الصيام تعريفه واركانه ومفاسده وكفارته
🟢الجزء الثالث🟢
صوم يوم الخميس والإثنين
۞۞۞۞۞۞۞
يندب صوم الاثنين والخميس من كل أسبوع، وأن في صومها مَصلحة للأبدان لا تخفى.
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الصيام ﴿ 16 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞
صوم ست من شوال
۞۞۞۞۞۞۞
يندب صوم ستة من شوال مطلقاً بدون شروط عند الأئمة الثلاثة، وخالف المالكية، والأفضل أن يصومها متتابعة بدون فاصل، عند الشافعية، والحنابلة؛ أما المالكية؛ والحنفية فانظر مذهبيهما تحت الخط (المالكية قالوا: يكره صوم ستة أيام من شوال بشروط: -1 - أن يكون الصائم ممن يقتدي به، أو يخاف عليه أن يعتقد وجوبها.
-2 - أن يصومها متصلة بيوم الفطر.
-3 - أن يصومها متتابعة.
-4 - أن يظهر صومها؛ فإن انتقى شرط من هذه الشروط، فلا يكره صومها، إلا إذا اعتقد أن وصلها بيوم العيد سنة، فيكره صومها، ولو لم يظهرها، أو صامها متفرقة.
الحنفية قالوا: تستحب أن تكون متفرقة في كل أسبوع يومان) .
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الصيام ﴿ 17 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞
صوم يوم وإفطار يوم
۞۞۞۞۞۞۞
يندب للقادر أن يصوم يوماً ويفطر يوماً، وقد ورد أن ذلك أفضل أنواع الصيام المندوب.
المالكية قالوا: يكره للحاج أن يصوم يوم عرفة، كما يكره له أيضاً أن يصوم يوم التروية وهو يوم الثامن من ذي الحجة.
الشافعية قالوا: الحاج إن كان مقيماً بمكة ثم ذهب إلى عرفة نهاراً فصومه يوم عرفة خلاف الأولى، وإن ذهب إلى عرفة ليلاً، فيجوز له الصوم، أما إن كان الحاج مسافراً فيسن له الفطر مطلقاً
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الصيام ﴿ 18 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞
صوم رجب وشعبان وبقية الأشهر الحرم
۞۞۞۞۞۞۞
يندب صوم شهر رجب وشعبان، باتفاق ثلاثة من الأئمة، وخالف الحنابلة، فانظر مذهبهم تحت الخط ، أما الأشهر الحرم وهي أربع: ثلاثة متوالية، وهي ذو القعدة وذو الحجة؛ والمحرَّم، وواحد منفرد، وهو رجب، فإن صيامها مندوب عند ثلاثة من الأئمة، وخالف الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط .
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الصيام ﴿ 19 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞
إذا شرع في صيامه النفل ثم أفسده
۞۞۞۞۞۞۞
إتمام صوم التطوع بعد الشروع فيه وقضاؤه إذا أفسده مسنون عند الشافعية، والحنابلة، وخالفهم المالكية، والحنفية، فانظر مذهبيهما تحت الخط ، ومثل ذلك صوم الأيام التي نذر اعتكافها، كأن يقول: لله عليَّ أن أعتكف عشرة أيام، فإنه يسن له أن يصوم هذه الأيام العشرة، ولا يفترض صيامها عند الشافعية؛ والحنابلة، وخالفهم المالكية، والحنفية، فانظر مذهبيهما تحت الخط .
الحنابلة قالوا: إفراد رجب بالصوم مكروه، إلا إذا أفطر في أثنائه، فلا يكره الحنفية قالوا: المندوب في الأشهر الحرم أن يصوم ثلاثة أيام من كل منها، وهي: الخميس، والجمعة، والسبت الحنفية قالوا: إذا شرع في صيام نفل ثم أفسده، فإنه يجب عليه قضاؤه، والواجب عندهم بمعنى السنة المؤكدة، فإفساد صوم النفل عندهم مكروه تحريماً، وعدم قضائه مكروه تحريماً، كما تقدم في أقسام "الصوم".
المالكية قالوا: إتمام النفل من الصوم بعد الشروع فيه فرض، وكذلك قضاؤه إذا تعمد إفساده؛ ويستثنى من ذلك من صام تطوعاً، ثم أمره أحد والديه، أو شيخه بالفطر شفقة عليه من إدامة الصوم، فإنه يجوز له الفطر، ولا قضاء عليه الحنفية قالوا: يشترط الصوم في صحة الاعتكاف المنذور، كما تقدم.
المالكية قالوا: الاعتكاف المنذور يفترض فيه الصوم، بمعنى أن نذر الاعتكاف أياماً لا يستلزم نذر الصوم لهذه الأيام، فيصح أن يؤدي الاعتكاف المنذور في صوم تطوع، ولا يصح أن يؤدي في حال الفطر، لأن الاعتكاف من شروط صحته الصوم عندهم
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الصيام ﴿ 20 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞
الصوم المكروه
۞۞۞۞۞۞۞
صوم يوم الجمعة وحده والنيروز، والمهرجان، وصوم يوم أو يومين قبل رمضان.
