التوسل المشروع والتوسل الغير مشروع
(الجزء الثانى)
فالتوسل إلى الله تعالى من أمور العقيدة الإسلامية المهمة، فأقول وبالله تعالى التوفيق:
قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 35].
الوسيلة في اللغة:
قال ابن منظور رحمه الله: "الوسيلة: ما يُتقرَّب به إلى الغير، والجمع الوسائل، والوسيلة أيضًا: المنزلة عند الملك، والدرجة، والقربة"؛ [لسان العرب لابن منظور، ج: 6، ص: 4837].
الوسيلة في الشرع:
عمل صالح مشروع يتقرب به المسلم إلى الله تعالى؛ ليصل إلى أمر مرغوب فيه؛ [الشرك ومظاهره، لمبارك الميلي، ص: 202].
أنواع التوسل:
التوسل نوعان: توسل مشروع، وتوسل غير مشروع، وسوف نتحدث عن كل منهما بإيجاز.
أولًا: التوسل المشروع:
التوسل المشروع هو التوسل الذي شرعه الله تعالى، ويؤدي إلى استجابة الله لدعاء عبده المسلم، إذا توفرت معه شروط إجابة الدعاء؛ وهي:
1- الإخلاص في الدعاء.
2- المأكل والمشرب والملبس الحلال.
3- عدم الدعاء بإثم أو قطيعة رحم.
4- أن يوقن المسلم بإجابة الله تعالى لدعائه.
5- أن يكون الدعاء بالأمور الجائزة شرعًا.
والتوسل المشروع ثلاثة أنواع؛ وهي:
1- التوسل لله تعالى باسم من أسمائه الحسنى، أو بصفة من صفاته العليا.
كأن يقول المسلم في دعائه: اللهم إني أسألك بأنك أنت الرحمن الرحيم، اللطيف الخبير أن تعافيني، أو يقول: اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن ترحمني وتغفر لي.
قال الله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 180].
قال الإمام القرطبي رحمه الله: "قوله تعالى: ﴿ فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180]؛ أي اطلبوا منه بأسمائه، فيُطلب بكل اسم ما يليق به، تقول: يا رحيم ارحمني، يا حكيم احكم لي، يا رازق ارزقني، يا هادي اهدني، يا فتاح افتح لي، يا تواب تُبْ عليَّ، هكذا، فإن دعوت باسم عام، قلت: يا مالك ارحمني، يا عزيز احكم لي، يا لطيف ارزقني، وإن دعوت بالأعم الأعظم، فقلت: يا ألله، فهو متضمن لكل اسم"؛ [تفسير القرطبي، ج: 7، ص: 311].
وقال سبحانه حكاية عن سليمان صلى الله عليه وسلم في دعائه: ﴿ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴾ [النمل: 19].
1- روى النسائي عن عمار بن ياسر، قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول: اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرًا لي))؛ [حديث صحيح، صحيح النسائي، ج: 3، ص: 54].
2- روى مسلم عن عبدالله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت، أن تضلني))؛ [مسلم، حديث: 2717].
3- روى الترمذي عن أنس بن مالك، قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كَرَبَهُ أمرٌ، قال: يا حي، يا قيوم، برحمتك أستغيث))؛ [حديث حسن، صحيح الترمذي للألباني، حديث: 2796].
2- التوسل إلى الله تعالى بعمل صالح قام به الداعي: كأن يقول الداعي: اللهم بإيماني بك، ومحبتي لك، واتباعي لرسولك محمد صلى الله عليه وسلم، اغفر لي واعفُ عني، أو يقول: اللهم إني أسألك بحبي لنبيك محمد صلى الله عليه وسلم وإيماني به أن تفرج عني همي، وكذلك بأن يذكر الداعي عملًا صالحًا قام به خالصًا لوجه الله تعالى، فيه خوفه من الله، وتقواه إياه، وإيثاره رضاه على كل شيء؛ ليكون أرجى لقبوله وإجابته.
قال الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 16].
وقال سبحانه: ﴿ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [آل عمران: 53].
وقال جل شأنه: ﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ﴾ [آل عمران: 193].
وقال سبحانه: ﴿ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [المؤمنون: 109].
