة سبعة أشواط يرمل في الثلاثة الأول؛ بشرط وقوع ذلك الطواف أو أكثره في أشهر الحج، كما تقدم آنفاً، ولو نوى بالطواف للعمرة الطواف للحج وقع طوافه عن العمرة، لأن من طاف طوافاً في وقته وقع له، سواء نواه أو لا، ثم يسعى لها، ويتم عمل العمرة بذلك، ولكن لا يتحلل منها لكونه محرماً بالحج، فيتوقف تحلله على فراغه من أفعاله أيضاً، فلو؟؟ نقص في الملف؟؟ الحنفية قالوا: لزمه دمان لجنايته على إحرامين، ثم بعد الفراغ من العمرة يشرع في أعمال الحج كما تقدم، فلو طاف فقط، ثم طاف للحج بعد ذلك ثم سعى للعمرة بعد طوافه للحج ثم سعى للحج بعد ذلك صح مع الإساءة، ولا هدي عليه بسبب ذلك، ويشترط للقران سبعة شروط، الأول: أن يحرم بالحج قبل طواف العمرة كله أو أكثره، فلو أحرم بعد أن يطوف للعمرة كل طوافها أو أكثره قبل الوقوف بعرفة، فلو لم يطف لها حتى وقف بعرفة بعد الزوال ارتفعت عمرته.
 وبطل قرانه؛ وسقطت عنه الهدي اللازم للعمرة، أما لو طاف أكثر طواف العمرة ثم وقف، فإنه يتم الباقي من طوافها قبل طواف الزيارة، الرابع أن يصون الحج والعمرة عن الفساد، فلو جامع مثلاً قبل الوقوف وقل أكثر طواف العمرة بطل قرانه، وسقط عن الهدي، الخامس: أن يطوف للعمرة طوافها كله أو أكثره في أشهر الحج، فإن طاف أكثر طوافهم قبل أشهر الحج لم يصر قارناً، السادس: أن لا يكون من أهل مكة، فلا يصح قران المكي إلا إذا خرج من مكلة إلى جهة أخرى قبل أشهد الحج.
 السابع؛ أن لا يفوته الحج فلو فاته لم يكن قارناً، وسقط عنه الهدي،  ولا يشترط لصحة القران عدم الإلمام بأهله، فيصح قران من طاف بالعمرة، ثم رجع إلى موطنه بعد طوافها دون أن يتحلل، وأما التمتع شرعاًفهو أن يحرم بالعمرة أولاً في أشهر الحج أو قبلها، بشرط أن يطوف أكثر أشواطها في أشهر الحج، ثم يحرم بالحج في سفر واحد حقيقة أو حكماً، بأن لا يعود إلى بلده بعد العمرة أصلا، أو يعود إلى بلده، ولكن يكون العود إلى مكة ثانياً مطلوباً منه لسببين: أحدهما: أن يكون قد ساق الهدي، لأن الهدي يمنعه من التحلل قبل يوم النحر؛ ثانيهما؛ أ، يعود إلى بلده قبل أن يحلق، لأنه في هذه الحالة يكون العود إلى الحرم مستحقاً عليه لوجوب الحلق في الحرم؛ ويسمى ذلك العود إلى بلده إلماماً بأهله غير صحيح؛ فلو اعتمر بلا سوق هدي، ثم عاد إلى بلده قبل الحلق كان باقياً على إحرامه، فإن رجع إلى الحج قبل أن يحلق في بلدة كان متمتعاً، لأن إلمامه بأهله لم يكن صحيحاً، أما إن حلق ببلده فقط بطل تمتعه، وإن اعتمر مع سوق الهدي فلا يخلو إما أن يتركه إلى يوم النحر أو لا، فإن تركه إلى يوم النحر فتمتعه صحيح، ولا شيء عليه سوى ذلك الهدى، سواء عاد إلى أهله أو لا، وإن تعجل ذبح هديه فإما أن يرجع إلى أهله أو لا، فإن رجع فلا شيء عليه مطلقاً، سواء حج من عامه أو لا، وبطل تمتعه، وإن لم يرجع إلى أهله، فإن لم يحج من عامه فلا شيء عليه أيضاً، وإن حج من عامه لزمه دمان دم المتعة، ودم الحل قبل أوانه، ويشترط لصحة التمتع شروط، منها أن يطوف طواف العمرة جميعه أو أكثره في أشهر الحج؛ ومنها أن يقدم إحرام العمرة على الحج؛ ومنها أن يطوف طواف العمرة كله أو أكثره قبل إحرام الحج؛ ومنها عدم إفساد العمرة ومنها عدم إفساد الحج؛ ومنها عدم الإلمام بأهله إلماماً صحيحاً، كما تقدم؛ ومنها أن يؤدي الحج والعمرة في سنة واحدة، فلو طاف للعمرة في أشهر الحج هذه السنة ثم حج في سنة أخرى لم يكن متمتعاً، وإن لم يرجع إلى أهله أو بقي محرماً إلى الثانية؛ ومنها عدم التوطن بمكة فلو اعتمر ثم عزم على المقام بمكة أبداً لا يكون متمتعاً، وإلا كان متمتعاً.
 ومنها أن لا تدخل عليه أشهر الحج وهو حلال بمكة، لأنه حينئذ يكون ليس من أهل التمتع كأهل مكة، وكذا لا تدخل عليه أشهر الحج وهو محرم، ولكن طاف للعمرة أكثر طوافها في غير أشهر الحج، وبعد أن يفرغ المتمتع من أعمال العمرة يتحلل منها إن شاء، إما بالحلق، أو التقصير، ثم يظل حلالاً إلى أن يحرم بالحج في اليوم الثامن، وهو يوم التروية، لأنه يوم إحرام أهل مكة، ويجوز له أن يؤخر الإحرام إلى اليوم التاسع، وهو يوم عرفة متى استطاع أن يقف بعرفة في زمنه، ويجب على كل من القارن والمتمتع هدي يذبح يوم النحر بعد رمي جمرة العقبة، قال تعالى: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج، فما استيسر من الهدي؛ فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجعتم، تلك عشرة كاملة} .
 والقران كالتمتع في المعنى، فيجب فيه الهدي أن وجد، كما يجب في التمتع، فإن لم يجد الهدي وجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام ولو متفرقة، والأفضل تتابعها، ويكون صومها في أشهر الحج.
 بشرط أن يكون بعد إحرام العمرة، ولا يجزئ صومها قبله، ويصوم أيضاً وجوباً سبعة أيام إذا فرغ من أعمال الحج، والأفضل فيها التتابع أيضاً، كما أن الأفضل تأخير الصيام حتى لا يبقى على العيد سوى ثلاثة أيام لجواز أن يتيسر له الهدي؛ قبل ذلك، فلا يحتاج للصوم، أما صوم الأيام السبعة فيصومها بعد الفراغ من الحج في أي وقت شاء إلا في الأيام المنهي 

۞۞۞۞۞۞۞۞
 كتاب الحج والعمرة  ﴿ 45 ﴾ 
۞۞۞۞۞۞۞۞
الى الجزء الخامس
🔴✍#منتدى_المركز_الدولى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مبارك زمزم
ادارى
ادارى
مبارك زمزم


وسام الابداع

اوفياء المنتدى

عدد المساهمات : 1838
تاريخ التسجيل : 30/10/2010

الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته وسننه بالتفصيل   الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Icon_minitime1الأحد 21 مايو - 2:13