من الصوم المكروه صوم يوم النيروز، ويوم المهرجان منفردين بدون أن يصوم قبلهما أو بعدهما ما لم يوافق ذلك عادة له فإنه لا يكره عند ثلاثة، وقال الشافعية: لا يكره صومها مطلقاً، ومن المكروه صيام يوم الجمعة منفرداً، وكذا صيام يوم السبت منفرداً، وقال المالكية: لا يكره إفراد يوم الجمعة أو غيره بالصوم، ومن المكروه أن يصوم قبل شهر رمضان بيوم أو يومين لا أكثر، عند الحنفية، والحنابلة، أما المالكية فقالوا: لا يكره صوم يوم أو يومين قبل رمضان؛ والشافعية قالوا يحرم صوم أو يومين قبل رمضان، وكذا صوم النصف الثاني من شعبان إذا لم يصله بما قبله، ولم يوجد سبب يقتضي صومه من نذر أو عادة؛ ومن المكروه صوم يوم الشبك، وقد تقدم بيانه في المذاهب؛ وهناك مكروهات أخرى مفصلة في المذاهب: فانظرها تحت الخط .
الحنفية قالوا: الصوم المكروه ينقسم إلى قسمين: مكروه تحريماً، وهو صوم أيام الأعياد؛ والتشريق، فإذا صامها انعقد صومه مع الإثم، وإن شرع في صومها ثم أفسدها لا يلزمه القضاء، ومكروه تنزيهاً، وهو صيام يوم عاشوراء منفرداً عن التاسع، أو عن الحادي عشر، ومن المكروه تنزيها إفراد يوم النيروز والمهرجان بالصوم إذا لم يوافق عادة له، كما ذكر في أعلى الصحيفة، ومنه صيام أيام الدهر، لأنه يضعف البدن عادة، ومنه صوم الوصال؛ وهو مواصلة الإمساك ليلاً ونهاراً؛ ومنه صوم الصمت، وهو أن يصوم ولا يتكلم، ومنه صوم المرأة تطوعاً بغير إذن زوجها، إلا أن يكون مريضاً أو صائماً أو محرماً بحج أو عمرة، ومنه صوم المسافر إذا أجهده الصوم.
المالكية قالوا: يكره صوم رابع النحر، ويستثنى من ذلك للقارن ونحوه، كالمتمتع، ومن لزمه هدي ينقص في حج أو عمرة فإنه يصومه ولا كراهة، وإذا صام الرابع تطوعاً فيعقد، وإذا أفطر فيه عامداً، ولم يقصد بالفطر التخلص من النهي وجب عليه قضاؤه، وإذا نذر صومه لزمه نظراً لكونه عبادة في ذاته؛ ويكره سرد الصوم وتتابعة لمن يضعفه ذلك عن عمل أفضل من السوم، ويكره أيضاً صوم يوم المولد النبوي، لأنه شبيه بالأعياد، ويكره صوم التطوع لمن عليه صوم واجب كالقضاء، وصوم الضيف بدون إذن رب المنزل، أما صوم المرأة تطوعاً بدون إذن زوجها فهو حرام، كما تقدم، وكذا يحرم الوصال في الصوم، وهو وصل الليل بالنهار في الصوم وعدم الفطر، وأما صوم المسافر فهو أفضل من الفطر، إلا أن يشق عليه الصوم، فالأفضل الفطر.
الشافعية قالوا: يكره صوم المريض والمسافر والحامل والمرضع والشيخ الكبير إذا خافوا مشقة شديدة، وقد يكون محرماً في حالة ما إذا خافوا على أنفسهم الهلاك أو تلف عضو بترك الغذاء، ويكره أيضاً إفراد يوم الجمعة، أو يوم سبت أو أحد بالصوم إذا لم يوجد لهم سبب من نذر ونحوه، أما إذا صام
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الصيام ﴿ 21 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞
ما يفسد الصيام
۞۞۞۞۞۞۞
تنقسم مفسدات الصيام إلى قسمين: قسم يوجب القضاء والكفارة، وقسم يوجب القضاء دون الكفارة، وإليك بيان كل قسم:
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الصيام ﴿ 22 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞
ما يوجب القضاء والكفارة
۞۞۞۞۞۞۞
في مفسدات الصيام التي توجب القضاء والكفارة اختلاف المذاهب، فانظره تحت الخط .
لسبب، فلا يكره، كما إذا وافق عادة له، أو وافق يوماً في صومه، وكذا يكره صوم الدهر، ويكره التطوع بصيام يوم، وعليه قضاء فرض، لأن أداء الفرض أهم من التطوع.
الحنابلة قالوا: يكره أيضاً صيام الوصال، وهو أن لا يفطر بين اليومين، وتزول الكراهة بأكل تمرة ونحوها، ويكره إفراد رجب بالصوم الحنفية قالوا: يوجب القضاء والكفارة أمران: الأول أن يتناول غذاء، أو ما في معناه بدون عذر شرعي، كالأكل والشرب ونحوهما، ويميل إليه الطبع، وتنقضي به شهوة البطن، الثاني: أن يقضي شهوة الفرج كاملة، وإنما تجب الكفارة في هذين القسمين، بشروط: أولاً: أن يكون الصائم المكلف مبيتاً للنية في أداء رمضان، فلو لم يبيت النية لا تجب عليه الكفارة، كما تقدم وكذا إذا بيت النية في قضاء ما فاته من رمضان، أو في صوم آخر غير رمضان ثم أفطر، فإنه لا كفارة عليه.
ثانياً: أن لا يطرأ عليه ما يبيح الفطر من سفر أو مرض، فإنه يجوز له أن يفطر بعد حصول المرض.
أما لو أفطر قبل السفر فلا تسقط عنه الكفارة.
