السؤال:-
هل يجوز قول الشاب لفتاة إني أحبك في الله مصارحة والعكس سواء بداعي خطبة أو غير داعي الخطبة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
هل يجوز قول الشاب لفتاة إني أحبك في الله مصارحة والعكس سواء بداعي خطبة أو غير داعي الخطبة، أتمنى تقوية الإجابة بأدلة من الكتاب أو السنة أو فعل السلف وأن تكون مفصله بصور الجواز وصور النهي.
لأن هناك من حاج على جوازه بقوله إن أصل المحبة في الله جائزة سواء الرجل للرجل أو المرأة للمرأة، والرجل للمرأة، والمرأة للرجل، وقد يؤجر المرء على ذلك، وقد قال سماحة الشيخ ابن باز رحمة الله: \"وكذا لو رغبت المرأة في الرجل الصالح فتقول يا فلان أحببتك في الله ولا مانع عندي أن تخطبني من أبي، هذا لا بأس به\". وقال أيضاً رحمه الله: \"وقول المرأة للرجل (أحبك في الله) لا بأس به بل يجب أن يكون التحاب بين المؤمنين (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض)، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان وذكر منها: أن يحب المرء لا يحبه إلا لله\".
وقال إن الشيخ ابن عثيمين لم ينكر على من قال له إني أحبك في الله من النساء وقال كلاماً آخر ففصل في كون الرجل يعرف المرأة واسمها بأنه لا يجوز وكونه لا يعرفها كما في المنتديات فهو جائز، وهو يقولها الآن لبنات المنتدى الذي يكتب فيه فهل يجوز له؟.. أرجو الرد على سؤالي ولكم جزيل الشكر.
الاجابة:-
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
الحمد لله وحده وبعد: فالحب في الله تعالى عبادة قلبية لها ثمرة ظاهرة في الأقوال والأفعال، فعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار) رواه البخاري (16) ومسلم (43) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي ) رواه مسلم (2566)
وكثير من الناس يدعي محبة غيره في الله تعالى وهي محبة مُدَّعاة أحيانا تزول بأدنى خلاف قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى \" وعلامة هذا الحب والبغض في الله أنه لا ينقلب بغضه لبغيض الله حبا لإحسانه إليه وخدمته له وقضاء حوائجه ولا ينقلب حبه لحبيب الله بغضا إذا وصل إليه من جهته من يكرهه ويؤلمه إما خطأ وإما عمدا مطيعا لله فيه أو متأولا أو مجتهدا أو باغيا نازعا تائبا والدين كله يدور على أربع قواعد حب وبغض ويترتب عليهما فعل وترك فمن كان حبه وبغضه وفعله وتركه لله فقد استكمل الإيمان بحيث إذا أحب أحب لله وإذا أبغض أبغض لله وإذا فعل فعل لله وإذا ترك ترك لله وما نقص من أصناف هذه الأربعة نقص من إيمانه ودينه بحسبه \" ا.هـ إغاثة اللهفان 1/253 ولابن تيمية رحمه الله تعالى رسالة نفيسة (قاعدة في المحبة) فصل فيها كثيرا من الأحكام.
والحب في الله تعالى كما يكون بين الرجل والرجل وبين المرأة والمرأة فكذلك يكون بين الرجل والمرأة فنحن نحب أمهات المؤمنين كلهن عائشة وخديجة وصفية وحفصة وغيرهن من التقيات النقيات في الله تعالى, وإذا أحب الرجل الرجل في الله أخبره بذلك كما إذا أحبت المرأة المرأة في الله تعالى أخبرتها بذلك لحديث أنس بن مالك أن رجلا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فمر به رجل فقال: يا رسول الله إني لأحب هذا . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (أعلمته ) ؟ قال: لا. قال: (أعلمه ) قال فلحقه فقال: إني أحبك في الله . فقال: أحبك الذي أحببتني له. رواه أحمد 3/140 وأبو داود (5125) وصححه ابن حبان (571)
ولكن إذا أحب الرجل المرأة أو العكس في الله تعالى هل يخبرها بذلك ؟ هذا محل تفصيل: فإن كانت المرأة أحد محارمه كأخته أو عمته.. أخبرها بذلك أما إن كانت أجنبية عنه فلا أرى ذلك لما قد يترتب على ذلك من أمور قد تُفهم خطأ ولا أعلم أحدا من السلف أخبر امرأة أجنبية عنه أنه يحبها في الله تعالى ومن تلبيس الشيطان على بعض الشباب والشابات أن يتصل بعضهم ببعض هاتفيا أو عبر الشات أو غيرها من وسائل الاتصال بدعوى المحبة في الله تعالى مما قد يفضي ذلك إلى الوقوع بأمور غير محمودة بدعوى الحب في الله تعالى فقد رأينا كثيرا ممن يدعي محبة فلان في الله وعند حدوث أدنى خلاف دنيوي انقلبت تلك المحبة المزعومة إلى عداء وبغض ، أما إن عزم الرجل على خطبة امرأة فلا مانع أن يقول لوليها إنني أحببتها في الله للتزامها بأحكام الشرع وأنا راغب في نكاحها فالمرأة كما في الحديث تنكح لدينها كما في حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ) رواه البخاري (4802) ومسلم (1466) والعكس صحيح بأن تقول المرأة لوليها إني أحب فلانا في الله فلعلك تعرضني عليه ليتزوجني فهذا لا بأس به وكذا لو قالت ذلك لزميلاتها إني أحبه في الله لحسن خلقه أو لبره بوالديه أو نحو ذلك, أما فتح الباب للاختلاط بين الشباب والشابات بدعوى الحب في الله فلا يجوز وكذا الاتصالات الهاتفية بينهم فالحب في الله يستوجب امتثال أوامر الله تعالى لا مخالفتها والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.