#الحج_بالتفصيل


 الجزء الخامس


مبحث القرآن، والتمتع، والإفراد، وما يتعلق بها 
۞۞۞۞۞۞۞


 من أراد الحج والعمرةجاز له في الإحرام بهما ثلاث كيفيات: الأولى: الإفراد، وهو أن يحرم بالحج وحده، فإذا فرغ من أعماله أحرم بالعمرة وطاف وسعى لها على ما تقدم في "مبحث العمرة"؛ الثانية: القرآن، وهو الجمع بين الحج والعمرة في إحرام واحد، حقيقة، أو حكماً؛ الثالثة: التمتع، وهو أن يعتمر أولاً، ثم يحج من عامه، وفي كل ذلك تفصيل المذاهب، فانظره تحت الخط .
 هدي للفساد، وتأخير نحره إلى زمن القضاء.
 كما تقدم في "الحج".
 أما إذا وقع الجماع ونحوه بعد السعي وقبل الحلق.
 فلا تفسد العمرة.
 ويجب عليه دم كما يجب عليه دم - هدي - بإخراج المذي ونحوه.
 مما تقدم في "الحج" الحنفية قالوا: يزاد على ذلك أنه لا تجب بدنة بإفسادها، ولا بطوافها جنباً، بخلاف الحج، وإنما تجب بذلك شاة في العمرة، ويزاد أيضاً أنه ليس لها طواف وداع، كما في الحج الشافعية قالوا: الحج، والعمرة يؤديان على ثلاثة أوجه: الأول: الإفراد، وهو أن يحرم الشخص بالحج في أشهره من ميقات بلده، وبعد الفراغ من أعمال الحج كلها يحرم بالعمرة، الثاني: التمتع، وهو أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج من الميقات الذي مر عليه في طريقه، وإن كان غير ميقات بلده، ثم يأتي بأعمالها، وبعد الفراغ منها يحرم بالحج من مكة أو من الميقات الذي أحرم منه للعمرة، أو من مثل مسافته، أو من ميقات أقرب منه: فإذا أحرم بالعمرة بعد الميقات الذي مر عليه، ثم أحرم بالحج بعد الفراغ منها كان متمتعاً أيضاً، وعليه الإثم ودم لمجاوزته الميقات بدون إحرام مع إرادته: وسمي هذا متمتعاً لأنه تمتع بمحظورات الإحرام بين النسكين: الثالث: القرآن.
 وهو أن يحرم بالحج والعمرة معاً من ميقات الحج.
 سواء كان ميقات بلده أو الميقات الذي مر عليه في طريقه: فإن  كان بمكة وأحرم منها بالحج والعمرة كان قارناً.
 ولا يلزمه الخروج إلى الحل لأجل العمرة.
 لأنها مندرجة في الحج.
 تابعة له: ومن القرآن أيضاً أن يحرم بالعمرة أو لا.
 سواء كان ذلك في أشهر الحج.
 أو قبل أشهره.
 ثم يدخل الحج عليها في أشهره قبل أن يشرع في طواف العمرة: وصفة إدخال الحج على العمرة أن ينوي الحج قبل الشروع في طوافها: كما تقدم، وأما إدخال العمرة على الحج فلا يصح، ويكون لغواً: والأفضل من هذه الأوجه الثلاثة الإفراد، ويليه التمتع، ثم القران: وإنما يكون الإفراد أفضل إن اعتمر من عامه.
 فإن تأخرت العمرة عن عام الحج كان الإفراد مفضولاً، لأن تأخير العمرة عن عام الحج مكروه.
 والقارن يلزمه عمل واحد فقط، وهو عمل الحج، فيكفيه طواف واحد، وسعي واحد للحج والعمرة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أحرم بالحج والعمرة أجزأه طواف واحد، وسعي واحد عنهما حتى يحل منهما جميعاً" صححه الترمذي؛ ويجب على كل من المتمتع والقارن هدي، أما وجوب الهدي على المتمتع، فلقوله تعالى: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم} ؛ وأما وجوبه على القارن، فلما روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم ذبح عن نسائه البقر يوم النحر، وكن قارنات؛ وإنما يجب الهدي على القارن والمتمتع بشروط: الأول: أن لا يكون كل منهما من حاضري المسجد الحرام؛ والمراد بحاضري المسجد الحرام، من له مسكين بين مساكنهم، والحرام أقل من مرحلتين فإن كان من أهل هذه الجهة فلا يجب عليهما الهدي؛ الثاني: أن تقع عمرة المتمتع في أشهر الحج، فإذا أحرم بالعمرة قبل أشهر الحج، سواء أتمها قبل دخول شهور الحج أو أتمها فيها فلا يجب عليه الهدي، لأنه لم يجمع بين الحج والعمرة في أشهر الحج، فأشبه المفرد؛ الثالث، أن يحج من عامه، فإذا اعتمر في أشهر الحج ثم حج في عام آخر، أو لم يحج أصلاً، فلا دم عليه؛ الرابع: أن لا يعود المتمتع بعد فراغه من العمرة إلى الميقات الذي أحرم منه أولاً، أو إلى ميقات آخر ليحرم منه بالحج، وأن لا يعود القارن إلى الميقات بعد دخول مكة، وقبل تلبسه بنسك: كالوقوف بعرفة، وطواف القدوم، فإن عاد المتمتع إلى الميقات بعد دخول مكة، وقبل تلبسه بنسك: كالوقوف بعرفة، وطواف القدوم، فإن عاد المتمتع إلى الميقات ليحرم منه بالحج، فلا دم عليه، وكذلك إذا عاد القارن إلى أي ميقات بعد أن أحرم بهما معاً، أو بعد أن أدخل الحج على العمرة، على ما تقدم في "تعريف القران" فلا دم عليه، ووقت وجوب الدم على المتمتع هو وقت الإحرام بالحج، ويجوز على الأصح تقديمه على هذا الوقت، فيذبحه إذا فرغ من عمرته، والأفضل ذبحه يوم النحر، ولا آخر لوقته، كسائر دماء الجبر، ومن عجز عن الهدي في الحرم: إما لعدم وجوده أصلاص، أو لعجزه عن ثمنه، أو وجده يباع بأكثر من ثمن المثل، أو كان محتاجاً إلى ثمنه، ففي كل هذه الأحوال يجب عليه أن يصوم بدل الهدي عشرة من أيام: ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى وطنه، والأيام الثلاثة إنما يصومها بعد الإحرام بالحج، فلو صامها المتمتع قبل الإحرام بالحج، فلا يجزئه ذلك، ويسن أن يصومها قبل يوم عرفة، لأنه يسن قطر ذلك اليوم، فإن أخرها عن أيام التشريق أثم، وكان صومها قضاء، ولا دم عليه بالتأخير، وأما الأيام  السبعة فيصومها إذا رجع لوطنه؛ أو أي بلد يريد توطنها، فلو توطن مكة صام فيها الأيام السبعة، وإنما يجزئ صومها في وطنه إذا عاد إليه بعد الفراغ من الأعمال، فلو رجع لوطنه قبل الطواف أو السعي، فلا يجزئ صومها، نعم لو بقي عليه من أعمال الحج الحلق جاز أن يصومها في وطنه بعد أن يحلق.
 المالكية قالوا: من أراد أن يحج ويعتمر فله في الإحرام بهما ثلاث حالات: الأولى: الإرادة، وهو أن يحرم بالحج وحده، فإذا أتم أعماله اعتمر، الثاني: التمتع، وهو أن يحرم بالعمرة أولاً، بحيث يفعل بعض أعمالها، ولو ركناً واحداً في أشهر الحج، ثم يحج عن عامه، وتدخل أشهر الحج بغروب شمس آخر يوم من رمضان، فإذا أحرم بالعمرة آخر يوم من رمضان ثم انتهى من أعمالها ليلة العيد: فهو متمتع إن حج من عامه، وأما إذا انتهى من أعمال العمرة قبل غروب الشمس، ثم حج من عامه، فليس متمتعاً، لأنه لم يفعل شيئاً من أركان العمرة في أشهر الحج، الثالثة: القران، وله صورتان.
 الأولى: أن يحرم بالحج والعمرة معاً، الثانية: أن يحرم بالعمرة أولاً ثم يدخل الحج عليها قبل أن يركع ركعتي طواف العمرة، سواء كان ذلك الإدخال قبل الشروع في طواف العمرة، أو بعد الشروع فيه، قبل تمامه، أو بعد تمامه، وقبل صلاة ركعتيه، ففي كل هذه الحالات يكون قارناً، إلا أنه يكره إدخال الحج على العمرة بعد طوافها، وقبل صلاة الركعتين، فإذا أدخل الحج على العمرة بعد الشروع في طوافها أتمه على أنه نفل، واندرج الطواف المطلوب للعمرة في طواف الحج، لأن القارن يكفيه طواف واحد، وسعي واحد، كما يأتي، وكذلك إذا أدخل الحج على العمرة بعد طوافها، وقبل الركعتين فإن طوافها ينقلب تطوعاً أما إذا أدخل الحج على العمرة بعد طوافها وصلاة ركعتيه.
 فإن إحرامه بالحج يكون لغواً.
 ولا ينعقد، كما يلغو الإحرام بالحج إذا كانت العمرة التي أدخل عليها الحج على العمرة إنما يصح بشرطين: الأول: أن يكون الإرداف - إدخال الحج على العمرة - قبل صلاة ركعتي الطواف للعمرة.
 الثاني: أن تصح العمرة التي أدخل الحج عليها.
 فإذا انتفى شرط من هذين فلا يصح الإرداف.
 ولا ينعقد الإحرام بالحج.
 وأما إدخال العمرة على الحج بأن يحرم بالحج أولاً، ثم يدخل العمرة عليه.
 فلا يصح، ويكون لغواً غير منعقد لأن الضعيف لا يرتدف على القوي، وأفضل أوجه الإحرام الإفراد، ثم القران.
 ثم التمتع والقارن يلزمه عمل واحد للحج والعمرة.
 وهو عمل الحج مفرداً فيكفيه طواف واحد.
 وسعي واحد وحلق واحد للحج والعمرة.
 غاية الأمر أنه يلزمه هدي للقران.
 كما أن المتمتع أيضاً يلزمه هدي.
 قال تعالى: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج.
 فما استيسر من الهدي} وقد وردت السنة بما يفيد وجوب الهدي على القارن.
 ويشترط لوجوب الهدي على كل من القارن والمتمتع أمران: الأول: أن لا يكون متوطناً مكة، أو ما في حكمها وقت القران والتمتع، أي وقت الإحرام بالحج والعمرة معاً في إحدى صورتي القران، ووقت الإحرام، بالعمرة في الصورة الأخرى.
 وفي التمتع، وما في حكم مكة هو ما لا يقصر المسافر منها حتى يجاوزه، فإن كان متوطناً بمكة أو ما في حكمها وقت فعلهما، فلا هدي عليه، لأنه لم يتمتع بإسقاط أحد السفرين عنه، ودم  القران والتمتع إنما وجب لذلك، قال تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهل حاضري المسجد الحرام} ، فسر المالكية حاضري المسجد الحرام بأهل مكة، وما في حكمها، الثاني: أن يحج من عامه، فلو منعه من الحج في هذا العام كأن صد عنه بعدو أو غيره بعد أن قرن أو تمتع، ثم تحلل من إحرامه لأجل المانع، فلا دم عليه، ويشترط لوجوب الهدي على المتمتع شرط ثالث؛ وهو أن لا يرجع لبلده أو مثله في البعد بعد الفراغ من أعمال العمرة، وقبل الإحرام بالحج، ثم إن هدي التمتع إنما يجب بإحرام الحج، لأن التمتع لا يتحقق إلا به، وهذا الوجوب موسع، ويتضيق برمي جمرة العقبة يوم النحر، فلو مات المتمتع بعد رمي الجمرة المذكورة تعين على ورثته أن يهدوا عنه من رأس ماله، أما إذا مات قبل ذلك، فلا يلزم الورثة الإهداء عنه، لا من رأس ماله.
 ولا من ثلثه؛ وأجزأ نحر هدي التمتع بعد الإحرام بالعمرة، وقبل الإحرام بالحج؛ ومن عجز عن الهدي وجب عليه أن يوم بدله عشرة أيام.
 ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع منه، قال تعالى: {فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج؛ وسبعة إذا رجعتم} والعجز عن الهدي إما لعدم وجوده، أو لعدم وجود ثمنه، وعدم وجود من يقرضه إياه، أو لاحتياجه لثمنه في نفقاته الخصوصية، أما صوم الأيام الثلاثة فيبتدئ وقته من حين الإحرام بالحج، ويمتد إلى يوم النحر، فإن لم يصمها قبل يوم النحر صام وجوباً الأيام الثلاثة التالية له - ليوم النحر - وهي أيام التشريق، ويكره تأخير صومها إلى أيام التشري من غير عذر، فإن أخر صومها عن أيام التشريق، صامها في أي وقت شاء، سواء وصلها بالسبعة الباقية، أو لا.
 وأما السبعة الباقية فيصومها إذا فرغ من أعمال الحج، بأن ينتهي من رمي الجمار سواء رجع إلى أهله أو لا، فالمراد بالرجوع في الآية الكريمة المتقدمة {وسبعة إذا رجعتم} الفراغ من أعمال الحج.
 ويندب تأخير صومها حتى يرجع إلى أهله بالفعل.
 أما إذا صامها قبل الفراغ من أعمال الحج فلا يجزئ صومها.
 سواء كان ذلك قبل الوقوف بعرفة أو بعده.
 وكل من لزمه الهدي لنقص في حج أو عمرة.
 كأن ترك واجباً من واجبات الإحرام بأن جاوز الميقات بدون إحرام.
 أو أمذى أو فعل غير ذلك مما يوجب الهدي.
 كما تقدم في "مبحث الجنايات" ثم عجز عنه.
 وجب عليه أو يوم بدله عشرة أيام على التفصيل السابق، وإنما يصوم الأيام الثلاثة قبل أيام التشريق.
 أو فيها إذا تقدم سبب الهدي على الوقوف بعرفة.
 أما إذا حصل سببه يوم عرفة أو بعده.
 فلا يصوم الأيام الثلاثة إلا بعد أيام التشريق.
 وإذا قدر على الهدي بعد الشروع في صوم الأيام الثلاثة.
 وقبل تمامها.
 ندب له الإهداء.
 وأتم صوم اليوم الذي هو فيه تطوعاً.
 أما إذا قدر عليه بعد تمام الأيام الثلاثة فلا يندب له الرجوع للهدي.
 لكن لو رجع إليه أجزأه ولا يصوم.
 لأن الهدي الأصل.
 الحنابلة قالوا: من أراد الإحرام فهو مخير بين ثلاثة أمور: التمتع، والإفراد والقران، وأفضلها التمتع ثم الإفراد ثم القران.
 أما التمتع فهو أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، ويفرغ منها بالتحليل.
 فإن لم يحرم بها في أشهر الحج لم يكن متمتعاً.
 ويشترط أن يحج في عامه لقوله تعالى: {فمن تمتع} الآية.
 فإن ظاهره يقتضي الموالاة بينهما.
 وأما الإفراد.
 فهو أن يحرم بالحج مفرداً.
 فإذا فرغ من الحج  اعتمر العمرة الواجبة عليه إن كانت باقية في ذمته.
 وأما القران.
 فهو أن يحرم بالحج والعمرة معاً.
 أو يحرم بالعمرة.
 ثم يدخل عليها الحج قبل الشروع في طوافها.
 إلا إذا كان معه هدي.
 فإنه يصح له أن يدخل الحج على العمرة.
 ولو بعد السعي.
 ويكون بذلك قارناً؛ ويصح إدخال الحج على العمرة، وإن كان محرماً به في غير أشهر الحج، أما إذا أحرم بالحج؛ ثم أدخل عليه العمرة لم يصح إحرامه بها، ولم يصر قارناً ولا يعمل القارن شيئاً زائداً من أعمال الحج عن الفرد، فيطوف طوفاً واحداً، ويسعى سعياً واحداً، وهكذا، ويجب على المتمتع هدي لقوله تعالى: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي} الآية، وهو هدي عبادة، لا هدي جبر، وإنما يجب الهدي بسبعة شروط: أولاً: أن لا يكون المتمتع من أهل مكة أو مستوطناً بها، وأهل الحرم، وأن لا يكون بينه وبين نفس الحرم أقل مسافة القصر، فإن كان كذلك فلا يجب عليه الهدي، ثانياً: أن يعتمر في أشهر الحج، ثالثاً: أن يحج من عامه، كما تقدم، رابعاً: أن لا يسافر بين الحج والعمرة مسافة قصر فأكثر؛ فإن سافر مسافة قصر فأكثر، ثم أحرم بالحج، فلا هدي عليه، خامساً: أن يحل من العمرة قبل إحرامه من الحج فإن أحرم به قبل حله منها صار قارناً لا متمتعاً، ولزمه هدي قران، سادساً: أن يحرم بالعمرة من ميقات بلده، أو من مكان بينه وبين مكة مسافة قصر فأكثر، فلو أحرم من دون ذلك يكون من أهل المسجد الحرام، كما تقدم، وإنما يكون عليه هدي مجاوزة الميقات إن تجاوزه بغير إحرام وهو من أهل الوجوب؛ سابعاً: أن ينوي التمتع في ابتداء العمرة أو أثنائها، ويلزم هدي التمتع والقران بطلوع فجر يوم النحر، ويلزم القارن أيضاً هدي نسك إذا لم يكن من أهل المسجد الحرام، ولا يسقط هدي التمتع والقران بفسدهما، ولا يسقط بفوات الحج، وإذا قضى القارن ما فاته قارناً لزمه هديان: هدي لقرانه الأول، وهدي لقرانه الثاني، ولو ساق المتمتع هدياً فليس له أن يحل من عمرته، فيحرم بحج إذا طاف وسعى لعمرته قبل تحلله بالحلق، فإذا ذبحه يوم النحر حل من الحج والعمرة معاً، والمعتمر يحل متى فرغ من عمرته في أشهر الحج وغيرها، ولو كان معه الهدي بخلاف المتمتع، فإن كان معه هدي نحره عند المروءة، ويجوز أن ينحره في أي مكان من الحرم، ومن عجز عن الهدي بأن يم لجده يباع، أو وجده، ولم يجد ثمنه فعليه أن يصوم عشرة أيام: منها ثلاثة يوم عرفة فإن لم يصم الثلاثة قبل يوم النحر صام أيام منى وهي الثلاثة التالية ليوم العيد ولا هدي عليه في ذلك، فإن لم يصمها في أيام منى صام عشرة أيام كاملة، وعليه هدي لتأخيره واجباً من واجبات الحج عن وقته، ويجوز أن يصوم الثلاثة قبل إحرامه بالحج بعد أن يحرم بالعمرة، وأما صومها قبل إحرامه بالعمرة، فلا يجوز، أما وقت وجوب صوم الأيام الثلاثة فهو وقت وجوب الهدي، وهو ظلوع فجر يوم النحر، ولا يصح صوم السبعة بعد إحرمه بالحج بعد طواف الزيارة والسعي فإنه يصح؛ ولا يجب في صوم الثلاثة ولا السبعة تتابع، ولا تفريق؛ ومتى وجب عليه الصوم، ثم وجد الهدي، فلا يجب عليه الانتقال إليه ولو لم يشرع في الصوم، فإن شاء انتقل إليه، وإن شاء لم ينتقل وصام.
  الحنفية قالوا: من أراد الإحرام فهو مخير بين الإفراد والقران والتمسح إلا أن القران أفضل من الاثنين، والتمتع أفضل من الإفراد، وإنما يكون القران أفضل إذا لم يخش أن يترتب عليه ارتكاب محظور من محظورات الإحرام لطول الأيام التي يلزم أن يبقى فيها محرماً؛ فإذا خشي المحرم الوقوع في شيء منها كان التمتع أفضل لقلة الأيام التي يلزم فيها البقاء على الإحرام في التمتع، فيمكن للإنسان أن يضبط نفسه، أما الإفراد فهو الإحرام بالحج وحده، وأما القران فمعناه في اللغة الجمع بين شيئين، ومعناه شرعاً أن يحرم بحجة وعمرة معاً م\حقيقة أو حكماً فالجمع بينهما حقيقة هو أن يجمع بينهما بإحرام واحد في زمان واحد، والجمع بينهما حكماً هو أن يؤخر إحرام الحج عن إحرام العمرة، ثم يجمع بين أفعالهما، وذلك بأن يحرم بالعمرة أولاً، ثم قبل أن يطوف لها أربعة اشواط يحرم بالحج، فلو أحرم بالحج بعد أن طاف للعمرة أربعة أشواط لم يكن قارناً، بل متمتعاً بأن كان طوافه في أشهر الحج، وإلا لم يكن قارناً ولا متمتعاً، أما إن أحرم بالحج أولاً، ثم نوى العمرة قبل طواف القدوم فإنه يكون قارناً مع الإساءة، وبعد طواف القدوم يكون عليه هدي، كما تقدم في "مبحث العمرة" ويصح إحرام القارن من الميقات أو قبله، فإن جاوز الميقات بلا إحرام لزمه هدي، إلا إذا عاد إليه محرماً، ويصح إحرامه في أشهر الحج وقبلها إلا أن تقديم الإحرام على أشهر الحج مكروه، أما أفعال الحج والعمرة فإنه لا بد من وقوعها في أشهر الحج بأن يؤدي طواف العمرة أو أكثره، وجميع سعيها وسعي الحج في تلك الأشهر، ويسن أن يتلفظ بقوله: اللهم إني أريد العمرة والحج فيسرهما لي، وتقبلهما مني ويستحب أن يقدم العمرة في الذكر، كما يجب أن يقدمها في العمل، لأن الحج لا يكفي لعمل العمرة؛ فيجب أولاً أن يطوف للعمرة سبعة أشواط يرمل في الثلاثة الأول؛ بشرط وقوع ذلك الطواف أو العمرة؛ فيجب أولاً أن يكوف للعمرة سبعة أشواط يرمل في الثلاثة الأول؛ بشرط وقوع ذلك الطواف أو أكثره في أشهر الحج، كما تقدم آنفاً، ولو نوى بالطواف للعمرة الطواف للحج وقع طوافه عن العمرة، لأن من طاف طوافاً في وقته وقع له، سواء نواه أو لا، ثم يسعى لها، ويتم عمل العمرة بذلك، ولكن لا يتحلل منها لكونه محرماً بالحج، فيتوقف تحلله على فراغه من أفعاله أيضاً، فلو؟؟ نقص في الملف؟؟ الحنفية قالوا: لزمه دمان لجنايته على إحرامين، ثم بعد الفراغ من العمرة يشرع في أعمال الحج كما تقدم، فلو طاف فقط، ثم طاف للحج بعد ذلك ثم سعى للعمرة بعد طوافه للحج ثم سعى للحج بعد ذلك صح مع الإساءة، ولا هدي عليه بسبب ذلك، ويشترط للقران سبعة شروط، الأول: أن يحرم بالحج قبل طواف العمرة كله أو أكثره، فلو أحرم بعد أن يطوف للعمرة كل طوافها أو أكثره قبل الوقوف بعرفة، فلو لم يطف لها حتى وقف بعرفة بعد الزوال ارتفعت عمرته.
 وبطل قرانه؛ وسقطت عنه الهدي اللازم للعمرة، أما لو طاف أكثر طواف العمرة ثم وقف، فإنه يتم الباقي من طوافها قبل طواف الزيارة، الرابع أن يصون الحج والعمرة عن الفساد، فلو جامع مثلاً قبل الوقوف وقل أكثر طواف العمرة بطل قرانه، وسقط عن الهدي، الخامس: أن يطوف للعمرة طوافها كله أو أكثره في أشهر الحج، فإن طاف أكثر طوافهم قبل أشهر الحج لم يصر قارناً، السادس: أن لا يكون من أهل مكة، فلا يصح قران المكي إلا إذا خرج من مكلة إلى جهة أخرى قبل أشهد الحج.
 السابع؛ أن لا يفوته الحج فلو فاته لم يكن قارناً، وسقط عنه الهدي،  ولا يشترط لصحة القران عدم الإلمام بأهله، فيصح قران من طاف بالعمرة، ثم رجع إلى موطنه بعد طوافها دون أن يتحلل، وأما التمتع شرعاًفهو أن يحرم بالعمرة أولاً في أشهر الحج أو قبلها، بشرط أن يطوف أكثر أشواطها في أشهر الحج، ثم يحرم بالحج في سفر واحد حقيقة أو حكماً، بأن لا يعود إلى بلده بعد العمرة أصلا، أو يعود إلى بلده، ولكن يكون العود إلى مكة ثانياً مطلوباً منه لسببين: أحدهما: أن يكون قد ساق الهدي، لأن الهدي يمنعه من التحلل قبل يوم النحر؛ ثانيهما؛ أ، يعود إلى بلده قبل أن يحلق، لأنه في هذه الحالة يكون العود إلى الحرم مستحقاً عليه لوجوب الحلق في الحرم؛ ويسمى ذلك العود إلى بلده إلماماً بأهله غير صحيح؛ فلو اعتمر بلا سوق هدي، ثم عاد إلى بلده قبل الحلق كان باقياً على إحرامه، فإن رجع إلى الحج قبل أن يحلق في بلدة كان متمتعاً، لأن إلمامه بأهله لم يكن صحيحاً، أما إن حلق ببلده فقط بطل تمتعه، وإن اعتمر مع سوق الهدي فلا يخلو إما أن يتركه إلى يوم النحر أو لا، فإن تركه إلى يوم النحر فتمتعه صحيح، ولا شيء عليه سوى ذلك الهدى، سواء عاد إلى أهله أو لا، وإن تعجل ذبح هديه فإما أن يرجع إلى أهله أو لا، فإن رجع فلا شيء عليه مطلقاً، سواء حج من عامه أو لا، وبطل تمتعه، وإن لم يرجع إلى أهله، فإن لم يحج من عامه فلا شيء عليه أيضاً، وإن حج من عامه لزمه دمان دم المتعة، ودم الحل قبل أوانه، ويشترط لصحة التمتع شروط، منها أن يطوف طواف العمرة جميعه أو أكثره في أشهر الحج؛ ومنها أن يقدم إحرام العمرة على الحج؛ ومنها أن يطوف طواف العمرة كله أو أكثره قبل إحرام الحج؛ ومنها عدم إفساد العمرة ومنها عدم إفساد الحج؛ ومنها عدم الإلمام بأهله إلماماً صحيحاً، كما تقدم؛ ومنها أن يؤدي الحج والعمرة في سنة واحدة، فلو طاف للعمرة في أشهر الحج هذه السنة ثم حج في سنة أخرى لم يكن متمتعاً، وإن لم يرجع إلى أهله أو بقي محرماً إلى الثانية؛ ومنها عدم التوطن بمكة فلو اعتمر ثم عزم على المقام بمكة أبداً لا يكون متمتعاً، وإلا كان متمتعاً.
 ومنها أن لا تدخل عليه أشهر الحج وهو حلال بمكة، لأنه حينئذ يكون ليس من أهل التمتع كأهل مكة، وكذا لا تدخل عليه أشهر الحج وهو محرم، ولكن طاف للعمرة أكثر طوافها في غير أشهر الحج، وبعد أن يفرغ المتمتع من أعمال العمرة يتحلل منها إن شاء، إما بالحلق، أو التقصير، ثم يظل حلالاً إلى أن يحرم بالحج في اليوم الثامن، وهو يوم التروية، لأنه يوم إحرام أهل مكة، ويجوز له أن يؤخر الإحرام إلى اليوم التاسع، وهو يوم عرفة متى استطاع أن يقف بعرفة في زمنه، ويجب على كل من القارن والمتمتع هدي يذبح يوم النحر بعد رمي جمرة العقبة، قال تعالى: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج، فما استيسر من الهدي؛ فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجعتم، تلك عشرة كاملة} .
 والقران كالتمتع في المعنى، فيجب فيه الهدي أن وجد، كما يجب في التمتع، فإن لم يجد الهدي وجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام ولو متفرقة، والأفضل تتابعها، ويكون صومها في أشهر الحج.
 بشرط أن يكون بعد إحرام العمرة، ولا يجزئ صومها قبله، ويصوم أيضاً وجوباً سبعة أيام إذا فرغ من أعمال الحج، والأفضل فيها التتابع أيضاً، كما أن الأفضل تأخير الصيام حتى لا يبقى على العيد سوى ثلاثة أيام لجواز أن يتيسر له الهدي؛ قبل ذلك، فلا يحتاج للصوم، أما صوم الأيام السبعة فيصومها بعد الفراغ من الحج في أي وقت شاء إلا في الأيام المنهي 


 تعريفه 
۞۞۞۞۞۞۞


 هو ما يهدي من النعم للحرم، ويكون من الإبل والبقر والغنم، وهي على هذه الترتيب في الأفضلية: الإبل، ويليها البقر، ثم الغنم، ولا يجزئ من الإبل إلا ما أكمل خمس سنوات ودخل في السادسة، ولا يجزئ من البقر إلا ما له سنتان كاملتان - ودخل في الثالثة، وخالف المالكية، فانظر مذهبهم تحت الخط ، أما ما يجزئ من الغنم ضأناً ومعزاً، ففيه تفصيل المذاهب المذكور تحت الخط .
 


