قصص عن جبر الخواطر في الاسلام

قصص عن جبر الخواطر في الاسلام

قصص عن جبر الخواطر في الاسلام الدين الحنيف، فجبر الخواطر خُلُقٌ عظيم يكشف عن طيب النفس وسموها وعظمة القلبٍ ورجاحة العقل، أمرنا به الله لجبر النفوس التي كُسِرَتْ والقلوب التي فُطِرت بغض النظر عن الأسباب، فهي عبادة أثرها مم وأجرها عند الله عظيم، زفي ديننا الحنيف الكثير من نماذجه مما نورد بما يلي أجمل القصص عن جبر الخواطر كالتالي:


الوصاية باليتامى.
المعاملة بالحسنى مع ذوي الاحتياجات الخاصة.
ذكر محاسن الموتى.
عدم رد السائل.
جبر خاطر من تعذر عليه فعل الخير.
الوصاية باليتامى
لقد أوصى الله تعالى نبيه الكريم ﷺ باليتامى خيراً، فلا يقهرهم ولا يذلهم بل يحسن إليهم ويطيّب خاطرهم ويتلطف بهم، فكما آواه الله عندما كان يتيمًا وفقيراً يجب أن يعامل اليتامى، وأن يصنَع بهم كما يحب أن يُصنَع بولده بعده، كما نهاه الله عن نهر السائل من كرمه أو تقريعه، بل وأمره بأن يكون لطيفياً معهم حتى لا يذاق طعم الذُلَّ من السؤال أو النَّهْر، لقوله تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ*وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ}، وهو ما يجب أن تقتدي به أسوة بنبينا الكريم.

المعاملة بالحسنى مع ذوي الاحتياجات الخاصة

عاتب الله عز وجل النبي الكريم ﷺ على إعراضه عن ابن أمِّ مكتوم الأعمى؛ لتعليمه بأنه لا يجب أن تنكسِر قلوب أهل الإيمان بحسب تفسير الإمام القرطبي، فلما جاءه الغلام وسأله أن يا رسول الله: ” عَلِّمني ممَّا علَّمَكَ الله”، فأعرض عنه ﷺ لانشغاله بدعوة الصناديد من أهل قريش، فأنزل الله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ * أَن جَاءَهُ الْأَعْمَىٰ * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَىٰ * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَىٰ * فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّىٰ * وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَىٰ * وَهُوَ يَخْشَىٰ * فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ}.

ذكر محاسن الموتى
من البديهي أن كلاً منّا له أشخاص قد حفَروا في مخيله صوراً عن الدور الفاعل والعمل الدؤوب رسمتها المواقف وحفظتها بغض النظر عن طبيعتها وماهيتها؛ فأثلجت الصدور وجبَرت الخواطر، وذكر هؤلاء بالخير من قبل الآخرين تذكيراً بمناقبهم فيه جبر لخواطر ذويهم؛ كما فعل النبي ﷺ في موقف مع المطعم بن عدي عندما أدخله إلى جواره في رحلة العودة من الطائف، فقال عند أَسْرِ الكفار بيوم بدر: “لو كانَ المُطْعِمُ بنُ عَدِيٍّ حَيًّا، ثُمَّ كَلَّمَنِي في هَؤُلَاءِ النَّتْنَى؛ لَتَرَكْتُهُمْ له”.

عدم رد السائل
وهو خلق من أخلاق النبي التي يجب أن نتحلى بها فما ردّ ﷺ سائلًا قطُّ، بل عوّد أصحابه على أن يدلهم للحل والسبيل في كل ما يستفسرون وأن يُطيِّب خاطر أصحابه وزواره، فلما دخل المسجد ذات يوم أبو أمامة، فقال: “يا أبا أُمامَةَ! ما لِي أراكَ جالِسًا في المسجِدِ في غَيرِ وقتِ صَلاةٍ؟ قال: هُمومٌ لَزِمَتْنِي، ودُيونٌ يا رسولَ اللهِ! فقال: أفَلا أُعَلِّمُكَ كلامًا إذا قُلتَهُ أذْهَبَ اللهُ عزَّ وجَلَّ هَمَّكَ وقَضَى عنكَ دَيْنَكَ؟ فقال: بَلَى يا رسولَ اللهِ! قال: قُلْ إذا أصْبَحتَ وإذا أمْسيتَ: (اللهُمَّ إنِّي أعوذُ بِكَ من الهَمِّ والحُزْنِ، وأَعوذُ بِكَ من العَجْزِ والكَسَلِ، وأَعوذُ بِكَ من البُخْلِ والجُبنِ، وأَعوذُ بِكَ من غَلَبةِ الدَّينِ وقَهْرِ الرِّجالِ)، قال: فَقُلتُ ذلِكَ، فأذْهَبَ اللهُ هَمِّي، وقَضَى عنِّي دَيْنِي”.