ثالثاً: أن يكون طائعاً مختاراً، لا مكرهاً.
رابعاً: أن يكون متعمداً.
فلو أفطر ناسياً أو مخطئاً تسقط عنه الكفارة كما تقدم.
ومما يوجب الجماع في القبل أو الدبر عمداً.
وهو يوجب الكفارة على الفاعل والمفعول به.
بالشروط المتقدمة.
ويزاد عليها.
أن يكون المفعول به آدمياً حياً يشتهي.
وتجب الكفارة بمجرد لقاء الختانين.
وإن لم ينزل، وإذا مكنت المرأة صغيراً أو مجنوناً من نفسها فعليها الكفارة بالاتفاق.
أما إذا تلذذت امرأة بامرأة مثلها بالمساحقة المعروفة وأنزلت.
فإن عليها القضاء دون الكفارة وأما وطء البهيمة والميت والصغيرة التي لا تشتهي فإنه لا يوجب الكفارة ويوجب القضاء بالإنزال.
كما تقدم ومن القسم الأول شرب الدخان المعروف وتناول الأفيون، الحشيش ونحو ذلك.
فإن الشهوة فيه ظاهرة.
ومنه ابتلاع ريق زوجته للتلذذ به.
ومنه ابتلاع حبة حنطة أو سمسمة من خارج فمه، لأنه يتلذذ بها.
إلا إذا مضغها فتلاشت ولم يصل منها شيء إلى جوفه، ومنه أكل الطين الأرمني كما تقدم.
وكذا قليل الملح ومنه أن يأكل عمداً بعد أن يغتاب آخر ظناً منه أنه أفطر بالغيبة، لأن الغيبة لا تفطر، فهذه الشبهة لا قيمة لها؛ وكذلك إذا أفطر بعد الحجامة، أو المس، أو القبلة بشهوة من غير إنزال، لأن هذه الأشياء لا تفطر، فإذا تعمد الفطر بعدها لزمته الكفارة، ومنه غير ذلك مما يأتي بيانه بيما يوجب القضاء فقط.
الشافعية قالوا: ما يوجب القضاء والكفارة ينحصر في شيء واحد وهو الجماع، بشروط.
الأول: أن يكون ناوياً للصوم، فلو ترك النية ليلاً لم يصح صومه، ولكن يجب عليه الإمساك، فإذا أتى امرأته في هذه الحالة نهاراً لم تجب عليه الكفارة، لأنه ليس بصائم حقيقة؛ الثاني: أن يكون عامداً، فلو أتاها ناسياً لم يبطل صومه؛ وليس عليه قضاء ولا كفارة؛ الثالث: أن يكون مختاراً، فلو أكره على الوقاع لم يبطل صومه؛ الرابع: أن يكون عالماً بالتحريم، وليس له عذر مقبول شرعاً في جهله، فلو صام وهو قريب العهد بالإسلام، أو نشأ بعيداً عن العلماء، وجامع في هذه الحالة لم يبطل صومه أيضاً؛ والخامس: أن يقع منه الجماع في صيام رمضان أداء بخصوصه، ولو فعل ذلك في صوم النفل، أو النذر، أو في صوم القضاء، أو الكفارة، فإن اكفارة لا تجب عليه ولو كان عامداً؛ السادس: أن يكون الجماع مستقلاً وحده في إفساد الصوم، فلو أكل في حال تلبسه بالفعل، فإنه لا كفارة عليه، وعليه القضاء فقط؛ السابع: أن يكون آثماً بهذا الجماع، بأن كان مكلفاً عاقلاً، أما إذا كان صبياً، وفعل ذلك وهو صائم؛ فإنه لا كفارة عليه، ومن ذلك ما لو كان مسافراً ثم نوى الصيام، وأصبح صائماً: ثم أفطر في أثناء اليوم بالجماع: فإنه لا كفارة عليه بسبب رخصة السفر، الثامن: أن يكون معتقداً صحة صومه: فلو أكل ناسياً فظن أن هذا مفطر، ثم جامع بعد ذلك عمداً.
فلا كفارة عليه.
وإن بطل صومه ووجب عليه القضاء، التاسع: أن لا يصيبه جنون بعد الجماع وقبل الغربو.
فإذا أصابه ذلك الجنون فإنه لا كفارة عليه.
العاشر: أن لا يقدم على هذا الفعل بنفسه.
فلو فرض وكان نائماً وعلته امرأته.
فأتاها وهو على هذه الحالة.
فإنه لا كفارة عليه.
إلا أن أغراها على عمل ذلك، الحادي عشر: أن لا يكون مخطئاً.
فلو جامع ظاناً بقاء الليل أو دخول المغرب.
ثم تبين أنه جامع نهاراً.
فلا كفارة عليه وإن وجب عليه القضاء والإمساك، الثاني عشر: أن يكون الجماع بإدخال الحشفة أو قدرها من مقطوعها ونحوه، فلو لم يدخلها أو أدخل بعضها فقط لم يبطل صومه.
وإذا أنزل في هذه الحالة فعليه القضاء فقط.
ولكن يجب عليه الإمساك فإن لم يسمك بقية اليوم فقد أثم، الثالث عشر: أن يكون الجماع في فرج، دبراً كان، أو قبلاً، ولو لم ينزل، فلو وطئ في غير ما ذكر، فلا كفارة عليه، الرابع عشر: أن يكون فاعلاً لا مفعولاً، فلو أتى أنثى أو غيرها، فالكفارة على الفاعل دون المفعول مطلقاً.