🟢 أقسام الهدي 
۞۞۞۞۞۞۞


 ينقسم الهدي إلى ثلاثة أقسام: الأول: واجب لعمل في الحج والعمرة، كهدي التمتع والقران ويسميه الحنفية دم شكر، وكالهدي اللازم لترك واجب من الواجبات، كما تقدم، والثاني: منذور وهو واجب أيضاً لكن بالنذر، الثالث: تطوع، وهو ما تبرع به المحرم.
 عنها، كأيام التشريق، فإن صامها فيها فلا يجزئه، فإن لم يصم الأيام الثلاثة حتى جاء يوم النحر، يجزئه إلا الهدي، فإن لم يقدر على الهدي تحلل، ووجب عليه هديان في ذمته: أحدهما، للقران أو التمتع، والثاني: للتحلل قبل ذبح الهدي، ولو قدر على الهدي قبل التحلل من الحج بالحلق أو التقصير بطل صومه ورجع للهدي، وقد علمت أن القران والتمتع لا يصحان ممن كان داخل الحرم، قال تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام} وحاضرو المسجد الحرام من كانوا داخل المواقيت، وهم أهل الحرم المالكية قالوا: لا يجزئ من البقر إلا ما له ثلاث سنين ودخل في الرابعة دخولاً ما، ولو بيوم الشافعية قالوا: يجزئ من الضأن الجذع، وهو ما له سنة كاملة على الأصح، أو ماله ستة أشهر إذا سقطت مقدم أسنانه، ومن المعز المثنى، وهو ما له سنتان.
 الشافعية قالوا: يجزئ من الضأن ما أكمل سنة ودخل في الثانية دخولاً ما، ولو بيوم، ومن المعز ما أكمل سنة، ودخل في الثانية دخولاً بيناً بشهر ونحوه.
 الحنابلة قالوا: يجزئ من الضأن ما له ستة أشهر، ومن المعز ما له سنة واحدة.
 الحنفية قالوا: لا يجزئ من الغنم إلا ما له سنة كاملة، سواء كان من الضأن أو من المعز، إلا إذا كان الضأن سميناً، فإنه يجزئ منه ما زاد عن نصف سنة إذا كان لا يفرق بينه وبين ما له سنة لسمنه 


 وقت ذبح الهدي ومكانه 
۞۞۞۞۞۞۞


 وفي وقت ذبح الهدي ومكانه تفصيل في المذاهب، مذكور تحت الخط .
 الحنابلة قالوا: ابتداء وقت ذبح الهدي بجميع أنواعه يوم العيد بعد الصلاة، ولو قبل الخطبة، والأفضل أن يكون بعدها.
 وآخره آخر اليوم الثاني من أيام التشريق، وهو الثالث من يوم النحر؛ فأيام النحر ثلاثة: يوم العيد، وتاليه، ويكره ذبحه ليلة الثاني والثالث من أيام العيد، والأفضل ذبحه في اليوم الأول، وإن ذبح قبل وقته لم يجزئه ووجب عليه بدله وإن فات وقته، فإن كان تطوعاً سقط عنه، وإن كان واجباً ذبحه قضاء؛ وأما مكان ذبحه فهو الحرم، فيجزئ نحره في أي ناحية منه، إلا أن الأفضل للمعتمر أن ينحره عند المروة، وللحاج أن ينحره بمنى، فإن نحره في غير الحرم فلا يجزئ إلا إذا عطب قبل الوصول، فينحره في مكان عطبه.
 الحنفية قالوا: تتعين أيام النحر الثلاثة: يوم العيد، وتاليه، لذبح هدي القران والتمتع؛ ويكون الذبح بعد رمي جمرة العقبة؛ كما تقدم، فإن ذبح قبل أيام النحر لم يجزئه وإن ذبح بعدها أجزأه، وعليه هدي لتأخير الذبح عن أيام النحر، أما غير هدي القران والتمتع فلا يتقيد ذبحه بزمان، وأما مكان ذبح الهدي مطلقاً فهو الحرم، ويسن ذبحه بمنى إن كان الذبح في ايام النحر، وإن كان في غيرها فمكة أفضل، إلا البدنة المنذورة، فلا يتقيد ذبحها بالحرم.
 الشافعية قالوا: يدخل وقت ذبح الهدي الواجب النذر، أو الهدي المندوب بمضي زمن يسع صلاة العيد، وخطبتين معدلتين بعد طلوع الشمس يوم العيد، ويمتد ذلك الوقت إلى غروب الشمس من آخر أيام التشريق، ويجوز ذبحه ليلاً ونهاراً في ذلك الوقت، إلا أنه يكره ذبحه ليلاً إلا لضرورة؛ كما إذا حضر مساكين محتاجون للأكل من الهدي ليلاً، فإن فات الوقت المذكور - بأن مضت أيام التشريق - لزمه ذبح الهدي قضاء إذا كان منذوراً، وإلا فات وقته فإذا ذبحه كان مجرد لحم لا هدياً؛ أما الهدي الواجب بسبب فعل محظور من أفعال الحج، فإن وقته يكون بعد وقوع سببه.
 إلا دم الفوات فإنه يكون في حجة القضاء، وأما الهدي الواجب على المتمتع فوقته إحرامه بالحج، ويجوز تقديمه على الإحرام بالحج إذا فرغ من عمرته، ولا آخر لوقته، والأفضل ذبحه يوم النحر.
 وأما مكان ذبحه فهو الحرم بالحج إذا فرغ من عمرته، ولا آخر لوقته.
 والأفضل ذبحه يوم النحر.
 وأما مكان ذبحه فهو الحرم فلا يجوز ذبحه بغيره، فحيث نحر الهدي أجزأه في أي جزء من أجزاء الحرم إلا أن السنة للمعتمر أن ينحره بمكة.
 لأنها موضع تحلله.
 والأفضل عند المروة.
 ومكان ذبح هدي المحصر هو المحل الذي أحصر فيه.
 والأفضل أن يبعثه إلى الحرم.
 والسنة للحاج أن ينحره بمنى، لأنها موضع تحلل الحاج.
 المالكية قالوا: ابتداء نحر الهدي يوم العيد، ويندب أن يكون بعد رمي جمرة العقبة.
 ويدخل وقت الرمي من طلوع فجر يوم النحر: ويندب تأخيره إلى أن تطلع الشمس.
 كما تقدم.
 في "مندوبات الحج" ويمتد وقته إلى آخر اليوم الثالث من أيام العيد.
 فأيام النحر ثلاثة: يوم العيد، وتاليه ولو فاتت 


 مبحث الأكل من الهدي ونحوه 
۞۞۞۞۞۞۞


 ويجوز لرب الهدي أن يأكل منه؛ على تفصيل في المذاهب مذكور تحت الخط .
 هذه الأيام الثلاثة ذبحه أيضاً، وأما مكان ذبحه فهو منى.
 بشروط ثلاثة: الأول: أن يكون مسوقاً في إحرام الحج، الثاني: أن يقف بالهدي بعرفة جزءاً من ليلة يوم النحر أو يوقف الهدي بغير عرفة من الحل.
 كالتنعيم ويقوم وقوف نائبه به مقام وقوفه.
 الثالث: أن يريد نحره في يوم من الأيام الثلاثة السابقة، فإن انتفى شرط من هذه الشروط.
 كأن ساقه في حال إحرامه بالعمرة أو اشتراه من مكة.
 أو لم يقف به لا هو ولا نائبه بعرفة ليلة النحر، أو أراد نحره بعد الأيام الثلاثة، فمحل ذبحه مكة لا يجزئ ذبحه بغيرها.
 وكل نواحي مكة صالحة للذبح فيها.
 لكن الأفضل أن يكون عند المروة، ولو ذبح ما استوفى الشروط السابقة بمكة أجزأ مع الإثم لتركه الواجب، وهو ذبحه بمنى الحنفية قالوا: هدي القران والتمتع، ويسمى هدي الشكر، كما تقدم؛ يندب لربه أن يأكل منه، كما يندب الأكل من هدي التطوع، إلا إذا عطب في الطريق؛ فذبحه قبل أن يبلغ محله فإن الواجب حينئذ تركه في محل عطبه مذبوحاً بعد أن يلطخ قلادته بدمه، ليعلم الفقراء أنه هدي تطوع؛.
 أما هدي النذر فلا يجوز الأكل منه، لأنه صدقة؛ فهو الحنفية قالوا: للفقراء.
 فإذا أكل ضمن منه قيمته؛ وهدي الكفارات، وهو ما وجب جبراً لنقص، ومثله هدي الإحصار لا يجوز الأكل منه أيضاً، فلو أكل ضمن القيمة، وحيث جاز له الأكل من الهدي، فيستحب أن يجعله أثلاثاً، فيأكل الثلث، ويتصدق بالثلث، ويهدي الثلث، كالأضحية؛ ويتصدق المهدي بجلال الهدايا وعظامها وجلدها، ولا يعطي الجزار أجرته من لحمها؛ ولا يجوز لرب الهدي أن ينتفع بلبنه، فلو انتفع به ضمن قيمته للفقراء.
 المالكية قالوا: ما يذبح في الحج أو العمرة من الهدايا وجزاء الصيد، وفدية الأذى بعضها يجوز لربه أن يأكل منه، وبعضها لا يجوز له الأكل منه، وهي بالنسبة لذلك تنقسم أربعة أقسام: القسم الأول: ما لا يجوز الأكل منه مطلقاً، أي سواء بلغ محل الذبح المعتاد - منى أو مكة، كما تقدم - سليماً ثم ذبح، أو حصل له عطب قبل بلوغ المحُل، فذبح في الطريق، وذلك القسم هو ثلاثة أشياء: الأول؛ النذر المعين المجعول للمساكين باللفظ أو النية، كأن يقول: هذا الحيوان نذر لله علي للمساكين، أو يقول: هذا الحيوان نذر لله علي ونوى أنه للمساكين، الثاني؛ هدي التطوع إذا جعله للمساكين، الثالث: فدية الأذى إذا لم ينو بها الهدي: فهذه الثلاثة يحرم على ربها الأكل منها مطلقاً، وإنما حرم عليه الأكل من النذر المعين الذي جعله للمساكين، لأنه بالتعيين لا يلزم بدله إذا عطب قبل بلوغ محله، فلذا جاز له الأكل منه إذا عطب قبل المحل؛ ولا يجوز له الأكل منه إذا وصل محله سالماً، لأنه جعل للمساكين، كما أن هدي التطوع نظراً لجعله للمساكين يحرم الأكل منه مطلقاً: وأما فدية الأذى إذا لم تجعل هدياً فهي عوض عن الترفيه الذي حصل للمحرم بإزالة الشعث ونحوه، فذلك لم يجز له الأكل منها: القسم الثاني: ما يجوز الأكل منه إذا عطب قبل بلوغ الحل، ولا يجوز الأكل منه إذا بلغ  المحل سالماً؛ وهذا القسم هو النذر غير المعين إذا جعله للمساكين، كأن يقول؛ لله علي هدي للمساكين.
 وفدية الأذى إذا نوى بها الهدي؛ وجزاء الصيد، فهذه الثلاثة يجوز لربها الأكل منها إذا عطبت قبل المحل، لأن عليه بدلها؛ ولا يجوز الأكل منها إذا بلغت سالمة، لأنه حَق للمساكين بالنسبة إلى النذر، وبدل من الترفه بالنسبة إلى الفدية، وقيمة للصيد بالنسبة إلى الجزاء؛ القسم الثالث: ما لا يجوز الأكل منه قبل المحل، ويجوز الأكل منه بعده، وهو هدي التطوع والنذر المعين إذا لم يجعل كل منهما للمساكين، فلا يجوز الأكل منهما قبل المحل، لأنه لا يجب عليه بدلهما، فلو جاز له الأكل لاتهم بأنه هو الذي تسبب في عطبهما قبل أن يبلغا محل الذبح أو النحر ليأكل منهما، وأما بعد المحل فله أن يأكل منهما، لأنهما لم يعينا للمساكين، القسم الرابع: ما يجوز لربه الأكل منه مطلقاً قبل المحل وبعده: وذلك هو ما عدا الأقسام الثلاثة المتقدمة، كالهدي الواجب عليه لترك واجب من واجبات الحج، والنذر غير المعين إذا لم يجعله للمساكين، وهدي القران والتمتع، فله أن يأكل من ذلك مطلقاً، وحيث جاز له الأكل، فله أن يتزود، ويطعم الغني والفقير، وإذا أكل رب الهدي من الممنوع أن يأكل منه، فإنه يضمن بدل ما أكله هدياً كاملاً، إلا إذا أكل من النذر المعين المجعول للمساكين، فإنه يضمن قدر ما أكله فقط على المعتمد، وحكم زمام الحيوان وجله، وهو ما يجعل على ظهره، حكم اللحم فما لا يجوز له الأكل منه لا يجوز له أخذ زمامه ولاجله، بل يدعه للفقراء، كاللحم، فإن أخذ شيئاً من ذلك رده للفقراء إن بقي، فإن أتلفه ضمن قيمته لهم، وما يجوز له الأكل من لحمه يجوز له أخذ زمامه وجله، ويكره الانتفاع بلبن الهدي بعد تقليده أو إشعاره، لأنه خرج قربة لله تعالى بالتقليد أو الإشعار، ومحل الكراهة ما لم يضر أخذ اللبن بالفصيل، أو بأمه، وإلا كان حراماً، ويكره أيضاً ركون الهدي، والحمل عليه لغير ضرورة.
 الحنابلة قالوا: يندب للمهدي أن يأكل من هدي التطوع، ويهدي للغير منه، ويتصدق بأن يأكل الثلث: ويهدي أهله الثلث، ويعطي المساكين الثلث، كالأضحية، فإن أكل الكل ضمن للمساكين الثلث، أما الهدي الواجب فلا يجوز الأكل منه، سواء كان وجوبه بالنذر أو بالتعيين، بأن قال؛ هذا هدي، أو بتقليده أو بإشعاره، ويستثنى من ذلك هدي التمتع والقران، فإنه يجوز الأكل منه وإن كان واجباً، فإن أكل مما لا يجوز له الأكل منه ضمن مثله لحماً للمساكين، ويحرم على المهدي بيع جلود الهدايا وجلالها ولكن يجوز الانتفاع بها، كما يحرم إعطاء الجزار أجرته منها، ويجوز له أن ينتفع بلبنها، بشرط أن يكون فاضلاً عن أولادها، ويحرم شرب ما لم يفضل عنها وضمنه.
 الشافعية قالوا: لا يجوز للمهدي أن يبيع شيئاً من الهدي، سواء كان واجباً أو تطوعاً، ويجب ان يتصدق بجميع الهدي الواجب حتى جلده، ولا يجوز أخذ شيء منه، وإن كان تطوعاً جاز الانتفاع بجلده وادخار الشحم وبعض اللحم للأكل والهدية، ويجب أن يتصدق ببعض اللحم، ولو قليلاً، بشرط أن لا يكون،؟؟ هاً عرفاً، وأن يكون نيئاَ، فالذي يجوز الأكل منه هو هدي التطوع، والذي لا يجوز الأكل منه هو الهدي الواجب 


 ما يشترط في الهدي 
۞۞۞۞۞۞۞


 يشترط فيه أن يكون سليماً من العيوب التي تمنع الإجزاء في الأضحية، فلا يجزئ الأعور، ولا الأعمى، ولا العجفاء: وهي الهزيلة التي لا مخ في عظامها، ولا العرجاء التي لا تسير بسير الصحيح من جنسها، ولا المريضة التي مرضها بين ونحو ذلك مما هو مبين في "مباحث الأضحية" الآتية.
 


۞۞۞۞۞۞۞۞
 كتاب الحج والعمرة   
۞۞۞۞۞۞۞۞



‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗








الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Aaa_ao10
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مبارك زمزم
ادارى
ادارى
مبارك زمزم


وسام الابداع

اوفياء المنتدى

عدد المساهمات : 1838
تاريخ التسجيل : 30/10/2010

الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته وسننه بالتفصيل   الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Icon_minitime1الأحد 21 مايو - 2:23

🟢🕋✍  #الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته وسننه بالتفصيل✍🕋🟢
🟢الجزء السادس🟢


