زكاة الحلى
اتفق العلماء على أنه لا زكاة في الماس، والدر، والياقوت، واللؤلؤ، والمرجان، والزبرجد، ونحو ذلك من الاحجار الكريمة إلا إذا اتخذت للتجارة ففيها زكاة.
واختلفوا في حلي المرأة، من الذهب والفضة.
فذهب إلى وجوب الزكاة فيه، أبو حنيفة، وابن حزم، إذا بلغ نصابا، استدلالا بما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأتان في أيديهما أساور من ذهب: فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتحبان أن يسوركما (1) الله يوم القيامة أساور من نار؟) قالتا: لا، قال: (فأديا حق (2) هذا الذي في أيديكما) .
وعن أسماء بنت يزيد قالت: دخلت أنا وخالتي على النبي صلى الله عليه وسلم، وعلينا أسورة من ذهب، فقال لنا: (أتعطيان زكاته؟) قالت: فقلنا: لا. قال: (أما تخافان أن يسور كما الله أسورة من نار؟ أديا زكاته) قال الهيثمي رواه أحمد وإسناده حسن.
وعن عائشة قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي فتخات (3) من ورق (4) ، فقال لي: ما (هذا يا عائشة؟) فقلت: صنعتهن أتزين لك يا رسول الله؟ فقال: (اتؤدين زكاتهن؟) قلت: لا، أو ما شاء الله، قال: (هو حسبك من النار) (5) رواه أبو داود، والدارقطني، والبيهقي وذهب الائمة الثلاثة إلى أنه لا زكاة في حلى المرأة، بالغا ما بلغ.
فقد روى البيهقي أن جابر بن عبد الله سئل عن الحلي: أفيه زكاة؟ قال جابر: لا. فقيل: وإن كان يبلغ ألف دينار؟ فقال جابر: أكثر.
وروى البيهقي: أن أسماء بنت أبي بكر كانت تحلي بناتها بالذهب، ولا تزكيه، نحوا من خمسين ألفا.
وفي الموطأ، عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: أن عائشة كانت تلي بنات أخيها، يتامى في حجرها، لهن الحلي فلا تخرج من حليهن الزكاة،
__________
(1) (أن يسوركما) أي أن يلبسكما.
(2) (حق هذا) أي زكاته.
(3) (فتخات) أي خواتم.
(4) (ورق) أي فضة.
(5) يعني لو لم تعذب في النار إلا من أجل عدم زكاته لكفاها.
وفيه أن عبد الله بن عمر كان يحلي بناته وجواريه الذهب ثم لا يخرج من حليهن الزكاة.
قال الخطابي: الظاهر من الكتاب (1) يشهد لقول من أوجبها، والاثر يؤيده، ومن أسقطها ذهب الى النظر، ومعه طرف من الاثر.
والاحتياط أداؤها. هـ
ذا الخلاف بالنسبة للحلي المباح، فإذا اتخذت المرأة حليا ليس لها اتخاذه - كما إذا اتخذت حلية الرجل، كحلية السيف - فهو محرم، وعليها الزكاة، وكذا الحكم في اتخاذ أواني الذهب والفضة.
زكاة صدقة المرأة:
ذهب أبو حنيفة إلى أن صداق المرأة لا زكاة فيه، إلا إذا قبضته، لانه بدل عما ليس بمال، فلا تجب فيه الزكاة قبل القبض، كدين الكتابة.
ويشترط بعد قبضه أن يبلغ نصابا، ويحول عليه الحول، إلا إذا كان عنها نصاب آخر سوى المهر، فإنها إذا قبضت من الصداق شيئا ضمته إلى النصاب، وزكته بحوله.
وذهب الشافعي إلى أن المرأة يلزمها زكاة الصداق، إذا حال عليه الحول، ويلزمها الاخراج عن جميعه آخر الحول، وإن كان قبل الدخول ولا يؤثر كونه معرضا للسقوط بالفسخ، بردة أو غيرها، أو نصفه بالطلاق.
وعند الحنابلة: أن الصداق في الذمة دين للمرأة، حكمه حكم الديون عندهم، فإن كان على ملئ (2) به فالزكاة واجبة فيه، إذا قبضته أدت لما مضى، وإن كان على معسر أو جاحد، فاختيار الخرقي وجوب الزكاة فيه.
ولا فرق بين ما قبل الدخول أو بعده.
فإن سقط نصفه بطلاق المرأة قبل الدخول، وأخذت النصف، فعليها زكاة ما قبضته، دون ما لم تقبضه.
وكذلك لو سقط كل الصداق قبل قبضه، لانفساخ النكاح بأمر من جهتها، فليس عليها زكاته.
__________
(1) يشير إلى عموم قول الله تعالى: (والذين يكنزون الذهب والفضة) الاية.
(2) (ملئ) أي غني.
زكاة أجرة الدور المؤجرة: ذهب أبو حنيفة ومالك، إلى أن المؤجر لا يستحق الاجرة بالعقد، وإنما يستحقها بانقضاء مدة الاجارة.
وبناء على هذا، فمن أجر دارا لا تجب عليه زكاة أجرتها حتى يقبضها، ويحول عليها الحول، وتبلغ نصابا.
وذهبت الحنابلة إلى أن المؤجر يملك الاجرة من حين العقد، وبناء عليه، فإن من أجر داره تجب الزكاة في أجرتها إذا بلغت نصابا وحال عليها الحول، فإن المؤجر يملك التصرف في الاجرة بأنواع التصرفات، وكون الاجارة عرضة للفسخ لا يمنع وجوب الزكاة، كالصداق قبل الدخول، ثم إن كان قد قبض الاجرة أخرج الزكاة منها، وإن كانت دينا فهي كالدين، معجلا كان أو مؤجلا (1) .
وفي المجموع للنووي: وأما إذا أجر داره أو غيرها بأجرة حالة، وقبضها، فيجب عليه زكاتها بلا خلاف.
۩❁
#منتدى_المركز_الدولى❁۩