روى الشيخان عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم حتى أوَوا المبيت إلى غار، فدخلوه فانحدرت صخرة من الجبل، فسدت عليهم الغار، فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فقال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغبِق قبلهما أهلًا، ولا مالًا، فنأى بي في طلب شيء يومًا، فلم أُرِحْ عليهما حتى ناما، فحلبت لهما غبوقهما شراب العشاء، فوجدتهما نائمين، وكرِهت أن أغبِق قبلهما أهلًا أو مالًا، فلبثت والقدح على يدي، أنتظر استيقاظهما حتى برَقَ الفجر، فاستيقظا، فشربا غبُوقهما، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك، ففرِّج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجت شيئًا لا يستطيعون الخروج، قال النبي صلى الله عليه وسلم: وقال الآخر: اللهم كانت لي بنت عمٍّ، كانت أحب الناس إليَّ، فأردتها عن نفسها، فامتنعت مني حتى ألمَّت بها سَنة حاجة شديدة من السنين، فجاءتني، فأعطيتها عشرين ومائة دينار، على أن تخليَ بيني وبين نفسها، ففعلت، حتى إذا قدرت عليها، قالت: لا أُحِلُّ لك أن تفضَّ الخاتم إلا بحقه، فتحرجت من الوقوع عليها، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إليَّ، وتركت الذهب الذي أعطيتها، اللهم إن كنت فعلت ابتغاء وجهك، فافرُج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة، غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: وقال الثالث: اللهم إني استأجرت أُجَراء، فأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب، فثمَّرت أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين، فقال: يا عبدالله، أدِّ إليَّ أجري، فقلت له: كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فقال: يا عبدالله، لا تستهزئ بي، فقلت: إني لا أستهزئ بك، فأخذه كله، فاسْتَاقَهُ، فلم يترك منه شيئًا، اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرُج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة، فخرجوا يمشون))؛ [البخاري، حديث: 2272، مسلم، حديث: 2743].
وروى أبو داود عن بريدة: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يقول: اللهم إني أسألك أني أشهد أنك أنت الله، لا إله إلا أنت، الأحد الصمد الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، فقال: لقد سألت الله بالاسم الذي إذا سُئل به أعطى، وإذا دُعيَ به أجاب))؛ [حديث صحيح، صحيح أبي داود للألباني، حديث: 1324].
شروط قبول الأعمال الصالحة:
العمل الصالح لا يقبله الله تعالى إلا إذا توفر عليه شرطان معًا؛ وهما:
الأول: إخلاص العمل لله تعالى وحده.
والثاني: متابعة سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
يقول الله تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110].
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: "﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ ﴾ [الكهف: 110]؛ أي: ثوابه وجزاءه الصالح، ﴿ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا ﴾ [الكهف: 110]، ما كان موافقًا لشرع الله، ﴿ وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]؛ وهو الذي يُراد به وجه الله وحده لا شريك له، وهذان ركنا العمل المتقبل، لا بد أن يكون خالصًا لله، صوابًا على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم"؛ [تفسير القرآن العظيم لابن كثير، ج: 9، ص: 205].
الثالث: التوسل إلى الله بدعاء الرجل الصالح:
كأن يقع المسلم في ضيق شديد، أو تحل به مصيبة كبيرة، ويعلم من نفسه التفريط في جنب الله تعالى، فيذهب إلى رجل على قيد الحياة، يعتقد فيه الصلاح والتقوى، والفضل والعلم بالكتاب والسنة، فيطلب منه أن يدعو الله له ليفرج عنه كربه، ويزيل عنه همه.
قال تعالى حكايةً عن أبناء يعقوب صلى الله عليه وسلم: ﴿ قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ * قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [يوسف: 97، 98].
1- روى الشيخان عن أنس بن مالك: ((يذكر أن رجلًا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا، فقال: يا رسول الله، هلكت المواشي، وانقطعت السبل، فادعُ الله يغيثنا، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، فقال: اللهم اسقِنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قَزَعَةً ولا شيئًا، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار، قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل التُّرْسِ، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت))؛ [البخاري، حديث: 1013، مسلم، حديث: 897].
روى البخاري عن أنس بن مالك: ((أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبدالمطلب، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا، فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعمِّ نبينا، فاسقنا، قال: فيُسقَون))؛ [البخاري، حديث: 1010].
2- روى ابن عساكر بسند صحيح عن سليم بن عامر الخبائري: "أن السماء قحطت، فخرج معاوية بن أبي سفيان وأهل دمشق يستسقون، فلما قعد معاوية على المنبر، قال: أين يزيد بن الأسود الجرشي؟ فناداه الناس، فأقبل يتخطى الناس، فأمر معاوية فصعِد المنبر فقعد عند رجليه، فقال معاوية: اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا، اللهم إنا نستشفع إليك بيزيد بن الأسود الجرشي، يا يزيد، ارفع يديك إلى الله، فرفع يزيد يديه ورفع الناس أيديهم، فما كان أوشك أن فارت سحابة في الغرب كأنها تُرْس، وهبَّت لها ريح، فسُقينا حتى كاد الناس ألَّا يبلغوا منازلهم"؛ [التوسل للألباني، ص: 41].