 إذا امتنع من الحج أو فاته ويقال له الإحصار
 والفوات 


الإحصار في اللغة المنع، وفي الشرع منع المحرم عن إتمام ما يوجبه الإحرام قبل أداء ركن النسك؛ والفوات هو أن يفوته الوقوف بعرفة، وفي أحكامها تفصيل المذاهب مذكور تحت الخط .
 الحنفية قالوا: أسباب المنع من إتمام النسك تنقسم إلى شرعية وحسية: فالشرعية هي أن تفقد المرأة زوجها؛ أو محرمها بعد الدخول في الإحرام بموت أو طلاق، مثل ذلك ما إذا منعها زوجها من حج التطوع، وكذا إذا فقد نفقة، وكان لا يقدر على المشي، والحسية هي كأن يوجد عدو آدمي أو غيره يحول بين المحرم وبين المضي في النسك، أو يعرض له مرض أو حبس، وحكم الإحصار هو أن يبعث المحصر بالهدي أو بثمنه ليشتري به هدي يذبح عنه في الحرم، ولا يجوز له أن يتحلل حتى يذبح الهدي ويجب أن يتفق على يوم معين يذبح فيه الهدي ليكون على بينة منه، فلا يطول عليه الإحرام، ولو فعل شيئاً من محظورات الإحرام قبل ذبح الهدي، فإنه يجب عليه بسببه ما يجب على المحرم إذا لم يكن محصراً، وإن حل في يوم وعده على ظن أن الهدي قد ذبح ثم تبين أنه لم يذبح كان محرماً؛ وعليه دم لإحلاله قبل وقته.
 أما لو ذبح الهدي قبل يوم الوعد.
 فإنه يجوز.
 ولا يشترط في التحلل الحلق ولو حلق فحسن ثم إذا تحلل المحصر بالهدي فإن كان مفرداً بالحج فعليه قضاء حجة وعمرة من قابل إذا لم يرتفع الإحصار قبل فوات حج عامه.
 وإن كان مفرداً بالعمرة فعليه عمرة مكانها.
 وإن كان قارناً فإنما يتحلل بذبح هديين.
 وعليه عمرتان وحجة.
 هذا إذا تحلل بالهدي.
 أما إذا تحلل بالعمرة فإن كان مفرداً فليس عليه سوى قضاء الحج فقط وإن كان قارناً فعليه حج وعمرة؛ وإذا زال الإحصار بعد أن بعث بالهدي فلا يخلو إما أن يتمكن من إدراك ما أحرم به.
 وإدراك الهدي معاً.
 أو يتمكن من إدراك أحدهما.
 أو لا يتمكن من إدراك شيء.
 فإن كان الأول لزمه أن يمضي في إتمام نسكه.
 وله أن يفعل بهديه ما يشاء.
 وإن كان الثاني.
 فإن كان متمكناً من إدراك الهدي فقط، فلا يلزم الذهاب لفوات المفصود، وله أن يتحلل بعمرة، وإن كان متمكناً من إدراك النسك جاز له أن يمضي في إتمامه، وجاز له أن يتحلل، وإن كان الثالث يتحلل، وله  أن يتحلل بعمرة، ومن فاته الحج بأن وقف في غير زمان الوقوف فعليه أن يطوف ويسعى ويتحلل، ويقضي من قابل، ولا دم عليه.
 الحنابلة قالوا: إذا طلع فجر يوم النحر على من أحرم بالحج ولم يقف بعرفة في وقته لعذر أو لغير عذر فاته الحج في ذلك العام، وتحول إحرامه إلى عمرة إن لم يختر بقاؤه على إحرامه ليحج من العام القابل بذلك الإحرام؛ ولا تجزئ هذه العمرة التي انقلب إليها إحرامه عن عمرة الإسلام، وعلى من فاته الحج قضاء هذا الحج الفائت، ولو كان نفلاً: وعليه هدي من الفوات يؤخر ذبحه إلى حجة القضاء فإن عدم الهدي وقت الوجوب، وهو طلوع فجر يوم النحر صام كما يصوم المتمتع، ومن منع من الوصول إلى البيت الحرام، ويسمى محصراً، سواء منع بعد الوقوف بعرفة أو قبله، أو كان منعه في إحرام العمرة، وجب عليه ذبح هدي بنية التحلل، فإن لم يجده صام عشرة أيام بنية التحلل، وقد حل بذلك من إحرامه، ويباح التحلل من الإحرام لحاجة، كأن احتاج إلى بذل مال كثير لمسلم أو كافر، أو لقتال، أو بذل مال يسيرلكافر لا مسلم، ولا قضاء على من تحلل قبل فوات الحج، وكذلك من جن أو أغمي عليه، فإن لم يتحلل المحصر إلا بعد فوات الحج لزمه القضاء، ومن منع عن طواف الإفاضة وقد وقف بعرفة ورمى وحلق لم يتحلل حتى يطوف طواف الإفاضة، ويسعى إذا لم يكن سعى، وكذا لا يتحلل إن حصر عن السعي فقط، وذلك لأن الشرع جاء بالتحلل من إحرام تام يحرم جميع المحظورات: وهذا لا يحرم إلا النساء فقط، ومن حصر عن واجب أو رمي جمار لم يتحلل، وعليه دم لترك الواجب، كما لو تركه اختياراً، ومن كان محرماً بالحج ولم يتمكن من الوقوف بعرفة أو أمكنه الوصول إلى مكة تحلل بعمل عمرة، ولا شيء عليه، فإن كان من فاته الوقوف بعرفة وأحصر قد طاف وسعى قبل ذلك وجب أن يتحلل بطواف وسعي آخرين، ومن أحصر بمرض، أو بفقد نفقة، أو بعدم اهتدائه إلى الطريق بقي محرماً حتى يقدر على البيت الحرام، لأنه لا يستفيد بالتحلل انتقالاً من حال إلى أحسن منها، فإن فاته الحج تحلل بعمرة، ولا ينحر هدياً كان معه إلا بالحرم، فليس كمن حصره عدو، والصغير كالبالغ في جميع ما تقدم، ومن قال في أول إحرامه: نويت الإحرام بالسك الفلاني فيسره لي وتقبله مني، وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، فله أن يتحلل مجاناً في جميع ما تقدم ولا قضاء عليه.
 الشافعية قالوا: إذا طلع فجر يوم النحر قبل حضور المحرم في جزء من أرض عرفة فاته الحج، ويجب به الدم على من كان محرماً بالحج فقط، أو كان قارناً، ويجب على من فاته الوقوف بعرفة أن يتحلل بعمل عمرة بأن يأتي بالأعمال الباقية من أعمال الحج غير الوقوف بنية التحلل، فيطوف ويسعى إن لم يكن سعى، ويسقط عنه بفوات الحج المبيت بمنى وبمزدلفة ورمي الجمار، ويحلق من غير نية العمرة، ولا تغني هذه العمرة عن عمرة الإسلام، وعليه القضاء فوراً من قابل، ولو فاته بعذر ولو كان الحج نفلاً، ولو كان غير مستطيع؛ ولو كان بينه وبين مكة مرحلتان فأكثر، ويلزمه مع القضاء دم كدم  التمتع، وقد تقدم، ولا يصح ذبحه في سنة الفوات، فإن كان قارناً وفاته الوقوف لزمه ثلاثة دماء: دم للفوات، ودم للقران، ودم له أيضاً في القضاء، وإن أفرد في القضاء لأنه التزم القران بالإحرام؛ أما لو نشأ الفوات عن حصر، كمن أحصر عن إتمام نسك من حج أو عمرة بعدوٍّ، أو حبس من أمير ونحوه ظلماً، أو بدّين لا يتمكن من أدائه، وليس له بينة تشهد بإعساره، ولم يغلب على ظنه انكشاف المانع في مدة يمكنه إدراك الحج فيها إن كان حاجاً، أو في ثلاثة أيام إن كام معتمراً، فإنه إذا أراد التحلل تحلل بالذبح؛ ثم الحلق بنية التحلل بهما إن كان واجداً للدم، وبالحلق فقط إن لم يجد دماً، ولا طعاماً لإعسار أو غيره بنية التحلل، والأولى للمحصر المعتمر الصبر عن التحلل، وكذا للحاج إن اتسع الوقت، وإلا فالأولى التعجيل لخوف الفوات، نعم يمتنع تحلله إن كان في الحج، وغلب على ظنه زوال الحصر في مدة يمكنه إدراك الحج بعدها، أو في العمرة وتيقن قرب زوال المانع في ثلاثة أيام، ومن الأعذار المجوزة للتحلل المرض.
 فإنه إن شرط التحلل بذلك عند ابتداء الإحرام.
 كأن قال في حال النية: إذا مرضت فأنا حلال، يصير حلالاً بمجرد المرض، وأما إن قال: إن مرضت تحللت فإن كان شرطه في تحلله الهدي تحلل بذبح، ثم حلق بنية التحلل فيهما، ونفاذ النفقة، ويذبح المحصر حيث أحصر ولو في غير الحرم، أو يرسل إلى الحرم ليذبح فيه لكنه لا يتحلل حتى يعلم بنحره؛ ولا يرسل الدم إلى غير الحرم، فلو أحصر في الحرم تعين الذبح فيه، ثم إن كان نسكه تطوعاً فلا قضاء عليه، وإن كان فرضاً بقي في ذمته على ما كان عليه من قبل، وإن أحصر ومنع من عرفة دون مكة وجب عليه دخولها، والتحلل بعمرة، وإن منع من مكة دون عرفة وقت وتحلل، ولا قضاء فيهما على الأظهر، والواجب بالإحصار شاة تجزئ في الأضحية؛ فإن عجز حساً أو شرعاً أخرج بقيمة الشاة طعاماً تجزئ في الفطرة، وفرقه على مساكين ذلك المحل، فإن عجز عنه صام عن كل مدّ يوماً، ولا تجب الفدية لعدم تعديه.
 المالكية قالوا: الإحصار هو المنع من أداء النسك، كأن يمنع المعتمر من دخول مكة كما وقع عام الحديبية حين صد المشركون النبي صلى الله عليه وسلم ومنعوه من دخول مكة بعد أن أحرم بالعمرة، وكأن يمنع الحاج من الطواف بالبيت.
 أو السعي بين الصفا والمروة، أو من الوقوف بعرفة، أو من جميع ذلك سواء كان المنع ظلماً كأن يحول الكفار بين المسلمين وبين مكة، أو تقع فتنة بين المسلمين بعضهم مع بعض، فتتغلب الفئة الباغية وتحول بين الناس وبين الأرض المقدسة - مكة وما حواليها من مواطن النسك - أو كان المنع بحق، كأن يماطل المدين في أداء ما عليه من الدين مع القدرة عليه؛ فيحبس ليؤدي ما عليه، والفوات هو عدم أداء الحج بعدم التمكن من عرفة لمرض منعه من الوقوف بها، أو لخطأ أهل الموسم، كأن يقفوا في اليوم الثامن من ذي الحجة، ولم يعلموا خطأهم حتى مضى وقت الوقوف، وهو ليلة العاشر؛ كما سبق، ولا يتأتى فوات الحج إلا بذلك، لأن الحاج متى أدرك عرفة فقد أدرك الحج فإن ما يبقى بعد الوقوف من الطواف والسعي يصح في كل وقت، وليس له وقت معين ومن  كان معتمراً ومنع عن مواضع النسك، أو كان محرماً بالحج ومنع من البيت الحرام وعرفة معاً؛ فإن كان المنع ظلماً فالأفضل له أن يتحلل من إحرامه بالنية، بأن ينوي الخروج من الإحرام، ومتى نوى ذلك صار حلالاً، فلا يحرم عليه مباشرة النساء، ولا التعرض للصيد، ولا التطيب؛ ولا غير ذلك مما يحرم على المحرم، ويسن للمتحلل أن يحلق، وإن كان معه هدي فينحره بمكانه الذي هو به إن لم يتيسر له بعثه بمكة؛ وإلا بعثه؛ وإن لم يكن معه هدي فلا يجب عليه، وقوله تعالى: {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي} محمول على ما إذا كان الهدي مع المحصر من قبل، كأن ساقه تطوعاً، إنما يباح له التحلل بثلاثة شروط: الأول: أن لا يعلم المانع قبل الإحرام عند المنع، بل يتعين البقاء على إحرامه حتى يؤدي نسكه، ولو ثاني عام؛ لأنه داخل على ذلك، الثاني: أن ييأس من زوال المانع قبل فوات الحج، بأن يعلم أو يظن أنه لا يزول المانع قبل فوات الوقوف بعرفة، فإن لم ييأس انتظر لعله يزول، الثالث: أن يكون الوقت متسعاً لإدراك الحج عند الإحرام به، بحيث إذا لم يمنع يتأتى له إدراكه، أما إذا لم يتمكن من إدراك الوقوف على فرض عدم وجود المانع؛ ثم حصل المنع، فليس له أن يتحلل؛ لأنه داخل من أول الأمر على البقاء للعام القابل، وأما إذا كان المنع لحق، كأن يحبس المدين حتى يؤدي دينه، فإن كان قادراً على دفعه فلا يباح له التحلل، لأنه متمكن من التخلص والسير في نسكه فإذا لم يفعل فهو باق على إحرامه ما شاء الله، وإن كان عاجزاً عن دفعه فهو كالممنوع ظلماً، والأفضل له التحلل بالنية وله أن يبقى على إحرامه، ويكون قد خالف الأفضل، ومن وقف بعرفة ومنع من البيت الحرام وما بعده من مواضع النسك: كمزدلفة، ومنى، ومكان السعي، فقد تم حجه، ولكن لا يحل من إحرامه حتى يطوف للإفاضة، ويسعى بعده إن لم يكن قدم سعيه عقب طواف القدوم، فإن بقي محصراً حتى فاته النزول بمزدلفة، ورمي الجمار والمبيت بمنى ليالي الرمي فعليه هدي واحد لفوات الجميع؛ وإن كان كل منهما واجباً مستقلاً، ولا فرق في هذا القسم بين أن يكون المنع حبساً أو غيره، وسواء كان الحبس ظلماً أو بحق؛ ويبقى على إحرامه حتى يتمم حجه؛ ولو بقي سنين، وأما من منع من عرفة لأي مانع كان، وكان متمكناً من البيت الحرام، فله أن يتحلل من إحرامه، وله البقاء إلى العام القابل، والأفضل له التحلل إن كان بعيداً عن مكة، فالبقاء على الإحرام خلاف الأولى، فإن كان قريباً من مكة، أو دخلها، كره له البقاء، ثم إن التحلل في هذا القسم يكون بفعل عمرة حيث لم يكن بعيداً عن مكة، فإن كان بعيداً منها تحلل بالنية، ولا يكلف فعل العمرة، ثم إذا تحلل بالعمرة وكان إحرامه بالحج أولاً من الحرم فعليه أن يخرج إلى الحل حال إحرامه بالعمرة، لأن كل إحرام يجب فيه الجمع بين الحل والحرم، ولا يسقط عن المحصر نسك الإسلام من حج أو عمرة، فلو منع من الحج أو العمرة ثم تحلل منهما فعليه القضاء بعد وجوباً في الحج، واستناناً في العمرة، وعليه هدي لأجل الفوات يؤخره إلى القضاء، وكذا لا يسقط عنه النذر الذي لم يعينه، بخلاف المعين، فلا يجب قضاؤه متى منع عن إتمامه لفوات وقته، ولو نوى حين الإحرام بالنسك التحلل منه إن حصل مانع، كما لو قال: اللهم 

 مبحث الحج عن الغير 
۞۞۞۞۞۞۞

 تنقسم العبادات إلى ثلاثة أقسام: بدنية محضة: كالصلاة، والصوم، فإن القصد من كل منهما التذلل والخضوع لله سبحانه وتعالى بالنفس، ولا دخل للمال فيهما، ومالية محضة: كالزكاة، والصدقة؛ فإن القصد منهما نفع المتصدق عليهم بالمال، ومركبة منهما: كالحج؛ فإن فيه الخضوع لله تعالى بالطواف والسعي وغيرهما من الأعمال، وفيه أيضاً إنفاق المال في هذا السبيل، أما القسم الأول فلا يقبل النيابة مطلقاً، فلا يجوز للمرء أن يستنيب من يصلي عنه أو يصوم، ولو فعل ذلك فلا ينفعه، وأما القسم الثاني فيقبل النيابة، فيجوز لمالك المال أن يوكل من يخرج عنه زكاة ماله، أو يدفع صدقة للغير، وأما القسم الثالث - وهو الحج - ففي كونه يقبل النيابة أو لا يقبلها تفصيل المذاهب، فانظر مذاهبهم تحت الخط .
 محلي حيث حبستني فلا ينفعه ذلك، ولا بد من التحلل عند حصول المانع بنية جديدة؛ أو بعمرة على التفصيل المتقدم، وإذا طلب المانع مالاً في مقابلة إخلاء الطريق جاز الدفع له؛ ولو كان كافراً، لأن ذل منع الحج أشد من ذل دفع المال؛ والمحصر المحرم بالحج متى رمى جمرة العقبة يوم النحر حل له كل شيء مما كان محظوراً في الإحرام، إلا قربان النساء والتعرض للصيد، فيحرمان، وإلا من الطيب، فيكره وهذا هو التحلل الأصغر، أما الأكبر الذي يحل به كل شيء حتى النساء والصيد، فيحصل بطواف الإفاضة؛ إن كان قدم السعي عقب طواف القدوم، وإلا فلا يتحلل إلا بعد السعي عقب الإفاضة فمتى أفاض وسعى حل له كل شيء إن كان قد حلق ورمى جمرة العقبة، أو فات وقتها، وهو يوم النحر؛ فإن وطئ قبل الحلق أو الرمي، فعليه دم؛ وإن صاد فلا شيء عليه، وإن فعل غير ذلك لا شيء عليه أيضاً المالكية قالوا: الحج وإن كان عبادة مركبة من بدنية ومالية؛ لكنه غلب فيه جانب البدنية، فلا يقبل النيابة، فمن كان عليه حجة الإسلام، وهي حجة الفريضة، فلا يجوز له أن ينيب من يحج عنه، سواء كان صحيحاً أو مريضاً ترجى صحته، ولو استأجر من يحج عنه حجة الفريضة كانت الإجارة فاسدة، وإذا حج الأجير وأتم عمله كان له أجرة المثل؛ أما إذا لم يتم عمله بأن فسخ الحاكم الإجارة حين الاطلاع عليها فلا شيء له من الأجرة أصلاً، ومن استأجر غيره للحج عنه تطوعاً، كالمريض الذي لا يرجى برؤه وكمن حج حجة الإسلام فإن الإجارة مكروهة لكنها تصح، ومثل ذلك الاستئجار على العمرة فتكون الإجاربة مكروهة وتصح لأن العمرة سنة لا فرض، ومن ع جز عن الحج بنفسه، ولم يقدر عليه في أي عام من حياته، فقد سقط عنه الحج بتاتاً، ولا يلزمه استئجار من يحج عنه إذا كان قادراً على دفع الأجرة، وإذا استأجر الشخص من يحج عنه، سواء كان صحيحاً أو مريضاً.
 وسواء كان الحج الذي استأجر عليه فرضاً أو نفلاً؛ فلا يكتب له أصلاً، بل يقع الحج نفلاً للأجير وإنما يكون للمستأجر ثواب  مساعدة الأجير على الحج، وبركة الدعاء الذي يدعو به، كما أنه إذا أوصى الشخص قبل موته بالحج عنه، وحج عنه بعد الموت، أو فعلت ذلك ورثته بدون إيصاء منه؛ بأن استأجروا له بعد موته من يحج عنه؛ فإنه لا يكتب للميت أصلاً؛ لا فرضاً، ولا نفلاً.
 ولا يسقط به عنه حجة الإسلام إذا كان لم يؤدها حال حياته، وهو مستطيع قادر عليها، وإنما يكون للميت ثواب مساعدة الأجير على الحج، كما تقدم، وتكره الوصية بالحج، ولكن يجب على الورثة بعد موت الموصي أن ينفذوها من ثلث التركة إذا لم يعارضها وصية أخرى غير مكروهة، بحيث لا يسع ثلث التركة إلا إحدى الوصيتين فتقدم الوصية الأخرى في التنفيذ؛ وتلغى الوصية بالحج، مثال ذلك: أو يوصي بالحج عنه، ويوصي بخمسين جنيهاً للفقراء، وكانت أجرة الحج عنه خمسين جنيهاً، وثلث التركة خمسين جنيهاً ففي هذه الحالة لا يسع الثلث إلا إحدة الوصيتين - الحج عنه، والصرف على الفقراء - فيصرف ثلث التركة للفقراء، وتلغى الوصية بالحج، سواء كان الموصى عليه حجة الإسلام أو لا، على الراجح، ومتى لم يعارض الوصية بالحج وصية أخرى، فإن الوصية بالحج تنفذ، كما تقدم ويستأجر للميت من يحج عنه من بلده الذي مات فيه إذا لم يعين الميت مكاناً غيره، فإن عين مكاناً غيره، كأن قال: حجوا عني من مكة، تعين اتباع شرطه، فيستأجر له من مكة من يحج عنه، ولا يستأجر له من بلده الذي مات فيه، فإن كان ثلث التركة لا يسع الحج مما عينه، أو من بلده عند عدم التعيين وكان يحتمل الحج به من مكان آخر حج عنه من الممكن تنفيذاً للوصية بقدر الإمكان، ومثل ذلك ما إذا عين مقداراً من المال للحج عنه كثلاثين جنيهاً، وكان الحج بها غير ممكن من بلده الذي مات فيه، أو من المكان الذي عينه، فإنه يحج به من أي بلد يمكن الاستئجار منها بقدر الإمكان، وإذا كان ثلث التركة أو المال الذي عينه المتوفى للحج عنه يسع أكثر من حجة واحدة، فإنه يحج عنه مرة واحدة والباقي من الثلث أو المال المعين يكون ميراثاً، إلا إذا قال: حجوا عني بالثلث أو بهذا المبلغ، كمائة جنيه، فإنه يلزم الورثة أو يستأجروا أشخاصاً يحجون عنه كر واحد حجة بقدر ما يسع الثلث أو المال المخصص للحج، فإذا وسع ما ذكر حجتين استأجر الورثة شخصين يحج كل منهما عن الميت.
 ويكون ذلك كله في عام واحد على الراجح، فإن بقي بعد الحجتين مقدار لا يسع حجة صار ميراثاً، وهكذا الحكم لو وسع الثلث أو المال المعين للحج ثلاث حجج أو أكثر.
 الحنفية قالوا: الحج مما يقبل النيابة، فمن عجز عن الحج بنفسه وجب عليه أن يستنيب غير ليحج عنه، ويصح عنه بشروط: منها أن يكون عجزه مستمراً إلى الموت عادة؛ كالمريض الذي يرجى برؤه، وكالأعمى والزَّمن، ومتى كان عاجزاً بحيث لا يرجو القدرة على الحج إلى الموت، أنا من يحج عنه وحج عنه النائب فقط سقط الفرض عنه ولو زال عذره وقدر على الحج بعد، المريض الذي يرجى برؤه، والمحبوس فإنه إذا أناب عنه الغير فحج عنه ثم زال عذره بعد، فإن ذلك لا يسقط فرض الحج، ومنها نية الحج عن الأمر، فيقول: أحرمت عن فلان، ولبيت عن فلان؛ وتكفي  نية القلب.
 فلو نوى النائب الحج عن نفسه، فلا يجزئ عن المنيب، ومنها أن يكون أكثر النفقة من مال المحجوج عنه، فلو تبرع شخص بالحج عن غيره من ماله، فلا يجزئه ذلك إن كان قد أوصى بالحج عنه، أما إذا لم يوص، وتبرع أحد الورثة أو غيرهم، فإنه يرجى قبول حجهم عنه إن شاء الله تعالى، وأما إذا خلط شخص ماله بمال المحجوج عنه، ثم حج، فإنه يجزئ المحجوج عنه، ثم إذا كان المال المدفوع إليه من المحجوج عنه أقل من النفقة عليه رجع بباقي النفقة عليه، ومنها عدم استراط الأجرة للنائب، بل يتكفل بأن ينفق عليه نفقة المثل، فإذا دفع إليه نفقة ليصرفها في الحج عنه، ثم بقيت منها بقية، فعليه أن يردها للمحجوج عنه إلا إذا تبرع له، أو تبرع الورثة، وكانوا أهلاً للتبرع، بأن كانوا راشدين: أما إذا اشترط الأجرة للنائب، كأن يقول: استأجرك للحج عني بكذا، فإن حجة لا يجوز، ولا يجزئ عن المستأجر، وتكون الإجارة باطلة، كالاستئجار للحج عني بكذا، فإن حجه لا يجوز، ولا يجزئ عن المستأجر، وتكون الإجارة باطلة، كالاستئجار على بقية الطاعات، إلا ما استثني للضرورة، كتعليم العلم والأذان والإمامة، ومنها عدم مخالفة ما شرطه المستنيب، فلو أمر بالإفراد، فحج عنه الغائب قارناً أو متمتعاً لم يقع عنه ويضمن النفقة التي صرفت له، أو لو أمره بالعمرة فنفذ أمره واعتمر عنه، ثم حج عن نفسه، أو أمره بالحج فحج عنه، ثم اعتمر عن نفسه، فإن ذلك يجوز، وتجزئ العمرة في الصورة الأولى، والحج في الصورة الثانية عن المستنيب، إلا أن نفقة إقامته للحج عن نفسه في الأولى؛ والعمرة عن نفسه في الثانية تلزمه في ماله؛ فإذا فرغ من العمل المختص به عادت النفقة في مال المستنيب، فلو قدم عمل نفسه على عمل المستنيب، كأن يأمره بالحج عنه، فيعتمر عن نفسه أولاً، ثم يحج عن المستنيب بعد ذلك، فإنه لا يصح، ويضمن النفقة كلها في ماله، ومنها أن يحرم بحجة واحدة، فلو أحرمبحجة عن الأمر، ثم بأخرى عن نفسه لم يجز، ولا يجزئ عن الأمر إلا إن رفض الثانية، ولو أمره رجلان كل منهما بالحج عنه، فأحرم لهما معاً لم يصح، وضمن النفقة لكل منهما، ومنها أن يكون كل من الأمر والمأمور مسلماً عاقلاً، فلا يصح الحج عن الكافر، ولا عن المجنون، إلا إذا كان جنونه طارئاً بعد أن وجب عليه الحج، فيصح الإحجاج عنه، ومنها أن يكون النائب مميزاً، فلا يصح أن يحج عن الغير صبي غير مميز.
 أما المراهق فإنه يصح أيحج عن الغير، كما يصح حج المرأة والعبد عن غيرهما، وكذلك من لم يؤد فريضة الحج عن نفسه؛ وهذه الشروط كلها في الحج عن الغير إذا كان فرضاً، أما الحج عن الغير نفلاً، فإنه لا يشترط في صحته إلا الإسلام والعقل فيهما - المستنيب والنائب - وتمييز النائب وعدم الاستئجار.
 هذا؛ وإذا فعل المأمور ما يفسد الحج، فإن كان ذلك قبل الوقوف بعرفة فإنه يضمن المال للمنيب، وإن كان ذلك بعد الوقوف فلا يضمن، لأنه أدى الركن الأعظم - وهو الوقوف - وكل كفارة جنابة تجب على المأمور، لأنه سببها؛ وأما هدي الإحصار فعلى المنيب.
 لأنه الإحصار لا اختيار للمأمور فيه، ومن أوصى بأن يحج عنه بعد موته، فإن عين مالاً ومكاناً وجب تنفيذ وصيته على ما عين، وإن لم يعين وجب أن يحج عنه من بلده إن كان ثلث ماله يكفي، فإن لم يكف وجب أن يحج عنه من المكان الذي يكفي منه المال، فإن لم يكف أصلاً بطلت وصيته، وإن كان الثلث يكفي لأكثر من  حجة، فإن عين حجة واحدة فالباقي للورثة، وإلا حج به كله في سنة واحدة حججاً متعددة، هذا أفضل من أن يحج حججاً متعددة في سنين متعددة.
 الشافعية قالوا: الحج من الأعمال التي تقبل النيابة فيجب على من عجز عن الحج أن ينيب غيره ليحج بدله إما باستئجاره لذلك، أو بالإنفاق عليه، والعجز إما أن يكون لعاهة أو كبر سن أو مرض لا يرجى برؤه بقول طبيبين عدلين، أو بمعرفته هو إن كان عارفاً بالطب، وحد العجز أن يكون على حالة لا يستطيع معها أن يثبت على راحلته إلا بمشقة شديدة لا تحتمل عادة؛ وأيس من المقدرة، ثم أو وجوب الإنابة تارة يكون على الفور، وذلك إذا عجز بعد الوجوب والتمكن من الحج، وتارة يكون على التراخي، وذلك إذا عجز قبل الوجوب أو معه أو بعده، وكان غير متمكن من الأداء، ويشترط في العاجز أن يكون بينه وبين مكة مرحلتان فأكثر فإن كان بينه وبين مكة أقل من مرحلتين، أو كان بمكة فلا تجوز له الإنابة، بل يلزمه أن يباشر النسك بنفسه لاحتماله المشقة حينئذ، فإن عجز عن مباشرة الحج بنفسه في هذه الحالة يحج عنه الغير بعد موته من تركته، إلا إذا أنهك المرض قواه، وصار في حالة لا يحتمل معها الحركة، فإن الإنابة تجوز عنه حينئذ، ويشترط أيضاً أن يكون النائب قد أدى فرضه، فلا تجوز إنابة من لم يحج حجة الفرض، وأن يكون ثقة عدلاً، ويشترط لصحة عقد الاستئجار على الحج والعمرة معرفة العاقدين أعمال الحج فرضاً ونفلاً؛ حتى لو ترك النائب شيئاً من سنن الحج سقط من الأجرة بقدره، وكذلك يشترط لصحة الإجارة أن يكون الأجير قادراً على الشروع في العمل؛ فلا يصح استئجار من لم يمكنه الشروع بعذر ما، ولا يشترط ذكر الميقات؛ نعم يجب على الأجير أن يخرج إلى ميقات المحجوج عنه أو إلى مثل مسافته إذا عينوا ميقاتاً ليحرم منه.
 وإذا لم يعينوا ميقاتاً فيجوز للأجير أن يحرم من ميقات غير ميقات المحجوج عنه؛ ولو كان أقصر مسافة منه، ولا يشترط معرفة من استؤجر عنه، ويشترط أن ينوؤ عمن استؤجر عنه؛ وإذا برأ العاجز بعد حج النائب عنه لزمه أن يحج عن نفسه بعد شفائه، لتبين فساد الإجارة، ووقع الحج للنائب، ولا أجرة له؛ بل يسترد منه ما أخذه، وكما تكون الإنابة في الحج عن الأحياء كذلك تكون عن الأموات، فيجب على وصي الميت، فوارثه فالحاكم أن ينيب عنه من يفعله من تركته فوراً؛ فإن لم تكن له تركة، فلا تجب الإنابة، بل يسن للوارث أو الأجنبي - وإن لم يأذن له الوارث - أن يؤديه عنه بنفسه أو بالإنابة، ويشترط أن يكون الميت غير مرتد، وأن يكون الحج والعمرة واجبين عليه ولو بالنذر فإذا لم يكونا واجبين عليه فلا يحج عنه من تركته، لكن للغير الحج والإحجاج عنه، وإن لم يكن مخاطباً به حال حياته.
 هذا كله فيمن لم يحج أصلاً، وأما من أدى الحجة المفروضة ويراد الحج عنه تطوعاً، فلا يجوز الحج والعمرة عنه إلا إذا أوصى به، وإذا أفسد النائب الحج لزمه قضاؤه عن نفسه، ويقع القضاء له، ويلزمه رد ما أخذه من المستأجر له، أو يأتي بالحج عن المنيب في عام آخر غير العام الذي يقضي فيه الحج عن نفسه، أو يستنيب من يحج عنه في ذلك العام.
 الحنابلة قالوا: الحج يقبل النيابة وكذلك العمرة، فإذا عجز من وجبا عليه عن أدائهما وجب عليه 

 زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم 
۞۞۞۞۞۞۞

 لا ريب في أن زيارة قبر المصطفى عليه الصلاة والسلام من أعظم القرب وأجلها شأناً، فإن بقعة ضمت خير الرسل وأكرمهم عند الله لها شأن خاص؛ ومزية يعجز القلم عن وصفها؛ أن ينيب من يؤديهما عنه وجوباً فورياً، وأساب العجز كبر السن، والعاهة، والمرض الذي لا يرجى برؤه، وثقل الجسم الذي لا يقدر المرء أن يركب معه الراحلة إلا بمشقة شديدة، والهزال الذي لا يستطيع أن يثبت معه على الراحلة إلا بمشقة لا تحتمل بحسب العادة، ومن ذلك ما إذا لم تجد المرأة محرماً تحج معه، ولا يشترط في النائب أن يكون رجلاً، بل تجزئ إنابة المرأة أيضاً، وإذا عوفي العاجز وقدر على الحج أو العمرة بنفسه، فلا يلزم بأدائهما مرة أخرى، سواء كانت قدرته بعد فراغ النائب من أعمالهما أو بعد الشروع وقبل الفراغ، أما إذا عوفي قبل إحرام النائب بهما؛ فلا بد من أدائهما بنفسه، ولا يجزئه حج النائب عنه، ولا عمرته لو فعل، وكذلك العاجز الذي يرجى زوال عجزه لا تجزئه النيابة، ويجب عليه أن يحج ويعتمر بنفسه متى زالت علته وإذا كان العاجز قادراً على الإنفاق على النائب، ولم يجد نائباً لم يجب عليه الحج، فإذا وجد النائب بعد ذلك لم تلزمه الإنابة إلا إذا كان مستطيعاً، ومن توفي قبل أن يحج الحج الواجب عليه، سواء كان ذلك بعذر أو بغير عذر، وجب أن يخرج من جميع ماله نفقة حجة وعمرة، ولو لم يوص، وأن يحج عنه من المكان الذي وجب عليه فيه الحج، لا من المكان الذي مات فيه ويجوز أن يكون الإحجاج عنه من خارج بلده إذا كان بينهما أقل من مسافة القصر، فإن كان أكثر فلا يجوز، ولا يجزئه حج النائب عنه، ويسقط الحج عن الميت بحج أجنبي عنه، ولو بلا إذن وليه، ويجب أن يكون النائب ليس عليه حجة الإسلام، ولا حجة قضاء، ولا نذر، فإذا استناب من عليه شيء من ذلك فلا يصح حجة عنه، ويجب عليه أن يرد إلى المنيب ما أخذ منه في مقابلة الحج عنه، والعمرة كالحج في ذلك، فلا يصح أن يعتمر الشخص نيابة عن غيره إذا كان لم يعتمر عن نفسه عمرة الإسلام، أو عليه عمرة منذورة أو قضاء؛ ويصح أن ينوب في الحج من أداه عن نفسه، وإن كان عليه العمرة؛ وكذلك يصح أن ينوب في العمرة من لم يحج عن نفسه، ولكنه أدى العمرة الواجبة عليه، ويجب أن يؤدي المأمور ما أمر به؛ فلو أمره بالحج فاعتمر أو بالعكس، فلا يجوز، ولا يجزئ عن الآمر، ويجب على المأمور أن يرد إليه ما أخذه، وهذا في الحج والعمرة عن الحي، أما الميت فيقع عنه ما فعله النائب، حجاً كان أو عمرة، ولا إذان لوارثه؛ ويكفي النائب أن ينوي النسك - الحج والعمرة - عن المستنيب، ولا يشترط التلفظ باسمه؛ وللنائب النفقة المعتادة لأمثاله بحسب العرف، ويرد ما زاد على ذلك، وله نفقة العودة ولو طال مقامه بمكة، إلا إذا اتخذها داراً له، ولو زمناً قصيراً، كساعة، فليس له نفقة في العودة منها، وإذا أفسد النائب حجة فعليه القضاء؛ ويجب عليه أن يرد ما أخذه من المستنيب، لأن الحج لم يقع عنه؛ وكذلك إن فاته الحج بتفريطه، فإن لم يفرط فله النفقة.
 وإن مرض النائب في الطريق فعاد فله النفقة في رجوعه، ودم القران والتمتع على المستنيب إن أذن فيهما، وإلا فعلى النائب، كما أن كفارة الجنايات تكون على النائب على أن الغرض الصحيح من زيارة القبور هو تذكر الآخرة، كما ورد في الحديث الصحيح الذي نص على الإذن في زيارة القبور للموعظة الحسنة وتذكر الآخرة، فمتى كانت الزيارة لغرض صحيح يقرّه صاحب الشريعة كانت ممدوحة من جميع الجهات؛ ومما لا خفاء فيه أن زيارة قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم تفعل في نفوس أولي الألباب أكثر مما تفعله أي عبادة أخرى، فالذي يقف على قبر المصطفى ذاكراً ما لاقاه صلى الله عليه وسلم في سبيل الدعوة إلى الله، وإخراج الناس من ظلمات الشرك إلى نور الهداية، وما بثه من مكارم الأخلاق في العالم أجمع، وما محاه من فساد عام شامل، وما جاء به من شريعة مبنية على جلب المصالح للمجتمع الإنساني، ودرء المفاسد عنه، لا بد أن يمتلئ قلبه حباً لذلك الرسول الذي جاهد في الله حَق جهاده، ولا بد أن يحبب إليه العمل بكل ما جاء به، ولا بد أن يستحي من معصية الله ورسوله، وذلك هو الفوز العظيم.
 إن زيارة قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومشاهدة مهبط الوحي وزيارة العاملين المخلصين في الذود عن الدين الله تعالى الذين ضحوا بأرواحهم وأموالهم في سبيل الله وحده بدون أن تؤثر عليهم لذة ملك، أو تستولي على أنفسهم شهوة من متاع الحياة الدنيا وزينتها، بل خرجوا من أموالهم الكثيرة، ولذاتهم التي لا حد لها إلى الكفاح والنضال في سبيل الله ومن أجل الله، فنصروا دين الله - لهي جديرة بأن تكون من أجل القرب، لما تحدثه في أنفس الزائرين من عظات بليغة تحملهم على القدوة بهؤلاء في أعمالهم وأقوالهم، ولو أن المسلمين استمسكوا حقاً بما استمسك به سكان هؤلاء القبور الذين هزموا الفرس والرومان إبان قوتهم، مع أن قوة المسلمين المادية يومئذ لا تكاد تذكر بجانب قوة أعدائهم، لكان لهم شأن آخر، ولما تغلب عليهم أحد، فزيارة قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم، وزيارة أصحابه العاملين من أجل القرب وأشدها تأثيراً على نفوس العاملين المخلصين، الذين يعبدون الله وحده، ويأتمرون بما أمرهم به رسوله، وينتهون عما نهاهم عنه، وأولئك هم الفائزون.
 فإذا لم يكن في زيارة قبر المصطفى سوى هذه الموعظة الحسنة، وهذا الأثر الجليل لكفى في كونها من أجلّ الأعمال الصالحة التي يحث عليها الدين الحنيف، وكيف يسكن قلب المؤمن المسلم الذي يستطيع أن يحج البيت، ويستطيع أن يزور المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا يبادر إلى هذا العمل؟ كيف يرضى المؤمن القادر أن يكون بمكة قريباً من المدينة مهبط الوحي، ولا تهتز نفسه شوقاً إلى زيارتها: وزيارة المصطفى صلى الله عليه وسلم؟ على أن على دعوة سيدنا إبراهيم صلوات الله عليه متحققة في أهل المدينة أيضا؛ فإن الله تعالى حكي عنه {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم، ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم، وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون} فأهل المدينة أيضاً، وهي البلدة التي نشأ منها عز الإسلام.
 وعلى أهلها من الأنصار، ومن هاجر إليها من المؤمنين المخلصين قيام الدين الحنيف، في حاجة إلى من يزورهم، ويتبادل معهم المنافع، فعمرانها والإحسا إلى أهلها، وتبادل المنافع فيها من أقدس الأمور وأظمها شأناً؛ وما كان لقادر أن يصل إلى مكة، ولا يزور المدينة ويستمتع بمشاهدة أماكن مهبط الوحي، ومنبع الدين الحنيف: أما ورد من الأحاديث في زيارتها فسواء كان سنده صحيحاً أو لا؛ فإنه في الواقع لا حاجة إليه بعد ما بينا من فوائد زيارتها ومحاسنها التي يقرها الدين، وتحث عليها قواعده العامة.
 هذا، وقد بين الفقهاء آداب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وزيارة المساجد الأخرى على الوجه الآتي: قالوا: إذا توجه لزيارة المصطفى صلى الله عليه وسلم يكثر من الصلاة والسلام عليه مدة الطريق، ويصلي في طريقه من مكة إلى المدينة في المساجد التي يمر بها، وهي عشرون مسجداً، متى أمكنه ذلك، وإذا عاين حيطان المدينة يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم؛ ويقول: اللهم هذا حرم نبيك فاجعله وقاية لي من النار، وأماناً من العذاب وسوء الحساب، ويغتسل قبل الدخول وبعده إن أمكنه، ويتطيب ويلبس أحسن ثيابه، ويدخلها متواضعاً عليه السكينة والوقار، وإذا دخل المدينة يقول: اللهم رب السموات وما أظللن، ورب الأرضين وما أقللن، ورب الرياح وما ذرين، أسألكخير هذه البلدة، وخير أهلها، وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها؛ وشر أهلها؛ اللهم هذا حرم رسولك، فاجعل دخولي فيه وقاية لي من النار، وأماناً من العذاب وسوء الحساب؛ وإذا دخل المسجد فعل ما يفعله في سائر المساجد من تقديم رجله اليمنى، ويقول: اللهم اجعلني اليوم من أوجه من توجه إليك، وأقرب من تقرب إليك، وأنجح من أعال وابتغى مرضاتك؛ ويصلي عند منبره ركعتين ويقف بحيث يكون عمود المنبر بحذاء منكبه الأيمن؛ وهو موقفه عليه السلام، وهو بين القبر الشريف والمنبر، ثم يسجد شكراً لله تعالى على ما وفقه، ويدعوه بما يحب، ثم ينهض فيتوجه إلى قبره صلى الله عليه وسلم فيقف عند رأسه الشريف مستقبل القبلة، ثم يدنو منه ثلاثة أذرع أو أربعة، ولا يدنو أكثر من ذلك، ولا يضع يده على جدار التربة ويقف كما يقف في الصلاة، ويمثل صورته الكريمة البهية، كأنه نائم في لحده، عالم به يسمع كلامه، ثم يقول: السلام عليك يا نبي الله ورحمة الله وبركاته، أشهد أنك رسول الله، فقد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وجاهدت في أمر الله حتى قبض الله روحك حميداً محموداً، فجزاك الله عن صغيرنا وكبيرنا خير الجزاء، وصلى عليك أفضل الصلاة وأزكاها، وأتم التحية وأنماها، اللهم اجعل نبينا يوم القيامة أقرب النبيين، واسقنا من كأسه، وارزقنا من شفاعته، واجعلنا من رفقائه يوم القيامة، اللهم لا تجعل هذا آخر العهد بقبر نبينا عليه السلام وارزقنا العود إليه يا ذا الجلال والإكرام، ولا يرفع صوته ولا يخفضه كثيراً، ويبلغه سلام من أوصاه فيقول: السلام عليك يا رسول الله من فلان ابن فلان يتشفع بك إلى ربك، فاشفع له ولجميع المسلمين، ثم يقف عند وجهه مستدبراً القبلة، ويصلي عليه ما شاء، ويتحول قدر ذراع حتى يحاذي رأس الصديق رضي الله عنه، ويقول: السلام عليك يا خليفة رسول الله، السلام عليك يا صاحب رسول الله في الغار، السلام عليك يا رفيقه في الأسفار، السلام عليك يا أمينة في الأسرار، جزاك الله عنا أفضل ما جزى إماماً عن أمه نبيه، ولقد خلفته بأحسن خلف، وسلكت طريقه ومنهاجه خير مسلك، وقاتلت أهل الردة والبدع، ومهدت الإسلام، ووصلت الأرحام، ولم تزل قائماً للحق، ناصراً لأهله حتى أتاك اليقين، السلام عليك ورحمة الله وبركاته، اللهم أمتنا على حبه، ولا تخيب سعينا في زيارته برحمتك يا كريم، ثم يتحول حتى يحاذي قبر عمر رضي الله عنه.
 ويقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين، السلام عليك يا مظهر الإسلام، السلام عليك يا مكسر الأصنام.
 جزاك الله عنا أفضل الأيتام.
 ووصلت الأرحام.
 وقوي بك الإسلام.
 وكنت للمسلمين إماماً مرضياً.
 وهادياً مهدياً.
 جمعت من شملهم.
 وأغنيت فقيرهم.
 وجبرت كسرهم.
 السلام عليك ورحمة الله وبركاته.
 ثم يرجع قدر نصف ذراع فيقول: السلام عليكما يا ضجيعي رسول الله.
 ورفيقيه.
 ووزيريه.
 ومشيريه، والمعاونين له على القيام في الدين.
 القائمين بعده بمصالح المسلمين جزاكم الله أحسن الجزاء.
 ثم يدعو لنفسه ووالديه ولمن أوصاه بالدعاء ولجميع المسلمين.
 ثم يقف عند رأسه الشريف كالأول: ويقول اللهم إنك قلت وقولك الحق: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} .
 وقد جئناك سامعين قولك.
 طائعين أمرك.
 متشفعين بنبيك "ربنا اغفر لا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان.
 ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا.
 ربنا إنك رؤوف رحيم" ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
 سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين.
 والحمد لله رب العالمين، ويدعو بما يحضره من الدعاء، ثم يأتي أسطوانة أبي لبابة التي ربط نفسه فيها حتى تاب الله عله، وهي بين القبر والمنبر.
 فيصلي ركعتين.
 ويتوب إلى الله.
 ويدعو بما شاء.
 ثم يأتي الروضة.
 وهي كالحوض المربع.
 فيصلي فيها ما تيسر له ويدعو ويكثر من التسبيح والثناء على الله تعالى والاستغفار.
 ثم يأتي المنبر فيضع يده على الرمانة التي كان صلى الله عليه وسلم يضع يده عليها إذا خطب.
 لتناله بركة الرسول.
 فيصلي عليه.
 ويدعو بما شاء.
 ويتعوذ برحمته من سخطه وغضبه.
 ثم يأتي الأسطوانة الخنانة، وهي التي فيها بقية الجذع الذي حن إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين تركه وخطب على المنبر.
 ويستحب بعد زيارته عليه السلام أن يخرج إلى البقيع.
 ويأتي المشاهد والمزارات فيزور العباس ومعه الحسن بن علي.
 وزين العابدين.
 وابنه محمد الباقر.
 وابنه جعفر الصادق.
 ويزور أمير المؤمنين سيدنا عثمان وقبر إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم.
 وجماعة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وعمته صفية، وكثيراً من الصحابة والتابعين.
 خصوصاً سيدنا مالكاً، وسيدنا نافعاً.
 ويستحب أن يزور شهداء أحد يوم الخميس، خصوصاً قبر سيد الشهداء سيدنا الحمزة، ويقول: سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار، سلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لا حقون.
 ويقرأ آية الكرسي، وسورة الإخلاص، ويستحب أن يأتي مسجد قباء يوم السبت، ويدعو بقوله: يا صريخ المستصرخين، ويا غياث المستغيثين، يا مفرج كرب المكروبين، ويا مجيب دعوة المضطرين، صل على محمد وآل واكشف كربي وحزني كما كشفت عن رسولك كربه وحزنه في هذا المقام، يا حنان يا منان، يا كثير المعروف، ويا دائم الإحسان، يا أرحم الراحمين، ويستحب له أن يصلي الصلاة كلها في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ما دام في المدينة، وإذا أراد الرجوع إلى بلده استحب له أن يودع المسجد بركعتين، ويدعو بما أحب ويأتي قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويدعو بما شاء، والله مجيب الدعاء.