هذا، وإذا طلع الفجر وهو يأتي زوجه، فإن نزع حالاً صح صومه، وإن استمر ولو قليلاً بعد ذلك فعليه القضاء والكفارة إن علم بالفجر وقت طلوعه، أما إن لم يعلم فعليه القضاء دون الكفارة.
الحنابلة قالوا: يوجب القضاء والكفارة شيئان: أحدهما: الوطء في نهار رمضان في قبل أو دبر، سواء كان المفعول به حياً أو ميتة، عاقلاً أو غيره، ولو بهيمة، وسواء كان الفاعل متعمداً أو ناسياً عالماً أو جاهلاً، مختاراً أو مكرهاً أو مخطئاً، كمن وطئ وهو يعتقد أن الفجر لم يدخل وقته، ثم تبين أنه وطئ بعد الفجر، ودليلهم على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المجامع في نهار رمضان بالقضاء والكفارة، ولم يطلب منه بيان حاله وقت الجماع، والكفارة واجبة في ذلك، سواء كان الفاعل صائماً حقيقة أو ممسكاً إمساكاً واجباً، وذلك كمن لم يبيت النية، فإنه لا يصح صومه مع وجوب الإمساك عليه، فإذا جامع في هذه الحالة لزمته الكفارة مع القضاء الذي تعلق بذمته.
هذا، والنزع جماع: فمن طلع عليه الفجر وهو يجامع فنزع وجب عليه القضاء والكفارة؛ أما الموطوء، فإن كان مطاوعاً عالماً بالحكم غير ناس للصوم فعليه القضاء والكفارة أيضاً: ثانيهما: إذا باشرت امرأة أخرى وأنزلت إحداهما وجبت عليها الكفارة، ويقال لذلك: المساحقة.
هذا، وإذا جامع وهو في حال صحته ثم عرض له مرض، لم تسقط الكفارة عنه بذلك، ومثل ذلك إذا جامع وهو طليق، ثم حبس، أو جامع وهو مقيم، ثم سافر، أو جومعت المرأة وهي غير حائض، ثم حاضت، فإن الكفارة لا تسقط بشيء من ذلك.
المالكية قالوا: موجبات القضاء والكفارة هي كل ما يفسد الصوم بشرائط خاصة، وإليك بيان مفسدات الصوم الموجبة للقضاء والكفارة.
أولاً: الجماع الذي يوجب الغسل، ويفسد به صوم البالغ، سواء كان قاعلاً أو مفعولاً، وإذا جامع بالغ صغيرة لا تطيقه، فإن صومه لا يفسد إلا بالإنزال، وإذا خرج المني من غير جماع فإنه يوجب الكفارة دون القضاء، إلا أنه إذا كان بنظر أو فكر فإنه لا يوجب الكفارة إلا بشرطين: أحدهما: أن يديم النظر والفكر.
فلو نظر إلى امرأة ثم غض بصره عنها بدون أن يطيل النظر، وأمنى بهذا، فلا كفارة عليه.
الثاني: أن تكون عادته الإنزال عند استدامة النظر.
فإن لم يكن الإنزال عادته عند استدامة النظر ففي الكفارة وعدمها قولان: وإذا خرج المني بمجرد نظر أو فكر مع لذة معتادة بلا استدامة أوجب القضاء دون الكفارة.
وأما إخراج المذي فإنه يوجب القضاء فقط على كل حال، ومن أتى امرأة نائمة في نهار رمضان وجب عليه أن يكفر عنها، كما تجب الكفارة على من صب شيئاً عمداً في خلق شخص آخر وهو نائم ووصل لمعدته، وأما القضاء فيجب على المرأة وعلى المصبوب في حلقه، لأنه لا يقبل النيابة.
ثانياً: إخراج القيء وتعمده، سواء ملأ الفم أو لا، فمن فعل ذلك عمداً بدون علة وجب عليه القضاء والكفارة، أما إذا غلبه القيء فلا يفسد الصوم إلا إذا رجع شيء منه، ولو غلبه فيفسد صومه، وهذا بخلاف البلغم إذا رجع، فلا يفسد الصوم، ولو أمكن الصائم أن يطرحه وتركه حتى رجع.
ثالثاً: وصول مائع إلى الحلق من فم أو أذن أو عين أو أنف.
سواء كان المائع ماء أو غيره إذا وصل عمداً، فإنه تجب به الكفارة والقضاء، أما إذا وصل سهواً، كما إذا تمضمض فوصل الماء إلى الحلق قهراً، فإنه يوجب القضاء فقط، وكذا إذا وصل خطأ، كأكله نهاراً معتقداً بقاء الليل أو غروب الشمس، أو شاكاً في ذلك ما لم تظهر الصحة، كأن يتبين أن أكله قبل الفجر أو بعد غروب الشمس، أو شاكاً في ذلك ما لم تظهر الصحة، كأن يتبين أن أكله قبل الفجر أو بعد غروب الشمس، وإلا فلا يفسد صومه، وفي حكم المائع: البخور وبخار القدر إذا استنشقهما فوصلا إلى حلقه، وكذلك الدخان الذي اعتاد الناس شربه، وهو مفسد للصوم بمجرد وصوله إلى الحلق، وإن لم يصل إلى المعدة، وأما دخان الحطب فلا أثر له، كرائحة الطعام إذا استنشقها فلا أثر لها أيضاً، ولو اكتحل نهاراً فوجد طعم الكحل في حلقه فسد صومه، ووجبت عليه الكفارة إن كان عامداً، وأما لو اكتحل ليلاً ثم وجد طعمه نهاراً فلا يفسد صومه، ولو دهن شعره عامداً بدون عذر، فوصل الدهن الى حلقه من مسام الشعر، فسد صومه، وعليه الكفارة، وكذا إذا استعملت المرأة الحناء في شعرها عمداً بدون عذر.
