مع روائع التفسير البغوي
﴿إِنَّ هَـٰذِهِۦۤ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةࣰ وَ ٰحِدَةࣰ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ﴾ [الأنبياء ٩٢]
((
))﴿إن هذه أمتكم أمة واحدة﴾: إن حرف ناسخ، وهذه اسم إن، وأمتكم خبر إن، و﴿أمةً﴾ حال لازمة وقيل : بدل من هذه، وواحدة صفة.﴿وأنا ربكم فاعبدون﴾: الواو عاطفة، وأنا مبتدأ، وربكم خبر. فاعبدون: الفاء الفصيحة، واعبدون فعل أمر وفاعل، وياء المتكلم المحذوفة لرسم المصحف مفعول به.
(
#المصدر الإعراب الميسر )
#تفسير_البغوي﴿فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ وَوَهَبۡنَا لَهُۥ یَحۡیَىٰ وَأَصۡلَحۡنَا لَهُۥ زَوۡجَهُۥۤۚ إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ یُسَـٰرِعُونَ فِی ٱلۡخَیۡرَ ٰتِ وَیَدۡعُونَنَا رَغَبࣰا وَرَهَبࣰاۖ وَكَانُوا۟ لَنَا خَـٰشِعِینَ (٩٠) وَٱلَّتِیۤ أَحۡصَنَتۡ فَرۡجَهَا فَنَفَخۡنَا فِیهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلۡنَـٰهَا وَٱبۡنَهَاۤ ءَایَةࣰ لِّلۡعَـٰلَمِینَ (٩١) إِنَّ هَـٰذِهِۦۤ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةࣰ وَ ٰحِدَةࣰ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ (٩٢) وَتَقَطَّعُوۤا۟ أَمۡرَهُم بَیۡنَهُمۡۖ كُلٌّ إِلَیۡنَا رَ ٰجِعُونَ (٩٣) فَمَن یَعۡمَلۡ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَهُوَ مُؤۡمِنࣱ فَلَا كُفۡرَانَ لِسَعۡیِهِۦ وَإِنَّا لَهُۥ كَـٰتِبُونَ (٩٤) وَحَرَ ٰمٌ عَلَىٰ قَرۡیَةٍ أَهۡلَكۡنَـٰهَاۤ أَنَّهُمۡ لَا یَرۡجِعُونَ (٩٥) حَتَّىٰۤ إِذَا فُتِحَتۡ یَأۡجُوجُ وَمَأۡجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبࣲ یَنسِلُونَ (٩٦)﴾ [الأنبياء ٩٠-٩٦]
((
))﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى﴾ وَلَدًا ﴿وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ﴾ أَيْ جَعَلْنَاهَا وَلُودًا بَعْدَ مَا كَانَتْ عَقِيمًا، قَالَهُ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَتْ سَيِّئَةَ الْخُلُقِ فَأَصْلَحَهَا لَهُ بِأَنْ رَزْقَهَا حُسْنَ الْخُلُقِ.﴿إِنَّهُمْ﴾ يَعْنِي الْأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، ﴿كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا﴾ طَمَعًا، ﴿وَرَهَبًا﴾ خَوْفًا، رَغبًا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَرَهبًا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، ﴿وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ أَيْ مُتَوَاضِعِينَ، قَالَ قَتَادَةُ: ذُلِّلَا لِأَمْرِ اللَّهِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: الْخُشُوعُ هُوَ الْخَوْفُ اللَّازِمُ فِي الْقَلْبِ.﴿وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا﴾ حَفِظَتْ مِنَ الْحَرَامِ، وَأَرَادَ مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ، ﴿فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا﴾ أَيْ أَمَرْنَا جِبْرَائِيلَ حَتَّى نَفَخَ فِي جَيْبِ دِرْعِهَا، وَأَحْدَثْنَا بِذَلِكَ النَّفْخَ الْمَسِيحَ فِي بَطْنِهَا، وَأَضَافَ الرُّوحَ إِلَيْهِ تَشْرِيفًا لِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، ﴿وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ أَيْ دَلَالَةٍ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِنَا عَلَى خَلْقِ وَلَدٍ مِنْ غَيْرِ أَبٍ، وَلَمْ يَقُلْ آيَتَيْنِ وَهُمَا آيَتَانِ لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ وَجَعَلْنَا شَأْنَهُمَا وَأَمْرَهُمَا آيَةً وَلِأَنَّ الْآيَةَ كَانَتْ فِيهِمَا وَاحِدَةً، وَهِيَ أَنَّهَا أَتَتْ بِهِ مِنْ غَيْرِ فَحْلٍ.قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ﴾ أَيْ مِلَّتُكُمْ وَدِينُكُمْ، ﴿أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ أَيْ دِينًا وَاحِدًا وَهُوَ الْإِسْلَامُ، فَأُبْطِلُ مَا سِوَى الْإِسْلَامِ مِنَ الْأَدْيَانِ، وَأَصْلُ الْأُمَّةِ الْجَمَاعَةُ الَّتِي هِيَ عَلَى مَقْصِدٍ وَاحِدٍ فَجُعِلَتِ الشَّرِيعَةُ أُمَّةً وَاحِدَةً لِاجْتِمَاعِ أَهْلِهَا عَلَى مَقْصِدٍ وَاحِدٍ، وَنَصَبَ أُمَّةً عَلَى الْقَطْعِ.﴿وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾﴿وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (٩٣) فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ (٩٤) وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (٩٥) حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (٩٦) ﴾﴿وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ﴾ أَيِ اخْتَلَفُوا فِي الدِّينِ فَصَارُوا فِرَقًا وَأَحْزَابًا، قَالَ الْكَلْبِيُّ: [فَرَّقُوا دِينَهُمْ بَيْنَهُمْ](١) يَلْعَنُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيَتَبَرَّأُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَالتَّقَطُّعُ هَاهُنَا بِمَعْنَى التَّقْطِيعِ، ﴿كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ﴾ فَنَجْزِيهِمْ بِأَعْمَالِهِمْ.﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ﴾ لَا يُجْحَدُ وَلَا يُبْطَلُ سَعْيُهُ بَلْ يُشْكَرُ وَيُثَابُ عَلَيْهِ، ﴿وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ﴾ لِعَمَلِهِ حَافِظُونَ، وَقِيلَ: مَعْنَى الشُّكْرِ مِنَ اللَّهِ الْمُجَازَاةُ.﴿وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ﴾ قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ: " وَحِرْمٌ " بِكَسْرِ الْحَاءِ بِلَا أَلِفٍ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْأَلِفِ " حَرَامٌ " وَهُمَا لُغَتَانِ مِثْلَ حَلٍّ وَحَلَالٍ.قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَعْنَى الْآيَةِ وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَيْ أَهْلِ قَرْيَةٍ، ﴿أَهْلَكْنَاهَا﴾ أَنْ يَرْجِعُوا بَعْدَ الْهَلَاكِ، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ " لَا " صِلَةً، وَقَالَ آخَرُونَ: الْحَرَامُ بِمَعْنَى الْوَاجِبِ، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ " لَا " ثابتا معناه واجب عَلَى أَهْلِ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهُمْ ﴿أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ إِلَى الدُّنْيَا.وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ وَحَرَامٌ عَلَى أَهْلِ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهُمْ أَيْ حَكَمْنَا بِهَلَاكِهِمْ أَنْ تُتَقَبَّلَ أَعْمَالُهُمْ لِأَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ أَيْ لَا يَتُوبُونَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَنَّهُ قَالَ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ﴾ أَيْ يُتَقَبَّلُ عَمَلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذِهِ الْآيَةَ عَقِيبَهُ وَبَيَّنَ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يُتَقَبَّلُ عَمَلُهُ.قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ﴾ قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَيَعْقُوبُ: " فُتِّحَتْ " بِالتَّشْدِيدِ عَلَى التَّكْثِيرِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّخْفِيفِ، ﴿يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ﴾ يُرِيدُ فُتِحَ السَّدُّ عَنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، ﴿وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ﴾ أَيْ نَشَزٍ وَتَلٍّ، وَالْحَدَبُ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ، ﴿يَنْسِلُونَ﴾ يُسْرِعُونَ النُّزُولَ مَنَ الْآكَامِ وَالتِّلَالِ كَنَسَلَانِ الذِّئْبِ، وَهُوَ سُرْعَةُ مَشْيِهِ، وَاخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْكِنَايَةِ، فَقَالَ قَوْمٌ: عُنِيَ بِهِمْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ بِدَلِيلِ مَا رُوِّينَا عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ"(٢) وَقَالَ قَوْمٌ: أَرَادَ جَمِيعَ الْخَلْقِ يَعْنِي أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ مُجَاهِدٍ وَهَمْ مِنْ كُلِّ جَدَثٍ بِالْجِيمِ وَالثَّاءِ كَمَا قَالَ: ﴿فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى ربهم ينسلون﴾ (يونس: ٥١) .أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبَدِ الْقَاهِرِ الْجُرْجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْجُلُودِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ حَجَّاجٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيْدٍ الْغِفَارِيِّ، قَالَ: اطَّلَعَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ، فَقَالَ: مَا تَذْكُرُونَ؟ قَالُوا: نَذْكُرُ السَّاعَةَ. قَالَ: "إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْا قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ، فَذَكَرَ الدُّخَانَ وَالدَّجَّالَ وَالدَّابَّةَ وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَثَلَاثَةَ خسوف: خسف بالمغرف وخسف بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ"(٣) .
----------------------------------
(١) ما بين القوسين ساقط من "ب".
(٢) أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال برقم (٢١٣٧) ٤ / ٢٢٥٠ - ٢٢٥٥.
(٣) أخرجه
#مسلم في الفتن، باب الآيات التي تكون قبل الساعة برقم (٢٩٠١) ٤ / ٢٢٢٥، والمصنف في شرح السنة: ١٥ / ٤٥.
(
#المصدر تفسير البغوي — البغوي (٥١٦ هـ))
۩❁
#منتدى_المركز_الدولى❁۩
‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