🟩  #مباحث_الأضحية 

 تعريفها 
۞۞۞۞۞۞۞

 الأضحية - بضم الهمزة، وكسرها، مع تخفيف الياء -، وهي اسم لما يذبح أو ينحر من النعم تقرباً إلى الله تعالى في أيام النحر، سواء كان المكلف بها قائماً بأعمال الحج أو لا؛ باتفاق ثلاثة، وخالف المالكية، فقالوا: إنها لا تطلب من الحاج.
 

 دليلها 
۞۞۞۞۞۞۞

 شرعت في السنة الثانية عن الهجرة: كالعيدين، وزكاة المال، وزكاة الفطر، وثبتت مشروعيتها بالكتاب، والسنة، والإجماع، قال تعالى: {فصل لربك وانحر} ، وروى مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: "ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده، وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما"؛ والأملح: الأبيض الخالص، وقيل: الذي بياضه أكثر من سواده، والأقرن: الذي له قرنان معتدلان، وغير ذلك من الأحاديث، وقد أجمع المسلمون على مشروعيتها.
 

 حكمها 
۞۞۞۞۞۞۞

 أما حكمها فهو السنية، فالأضحية سنة عين مؤكدة يثاب فاعلها، ولا يعاقب تاركها، وهذا القدر متفق عليه في الحقيقة، ولكن الحنفية قالوا: إنها سنة عين مؤكدة لا يعذب تاركها بالنار؛ ولكن يحرم من شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، ويعبرون عن ذلك بالواجب، وقال الشافعية: إنها سنة عين للمنفرد لا لأهل البيت الواحد، كما هو موضح في مذهبهم تحت الخط .
 الشافعية قالوا: هي سنة عين للمنفرد، وسنة كفاية لأهل بيت واحد أو بيوت متعددة تلزم نفقتهم شخصاً واحداً، بمعنى أنه إذا فعلها من تلزمه نفقتهم سقط الطلب عنهم، فلا ينافي أنها تسن لكل منهم 

 شروطها 
۞۞۞۞۞۞۞

 تنقسم شروط الأضحية إلى قسمين: شروط سنيتها، وشروط صحتها، فأما شروط سنيتها، فمنها القدرة عليها، فلا تسن للعاجز عنها، وفي حد القدرة تفصيل المذاهب، مذكور تحت الخط ، ومنها الحرية فلا تسن للعبد؛ وزاد المالكية في شروط سنيتها أن لا يكون حاجاً، ولو كان من أهل مكة، كما تقدم، أما المسافر لغير الحج فتسن له، أما البلوغ فليس شرطاً لسنيتها، فتسن للصبي القادر عليها، ويضحي عنه وليه، ولو كان الصبي يتيماً، عند المالكية، والحنابلة؛ أما الحنفية، والشافعية، فانظر مذهبيهما تحت الخط .
 وأما شروط صحتها فمنها، السلامة من العيوب، فلا تصح إذا كان فيها عيب من العيوب المفصلة في المذاهب.
 فانظرها تحت الخط .
 الحنفية قالوا: القادر عليها هو الذي يملك مائتي درهم، وقد تقدم بيانها في "الزكاة" أو يملك عرضاً يساوي مائة درهم يزيد عن مسكنه، وثياب اللبس والمتاع الذي يحتاجه، وإذا كان له عقار يستغله تلزمه الأضحية إذا دخل منه قوت عامه، وزاد معه النصاب المذكور، وقيل: تلزمه إذا دخل له منه قوت شهر، وإن كان العقار وقفاً تلزمه الأضحية إن دخل له منه قيمة النصاب وقتها.
 الحنابلة قالوا: القادر عليها هو الذي يمكنه الحصول على ثمنها، ولو بالدين إذا كان يقدر على وفاء دينه.
 المالكية قالوا: القادر عليها الذي لا يحتاج إلى ثمنها لأمر ضروري في عامه، فإذا احتاج إلى ثمنها في عامه فلا تسن، وإذا استطاع أن يستدين استدان، وقيل: لا يستدين.
 الشافعية قالوا: القادر عليها هو الذي يملك ثمنها زائداً عن حاجته وحاجة من يعول يوم العيد، وأيام التشريق، ومن الحاجة ما جرت به العادة من كعك وسمك وفطير ونقل ونحو ذلك.
 الحنفية قالوا: زادوا في الشروط أن يكون مقيماً، فلا تجب على المسافر، وإن تطوع بها أجزأته، وإذا اشترى شاة ليضحي بها ثم سافر قبل حلول وقتها فإنه يبيعها، ولا تجب عليه الأضحية؛ وكذا لو سافر بعد دخول الوقت قبل أن يذبح، فإن الأضحية لا تجب عليه، وتجب على الحاج إن لم يكن مسافراً بأن كان من أهل مكة الحنفية قالوا: البلوغ ليس شرطاً لوجوبها، فتجب على الصبي عندهما، ويضحي وليه من مال الصبي إن كان له مال، فلا يضحي الأب عن ولده الصغير.
 وعند محمد شرط، فلا تجب الأضحية في مال الصبي، وهل تجب على الأب أو لا؟ قولان مصححان، ومثل الصغير المجنون.
 الشافعية قالوا: لا تسن للصغير، فالبلوغ شرط لسنيتها، وكذلك العقل الحنفية قالوا: لا تصح الأضحية بالعمياء، ولا بالعوراء.
 وهي المهزولة التي لا مخ في عظامها: ولا بالعرجاء التي لا تستطيع المشي إلى المذبح: أما العرجاء التي تمشي بثلاث  قوائم وتضع الرابعة لتستعين بها على المشي.
 فإنها تجزئ وكذا لا تصح بمقطوعة الأذن.
 أو الذنب.
 أو الألية إذا ذهب أكثر من ثلثها؛ أما إذا بقي ثلثاها وذهب ثلثها فإنها تصح.
 وكذا لا تصح بالهتماء إلا إذا بقي أكثر أسنانها.
 ولا تصح بالسكاء التي لا أذن لها بحسب الخلقة ولا تصح الأضحية بمقطوعة رؤوس الضرع ولا بالتي انقطع لبنها، ولا بالتي لا ألية لها بحسب الخلقة، ولا بالجلالة، وهي التي ترعى العذرة قبل حبسها وإطعامها الطاهر، كما تقدم؛ وتصح بالجماء التي لا قرون لها خلقة والعظماء.
 وهي التي ذهب بعض قرنها فإذا وصل الكسر إلى المخ لم تصح.
 وكذا تصح بالتولاء وهي المجنونة إذا لم يمنعها



‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗








الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Aaa_ao10
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مبارك زمزم
ادارى
ادارى
مبارك زمزم


وسام الابداع

اوفياء المنتدى

عدد المساهمات : 1838
تاريخ التسجيل : 30/10/2010

الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته وسننه بالتفصيل   الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Icon_minitime1الأحد 21 مايو - 2:25

الجنون عن الرعي.

 فإن منعها لا تجوز التضحية بها.

 وتصح بالجرباء إن كانت سمينة.

 فإذا هزلت بالجرب فلا تصح.

 وكذا لا تصح بالصغير: وهو ما كان أقل من سنة في الضأن والمعز: إلا إذا كان الضأن كبير الجسم سميناً: فإنها تصح به إذا بلغ ستة أشهر؟ بشرط أنه إذا خلط بما له سنة لا يمكن تمييزه منه.

 أما المعز فإنها لا تصح به إلا إذا بلغ سنة، وطعن في الثانية على كل حال، أما الصغير من البقر والجاموس فهو ما كان أقل من سنتين، فلا تصح بالبقر والجاموس إلا إذا بلغ سنتين وطعن في الثالثة، والصغير من الأبل ما كان أقل من خمس سنين، فلا تصح بالإبل إلا إذا بلغت خمس سنين وطعنت في السادسة، وتجزئ الشاة عن الواحد، وتجزئ الناقة والبقرة عن سبعة أشخاص، بشرط أن يكون لكل واحد منهم سبعها، فإن نقص نصيبه عن السبع لم تجزئه.

 المالكية قالوا: لا تصح بالعمياء، ولا بالعوراء؛ والمعتبر في العمى والعور ذهاب ضوء العين، وإن بقيت صورتها، ولا تصح بالمريضة التي تستطيع أن تتصرف كتصرف السليمة؛ أما إذا كان المرض خفيفاً فإنه لا يضر، ولا تصح بالجرباء إذا كان جربها ظاهراً، ولا بما أكلت أكلاً غير معتاد.

 فشمت ما لم يحصل لها إسهال، فتصح به، ولا تصح بالمجنونة جنوناً دائماً، أما الجنون غير الدائم فإنه لا يضر، فتصح بالتولاء وهي التي تدور في موضعها من الجنون، ولا تتبع الغنم، ولا تصح بالمهزولة هزالاً بيناً، وهي التي لا مخ في عظامها، ولا بالعرجاء عرجاً بيناً يمنعها من مسايرة أمثالها، ولا بمقطوعة جزء من أجزائها: كيد، أو رجل، سواء كان القطع خلقياً أو لا، وسواء كان الجزء أصلياً، أو زائداً: ولكن يغتفر قطع خصية الحيوان، فتصح بالخصي، لأن فيه فائدة تعود على اللحم، ولا فرق بين أن يكون خصياً بالخلقة أو لا، ولا تصح بالصمعاء وهي صغير الأذنين جداً، ولا بالبتراء وهي مقطوعة الذنب، سواء كان ذلك خلقة أو بعارض، ولا بالبكماء - فاقدة الصوت - إلا لعارض عادي: كالناقة إذا مضى على حملها أشهر، فإنها تبكم، فتصح بها، ولا بالبخراء.

 وهي منتنة الفم.

 إلا إذا كان أصلياً، كما هو الحال في بعض الإبل؛ وكذا لا تصح بيابسة الضرع، ومشفوفة الأذن إذا كان الشق أكثر من الثلث، فإن كان الشق ثلثها أجزأت على المشهور، ولا بمكسورة سنين فأكثر، أما مكسور سن واحد فتصح بها، كما إذا ذهبت أسنانها لكبر أو تغيير، فإنها تصح؛ ولا تصح بذاهبة ثلث الذنب.

 أما ذاهبة ثلث الأذن فتصح بها، وكذا لا يصح بحيوان متولد بين وحشي وأنسي، فإذا كانت الآباء غنماً والأمهات ظباء أو بالعكس لا تجزئ في الأضحية على الأصح، وتصح بالجماء، وهي المخلوقة بدون قرن، أما إذا كانت مستأصلة القرنين عروضاً ففيها قولان، وهذا إذا لم يكن مكانهما دامياً، وإلا فلا تصح بها قولاً واحداً؛ وكذا تصح بالمقعدة العاجزة عن القيام بسبب السمن، وكثرة الشحم لا بالمرض، وتصح بالجذع من لضأن، وهو ما بلغ سنة عربية، وعلامته أن يرقد صوف ظهره بعد قيامه، وتصح بالثني من المعز وهو ما بلغ سنة ودخل في الثانية دخولاً بيناً بأن قطع منها نحو شهر، وتصح بالثني من البقر، وهو ما بلغ ثلاث سنين؛ وبالثني من الإبل؛ وهو ما بلغ خمس سنين؛ والمعتبر السنة القمرية، ولو نقص بعض شهورها.

 الشافعية قالوا: لا تصح بالمعيبة بعيب ينقص لحمها أو شحمها أو غيرهما مما يؤكل، فلا تصح بالعوراء، ولا بالعمياء، والمعتبر ذهاب ضوء العين، وكذا ما كان على إحدى عينيها بياض؛ إذا كان كثيراً، بخلاف اليسير، فلا يضر، كما لا يضر العمش، وهو ضعف البصر مع سيلان الدمع غالباً، ولا تصح بالعرجاء عرجاً بيناً، وهي التي تسبقها أمثالها إلى المرعى، وتتخلف عنها ولو حصل لها العرج وقت الذبح ولو في حال قطع الحلقوم والمريء، ولا تصح بالمريضة مرضاً يظهر بيناً، ظهر بسببه هزالها؛ وفساد لحمها، فلو كان مرضها يسيراً لا يضر، ولا تصح بالعجفاء وهي التي لا مخ لها في عظامها من شدة الهزال؛ ولا بالثولاء، وهي التي تستدبر المرعى، ولا ترعى إلا قليلاً فتهزل، ولا تصح بالجرباء، وإن كان الجرب يسيراً، لأنه يفسد اللحم، ولا بمقطوعة الأذن كلاًّ أو بعضاً.

 ولا بمقطوعة الألية، ويغتفر ما يقطع من طرف الألية في الصغر، ويسمى - التطريف - لأنه يجبر بالسمن، أما المخلوقة بلا ذنب، فإنها تجزئ، كالمخلوقة بلا ضرع ولا ألية بخلاف المخلوق بلا أذن، فإنها لا تصح به، وتصح بمشقوقة الأذن، أو مثقوبتها إذا لم يزل بذلك شيء منها، وتصح بالخصي، والخصاء جائز بشروط ثلاثة: أن يكون لمأكول اللحم، أن يكون في صغره؛ أن يكون في زمان معتدل، وإلا حرم، وتصح بمكسورة القرن، وإن كان محله دامياً ما لم يترتب عليه نقص في اللحم، كما تصح بالجماء، ما لا قرن له خلقة، وإن كان الأقرن أفضل وتصح بفاقدة الأسنان خلقة، أما ما ذهبت أسنانه لعارض فإنه لا يجزئ، كما لا يجزئ ما ذهبت بعض أسنانه إن كان ذلك يؤثر في علفه، فإن كان لا يؤثر تجزئ، وتصح بالضأن إذا بلغ سنة كاملة، أو أسقط مقدم أسنانه، بشرط أن يكون ذلك بعد ستة أشهر؛ وتصح بالمعز بالضأن إذا بلغ سنتين كاملتين، وتصح بالبقر والجاموس إذا بلغ سنتين كاملتين، وبالإبل إذا بلغ خمس سنين كوامل، ولا يجزئ المتولد بين أنسي ووحشي.

 الحنابلة قالوا: لا تصح بالعمياء، وهي التي ذهب نور عينيها، وإن بقيت عيناها صورة، ولا تصح بالعوراء، وهي التي انخسفت عينها، أما إذا كان عليها بياض وهي قائمة، فتصح بها، ولا تصح بالعجفاء، التي لا مخ في عظامها لهزالها، ولا تصح بالعرجاء، وهي التي لا تقدر على المشي مع جنسها الصحيح إلى المرعى، ولا تصح بالمكسورة، ولا بالمريضة مرضاً يفسد لحمها، كجرب أو غيره، ولا تصح بالعضباء، وهي التي ذهب أكثر أذنها أو قرنها؛ أما التي خرقت أذنها، أو انشقت، أو ومنها الوقت المخصوص، فلا تصح إذا فعلت قبله أو بعده، وفي بيانه تفصيل المذاهب، فانظره تحت الخط .

 قطع منها النصف أو أقل، فتصح بها مع الكراهة، ومثل الأذن في ذلك القرن ولا تصح بالجداء، وهي جافة الضرع، ولا بالهتماء، وهي التي ذهبت ثناياها من أصلها، ولا بالعصماء، وهي التي انكسر غلاف قرنها؛ ولا تصح بما ذهب أكثر من نصف أليتها، أما ما ذهب نصفها فأقل، فتصح بها، كما تصح بالجماء، وهي التي خلقت بلا قرن، والصمعاء، وهي الصغير الأذن جداً، وما خلقت بلا أذن، وكذا تصح بالبتراء؛ وهي التي لا ذنب لها خلقة أو مقطوعاً، وتصح بالخصي؛ أما المجبوب، وهو ما قطع ذكره مع أنثييه، فإنه لا يجزئ، والحامل كغيرها في الأحكام؛ ولا تصح بالوحشي، ولا بالمتولد بين وحشي وغيره؛ وتصح بالجذع من الضأن، وهو ما له ستة أشهر، ويعرف كونه أجذع بنوم الصوف على ظهره: وتصح بالثني مما سواه، فثنى المعز ما له سنة كاملة، وثني البقر ما له سنتان كاملتان، وثني الإبل ما له خمس سنين؛ ودخل في السادسة، ولا تصح بما دون ذلك الحنفية قالوا: يدخل وقت الأضحية عند طلوع فجر يوم النحر؛ وهو يوم العيد، ويستمر إلى قبيل غروب اليوم الثالث، وهذا الوقت لا يختلف في ذاته بالنسبة لمن يضحي في المصر أو يضحي في القرية، ولكن يشترط في صحتها للمصري أن يكون الذبح بعد صلاة العيد، ولو قبل الخطبة، إلا أن الأفضل تأخيره إلى ما بعد الخطبة، فإذا ذبح ساكن المصر قبل صلاة العيد لا تصح أضحيته؛ ويأكلها لحماً فإذا عطلت صلاة العيد ينتظر بها حتى يمضي وقت الصلاة.

 ووقتها من ارتفاع الشمس إلى الزوال.

 ثم يذبح بعد ذلك، أما القروي - ساكن القرية - فإنه لا يشترط له ذلك الشرط.

 بل يذبح بعد طلوع فجر النحر، وإذا أخطأ الناس في يوم العيد فصلوا وضحوا ثم بان لهم أنه يوم عرفة أجزأتهم صلاتهم وأضحيتهم.

 وإذا تركت ذبيحة الأضحية حتى فات وقتها يتصدق بها حية.

 المالكية قالوا: يبتدئ وقت الأضحية لغير الإمام في اليوم الأول بعد تمام ذبح الإمام.