فوجدت طعمها في حلقها فسد صومها.
وعليها الكفارة.
رابعاً: وصول أي شيء إلى المعدة.
سواء كان مائعاً أو غيره، عمداً بدون عذر، سواء وصل من الأعلى أو من الأسفل.
لكن ماوصل من الأسفل لا يفسد الصوم إلا إذا وصل من منفذ، كالدبر.
فلا يفسد الصوم بسريان زيت أو نحوه من المسام إلى المعدة.
فالحقنة بالإبرة في الذراع أو الألية أو غير ذلكلا تفطر.
أما الحقنة في الإحليل، وهو الذكر.
فلا تفسد الصوم مطلقاً.
ولو وصل إلى المعدة حصاة أو درهم فسد صومه إن كان واصلاً من الفم فقط.
وكل ما وصل إلى المعدة على ما بين يبطل الصوم.
ويوجب القضاء في رمضان، سواء كان وصوله عمداً أو غلبة، أو سهواً.
أو خطأ، كما تقدم في وصول المائع للحلق، إلا أن الواصل عمداً في بعضه الكفارة على الوجه الذي بينا.
وبالجملة فمن تناول مفسادا من مفسدات الصوم السابقة وجب عليه القضاء والكفارة بشروط: أولاً: أن يكون الفطر في أداء رمضا، فإن كان في غيره كقضاء رمضان، وصوم منذور أو صوم كفارة، أو نفل، فلا تجب عليه الكفارة.
وعليه القضاء في بعض ذلك.
على تفصيل يأتي في القسم الثاني؛ ثانياً: أن يكون متعمداً.
فإن أفطر ناسياً أو مخطئاً.
أو لعذر.
كمرض وسفر.
فعليه القضاء فقط.
ثالثاً: أن يكون مختاراً في تناول المفطر.
أما إذا كان مكرهاً فلا كفارة عليه وعليه القضاء رابعاً: أن يكون عالماً بحرمة الفطر.
ولو جهل وجوب الكفارة عليه.
خامساً: أن يكون غير مبال بحرمة الشهر وهو غير المتأول تأويلاً قريباً وإن كان متأويلاً تأويلاً قريباً فلا كفارة عليه والمتأول تأويلاً قريباً هو المستند في فطره لأمر موجود؛ وله أمثلة: منها أن يفطر أولاً ناسياً أو مكرهاً.
ثم ظن أنه لا يجب عليه إمساك بقية اليوم بعد التذكر.
أو زوال الإكراه فتناول مفطراً عمداً.
فلا كفارة عليه لاستناده لأمر موجود وهو الفطر أولاً نسياناً أو بإكراه.
ومنها ما إذا سافر الصائم مسافة أقل من مسافة القصر فظن أن الفطر مباح له.
لظاهر قوله تعالى: {ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر} فنوى الفطر من الليل وأصبح مفطراً.
فلا كفارة عليه.
ومنها من رأى هلال شوال نهار الثلاثين من رمضان فظن أنه يوم عيد.
وأن الفطر مباح فأفطر لظاهر قوله عليه السلام: "وصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" فلا كفارة عليه وأما المتأول تأويلاً بعيداً
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الصيام ﴿ 23 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞
ما يوجب القضاء دون الكفارة وما لا يوجب شيئا
۞۞۞۞۞۞۞
ً قد عرفت ما يوجب القضاء والكفارة، وبقي الكلام فيما يوجب القضاء دون الكفارة، وما لا يفسد الصيام أصلاً، وهو أمرو كثيرة، مفصلة في المذاهب، فانظرها تحت الخط .
فهو المستند في فطره إلى أمر غير موجود وعليه الكفارة وله أيضاً أمثلة: منها أن من عادته الحمى في يوم معين.
فبيت نية الفطر من الليل ظاناً أنه مباح فعليه الكفارة.
ولو حم في ذلك اليوم.
ومنها المرأة تعتاد الحيض في يوم معين.
فبيتت نية الفطر لظنها إباحته في ذلك اليوم لمجيء الحيض فيه.
ثم أصبحت مفطرة فعليها الكفارة.
ولو جاء الحيض في ذلك اليوم حيث نوت الفطر قبل مجيئه.
ومنها من اغتاب في يوم معين من رمضان فظن أن صومه بطل.
وأن الفطر مباح فأفطر متعمداً.
فعليه الكفارة، سادساً: أن يكون الواصل من الفم.
فلو وصل شيء من الأذن أو العين أو غيرهما.
مما تقدم، فلا كفارة، وإن وجب القضاء.
سابعاً: أن يكون الوصول للمعدة، فلو وصل شيء إلى حلق الصائم، ورده فلا كفارة عليه.
