🟢
من هو الصحابي
🟢
🟩تعريف الصحابي لغةً:
مشتق من الصُّحْبة، وليس مشتقًا من قَدْرٍ خاص منها، بل هو جارٍ على كل من صحب غيره قليلًا أو كثيرًا.
وجاء في "لسان العرب": صَحِبَه يَصْحَبُه صُحْبة بالضم وصَحابة بالفتح، وصاحبه: عاشره، والصَّحْب: جمع الصاحب؛ مثل: راكب وركب، والأَصْحاب: جماعة الصَّحْب؛ مثل: فَرْخ وأَفْراخ، والصاحب: المُعاشر.
تعريف الصحابي اصطلاحًا:
تعددت آراء العلماء في تعريف الصحابي، وأصح ما قيل أنه: "كل مَنْ لقي النبي صَلَّى الله عليه وسلم في حياته مؤمنًا به، ومات على الإسلام". فيدخل في التعريف: كل من لقيه؛ سواء طالت مصاحبته له أم قصرت، وروى عنه أو لم يروِ، وغزا معه أو لم يغز، ومن رآه رؤيةً ولم يجالسه، ومن لم يره لعارضٍ: كالعمى.
ويخرج بقيد "الإيمان": من لقيه كافرًا ولو أسلم بعد ذلك، إذا لم يجتمع به مرة أخرى. وقولنا: "به"، يخرج كل من لقيه كافرًا مؤمنًا بغيره؛ كمَنْ لقيه من مؤمني أهل الكتاب قبل البعثة. وهل يدخل من لقيه منهم وآمن بأنه سيبعث أو لا يدخل؟ محل احتمال، ومِنْ هؤلاء: بحيرا الراهب، ونظراؤه.
ويدخل في قولنا: "مؤمنًا به"، كل مكلف من الجن والإنس. وقد اختلف العلماء في اعتبار الملائكة من الصحابة؛ لأنهم اختلفوا في كون النبي صَلَّى الله عليه وسلم قد أُرسل اليهم أم لا؟ ويدخل فيه ــ أيضًاــ من ارتد وعاد إلى الإسلام قبل أن يموت، سواء اجتمع به صَلَّى الله عليه وسلم مرة أخرى أم لا، وهذا هو الصحيح المعتمد.
وخرج بقولنا: "ومات على الإسلام"، من لقيه مؤمنًا به ثم ارتد ومات على ردته ــ والعياذ بالله ــ وقد وُجِدَ من ذلك عدد يسير؛ كعبيد الله بن جحش، الذي كان زوجًا لأم حبيبة؛ فإنه أسلم معها وهاجر إلى الحبشة، فتنصَّر هناك ومات على النصرانية. وكعبد الله بن خطل، الذي قُتِلَ وهو متعلق بأستار الكعبة. وكربيعة بن أميّة بن خلف.
وقد ذكر العلماء أن من رأى النبي صَلَّى الله عليه وسلم، يُعّدُّ صحابيًا. وهذا محمول على من بلغ سن التمييز؛ إذ من لم يميز لا تصح نسبة الرؤية إليه، نعم يصدق أن النبي صَلَّى الله عليه وسلم رآه، فيكون صحابيًا من هذه الحيثية، ومن حيث الرواية يكون تابعيًا.
جاء في مقدمة ابن الصلاح: اختلف أهل العلم في تعريف الصحابي؛ فالمعروف من طريقة أهل الحديث: أن كل مسلم رأى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فهو من الصحابة.
قال البخاري في صحيحه: من صحب النبي صَلَّى الله عليه وسلم، أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه.
وقال أبو المظفر السمعاني المروزي: أصحاب الحديث يطلقون اسم الصحابة على كل من روى عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم حديثًا أو كلمة، ويتوسعون حتى يعدون من رآه رؤية من الصحابة، وهذا لشرف منزلة النبي صَلَّى الله عليه وسلم، أعطوا كل من رآه حكم الصحبة. وذكر أن اسم الصحابي ــ من حيث اللغة والظاهر ــ يقع على من طالت صحبته للنبي صَلَّى الله عليه وسلم، وكثرت مجالسته له على طريق التبع له والآخذ عنه. قال: وهذا طريق الأصوليين.
وقد روي عن سعيد بن المسيب: أنه كان لا يعد الصحابي إلا من أقام مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم سنة أو سنتين، وغزا معه غزوة أو غزوتين. وكأن المراد بهذا ــ إن صح عنه ــ راجع إلى المحكي عن الأصوليين. ولكن في عبارته ضيق، يوجب أن لا يعد من الصحابة جرير بن عبد الله البجلي ومن شاركه فيه فقد ظاهر ما اشترطه فيهم، ممن لا نعرف خلافًا في عده من الصحابة.
وروى شعبة عن موسى السبلاني ــ وأثنى عليه خيرًا ــ أنه قال: أتيت أنس بن مالك فقلت: هل بقي من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أحد غيرك؟قال: قال: ناس من الأعراب قد رأوه؛ فأما مِن صحْبه فلا. إسناده جيد، حدث به مسلم بحضرة أبى زرعة.