 ويبتدئ وقتها للإمام بعد الفراغ من خطبته بعد صلاة العيد، أو مضي زمن قدر ذبح الإمام أضحيته إن لم يذبح الإمام.

 ويستمر وقتها لآخر اليوم الثالث ليوم العيد، ويفوت بغروبه.

 فإذا أراد أن يذبح في اليوم الثاني فلا يلزم أن يراعي مضي زمن قدر صلاة الإمام.

 بل يذبح إذا ارتفعت الشمس، وإذا ذبح بعد الفجر أجزأه.

 فإذا ذبح أحد قبل الإمام متعمداً لا تجزئه، وأعاد ذبح أضحية أخرى، أما إذا لم بتعمد بأن تحرى أقرب إمام لم يبرز أضحيته، وطن أنه ذبح فذبح بعده، وتبين أنه سبق الإمام أجزأه، فإذا تأخر ألإمام بعذر شرعي، انتظره إلى قرب الزوال، بحيث يبقى على الزوال ما يسع الذبح ثم يذبح ولو لو يذبح الإمام.

 الحنابلة قالوا: يبتدىء وقت ذبح الأضحية من يوم العيد بعد صلاة العيد، فيصح الذبح بعد الصلاة وقبل الخطبة، ولكن الأفضل أن يكون بعد الصلاة والخطبة، ولا يلزم أن ينتظر الفراغ من الصلاة في جميع الأماكن التي تصلي فيه العيد إن تعددت، بل لو سبق بعضها جاز، وإذا كان في جهة لا يصلى فيها العيد: كالبادية وأهل الخيام ممن لا عيد عليهم، فإن وقت الأضحية يبتدئ فيها بمضي وقد زاد بعض المذاهب شروطاً أخرى، مذكورة تحت الخط .

 ؛ ويصح الاشتراك في الأضحية سواء كان ذلك في ثمنها أو في ثوابها.

 باتفاق ثلاثة، وخالف المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط وإنما يصح الاشتراك فيها إذا كانت من الإبل أو البقر، فإذا اشترك سبعة في بقرة أو ناقة يصح إذا كان نصيب كل واحد منهم لا يقل عن سبع، فإن كانوا أكثر من سبعة لا يصح، أما إن كانوا أقل فيصح، ولا تصح الأضحية بغير النعم من الإبل والبقر والجاموس والغنم، وفي الأفضل منها تفصيل في المذاهب، مذكور تحت الخط .

 زمن قدر صلاة العيد، فإن فاتت صلاة العيد بالزوال ضحى إذن عند الزوال، واخر وقت ذبح الأضحية زمن الثاني من أيام التشريق، فأيام النحر عندهم ثلاثة: يوم العيد، ويومان بعده، ويجوز في ليل يومي التشريق التاليين ليوم العيد إنما الأفضل أن يذبح في النهار.

 الشافعية قالوا: يدخل وقت ذبح الأضحية بعد مضي قدر ركعتين وخطبتين بعد طلوع الشمس يوم عيد النحر، وإن لم ترتفع الشمس قدر رمح، ولكن الأفضل تأخيره إلى مضي ذلك من ارتفاعها، ويستمر إلى آخر أيام التشريق الثلاثة، ويصح الذبح ليلاً أو نهاراً بعد دخول وقتها، إلا أنه يكره في الليل إلا لحاجة: كاشتغاله نهاراً بما يمنعه من التضحية، أو لمصلحة.

 كسهولة حضور الفقراء ليلاً المالكية قالوا: زادوا أن يكون الذبح نهاراً فلو ذبح ليلاً لم تصح أضحيته، وهذا الشرط بالنسبة لليوم الأول لا خلاف فيه عندهم، أما في غير اليوم الأول في صحة الذبح ليلاً خلاف، والمشهور أنه لا يجزئ، وأن يكون الذابح مسلماً، فإذا بحها الكتابي لا تجزئ، ولكنها تؤكل لحماً وأن لا يشرك معه فيها أحد؛ ويصح أن يشرك في الثواب لا في الثمن معه من تلزمه نفقتهم إن كانوا معه في سكن واحد، وإلا فلا تصح، وهذا هو المشهور عندهم الحنفية قالوا: زادوا أن يكون الذبح نهاراً في اليوم الأول والرابع، فلو ذبح في الليلة الأولى أو الليلة الرابعة لا تصح، أما الذبح في الليلتين المتوسطتين فإنه مكروه تنزيهاً المالكية قالوا: لا يصح الاشتراك في الثمن، إنما يصح الاشتراك في الأجر بالشروط المتقدمة الحنفية قالوا: الشاة أفضل من سبع البدنة - البقرة أو الجمل ونحوهما - إذا استويا في اللحم والقيمة والكبش أفضل من النعجة إذا استويا في الثمن والقيمة أيضاً.

 والأنثى من المعز أفضل من التيس إذا استويا قيمة، والأنثى من الإبل والبقر أفضل إذا استويا أيضاً.

 الشافعية قالوا: أفضلها سبع شياه عن واحد، فبدنة، فبقرة، والكمال لا حد له.

 الحنابلة قالوا: الأفضل الإبل، ثم البقر إن أخرج كاملاً بدون اشتراك، ثم الغنم، ثم شرك سبع في ناقة أو جمل، ثم شرك في بقرة، وأفضلها جميعها الأسمن، ثم الأغلى ثمناً، والذكر والأنثى سواء.

 المالكية قالوا: الأفضل الضأن مطلقاً، ثم المعز، ثم البقر، وتقديمه على الإبل هو الأظهر، ثم الإبل، ويندب الفحل إن لم يكن الخصي أسمن، فإن كان أسمن فهو أفضل من الفحل السمين 



 مبحث إذا ترك التسمية عند الذبح الأضحية 

۞۞۞۞۞۞۞



 التسمية شرط في حل أكل كل ذبيحة، باتفاق ثلاثة، وخالف الشافعية، فانظر مذهبهم تحت الخط سواء أكانت أضحية أم غيرها، فمن ترك التسمية عمداً لا تؤكل ذبيحته، بخلاف ما إذا تركها سهواً، فإنها تؤكل، كما سيأتي في مبحث الذبح، وكذلك من أهل لغير الله، فإن ذبيحته لا تؤكل، والإهلال لغير الله هو الصياح بذكر الصنم ونحوه عند ذبح ما يتقرب به إليه، فقد كانت عادة المشركين أن يصيحوا عندما يذبحون لأصنامهم بذكرها.

 

دليل الحج والعمرة 

،٥٩

الى الجزء السابع

۞۞۞۞۞۞۞



‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗








الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Aaa_ao10

مبارك زمزم يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مبارك زمزم
ادارى
ادارى
مبارك زمزم


وسام الابداع

اوفياء المنتدى

عدد المساهمات : 1838
تاريخ التسجيل : 30/10/2010

الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته وسننه بالتفصيل   الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Icon_minitime1الأحد 21 مايو - 2:40

#الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته وسننه بالتفصيل

🟩الجزء السابع🟩

 مبحث مندوبات الأضحية ومكروهاتها 
۞۞۞۞۞۞۞

 وأما مندوباتها ومكروهاتها فهي مفصلة في المذاهب، فانظرها تحت الخط الشافعية قالوا: التسمية ليست شرطاً في حل أكل الذبيحة، فلو ترك التسمية عمداً حلت الذبيحة، ولكن ترك التسمية مكروه، أما الذبيحة التي يحرم أكلها فهي التي ذكر اسم غير الله عليها، وهي التي كانت تذبح للأصنام المالكية قالوا: يندب إبراز الضحية للمصلي، ويكره عدم ذلك للإمام فقط، ويندب أن يكون الصنف الذي يضحى منه جيداً من أعلى النعم وأكمله، وأن يكون من مال طيب، وأن تكون سالمة من العيوب التي تصح بها، فيندب أن تكون غير خرقاء.
 وهي التي في أذنها خرق مستدير، وأن تكون غير شرقاء، وهي مشقوقة الأذن، أو مقابلة، وهي مقطوعة الأذن من جهة وجهها، أو مدارة، وهي مقطوعة الأذن من خلفها؛ وندب أن يكون سميناً، وأن يكلف ليسمن على الراجح، وندب أن يكون ذكراً ذا قرنين أبيض، وندب أن يكون فحلاً إن لم يكن المخصي أسمن؛ وندب أن يكون ضأناً، ثم معزاً، إلى آخر التفصيل المتقدم ويندب لمن يريد التضحية أن يترك الحلق وقلم الظفر في عشر ذي الحجة إلى أن يضحي، ويندب أن يذبح الأضحية بيده، ويندب للوارث أن ينفذ أضحية مورثه إن عينها قبل موته ما لم تكن نذراً، وإلا وجب تنفيذ الوصية، ويندب أن يجمع بين الأكل منها والتصدق والإهداء بدون تحديد معين، بل يفعل في ذلك كما يجب؛ ويسن ذح أو نحر ولد خرج من الضحية قبل دبحها أو نحرها حيا حياة غير مستمرة، ويؤكل إن تم خلقه، ونبت شعره، أما إن خرج منها عقب ذبحها حيا حياة مستمرة، فإن ذبحه أو نحره واجب؛ ويكره جز صوفها قبل الذبح بشرطين: الأول: أن لا ينوي جزه عند شرائها، فإن نوى جزه ليتصرف فيه التصرف المباح جاز بلا كراهة، أما إذا نوى بيعه فإنه يكره، الثاني: أن لا ينبت مثله أو قريب منه قبل الذبح، وإلا فلا كراهة، أما المنذورة فإنه يحرم جز صفوفها مطلقاً، وقيل: حكمها كغيرها في ذلك.
 الحنفية قالوا: يندب أن يأكل من لحم أضحيته ويدخر ويتصدق، والأفضل أن يتصدق بالثلث ويدخر الثلث، ويتخذ الثلث لأقربائه وأصدقائه، ولو أخذ الكل لنفسه جاز، لأن القربة تحصل بإراقة الدم.
 هذا إذا لم تكن منذورة، وإلا فلا يحل الأكل منها مطلقاً، بل يتصدق بها جميعهاً، وكذا التي وجب التصدق بعينها بعد أيام النحر، أما إذا اشتراها للأضحية، ثم حبسها حتى مضت أيام النحر، فإنه يجب عليه أن يتصدق بها حية، ويحرم عليه الأكل منها، وكذا يحرم الأكل من ولد الأضحية التي تلده قبل الذبح فإذا ولدت الأضحية ولداً قبل ذبحها فإنه يذبح معها، ويتصدق به جميعها؛ ولا يحل الأكل منه، فإن أكل منه شيئاً تصدق بقيمته.
 ويستحب أن يتصدق به حياً أما الولد الذي لا يخرج حياً فسيأتي بيان الخلاف في تذكيته في "مبحث الزكاة" وكذا يحرم الأكل من الأضحية التي ضحى بها عن الميت بأمره، ومن المشتركة بين سبعة نوى أحدهم بحصته القضاء عن الماضي، فإن هذه الأشياء يجب التصدق بها جميعها، ويندب أن لا يتصدق منها بشيء إذا كان صاحبها ذا عيال توسعة عليهم، وأن يذبح بيده إن كان يعرف الذبح، وإلا شهدها بنفسه، ويأمر غيره، وكره ذبح الكتابي، وأما المجوسي والوثني فلا تحل ذبيحته - كما تقدم، وكره بيع جلدها أو استبداله بما يستهلك، كلحم، وجبن، وخل، ونحو ذلك؛ أما استبدالها بغربال ودلو ونحو ذلك مما يبقى زمناً طويلاً فإنه يحل، ويجوز أن ينتفع به في مثل هذا، فيعمل هو غلابالاً وقربة وسفرة ونحو ذلك، وقيل: بيع جلدها باطل لا مكروه، وكره جز صوفها قبل الذبح لينتفع به، فإن جزه تصدق به، وكره ركوبها وتأجيرها، فإن فعل تصدق بالأجرة التي أخذها، ويكره الانتفاع بلبنها قبل ذبحها، وأن يعطي الجزار أجره منها، ويكره تنزيهاً الذبح ليلاً في الليلتين المتوسطتين، أما الليلة الأولى والرابعة فإنه لا يصح فيهما الذبح، كماتقدم، ويسن توجيهها إلى القبلة، وأن يعمل فيها كغيرها مما تقدم من حد الشفرة، وعدم تعذيبها بغير ضرورة؛ وكره بيع صوف الأضحية، وشرب لبنها وإطعام كافر منها، كتابياً كان، أو مجوسياً، بأن يبعث له بشيء منها في منزله، أما إذا ضافه كافر، أو نزل به وهو يأكل، فإنه لا كراهة في إطعامه منها على الراجح، وكره التغالي في ثمنها، أو عددها إن خاف المباهاة، أما إذا قصد زيادة الثواب بزيادة الثمن والعدد فإنه مندوب، وكره فعل التضحية عن شخص ميت إذا لم يشترطها في وقف له؛ وإلا وجب فعلها عنه، ويلزم أن يتبع شرطه، سواء كان جائزاً أو مكروهاً، فإن عين أضحية قبل موته كان تنفيذها مندوباً؛ كما تقدم؛ وتكره العتيرة، وهي ذبح شاة في رجب كانوا يذبحونها في الجاهلية لأصنامهم؛ وكانت جائزة في أول الإسلام، ثم نسخت بالأضحية.
 ويكره إبدالها بأقل منها أو مساو لها إذا لم يعينها وإلا فلا يصح.
 الشافعية قالوا: يسن في الأضحية كونها سمينة سواء كان سمنها بفعله أو بفعل غيره؛ وأن لا تكون مكسورة القرن ولا فاقدته، وأن تذبح بعد صلاة العيد، وأن يكون الذابح مسلماً وأن يكون الذبح نهاراً، ويكره ليلاً إن لم يكن لحاجة، وإلا فلا كراهة، وأن يطلب لها موضعاً ليناً، لأنه أسهل لها، وأن يوجه مذبحها للقبلة، وأن يتوجه هو إليها أيضاً.
 وأن يسمي الله تعالى؛ ويكره تعمد ترك التسمية كما تقدم ويسن أن يصلي ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يكبر ثلاثاً بعد التسمية وأن يقول: اللهم هذا منك وإليك.
 فتقبل مني، وأن تذبح الغنم والبقر.
 وتنحر الإبل؛ وأن لا يبين رأسها.
 ويسن قطع الودجين 