جبر خاطر من تعذر عليه فعل الخير
فقد أعلمنا أَبو ذرٍّ الغِفاريُّ أنَّ أناساً مِن صحابة الرسول ﷺ الفقراء أتوه والحزن يعتريهم لقلة حيلتهم في أن يطالوا الخير من التصدق فجبر خاطرهم ودلهم على تجارةٍ رابحة مع الله لمن يريد الثواب، فقال:


“أوليس قد جعَلَ اللهُ لكم ما تَصدَّقونَ، إنَّ بكلِّ تَسبيحةٍ صَدَقةً، وبكلِّ تَكبيرةٍ صَدَقةً، وبكلِّ تَهليلةٍ صَدَقةً، وبكلِّ تَحميدةٍ صَدَقةً، وأمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقةٌ، ونَهْيٌ عنِ المُنكَرِ صَدَقةٌ، وفي بُضْعِ أحَدِكم صَدَقةٌ، قالوا: يا رسولَ اللهِ، يَأْتي أحَدُنا شَهوتَه ويكونُ له فيها أجْرٌ؟ فقال: أرَأَيْتم لو وضَعَها في الحَرامِ أليس كان يكونُ عليه وِزرٌ، أوِ الوِزرُ؟ قالوا: بَلى، قال: فكذلك إذا وضَعَها في الحَلالِ، يكونُ له الأجْرُ”. [1]


ماذا قال الله في جبر الخواطر
لقد ذكر جبر الخواطر في القرآن بمواطن منها ما كان صريحاً ومنها ما كان يوحى إليه بالصورة الرمزية، وهي كالتالي:

جبر الله تعالى خاطر نبيه الكريم وخاطر أصحابه ومن تبعه برحمةً منه إذ قال عز وجل: { َبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}.
كما جبر خاطر النبي ومن تبعه بأن أرسل إليهم من يهديهم من أحب الخلق لهم؛ فقال: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}.
الأمر للنبي والمؤمنين بجبر الخاطر حيث قال جل جلاله: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ*وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ}.
الأمر بالتحلّي بخلق جبر الخاطر جاء في عموم قول الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ}، وهو ما شرحه عبد الرحمن السعدي بنه العالي بهذا الخلق او المستعلي به فيرجو إلى عشيره الإحسان وجميعنا مأمورون بأن نقتدي برسولنا ﷺ لما أمر الله به العباد عندما قال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}. [2]
قصص الصالحين في جبر الخواطر
جبر الإمام أحمد بن حنبل خاطر أبا الهيثم.

قصة الإمام الشعراوي والطبيب حسام موافي.
لدى الصالحين الكثير من قصص عن جبر الخواطر التي نتعلم منها الدروس في هذه الحياة، ومنها:

جبر الإمام أحمد بن حنبل خاطر أبا الهيثم: فلم ينسَ الإمام حجم صبره وجبر خاطره إذ ظلّ يدعو له بكل صلاة: فسأله ولده من يكون أبو الهيثم فقال: “رجل لما مدت يدي إلى العقاب، وأُخرجت للسياط، إذا أنا بإنسان يجذب ثوبي من ورائي، ويقول لي: تعرفني؟ قلـت: لا، قال: أنا أبو الهيثم العيّار اللّص الطرّار، مكتوب في ديوان أمير المؤمنين أني ضربت ثمانية عشر ألف سوط بالتفاريق، وصبرت في ذلك على طاعة الشيطان لأجل الدنيا، فاصبر أنت في طاعة الرّحمن لأجل الدين”.


قصة الإمام الشعراوي والطبيب حسام موافي: حسام موافي من أشهر أطباء الباطنية بالوطن العربي الذي اجتمع بالشعراوي في بيته ليكشف على مرضه قبل موته، فسأله عن أكثر الأعمال تقريباً إلى الله، ليعلمه الشعراوي أنها جبر الخواطر بعد أن رفض إجابات الطبيب موافي المقترحة بأنه الصلاة أو الصوم أو أي من العبادات.


سأله حسام موافي عن السبب بدهشة كيف هذا؟، ليقول قوله الله: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ} أي يكسر خاطره، { وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} أي يطردهم ولا يجبر خواطرهم، ثم أتبع {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} قجاء أمر الصلاة الثالث بعد أمرين من جبر الخواطر. [3]


فضل جبر الخواطر عند الله
يعتبر جبر الخواطر والإحسان للآخرين وقضاء حواجهم من أعظم أعمال البر التي فضلها أهل العلم على الأعمال ذات النفع للآخرين.


لقد ثبت الترغيب في ذلك عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: “المسلمُ أخو المسلمِ لا يظلِمُه ولا يُسلِمُه مَن كان في حاجةِ أخيه كان اللهُ في حاجتِه ومَن فرَّج عن مسلمٍ كُربةً فرَّج اللهُ بها عنه كربةً مِن كُرَبِ يومِ القيامةِ ومَن ستَر مسلمًا ستَره اللهُ يومَ القيامةِ”.


كما قال ﷺ: “من نفَّسَ عن مسلمٍ كُربةً مِن كُربِ الدُّنيا نفَّسَ اللَّهُ عنهُ كربةً مِن كُرَبِ يومِ القيامةِ، ومن يسَّرَ على مُعسرٍ في الدُّنيا يسَّرَ اللَّهُ عليهِ في الدُّنيا والآخرةِ، ومن سَترَ على مُسلمٍ في الدُّنيا سترَ اللَّهُ علَيهِ في الدُّنيا والآخرةِ، واللَّهُ في عونِ العَبدِ، ما كانَ العَبدُ في عونِ أخيهِ”.


وغيرها من الأحاديث التي أمر بها المسلم بالإحسان لأخيه المسلم، ومن يقول إن الإحسان عبادة فلا بأس لأن هذا لا يعني التزهيد بالإحسان وإنما ثبت الحض عليه فقط، كما أن الإحسان لا يُغني عن العبادات ولكن ينبغي جمعه مع الطاعات والحرص على أفعال الخير. [4]

۩❁#منتدى_المركز_الدولى❁۩