وإن وجب القضاء في المائع الواصل إلى الحلق، ومن الأشياء التي تبطل الصوم وتوجب القضاء والكفارة: رفع النية ورفضها نهاراً، وكذا رفع النية ليلاً إذا استمر رافعاً لها حتى طلع الفجر وصول شيء إلى المعدة من القيء الذي أخرجه الصائم عمداً سواء وصل عمداً أو غلبة لا نسياناً ووصول شيء من أثر السواك الرطب الذي يتحلل منه شيء عادة كقشر الجوزن ولو كان الوصول غلبة متى تعمد الاستياك في نهار رمضان، فهذه الأشياء توجب الكفارة بالشروط السابقة ما عدا التعمد بالنسبة للراجع من القيء، والواصل من أثر السواك المذكور، فإنه لا يشترط، بل التعمد والوصول غلبة سواء، وأما الوصول نسياناً فيوجب القضاء فقط فيهما الحنفية قالوا: ما يوجب القضاء دون الكفارة ثلاثة أشياء: الأولى: أن يتناول الصائم ما ليس فيه غذاء أو ما في معنى الغذاء، وما فيه غذاء هو ما يميل الطبع إلى تناوله، وتنقضي شهوة البطن به، وما في معنى الغذاء هو الدواء، الثاني: أن يتناول غذاء أو دواء لعذر شرعي، كمرض أو سفر أو إكراه، أو خطأ، كأن أهمل وهو يتمضمض، فوصل الماء إلى جوفه، وكذا إذا داوى جرحاً في بطنه أو رأسه، وصل الدواء إلى جوفه أو دماغه، أما النسيان فإنه لا يفسد الصيام أصلاً، فلا يجب به قضاء ولا كفارة، الثالث: أن يقضي شهوة الفرج غير كاملة، ومن القسم الأول ما إذا أكل أرزاً نيئاً، أو عكيناً، أو دقيقاً غير مخلوط بشيء يؤكل عادة، كالسمن والعسل، وإلا وجبت به الكفارة، وكذا إذا أكل طيناً غير أرمني إذا لم يعتد أكله أما الطين الأرمني وهو معروف عند العطارين فإنه يوجب الكفارة مع القضاء، أو أكل ملحاً كثيراً دفعة واحدة، فإن ذلك مما لا يقبله الطبع، ولا تنقضي به شهوة البطن.
أما أكل القليل منه، فإن فيه الكفارة مع القضاء، لأنه يتلذذ به عادة، وكذا إذا أكل نواة أو قطعة من الجلد أو ثمرة من الثمار التي لا تؤكل قبل نضجها كالسفرجل إذا لم يطبخ أو يملح، وإلا كانت فيه الكفارة، وكذا إذا ابتلع حصاة، أو حديدة، أو درهماً، أو ديناراً: أو تراباً، أو نحو ذلك، أو أدخل ماء أو دواء في جوفه بواسطة الحقنة من الدبر، أو الأنف، أو قبل المرأة، وكذا إذا صب في أذنه دهناً، بخلاف ما إذا صب ماء، فإنه لا يفسد صومه على الصحيح، لعدم سريان الماء، وكذا دخل فمه مطر أو ثلج، ولم يبتلعه بصنعه، وكذا إذا تعمد إخراج القيء من جوفه، أو خرج كرهاً وأعاده بصنعه، بشرط أن يكون ملء الفم في الصورتين، وأن يكون ذاكراً لصومه، فإن كان ناسياً لصومه لم يفطر في جميع ما تقدم، وكذا إذا كان أقل من ملء الفم على الصحيح، وإذا أكل ما بقي من نحو تمرة بين أسنانه إذا كان قدر الحمصة وجب القضاء؛ فإن كان أقل فلا يفسد، لعدم الاعتداد به، وكذا إذا تكون ريقه ثم ابتلعه، أو بقي بلل بفيه بعد المضمضة وابتلعه مع الريق، فلا يفسد صومه، وينبغي أن يبصق بعد المضمضة قبل أن يبتلع ريقه، ولا يشترط المبالغة في البصق، ومن القسم الثاني - وهو ما إذا تناول غذاء؛ أو ما في معناه لعذر شرعي - إذا أفطرت المرأة خوفاً على نفسها أن تمرض من الخدمة، أو كان الصائم نائماً، وأدخل أحد شيئاً مفطراً في جوفه، وكذا إذا أفطر عمداً بشبهة شرعية؛ بأن أكل عمداً بعد أن أكل ناسياً أو جامع ناسياً، ثم جامع عامداً، أو أكل عمداً بعد الجماع ناسياً، وكذا إذا لم يبيت النية ليلاً ثم نوى نهاراً، فإنه إذا أفطر لا تجب عليه الكفارة لشبهة عدم صيامه عند الشافعية، وكذا إذا نوى الصوم ليلاً.
ولم ينقص نيته، ثم أصبح مسافراً، ونوى الإقامة بعد ذلك ثم أكل لا تلزمه الكفارة وإن حرم عليه الأكل في هذه الحالة وكذا إذا أكل، أو شرب، أو جامع شاكاً في طلوع الفجر، وكان الفجر طالعاً، لوجود الشبهة.
أما الفطر وقت الغروب.
فلا يكفي فيه الشك لإسقاط الكفارة بل لا بد من غلبة الظن على إحدى الروايتين.
ومن جامع قبل طلوع الفجر ثم طلع عليه الفجر فإن نزع فوراً لم يفسد صومه.
وإن بقي كان عليه القضاء والكفارة.
ومن القسم الثالث - وهو ما إذا قضى ضهوة الفرج غير كاملة - ما إذا أمنى بوطء ميتة أو بهيمة أو صغيرة لا تشتهى؛ أو أمنى بفخذ أو بطن أو عبث بالكف، أو وطئت المرأة وهي نائمة أو قطرت في فرجها دهناً ونحوه فإنه يجب في كل هذا القضاء دون الكفارة.