۞

 مبحث كيف يذبح الحيوان ويقال لذلك ذكاة 
۞۞۞۞۞۞۞

 الذكاة - بالذال - ذبح أو نحر أو عقر حيوان مباح للأكل، بشرائط مفصلة في المذاهب، مذكورة تحت الخط ويسن أن تكون الإبل عند النحر قائمة معقولة رجلها اليسرى، والغنم والبقر مضجعة على جنبها الأيسر؛ وأن يحد المدية، ويكره أن يحدها والذبيحة تنظر إليه كما يكره أن يذبح واحدة، والأخرى تنظر.
 الحنابلة قالوا: يسن أكل ثلث الأضحية، وإهداء ثلثها ولو لغني؛ والتصدق بثلثها على الفقراء، ولا فرق في ذلك بين المعينة والمنذورة وغيرهما، إلا أن المعينة والمنذورة لا يجوز إهداء الكافر منهما، أما ضحية التطوع فيجوز إهداء الكافر منها، ويستحب أن يتصدق بأفضلها وأن يهدي الوسطن ويأكل الأقل، وإن كانت الأضحية ليتيم، فلا يجوز للولي أن يتصدق عنه أو يهدي منها، بل يوفرها له، وله أن يشرب من لبنها، إلا إذا كان لها ولد، فإنه يحرم عليه أن يشرب ما ينقص من القدر الذي يكفي في رضاع ولدها وتلزمه قيمته، أما ما زاد بعد رضاعه فله شربه أيضاً، ويجوز أن يجز صوفها إن كان فيه منفعة لها بأن يزيد في سمنها، أما إن كانت المنفعة في بقائه بأن يقيها الحر والبرد، فلا يجوز جزه، ولا يجوز أن يعطي الجزار أجره منها، بل إن شاء أن يعطيه منها فله ذلك على سبيل الصدقة أو الهدية، ويحرم بيع جلدها وجلها، وهو الذي يغطى به الحيوان، كما يحرم بيع شيء من الذبيحة؛ وله أن ينتفع بالجلد والجل، فيصلي عليه.
 ويتخذه غربالاً ونحو ذلك، أو يتصدق بهما، وإن ولدت التي عينت للأضحية ذبح ولدها معها؛ سواء عينها حاملاً أو حدث الحمل بعد التعيين، ويندب ذبح الجنين الذي يخرج من بطن أمه ميتاً، أو الذي في حركة المذبوح، أما لجنين الذي يخرج وفيه حياة مستقرة، فإن ذبحه واجب، وذكاة الجنين ذكاة أمه، سواء نبت شعره أو لم ينبت، ويسن نحر الإبل قائمة معقولة الرجل اليسرى، وأن يعمل مع الأضحية ما يعمل مع غيرها مما يأتي في "مبحث الذبح".
 الحنفية قالوا: الذكاة الشرعية تنقسم إلى قسمين: ذكاة الضرورة، وذكاة الاختيار، فذكاة الضرورة هي جرح وقع في أي جزء من بدن الحيوان، وإنما تكون في حيوان غير مستأنس، فلو توحش غنم، أو بقر أو بعير وتعسر ذبحه، ثم رمي بسهم، فأصابه في أي جزء من بدنه وأراق دمه وأماته حل أكله، وكذا لو نفر البعير ولم يقدر صاحبه على أخذه إلا بجماعة، فإن له أن يرميه، ومتى جلح وسال دمه ومات بهذا الجرح حل أكله، ومثل ما إذا صال حيوان على أحد فرماه دفاعاً عن نفسه فأماته.
 فإنه يحل أكله إذا جرحه وأسال دمه: وكذا إذا وقع حيوان في بئر وتعذر ذبحه فرماه فجرحه.
 وعلم أنه مات بالجرح، أو لم يعلم إن كان قد مات به أو بغيره فإنه يحل أكله؛ أما إذا علم أنه مات بغير الجرح فإن أكله لا يحل.
 وكذا إذا تعسرت بقرة في الولادة فأدخل رجل يده فذبح ولدها حل أكله، فإن لم يقدر على ذبحه وجرحه حل أكله، وإن لم يذبح أو يجرح فلا يحل، ولو ذبحت أمه، لأن ذكاة الأم ليس ذكاة لولدها عند أبي حنيفة، وقالا - أبو يوسف، ومحمد -: إن تم خلقه أكل بذكاة أمه، لحديث "ذكاة الجنين ذكاة أمه"، وحمل الإمام الحديث على التشبيه، ويعني أن ذكاة الجنين مثل ذكاة أمه، وأما ذكاة الاختيار فهي الذبح بين مبدأ الحلق إلى مبدأ الصدر، بأن يقطع الودجين، وهما - عرقان كبيران في جانبي قدام العنق -، ويقطع الحلقوم، وهو - مجرى النفس -، والمريء، وهو - مجرى الطعام والشراب -؛ ويكفي قطع ثلاثة منها، فإن للأكثر حكم الكل، فلا بد من قطع الحلقوم، أو المريء مع الودجين أو قطع ودج مع الاثنين، ويرى بعضهم ضرورة قطع الحلقوم والمريء مع أحد الودجين، ومتى تحقق القطع على هذا الوجه صار الذبح شرعياً، وحل أكل الذبيحة، سواء كان الذبح فوق العقدة التي في أعلى الحلق؛ أو تحتها.
 ويشترط، أولاً: أن يكون الذابح مسلماً؛ أو كتابياً: يهودياً أو نصرانياً، إفرنجياً أو غيره ويدخل في النصراني الصابيء، لأنه يقر بعيسى عليه السلام، ويدخل في اليهودي السامرة، لأنهم يدينون بشريعة موسى عليه السلام، فكل هؤلاء تحل ذبيحتهم، ولا تحل ذبيحة غيرهم من: وثني، ومجوسي، ومرتد عن الإسلام، وكذا لا تحل ذبيحة الدروز الذين لا يدينون بكتاب، وإذا ذكر الكتابي أسم المسيح لا تحل وليمته، ثانياً: أن لا يذبح صيد الحرم، فإن الصيد في الحرم لا تحله الذكاة؛ ولو كان الذابح غير محرم، ثالثاً: أن يترك التسمية عمداً، أما إن تركها سهواً فإن الذبيحة تكون حلالاً، ويشترط في التسمية: 1 - أن تكون ذكراً خالصاً، بأن يذكر اسم الله تعالى بأي اسم من أسمائه، سواء كان مقروناً بصفة، نحو: الله أعظم، أو غير مقرون بصفة، نحو الله، الرحمن، أو يذكره بالتسبيح والتهليل، أما ذكر اسم الله مقروناً بدعاء، كقول: اللهم اغفر لي، فإن الذبيحة لا تحل به، ويستحب أن يقول: بسم الله، الله أكبر.
 2 - وأن تكون التسمية من نفس الذابح حال الذبح، والرامي لصيد حال الرمي، ومرسل كلب الصيد حال الإرسال، فلو سمى غير الفاعل لا يحل الأكل: وأن يكون الذبح عقب التسمية قبل تبدل المجلس، فلو سمي واشتغل بأكل أو شرب، فإن طال لم يحل الذبح، وغلا حل، وحد الطول ما يستكثره الناظر، ويشترط أن لا يقصد بالتسمية شيئاً آخر كالتبرك في ابتداء الفعل.
 فإن فعل ذلك أو نوى امراً آخر غير الذبح، فإنها لا تحل؛ أما إذا لم تحضره النية أصلاً فإنها تحل ذبيحة الصبي الذييعرف التسمية، وإن لم يعلم أن التسمية شرط لحل الذبيحة على التحقيق؛ ومثله السكران إذا كان يعقل لفظ التسمية، وإن لم يعلم أن التسمية شرط لحل الذبيحة على التحقيق؛ ومثله السكران إذا كان يعقل لفظ التسمية وكذلك المجنون؛ فكل هؤلاء إذا كانوا يضبطون عمل الذبح، ويذكرون اسم الله تحل ذبيحتهم، كما تحل ذبيحة الأخرس، وذبيحة الأقلف.
 وهو الذي لم يختن بدون كراهة؛ ويصح الذبح بكل ما يقطع من العروق المشروط قطعها ويسيل الدم، فيجوز الذبح بالسكين، وقشر القصب الأزرق - الغاب - والمروة، وهي حجر أبيض كالسكين، وغير ذلك، ماعدا السن والظفر، فإنه لا يحل الذبح بهما إذا كانا متصلين، فإن انفصلا حل الذبح بهما مع الكراهة، لما فيه من تعذيب الحيوان، كالذبح بالسكين الكالة التي لا تقطع؛ وإذا ذبح لعظيم بقصد التقرب إليه وتعظيمه بالنحر فإن ذبيحته لا تؤكل، لأنه أهل بها لغير الله، بخلاف ما يذبح للضيف بقصد إكرامه، فإنه جائز، وإن قدم له غير المذبوح عند الأكل.
 المالكية قالوا: الذكاة الشرعية هي السبب الموصل لحل أكل الحيوان البري اختياراً، وأنواها أربعة: ذبح، ونحر، وعقر.
 وفعل يزيل الحياة بأي وسيلة؛ النوع الأول: الذبح.
 ويكون في البقر والجاموس والضأن والمعز والطير والوحش والمقدور عليه.
 ما عدا الزرافة.
 فإنها تنحر.
 ويعرف الذبح بأنه قطع الحلقوم والودجين من المقدم بمحدد بنية.
 ولا يشترط قطع المريء ويشترط أن يكون الذابح مميزاً مسلماً.
 أو كتابياً.
 وأن لا يرفع يده رفعاً طويلاً باختياره قبل تمام الذبح: ويشترط لحل ذبيحة الكتابي شروط: أن يذبح ما يحل له بشريعتنا، وأن لا يهل به لغير الله وقد تقدم بيان ذلك في الأضحية في "مبحث إذا ذبحها كتابي"، وأن يذبح بحضرة مسلم مميز عارف بأحكام الذكاة إن كان الكتابي ممن يستحل الميتة، فلا يحل أكل ذي ظفر ذبحه يهودي، كإبل وبط وأوز وزرافة من كل ما ليس بمنفرج الأصابع، لأن اليهود يحرمون أكل ذي الظفر، وثبت في شريعتنا أنه محرم عليهم، فإذا ذبحه فلا يحل، أما ما يحل لهم في شريعتهم: كالحمام، والدجاج، ونحوهما فإنها حلال إذا ذبحها؛ النوع الثاني: النحر، ويكون في الإبل والزرافة والفيلة، ويكره في البقر والجاموس، وكذا الخيل والبغال والحمر الوحشية، ويعرف النحر بأنه طعن مميز مسلم، أو كتابي بلبه، بلا رفع طويل قبل التمام بنية، النوع الثالث: العقر، ويكون في وحشي غير مقدور عليه إلا بعسر، سواء كان طيراً أو غيره، ويعرف بأنه جرح مسلم مميز حيواناً وحشياً بمحدد، أو حيوان صيد معلم بنية؛ وتسمية، ولا يصح العقر من كافر، وقيل: يصح من الكتابي كالذبح، ولا يصح العقر من صبي أو مجنون أو سكران، ولا يصح عقر حيوان مستأنس إذا شرد، فلو نفرت بقرة أو غنم أو جمل، فإنه لا يصح العقر بعصا أو حجر لا حد له، ويصح برصاصة، لأنها أقوى من المحدد، وأما الفعل المميت فهو ذكاة من لا دم له: كالجراد، والدود، فإن ذكاته إماتته بأي سبب، كالنار، أو قطع الأسنان، أو ضرب العصا، أو نحو ذلك، ويشترط نية ذكاته، ويشترط في الأنواع الأربعة ذكر اسم الله تعالى لمسلم ذاكر قادر؛ فإن نسي أو عجز، كأخرس أكلت ذبيحته.
 الشافعية قالوا: الذكاة الشرعية هي قطع الحلقوم والمريء جميعاً، فلو بقي شيء منهما لم يحل المذبوح، ويشترط أن يكون في الحيوان حياة مستقرة قبل ذبحه إن وجد سبب يحال عليه الهلاك، وإلا فلا يشترط وجودها، فالمريض بغير سبب يحال عليه الهلاك لو ذبح أخر رمق حل، وإن لم يسل الدم ولم توجد حركة عنيفة، والمراد بالحياة المستقرة ما يوجد معها الحركة الاختيارية بقرائن يترتب عليها غلبة الظن بوجود الحياة.
 ومن أمارتها انفجار الدم بعد قطع الحلقوم والمريء، أو الحركة الشديدة ولا فرق بين أن يكون قطع الحلقوم والمريء من تحت الجوزة المعروفة أو من فوقها.
 لكن بشرط أن يبقى منها تديرتان كاملتان: إحداهما: من الأعلى، والثانية: من أسفل وإلا لم يحل المذبوح، لأنه حينئذ يسمى فرعاً لا ذبحاً.
 أما قطع الودجين فهو سنة، ولو قطع الرأس كله كفى، ولكن يكره على المعتمد، وإنما يشترط الذبح بهذه الصفة في الحيوان المستأنس المقدورة عليه، أما غير المستأنس: كغنم، وبقر توحش، وبعير نفر، وغزال في الصحراء، وبهيمة سقطت في بئر ولا يمكن الوصول إلى ذبحها: فذكاته عقره في أي موضع من بدنه بشيء يجرح: ينسب إليه زهوق الروح.
 فلا ينفع العقر بحافر أو خف: ولا بخدش الحيوان خدشة لطيفة.
 ويشترط لحل الدبح شروط: أولاً: قصد العين أو الجنس.
 فلو رمى شيئاً ظنه حجراً أو حيواناً لا يؤكل.
 فظهر أنه حيوان يؤكل حل أكله، لأنه كان يقصد عيناً، وكذا لو رمى قطيع ظباء.
 فأصاب واحدة منها، أو قصد واحدة فأصاب غيرها، حل المرمي لقصد جنسه، فإذا لم يقصد العين أو الجنس لا يحل لحيوان.
 فإذا وقعت منه السكين فأصابت حيواناً فذبح.
 أو احتك بسكين فانذبح.
 أو صال أحد بسيفه فأصاب مذبح حيوان لا يحل المذبوح لعدم القصد: ثانياً: أن يكون الإسراع بإزهاق روح اليحوان متمحضاً لقطع الحلقوم والمريء، فلو أخذ واحد في قطعها، وأخذ الثاني في نزع الأمعاء، أو نخس الخاصرة لم يحل ثالثاً: وجود الحياة المستقرة قبل الذبح حيث وجد سبب يحال عليه الهلاك، فإذا جرح حيوان، أو سقط عليه سقف أو نحوه، وبقيت فيه حياة مستقرة، فذبح حل، وهي ما عرفت بشدة الحركة، أو انفجار الدم، وإن تيقن هلاكه بعد ساعة، وإلا فلا يحل لوجود سبب يمكن أن يسند إليه الهلاك، وهو الجرح، أو سقوط السقف ولا يشترط تيقن الحياة المستقرة؛ بل يكفي ظن وجودها، وإذا وصل الحيوان قبل الذبح إلى حالة فقد معها الإبصار والحركة الاختيارية بسبب مرض أو وجع ثم ذبح، فإنه يحل، ولو لم ينفجر الدم، أو يتحرك الحركة العنيفة، أما إذا أكل الحيوان طعاماً انتفخ به حتى صار في آخر رمق، ثم ذبح فإنه لا يحل على المعتمد ما لم توجد الحركة الشديدة أو انفجار الدم، رابعاً: أن يكون المذبوح مما يحل أكله، فلا يجوز ما لا يحل، ولو لإراحته عند تضرره من الحياة، خامساً: أن يكون القطع بمحدد، ولو من قصب، أو خشب، أو ذهب، أو فضة، إلا السن والظفر وباقي العظام، فإنه لا تحل الذكاة بها، فإذا قتل الحيوان بغير محدد بأن ضرب ببندقية، أو سهم بلا نصل ولاحد، أو خنق بشرك فمات، فإنه يحرم في كل ذلك؛ سادساً: أن يكون القطع دفعة واحدة، فلو قطع الحلقوم وسكت، ثم تمم الذبح، فإن كان الفعل الثاني منفصلاً عن الأول عرفاً اشترط أن تكون في الحيوان المستقرة، وذلك كأن رفع السكين وأعادها فوراً، أو ألقاها لكونها لا تقطع وأخذ غيرها فوراً أو سقطت منه فتناولها، أو أخذ غيرها سريعاً، أو قلبها وقطع بها ما بقي، فكل ذلك جائز، إذ لا فصل فيه بين العمل الأول والثاني، سابعاً: أن لا يكون الذابح محرماً والمذبوح صيد بري وحشي؛ فإن كان كذلك فلا يحل المذبوح، ثامناً: أن يكون الذابح مسلماً أو كتابياً، لا مجوسياً ولا وثنياً، ولا مرتداً، فتحل ذكاة اليهودي والنصراني، كالمسلم، كما لا تحل ذكاة المجنون والسكران وغير المميز.
 ولو في الحيوان الذي لا يقدر عليه على الراجح، لكن مع الكراهة: وكذلك تكره ذكاة الأعمى، ولا تشترط التسمية، وإنما تسن، وإذا ذكر اسم الله مقترناً باسم غيره، كأن قال: بسم الله، واسم محمد؛ فإن أراد الإشراك كفر، وحرمت الذبيحة؛ وإن لم يرد الإشراك حلت الذبيحة، ولكن يكره إن قصد التبرك؛ ويحرم إن أطلق لإبهام الشريك.
 الحنابلة قالوا: الذكاة شرعاً هي ذبح حيوان مقدور عليه مباح أكله يعيش في البر أو نحوه إلا الجراد ونحوه؛ مما لا يذبح أو ينحر؛ وتتحقق الذكاة الشرعية بقطع الحلقوم والمريء، والحلقوم مجرى النفس، والمريء - وهو البلعوم - مجرى الطعام والشراب؛ والنحر يكون في الليلة، وهي الوهدة التي بين أصل العنق والصدر، ولا يشترط قطع الودجين، وهما عرقان محيطان بالحلقوم؛ ولكن الأولى فيجرحه ويميته؛ فيحل أكله كالصيد.
 فإذا نفر بعير فلم يقدر عليه.
 أو سقط حيوان مباح الأكل في بئر وتعذر ذبحه فعقر.
 حل أكله بشرط أن يموت بالجرح الذي قصد به عقره.
 فإن مات بغيره فلا يحل أكله ولو كان الجرح موجباً لقتله، ويشترط أيضاً أن تتوفر شروط الذابح فيمن رماه: فلو رماه مجوسي لا يصح أكله ويشترط لحل الذبيحة أربعة شروط الشرط الأول: أن يقول بسم الله عند حركة يده بالذبح أو النحر أو العقر.
 ولا يقوم شيء مقام التسمية.
 فلو سبح الله لا يجزئ وتجوز بغير العربية.
 ولو مع القدرة على العربية، ويسن أن يكبر مع التسمية.
 فيقول: بسم الله والله أكبر.
 فإن كان الذابح أخرس أومأ برأسه إلى السماء.
 وأشار إشارة تدل على التسمية.
 بحيث يفهم منها أنه أراد التسمية.
 وهذا كاف في حل ذبيحة الأخرس.
 فإذا تركت التسمية عمداً أو جهلاً لم تبح الذبيحة، لقوله تعالى: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} وإن تركت التسمية سهواً فإنها تحل.
 لحديث شداد بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ذبيحة المسلم حلال.
 وإن لم يسم إذا لم يتعمد".
 ويشترط قصد التسمية على ما يذبحه فلو سمى على شاة وذبح غيرها بتلك التسمية لم تبح الثانية.
 ولا يضر الفصل اليسير بين التسمية والذبح.
 فلو سمى ثم تكلم وذبح حلت.
 وإذا أضجع شاة ليذبحها وسمى ثم ألقى سكينته وأخذ غيرها وذبح حلت.
 وكذا إذا رد سلاماً أو استقى ماء، والكتابي كالمسلم.
 فإذا ذكر اسم المسيح لا تحل الذبيحة.
 وإذا لم يعلم إن كان الذابح سمى أو لا، ذكر اسم الله أو غيره فالذبيحة حلال.
 الشرط الثاني: أهلية الذابح أو الناحر أو العاقر.
 وهو أن يكون عاقلاً أو قاصد التذكية فلو وقعت السكين على حلق شاة فذبحتها لم تحل لعدم قصد التذكية وأن يكون مسلماً أو كتابياً ولو حربياً.
 أو من نصارى بني تغلب، لا فرق بين أن يكون ذكراً أو أنثى، حراً أو عبداً، ولو جنباً.
 وحائضاً.
 ونفساء، وأعمى.
 وفاسقاً، ولا تحل ذبيحة مجنون.
 وسكران.
 وصبي غير مميز لأنه لا قصد لهم، فإذا كان الصبي مميزاً تحل ذبيحته.
 ولو كان دون عشر سنين.
 ولا تحل ذبيحة مرتد.
 ولا مجوسي، ولا وثني.
 ولا زنديق، ولا درزي وكل من لا يدين بكتاب، أخذاً من مفهوم قوله تعالى: {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} .
 أي فلا يحل لكم طعام غيره.
 الشرط الثالث: الآلية، وهو أن يذبح بألة محددة تقطع أو تخرق بحدها.
 لا تقطع أو تخرق بثقلها، ولا فرق في المحددة بين أن تكون من حيديد: ويسن أن تنحر الإبل، إلا عند المالكية، فانظر مذهبهم تحت الخط، ونحوها مما له رقبة طويلة ويذبح غيرها، كالبقر، والغنم: ويسن أن يحد الشفرة أولاً - السكين ونحوها - وأن يحدها بعيداً عن الذبيحة، وأن لا يذبح واحدة والأخرى تنظر، وأن يضجع الذبيحة إن كانت شاة أو بقرة على جنبها الأيسر، ثم يقول: اللهم هذا منك وإليك {وجهت وجهي} الآية {ن صلاتي نسكي} الآية، بسم الله، الله أكبر، ثم يذبح، ويكره كسر عنق المذبوح قبل أن تزهق روحه ويسكن وكذلك يكره سلخه، أو قطع عضو منه، أو نتف ريشه قبل أن تزهق روحه، ويكره ترك التوجه إلى القبلة، ويكره كل تعذيب للمذبوح بدون فائدة.
 هذا، وقد أشبعنا الكلام في هذه المواضيع وفيما يجوز أكله وما لا يجوز أكله، وفيما يحل لبسه وما لا يحل في الجزء الثاني، من كتابنا هذا؛ فليرجع إليه من شاء؛ والله ولي التوفيق.
 كالسكين، والسيف، والنصف ونحوها، أو تكون من حجر، أو خشب، أو عظم، إلا السن والظفر، فلا يصح الذكاة بهما، سواء كان متصلين أو منفصلين، الشرط الرابع: أن يقطع الحلقوم والمريء، وقد تقدم بيانهما؛ وإذا ذبح كتابي ما يحرم عليه في شريعته؟ وثبت في شريعتنا تحريمه عليه، ويحل أكله، كما إذا ذبح يهودي حيواناً له ظفر؛ وهي الإبل والنعام والبط، وما ليس بمشقوق الأصابع؛ فإن الله تعالى أخبر بأنه حرم عليهم كل ذي ظفر؛ وكذلك إذا ذبح ما يزعم أنه يحرم عليه، ولم يثبت عندنا أنا يحرم عليه، كما إذا ذبح حيواناً ملتصقة رئته بأضلاعه؛ فإنهم يزعمون أن الرئة تحرم عليهم؛ ويسمونها باللازمة المالكية قالوا: يجب نحر الإبل والزرافة والفيلة - لأنها تؤكل - فإن ذبحت لم تؤكل، ويجب ذبح غيرها من الأنعام والوحوش والطيور، فإن نحرت لم تؤكل؛ ويجوز الأمران والأفضل الذبح في البقر والجاموس والخيل والبغال وحمر الوحش، وكل ذلك في حالة السعة والاختيار، أما في حالة الضرورة، كعدم آلة الذبح؛ أو كوقوع الحيوان في حفرة، فلم يمكن عمل ما يجب من ذبح أو نحر، فإنه في هذه الحالة يجوز العكس في الأمرين بأن يذبح ما ينحر، وينحر ما يذبح للضرورة، والله أعلم.
 وصلى الله وسلم على صاحب الشريعة سيدنا محمد وآله وصحبه 

 61 ﴾ 
انتهى
🔴✍#منتدى_المركز_الدولى✍🔴



‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗








الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته  وسننه بالتفصيل Aaa_ao10
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الحج حكمه، ودليله وشروطه اركانه وواجباته وسننه بالتفصيل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أركان الحج وواجباته وسننه
» الطواف حول الكعبة كيفيته وشروطه وسننه
»  اركان الحج وواجباته د. عبدالحسيب سند عطية و د. عبدالمطلب عبدالرازق حمدان
» أركان الحج وواجباته
» الحج أركانه وواجباته ومواقيته

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي المركز الدولى :: ๑۩۞۩๑ (المنتديات الأسلامية๑۩۞۩๑(Islamic forums :: ๑۩۞۩๑ منتدى الحج والعمره(Hajj and Umrah)๑۩۞۩๑-
انتقل الى: