الاشارات النفسية عند إبن عطاء السكندرى

( الاشارات النفسية عند ابن عطاء الله السكندرى )

( يا مهموما بنفسه .. لو القيتها الى ربك لاسترحت .. ويحك اعباء التدبير لا يحملها الا الربوبية و لا تقوى عليها البشرية .. ويحك انت محمول فلا تكن حاملا ..اراد ربك راحتك فلا تكن متعبا لنفسك .. من دبرك فى ظلمات الاحشاء و اعطاك بعد الوجود ما تشاء .. لا ينبغى ان تنازعه فيما يشاء )

يرى ابن عطاء الله خطأ معرفى لدى الفرد عندما يضخم ذاته و قدراته و يعتقد انه هو مدبر اموره و هو ما يؤدى لصراع ارادته مع ارادة الله .. و يطرح علاج معرفى لهذا الامر للوصول الى الغاية و هى التسليم المطلق لله الخالى من الصراعات النفسية .

و يستدل بن عطاء الله على نظريته على قول الله تعالى
فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65) سورة النساء

و قول الله تعالى فيه دلالة ان الايمان الحقيقى لا يحدث الا لمن حكم الله و رسوله على نفسه .. قولا و فعلا و أخذا و تركا و حبا و بغضا .. و يشمل هذا حكم التكليف من اوامر و نواهى و حكم التصريف بقهر مراد الانسان .. فيتبين ان حقيقة الايمان يحدث بالامتثال لامر الله و الاستسلام لقهره .. و قسم الله فى الاية بربوبيته على رسوله تأكيد على هذه الحقيقة .
كما تم اشتراط فقدان الحرج اى ضيق النفوس لما يغلب هواها و ليس ظاهريا فقط فى تحكيم الله و رسوله حتى يكون الحكم لله و لرسوله سواء وافق اهوائهم او خالفها .

و يقدم ابن عطاء الله ثلاثة مراحل لاسقاط التدبير :
اولا : التحكيم و هو الرضا بحكم الله و تنفيذ اوامره .
ثانيا : عدم وجود الحرج
ثالثا : وجود التسليم المطلق الذى يؤدى لاعلى درجات السلام النفسى بانتفاء صراع الارادات .

و يدلل باية اخرى مثل قوله عز وجل :
وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ (68) سورة القصص
و تتضمن هذه الاية الزام للانسان بترك التدبير و الاختيار مع الله لانه اذا كان يخلق ما يشاء فهو يدبر ما يشاء .
و قوله تعالى عما يشركون هو تنزيه لله تعالى ان يكون لهم الخيرة معه و ان من ادعى الاختيار فهو مدعى الربوبية بلسان حاله و ان تبرأ من ذلك بمقاله .
و يدلل بحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم ( ذاق طعم الايمان من رضى بالله ربا ) قائلا ان لم يكن كذلك لا يجد حلاوة و مذاق الايمان انما يكون ايمانه صورة لا روح فيها .
و من رضى بالله ربا استسلم له و انقاد لحكمه خارجا عن تدبيره و اختياره فوجد لذة العيش و راحة التفويض .

و لما رضى بالله كان له الرضا من الله كما قال الله
قَالَ اللَّهُ هَٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ۚ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ ۚ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120 ) سورة المائدة

و يكمل بن عطاء الله ان لا يكون الرضا الا مع الفهم و لا يكون الفهم الا مع النور .. فلما يصل انوار الله و مدد يعافى الله القلب من الامراض و يصبح سليم الادراك و يدرك لذة الايمان و التسليم لله فيخلو من الصراع .

و يذكر ابن عطاء الله اسبابا وجب على الشخص معرفتها لاسقاط التدبير :
- ان يعلم ان الله كان للانسان قبل ان يكون لنفسه .. اى دبر له عندما كان عدما فله ان يدبر له بعد وجوده
- ان يعلم ان التدبير منه لنفسه جهل بطبيعتها و ان تركه التدبير لله كان له حسن التدبير .
- ان يعلم ان القدر لا يجرى حسب تقدير الشخص بل اكثر ما يكون من تدبيره لا يقع فلا يفيده فوجب ترك التدبير لمن بيده المقادير .
- العلم ان الله تعالى هو المتولى مملكته .. و ان الانسان ملك لله فليس له تدبير ما هو لغيره فلا ينازع الله فيما يملكه .
- التفكر الدائم فى قيومية الله تعالى يقوم الدنيا بالرزق و العطاء و الاخرة بالاجر و الجزاء .
- ان ينشغل الانسان بواجبه فى العبادة فيشغل نفسه عن هم التدبير و الاهتمام بها .
- عدم العلم بعواقب الامور ..فربما دبر شخص ظن انه له فكان عليه .. و ربما تأتى الفوائد من وجوه الشدائد و تكمن المنن فى المحن و المحن فى المنن ..فاذا كان كذلك كيف لعاقل ان يدبر امره مع الله .
وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216) سورة البقرة

و ذكر ابن عطاء الله التدبير المذموم بانه كل تدبير ينعطف على نفسك بوجود حظها فيه و ليس لله فيه شئ كالتدبير فى تحصيل معصية او طاعة بوجود رياء و ما نحو ذلك .
اما التدبير المحمود هو ما كان تدبيرا لما يقرب الى الله تعالى من براءة الذمة من الخلق او تصحيح التوبة و التفكر فيما يؤدى الى قمع هوى النفس و الشيطان .

منقول بتصرف : أ.د.حمدى فؤاد مصيلحى
رئيس قسم الطب النفسى
جامعة الامارات العربية المتحدة

‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗

الاشارات النفسية عند إبن عطاء السكندرى Sigpic12

» الاشارات النفسية عند ابن عطاء الله السكندرى
» الاشارات المروريه الرمضانيه
» عطاء النبي للأمة
» سيرة التابعي عطاء بن أبي رباح
» الشواهد النفسية على شرك القبور