ويلحق بهذا القسم ما إذا أدخل إصبعه مبلولة بماء أو دهن في دبره واستنجى فوصل الماء إلى داخل دبره، وإنما يفسد ما دخل في الدبر إذا ما وصل إلى محل الحقنة ولم يبق منه شيء.
أما إذا بقي منه في الخارج شيء بحيث لم يغب كله لم يفسد صومه وكذلك المرأة إذا أدخلت إصبعها مدهونة بماء أو دهن في فرجها الداخل.
أو أدخلت خشبة الحقنة أو نحوها في داخل فرجها، وغيبتها كلها.
ففي كل هذه الأشياء ونحوها يجب القضاء دون الكفارة.
هذا، ولا يفسد صومه لو صب ماء أو دهناً في إحليله للتداوي، وكذا لو نظر بشهوة فنزل مني بشهوة ولو كرر النظر.
كما لا يفطر إذا أمنى بسبب تفكره في وقاع ونحوه، أو احتلم، ولا يفطر أيضاً بشم الروائح العطرية كالورد والنرجس، ولا بتأخير غسل الجنابة حتى تطلع الشمس، ولو مكث جنباً كل اليوم.
ولا يفطر بدخول غبار طريق، أو غربلة دقيق؛ أو ذباب، أو بعوض إلى حلقة رغماً عنه.
المالكية قالوا: من تناول مفطراً من الأمور المفسدة للصوم المتقدمة، ولم تتحقق فيه شرائط وجوب الكفارة السابة فعليه القضاء فقط، سواء كان الصائم في رمضان أو في فرض غيره كقضاء رمضان، والكفارات، والنذؤ غير المعين، وأما النذر المعين فإن كان الفطر فيه لعذر، كمرض واقع أو متوقع.
بأن ظن أن الصوم في ذلك الوقت المعين يؤدي إلى مرضه، أو خاف من الصوم زيادة المرض، أو تأخر البرء، أو كان الفطر لحيض المرأة، أو نفاسها، أو لإغماء، أو جنون، فلا يجب قضاؤه، نعم إذا بقي شيء من زمنه بعد زوال المانع تعين الصوم فيه، أما إذا أفطر فيه ناسياً، كأن نذر صوم يوم الخمس فصام الأربعاء، يظنه الخميس، ثم أفطر يوم الخميس فعليه القضاء.
هذا، ومن الصيام المفروض، صوم المتمتع والقارن إذا لم يجد الهدي، فإن أفطر أحدهما فيهما وجب عليه القضاء.
وبالجملة كل فرض أفطر فيه فإنه يجب عليه قضاؤه، إلا النذر المعين على التفصيل السابق، وأما النفل فلا يجب القضاء على من أفطر فيه إلا إذا كان القطر عمداً حراماً، أما ما لا يفسده الصوم، ولا يوجب القضاء، فهو أمور: أحدها: أن يغلبه القيء، ولم يبتلع منه شيئاً فهذا صومه صحيح، ثانيها: أن يصل غبار الطريق أو الدقيق ونحوهما إلى حلق الصائم الذييزاول أعمالاً تتعلق بذلك، كالذي يباشر طحن الدقيق، أو نخله، ومثلهما ما إذا دخل حلقه ذباب، بشرط أن يصل ذلك إلى حلقه قهراً عنه، ثالثها: أن يطلع عليه الفجر وهو يأكل أو يشرب مثلاً، فيطرح المأكول ونحوه من فيه بمجرد طلوع الفجر، فإنه لا يفسد صيامه بذلك، رابعها: من غلبه المني أو المذي بمجرد نظر أو فكر فإن ذلك لا يفسد الصيام، كما تقدم قريباً.
خامسها: أن يبتلع ريقه المتجمع في فمه، أو يبتلع ما بين أسنانه من بقايا الطعام؛ فإنه لا يضره ذلك، وصومه صحيح حتى ولو تعمد بلع ما بين أسنانه على المعتمد، إلا إذا كان كثيراً عرفاً وابتلعه.
ولو قهراً عنه، فإن صيامه يبطل في هذه الحالة، سادسها: أن يضع دهناً على جرح في بطنه متصلاً بجوفه؛ فإن ذلك لا يفطره، لأن كل ذلك لا يصل للمحل الذي يستقر فيه الطعام والشراب؛ سابعها: الاحتلام، فمن احتلم فإن صومه لا يفسد.