ثانيًا: التوسل الممنوع:
يمكن أن نوجز أنواع التوسل الممنوع فيما يلي:
الأول: التوسل بذات الأنبياء والصالحين:
يجب أن يكون من المعلوم أنه لا واسطة ولا شفاعة في الدعاء بين العبد وخالقه سبحانه وتعالى؛ ولذا قال سبحانه: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].
ولقد عاب الله تعالى على أهل الجاهلية اتخاذهم الأصنام وسيلة إليه سبحانه؛ قال تعالى حكاية عن أهل الجاهلية: ﴿ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ﴾ [الزمر: 3]، وقال أيضًا: ﴿ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ﴾ [يونس: 18].
إن التوسل بذات الأنبياء والصالحين، الأحياء أو الأموات، لم يفعله أحد من أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم، ولو كان خيرًا، لسبقونا إليه.
كان أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم يُبتلون بأنواع البلاء بعد موته، فتارة بالجدب، وتارة بنقص الرزق، وتارة بالخوف وقوة العدو، وتارة بالذنوب والمعاصي، ولم يكن أحد منهم يأتي إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا قبر الخليل إبراهيم صلى الله عليه وسلم، ولا قبر أحد من الأنبياء فيقول: نشكو إليك جدب الزمان أو قوة العدو، أو كثرة الذنوب، ولا يقول: سل الله لنا أو لأمتك أن يرزقهم أو ينصرهم أو يغفر لهم، بل هذا وما يشبهه من البدع المحدثة؛ [التوسل للألباني ص: 126].
الثاني: التوسل إلى الله بجاه أو بحق أحد من الأنبياء أو الصالحين:
الجاه:
المنزلة العالية والقدر؛ [لسان العرب، ج: 1، ص: 773].
إن جاه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومنزلته عند الله أعظم من جاه جميع الأنبياء والمرسلين، ومع ذلك لا يجوز لنا أن نتوسل به إلى الله تعالى لعدم ثبوت الأمر به عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان، وأما ما يرويه بعض الناس بلفظ: ((إذا سألتم الله فاسألوه بجاهي؛ فإن جاهي عند الله عظيم))، فهذا باطل، ولا أصل له في شيء من كتب الحديث؛ [التوسل للألباني، ص: 118: 120].
ولا يجوز التوسل إلى الله تعالى بحق أحد من الخلق، وكل ما ورد في ذلك أحاديث لا تقوم بها حجة عند أهل الحديث؛ [التوسل للألباني، ص: 94: 102].
إن التوسل بحق أحد من الناس لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا الصحابة، ولا التابعين لهم بإحسان، وليس لأحد من المخلوقين حقٌّ على الله تعالى إلا حقًّا تفضل به سبحانه على عباده المؤمنين؛ [الشرك ومظاهره، لمبارك الميلي، ص: 211].
الثالث: التوسل إلى الله عند قبور الصالحين:
لا يجوز التوسل إلى الله تعالى بالدعاء عند قبور الصالحين؛ لأن هذا مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وحذر منه أمته.
روى أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم لا تجعل قبري وثنًا، لعن الله قومًا اتخذوا قبور أنبيائهم مساجدَ))؛ [حديث صحيح، مسند أحمد، ج: 2، ص: 246].
روى أبو داود عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، ولا تجعلوا قبري عيدًا، وصلوا عليَّ؛ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم))؛ [حديث صحيح، صحيح أبي داود للألباني، حديث: 1796].
التوسل إلى الله تعالى بالدعاء عند قبور الأنبياء أو الصالحين لم يفعله أحد من الصحابة أو التابعين، ويدل على ذلك أن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب لم يذهب إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم لكي يدعو الله تعالى عنده برفع البلاء عن المسلمين، ولكنه توسل إلى الله سبحانه بدعاء العباس بن عبدالمطلب، فاستجاب الله لدعاء العباس؛ [التوسل للألباني، ص: 65].
أسأل الله تعالى بأسمائه الـحسنى وصفاته العلا أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن يجعله ذخرًا لي عنده يوم القيامة؛ ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]، كما أسأله سبحانه أن ينفع به طلاب العلم الكرام.
وآخر دعوانا أن الـحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وأصحابه، والتابعين لـهم بإحسان إلى يوم الدين.
التوسل المشروع والتوسل الغير مشروع