المدة التي تتحقق بها الصحبة:
أورد ابن تيمية قول الإمام أحمد وغيره: "كل من صحب النبي صَلَّى الله عليه وسلم سنة أو شهرًا أو يومًا أو رآه مؤمنًا به فهو من أصحابه له من الصحبة بقدر ذلك". فإن قيل: فلم نهى خالدًا عن أن يسب أصحابه إذا كان من أصحابه أيضًا؟ وقال: "لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه"؛ قلنا: لأن عبد الرحمن بن عوف ونظراءه هم من السابقين الأولين الذين صحبوه في وقت كان خالد وأمثاله يعادونه فيه وأنفقوا أموالهم قبل الفتح وقاتلوا وهم أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد الفتح وقاتلوا وكلًّا وعد الله الحسنى، فقد انفردوا من الصحبة بما لم يشركهم فيه خالد ونظراؤه ممن أسلم بعد الفتح الذي هو صلح الحديبية وقاتل، فنهى أن يسب أولئك الذين صحبوه قبله، ومن لم يصحبه قط نسبته إلى من صحبه كنسبة خالد إلى السابقين وأبعد.
وقوله: "لا تسبوا أصحابي" خطاب لكل أحد أن يسب من انفرد عنه بصحبته عليه الصلاة والسلام وهذا كقوله عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: "أيها الناس إني أتيتكم فقلت: إني رسول الله إليكم فقلتم: كذبت وقال أبو بكر: صدقت فهل أنتم تاركو لي صاحبي؟ فهل أنتم تاركو لي صاحبي" أو كما قال بأبي هو وأمي صَلَّى الله عليه وسلم؛ قال ذلك لما عاير بعض الصحابة أبا بكر وذاك الرجل من فضلاء أصحابه، ولكن امتاز أبو بكر عنه بصحبته وانفرد بها عنه.
وعن محمد بن طلحة المدني عن عبد الرحمن بن سالم بن عتبة بن عويم بن ساعدة عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إن الله اختارني واختار لي أصحابًا جعل لي منهم وزراء وأنصارًا وأصهارًا فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفًا ولا عدلًا". وهذا محفوظ بهذا الإسناد.
وتتحقق معرفة كون الشخص صحابيًا، بأشياء؛ منها:
أن يثبت بطريق التواتر أنه صحابي، أو بالاستفاضة والشهرة، أو بأن يُروى عن آحاد من الصحابة أن فلانًا له صحبة مثلًا؛ وكذا عن آحاد التابعين، بناءً على قبول التزكية من واحد؛ وهو الراجح. أو بأن يقول هو: أنا صحابي، بشرطي: العدالة والمعاصرة؛ أما شرطُ العدالة، فجزمَ به الآمدي وغيره؛ لأن قوله قبل أن تثبت عدالته: أنا صحابي. أو ما يقوم مقام ذلك، يلزم من قبول قوله إثبات عدالته؛ لأن الصحابة كلهم عدول، فيصير بمنزلة قول القائل: أنا عدل وذلك لا يُقبل.
وأما شرطُ المعاصرة، فيعتبر بمُضي مائة سنة وعشر سنين من هجرة النبي صَلَّى الله عليه وسلم؛ لقوله صَلَّى الله عليه وسلم في آخر عمره لأصحابه: "أرأيتكم ليلتكم هذه؛ فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى على وجه الأرض ممن هو اليوم عليها أحد". رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر.
وزاد مسلم من حديث جابر أن ذلك كان قبل موته صَلَّى الله عليه وسلم بشهر، ولفظه: سمعت النبي صَلَّى الله عليه وسلم يقول قبل موته بشهر: "أقسم بالله، ما على الأرض من نفس منفوسة اليوم يأتي عليها مائة سنة وهي حية يومئذ". ولهذا لم يصدق الأئمة أحدًا ادّعَى الصحبة بعد الغاية المذكورة، وقد ادعاها جماعة فكذبوا وكان آخرهم رتن الهندي.
آثار يُستدل بها على صحبة جمع كثير:
يوجد آثار يُستدل بها على صحبة جمع كثير، وهي ثلاثة آثار:
الأول: ما أخرجه ابن أبي شيبة؛ أنه قال: كانوا لا يُؤمرون في المغازي إلا الصحابة؛ فمن تتبع الأخبار الواردة في الردة والفتوح، وجد من ذلك الشيء الكثير.
الثاني: ما أخرجه الحاكم من حديث عبد الرحمن بن عوف؛ قال: كان لا يُولد لأحد مولود إلا أُتِيَ به النبي صَلَّى الله عليه وسلم فدعا له.
الثالث: ما أخرجه ابن عبد البر؛ قال: لم يبقَ بمكة والطائف أحد في سنة عشر إلا أسلم، وشهد حجة الوداع. هذا وَهُمْ في نفس الأمر عدد لا يُحصون؛ لكن يُعرف الواحد منهم بوجود ما يقتضي أنه كان في ذلك الوقت موجودًا.
قال السيوطي ــ رحمه الله ــ في ألفيَّته الحديثية عند تعريف الصحابي:
حدالصحابي مُسلِمًا لاقَىَ الرسول وإن بلا ِرواية عنه وطـــــول
كـذاك
الَاتْبَــاع مــــــع الصحــابـة وقيل: معْ طول ومـــعْ رواية
وقيل: مـــع طول، وقيل: الغزو أو عامٍ، وقيل: مُدرك العصر ولو
وشرطه الموتُ على الدين ولـــــو تخـــلل الــــــردة والجن ُّ رأوا
دخولهـــــــم دون مــلائــك ومــا نشرِط بُلُوغًا في الأصح فيهما
وتُعــــــرف الصحبــة
بالتواتــــــرْ وشُهــرة وقــــــول صحب آخر
أو تابعي، والأصــــــــــــح: يُقـبلُ إذا ادعى مُعاصـــــــر مُعـــــدل
وهم عُـــــدول كُلهـــم لا يشتبــــه النووي أجمـــع من يُعتــدُّ بـــه فضائل الصحابة
《
#منتدى_المركز_الدولى》