الحنابلة قالوا: يوجب القضاء دون الكفارة أمور: منها إدخال شيء إلى جوفه عمداً من الفم أو غيره، سواء كان يذوب في الجوف كلقمة، أو لا، كقطعة حديد أو رصاص، وكذا إذا وجد طعم العلك - اللبان - بعد مضغه نهاراً، أو ابتلع نخامة وصلت إلى فمه أو وصل الدواء بالحقنة إلى جوفه؛ أو وصل طعم الكحل إلى حلقه أو وصل قيء إلى فمه، ثم ابتلعه عمداً، أو أصاب ريقه نجاسة ثم ابتلعه عمداً، فإن صومه يفسد في كل هذه الأحوال، وعليه القضاء دون الكفارة، كما يفسد أيضاً بكل ما يصل إلى دماغه عمداً، كالدواء الذي يصل إلى أم الدماغ إذا داوى به الجرح الواصل إليها، وتسمى - المأمومة - وكذا يفسد صومه، وعليه القضاء دون الكفارة إذا أمنى بسبب تكرار النظر، أو أمنى بسبب الاستمناء بيده، أو بيد غيره، وكذا إذا أمذى بنظر أو نحوه، أو أمنى بسبب تقبيل أو لمس، أو بسبب مباشرة دون الفرج، فإن صومه يفسد إذا تعمد في ذلك، وعليه القضاء، ولو كان جاهلاً بالحكم، ويفسد صومه أيضاً إذا قاء قهراً عنه ولو قليلاً، وعليه القضاء فقط، ويفسد أيضاً بالحجامة؛ فمن احتجم أو حجم غيره عمداً فسد صومه إذا ظهر دم، وإلا لم يفطر، ولا يفسد صومه بشيء من هذه الأمور إذا فعله ناسياً أو مكرهاً ولو كان الإكراه بإدخال دواء إلى دوفه، وأما ما لا يوجب كفارة ولا قضاء، فأمور منها الفصد ولو خرج دم، ومنها التشريط بالموسى بدل الحجامة للتداوي، ومنها الرعاف؛ وخروج القيء رغماً عنه؛ ولو كان عليه دم، ومنها إذا وصل إلى حلق الصائم ذباب أو غبار طريق ونحوه بلا قصد، لعدم إمكان التحرز عنه، ومنها ما إذا أدخلت المرأة إصبعها أو غيره في قبلها، ولو مبتلة، فإنه لا تفطر بذلك، ومنها الإنزال بالفكر، أو الاحتلام فإنه لا يفسد الصوم، ومنها ما إذا لطخ باطن قدمه بالحناء؛ فوجد طعمها في حلقه؛ ومنها ما إذا تمضمض أو استنشق، فسرى الماء إلى جوفه بلا قصد، فإن صومه لا يفسد بذلك حتى ولو بالغ في المضمضة والاستنشاق، ولو كانت المضمضة عبثاً مكروهاً، ومنها ما إذا أكل أو شرب أو جامع شاكاً في طلوع النهار أو ظاناً غروب الشمس ولم يتبين الحال، فإن صومه لا يفسد بذلك أما إذا تبينه في الصورتين فعليه القضاء في الأكل والشرب؛ وعليه القضاء والكفارة في الجماع، ومنها أن يأكل أو يشرب في وقت يعتقده ليلاً فبان نهاراً، أو أكل فظن أنه أفطر بالأكل ناسياً فأكل عامداً، فإن صومه يفسد، وعليه القضاء فقط.
الشافعية قالوا: ما يفسد الصوم ويوجب القضاء دون الكفارة أمور: منها وصول شيء إلى جوف الصائم؛ كثيراً كان أو قليلاً؛ ولو قدر سمسمة أو حصاة، ولو ماء قليلاً، ولا يفسد الصوم بذلك إلا بشروط: أحدها: أن يكون جاهلاً، بسبب قرب إسلامه، ثانيها؛ أن يكون عامداً، فلو وصل شيء قهراً عنه، فإن صومه لا يفسد، ثالثها؛ أن تصل إلى جوفه من طريق معتبر شرعاً كأنفه وفمه وأذنه وقبله ودبره وكالجرح الذي يوصل إلى الدماغ، ومنها تعاطي الدخان المعروف والتمباك والنشوق ونحو ذلك؛ فإنه يفسد الصوم، ويوجب القضاء دون الكفارة، لما عرفت من مذهبهم أن الكفارة لا تجب إلا بالجماع بالشرائط المتقدمة، ومنها ما لو أدخل إصبعه أو جزءاً منه؛ ولو جافاً حالة الاستنجاء في قبل أو دبر بدون ضرورة فإن صومه يفسد بذلك، أما إذا كان لضرورة فإنه لا يفسد.
ومنها أن يدخل عوداً ونحوه في باطن أذنه، فإنه يفطر بذلك.
لأن باطن الأذن تعتبر شرعاً من الجوف أيضاً، ومن ذلك ما إذا زاد في المضمضة والاستنشاق عن القدر المطلوب شرعاً من الصائم بأن بالغ فيهما.
أو زاد عن الثلاث؛ فترتب على ذلك سبق الماء إلى جوفه، فإن صيامه يفسد ذلك، وعليه القضاء، ومنها ما إذا أكل ما بقي من بين أسنانه مع قدرته على تمييزه وطرحه؛ فإنه يفطر بذلك، ولو كان دون الحمصة، ومنها إذا قاء الصائم عامداً عالماً مختاراً، فإنه يفطر، وعليه القضاء، ولو لم يملأ الفم، ومنها ما إذا دخلت ذبابه في جوفه، فأخرجها، فإن صومه يفسد، وعليه القضاء، ومنها ما إذا تجشى عمداً فخرج شيء من معدته إلى ظاهر حلقه، فإن صومه يفسد بذلك، وظاهر الحلق - هو مخرج الحاء المهملة على المعتمد - وليس من ذلك إخراج النخامة من الباطن - وقذفها إلى الخارج لتكرر الحاجة إلى ذلك، أما لو بلعتها بعد وصولها واستقرارها في فمه فإنه يفطر، ومنها الإنزال بسببب المباشرة، ولو كانت فاحشة، وكذا
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الصيام ﴿ 24 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞
المصدر:
الصيام تعريفه واركانه ومفاسده
https://markzaldawli.yoo7.com/t52214-topic#101841 《
#منتدى_المركز_الدولى》