كفى بنفسى هموما الشاعر حسن إبراهيم الأفندي
كفى بنفسى هموما الشاعر حسن إبراهيم الأفندي
هجرتُ ما للهوى يبقى ويسبينى
وكنت أحسب أشواقى تجافينى
وما ظننتُ بأن الشوق يُلهبنى
وكان قربك بالآمال يُحيينى
رحلتُ عنك وأحزانى تسابقنى
وكنت من قبلُ فى مرحٍ لدلفين
أمازح الناسَ والأصحاب مبتهجا
مثل الطيور وفى ساح البساتين
كم كان من أملٍ يوما يغازلنى
وإن فرحتُ يجود الحزن يطوينى
أخادعُ النفس بالآمال خالبةً
وقد أصبتُ مزيجا من أحايين
ما كل ما قيل من أشعار تُطربنى
وكم تغنّى بشعـرى كلُ محزون
فما ملكت من الدنيا مباهجها
ولا تقدّم نحوى ما يراضينى
كفى بنفسى هموما لا حدود لها
والعجز والعَي ظًلاّ ويلَ مغبون
ويقرأُ الناس أبياتى ويجهلنى
من كل أحمق من يرمى ويرمينى
يظنُ ذو حسدٍ أنى أُصانعهم
هذا وذاك وما صانعتُ فى دينى
محمدٌ يشغلُ التفكير عاطفةً
شوقاً وحباً ودمعاً هـزَّ تكوينى
أصبحت من فرط حبى لا أفارقه
ذكراً تغلغل فى دمى , شرايينى
يا سيد الخلق هل لى من معاودة
تُمكِّنُ النفسَ إشباعاً لمخزون
أزور طيبة فى سجْدات روضتها
وأسكبُ الدمعَ من عيني مفتون
وأحمد الله حمداً فهو رازقنا
إن شاء بدّلَ من أحوال مسكين
إن شاء هيأ لى من (كُنْ) لتنقذنى
حاشاه ما ضن بالتفريج يا كُونى
برداً سلاماً علينا بعد كربتنا
إن لم تُجِرْ من ومن يا ربُ يحمينى
رفعت ذكرَ رسول الله فى سُوَر
فيما يعـزُ كتاباً خيرَ تبيين
ونحن نشهدُ ألا ربَ يأمرنا
سواك ربى ولا تحريفَ ملعـون
أعدْ عليه صلاةَ الله أحمدَنا
واثبتْ على الشوقِ حتى يوم تلقين
إن لم أُجاهرْ بحبى زاد بى ألمى
لولا القريضُ لثارت بى براكينى
إن لم أُبادرْ ثناءً فى شمائله
دفنتُهُ قلمَ الإبداع فى الطين
ومن يساوى أبا الزهرا وسيرته
فهو الحبيب الذى أرضى ويُرضينى
لألزمنَّ مديحا لا أُغادره
حتى يُظنُ بأنى جدُّ مجنون
فلا أرى غيرَ بابِ الله مُدخراً
ولا انشغلت بغير رسول الله فى حين
وحبه يجعل الأحشاءَ راضيةً
والنفسَ فى رقةٍ والقلبَ فى لين
أخشى لفعلٍ لهُ هوْلٌ فيفضحنى
يوم القيام وذلُ الفعل يُخزينى
أخشى لقول لسانى أن يضيعنى
والشعرَ أخشى إلى سـوء فيُردينى
أسعى أجاهد نفسى فى مزالقها
لكننى بشـرٌ فى ضعف مسنون
اللهَ لى ولما ألقى مكابدةً
فى كل يومٍ ألوم النفسَ تُبكينى
إن لم يكن بك يا الله من عتبٍ
وقد سترتَ فذاك الستر يكفينى
ياربُ ألْحِقْ بنا ذريّةً صَلُحتْ
والوالديْن ومن عاشتْ تواسينى
تحمّلتْ فى رضاها كلَّ خاطئةٍ
جادتْ بها نفسُ عبدٍ غير مضمون
********
يا ربُ جئتك والغفران يدفعنى
فلا ترد سؤالاً عـزَّ يحوينى
النفسُ تخشعُ فى سـرٍ لطاعتكم
والقلب ذاب ب (طه) أو ب (ياسين)
و(الحشرِ) و(الكهفِ) تتلى يومَ مغفـرةٍ
تجلو لريْنٍ وتُعلى للموازين
كم قد تمنيت أن لو صرتُ منشغلا
أتلو الكتاب فلا شغل فيُلهينى
لكنما حالها الدنيا تُسارقنى
والنفس تطمعُ فى كسْبٍ وتلوين
متى أراجع أحوالى لميمنةٍ
ترمى شرورى بعيداً عن مواعينى
متى أعود إلى أم القرى وبها
من زمزمٍ والصفا سلوى لممكون
كم من غليلٍ بنا ما بلَّ من ظمأ
من غير زمزم ما يسقى فيروينى
إذا يسافر نحو البيت ذو سعة
هاجتْ كوامنُ منْ نفسٍ تناجينى
لله أدفعُ ليلاتٍ سهرتُ بها
أكفكفُ الدمعَ عن ذكرى وتثمين
وتستبدُ بيَ الآهاتُ تحرقنى
وليس لى حيلةٌ للبيت تدنينى
يا طيبة العشق ما زالت تؤرقنى
ذكراك شوقاً إلى من ظل يسبينى
أنت العليم بنا يا ربُ تُدركه
ماكان من ألمى , جهـرى ومكنونى